هذا الدرس علاج لهذين المرضين، وقد تخلل هذا ذكر عدة نماذج ممن أصيبوا بمثل هذه الأمراض، ومنهم عبد الله بن أبي ابن سلول، والجد بن قيس.
كما قارن الشيخ بين هؤلاء المصابين بهذين المرضين، وبين نماذج من الأصحاء الذين امتلأت قلوبهم بحب الله وحب رسوله صلى الله عليه وسلم، وذكر من هذه النماذج الصادقة: عبد الله بن جحش، وعمر بن الخطاب، وسعيد بن المسيب، وغيرهم.
وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بعثه الله هادياً ومبشراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، صلى الله وسلم على حامل لواء العز في بني لؤي، وصاحب الطود المنيف في بني عبد مناف بن قصي، صاحب الغرة والتحجيل، المذكور في التوراة والإنجيل، المؤيد بجبريل، المعلم الجليل، صلى الله وسلم عليه كلما تضوع مسك وفاح، وكلما غرد حمام وصاح، وكلما شدا بلبل وناح، وعلى الطيبين الطاهرين من المؤمنين، والصالحين الصائمين المصلين.
أمَّا بَعْد:
فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
يا أيها الصحب في الزلفى سررت بكم وحبكم في سبيل الله يكفينا |
آخيتمونا على حب الإله وما كان الحطام شريكاً في تآخينا |
إن السلام وإن أهداه مرسله وزاده رونقاً منه وتحسينا |
لم يبلغ العُشر من قول يبلغه أذن الأحبة أفواه المحبينا |
نسلم عليكم ثانية وثالثة ورابعة، حتى نلقى الله، ونسأل الله كما جمعنا بكم في هذا المكان، في روضة من رياض الجنة، أن يجمعنا مع المقبولين في الجنة، يوم يتقبل الله منا أحسن ما عملنا، ويتجاوز عن سيئاتنا، في أصحاب الجنة، وعد الصدق الذي كانوا يوعدون.
عنوان هذه المحاضرة أهل الشبهات وأهل الشهوات.
والقلوب تمرض كما تمرض الأجسام، وتصيبها الحمى كما تصيب الأجسام، ويأتيها السقام كما يأتي الأجسام.
ومرض القلب على قسمين:
وهو إما كفر أو نفاق،أو شك وريبة، نسأل الله العافية من ذلك كله.
وهو حب المعصية والفاحشة.
وقد ذكر الله المرضين في القرآن، فقال عن مرض الشبهة: فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ [البقرة:10].
وقال في مرض الشهوة: فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ [الأحزاب:32] فهو مرض حب الفاحشة، وذاك مرض الشبهة والنفاق، والريبة والشك والكفر.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: مبنى النفاق على الكذب.
فذكر الله الكذب لأنهم يكذبون، فكلما ذكر الله النفاق ذكر الكذب، وكلما ذكر الكذب ذكر النفاق، قال سُبحَانَهُ وَتَعَالى: إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ [المنافقون:1] فيقول سُبحَانَهُ وَتَعَالى فيهم: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ * يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ * فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ [البقرة:8-11] فكلامهم فساد، وفعلهم فساد، ونظرهم فساد، وحركتهم فساد: قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ [البقرة:11-13].
قل لهم -مثلاً-: صلوا كما صلى المصلون، وصوموا كما صام الصائمون، وأقبلوا كما أقبل الشباب الملتزمون: قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ [البقرة:13] أنفعل كما فعل المتطرفون والمتزمتون؟! أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لا يَعْلَمُونَ * وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ * اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ [البقرة:13-16].
ومن الذي يسدد إلا الله.
ومن الذي يوفق إلا الله؟ وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ * وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ [الأنفال:23-24] إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ [القصص:56] وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ [العنكبوت:69].
فيا من هدى قلوب الصالحين! نسألك هداية قلوبنا وأن تردها إليك، وألا تورثها شكاً ولا شبهةً ولا نفاقاً يا أرحم الراحمين.
عبد الله بن أبي يجلس مع الرسول عليه الصلاة والسلام في مجلسه، ويصلي معه، ويذهب معه في الغزوات، لكن على قلبه ظلمات النفاق: ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ [النور:40] ولذلك ألا ترى أن بعض الناس يصلي ويصوم مسلماً مقلداً إسلاماً ساذجاً تقليدياً؟! لكنه يطعن في العلماء، ويستهزئ بالرسول عليه الصلاة والسلام، ولا تعجبه الصحوة الإسلامية، ويبغض السنن والصالحين، ألا ترى أنه منافق بينه صلى الله عليه وسلم؟!
عبد الله بن أبي صدرت منه كلمات تثبت أن الرجل فيه دسيسة وشبهة ومرض، والله أعلم بمرضه، يقول -وقد تقاتل رجل مهاجري وأنصاري-: صدق الأول إذ يقول: سَمِّن كلبك يأكلك. وهو يقصد إكرام الأنصار للمهاجرين، ويقول: أكرمناهم فأكلونا، ولو جوعناهم وطردناهم لتبعونا، ساءت كلمة! وساء معتقداً! وساء خبثاً ونفاقاً!
سمع الرسول عليه الصلاة والسلام هذه الكلمة فحاكمه إلى الله، قال له الصحابة: يا رسول الله نقتله، قال: {لا. لا تتحدث العرب أن محمداً يقتل أصحابه} وأتى ابن هذا المنافق، ابنٌ امتلأ قلبه بـ(لا إله إلا الله) وأصبح عبداً لله.
ومما زادني شرفاً وفخراً وكدت بأخمصي أطأ الثريا |
دخولي تحت قولك يا عبادي وأن صيرت أحمد لي نبيا |
سمع أن أباه يقسم إذا عاد من الغزوة ليخرجن الأعز منها الأذل، يعني بالأعز هو، وبالأذل رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة، فتصدى له ابنه بالسيف عند مدخل المدينة، وقال: [[والله الذي لا إله إلا هو، لا تدخل حتى يأذن لك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنك الأذل وهو الأعز]].. وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ [آل عمران:27].
انظر إلى بعض الآباء، رأيناهم واستقرأنا أحوالهم في بعض المجتمعات، فتجده يكره أن يرى ابنه مصلياً، أو ملتحياً أو مستناً بسنة محمد صلى الله عليه وسلم، أو ذاكراً، أب فاسد وابن صالح، يخرج الحي من الميت، ويخرج الميت من الحي.
تجد أباً ناسكاً عابداً باكياً خاشعاً داعياً، وابنه فاجر من الفسدة الكبار فسبحان الله! نوح نبي عليه السلام وابنه ضال، وإبراهيم رسول نبي وأبوه ضال فاجر عميل، والرسول محمد صلى الله عليه وسلم يدعو إلى لا إله إلا الله، فيسمعها أبو طالب فلا تدخل قلبه، ويسمعها أبو لهب فيتصدى لها ولا يرتاح لها! فيتدهده على وجهه في النار.
ويأتي بلال من أرض الحبشة -من إثيوبيا - ليقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك، فيدخل الإسلام، ويقول فيه عمر: [[أبو بكر سيدنا وأعتق سيدنا]] ويقول عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين (صحيح البخاري وصحيح مسلم): {دخلت الجنة البارحة، فسمعت دف نعليك يا
أحد الزنادقة أتي به إلى عالم من علماء المسلمين، فقال العالم: تب إلى الله، قال: لا أستطيع أن أتوب، قال: ادع الله لعل الله أن يرزقك توبة، قال: قلبي ظلمات بعضها فوق بعض.
إذا علم هذا -أيها المسلمون- فإن قضية الشبهة مرض خطير، وقد تجدد في عصرنا هذا في مركب الإلحاد والحداثة، وتجدد في صور أذكر بعضها إن شاء الله، لكن لنأخذ نماذج ممن عاش الشك والريبة.
العاص بن وائل -ابنه عمرو بن العاص - أتى إلى الرسول عليه الصلاة والسلام وهو ملحد، فأخذ عظماً ففته ونفخه، وقال: يا محمد! أتزعم أن ربك يحيي هذا العظم بعد أن يميته ويفنيه؟ قال: نعم، ويدخلك النار، فقال الله: وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ [يس:78-79] فسبحان من يحي العظام وهي رميم! وسبحان من يحيي الأرض بعد أن تموت! وسبحان من يحيي القلوب بعد أن تقسو وتصيبها الشبهات!
يقول الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى في القلوب: أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ [الحديد:16] ثم قال: اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا [الحديد:17] فيا من أحيا الأرض بعد موتها بالأمطار! ويا من بث فيها الورود والأزهار! ويا من أخرجها للنظار! نسألك أن تحيي قلوبنا بالإيمان يا واحد يا غفار..!
الجد بن قيس منافق، وحديث قصته صحيح: {ضاع جمله في البيعة عند الشجرة، فقالوا: تعال وبايع رسول الله صلى الله وعليه وسلم، قال: والله لئن ألقى جملي الأحمر خير لي من بيعتي لمحمد، فقال عليه الصلاة والسلام: كلكم مغفور له إلا صاحب الجمل الأحمر}.
وهذا عبد الله بن أبي قال له: تب وعد إلى الله، وراجع حسابك مع الله، وتعال يستغفر لك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ يلوي رأسه ولا يتكلم، خوفاً أن ينقل الله كلامه للرسول عليه الصلاة والسلام، فنقل الله صورة حركة رأسه، فقال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُؤُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ * سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ [المنافقون:5-6] فلا إله إلا الله! كم هدم النفاق من حصن للإسلام!
ولا إله إلا الله كم دمر من أعلام!
ولا إله إلا الله كم أدخل قلوباً، وملأها بالظلام!
نشكو حالنا وقلوبنا إلى الواحد الأحد؛ فإنه الذي يخلصها تبارك وتعالى.
هذه مسألة هؤلاء أهل الشبهة.
قيل لشيخ الإسلام ابن تيمية: بم تنال الإمامة في الدين؟
قال: بالصبر واليقين، قال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ [السجدة:24] فعلاج الشبهة اليقين وهو العلم، وعلاج الشهوة الصبر عن محارم الله عز وجل.
في السير بسند جيد أن الرسول عليه الصلاة والسلام قام يخطب في الناس، يوم معركة أحد فقال للصحابة: ماذا تريدون؟ أنقاتل الأعداء في المدينة، أم نخرج للقائهم؟ فقال الكبار: نقاتلهم داخل المدينة يا رسول الله. فقام شاب وهو نعيم بن مالك بن ثعلبة وقال: {يا رسول الله! لا تحرمني دخول الجنة، فوالله الذي لا إله إلا هو لأدخلن الجنة، فتبسم عليه الصلاة والسلام، وقال: بم؟ قال: بخصلتين اثنتين، أولها: أني أحب الله ورسوله، والثانية: أني لا أفر يوم الزحف}.
يقول سعد بن أبي وقاص -والحديث في مسند سعيد بن المسيب من روايته وذكر ذلك الإمام أحمد وأبو يعلى - قال: [[لما حضرنا معركة أحد وقف بجانبي عبد الله بن جحش]] أحد الشباب الذين باعوا أنفسهم من الواحد الأحد.
ومن الذي باع الحياة رخيصة ورأى رضاك أعز شيء فاشترى |
أم من رمى نار المجوس فأطفئت وأبان وجه الصبح أبيض نيرا |
فيا من باع نفسه بامرأة حسناء أو بسيارة فاخرة، أو بفلة بهية، أو بوظيفة أو بمنصب! والله لقد خسرت الدنيا والآخرة.
ويا من باع نفسه بمجلة خليعة، أو بأغنية ماجنة، أو بكأس أو بحبوب مخدرة، أو بمجلس آثم! والله لقد خسرت الدنيا والآخرة.
يا متعب الجسم كم تسعى لراحته أتعبت جسمك فيما فيه خسران |
أقبل على الروح واستكمل فضائلها فأنت بالروح لا بالجسم إنسان |
يا ساعياً لخراب الدهر مجتهداً بالله هل لخراب الدار عمران |
أما القصور فزيناها،وأما المجالس فوسعناها، وأما السيارات فتفاخرنا بها، وبالأموال والمناصب، ولكن نشكو أحوالنا وقلوبنا وأعمالنا إلى الله! والله لا منجى ولا ملتجأ من الله إلا إليه.
فيأتي عبد الله بن جحش أحد الشباب، أتى بثيابه وسيفه لا يملك من الدنيا شيئاً، باع كل شيء لوجه الله، فوقف فقال: [[يا رب! اللهم إنك تعلم أني أحبك، اللهم إني أسألك هذا اليوم أن تلاقي بيني وبين عدوي فيك، فيقتلني فيك، فيبقر بطني، ويجدع أنفي، ويفقأ عيني، ويقطع أذنيّ، فإذا لقيتك يا رب قلت: يا عبد الله لم فعل بك هذا؟ فأقول: فيك يا رب]] قال سعد: [[فوالله الذي لا إله إلا هو! ما انتهت المعركة إلا وقد رأيته مقتولاً مبقور البطن، مجدوع الأنف، مفقوء العينين، مقطوع الأذنين، قلت: فأسأل الله أن يلبي له ما سأل]].
وفي صحيح البخاري وهو أصل الحديث وأورده ابن كثير في تفسيره وغيره، وزيادته حسنة، أن عبد الله بن عمرو الأنصاري، والد جابر بن عبد الله، رأى في المنام قبل معركة أحد بليلة، أنه قتل في المعركة، فقام في الليل وصلى ركعتين، وأيقظ جابراً ابنه وقال له: [[يا بني! إني رأيت أني ممن يقتل غداً، فأوصيك بأخواتك خيراً]] ثم خرج إلى المعركة.
يجود بالنفس إن ضن البخيل بها والجود بالنفس أغلى غاية الجود |
فيا من بخل على نفسه بصلاة الجماعة! أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام قدموا أنفسهم رخيصة في سبيل الله. ويا من حرم نفسه صدقة في سبيل الله! أصحاب الرسول عليهم الصلاة والسلام قدموا قلوبهم وأنفسهم في سبيل الله.
من ذا الذي رفع السيوف ليرفع اسمك فوق هامات النجوم منارا |
كنا جبالاً في الجبال وربما سرنا على موج البحار بحارا |
أرواحنا يا رب فوق أكفنا نرجو ثوابك مغنماً وجوارا |
فلما قتل عبد الله بن عمرو في المعركة، قال جابر -والرواية في البخاري -: {فأتيت أبكي، والناس ينهوني، ورسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينهاني}.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {يا
وأنزل الله مصداق ذلك: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُون * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [آل عمران:169-170] فهؤلاء أهل البطولات، وهؤلاء أهل الصدق مع الله تعالى.
كيف نأتي متخلفين عن الصلوات؟!
يؤذن في آذاننا صلاة الفجر فيثبطنا الشيطان في الفراش، وداعي الله يتحرك في قلوبنا؛ لكن جذوة الإيمان منطفئة، وحرارة الإيمان ضعيفة، وحبل الإيمان يتقطع كل حين.
في صحيح مسلم عن جندب بن عبد الله البجلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صلى الفجر في جماعة، فهو في ذمة الله) وأورده أحمد بلفظ آخر: (من صلى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله، فالله الله، لا يطلبنكم الله من ذمته بشيء فإنه من طلبه من ذمته بشيء أدركه ومن أدركه كبه على وجهه في النار).
قال بعض أهل العلم: مما علم بالاستقراء أن من صلى الفجر في جماعة، وحافظ على ذلك، حفظه الله من الكبائر.
لماذا يدخل شبابنا السجون في المخدرات؟
لماذا يرتكب الزنا؟
لماذا يؤكل الربا؟
لماذا يؤتى بالأمور الشاذة والأمور الكبيرة؟
لأنه ترك صلاة الفجر في جماعة! ولأنه ترك الوضوء بالماء البارد، فلما تركوا المساجد، أتى بهم سُبحَانَهُ وَتَعَالى ليؤدبهم بالسجون: وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ [الزخرف:36].
في الصحيحين، عن أنس بن مالك قال: (كنا جلوساً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقدم علينا رجل فعقل ناقته في طرف المسجد، ثم أتى يتخطى الصفوف، والرسول عليه الصلاة والسلام متكئ بين الصحابة، فأخذ الرجل يقول: أين ابن قال: قد أجبتك، قال: إني سائلك فمشدد عليك في المسألة، قال: سل ما بدا لك -ظن عليه الصلاة والسلام أن السؤال سهل في فرعية أو في جزئية، لكنه يسأل عن النجاة، ويسأل عن الأصول، ويسأل عن الدين- فرفع صوته وقال: يا رسول الله! من رفع السماء؟ قال: الله، قال: من بسط الأرض؟ قال: الله، قال: من نصب الجبال؟ قال: الله، قال: أسألك بمن رفع السماء وبسط الأرض ونصب الجبال، آلله أرسلك إلينا رسولاً؟ فتربع عليه الصلاة والسلام وقال: اللهم نعم -هذا أعظم سؤال في تاريخ الإنسان، وأعظم أطروحة في تاريخ البشرية- قال: أسألك بمن رفع السماء وبسط الأرض ونصب الجبال، آلله أمرك أن تأمرنا بخمس صلوات في اليوم والليلة؟ قال: اللهم نعم، قال: أسألك بمن رفع السماء وبسط الأرض ونصب الجبال، آلله أمرك أن تأمرنا بزكاة تؤخذ من أغنيائنا وترد على فقرائنا؟ قال: اللهم نعم -فأخذ يسأله حتى انتهى من أركان الإسلام- قال الأعرابي: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله، والله لا أزيد على ما سمعت ولا أنقص، أنا ضمام بن ثعلبة أخو بني سعد بن بكر، ثم يتولى ويفك عقال ناقته ويركب الناقة، فينظر عليه الصلاة والسلام ويقول: من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا
إن الملوك إذا شابت عبيدهم في رقهم عتقوهم عتق أبرار |
وأنت يا خالقي أولى بذا كرماً قد شبت في الرق فاعتقني من النار |
في جامع الترمذي ومسند أحمد عن معاذ قال: ( كنت مع الرسول عليه الصلاة والسلام في غزوة -وعند
أبو العلاء المعري هذا الشاعر ظريف في شعره وقوي في شعره، لكنه مظلم القلب وما زكاه الله، وإلا فشعره في الذروة، وهو الذي يقول، ويستحسنهاابن القيم وابن تيمية:
يا ساري البرق أيقظ راقد السمر لعل في القوم أعواناً على السهر |
يود أن ظلام الليل دام له وزيد فيه سواد السمع والبصر |
لكن ليته كف وليته سكت على جودة الشعر، لكن حارب الله بشعره، واستهزأ بالشريعة، يقول:
يد بخمس مئين عسجد وديت ما بالها قطعت في ربع دينار |
تناقض ما لنا إلا السكوت له ونستعيذ بمولانا من النار |
يا للخيبة والخسارة!
أوردت نفسك النار!
وتأتي الآن لتستعيذ من النار!!
فأين مذهبك عن النار؟
يقول: لم دية الكف خمسمائة دينار ذهب وإذا سرقت ربع دينار قُطعت؟
فرد عليه أحد علماء السنة عبد الوهاب بن المالكي رحمه الله فقال:
قل للمعري عار أيما عار جهل الفتى وهو عن ثوب التقى عاري |
لا تقدحن بنود الشرع عن شبه شرائع الدين لا تقدح بأشعار |
فأخذه أعني الله نكال الآخرة والأولى، وله قصة عند ابن كثير في البداية والنهاية.
وعندنا في الأوساط، رجل يستهزئ بالحجاب، ويقول: هذه خيمة تركب على النساء، ورجل آخر يقول: هؤلاء الشباب المقصرو ثيابهم، والمطيلو لحاهم لا يفقهون ولا يعلمون شيئاً: أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لا يَعْلَمُونَ [البقرة: 13] والله! إن ذاك هو السفيه والمتخلف ومريض القلب: فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ [البقرة:10] ورجل آخر يقول: الدين لا يواكب العصر، والقرآن قد ذهب وقته، والسنة مشكوك فيها، ورواة الصحابة يروون المرويات ليتشفوا بها من غيظهم: فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ [البقرة:89].
ومرض الشبهة أكثر ما يصيب من عنده علم، وليس العلم إذا أطلق، فإنه لا يكفي العلم بلا إيمان، فهذا أتاتورك أتى بعلم لكنه طاغوت عبد علمه من دون الله، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، وإنما نعني بالعلم: قال الله قال رسوله صلى الله عليه وسلم، علم القرآن والسنة، وقد ورد في مختصر الفتاوى لـابن تيمية أنه قال: "من اعتقد أنه سوف يهتدي بهدى غير هدى الله الذي أرسل به محمداً عليه الصلاة والسلام؛ فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين".
وهذه قد يحملها ويعتقدها بعض الناس، حتى من المثقفين، ومن خريجي الجامعات، والمؤسسات العلمية وحملة الشهادات، ولذلك قد أصبنا ببعض الفسقة من طلبة العلم، طالب علم ربما حمل الماجستير والدكتوراه، ولكنه فاسق أعمى، قلبه ظلمات بعضها فوق بعض، لا يعرف الصلاة في المسجد، ولا يفتح المصحف، ولايعرف بر الوالدين، والذكر، ولا يدعو إلى الله، ولا يعين عباد الله على ما يرضي الله، فهذا مثل عابد بني إسرائيل، ولذلك يقول سفيان بن عيينة: كما ذكر ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم: "من فسد من علمائنا ففيه شبه باليهود، ومن فسد من عبادنا ففيه شبه بالنصارى".
قال الله في فاسق وفاجر بني إسرائيل: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ [الأعراف:175-176].
ونحن لا نحتاج إلى كثرة المتعلمين، كحاجتنا إلى كثرة المؤمنين المتعلمين: وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْأِيمَانَ [الروم:56] فعلم بلا إيمان لعنة، وكتاب بلا إيمان كلام مصفف، وقلب بلا إيمان قطعة لحم، وعين بلا إيمان مقلة عمياء، وكف بلا إيمان إشارة خاطئة، وبيت بلا إيمان ثكنة متهدمة، ومجتمع بلا إيمان قطيع من الضأن الضائع، فالمسألة مسألة لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فأقول: إنه يكثر مرض الشبهة في المثقفين، ولكن الثقافة التي لا تصل إلى القلوب، ثقافة الماجريات، وثفاقة التخلف؛ خير منها الجهل وهي جهل بحد ذاتها.
وقال سُبحَانَهُ وَتَعَالى: وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ * وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَاباً وَسُرُراً عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ * وَزُخْرُفاً وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ [الزخرف:33-35].
وقال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ [إبراهيم:27] يقول ابن القيم: من أحسن ما قالت العامة: "من شب على شيء شاب عليه" وهذا مثل معروف: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ [العنكبوت:69].
فأتته سكرات الموت وأتاه الوعد الحق، وأتاه يوم لقاء الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ * وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ * وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ [ق:19-21] قيل لهذا الرجل المفتون قل: لا إله إلا الله، قال: أين الطريق إلى حمام منجاب؟ قالوا: قل لا إله إلا الله، قال: أين الطريق إلى حمام منجاب؟ فمات عليها لأنه عاش عليها.
وفي كتاب المحتضرين لـابن أبي الدنيا بسنده قال: كان أحد التجار في الحياة الدنيا شغله المزاودة، وبعض التجار يدخل في تجارته بالصلاة ويدخل بها في الحج والعمرة والصيام، فدكانه وتجارته وخبزه وفواكهه ورزه معه في الصلاة، وفي التحيات والسجود والركوع، قيل في سكرات الموت لهذا التاجر: قل لا إله إلا الله، قال: خمسة في ستة كم تصير؟
تصير إلى سوء الخاتمة والعياذ بالله!!
ترجموا للأعمش سليمان بن مهران راوية الصحيحين، فقالوا: بكى أبناؤه عليه وهو في سكرات الموت، فقال: ابكوا أو لا تبكوا، والله ما فاتتني تكبيرة الإحرام مع الإمام ستين سنة، فهذه مؤهلات الجنة، وهذه مفاتيح الجنة.
وسعيد بن المسيب صح عنه أنه قال وهو في سكرات الموت: الحمد الله، والله! ما أذن منذ أربعين سنة إلا وأنا في مسجد الرسول عليه الصلاة والسلام، قبل أن يؤذن المؤذن هو على مأدبة الله في روضة من رياض الجنة.
وعامر بن ثابت بن عبد الله بن الزبير كان إذا صلى الفجر رفع يديه وقال: اللهم إني أسألك الميتة الحسنة، قال له أبناؤه: ما هي الميتة الحسنة؟
قال: أن يتوفاني ربي وأنا ساجد، فأعطاه الله ما تمنى، وصدقه الله كما صدق مع الله، صلى المغرب وفي السجدة الأخيرة قبض الله روحه؛ لأنه صدق مع الله.
فهذا الشاب الجزائري عرف طريقه إلى الله، هجر جلساء السوء، وترك المجلات الخليعة، وقاطع الأغنيات الماجنة، حفظ عمره مع الله: أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ [المؤمنون:115-116] فأتته سكرات الموت بحادث بين العاصمة الجزائر ووهران، فانقلبت به السيارة، وفقد وعيه أربعة أيام، قال هذا الرجل الذي يروي القصة وهو من الصالحين: والله! لقد أغمي عليه أربعة أيام، ما جفت لسانه من قراءة الفاتحة، كلما أنهاها بدأ من أولها، لماذا؟ لأنه عاش على الفاتحة وسوف يموت على الفاتحة، ويدخل قبره على الفاتحة، ويحشر على الفاتحة، ويدخل الجنة إن شاء الله على الفاتحة.
وعندنا في بعض المناطق شاب وقع في حادث وهو في سكرات الموت، تحت سيارته مسجله يرفع صوته بالأغنية والمغنية تقول: هل رأى الحب سكارى مثلنا؟
وهو يردد وهو في سكرات الموت: هل رأى الحب سكارى مثلنا؟
ما رأى أفشل منك، ولا من صاحبك في الحياة، فمتى نسير إلى الله؟
ومتى نتجه إلى الله؟
ومتى نحاسب أنفسنا مع الله تبارك وتعالى؟
امرأة سافرة تركت دينها ونسيت ربها، وعصت زوجها، وتطيبت وخرجت من بيتها؛ فأخذت لعنة الله، ففتنت نفسها وفتنت غيرها، والرسول عليه الصلاة والسلام صح عنه أنه قال: (ما تركت على أمتي فتنة أشد من النساء) أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
ومجلة خليعة يروج لها، تحمل صورة فتاة فيراها الشاب، فيذهب لبه وعقله وحياته وذكره وتوبته مع الله، وأغنية ماجنة أشرطة متوفرة ومغنون لا يخجلون، وهل سمعتم أن مغنياً خجل واستحى أن يظهر على المسرح؟
المغني الآن يستطيع أن يقف أمام الجماهير ليغني، وما سمعنا بمغنٍ خجل، لكني أعرف رجلاً في قرية من قرانا، تخرج من كلية الشريعة، أتوا به ليصلي بهم صلاة المغرب، قال: لا، أنا لو صليت في صلاة المغرب تورطت في صلاة العشاء، مقيم مع أهل القرية لا يجيدون قراءة الفاتحة، ولا يعرفون الوضوء، ولا التيمم، ولا غسل الميت، ولا تكفين الميت، ولا الصلاة على الميت، ومع ذلك يخجل، أما دعاة الباطل..
أما المغنون..
أما الفسقة..
أما المطربون..
أما الراقصون..
فما سمعنا بأن أحداً منهم خجل أو استحى، كيف يستحي داعية الإسلام؟!
كيف يخجل طلبة العلم؟!
وأهل الفساد والفسق لا يخجلون! سبحان الله! انقلبت الموازين، فلذلك سرى الغناء، ودمر من القلوب ما لا يعلمه إلا الله، وكما يقول الشيخان ابن تيمية وابن القيم: "الغناء بريد الزنا" فلا يسمعه القلب إلا ويتوله ويضيع في كل الشعاب، ويتفلت على صاحبه.
وصاحب الغناء يصاب بأربع عقوبات:-
العقوبة الأولى: قسوة القلب، فلا يعي ولا يفهم.
العقوبة الثانية: وحشة بينه وبين الخالق سُبحَانَهُ وَتَعَالى.
العقوبة الثالثة: ينسيه الله ذكره.
العقوبة الرابعة: يحرمه الله الغناء الذي في الجنة.
وفي مسند الإمام أحمد بسند جيد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن في الجنة جوار، يغنين وينشدن، يقلن: نحن الناعمات فلا نبأس، نحن الخالدات فلا نبيد، طوبى لمن كنا له وكان لنا).
قال ابن القيم يعلق ويدبج بمقطوعة مليحة ظريفة، يقول:
قال ابن عباس ويرسل ربنا ريحاً تهز ذوائب الأغصان |
فتثير أصواتاً تلذ لمسمع الـ إنسان كالنغمات بالأوزان |
يا خيبة الآذان لا تتعوضي بلذاذة الأوتار والعيدان |
يا من أراد الغناء والنعيم في الجنة! حرم على نفسك هذا الغناء الماجن، غناء الفاحشة، غناء الدعارة والمعصية والفجور، والعياذ بالله..!
يا من يرى عمراً تكسوه بردته والزيت أدم له والكوخ مأواه |
يهتز كسرى على كرسيه فرقاً من خوفه وملوك الروم تخشاه |
قال البخاري في الصحيح في كتاب الرقاق: باب الرقاق، وقول الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ [محمد:36] وقال علي بن أبي طالب، أبو الحسن، أمير المؤمنين الذي ما ملك من الدنيا لا قليلاً ولا كثيراً، عنده ثوب وسيف يقطع به رءوس أعداء الله، ومصحفه في صدره، وعنده طريق إلى الجنة، وعنده ثوب يواري به جسمه، وكسرة خبز، يقول في صحيح البخاري: [[ارتحلت الدنيا مدبرة، وارتحلت الآخرة مقبلة، فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولا حساب، وغداً حساب ولا عمل]].
قال معاوية لـضرار بن الحارث الصدائي كيف رأيت علي بن أبي طالب؟ -بعد ما مات- قال: [[والله الذي لا إله إلا هو لقد رأيته في ظلام الليل، وهو يبكي بكاء الفطيم، ويتململ تململ السليم، ويمسك لحيته بيديه، ويقول: يا دنيا يا دنية طلقتك ثلاثاً، غري غيري زادك حقير وعمرك قصير، وسفرك طويل، آه من وحشة الزاد وبعد السفر، ولقاء الموت]].
ونسبت إليه مقطوعة يقول فيها، هي مقطوعة لمن يريد الجنة:
لا دار للمرء بعد الموت يسكنها إلا التي كان قبل الموت يبنيها |
فإن بناها بخير طاب مسكنه وإن بناها بشر خاب بانيها |
أموالنا لذوي الميراث نجمعها ودورنا لخراب الموت نبنيها |
فا عمل لدار غداً رضوان خازنها والجار أحمد والرحمن بانيها |
قصورها ذهب والمسك طينتها والزعفران حشيش نابت فيها |
وعن ثوبان في مسلم: {فإنك لن تسجد لله سجدة إلا رفعك بها درجة} كلما سجدت قربت من الله، وكلما ذكرت الله قربك إليه، وفي الصحيحين: {وما تقرب إلي عبدي بأحب إليَّ مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل، حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها} إذا علم هذا؛ فإن هذه هي النماذج التي تركت الدنيا لوجه الله.
ابن تيمية شيخ الإسلام -رحم الله تلك العظام- دخل على أحد السلاطين، ابن قطلوبغا فقال له ابن قطلوبغا: يا بن تيمية يزعم الناس أنك تريد ملكنا، فتبسم ابن تيمية، وقال: سبحان الله، ملكك؟! قال: نعم، يزعم الناس أنك تريد ملكنا،قال: والله الذي لا إله إلا هو ما ملكك وملك أبيك وجدك يساوي عندي فلساً واحداً.
ابن تيمية يريد جنة عرضها السماوات والأرض، يريد النظر إلى وجه الأحد الواحد، ويريد النعيم المقيم، أما دنيا البطون والسيارات، ودنيا المظاهر الكاذبة، والشهرة الآثمة، فلا يريدها: مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [هود:15-16].
فلا ملك إلا من ملكه الله التقوى، وأعطاه الله عز وجل اليقين، وأرشده الله بالعلم النافع، إلى جنة عرضها السماوات والأرض.
فهذه بعض نماذج الصالحين الذين عاشوا لله وانتصروا على الشهوات، غضوا أبصارهم وحفظوا فروجهم وأسماعهم وأياديهم، فقلوبهم طاهرة، وألسنتهم بالذكر عامرة، ووجوههم بأنوار التقوى باهرة، فلا إله إلا الله! كم سافرت قلوبهم إلى الله، ولا إله إلا الله كم غرس في قلوبهم من شجرة: تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ [إبراهيم:25] وأعظم ما يمنى به أهل الشهوات يصابون بداء المعاصي في حياتهم، فيعاقبون بعقاب أليم في الحياة، قبل أن يأتي يوم الله الموعود.
لذلك ذكر الله بني إسرائيل ومعاصيهم، فقال: فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ [المائدة:13] قال أهل العلم: من عقوبة الذنوب نسيان العلم، فقال الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: وَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ [المائدة:13] ومن عقوبة المعاصي أنها تنسي المحفوظ، قال الإمام الشافعي:
شكوت إلى وكيع سوء حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصي |
وقال اعلم بأن العلم نور ونور الله لا يهدى لعاصي |
ورأيت في بعض كتب السير، أن أحد الناس نظر إلى منظر لا يحل له، فقال له أحد العلماء: سبحان الله! تنظر إلى منظر لا يحل لك! لتجدن عقوبتها ولو بعد حين، قال: فنسيت القرآن بعد أربعين سنة، فهذه عقوبة المعاصي.
تأمل في نبات الأرض وانظر إلى آثار ما صنع المليك |
عيون من لجين شاخصات بأحداق هي الذهب السبيك |
على قضب الزبرجد شاهدات بأن الله ليس له شريك |
وأنا أكرر بعض المقالات التي ذكرها ابن كثير في التفسير في قوله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة:21] فذكر عند هذه الآية أن أبا حنيفة سأله الزنادقة عن دليل القدرة وخلق السماوات والأرض قال: سفينة تعبر دجلة من الشاطئ إلى الشاطئ ليس لها ركاب ولا حارس ولا قائد، قالوا: هذا ليس بصحيح، قال: سبحان الله! سماوات ذات أبراج، وأرض ذات فجاج وليل داج! ألا تدل على السميع البصير؟!
وقال ابن كثير: وقال هارون الرشيد لـمالك بن أنس: ما دليل القدرة؟
قال: سبحان الله! اختلاف النغمات وتعدد الأصوات، وتباين اللهجات.
والشافعي سئل عن دليل قدرة الباري تبارك وتعالى؟
قال: هذه الورقة -الصنوبر- تأكلها الدودة فتخرج إبريسماً حريراً، وتأكلها الغزالة فتخرج مسكاً، وتأكلها النحلة فتخرج عسلاً، ألا تدل على السميع البصير؟!
والإمام أحمد يذكر عنه أنه قال: دليل القدرة بيضة الدجاجة، أما سطحها ففضة بيضاء، وأما باطنها فذهب إبريز، تفقس فيخرج منه حيوان سميع بصير، ألا يدل على السميع البصير؟!
وفي كل شيء له آية تدل على أنه الواحد |
فياعجباً كيف يعصى الإله أم كيف يجحده الجاحد |
وعن محارم الإله فاصبر واستهد بالله وإياه اشكر |
وبادرن بالتوبة النصوح قبل احتضار وانتزاع الروح |
لا تحتقر شيئاً من المآثم وإنما الأعمال بالخواتم |
ومن لقاء الله قد أحبا كان له الله أشد حبا |
وعكسه الكاره فالله اسأل رحمته فضلاً ولا تتكل |
والقبر فاذكره وما وراءه فمنه ما لأحد براءه |
وإنه للفيصل الذي به ينكشف الحال فلا يشتبه |
والقبر روضة من الجنان أو حفرة من حفر النيران |
إن يك خيراً فالذي من بعده أفضل عند ربنا لعبده |
وإن يكن شراً فما بعد أشدّْ ويلٌ لعبدٍ عن سبيل الله صدّْ |
فأما الشبهة فاليقين والعلم دواؤها وعلاجها، وأما الشهوة فالصبر والعبادة والتوبة دواؤها وعلاجها، نسأل الله أن يتوب علينا وعليكم، وأن يفقهنا وأن يبصرنا، وأن يردنا إليه رداً جميلاً، نشكو عليه حالنا، ونعرض عليه قلوبنا، ونسأله من رحمته، ومن عطائه أن يغيثنا سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، فلا نشكو حالنا إلا إليه.
اللهم بعلمك الغيب وبقدرتك على الخلق أحينا ما كانت الحياة خيراً لنا، وتوفنا إذا كانت الوفاة خيراً لنا، اللهم إنا نسألك خشيتك في الغيب والشهادة، ونسألك كلمة الحق في الغضب والرضا، ونسألك القصد في الغنى والفقر، ونسألك لذة النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك، في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة، برحمتك يا أرحم الراحمين.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
وإن كان لي من شكر فإني أشكر الله تبارك وتعالى على أن جمعني بكم وأراني هذه الوجوه، التي سجدت لله، وأبى غيرها أن يسجد، وركعت لله وأبى غيرها أن يركع، فهنيئاً لكم مجلسكم، ثم شكراً لكم على كريم استقبالكم، وجميل إصغائكم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
الجواب: الأخ السائل مادام أنه شعر بهذا المرض، فهو متجه إلى الصحة بإذن الله، ولكن المصيبة هي في المريض الذي لا يشعر بالمرض.
من يهن يسهل الهوان عليه ما لجرح بميت إيلام |
فما دمت قد عرفت أنك فرطت، وأنك أخطأت وأسأت، فأبشر ثم أبشر وعد إلى الله: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ [العنكبوت:69].
والوقت أغلى مايسام فهو أغلى من الذهب والفضة، قال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ [المؤمنون:115-116].
وفي صحيح البخاري عن ابن عباس مرفوعاً: {نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ}.
فإذا علم هذا فأوصيك ونفسي أن تجتهد بحفظ الوقت، وأحسن ما ينظم لك أوقاتك، الصلوات الخمس: إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً [النساء:103] يقول بعض أهل العلم عن الصلاة: حتى في تنظيم الأوقات، تنظم أوقاتهم، فليكن بعد الفجر دائماً حفظ كتاب الله عز وجل أو ما تيسر منه، فإنه وقت طليق، ووقت مبارك بإذن الله، فاحفظ ما تيسر ولو أن تقلل على نفسك، ثلاث آيات أو أربعاً أو خمساً وتستمر على ذلك، وهذا البرنامج يختلف باختلاف الناس، وبحسب أعمالهم وأشخاصهم، لكنه شبه مقرب للجميع.
بعد الظهر للمطالعة إن كنت من طلبة العلم، خاصة في الكتب الجامعة، وبعد العصر مطالعة مسددة وتخريج، وتحقيق مسائل، وبعد المغرب زيارة لإخوانك في الله عز وجل، وللدعاة ولأقاربك ممن تستفيد بزيارتهم وتفيد.
وبعد العشاء لك ولأهلك من ذكر واستغفار، وأوراد ووتر ثم نوم، أما ما تحفظ به وقتك فأعظم ما تحفظ به الصلوات الخمس، ثم حفظ الله في الذكر والدعاء، ثم حفظ الله بحفظ جوارحك.
فتحفظ عينك وسمعك وقلبك ويدك وفرجك، لعل الله أن يحفظك.
وتحفظ العلم، وذلك بجمع المختصرات ومجالسة العلماء والمشايخ وطلبة العلم، فيقربون لك ما في هذه المختصرات، ولتحاول حفظها، عل الله أن يعينك عليها، ثم اقرأ الشروح والله معك، ولن يترك من عملك شيئاً، وهذه إجابة مقربة، وإلا فإن هذا السؤال يتكرر كثيراً، ولكن إذا صدقت مع الله صدقك الله، وهنيئاً لك إقبالك على الله، نسأل الله أن يسددنا وإياك لما يحبه ويرضاه.
الجواب: بل هذا أعظم شاهد وأعظم دليل على ما فعلناه من الذنوب والخطايا، فإن ما وقع هو من ذنوبنا: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ [الشورى:30] فقلة الأمطار، وجفاف الآبار، وموت الأشجار، وذبول الأزهار، كلها مما أغضبنا به الواحد الجبار، فنشكو أحوالنا إلى الله عز وجل، وقد سلف في أثناء الكلمة قوله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى في بني إسرائيل: فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ [المائدة:13] ونوح عليه السلام يقول لقومه: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً [نوح:10-12].
وفي بعض الآثار التي في أسانيدها نظر أن الرسول عليه الصلاة والسلام، كما يروى عنه أنه قال: {إن العجماوات والبهائم تشكو فسقة وفجرة بني آدم إلى الله، وتقول: يا ربنا منعنا القطر بسببهم} وأورد السيوطي حديثاً وقد أثر عن بعض السلف أنه نسب إلى أحد الأنبياء أن الله يقول: وعزتي وجلالي لولا الشيوخ الركع، والأطفال الرضع، والبهائم الرتع، لخسفت بكم الأرض خسفاً.
فمن معاصينا ومخالفاتنا: التخلف عن الصلوات، ومقاطعة الجماعات، وتزايد الربا, وأكل الربا ولبسه، وركوب سيارات الربا، وبناء منازل الربا، وإطلاق النظر في المحرمات، وتبرج المرأة إلا من رحم الله، وكلها من المعاصي، فكيف لا يذهب الجمال؟!
وكيف لا تقصى الديار؟!
وكيف لا تيبس الأزهار؟!
وتنقطع الأنهار؟!
وتجف الأمطار؟!
هي المعاصي يا عباد الله!
فلنعد إلى الله، ولنكثر الاستغفار والتوبة، ولنعتبر إن كنا من المعتبرين، ولنتعظ إن كنا من المتعظين، رزقنا الله وإياكم توبة نصوحاً.
الجواب: أولاً: الذين يكتبون عن توبته، مشكوك في توبتهم، فلا بد أن يصححوا الأسانيد قبل أن نصل إلى أبي العلاء، لأنهم أحالونا على مجاهيل، وهم نصبوا أنفسهم وليسوا بثقات، فإنهم قالوا هذا الكلام، لكن نحن نعود إلى أناس، وإلى أسانيد قوية.
سند كأن عليه من شمس الضحى نوراً ومن فلق الصباح عموداً |
وأنا أنقل عن الذهبي في سير أعلام النبلاء في ترجمة أبي العلاء المعري وابن كثير في البداية، وذكروه وحطوا عليه، وهو يستحق الحط، والنكاية لنبين شره، أما الأمور الاحتمالية بعد أن تثبت الأمور اليقينية، فهذه من أوهى الأدلة ومن أضعف الاحتجاجات، ولو أخذ بهذا، لأسلم فرعون، ولأسلم إبليس، وأدخل أبو لهب الجنة بمثل هذه الحجج ولكن هيهات...!
الجواب: الأمر الأول: لعل السائل يقصد العادة السرية، وهذه محرمة عند كثير من أهل العلم، وهو الصحيح، واستدل مالك من القرآن على تحريمها بقوله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ [المؤمنون:7] وابن تيمية ينص على أنها محرمة، وهي من الفاحشة والعياذ بالله.
فعلى المسلم أن يتوب ويستغفر الله من هذا العمل وأن يراجع حسابه مع الله وله أمور يستطيع أن يظهر بها على نفسه وأن ينتصر على نفسه.
منها: الصدق مع الله واللجؤ إلى الله بالدعاء.
الأمر الثاني: الصيام إذا لم يستطع الزواج، والحديث في الصحيحين عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصيام فإنه له وجاء}.
ومنها: أن يشغل نفسه بقراءة القرآن، والذكر، ومجالسة الصالحين وطلبة العلم والدعاة، وأن يكثر من النوافل، وأن يشتغل بالدعوة والتحصيل.
الجواب: بلدكم وما جاوره من البلدان فيها علماء، ونحن تلامذة لهم، ونأتي لنستفيد من أمثالهم، وهم مشايخ لنا، ولم يقصروا في الدعوة، لكن ليس كل عالم له أن يتكلم، أو عنده وقت ليتكلم، قد علم كل أناس مشربهم، فالبعض عليه أن يكون واعظاً، والبعض محققاً، والبعض مفتياً، والبعض خطيباً، لتتوزع المهمات على الأمة.
فالعلماء منهم من يحقق كتباً ويخرجها للأمة فتكون أنفع وأفيد، ومنهم من يحقق مسائل، ومنهم من يصحح أحاديث، ومنهم من يفتي الأمة، ومنهم من يوجه باستلام منصب وبإدارة، فينفع الله به في ذاك السبيل.
فنسأل الله أن يأخذ بيد الجميع، وما مثل علمائكم نوصي بأن يستفاد منهم في مثل هذا المكان.
ففي الله أحببناك والله شاهد وإنا غداً عما نقول سنسأل |
وبعد: فالإنسان محفوف بالشهوات، فهل هناك أدعية تكون حاجزاً بين الإنسان والشهوات؟
الجواب: حفظ في السنة أدعية كثيرة عنه صلى الله عليه وسلم، لكن تحديد الشهوات، أمر قد يكون غير منضبط، فهي أدعية خاصة لا تحضرني الآن، لكن حفظ كما في صحيح مسلم عن ابن مسعود أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يقول: {اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى} وهي تشمل الرد على الشبهات والشهوات.
حفظ عنه صلى الله عليه وسلم، كما في صحيح مسلم {يا
الجواب: المسألة الأولى: أنصحك أولاً بكثرة الدعاء لابنك، فإن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام دعوا لأبنائهم، والصالحون كان دأبهم الدعاء للأبناء، والدعوة الصادقة تنفذ إلى عرش الرحمن، ويجيبها تبارك وتعالى، وعند أبي داود: {ثلاثة لا ترد دعواتهم، منهم: دعوة الوالد لولده} فالله الله في الاجتهاد بالدعاء لولدك! والنصح والصدق مع الله والتقوى والطاعة.
المسألة الثانية: اللين، فإن كثيراً من الآباء فيهم فظاظة وغلظة وشدة، تنفر أبناءهم عنهم، والله يقول في محمد عليه الصلاة والسلام: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ [آل عمران:159] وقال: وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم:4] وقال: خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ [الأعراف:199] وقال تبارك اسمه: لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ [التوبة:128] فالله الله في اللين!
ويرسل الله موسى عليه السلام مع هارون إلى طاغية الدنيا، وليس هو ابنه ويقول: فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى [طه:44].
المسألة الثالثة: التدرج في دعوته.. فلا تحاول أن يهتدي في يوم أو يومين أو ثلاثة، بل طول له الحبل ومد له في الوقت، واصبر وصابر لعل الله أن يهديه.
المسألة الرابعة: أن تبدأ معه في الأولويات والمهمات، فتبدأ بالصلاة، ثم بما كبر ثم بما بعدها وما يليها، حتى تصل إلى السنن والمستحبات، وإذا صدقت مع الله هدى لك الله ذريتك، لأن الله يقول في زكريا: وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ [الأنبياء:90] وقال: وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً [الفرقان:74].
الجواب: ما ورد من كلامي في المحاضرة فهو حول قضية الاشتغال بالشهوات عن الفرائض، والطاعات، وما على المسلم إلا أن يتقي الله عز وجل ويجيب داعي الله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً [الأحزاب:70-71] وعليه أن يسمع لنداء الرسول عليه الصلاة والسلام ولوصيته، فعند الترمذي وأحمد بسندين حسنين، قال عليه الصلاة والسلام لـابن عباس رضي الله عنهما: {يا غلام! إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف} فأوصيك بحفظ الله عز وجل والكف عن الاعتداء على محارمه والتجاوز في حدوده، وأما عقوبة تارك الصلاة، فأنت تعرف ويعرف الإخوة أن تارك الصلاة كافر بأحاديث كثيرة، كقوله صلى الله عليه وسلم: {أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة} والحديث في الصحيحين.
ومفهوم المخالفة أن من لم يؤد الصلاة، فلا عصمة لدمه، وحديث آخر صحيح قوله صلى الله عليه وسلم: {العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر} وحديث ثالث عنه صلى الله عليه وسلم قال: {بين المسلم والكفر ترك الصلاة} فيا خيبة من ترك الصلاة! ويا خسارة من فرط في الصلاة! لقد أعلن كفره وتمرده وزندقته وإلحاده.. والله المستعان.
الجواب: في العالم معسكران: المعسكر الشرقي معسكر حلف وارسو، وهؤلاء أهل الشبهات وهم أهل الإلحاد والزندقة، استالين ولينين وماركس وهرتزل، وهم الذين بثوا الإلحاد، وبثوه قبل أربعين سنة على مركب الاقتصاد، وأتوا اليوم يبثونه على مركب الحداثة، ليخرجوا من أبناء الجزيرة رجلاً متخلفاً متحلقاً متلقفاً ملقوفاً، يقول في قصيدته: ما معناه:
الجزيرة ما رأت النور منذ أن ألقى عليها الهاشمي رداءه.
من هو الهاشمي؟
إنه محمد صلى الله عليه وسلم.
ومن هو الهاشمي الذي أخرج الناس من الظلمات إلى النور؟
ومن هو الهاشمي الذي سارت كتائبه مهللة ومكبرة حتى فتحت بلاد الأندلس؟ من هو الهاشمي الذي أقام العدل ورفع لا إله إلا الله محمد رسول الله في الأرض؟
فهذا سرت فيه الشبه والإلحاد من موسكو إلى الجزيرة الخالدة، التي سجد أبناؤها لله، وهذا مرض الشبهات والإلحاد، وعلاجه العلم النافع، قال الله وقال رسوله صلى الله عليه وسلم، والتدبر في الكون، في آيات الله الكونية، وآيات الله الشرعية.
وحلف الأطلسي الرأسمالي أمريكا وأوروبا ومن سار مسارها، هم أهل الشهوات، ما استطاعوا بالطائرات ولا الصواريخ حتى قالوا في مؤتمر بلغراد:
إنما ينجح فيهم المرأة والكأس.
فأتوا بالمرأة الفاتنة، والمجلة الخليعة، والأغنية الماجنة، وأتوا بالحبوب المخدرة، وأتوا بالسفور، وأتوا بالشهوات، فضل كثير من شبابنا، وعلاجهم الصبر والعبادة والتوبة النصوح إلى الواحد الأحد.
فالشباب على هذين القسمين، ولكن لله الحمد، نزل الآن كثير من العلماء بـ(قال الله وقال رسوله صلى الله عليه وسلم) في الساحة، وأقبل كثير من الشباب مستقيمين تائبين منيبين إلى الله الواحد الأحد، فله الحمد والشكر، ونسأله أن يزيد من الخير.
الجواب: الشرود في الصلاة، كلنا ذاك الرجل، وكلنا الذي يشكو حاله، قد أتت أحاديث عنه صلى الله عليه وسلم، منها حديث في مسلم: {أن
الأمر الأول: أن يعلم أنه لا أكبر من الله، وإذا قال الله أكبر، فالله أكبر من كل شيء، وليتفكر في الصلاة.
الأمر الثاني: أن يصلي صلاة مودع.
الأمر الثالث: أن يتأمل ويتدبر الآيات التي يقرأ.
الأمر الرابع: أن يفرغ نفسه للصلاة.
وهناك كلام للفقهاء في كراهية أن يصلي وهو يدافعه الأخبثان، وصلاة الحاقن، والصلاة في شدة البرد، أو في شدة الحر، وإنما قالوا هذا ليصلوا إلى نتيجة وهي الخشوع في الصلاة، رزقني الله وإياكم وكل مسلم الخشوع في الصلاة.
الجواب: وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ [يوسف:105] كثير من الآيات، كخسوف القمر، وكسوف الشمس، وموت الأحبة، ودفن الآباء والأولاد والأجداد، ومفارقة الأصحاب وما نصاب به من مصائب وكوارث وحروب في الدول، وفتن في الشعوب كلها آيات، لكن من يعتبر؟!
ومن يتذكر؟ والقبور الماثلة فيها الآباء والأجداد والإخوان والأخوات والأعمام والعمات والأخوال والخالات.
أتيت القبور فناديتها فأين المعظم والمحتقر |
تفانوا جميعاً فما مخبر وماتوا جميعاً ومات الخبر |
فيا سائلي عن أناس مضوا أما لك فيما مضى معتبر |
فأين من يعتبر؟!
وهذه الآيات يخوف الله بها من يشاء من عباده، كما في الصحيحين من حديث المغيرة وأبي موسى: {إنهما لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، وإنما هما آيتان من آيات الله يخوف الله بهما من يشاء من عباده} يخوف تارك الصلاة ليصلي، ويخوف متعاطي الربا ليترك الربا، ويخوف الزاني ليترك الزنا، والمغني والمطبل وسامع الغناء ليتوبوا من الغناء والزنا والربا، فنسأل الله أن يجعلنا من المتعظين المعتبرين أولي الألباب.
الجواب: الحمد لله على ما تم وعلى ما أشرف وما قرب من نصر على أعداء الله، وعلى الوثنيين والملحدين، في أفغانستان، والمجاهدون شكر الله لهم، أعني المجاهدين المسلمين الذين أشرفوا على فتح كابل وقدموا بتوفيق الله نصراً عجيباً للمسلمين، وهذا ما قدموه إلا لما وثقوا بالله عز وجل وتوكلوا على الله: الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ [آل عمران:173] قال لهم الناس: تعالوا إلى هيئة الأمم المتحدة، قالوا: آمنا بالله وحده وكفرنا بـهيئة الأمم المتحدة، قالوا: تعالوا إلى جنيف، قالوا: آمنا بالله وحده وكفرنا بـجنيف، قالوا: تعالوا إلى مجلس الأمن، قالوا: آمنا بالله وحده وكفرنا بـمجلس الأمن.
يا أمة في عمرها لم تحي إلا بالجهاد |
كفرت بمجلس أمن من نصب المنايا للعباد |
القاتلي الإنسان خابوا ما لهم إلا الرماد |
جثث البرايا منهم في كل رابية وواد |
فأتى المجاهدون وخرجوا من بيوتهم متوضئين ساجدين مصلين، وأخذوا بأيديهم الكلاشنكوف لغة النار، فأخرجوا المستعمر، وذبحوه على الطريقة الإسلامية، ولي فيهم قصيدة منها:
مروا بقلبي فقد أصغى له البان لي في حمى الحب أصحاب وجيران |
نعم لك الله ما قد تبت من وله أما لكم صاحبي صبر وسلوان |
أنا يراعاتك اللاتي كتبت بها رسالة الحب ما في ذاك نكران |
دع ذا وهات قوافٍ منك صادقة لأمة مجدها بالأمس فينان |
والله لو أنصف التاريخ أمتنا لسجل المدح عذباً وهو سهران |
مجالس العلم تروي كل قصتنا إن قلت حدثنا يحيى وسفيان |
الصانعو الزهد والدنيا بحوزتهم يروي علاها أبو ذر وسلمان |
والساكبو العلم من مشكاة دوحتهم علم ابن عباس ياقوت ومرجان |
وإن طلبت مثالاً من أرومتنا يكفيك عن مضرب الأمثال أفغان |
يا أمة النصر والأرواح أثمان في شدة الرعب ما هانوا وما لانوا |
هم الرعود ولكن لا خفوت لهم خسف ونسف وتدمير وبركان |
كم ملحد ماجن ظن الحقوق له زفوا له الموت مراً وهو مجان |
وبلشفي أتى كالعير منتخياً رأى المنايا فأضحى وهو جعلان |
ردوه كالقرد لو بيعت سلامته بشعبه لشراها وهو جذلان |
فروا على نغم البازوك في غسق فقهقهت بالكلاشنكوف نيرانُ |
يسعى فيعثر في سروال خيبته في أذنه من رصاص الحق خرسان |
سياف في حكمة شاه بمملكة لها من الدهر طول الحق برهان |
وأنا أتضامن مع فضيلة الشيخ في دعوته للتبرع، فكأنك بدراهمك تقتل شيوعياً أو تجزر ملحداً، والله يتقبل منا ومنكم، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر