بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام علي نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين.
أما بعد:
فبأسانيدكم إلى الإمام أبي داود رحمه الله تعالى قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في المال يصيبه العدو من المسلمين ثم يدركه صاحبه في الغنيمة
حدثنا صالح بن سهيل قال: حدثنا يحيى يعني: ابن أبي زائدة عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر ( أن غلاماً لـابن عمر أبق إلى العدو فظهر عليه المسلمون فرده رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ابن عمر ولم يقسم ).
قال أبو داود: وقال غيره: رده عليه خالد بن الوليد .
حدثنا محمد بن سليمان الأنباري والحسن بن علي المعنى قال: حدثنا ابن نمير عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال: ( ذهب فرس له فأخذها العدو فظهر عليهم المسلمون فرد عليه في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبق عبد له فلحق بأرض الروم فظهر عليهم المسلمون فرده عليه خالد بن الوليد بعد النبي صلى الله عليه وسلم )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في عبيد المشركين يلحقون بالمسلمين فيسلمون
حدثنا عبد العزيز بن يحيى الحراني قال: حدثني محمد يعني: ابن سلمة عن محمد بن إسحاق عن أبان بن صالح عن منصور بن المعتمر عن ربعي بن حراش عن علي بن أبي طالب قال: ( خرج عبدان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني: يوم الحديبية قبل الصلح فكتب إليه مواليهم فقالوا: يا محمد! والله ما خرجوا إليك رغبةً في دينك، وإنما خرجوا هربًا من الرق، فقال ناس: صدقوا يا رسول الله ردهم إليهم، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: ما أراكم تنتهون يا معشر قريش حتى يبعث الله عليكم من يضرب رقابكم على هذا، وأبى أن يردهم وقال: هم عتقاء الله عز وجل ) ].
ويدل على أثر المادة والجاه في الإقبال على الحق أن الموالي والعبيد في حال أسرهم إذا دخلوا الإسلام لا يرجعون، وأكثر الناس تعنتاً هم الأسياد، مع أن الحجة واحدة والعقول واحدة ولكن النفوس ممتلئة بأشياء أخرى، فقلب العبد خال، وقلب الوضيع والضعيف خال من هم الدنيا والجاه والمال، ولهذا يملؤه الحق إذا جاءه، وأما بالنسبة لصاحب الجاه والسيد فنفسه ممتلئة بالهوى والطمع بذلك، فإذا جاءه الحق لم يجد محلاً له وامتنع من قبوله، وإذا قبله خوفاً ورهبة انتكس في حال زوال تلك الرهبة من قلبه.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في إباحة الطعام في أرض العدو
حدثنا إبراهيم بن حمزة الزبيري قال: حدثنا أنس بن عياض عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر ( أن جيشاً غنموا في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاماً وعسلاً فلم يؤخذ منهم الخمس )].
والصواب في هذا أنه موقوف، وهكذا أخرجه البخاري من حديث أيوب عن نافع عن عبد الله بن عمر موقوفاً عليه.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا موسى بن إسماعيل والقعنبي قال: حدثنا سليمان عن حميد يعني: ابن هلال عن عبد الله بن مغفل قال: ( دلي جراب من شحم يوم خيبر قال: فأتيته فالتزمته قال: ثم قلت: لا أعطي من هذا أحداً اليوم شيئاً، قال: فالتفت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبسم )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في النهي عن النهبى إذا كان في الطعام قلة في أرض العدو
حدثنا سليمان بن حرب قال: حدثنا جرير يعني: ابن حازم عن يعلى بن حكيم عن أبي لبيد قال: ( كنا مع عبد الرحمن بن سمرة بكابل فأصاب الناس غنيمةً فانتهبوها، فقام خطيباً فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن النهبى، فردوا ما أخذوا، فقسمه بينهم ).
حدثنا محمد بن العلاء قال: حدثنا أبو معاوية قال: حدثنا أبو إسحاق الشيباني عن محمد بن أبي المجالد عن عبد الله بن أبي أوفى قال: قلت: ( هل كنتم تخمسون، يعني: الطعام في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: أصبنا طعاماً يوم خيبر، فكان الرجل يجيء فيأخذ منه مقدار ما يكفيه، ثم ينصرف ).
حدثنا هناد بن السري قال: حدثنا أبو الأحوص عن عاصم يعني: ابن كليب عن أبيه عن رجل من الأنصار قال: ( خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فأصاب الناس حاجة شديدة وجهد فأصابوا غنماً فانتهبوها، فإن قدورنا لتغلي إذ جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي على قوسه، فأكفأ قدورنا بقوسه ثم جعل يرمل اللحم بالتراب، ثم قال: إن النهبة ليست بأحل من الميتة، أو إن الميتة ليست بأحل من النهبة ) الشك من هناد].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في حمل الطعام من أرض العدو
حدثنا سعيد بن منصور قال: حدثنا عبد الله بن وهب قال: أخبرني عمرو بن الحارث أن ابن خرشف الأزدي حدثه عن القاسم مولى عبد الرحمن عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( كنا نأكل الجزر في الغزو ولا نقسمه، حتى إن كنا لنرجع إلى رحالنا وأخرجتنا منه مملأة ) ].
ابن خرشف الأزدي مجهول.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في بيع الطعام إذا فضل عن الناس في أرض العدو
حدثنا محمد بن المصفى قال: حدثنا محمد بن المبارك عن يحيى بن حمزة قال: حدثنا أبو عبد العزيز شيخ من أهل الأردن عن عبادة بن نسي عن عبد الرحمن بن غنم قال: ( رابطنا مدينة قنسرين مع شرحبيل بن السمط، فلما فتحها أصاب فيها غنماً وبقراً فقسم فينا طائفةً منها وجعل بقيتها في المغنم، فلقيت معاذ بن جبل فحدثته، فقال معاذ: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر فأصبنا فيها غنماً، فقسم فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم طائفةً، وجعل بقيتها في المغنم )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الرجل ينتفع من الغنيمة بالشيء
حدثنا سعيد بن منصور وعثمان بن أبي شيبة المعنى، قال أبو داود: وأنا لحديثه أتقن، وقال: حدثنا أبو معاوية عن محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي مرزوق مولى تجيب عن حنش الصنعاني عن رويفع بن ثابت الأنصاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من كان يؤمن بالله وباليوم الآخر فلا يركب دابةً من فيء المسلمين حتى إذا أعجفها ردها، ومن كان يؤمن بالله وباليوم الآخر فلا يلبس ثوباً من فيء المسلمين حتى إذا أخلقه رده فيه )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الرخصة في السلاح يقاتل به في المعركة
حدثنا محمد بن العلاء قال: أخبرنا إبراهيم يعني: ابن يوسف، قال أبو داود: هو إبراهيم بن يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق السبيعي عن أبيه عن أبي إسحاق السبيعي قال: حدثني أبو عبيدة عن أبيه قال: ( مررت فإذا أبو جهل صريع قد ضربت رجله، فقلت: يا عدو الله يا أبا جهل قد أخزى الله الأخر، قال: ولا أهابه عند ذلك فقال: أبعد من رجل قتله قومه، فضربته بسيف غير طائل فلم يغن شيئاً حتى سقط سيفه من يده فضربته به حتى برد ) ].
أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود لم يسمع من أبيه شيئاً لكن سماعه محمول على الاتصال؛ لأنه يروي عن أهل بيت أبيه وإن لم يعرف عين من يروي عنه إلا أنهم جميعاً ثقات، ولا أعلم من أعل رواية أبي عبيدة عن أبيه بالانقطاع فردها، نعم الانقطاع ثابت لكن لا يردونها، والترمذي له إشارات إلى هذا المعنى في سننه وهو من المتقدمين، أما المتأخرون فإنهم يعلونها وليست بعلة.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في تعظيم الغلول
حدثنا مسدد أن يحيى بن سعيد وبشر بن المفضل حدثاهم عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن أبي عمرة عن زيد بن خالد الجهني: ( أن رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم توفي يوم خيبر فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: صلوا على صاحبكم، فتغيرت وجوه الناس لذلك فقال: إن صاحبكم غل في سبيل الله، ففتشنا متاعه فوجدنا خرزاً من خرز يهود لا يساوي درهمين ).
حدثنا القعنبي عن مالك عن ثور بن زيد الديلي عن أبي الغيث مولى ابن مطيع عن أبي هريرة أنه قال: ( خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام خيبر فلم نغنم ذهباً ولا ورقاً إلا الثياب والمتاع والأموال، قال: فوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو وادي القرى وقد أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم عبد أسود يقال له: مدعم، حتى إذا كانوا بوادي القرى فبينا مدعم يحط رحل رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه سهم فقتله، فقال الناس: هنيئاً له الجنة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: كلا والذي نفسي بيده إن الشملة التي أخذها يوم خيبر من المغانم لم تصبها المقاسم لتشتعل عليه ناراً، فلما سمعوا ذلك جاء رجل بشراك أو شراكين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: شراك من نار، أو قال: شراكان من نار )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الغلول إذا كان يسيراً يتركه الإمام ولا يحرق رحله
حدثنا أبو صالح محبوب بن موسى قال: أخبرنا أبو إسحاق الفزاري عن عبد الله بن شوذب قال: حدثني عامر يعني: ابن عبد الواحد عن ابن بريدة عن عبد الله بن عمرو قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أصاب غنيمةً أمر بلالاً فنادى في الناس، فيجيئون بغنائمهم فيخمسه ويقسمه قال: فجاء رجل بعد ذلك بزمام من شعر، فقال: يا رسول الله هذا فيما كنا أصبناه من الغنيمة، فقال: أسمعت بلالاً ينادي ثلاثاً؟ قال: نعم، قال: فما منعك أن تجيء به؟ فاعتذر إليه فقال: كن أنت تجيء به يوم القيامة فلن أقبله عنك )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في عقوبة الغال
حدثنا النفيلي وسعيد بن منصور قالا: حدثنا عبد العزيز بن محمد قال: النفيلي الأندراوردي عن صالح بن محمد بن زائدة قال: ( دخلت مع مسلمة أرض الروم فأتي برجل قد غل، فسأل سالماً عنه فقال: سمعت أبي يحدث عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا وجدتم الرجل قد غل فأحرقوا متاعه واضربوه، قال: فوجدنا في متاعه مصحفاً، فسأل سالماً عنه فقال: بعه وتصدق بثمنه ) ].
هذا الحديث هناك من يعله من الأئمة، بل هناك من ينكره جداً، وقد أنكره الدارقطني عليه رحمة الله تعالى وغيره، وممن أعل هذا الحديث البخاري والترمذي وجماعة، وأما الدارقطني رحمه الله فيقول: هذا الحديث لا أصل له.
والسبب في هذا هو تفرد صالح بن محمد بن زائدة بهذا الحديث، وهو منكر الحديث.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أبو صالح محبوب بن موسى الأنطاكي قال: أخبرنا أبو إسحاق عن صالح بن محمد قال: ( غزونا مع الوليد بن هشام ومعنا سالم بن عبد الله بن عمر وعمر بن عبد العزيز فغل رجل متاعاً فأمر الوليد بمتاعه فأحرق، وطيف به، ولم يعطه سهمه ).
قال أبو داود: وهذا أصح الحديثين، رواه غير واحد أن الوليد بن هشام أحرق رحل زياد بن سعد وكان قد غل، وضربه، قال أبو داود: شغر لقبه.
حدثنا محمد بن عوف قال: حدثنا موسى بن أيوب قال: حدثنا الوليد بن مسلم قال: حدثنا زهير بن محمد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر حرقوا متاع الغال وضربوه ).
قال أبو داود: وزاد فيه علي بن بحر عن الوليد ولم أسمعه منه: (ومنعوه سهمه).
وحدثنا به الوليد بن عتبة وعبد الوهاب بن نجدة قالا: حدثنا الوليد عن زهير بن محمد عن عمرو بن شعيب قوله ولم يذكر عبد الوهاب بن نجدة الحوطي (منع سهمه)].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب النهي عن الستر على من غل
حدثنا محمد بن داود بن سفيان قال: حدثنا يحيى بن حسان قال: حدثنا سليمان بن موسى أبو داود قال: حدثنا جعفر بن سعد بن سمرة بن جندب قال: حدثني خبيب بن سليمان عن أبيه سليمان بن سمرة عن سمرة بن جندب: ( أما بعد وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من كتم غالاً فإنه مثله ) ].
مداخلة: يا شيخ هذا مظلم إسناده مظلم؟
الشيخ: نعم.
مداخلة: لماذا سكت عنه أبو داود؟
مداخلة: قد يكون سكت عنه في النسخة التي بين أيدينا، إسناده مظلم مر معنا وحكمنا عليه، نعم.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في السلب يعطى القاتل
حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عمر بن كثير بن أفلح عن أبي محمد مولى أبي قتادة عن أبي قتادة قال: ( خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في عام حنين، فلما التقينا كانت للمسلمين جولة قال: فرأيت رجلاً من المشركين قد علا رجلاً من المسلمين قال: فاستدرت له حتى أتيته من ورائه فضربته بالسيف على حبل عاتقه فأقبل علي فضمني ضمةً وجدت منها ريح الموت، ثم أدركه الموت فأرسلني، فلحقت عمر بن الخطاب فقلت له: ما بال الناس؟ قال: أمر الله، ثم إن الناس رجعوا وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: من قتل قتيلاً له عليه بينة فله سلبه؟ قال: فقمت ثم قلت: من يشهد لي؟ ثم جلست، ثم قال ذلك الثانية: من قتل قتيلاً له عليه بينة فله سلبه؟ قال: فقمت ثم قلت: من يشهد لي؟ ثم جلست، ثم قال: ذلك الثالثة فقمت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما لك يا أبا قتادة ؟ فاقتصصت عليه القصة فقال رجل من القوم: صدق يا رسول الله وسلب ذلك القتيل عندي فأرضه منه، فقال أبو بكر الصديق: لاها الله، إذًا يعمد إلى أسد من أسد الله يقاتل عن الله وعن رسوله فيعطيك سلبه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صدق فأعطه إياه، فقال أبو قتادة: فأعطانيه فبعت الدرع فابتعت مخرفاً في بني سلمة فإنه لأول مال تأثلته في الإسلام ).
حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك قال: ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يومئذ يعني: يوم حنين: من قتل كافراً فله سلبه، فقتل أبو طلحة يومئذ عشرين رجلاً وأخذ أسلابهم، ولقي أبو طلحة أم سليم ومعها خنجر فقال: يا أم سليم ما هذا معك؟ قالت: أردت والله إن دنا مني بعضهم أبعج به بطنه، فأخبر بذلك أبو طلحة رسول الله صلى الله عليه وسلم ).
قال أبو داود: هذا حديث حسن.
قال أبو داود: أردنا بهذا الخنجر، وكان سلاح العجم يومئذ الخنجر].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الإمام يمنع القاتل السلب إن رأى والفرس والسلاح من السلب
حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل قال: حدثنا الوليد بن مسلم قال: حدثني صفوان بن عمرو عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن عوف بن مالك الأشجعي قال: ( خرجت مع زيد بن حارثة في غزوة مؤتة فرافقني مدد من أهل اليمن ليس معه غير سيفه، فنحر رجل من المسلمين جزوراً فسأله المددي طائفةً من جلده فأعطاه إياه فاتخذه كهيئة الدرق، ومضينا فلقينا جموع الروم وفيهم رجل على فرس له أشقر عليه سرج مذهب وسلاح مذهب، فجعل الرومي يغري بالمسلمين فقعد له المددي خلف صخرة فمر به الرومي فعرقب فرسه فخر وعلاه فقتله وحاز فرسه وسلاحه، فلما فتح الله عز وجل للمسلمين بعث إليه خالد بن الوليد فأخذ من السلب، قال عوف: فأتيته فقلت: يا خالد أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قضى بالسلب للقاتل؟ قال: بلى، ولكني استكثرته، قلت: لتردنه عليه أو لأعرفنكها عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأبى أن يرد عليه، قال عوف: فاجتمعنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقصصت عليه قصة المددي وما فعل خالد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا خالد ما حملك على ما صنعت؟ قال: يا رسول الله لقد استكثرته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا خالد رد عليه ما أخذت منه، قال عوف: فقلت له: دونك يا خالد ألم أف لك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما ذلك؟ فأخبرته قال: فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا خالد لا ترد عليه، هل أنتم تاركون لي أمرائي؟ لكم صفوة أمرهم وعليهم كدره ).
حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل قال: حدثنا الوليد قال: سألت ثوراً عن هذا الحديث فقال: حدثني عن خالد بن معدان عن جبير بن نفير عن عوف بن مالك الأشجعي نحوه ].
وخالد بن الوليد أحاديثه التي يرويها عن النبي عليه الصلاة والسلام قليلة ونادرة جداً وهي بضعة أحاديث؛ وذلك لانشغاله بالجهاد والغزو، مع شهرته وفضله وجلالته إلا أنه شغل بالجهاد فكانت روايته في ذلك قليلة، نعم.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في السلب لا يخمس
حدثنا سعيد بن منصور قال: حدثنا إسماعيل بن عياش عن صفوان بن عمرو عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن عوف بن مالك الأشجعي وخالد بن الوليد ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالسلب للقاتل ولم يخمس السلب )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب من أجاز على جريح مثخن ينفل من سلبه
حدثنا هارون بن عباد الأزدي قال: حدثنا وكيع عن أبيه عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود قال: ( نفلني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر سيف أبي جهل كان قتله )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب فيمن جاء بعد الغنيمة لا سهم له
حدثنا سعيد بن منصور قال: حدثنا إسماعيل بن عياش عن محمد بن الوليد الزبيدي عن الزهري أن عنبسة بن سعيد أخبره أنه سمع أبا هريرة يحدث سعيد بن العاص: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبان بن سعيد بن العاص على سرية من المدينة قبل نجد، فقدم أبان بن سعيد وأصحابه على رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر بعد أن فتحها، وإن حزم خيلهم ليف، فقال أبان: اقسم لنا يا رسول الله، فقال أبو هريرة: فقلت: لا تقسم لهم يا رسول الله، فقال أبان: أنت بها يا وبر تحدر علينا من رأس ضال، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اجلس يا أبان ولم يقسم لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ).
حدثنا حامد بن يحيى البلخي قال: حدثنا سفيان قال: حدثنا الزهري وسأله إسماعيل بن أمية فقال: حدثناه الزهري أنه سمع عنبسة بن سعيد القرشي يحدث عن أبي هريرة قال: ( قدمت المدينة ورسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر حين افتتحها، فسألته أن يسهم لي فتكلم بعض ولد سعيد بن العاص فقال: لا تسهم له يا رسول الله، قال: فقلت: هذا قاتل ابن قوقل فقال سعيد بن العاص: يا عجباً لوبر تدلى علينا من قدوم ضال يعيرني بقتل امرئ مسلم أكرمه الله تعالى على يدي، ولم يهني على يديه ).
قال أبو داود: هؤلاء كانوا نحو عشرة فقتل منهم ستة، ورجع من بقي.
حدثنا محمد بن العلاء قال: حدثنا أبو أسامة قال: حدثنا بريد عن أبي بردة عن أبي موسى قال: ( قدمنا فوافقنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين افتتح خيبر فأسهم لنا أو قال: فأعطانا منها وما قسم لأحد غاب عن فتح خيبر منها شيئا ًإلا لمن شهد معه إلا أصحاب سفينتنا جعفر وأصحابه فأسهم لهم معهم ).
حدثنا محبوب بن موسى أبو صالح قال: أخبرنا أبو إسحاق الفزاري عن كليب بن وائل عن هانئ بن قيس عن حبيب بن أبي مليكة عن ابن عمر قال: ( إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام يعني: يوم بدر فقال: إن عثمان انطلق في حاجة الله وحاجة رسول الله وإني أبايع له، فضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهم ولم يضرب لأحد غاب غيره )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في المرأة والعبد يحذيان من الغنيمة
حدثنا محبوب بن موسى أبو صالح قال: حدثنا أبو إسحاق الفزاري عن زائدة عن الأعمش عن المختار بن صيفي عن يزيد بن هرمز قال: ( كتب نجدة إلى ابن عباس يسأله عن كذا وعن أشياء وعن المملوك أله في الفيء شيء؟ وعن النساء هل كن يخرجن مع النبي صلى الله عليه وسلم؟ وهل لهن نصيب؟ فقال ابن عباس: لولا أن يأتي أحموقةً ما كتبت إليه، أما المملوك فكان يحذى، وأما النساء فقد كن يداوين الجرحى ويسقين الماء ).
حدثنا محمد بن يحيى بن فارس قال: حدثنا أحمد بن خالد يعني: الوهبي قال: حدثنا ابن إسحاق عن أبي جعفر والزهري عن يزيد بن هرمز قال: ( كتب نجدة الحروري إلى ابن عباس يسأله عن النساء هل كن يشهدن الحرب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وهل كان يضرب لهن بسهم؟ قال: فأنا كتبت كتاب ابن عباس إلى نجدة: قد كن يحضرن الحرب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأما أن يضرب لهن بسهم فلا، وقد كان يرضخ لهن ).
حدثنا إبراهيم بن سعيد وغيره قالا: أخبرنا زيد بن الحباب قال: حدثنا رافع بن سلمة بن زياد قال: حدثني حشرج بن زياد عن جدته أم أبيه ( أنها خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة خيبر سادس ست نسوة، فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث إلينا فجئنا فرأينا فيه الغضب، فقال: مع من خرجتن وبإذن من خرجتن؟ فقلنا: يا رسول الله خرجنا نغزل الشعر، ونعين في سبيل الله، ومعنا دواء الجرحى ونناول السهام ونسقي السويق، فقال: قمن، حتى إذا فتح الله عليه خيبر أسهم لنا كما أسهم للرجال، قال: قلت لها: يا جدة وما كان ذلك؟ قالت: تمراً ) ].
في هذا جهالة وذلك أن حشرج بن زياد ورافعاً في الحديث مجهولان.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا بشر يعني: ابن المفضل عن محمد بن زيد قال: حدثني عمير مولى آبي اللحم قال: ( شهدت خيبر مع سادتي، فكلموا في رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر بي فقلدت سيفاً، فإذا أنا أجره، فأخبر أني مملوك، فأمر لي بشيء من خرثي المتاع ).
قال أبو داود: معناه لم يسهم له.
قال أبو داود: وقال أبو عبيد: كان حرم اللحم على نفسه فسمي آبي اللحم .
حدثنا سعيد بن منصور قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال: ( كنت أميح أصحابي الماء يوم بدر )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في المشرك يسهم له
حدثنا مسدد ويحيى بن معين قالا: حدثنا يحيى عن مالك عن الفضيل عن عبد الله بن نيار عن عروة عن عائشة -قال يحيى -: ( إن رجلاً من المشركين لحق بالنبي صلى الله عليه وسلم ليقاتل معه فقال: ارجع، ثم اتفقا فقال: إنا لا نستعين بمشرك ) ].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في سهمان الخيل
حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا أبو معاوية قال: حدثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أسهم لرجل ولفرسه ثلاثة أسهم: سهمًا له، وسهمين لفرسه ).
حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الله بن يزيد قال: حدثني المسعودي قال: حدثني أبو عمرة عن أبيه قال: ( أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة نفر ومعنا فرس، فأعطى كل إنسان منا سهماً، وأعطى للفرس سهمين ).
حدثنا مسدد قال: حدثنا أمية بن خالد قال: حدثنا المسعودي عن رجل من آل أبي عمرة عن أبي عمرة بمعناه إلا أنه قال: ( ثلاثة نفر، زاد: فكان للفارس ثلاثة أسهم ) ].
وضرب الأسهم إشارة إلى أن هذه العطية التي يعطاها المجاهد لا تخل بمقصده في دينه ولا تخل بنيته، فإذا كان ثمة مرتبات وأجور أو عطايا تعطى للمجاهد في سبيل الله فهذا لا يؤثر عليه.
كذلك أيضاً إذا خرج لإعلاء كلمة الله وطلب الزيادة في العطاء كأن يكون راجلاً فأخذ فرساً ليزاد في سهمه فهذا أيضاً مما لا حرج فيه، لأنه لو لم يجد فرساً لذهب، ولو لم يكن ثمة عطاء لذهب، فهذا العطاء ليس بمؤثر في أصل ذهابه.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب فيمن أسهم له سهماً
حدثنا محمد بن عيسى قال: حدثنا مجمع بن يعقوب بن مجمع بن يزيد الأنصاري قال: سمعت أبي يعقوب بن مجمع يذكر عن عمه عبد الرحمن بن يزيد الأنصاري عن عمه مجمع بن جارية الأنصاري وكان أحد القراء الذين قرءوا القرآن قال: ( شهدنا الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما انصرفنا عنها إذا الناس يهزون الأباعر، فقال بعض الناس لبعض: ما للناس؟ قالوا: أوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرجنا مع الناس نوجف، فوجدنا النبي صلى الله عليه وسلم واقفاً على راحلته عند كراع الغميم، فلما اجتمع عليه الناس قرأ عليهم: إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا [الفتح:1] فقال رجل: يا رسول الله أفتح هو؟ قال: نعم، والذي نفس محمد بيده إنه لفتح، فقسمت خيبر على أهل الحديبية، فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم على ثمانية عشر سهماً، وكان الجيش ألفاً وخمسمائة فيهم ثلاثمائة فارس، فأعطى الفارس سهمين، وأعطى الراجل سهماً ).
قال أبو داود: حديث أبي معاوية أصح والعمل عليه، وأرى الوهم في حديث مجمع أنه قال: ثلاثمائة فارس، وإنما كانوا مائتي فارس].
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر