حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان حدثنا عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: (جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: جئت أبايعك على الهجرة وتركت أبوي يبكيان، فقال: ارجع عليهما فأضحكهما كما أبكيتهما) ].
أورد أبو داود باب الرجل يغزو وأبواه كارهان، أي: ما حكم ذلك؟
وهذا فيه تفصيل، فإن كان الجهاد فرض عين فليخرج الإنسان للجهاد ولو لم يرض الأبوان، وإن كان فرض كفاية فلا يخرج إلا بإذنهما.
وإنما يكون فرض عين إذا استنفر الإمام، وكذلك لو دهم العدو المسلمين في بلدهم.
وإذا كان الأبوان كافرين فإن له أن يخرج بدون إذنهما ولو لجهاد التطوع؛ لأن الكافر متهم بأنه لا يريد للإسلام أن ينتصر.
قوله: (جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: جئت أبايعك على الهجرة).
معلوم أنهم كانوا يأتون إليه ويبايعونه على الهجرة، وإنما يهاجرون لينصروه وليجاهدوا معه في سبيل الله، وقد عرفنا فيما مضى أن المهاجرين لما انتقلوا من مكة إلى المدينة كانوا يريدون الهجرة والنصرة، فجمعوا بين الأمرين، وأن الأنصار عندهم النصرة، وأن المهاجرين أفضل من الأنصار لذلك، فهذا جاء يبايع على الهجرة، ومعناه أنه يكون تحت تصرفه ويغزو معه.
قوله: (ارجع عليهما فأضحكهما كما أبكيتهما) أي: أدخل السرور عليهما كما أدخلت الحزن عليهما.
محمد بن كثير العبدي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا سفيان ].
سفيان هو الثوري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا عطاء بن السائب ].
عطاء بن السائب صدوق اختلط، والسماع منه قبل الاختلاط صحيح، فإذا سمع منه أحد قبل الاختلاط فيعتمد الحديث الذي يأتي من طريقه، وإذا كان بعد الاختلاط فإنه لا يعول عليه، وكذلك إذا جهل السماع هل كان قبل الاختلاط أو بعد الاختلاط فإن لا يعول عليه، وإنما يقبل إذا تحقق أن السماع كان قبل الاختلاط، وقد ذكر الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب في آخر ترجمة عطاء بن السائب ستة ممن صح سماعهم منه قبل الاختلاط، وفي مقدمتهم سفيان الثوري هذا، ويضاف إليهم الأعمش ، ذكر ذلك الشيخ ناصر رحمه الله في السلسلة الصحيحة فيكونون سبعة.
وقد أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ عن أبيه ].
هو السائب بن يزيد ، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن.
[ عن عبد الله بن عمرو ].
عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، وقد مر ذكره.
قال أبو داود : أبو العباس هذا الشاعر اسمه السائب بن فروخ ].
أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه أن (رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله! أجاهد؟ فقال: هل لك أبوان؟ قال: نعم، قال: ففيهما فجاهد) أي: اجعل جهادك في خدمتهما حيث يكونان محتاجين إليك، وكذلك إذا لم يأذنا وكان الجهاد تطوعاً، فإن الأمر يحتاج إلى إذنهما كما مر في الحديث، وكما يدل عليه قوله: (ففيهما فجاهد).
محمد بن كثير وسفيان مر ذكرهما، وحبيب بن أبي ثابت ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي العباس ].
هو السائب بن فروخ ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن عمرو ].
قد مر ذكره
[ قال أبو داود : أبو العباس هذا الشاعر اسمه السائب بن فروخ ].
هذا توضيح لهذا الذي ذكر بكنيته وهو أبو العباس واسمه السائب بن فروخ .
أورد المصنف حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رجلاً جاء من اليمن مهاجراً وذكر الحديث، وفيه الأمر باستئذان الوالدين للجهاد، وهذا مثل الذي قبله حيث لا يتعين الجهاد، وأما إذا تعين فلا يحتاج إلى استئذان الأبوين.
سعيد بن منصور ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا عبد الله بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث ].
عمرو بن الحارث المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أن دراجاً أبا السمح ].
دراج أبو السمح صدوق، في حديثه عن أبي الهيثم ضعف، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن.
[ عن أبي الهيثم ].
هو سليمان بن عمرو بن عبد ، ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن.
[ عن أبي سعيد ].
أبو سعيد الخدري سعد بن مالك بن سنان رضي الله عنه، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا الحديث من رواية دراج عن أبي الهيثم ، وتقدم أن فيها ضعفاً؛ ولكن الحديثان اللذان قبله شاهدان له.
حدثنا عبد السلام بن المطهر حدثنا جعفر بن سليمان عن ثابت عن أنس رضي الله عنه أنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يغزو بـ
أورد أبو داود باب في النساء يغزون.
أي أن يذهب بهن أولياؤهن من أجل الاستفادة منهن في أمور خاصة، فهن لا يجاهدن ولا يقاتلن ولسن من أهل الغزو، ولكن كونهن يسقين ويداوين الجرحى هذا هو الذي جاء في الحديث الإشارة إليه، وقد قال النووي : إذا كان الذي تعالجه من محارمها فإنها تلمسه، وأما إذا كان غير محرم فإنها تداويه بدون مس.
قوله: (كان الرسول يغزو بـ
قوله: [ ليسقين الماء ويداوين الجرحى ].
أي: يساعدن في سقي الماء، أما القتال فلسن من أهله، قال الشاعر:
كتب القتل والقتال علينا
وعلى الغانيات جر الذيول
عبد السلام بن مطهر صدوق، أخرج حديثه البخاري وأبو داود .
[ عن جعفر بن سليمان ].
وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن ثابت ].
ثابت بن أسلم البناني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أنس ].
أنس رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخادمه، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، والحديث من الرباعيات عند أبي داود، وهي أعلى الأسانيد عنده.
حدثنا سعيد بن منصور حدثنا أبو معاوية حدثنا جعفر بن برقان عن يزيد بن أبي نشبة عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ثلاث من أصل الإيمان: الكف عمن قال: لا إله إلا الله، ولا نكفره بذنب، ولا نخرجه من الإسلام بعمل، والجهاد ماض منذ بعثني الله إلى أن يقاتل آخر أمتي
أورد أبو داود باب الجهاد مع أئمة الجور يعني أن الجهاد يكون مع من قام به براً أو فاجراً، ولا يشترط في الذي يجاهد معه أن يكون عدلاً وأن يكون تقياً، فمن يكون والياً على الجيش سواء كان براً أو فاجراً فإنه يجاهد معه، ولو كان عنده نقص ولو كان عنده ذنوب؛ لأن هذا جهاد لإعلاء كلمة الله ولتكون كلمة الله هي العليا، فيكون مع البر والفاجر، وكما أن الصلاة تصح وراءهم فكذلك الجهاد.
قوله: (ثلاث من أصل الإيمان: الكف عمن قال: لا إله إلا الله).
أي: أنه عندما يكون هناك قتال مع الكفار فقال كافر: لا إله إلا الله، فإنه يكف عنه ولا يقتل، لأنه قال: لا إله إلا الله، فالناس لا يعلمون ما في قلبه وهل هو صادق أو كاذب، ولكن يكف عنه، وقد جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه أنكر على من قتله وقال: (أقتلته بعدما قال: لا إله إلا الله؟!).
قوله: (ولا نكفره بذنب).
أي: من قال: لا إله إلا الله لا يكفر بذنب، إلا إذا كان مستحلاً له، فالذنب الذي يكون معلوماً من الدين بالضرورة من يستحله يكفر، كأن يستحل الزنا أو يستحل شرب الخمر، أو ينكر أمراً واجباً معلوماً من الإسلام بالضرورة وجوبه.
قوله: (ولا نخرجه من الإسلام بعمل) .
أي: ولو كان كبيرة من الكبائر إلا إذا كان مستحلاً، فهذا قريب في المعنى من قوله: (لا نكفره بذنب) .
فلا تكفير بذنب إلا إذا استحله فاعله فإنه يكون بذلك كافراً؛ إلا فيما يتعلق بالصلاة، فإنه إذا تركها متعمداً جاحداً لوجوبها فهو كافر بإجماع المسلمين، وإما إذا تركها تهاوناً وتكاسلاً، فهذا فيه خلاف بين أهل العلم، والصحابة رضي الله عنه وأرضاهم يرون كفره كما جاء عن عبد الله بن شقيق العقيلي قال: أدركت ثلاثين من أصحاب رسول الله لم يكن عندهم شيء من الأعمال تركه كفر غير الصلاة.
قوله: (والجهاد ماض منذ بعثني الله إلى أن يقاتل أخر أمتي
أي: منذ أذن له في الجهاد، وإلا فإنه إنما أذن له بالجهاد بعد أن هاجر إلى المدينة صلى الله عليه وسلم.
قوله: (لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل) .
هذا محل الشاهد، ومعناه أنه يجاهد مع البررة والفجار.
قوله: (والإيمان بالأقدار) .
أي أن الإيمان بالقدر من أصول الإيمان، وهو من أصول الإيمان الستة التي جاءت في حديث جبريل: (أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله ويوم الآخر والقدر خيره وشره).
والحديث ضعيف، ففي إسناده من هو مجهول.
أبو معاوية محمد بن خازم الضرير الكوفي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن جعفر بن برقان ].
جعفر بن برقان صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن يزيد بن أبي نشبة ].
وهو مجهول، أخرج له أبو داود .
[ عن أنس ].
أنس رضي الله عنه قد مر ذكره.
قوله: (الجهاد واجب عليكم مع كل أمير براً كان أو فاجراً) يعني مع البررة ومع الفجار ما دام أن الجهاد لإعلاء كلمة الله.
(والصلاة واجبة عليكم خلف كل مسلم) .
معناه أن من صحت صلاته صحت إمامته، لكن عند الاختيار لا يصلح أن يختار من هو فاسق أو مبتدع، وذلك حيث تكون بدعة مفسقة أما من كانت بدعته مكفرة فلا يصلي وراءه.
قوله: [ (وإن عمل الكبائر) ].
يعني وإن كان فاسقاً مرتكباً لشيء من الكبائر.
قوله: [ (والصلاة واجبة على كل مسلم براً كان أو فاجراً) ].
المقصود الصلاة على الجنازة، فيصلى على جنازته إذا توفي براً كان أو فاجراً.
معاوية بن صالح بن حدير ، وهو صدوق له أوهام، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن العلاء بن الحارث ].
وهو صدوق، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ عن مكحول ].
مكحول الشامي ، وهو ثقة، أخرج له البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن أبي هريرة ].
أبو هريرة رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق.
حدثنا محمد بن سليمان الأنباري حدثنا عبيدة بن حميد عن الأسود بن قيس عن نبيح العنزي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما حدث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه أراد أن يغزو فقال: (يا معشر المهاجرين والأنصار! إن من إخوانكم قوماً ليس لهم مال ولا عشيرة، فليضم أحدكم إليه الرجلين أو الثلاثة فما لأحدنا من ظهر يحمله إلا عقبة كعقبة -يعني أحدهم- قال: فضممت إلي اثنين أو ثلاثة، قال: ما لي إلا عقبة كعقبة أحدهم من جمل) ].
قوله: باب الرجل يتحمل بمال غيره يغزو يعني هو نفسه يستفيد من مال غيره، أو غيره يفيده بماله، وذلك حيث يكون الإنسان غير قادر على أن يجاهد، لأنه ليس له مركوب، فإنه لا بأس ولا مانع من أن يسافر، ولكن يكون هناك تناوب على الركوب بأن يتناوب اثنان أو ثلاثة على بعير، هذا هو المقصود بالتحمل، يحمله غيره، أو يحمله بعير غيره عند الحاجة إلى ذلك.
قوله: (ليس لهم مال ولا عشيرة) أي ليس لهم مال يشترون به الظهر، وليس لهم عشيرة تساعدهم في ذلك.
قوله: (فليضم أحدكم إليه الرجلين أو الثلاثة) .
أي في بعيره، فيكون معه اثنان أو ثلاثة يتناوبون الركوب على بعيره، فيكون لكل واحد نوبة في الركوب.
أي: فضم إليه اثنين أو ثلاثة فيكون هو الثالث أو الرابع، فلم يكن له من جمله إلا نوبة كأحدهم.
محمد بن سليمان الأنباري صدوق، أخرج له أبو داود .
[ عن عبيدة بن حميد ].
صدوق ربما أخطأ، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ عن الأسود بن قيس ].
وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن نبيح العنزي ].
وهو مقبول، أخرج له أصحاب السنن.
[ عن جابر بن عبد الله ].
جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما، وهو صحابي جليل، أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
و نبيح هذا ذكر الحافظ في ترجمته في تهذيب التهذيب توثيقه عن ثلاثة، وذكر أن أربعة صححوا حديثه، وما ذكر كلاماً فيه إلا من واحد، ومع ذلك قال فيه الحافظ : مقبول، مع أن ثلاثة وثقوه وأربعة صححوا حديثه وهم: ابن خزيمة والترمذي وابن حبان والحاكم ، والألباني صحح الحديث أو حسنه.
حدثنا أحمد بن صالح حدثنا أسد بن موسى حدثنا معاوية بن صالح حدثني ضمرة أن ابن زغب الإيادي حدثه قال: نزل علي عبد الله بن حوالة الأزدي رضي الله عنه فقال لي: (بعثنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لنغنم على أقدامنا، فرجعنا فلم نغنم شيئاً، وعرف الجهد في وجوهنا، فقام فينا فقال: اللهم لا تكلهم إلي فأضعف عنهم، ولا تكلهم إلى أنفسهم فيعجزوا عنها، ولا تكلهم إلى الناس فيستأثروا عليهم، ثم وضع يده على رأسي أو قال: على هامتي، ثم قال: يا
قال أبو داود : عبد الله بن حوالة حمصي ].
سبق أن مر بنا أن الإنسان إذا كان قصده الدنيا فإنه لا يحصل أجراً، وقد مرت بعض الأحاديث في ذلك، ومنها حديث الرجل الذي قال: (لا أجد له في الدنيا والآخرة إلا هذه الدنانير التي سمى)، وكذلك الرجل الذي قال فيه: (هو أجير حتى آخر قطرة من دمه)، وأما إذا خرج الإنسان للجهاد في سبيل الله وأراد إعلاء كلمة الله، وحصل على غنيمة، فإن هذا لا بأس به، وإنما المحذور قصد الدنيا بالجهاد، أما إذا أراد الإنسان خير الدنيا والآخرة، فقد قال الله تعالى عن المؤمنين الذين أثنى عليهم: وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة:201].
قوله: (بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لنغنم على أقدامنا، فرجعنا فلم نغنم شيئاً) .
أي: بعثنا غزاة لنحصل أجراً وغنيمة فلم نحصل شيئاً.
قوله: (اللهم لا تكلهم إلي فأضعف عنهم) .
أي: عن إيصال الأشياء التي يحتاجون إليها، فهو يسأل الله عز وجل أن يرزقهم من فضله، قال: (فأضعف عنهم) لأنه صلى الله عليه وسلم كان يأتي إليه أصحاب الأعذار يلتمسون منه أن يحملهم، فيقول: لا أجد ما أحملكم عليه، فيتولون وأعينهم تفيض من الدمع.
قوله: (ولا تكلهم إلى الناس) لأن الناس يريدون الحظوظ لأنفسهم، ويستأثرون بالمال عليهم فلا يحصلون ما يريدون.
قوله: (ثم وضع يده على رأسي، أو قال: على هامتي) .
هما بمعنى واحد، فالهامة هي أعلى الرأس.
قوله: (ثم قال: يا
الأرض المقدسة هي أرض الشام.
قوله: (والساعة يومئذ أقرب من الناس من يدي هذه من رأسك) .
فيه إشارة إلى أنها قريبة جداً، وفيه إشارة إلى الخلافة في زمن بني أمية، وقد حصل ما حصل من الفتن، وحصل ما حصل من الخير العظيم، فقد حصلت فتن وقلاقل، وحصلت أيضاً فتوحات عظيمة، حيث وصلوا إلى المحيط الأطلسي ووصلوا إلى بلاد الصين، وإلى السند والهند، واجتمعت الكلمة على معاوية رضي الله عنه وأرضاه، وحصل خير كثير بالنسبة لفتح البلاد وغزو الكفار في ديارهم، حيث كانوا يرسلون الجيوش شرقاً وغرباً.
أحمد بن صالح المصري ، ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي في الشمائل.
[ عن أسد بن موسى ].
أسد بن موسى هو الملقب أسد السنة ، وهو صدوق يغرب، أخرج له البخاري تعليقاً وأبو داود والنسائي .
[ عن معاوية بن صالح ].
معاوية بن صالح بن حدير ، وهو صدوق له أوهام، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن ضمرة ].
ضمرة بن حبيب ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب السنن.
[ عن ابن زغب الإيادي ].
وهو عبد الله بن زغب الإيادي مختلف في صحبته، أخرج حديثه أبو داود .
[ عن عبد الله بن حوالة ].
وهو صحابي، أخرج له أبو داود .
[ قال أبو داود : عبد الله بن حوالة حمصي ].
أي أنه من أهل حمص.
حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد أخبرنا عطاء بن السائب عن مرة الهمداني عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (عجب ربنا من رجل غزا في سبيل الله فانهزم -يعني أصحابه- فعلم ما عليه فرجع حتى أهريق دمه، فيقول الله تعالى لملائكته: انظروا إلى عبدي رجع رغبة فيما عندي وشفقة مما عندي حتى أهريق دمه!) ].
قوله: الرجل يشري نفسه أي: يبيعها، قال تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّه [البقرة:207]، يعني يبيعها، وقال: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ [التوبة:111] أي أنهم باعوها على الله، وذلك بتقديمها في سبيل الله عز وجل.
قوله: (عجب ربنا من رجل غزا في سبيل الله فانهزم -يعني أصحابه-) هذه مثل الكلمة التي مرت فيما مضى قال: (عقبة كعقبة يعني أحدهم) مضاف ومضاف إليه وجاء بينهما (يعني)، وهنا فعل وفاعل وجاء بينهما (يعني).
قوله: (فعلم ما عليه) .
أي: ما يجب عليه، والمقصود بهذا أنه عند الفرار وعندما تحصل هزيمة يحصل ثبوت ولو كان العدد قليلاً، وذلك كما ثبت الرسول صلى الله عليه وسلم في غزوة حنين حين انهزم أكثر أصحابه ولم يبق إلا عدد قليل، وبعد ذلك رجعوا.
قوله: [ (فرجع حتى أهريق دمه) ] هذا إنما يكون فيما إذا لم يكن الهلاك محققاً، فإذا كان الهلاك محققاً فليس للإنسان أن يقدم، كالذي يقتل نفسه بأي سبب من الأسباب، أو يسعى إلى قتل نفسه بشيء يزعم أن فيه نكاية بغيره، ثم يتسبب في قتل نفسه، ويحمل العدو على إزهاق نفوس كثيرة بسبب هذا الذي قد حصل منه.
[ (فيقول الله تعالى لملائكته: انظروا إلى عبدي رجع رغبة فيما عندي وشفقة مما عندي) ].
أي: انظروا إلى عبدي رجع ليقاتل رغبة فيما عندي من الأجر والثواب، وشفقة مما عندي من العقاب.
قوله: (حتى أهريق دمه) أي: حتى قتل، ولكن إذا كان الإنسان لا يقوم بذلك الشيء إلا بأن يهلك نفسه فلا يلقي بنفسه إلى التهلكة، وأما إذا كان في ثبوته تشجيع لغيره وتثبيت لهم حتى يعودون، ثم تحصل منهم النكاية في العدو والانتصار عليه، فهذا هو الذي ينبغي أن يعمل.
موسى بن إسماعيل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حماد ].
هو حماد بن سلمة ، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن عطاء بن السائب ].
وهو صدوق اختلط، وحديثه أخرجه البخاري وأصحاب السنن، والذين سمعوا منه قبل الاختلاط سبعة، وحماد بن سلمة مختلف في سماعه منه هل كان قبل الاختلاط أو بعد الاختلاط؟ وما كان من هذا القبيل فإنه لا يعول على روايته، لأنه إن كان قد سمع بعد الاختلاط أو محتمل أن يكون قبل الاختلاط أو بعده، فإن الرواية لا تكون صحيحة، وإذا كان السماع قبل الاختلاط فهذه الرواية تكون صحيحة، وحماد بن سلمة ممن اختلف في سماعه، ولم يجزم بكونه سمع قبل الاختلاط، ومع ذلك فإن الألباني رحمه الله صحح هذا الحديث أو حسنه بشواهده كما في صحيح الترغيب والترهيب (1/624)، وصحيح الجامع (3981) والسنة لـابن أبي عاصم (5690).
والذين سمعوا من عطاء بن السائب قبل الاختلاط سبعة، ستة ذكرهم الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب في آخر ترجمة عطاء بن السائب وهم: سفيان الثوري وشعبة بن الحجاج وزائدة بن قدامة وزهير بن معاوية وحماد بن زيد وأيوب السختياني ، والسابع هو الأعمش ذكره الصنعاني في نتائج الأفكار، وقد ذكره الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة تحت الحديث رقم (660)، فهؤلاء السبعة روايتهم عن عطاء صحيحة، وأما غيرهم فلم يثبت حصول السماع قبل الاختلاط، وحماد بن سلمة ذكر الحافظ في تهذيب التهذيب أنه اختلف فيه، فمنهم من قال: إنه سمع منه قبل الاختلاط، ومنهم من قال: إنه سمع بعده، ومعلوم أن الذي سمع قبل الاختلاط أو بعده ولم يتميز سماعه قبل الاختلاط فإنه لا يعتبر ولا يعول عليه.
[ عن مرة الهمداني ].
مرة الهمداني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر