أمَّا بَعْـد:
فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
لا زلنا في كتاب الجنائز من صحيح البخاري ولا زلنا نعيش مع البخاري وهو يثلج الصدور، ويشنف الآذان، ويعطر الأنفاس بتبويباته الشائقة، وبتدبيجاته الرائعة، فجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.
يقول رحمه الله تعالى: باب الصفوف على الجنائز، أو بابٌ: الصفوف على الجنازة (على القطع) قال: حدثنا مسدد، قال: حدثنا يزيد بن زريع، قال حدثنا معمر، عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (نعى النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه
هذا الحديث في كتاب الجنائز فيه مسائل:
الأولى: فائدة ترجمة البخاري.
الثانية: بعض رجال السند ولطائف الإسناد.
الثالثة: علم من أعلام النبوة في إخباره صلى الله عليه وسلم بموت النجاشي.
الرابع: حكم الصلاة على الميت في المسجد ويأتي هذا عرضاً.
الخامس: الصلاة على الغائب وفيه سبعة مذاهب لأهل العلم.
السادس: النعي وحكمه في الإسلام؛ محذوره وممدوحه، وجائزه ومكروهه.
السابع: البكاء وأقسامه.
الثامن: نختم بمسألة البكاء على الميت وهل يعذب بها، وفيها ستة مذاهب لأهل العلم، وعلى الطريق مناظرة بين ابن عمر أوردها البخاري وبين ابن عباس، وتشترك عائشة رضي الله عنها وأرضاها بحديث من المعصوم صلى الله عليه وسلم.
يعني: أنه مولى، والاسم عجمي، قال الحافظ أبو نعيم الفضل بن دكين: هذا الاسم يضاف له بسم الله ويرقى بها الملدوغ من العقرب، وهو من الشيوخ الأجلاء للبخاري، بل البخاري من المكثرين عنه، وقال عنه في الصحيح: مسدد كاسمه -أي: أن الله سدده في حياته وفي روايته- وللاسم أثر على المسمى، والله عز وجل -كما أتى رسوله صلى الله عليه وسلم بتلك الشريعة- أمر أن يحسن الاسم، وكره صلى الله عليه وسلم المكروه من الأسماء.
وأتى بعض أهل العلم فقال: أما في العلم فـسعيد، وأما في الرقائق والمواعظ فـالحسن، وأما في الزهد فـأويس القرني.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: {نعي النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه
قال: الصفوف على الجنازة، أي فضلها وثوابها، أو ما ورد فيها، أو الآثار التي وردت في فضل الصفوف على الجنائز، أو ثَوابٌ ذَكَره صلى الله عليه وسلم للصفوف على الجنازة.
كل هذه محتملة من تبويب البخاري قال ابن حجر: يشير البخاري رحمه الله إلى قولٍ أثر عن عطاء [[أنه سئل هل نصف على الجنائز؟ قال: لا. بل تستغفرون وتدعون له]] روى هذا الأثر عبد الرزاق في مصنفه، قال البخاري راداً عليه: الصفوف على الجنازة؛ وذلك لورود أحاديث تنص على أن الصفوف على الجنازة سنة.
وفي تصحيح الحاكم له نظر، فهو من رواية محمد بن إسحاق صاحب السيرة وهو مدلس، وقد عنعن في هذا السند عند الحاكم فكيف يصححه الحاكم، وتصحيحه ليس بجيد كما أشار بعض أهل العلم إلى ذلك؟!
فهذا تبويب البخاري ينص على المسألتين، وهناك أحاديث تغني عن هذا الحديث الذي أورده ابن حجر في الشرح وهو حديث جابر في صحيح البخاري: {فصفنا صلى الله عليه وسلم فكنت في الصف الثاني} وفي رواية {كنت في الصف الثالث} فدل على أنه صلى الله عليه وسلم صفهم صفوفاً.
وتوفي ابن لـابن عباس رضي الله عنهما في عسفان، فقال لـعكرمة: ناد الناس، فلما ناداهم صفهم رضي الله عنه ثلاثة صفوف، فعلم أنه على أثر رضي الله عنه، وكأنه يعتضد بحديث مالك بن هبيرة في ثلاثة صفوف، فالأجر والمثوبة في تعداد الصفوف، وهو مقصود في الإسلام لهذا الحديث ولحديث جابر، ولأن فيه تكثيراً للصفوف وحكماً أخرى.
وهنا مسألة: هل الأفضل إذا كان الناس في صحراء أن يكونوا صفاً واحداً أم يتوزعوا صفوفاً؟
الذي يميل إليه أهل العلم من المحدثين وأورده ابن حجر أن الصفوف أولى ولو اتسع المكان للناس.
أقسمت يا نفس لتنزلنه |
لتنزلن أو لتكرهنه |
إن أقبل الناس وشدوا الرنة |
مالي أراك تكرهين الجنة |
هل أنت إلا نطفة في شنة |
ثم تقدم فأخذ الراية فقتل مع الغروب رضي الله عنه، وأما جعفر فإنه استمات في سبيل الله وقد تقدم بالراية وهو يقول:
يا حبذا الجنة واقترابها طيبة وبارد شرابها والروم روم قد دنا عذابها كافرة بعيدة أنسابها علي إن لاقيتها ضرابها |
فضربت يمينه حتى قطعت، فأخذ الراية بشماله فقطعت، فضم الراية إلى صدره بعضديه فكسرت الرماح في صدره فهوى شهيداً في سبيل الله، فأبدله الله جناحين يطير بهما في شجر الجنة من شجرة إلى شجرة في مقعد صدق عند مليك مقتدر: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ [آل عمران:169-171].
وأما زيد فكان قائدهم في أول المعركة فقتل رضي الله عنه، وهو من الشهداء الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه، الشهداء منهم من كلمهم الله كفاحاً كما في الحديث الصحيح الذي استحسن سنده ابن كثير: {أن الله جمعهم فقال: تمنوا علي قالوا: نتمنى أن تعيدنا إلى الدنيا فنقتل فيك ثانية، قال: إني كتبت على نفسي أنهم إليها لا يرجعون، فتمنوا قالوا: نتمنى أن ترضى عنا فإنا قد رضينا عنك، فجعل الله أرواحهم في حواصل طير خضر ترد الجنة فتشرب من مائها وتأكل من ثمارها، وتأوي إلى قناديل معلقة بالعرش حتى يرث الله الأرض ومن عليها}.
هذا علم من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم.
النجاشي هو ملك الحبشة، وكل من ملك الحبشة لقبه النجاشي، وكل من ملك اليمن لقبه: قَيْل، وجمعه أَقْيال أو قِيل بالكسر، ومن ملك الروم لقبه: قيصر، ومن ملك بلاد فارس لقبه: كسرى، إلى آخر تلك الأسماء للملوك الذين يملكون تلك البلاد، اسم هذا النجاشي أصحمة.
وإنما صلى النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي لثلاثة أسباب:
السبب الأول: لأنه لم يصل عليه في الحبشة، فصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الغائب.
السبب الثاني: قيل فيه تأليف لقلوب ملوك العرب؛ لأنه ما دام صلى الله عليه وسلم يصلي على أولئك؛ فمن باب أولى أن يصلي أو يترحم على هؤلاء.
السبب الثالث: لموقفه الكريم الشريف الماجد من صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم لما هاجروا إلى الحبشة، فكان حقاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي عليه صلاة الغائب، وتجتمع هذه الأسباب أو تفترق إنما المقصود: أنه صلى عليه صلى الله عليه وسلم.
وعند البزار بسند فيه ضعف تقويه رواية الدار قطني في كتاب الأفراد: أن رجلاً قال: انظروا ينعى إلينا علجاً من علوج الحبشة أي: يخبرنا بموت علج وهي صفة فيها رذالة وتحقير، والعلج مفرد علوج، وقد تجمع جمع قلة على أعلاج كأسياف، فقام عليه الصلاة والسلام فصلى عليه، فأنزل الله عز وجل: وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ [النساء:159] رواية البزار ضعيفة كما قلت لكم، لكن قد تكفي بعض هذه الأسباب الثلاثة في أن يصلي الرسول عليه الصلاة والسلام، وإنما المقصود: أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى عليه.
نقول: وردت لأن في الرواية أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (اخرجوا بنا أو هيا بنا نصلي على هذا) فعلم أن الخروج من المدينة، ومن روايات أخرى عند غير البخاري أنه كان في الصحراء، فقام عليه الصلاة والسلام في الصحراء فصلى بهم، والمسألة: هل يجوز أن نصلي على الميت في المسجد؟ لأهل العلم أقوال:
p=1000193>سعد بن أبي وقاص
رضي الله عنه أحد المبشرين بالجنة، وأحد أهل بيعة الرضوان ومن أهل بدر ومن الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض، توفي كما يقول أبو يعلى في مسنده في بادية قلهى، فلما توفي هناك حمل إلى الصحراء فصلي عليه، فقالت عائشة: مروا بـسعد علينا لندعو له، يعني: على حجر نساء الرسول صلى الله عليه وسلم.وعند الذهبي في سير أعلام النبلاء: أنه لما توفي سعد قالت له ابنته وأظنها عائشة: يا أبتاه! أتموت في الصحراء بعد أن صاحبت الرسول صلى الله عليه وسلم فأحسنت صحبته؟ قال: اسكتي لا تبكي علي، فوالله إني من أهل الجنة، قال الذهبي رحمه الله: صدق فهنيئاً له ومريئاً إنه من أهل الجنة.
وقد اعتزل الفتنة -من باب الاستطراد للفائدة- وخرج لما اختلف علي ومعاوية -رضي الله عن الجميع- إلى الصحراء, فجاءه ابنه عمر وقال: يا أبتاه! أتتبع الضأن في هذه الرءوس وتترك الأمة تختلف في الملك، قال: اغرب عني فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: { إن الله يحب العبد الغني الخفي التقي} والحديث في صحيح مسلم بهذا اللفظ بدون قصة: {إن الله يحب العبد الغني الخفي التقي} من حديث سعد.
فمروا بـسعد رضي الله عنه فقال بعض الصحابة: لا تصلوا عليه في المسجد، فقالت عائشة: {ما أسرع ما نسي الناس! والله، لقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على
لأهل العلم فيه سبعة مذاهب أوردها، ثم أذكر الراجح منها، إن شاء الله.
الول: الجواز مطلقاً: وهو قول الشافعي وأحمد.
الثاني: المنع مطلقاً وهو قول المالكية والحنفية.
والثالث: ابن عبد البر قال: يجوز أن يصلى على الغائب في اليوم الذي يموت فيه.
والرابع: قال ابن حبان: إن كان في جهة القبلة صلي عليه وإن لم يكن فلا يصلى عليه، لأن النجاشي في جهة قبلته صلى الله عليه وسلم وهذا كما قال ابن حجر جمود.
والخامس: لا يصلى عليه إلا إذا مات في أرض لا يصلى عليه فيها، وهذا رأي أبي داود صاحب السنن، والروياني من الشافعية، والخطابي منهم أيضاً، وسوف يأتي توجيه كلامهم.
والسادس: خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم يقولون: لأن الله جلَّى له الأرض فرأى النجاشي، أما غيره فمن يجلي له المكان حتى يرى الميت؟
واعتمدوا على حديث لـابن عباس عند الواقدي بسند ضعيف لا يصح: (إن الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى جلى لرسوله صلى الله عليه وسلم عن
والسابع: خاص بـالنجاشي -أي أن صلاته صلى الله عليه وسلم على النجاشي ليس فيها عموم- لأن الفعل لا يعم إذا لم يقارنه القول، وهو مذهب لبعض الأصوليين كما قاله الشوكاني في إرشاد الفحول: الفعل لا يعم ما لم يقترن بالقول، فأي الأقوال أرجح وما دليل كل قول؟
أو ما هي العلة لنجعل هذا يوماً خاصاً بالصلاة فيه، فإذا تجاوزت الأيام أو زادت لا نصلي عليه؟
فالعلة مجهولة، ولابد من استحضار العلل إن كانت عند الاحتجاج معقولة فتقبل.
وأما من قال: خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم فليس بظاهر؛ لأن الأحاديث ضعيفة وليست بقائمة، ولأنه لا يؤخذ من دلالتها الخصوصية له صلى الله عليه وسلم ولو جلي له عن النجاشي.
ذهب بعض أهل العلم إلى أنه يسقط فرض الكفاية، وذهب الآخرون إلى أنه لا يسقط، والصحيح أنه يسقط فرض الكفاية؛ لأن المصلين ولو كانوا غائبين فهم مسلمون، ويقوم بعضهم بهذا العمل الشرعي فيسقط عن البعض الآخر، ولأن الصلاة فرض كفاية إذا قام بها البعض سقطت عن الباقين ولم يلزم الرسول صلى الله عليه وسلم بقية الصحابة الذين يتخلفون عن الجنائز أن يصلوا على الميت إذا لم يحضروا الصلاة عليه، فعلم أنها فرض كفاية تسقط بمن صلى عليه.
فأما إن كان معنى نعى: أخبر، وهذه اللغة تحتمل هذا وهذا، يقال: نعى فلان فلاناً -أي: أخبره وقد تعدى إلى فعلين- ويقال: نعى فلان على فلان -أي: بكى عليه وتضجر من موته- فأما بمعنى: الإخبار فينقسم إلى قسمين: ممدوح ومذموم.
ألا أصبح الناعي بخير بني أسد بـعمرو بن مسعود وبـالسيد الصمد |
يقول: أخبرنا هذا الناعي بموت هذين السيدين الجليلين المذكورين وهما جاهليان، والصمد من تصمد إليه الناس- أي: تتجه إليه، وهذه من المعاني في قوله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ [الإخلاص:1-2] فإن من المعاني عند أهل التفسير -كما قال الرازي - أنه هو الذي تصمد إليه الكائنات سُبحَانَهُ وَتَعَالَى في حاجاتها وقيل: هو معنى آخر أي: أصم لا جوف له، والصمد هنا: أنه سيد معروف يقصده الناس.
وفي تاريخ ابن عساكر أن جحدر بن عدي لما حكم عليه الحجاج بالقتل، استدعاه من اليمامة، وجحدر بن عدي هذا كان فتاكاً، ينصب الكمائن للقوافل، كلما مرت قافلة في نجد من اليمامة سلبها وأخذها، فأرسل الحجاج كذلك عصابة من جنوده فاستولوا على جحدر وربطوه وأركبوه جملاً واتجهوا به إلى الحجاج ليعدمه، فلما مر جحدر بن عدي في طريقه وإذا بحمامتين على نخلتين تتجاوبان قال:
وإني شاقني فازددت شوقاً بكاء حمامتين تجاوبان |
تجاوبتا بصوت أعجمي على غصنين من غرب دان |
فكان البان أن بانت سليمى وفي الغرب اغتراب غير داني |
إذا جاوزتما صخرات نجد ونخلاً بـاليمامة فانعياني |
فقولا جحدرٌ أمسى عتيقاً يحاذر ضرب مسلول يماني |
أي فأخبرا الناس بموتي وشهرا بموتي لأنني كنت سيداً من سادات العرب.
وقال طرفة بن العبد لابنته لما حضرته الوفاة:
إذا مت فانعيني بما أنا أهله وشقي علي الجيب يـابنة معبد |
هذا النعي المذموم للشهرة.
القسم الأول: بكاء، وهذا لا شيء فيه، بل هو من الرحمة والرقة، وأدخله بعض أهل العلم في السنة، وأما بكاء فيه تضجر وتسخط ومخالفة لأمر الشارع فهذا هو المذمة.
أما البكاء من الرحمة فقد بكى عليه الصلاة والسلام في أكثر من واقعة، ففي الصحيح: {أنه صلى الله عليه وسلم ذهب ليزور
وكذلك في الصحيح عن أنس: {أن بنت الرسول صلى الله عليه وسلم
وفي الصحيح أيضاً من حديث أنس لما توفي ابنه إبراهيم قال: { تدمع العين ويحزن القلب، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا بفراقك يا
الطرف الأول: من يبكي فيدعو بالويل والثبور ويولول ويصيح ويتسخط؛ فهذا مذموم ومأزور غير مأجور ولا مشكور، والطرف الذي يقابله: طرف لا يبكي، فتجف عينه ويقسو قلبه فهذا مذموم أيضاً، والطرف الثالث المتوسط: هو الذي يبكي البكاء الوارد، فيحزن قلبه، وتدمع عينه، ولا يقول إلا ما يرضي الله عز وجل، فإن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا اللسان كما قال عليه الصلاة والسلام.
قال ابن تيمية لما تعرض للكلام عن أن الفضيل بن عياض ضحك على القبر لما دفن ابنه علي، فتكلم ابن تيمية في هذه المسألة وقال: هل مقامه هو المقام المطلوب؟ أو حاله هي الحالة المطلوبة؟ يعني: أن الإنسان يضحك إذا مات ابنه أو لا؟
قال بكلام ما معناه: ورد على الفضيل واردان، وارد الخوف والبكاء والرقة لموت ابنه، ووارد الرضا والتسليم لله عز وجل، فلم يحتمل قلبه إلا وارداً واحداً، ففضل وارد الرضا فتبسم وضحك على قبر ابنه، أما الرسول صلى الله عليه وسلم فكان قلبه أكبر وصدره أوسع، وهو أعلم بربه، فاحتمل الواردين الاثنين: وارد الرقة والبكاء ووارد الرضا فجمعهما في قوله: {تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول إلا ما يرضي ربنا -هذا الرضا- وإنا بفراقك يا
أما مسألة هل الميت يعذب ببكاء أهل عليه؟ فقد ورد من حديث عمر وابن عمر والمغيرة بن شعبة وغيرهم من الصحابة رضوان الله عليهم بألفاظ متقاربة أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: {إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه} وهذا الحديث أصل في المسألة، وقابل أهل العلم هذا النص وغيره من النصوص بأقوال، كلهم يريد الخير والحق والصواب لكن بعضهم مصيب له أجران، وبعضهم مخطئ له أجر واحد، فهي ستة أقوال.
القول الأول: قول من قال: الباء هنا حالية فمعنى، ببكاء أهله عليه أي: في حالة بكائهم عليه، أي: يعذب الوقت الذي يبكون عليه، نسأل الله العافية والسلامة، وأن يثبتنا الله يوم يثبت الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة والدنيا والآخرة، ففهم أنه ما أن يوضع في القبر ويبتدئ بكاء أهله عليه إلا ويعذب، فالباء هنا حالية، أي: حالة كونهم يبكون فهو يعذب، وهو رأي متأخر.
والقول الثاني: أن هذا خاص بالكافر، أن الكافر هو الذي يعذب ببكاء أهله عليه، وأما المؤمن فلا يدخل في ذلك، وهذا رأي لـعائشة رضي الله عنها، ولها كلام آخر يخالف هذا الكلام في عمومه، تقول: [[والله ما كذب
فعلى هذا الرأي يكون العذاب خاصاً بالكفار ولا يدخل فيه المسلمون.
القول الثالث: يعذب الميت مطلقاً سواء كان مسلماً أو كافراً إذا بكى عليه أهله، وهو رأي لـأبي هريرة كما في مسند أبي يعلى بسند مقبول قال: يقول أبو هريرة: [[والذي نفسي بيده، إن الشهيد ليخرج في سبيل الله أهريق دمه، وقتل جواده، فتبكي عليه سفيهة فيعذبه الله ببكاء هذه السفيهة]] هذا رأي لـأبي هريرة.
القول الرابع: يعذب إذا أمر بذلك وأقره ولا يعذب إذا نهى، وسوف يأتي الترجيح.
القول الخامس: العذاب توبيخ من الملائكة لحديث أبي رافع عند أحمد: أن رجلاً أغمي عليه فأخذت أخته تصيح تقول: وا عضداه! وا ناصراه! وا حبيباه! وا سنداه! وا كاسياه! وا مطعماه! فلما استفاق قال: والله ما قلت كلمة إلا قال لي الملك: أأنت تطعمها؟ أأنت تسقيها؟ أأنت تتكفل برزقها؟ يوبخه الملك فمعنى العذاب هنا: التوبيخ.
القول السادس: يتألم الميت لبكائهم، فهو لا يعذب وإنما يتألم ويصيبه مرارة وألم ولا يرتاح في قبره لأنهم يبكون عليه، وهذا رأي الطبري والقاضي عياض وشيخ الإسلام ابن تيمية، وابن تيمية صرح بهذا وقال: إنما ألم لا عذاب.
والراجح هو الرأي الرابع: وهو الذي دلت عليه النصوص ورجحه كثير من المحدثين، وعليه سياقات الأحاديث والاعتبارات والشواهد التي تسانده في صحيح البخاري وصحيح مسلم وهو الذي يقول: يعذب بالميت إذا أمر بذلك أو أقر ولم ينه، وأما إذا نهى ولم يقر فلا يعذب إن شاء الله، ولذلك كان الصحابة إذا حضرتهم الوفاة ينهون أهلهم وأصدقاءهم أن يبكوا عليهم، ويمنعونهم من ذلك لئلا يعذبوا ببكاء هذا الحي، هذا هو الرأي الراجح في هذه المسألة وهو ما إذا أقر ورضي ولم ينه وهو يعلم أنهم سوف يعملون ذلك، وأما إذا نهى ولم يرض بذلك ولم يقره فإنه لا يعذب ولو بكي عليه أو نعي بعده، هذا هو خلاصة ما أتى في هذه المسألة.
وأما كلام ابن تيمية أنه يتألم، فإن نصوص الأحاديث تدل على أنه يعذب فأي قرينة تصرف اللفظ الظاهر الصريح، واللغة تؤيد أن العذاب عذاب؛ أعني أنه قد عرف من اللغة أنه يعذب؛ فنحمله كما حمله ابن عمر وعمر والمغيرة وغيرهم من الصحابة رضوان الله عليهم وأرضاهم.
.
الجواب: لأهل العلم في هذه المسألة أقوال وكل له دليل، منهم من قال: لا يصلى عليه إذا انتهى، وأخذوا بعموم النهى عن الصلاة على المقابر، ومنهم من قال: يصلى عليه لمدة شهر، واستدلوا بحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: {صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قبر منبوذ إلى شهر فصفنا خلفه} أو كما قال رضي الله عنه.
ومنهم قال: يدعى له ولا يصلى عليه صلاة الجنازة لأنه قد أصبح في قبره.
والصحيح ما قال ابن عباس ونتقيد بالمدة الزمنية وهي إلى شهر؛ فإن إيرادها له فائدة، وإيراد التقنين والتحديد في الشرع إنما هي لفائدة، لابد إذا علمت العلة وكانت معقولة فإنا نأخذ بها، والعلة معقولة في تحديد ابن عباس بشهر، لأن ما بعد الشهر إما زيادة في إصابة المصاب، وإما أنه فتح باب للناس ليجعلوا المقابر مساجد يصلون دائماً على موتاهم فيها، فتحديد شهر جيد لمن غاب عن الجنازة، فمن غاب وأتى وقد مات حبيبه أو قريبه أو أحد المسلمين فله أن يصلي عليه صلاة الجنازة.
وأما النهي العام عن الصلاة على الجنائز وقول مرثد الغنوي في حديثه: {قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يصلى إلى القبور ولا يجلس عليها} [[وقول
الجواب: ما علمت لصلاة الغائب تحديداً، ولو حدد لألزمنا ابن عبد البر ولقال: وأنتم من أين أخذتم الشهر؟ فإن فعله صلى الله عليه وسلم في الصلاة على القبر المنبوذ غير الصلاة على الغائب، لأن هذه حادثة عين وهذه حادثة عين، ولا يقتضي العموم في هذه المسألة أن تعمم في الأخرى، فصلاة الغائب صورة تختلف عن الصلاة على القبر المنبوذ وابن عبد البر يقول بيوم للغائب ولو قلنا: شهراً لقال: من أين لكم إلى شهر؟ ونحن قلنا: لـابن عبد البر: من أين لك إلى يوم؟ فيبقى على المطلق حتى يأتي مخصص أو حديث أو سياق يبين المدة فلا أعرف في ذلك شيئاً.
الجواب: أورد هذا ابن حجر في صفحة (155) من الفتح وذكر هذه الاحتمالات وقال: يحمل على أمرين: إن كان علم من أهله أنهم سوف يضجون ويصجون ويبكون وينوحون ويندبون فالأولى أن ينهاهم، فإن لم ينههم اشتمل له العذاب، وإن علم أن فيهم صبراً وسكينة فلم يأمر ولم ينه فإنه يحمل على السلامة فلا يعذب إن شاء الله.
الجواب: لا أعلم في قراءة القرآن عند القبر حديثاً صحيحاً، وقد أسلفنا في الدرس الماضي أن سورة (يس) وما ورد فيها عن معقل بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {اقرءوا على موتاكم ياسين} ولهذا الحديث شواهد لكن الصحيح أنه ضعيف، فلا يعمل به في مثل هذه المسألة الخطيرة، بل يتوقف، وما أعلم في القراءة على القبر أنها واردة إلا من فعل ابن عمر، ولكن لا يؤخذ بمثل هذا الفعل خاصة وأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعله ولا أحد من أصحابه، ويتوقف فيها، ولابد من حديث صحيح صريح يدل على سنية أو جواز القراءة على القبر، فإذا لم يرد فلنتوقف ولا نقرأ على القبر لقوله عليه الصلاة والسلام: {من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد}.
الجواب: ابن عمر وابن عباس رضي الله عنها في جنازة بنت لـعثمان بن عفان في مكة قال: جلسوا على شفير القبر فأخذ بنات عثمان يبكين على أختهن وعمر بن عثمان جالس، فقال ابن عمر لـعمر بن عثمان: انه هؤلاء النسوة فإن الميتة تعذب ببكائهن.
قال ابن عباس معترضاً: قد كنا نقول بهذا القول وكان أبوك -يعني عمر رضي الله عنه- يقول بهذا القول، فجئت معه لما اعتمر حتى أصبحنا من قرب من المدينة، فإذا بـصهيب بن سنان رضي الله عنه؛ فسلم عليه عمر، فدخلنا المدينة فما لبث عمر إلا أن طعن رضي الله عنه فدخل صهيب يبكي على عمر ويقول: وا حبيباه! وا صفياه! وا قرة عيناه! فقال عمر رضي الله عنه: لا تفعل يا صهيب! فإن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: {إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه}.
هذا الكلام لـابن عباس موافق إلى الآن مع ابن عمر، ثم قال ابن عباس: فأخبرت عائشة بذلك، فقالت: والله ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك، ولا كذب عمر رضي الله عنه، ولكنه وهم، وإنما مر صلى الله عليه وسلم بقبر يهودية..، وأتت بالحديث الذي سلف معنا، أن أهلها بكوا على قبرها فقال: {إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه} ثم قال: قالت رضي الله عنها: كيف يعذب ببكاء أهله والله يقول: وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [فاطر:18]؟! ثم أخذ ابن عباس يساعد رأي عائشة ويقول: وقال الله عز وجل: وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى [النجم:43] يعني: أن الضحك مقدر على العبد وأنه من جبلاته ومفطور عليه، فما هو ملك العبد في أن يملك الضحك والبكاء؟
والشاهد هنا: أن ابن عباس وعائشة يقولان: لا يعذب، وأوردناه؛ لأنها مناظرة ومن باب إيراد عائشة رضي الله عنها قوله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [فاطر:18] فنقول: هذا عموم ويخصصه حديث عمر وابن عمر والأحاديث التي قالت: {إن الميت يعذب ببكاء أهله} والعموم إذا خصص بقي عمومه في الأفراد التي لم تخصص، والفرد هنا هو الميت الذي ذكر.
في الجملة لا يعذب هذا ولا هذا ولا تزر وازرة وزر أخرى من حيث المبدأ، لكن هذا الحديث خصص، وهذا أحد الردود.
والأمر الثاني: أن الرسول صلى الله عليه وسلم بكى، وبكاؤه عليه الصلاة والسلام من الأمر الجائز الذي ليس فيه نياحة، وكأن هذا لا يستقيم ولا يظهر منه فرد، لكن زيادة أن اليهودية تعذب من الزيادات التي لم تنقل لأهل العلم بل جمهور الصحابة أو أكثرهم لم يعلموا هذه الزيادة فبقي على الأصل، وأما قول ابن عباس: وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى [النجم:43] فإن البكاء في أصله جائز، ولكنه قد يقترن بأمر يجعله من غير الجائز أو من المكروه أو المحرم، ومنه: البكاء بالويل والثبور على الميت فيعذب به، هذه مسألة اختصرنا الكلام فيها، وهناك ردود على عائشة رضي الله عنها في باب أصول الفقه لا يدخل في باب الحديث؛ أو لا نريد أن نستطرد لأنه سوف يمر معنا تكراراً إن شاء الله.
الجواب: ما أصله الحل هو ما لم يرد شيء يحرمه، قد تكون في المطعومات والمشروبات، أما في العبادات فإن الأصل فيها الشرع يعني: الأمور التكليفية أو الأمور التعبدية التي أتى بها صلى الله عليه وسلم فالأصل فيها: أننا لا نتعبد الله إلا بنص منه صلى الله عليه وسلم من الكتاب أو السنة أو ما أجمعت عليه الأمة، والإجماع لا بد أن يستند كذلك إلى نص، فأما الأصل في الحل فهذا في المطعومات والمشروبات، أما العبادة والأمور التكليفية فأمرها ضيق، ولابد من دليل من المعصوم عليه الصلاة والسلام، فلا ترتفع إصبع ولا توضع يد إلا بدليل، حتى إشارة السبابة في الصلاة ما فعلناها إلا بدليل منه صلى الله عليه وسلم، وإلا لأصبح الأمر فوضى، ودخل من دخل فهذا أمر ضيق وقد تكلم ابن تيمية عن هذه القواعد وعن الجمع بينها في المجلد التاسع عشر والمجلد العشرين من فتاويه بأحسن كلام، ويأتي بكلام القاعدة في المطعومات والمشروبات وقاعدة في الطهارة وقاعدة في الأمور التعبدية فليعلم ذلك.
الجواب: لكن ابن تيمية يقول: إنه كالمغتاظ أو المتأسف، لأن ابن جرير الطبري هو وابن تيمية والقاضي عياض يقولون: متألم -يعني: أنه لا يريد ذلك ويتأسف على ذلك الفعل- ولو كان بمعنى: أنه العذاب المعروف المحسوس الذي يحس فإنه يكون موافقاً لمن ذهب إلى ذلك، وابن تيمية أتى بهذا في المجلد الحادي عشر -وأظنه أشار إليه في المجلد العاشر- ومقصده: أن يكون من باب الحزن والهم والغم الذي يمر على القلوب لا من باب التعذيب الذي يصل الجسم ويذوقه العبد فيتألم من التعذيب المحسوس، لكن يقصد من باب الأمور التي يتألم منها القلب كأنك ترى منظراً يشغلك ولا ترتاح إليه فتتألم، لكن الحديث نص صريح في التعذيب.
الجواب: مسألة زيارة النساء للقبور مسألة طويلة اختلف فيها أهل العلم على رأيين: رأي يرى أن للمرأة أن تزور القبر، واستدلوا بأدلة:
منها: أن النسخ عام من مخصص فليس للرجال دون النساء فقال: {ألا فزوروها} فاقتضى دخول المرأة مع الرجال في هذا النسخ العام.
ومنها: أدلة {لعن الرسول صلى الله عليه وسلم -في رواية- زوارات القبور} قالوا: المكثرات، أما زائرات: فإن هذا على القلة، فلها أن تزور على القلة.
ومنها: حديث أنس في البخاري: {مر صلى الله عليه وسلم بامرأة تبكي على قبر فقال: اتقي الله واصبري} فنهاها عن البكاء ولم ينهها عن الزيارة.
ومنها: حديث عند الترمذي من طريق عطاء: [[أن عائشة مرت بقبر أخيها عبد الرحمن فبكت وقالت:
وكنا كندماني جذيمة برهة من الدهر حتى قيل لن يتصدعَا |
وعشنا بخير في الحياة وقبلنا أصاب المنايا رهط كسرى وتبعَا |
فلما تفرقنا كأني ومالكاً لطول اجتماع لم نبت ليلة معَا |
ومنها: حديث عند مسلم تقول عائشة: {كيف أقول يا رسول الله إذا زرت المقابر؟ فأخبرها صلى الله عليه وسلم} فلو أنه كان ينهاها لكان قال: لا تقولي ذلك ولا تقولي شيئاً ولا تزوري المقابر.
ومنها: حديث عن أم عطية في البخاري في الجنائز: {نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا}.
وقابلهم فريق من أهل العلم وقالوا: لا تزور المرأة، واستدلوا بأدلة منها: خوطب بحديث بريدة وغيره الرجال فقال: "فزوروها" والنهي كان للرجال في أول الحين أما النساء فلهن أحاديث تخصهن.
ومنها: أن المرأة التي قال لها صلى الله عليه وسلم: اتقي الله واصبري قالوا: إنه نهاها عما فعلت، فنهيها عن زيارة القبور من أجل الندبة، فنهاها صلى الله عليه وسلم وقال: اتقي الله، فاتقي الله تقتضي اتقي الله ولا تزوري، واتقي الله ولا تفعلي هذا، وما هو المقصود إذاً من نهي المرأة إلا مثل هذا الأمر، ومن الأدلة -أيضاً- حديث: {ارجعن مأزورات غير مأجورات} على ما قيل فيه، ثم إن المرأة لم يعهد في عهد الصحابة أنها كانت تذهب مع الرجال، والرسول صلى الله عليه وسلم قال من حديث أم عطية: {نهينها عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا} قالوا: لم يعزم لأن هناك عجائز أو كبار السن أو ثابتات قلوب لا يندبن ولا يصرخن.
ولست أرجح، هذه المسألة معروضة للأمة ولطلبة العلم وكل يجتهد في هذه المسألة إن استطاع أن يجتهد أو يوفق ويبني على النصوص، لكن الذي أرى والله أعلم على فهمي القاصر بعد أن رأيت كلام أهل العلم أن المرأة تمنع من زيارة القبور لثلاثة أسباب:
السبب الأول: النهي ورد عاماً ثم أتى التخصيص للرجال.
السبب الثاني: لما يخشى عليهن من الفتنة -فتنة النساء- لأنهن أرق قلوباً وأكثر تضجراً.
السبب الثالث: للأحاديث التي وردت منها: {اتقي الله} ومنها: {ارجعن مأزورات غير مأجورات} هذا الذي تميل إليه النفس.
وفي الختام أتوجه إلى الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال، وأن يتجاوز عنا وعنكم سيئاتنا في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون، وسوف نصلي العشاء إن شاء الله ثم نصلي صلاة الغائب إن شاء الله الذي وافته المنية صباح هذا اليوم فرحمه الله وأسكنه الله فسيح جناته، وسوف يصلي بنا فضيلة الشيخ سعيد شعلان جزاه الله خيراً.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر