نحمد الله تعالى ونستعينه ونستغفره، ونثني عليه الخير كله، ونشكره ولا نكفره، ونخلع ونترك من يفجره، ونصلي ونسلم على خاتم رسله، وأفضل أنبيائه، وخيرته من خلقه محمد عليه الصلاة والسلام.
هذه ليلة الإثنين الثامن من شهر صفر من سنة ألف وأربعمائة وخمس وعشرين للهجرة، ورقم هذا الدرس حسبما عندي (161) من أمالي شرح بلوغ المرام.
الحديث الذي عندنا اليوم حديث أبي بن كعب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كان أكثر فهو أحب إلى الله تعالى )، وهذا الحديث المصنف رحمه الله قال: رواه أبو داود والنسائي، وصححه ابن حبان.
فقد رواه أبو داود كما ذكر المصنف في كتاب الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة من سننه.
ورواه النسائي أيضاً في كتاب الجماعة، باب إذا كانوا اثنين.
ورواه أيضاً البيهقي في سننه في الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة.
وخرج الحديث جماعة أشار المصنف لـابن حبان، فقد أخرجه في صحيحه .
وهكذا رواه الإمام أحمد في مسنده .
ورواه الضياء المقدسي في كتابه الأحاديث المختارة .
والطبراني في معجمه الأوسط .. وغيرهم.
هذا ما يتعلق بالتخريج.
أما ما يتعلق بتصحيح الحديث:
فقد صححه أيضاً أو حسنه جماعة، ذكر المصنف منهم هنا: ابن حبان، وهكذا الحاكم فإنه صحح الحديث في مستدركه على شرطهما.
وقد ذكر الحديث في كتابه الترغيب والترهيب الإمام المنذري، ونسب تصحيحه أيضاً إلى جماعة من أئمة الحديث، كـيحيى بن معين، ومحمد بن يحيى الذهلي، وهكذا نسب غير واحد إلى علي بن المديني أنه صححه، فتصحيحه إذاً مشهور، وذكر النووي في كتاب الخلاصة، وهو كتاب في أحاديث الأحكام: أن الحديث رجاله ثقات وإسناده صحيح، وإن كان ذكر فيه راوياً سوف نعرض له بعد قليل.
ومن المعاصرين صحح الحديث الشيخ الألباني، والشيخ ابن باز رحمهما الله.
طيب، سند الحديث: ذكرت لكن النووي وغيره ذكروا في إسناده رجلاً فيه كلام، هذا الرجل اسمه: عبد الله بن أبي بصير، في سند الحديث راو اسمه عبد الله بن أبي بصير، عبد الله بن أبي بصير هذا وثقه ابن حبان والعجلي، وتعرفون أن مذهب العجلي وابن حبان أنهم قد يوثقون كثيراً من المجهولين الذين لم يأت في حقهم جرح من الأئمة، فهم يتساهلون في التوثيق، والغالب على أمثال هؤلاء الذين انفردوا بتوثيقهم أن يكون فيهم شيء من الجهالة
فـعبد الله بن أبي بصير هذا وثقه ابن حبان، والواقع أنه ليس بالمشهور عند الأئمة، ومع ذلك فقد اختُلف على عبد الله بن أبي بصير هذا في إسناد الحديث، فمرة يقول عبد الله بن أبي بصير : عن أبيه، وأبوه كما سماه بعضهم: حفص، فيكون عبد الله بن حفص وكنيته أبو بصير، وأحياناً يقول عبد الله بن أبي بصير : عن أبي بن كعب رضي الله عنه، ولا يذكر أباه، وهذا يعتبر نوعاً من الاضطراب في الحديث.
لكن البيهقي في سننه ذكر عن شعبة وعن علي بن المديني أنهما قالا: إن عبد الله بن أبي بصير سمع الحديث من أبي بن كعب مع والده، كأنه ذهب هو وأبوه إلى أبي بن كعب فسمعا الحديث معاً، فسمعه هو من أبيه مرة أخرى أيضاً، فهو مرة يرويه عن أبيه، فيكون الإسناد نازلاً، هذا معروف نزول الإسناد، يعني: كلما طال اعتبر نازلاً؛ لأنه زاد فيه رجل، ومرة يرويه بعلو عن أبي بن كعب مباشرة، وهذا يسمى إسناداً عالياً، كلما قلَّ الإسناد قل احتمال الخطأ، فيسمى إسناداً عالياً، وكلما كثر الرجال سمي إسناداً نازلاً، فهكذا يقول البيهقي، ويرويه عن شعبة وعلي بن المديني .
والذي يروي عن عبد الله بن أبي بصير هو أبو إسحاق السبيعي من أئمة الحديث، وهو مرة يرويه هكذا ومرة يرويه هكذا عنه. هذا ما يتعلق بسنده.
وبناءً على ذلك نقول: إن أكثر الأئمة قد صححوا أو حسنوا هذا الحديث كما رأيتم، وإن كان فيه عبد الله بن أبي بصير وهو ليس بالمشهور، لكن ربما صححوه؛ لأنه ليس فيه رجل متكلم فيه، ولأن له شاهداً من حديث قباث بن أشيم عند البيهقي .. وغيره كما ذكرنا.
قوله صلى الله عليه وسلم: ( صلاة الرجل مع الرجل )، ما المقصود بالصلاة هنا؟ وأي صلاة؟
الظاهر أن المقصود صلاة الفرض، ويعزز هذا المعنى: أن في بعض روايات الحديث كما عند أبي داود وغيره: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم صلاة الفجر، ثم انصرف إليهم وقال: أشاهد فلان؟ أشاهد فلان؟ ثم قال صلى الله عليه وسلم: أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر.. -ثم ذكر هذا الحديث- أن صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده )، فهذا دليل على أن المقصود صلاة الفرض؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك بعد صلاة الفجر، وتفقد الناس فيها، ولأنه فيما يتعلق بالنفل فإن الأمر فيها ليس على إطلاقه، وإنما فيه تفصيل ذكرناه سابقاً: أن من النفل ما يستحب له الجماعة، كصلاة العيد مثلاً، والكسوف، والخسوف، والاستسقاء.. وغيرها، والتراويح، والقيام عند كثير من الأئمة.
ومنها ما لا تشرع له الجماعة: كالسنن الرواتب مثلاً، وكصلاة الضحى.. وغيرها، وأنه لو صلى فيها جماعة جاز، لكن على ألا يلتزموا ذلك ولا يحافظوا عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم : ( صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده )، ما معنى الزكاة هنا؟
أزكى معناها: أفضل، وكلمة الزكاة جاءت في القرآن الكريم تقريباً على أربعة معان أو أكثر.
فمن معاني الزكاة في القرآن: المدح والثناء، مثلاً: فَلا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ [النجم:32] يعني: لا يمدح الإنسان نفسه أو يزكيها.
ومن معاني التزكية أيضاً: الطهارة.
ومن معانيها: النماء والزيادة، كما في كتاب الزكاة وإخراج الزكاة.
وكذلك البركة، فإنها قد تطلق في الزكاة، ويراد بها البركة.
وكل المعاني الثلاثة واردة في موضوع: ( صلاة الرجل مع الرجل أزكى ) يعني: أبرك وأكثر أجراً ونمواً وخيراً، وكذلك أنها أزكى بمعنى: أفضل وأعظم وأطهر، فكل هذه المعاني الثلاثة واردة في الباب.
قال: ( وما كان أكثر فهو أحب إلى الله ) أكثر عدداً، وما كان أكثر عدداً في الجماعة فهو أحب إلى الله، فالمسجد الذي يكثر فيه المصلون، يكون أفضل من المسجد الذي يقلّون فيه، كما سوف يأتي.
أبي موسى الأشعري
، وعنأنس بن مالك
، وعنأبي أمامة
، وعنابن عباس
، وعنابن مسعود
.. وغيرهم، لكن جميع طرق هذا الحديث واهية ؛ ولذلك لا يحتج به، وإنما يكفينا في الاحتجاج بأن أقل الجماعة اثنان فصاعداً حديثابن عباس
(لما صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الليل). وحديث: (أبي داود
، والترمذي
وحسنه من حديثأبي سعيد الخدري
فقال: (حذيفة
(في صلاة الليل مع النبي صلى الله عليه وسلم) وهو فيمسلم
في الصحيح. وأيضاً حديث الباب، حديثأبي بن كعب
، وحديثابن مسعود
(لما صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم وأطال القراءة) وليس فيه دليل واضح؛ لأنهم لم يذكروا أنهم صلوا جماعة في رحالهم، وهناك حديث أشهر من كل ما ذكر حديثمالك بن الحويرث
، وهو في صحيحالبخاري
: (البخاري
رحمه الله بوَّب لحديثمالك بن الحويرث
في صحيحه قال: (باب الاثنان فما فوقهما جماعة) ثم ذكر حديثمالك بن الحويرث
، فتلاحظون في طريقةالبخاري
في التبويب أنه بوَّب على ماذا؟ لفظالبخاري
هو لفظ الحديث الذي قلنا لكم: إنه حديث ضعيف،البخاري
لم يخرج الحديث ولكنه وضعه عنواناً للترجمة: (باب الاثنان فما فوقهما جماعة)؛ ليبين أن معنى الحديث صحيح، وإن كان لفظه لم يثبت، واستدل بحديثمالك بن الحويرث
في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (أبي
في هذا الحديث: (ابن عمر
وأبي هريرة
.. وغيرهما في: (القرافي
في الفروق وابن القيم
.. وغيرهما رحمهما الله، خصوصاً ممن كتبوا في أبواب التربية والتهذيب والسلوك والطريق إلى الله سبحانه وتعالى، ذكروا الأسباب والأحوال التي تتفاضل بها الأعمال فيما بينها: فقد تتفاضل الأعمال غالباً بتفاضل أحوال العاملين، بما عندهم من الإخلاص، والصدق، وعدم إظهار العمل، وعدم الإدلال به، وعدم الحديث عنه، وكلما صح يقين المرء وصدق قصده، وحسنت نيته، كان عمله أفضل؛ ولهذا جاء في الحديث المتفق عليه: (الزهري
ومالك
.. وغيرهما أنهم كانوا يقولون: (طلب العلم أفضل من نوافل العبادة لمن صحت نيته). ولاحظ قولهم: (لمن صحت نيته)، فهم أرجعوا الأمر كذلك إلى السبب الأول الذي ذكرناه قبل قليل: وهو القصد والنية، وما يقوم بقلب العامل. إذاً: السبب الثاني من أسباب التفاضل: أن يكون العمل بذاته أفضل من غيره، كما نقول مثلاً: إن الصلاة أفضل من مجرد الذكر؛ لأن الصلاة فيها ذكر، وفيها زيادة عليه بالقيام والركوع والسجود، وكما نقول مثلاً: إن القرآن أفضل من التسبيح، يعني: في الأحوال العادية، وهكذا يكون العمل أفضل من غيره بذاته. السبب الثالث من أسباب التفاضل: هو ما يترتب على العمل من النفع للآخرين، كما نقول مثلاً في الدرهم الذي سبق مائة ألف درهم، فهذا الدرهم ليس أفضل من مائة ألف درهم من حيث كثرة النفع؛ لأن الذي تبرع بمائة ألف ممكن يكون نفع مائة ألف إنسان، أو لا؟ ولكن الدرهم أفضل من جهة السبب الأول الذي هو الإخلاص، وقد تكون مائة ألف درهم لها الفضل الذي في الدرجة الثالثة: وهو كثرة النفع، وهذا أيضاً وجه من وجوه فضيلة العلم أنه متعد للآخرين. ولذلك نقول: العلم الفاضل، العلم الذي له هذه الفضيلة، أي علم؟ هل هو علم الجدل والمماحكة، والقيل والقال، والتبجح، والتصدر في المجالس، وأن الإنسان يكون عنده معلومات؟ هل هذا هو العلم الذي له الفضيلة؟ لا، العلم الذي له الفضيلة: هو العلم الذي يلامس القلب، ويقرب إلى الرب، ويكون فيه نفع للعباد. من فوائد الحديث وهي السادسة: فضل الألفة والاجتماع على الخير، مثل: الاجتماع على الصلاة، ومثل: الاجتماع على الذكر.. على الدعوة.. حتى على المباح، فإنه خير أحياناً من التفرق الذي يكون مصحوباً بفساد في القلوب، وتعكر في الأخوة، فالشريعة جاءت بالدعوة إلى الاجتماع والوحدة والألفة، بينما هذا المعنى على أنه معنى يتكرر كثيراً في القرآن والحديث، ونستطيع ألا نغادر حديثاً أصلاً إلا استخرجنا منه هذه الفائدة، لكن انظروا كم إن الأمم الكافرة اليوم أدركت فضيلة الوحدة والاجتماع، فصارت تتوحد وتجتمع، بينما نحن اليوم والبارحة بالذات سمعنا عن أيش؟ عن إلغاء مؤتمر القمة العربية، وأنا أقول الله أعلم، يعني: قد يقول البعض: إن هذا الإلغاء هو بحد ذاته إنجاز؛ لأنه ماذا تتوقع أن يحدث؟ لكن أنا والله لا أستطيع أن أنكر الحرقة التي أشعر بها في قلبي، حينما أجد هذه الأمة التي كل نصوصها، وكل دينها، وكل تاريخها، وكل ظروفها الواقعية تدعو إلى الوحدة، وإلى الاجتماع، وإلى التركيز على جوانب الاتفاق، بينما واقعها سواء كان الواقع السياسي، أو الواقع العلمي، واقع طلبة العلم، أو الواقع الدعوي، واقع الجماعات، أو الواقع الاجتماعي في المناطق والأقاليم والقبائل، كل واقعها يضج بألوان من التفرق والاختلاف، يوحي بأن في تربيتنا خللاً يحتاج إلى تدارك. من فوائد الحديث أيضاً: تفقد المصلين، تفقد الإمام ومن في حكمه لجماعته، فإن في أول الحديث كما أسلفت لكم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ابن عمر
رضي الله عنه كان يقول: (إذا فقدنا رجلاً في صلاة الفجر أسأنا به الظن). يعني: إذا فقد الجماعة عما اعتادهم عليه، أما مسألة تحضير، يعني: يكون هناك دفتر تحضير، كل من جاء يسجل توقيع أو كذا، يعني: هذه ظاهرة غريبة على روح العبادات، التي الأصل فيها الدافع عند الإنسان يكون دافعاً إيمانياً وقوياً، وقد يعزز أحياناً بمثل هذه المعاني، لكن لا يكون هو الأصل، كان بعض الناس مثلاً أحياناً قد يصلي بدون وضوء؛ لأنه ما يمديه يتوضأ فيأتي إلى المسجد، من أجل أن يعمل تحضيراً، ثم يذهب ويتوضأ، أو يغتسل إن كان يحتاج إلى غسل ويعيد الصلاة، وربما يجد أنه إذا قام متأخراً يستطيع أن يذهب إلى مسجد بعيد ويدرك الصلاة فيه، لكنه لا يصلي فيه؛ خشية أن يتناوله بعض الناس بألسنتهم، مثلاً: لماذا غاب عن الصلاة؟أبو داود رواه في كتاب الصلاة، باب إمامة النساء.
وابن خزيمة أيضاً رواه في الصلاة، أبواب صلاة الجماعة.
وروى الحديث أيضاً الدارقطني في سننه، والبيهقي والطبراني، والإمام أحمد في مسنده .. وغيرهم.
الحديث سنده عن الوليد بن جميع تصغير (جُمع) بضم الجيم، عن عبد الرحمن بن خلاد عن أم ورقة، يعني هذا خلاصة الإسناد.
الوليد بن جميع عن عبد الرحمن بن خلاد عن أم ورقة .
الوليد بن جميع هذا فيه مقال وإن كان مسلم رحمه الله خرج له في صحيحه، ولكن تكلم فيه جماعة، والأقرب أنه لا باس به، يعني: ليس من الثقات المشهورين، وإنما فيه شيء من المقال، وقال الإمام أحمد وأبو حاتم وأبو زرعة : إنه لا بأس به، وهذه من ألفاظ الجرح أو من ألفاظ التعديل؟
من ألفاظ التعديل (لا بأس به) هذه من ألفاظ التعديل، هذا الوليد بن جميع، يعني: بعضهم أعل الحديث بـالوليد بن جميع فنقول: الوليد بن جميع لا بأس به إن شاء الله.
الثاني: عبد الرحمن بن خلاد شيخ الوليد، وعبد الرحمن هذا مجهول وإن كان ابن حبان على قاعدته وثقه، إلا أنه مجهول على ما هو معروف عند أئمة الجرح والتعديل، ولكن تابع عبد الرحمن بن خلاد تابعته ليلى، التي هي جدة الوليد، فبعضهم قالوا: إن هذه المتابعة.. يعني عززته روت معه نفس الرواية عن أم ورقة فهذا يقوي الحديث، يعني: هذا المجهول ليس فيه طعن ولا جرح، وإنما غير معروف، وكذلك ليلى هي أيضاً غير معروفة، وغالب النساء في الرواية لسن معروفات، ولكن لا يعرفن بجرح ولا بتعديل، بينما الرجال فيهم المجروح وفيهم المعدل.
نبقى في أن الحديث في سنده شيء من الاضطراب، فـالوليد بن جميع مرة يقول: عن عبد الرحمن بن خلاد، ومرة يقول: عن جدتي، وجدته هذه ليلى، ومرة يقول: عن أبيه، ومرة يقول: عن جدتي وعن عبد الرحمن فيروي عنهما معاً، وفي تهذيب الكمال ذكر أكثر من هذا الكلام، في الاختلاف والاضطراب في رواية الحديث من قبل الوليد ؛ ولذلك فالحديث فيه شيء من الضعف، سواءً من جهة إسناده؛ لوجود الوليد ثم عبد الرحمن بن خلاد، وأيضاً فيه هذا الاضطراب، أنه مرة يقول كذا، ومرة يقول كذا، ومع ذلك فالحديث..
وأيضاً النقطة الثالثة: أنه لا يوجد ما يشهد له في هذا الباب، إلا أحاديث أشد منه ضعفاً، ولكن حسن الحديث جماعة من أهل العلم، كـالدارقطني وأبو حاتم والعيني وابن حجر، ومن المعاصرين الألباني .. وغيره، وربما كان تحسينهم له؛ لأنه ليس في سنده راو مطعون أو متروك أو متهم.
مع أهل الدار على حسب الرواية، وكانت تصلي بأهل دارها.
فلما كان في خلافة عمر، كان عندها عبد وجارية قد أعتقتهما عن دُبر، يعني: أعتقتهما متى؟ بعد وفاتها، أوصت أنه إذا ماتت: فلان وفلانة يكونون عتقاء، فكأنهم استبطئوا موتها، ومن تعجل شيئاً قبل أوانه عوقب بحرمانه، بل بما هو أكثر من ذلك، فوضعوا عليها في الليل قطيفة وغمتوها واغتالوها فماتت رضي الله عنها شهيدة، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، وكان ذلك في خلافة عمر، فقال عمر: (من علم شيئاً عنهم) أصبحوا مطلوبين هؤلاء، قال عمر : (من علم شيئاً عنهم فليخبر، فأخبر الناس بهم، فجيء بهما فصلبا)، فكانا أول مصلوبين في المدينة، الذين قتلوها رضي الله عنها.
ولا يعرف لـأم ورقة فيما أعلم إلا هذا الحديث.
منها: مسألة: صلاة النساء جماعة، وهل يستحب لهن ذلك أو لا؟
اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:
تقف وسط النساء، وهذا هو الذي ذكره أكثر الفقهاء، يعني: لا تقف أمام النساء كما هو الحال في إمام الرجال، وإنما تقف في الصف الأول في وسط النساء، وذكر في المغني احتمالاً: أنها لو تقدمت جاز ذلك، والذي يظهر لي أن هذا هو الراجح، أنها لو صلت أمامهن فالصلاة صحيحة، وإن كان هذا خلاف السنة، فلو تقدمت وصلت كهيئة إمام الرجال جاز ذلك؛ لأنه لم يرد في هذا نهي في الواقع، وحتى أن تقف في وسط النساء لم يثبت فيه سنة صحيحة، وإن كان هو المعروف عند كافة الفقهاء أن إمامة النساء تقف وسطهن .. إلى غير ذلك من الأحكام.
المهم أن القول الأول: أنه يستحب للنساء أن يصلين جماعة؛ ولذلك يقول النووي في المجموع: كل صلاة استحب للرجال الجماعة فيها استحب فيها الجماعة للنساء.
وهذا القول محكي كما ذكره ابن المنذر عن عائشة رضي الله عنها وأم سلمة وحفصة وأم ورقة كما هاهنا، وعطاء والثوري والأوزاعي وجماعة من أئمة السلف، وهو رواية عند الإمام أحمد وقول الشافعية.
أدلة هذا القول بالاستحباب:
لعل أقوى دليل تمسكوا به هو حديث الباب: حديث أم ورقة : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن تؤم أهل دارها )، ويشبهه في ذلك أحاديث.
ففي الباب مثلاً: (عائشة رضي الله عنها أمَّت نساءً في فريضة، وقامت وسطهن، وجهرت بالقراءة)، وهذا ذكره ابن حزم في المحلى .
وذكر أيضاً روايات عديدة عن جماعة من الصحابيات: (أنها كانت تؤم، وتصلي بالنساء إمامة، وتجهر الصلاة).
وهذا أيضاً يقودنا إلى مسألة الجهر، جهر المرأة إذا كانت إمامة، فنقول إنها تجهر في الصلاة الجهرية على ألا يكون حولها رجال، أو نقول بالأصح: تجهر إذا لم يترتب على جهرها فتنة؛ لأنه المقصود حصول الفتنة، فإذا أمنت الفتنة فحتى لو سمعها رجال فإن الصحيح أن صوتها ليس بعورة.
وجاء في ذلك أحاديث -كما ذكرت- عن عائشة، وعن ابن عباس، وابن عمر .. وغيرهم، كلها تدل على أن المرأة تصلي أو يجوز أن تصلي بالنساء، سواء كان ذلك في رمضان أو في غيره.
وهذا مذهب الأحناف وهو غريب؛ ولذلك رد عليهم ابن القيم رحمه الله في أكثر من موضع، فهم احتجوا بحديث: ( لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة )، بينما عند كثير من الحنفية يجوز للمرأة أن تتولى القضاء، فقال: كيف تسمحون لها بأن تتولى القضاء، ولا تسمحون لها بأن تكون إماماً لجماعة من النساء؟! وهو لا شك قول في نظري غريب.
وأيضاً المالكية عندهم قول بالتحريم، يصرحون بالتحريم، ولكنهم يقولون: لو أنها صلت بالنساء صحت صلاتها.
حجة من قالوا بمنع المرأة من الإمامة، أو منع النساء من الجماعة، قالوا: لأنه يترتب على صلاة الجماعة ألوان من المخالفات، مثل: كون الإمام يقف وسط الجماعة يعني.
وهذا في نظري أنه ضعيف؛ لأننا نقول: إن وقفت في وسطهن باعتبار أن هذه سنة مأثورة فلا حرج، وإن كان هذا لا يلائمكم فرأيتم أنها تتقدم نساء مثلها، فما هو الفرق بين أن تكون المرأة إماماً متقدمة في الصف، وبين أن تكون النساء صفين أو ثلاثة صفوف، وكل صف بطبيعة الحال يرى الصف الذي أمامه والكلام في نساء؟! لذلك هذا القول بالكراهة أو التحريم قول غريب.
وهذه المسألة سبق أن مرت معنا أكثر من مرة، ومن المواضع التي ذكرناها حديث أنس السابق: (لما دعت جدته مليكة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم)، وأيضاً سبق أن ذكرناها في حديث ابن عباس رضي الله عنه في مسألة: هل يجوز للمرأة أن تؤم الرجال؟
أحد يذكر الأقوال باختصار التي ذكرناها سابقاً.
تقريباً في المسألة ثلاثة أقوال، يقدر واحد لو ما سمعها يستطيع أن يحاولها بعقله.
طبعاً القول الأول وهو مذهب الجمهور: أنه لا يجوز، هذا طبيعي مذهب الجمهور: أنه لا يجوز للمرأة أن تكون إمامة للرجال، وهذا مذهب الجمهور وهو المشهور عن الأئمة الثلاثة: مالك والشافعي وأبي حنيفة .
القول الثاني: أنه يجوز في النفل في التراويح مثلاً ولا يجوز في الفرض، أنه يجوز في النفل دون الفرض.
وهذا رواية عن الإمام أحمد، وهي المشهورة عند المتقدمين من الحنابلة، بل قال الزركشي : هو المنصوص عن أحمد، واختيار عامة الأصحاب.
ومن أدلتهم حديث أم ورقة، وقالوا: إنه كان معها المؤذن وهو رجل.
القول الثالث: أنه يجوز الإمامة مطلقاً، وقولهم مطلقاً يعني: في الفرض والنفل على حد سواء.
وهذا قول أبي ثور والمزني وابن جرير الطبري، وقد يحتجون بحديث أم ورقة لوجود المؤذن، ولأنه لم يرد أنها كانت تصلي بهم النوافل فقط، بل ربما صلت بهم الفرائض، على كل حال هذه المسألة سبقت وبحثت.
الحالة الأولى: أن يكون الرجل يصلي بالرجال والنساء خلفه، كما هو الحال في المساجد، يعني: تجتمع الجماعات في المساجد، ويكون النساء خلف الجماعة، كما في الحرمين ومساجد المسلمين اليوم في مشارق الأرض ومغاربها، أن يكون للنساء مكان في أقصى المسجد يصلين مع الإمام، ولكن الإمام يتبعه جماعة من الرجال.
وهذه ليس فيها إشكال، بل هي سنة مستفيضة، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي والنساء يصلين آخر الصف خلف المسجد، وجاء في أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، كحديث ابن عمر وغيره: ( لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وبيوتهن خير لهن )، فهذا دليل على أن المرأة لها أن تصلي مع الجماعة، ولا إشكال في ذلك بإطلاق.
طيب الحالة الثانية: أن يؤم الرجل النساء ومعهن بعض محارمه، أو يكون معه هو رجل آخر، فهذا كما يقولون جائز بلا كراهة، وذلك مثل أنس رضي الله عنه: ( صلى هو واليتيم خلف النبي صلى الله عليه وسلم والعجوز كانت من خلفهم أو من ورائهم ).
الصورة الثالثة: أن يؤم امرأة واحدة أجنبية، فهذا لا يجوز؛ لأنه فيه فتنة، وفيه أيضاً احتمال الخلوة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم ).
وأقول: إذا كان هذا وهم يجتمعون على صلاة، فكيف لو كانت الخلوة وكان الاجتماع على غير ذلك، مما بلي به كثير من الناس اليوم، مما يسمى بوجود السكرتيرات مثلاً في الأعمال، والسكرتيرة لها مكتب خاص، وتدخل على المدير وتخرج من عنده، ويغلقون الباب، وقد يتباحثون في أمور كثيرة، وقد تقرأ كثيراً في الصحف ووسائل الإعلام محاولة ترويج مثل هذا النمط الذي فيه نوع من تأخير وتحقير المرأة لمثل هذا، وغالباً ما يتم اختيار النساء الشابات الجميلات، وهذا لا شك أنه فتح باب من أبواب الشر والفساد على مجتمعات المسلمين، وأيضاً مساهمة في تعطيل حركة العمل الجادة، وتحويل كثير من المكاتب إلى أماكن للعلاقات والغزل.. وغيرها.
الحال الرابعة: أن يؤم نساء أجانب عنه، ولا رجل معهن غيره، ولا أحد من محارمهن، وهذه صورة متميزة، أن يكن مجموعة من النساء.
إذاً ليس هناك خلوة، لكن ليس معهن من محارمه أحد، وهذه فيها لأهل العلم قولان:
القول الأول: أن ذلك مكروه، وهو مذهب أكثر الحنفية وأكثر الحنابلة؛ لأنهم لاحظوا ما في ذلك من مخالطة الوسواس، واحتمال الفتنة، وحصول الضرر.
والقول الثاني: أنه جائز غير مكروه، وهو لجمهور الشافعية؛ لأنهم قالوا: إن وجود المجموعة من النساء يمنع من الفتنة، ولا توجد حينئذ خلوة.
إذا قلنا: بأن جماعة النساء جائزة، سواءً قلنا بأنها مستحبة كما هو القول الأول، أو قلنا بأنها مباحة كما اختاره بعض الفقهاء، يقع من جراء ذلك مجموعة من المسائل والأسئلة ذكرنا منها:
أولاً: قضية الإمام وهل يكون في الصف أو يتقدم، وذكرنا ما فيها، وأنه لم يرد فيها نص صحيح أن يكون الإمام وسط الجماعة وسط الصف أو متقدماً، والأكثرون من الفقهاء على أن الإمامة تقف في وسط الصف، ولو تقدمت، فإن ذلك يجوز، ولا دليل على منعه.
أي نعم مسألة الجهر والإسرار.
الجواب: نعم، صلاة الرجل بأهله أو بزوجته على وفق ما ذكرناه الآن، أنه لو صلى بأهله، فإنها تعد جماعة، وذلك سواء كان ذلك نفلاً كما في صلاة الليل مثلاً، أو لو أن الصلاة فاتته في المسجد وصلى بأهله، نحن نقول: إنها جماعة، لكن هل يدرك بها فضيلة الجماعة التي هي سبع وعشرون درجة؟
الأقرب والأظهر والله أعلم أنه لا يدرك هذه الفضيلة، لكنه خير من صلاته منفرداً، وفيها تدريب وتعليم للأهل.
الجواب: هذا من أسئلة فقيه العرب، قال: أسألك عن رجل صلى وفخذه بادية، قال: صلاته وصلاتهم ماضية، يعني: يقصد بالفخذ جماعته أو قبيلته، يعني: ساكنين في البادية.
أما أخونا يقول: من صلى وفخذه ظاهر بسبب خرق في الثوب؟
الجواب: عليه أن يستر فخذه، والله تعالى يقول: يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ [الأعراف:31]، وإن كان ذلك بسبب أنه لم يتفطن له إلا أثناء الصلاة، فأرى أن صلاته صحيحة.
الجواب: ويا أخي أرجو أن نكون قليلاً متسامحين، يعني نحن نقول للأخ: هل تعرف عالماً أو فقيهاً يقول بمنع ذلك؟
لا، لا يوجد أحد يمنع ذلك، أكابر الفقهاء والعلماء الذين أنا وأنت إما أن نأخذ من علمهم، أو حتى نقلدهم، يعني: الشيخ ابن باز رحمه الله والشيخ ابن عثيمين، والمفتي تعرف أنه يطلع الآن في التلفزيون ووسائل الإعلام، رئيس مجلس القضاء الأعلى، فقهاء الأمة كلهم، وهذه فيها مصالح كبيرة، يعني: ليست القضية قضية رأي كما قد تظن، القضية فيها مصلحة يا أخي، أنت الآن مثلاً تحضر ضمن عدد معين، قد يكونون مائتين.. ثلاثمائة.. خمسمائة، لكن هذه المجالس ممكن أن تنشر إلى أمة عريضة من الناس لا يستطيعون الحضور، ولا شك أن الرؤية ليست مثل السماع، الرؤية فيها مصلحة كبيرة أن الإنسان يرى التقاسيم، ويستطيع أن يضبط ويتقن ويحفظ ما لا يحصل للإنسان لمجرد الاستماع.
فمثل هذه الأشياء ينبغي أن يكون عند الإخوة فيها نوع من التسامح والإدراك، أنه بإمكان الإنسان أنه ألا يصور نفسه إذا كان عنده هو ورع، أو عنده شك في هذه المسألة، لكن ليدع الآخرين؛ لأنه يمكن يستفاد من هذه الأشياء وينتفع بها.
أنت تذهب إلى مكة للعمرة، وتذهب للحج وتطوف بالبيت وتصلي، و(الكاميرا) تظهر عليك وعلى غيرك، وتنقلك لآلاف وملايين المشاهدين في العالم كله، كلنا نرى هذا الأمر، فهذه الأشياء لم يعد فيها أكثر من -ودعني أكون صريحاً معك- لم يعد فيها أكثر من أنه بعض الإخوة لم يتعودوا على مثل هذه الأشياء، وإلا لو تأتي لتناقشها من الناحية الفقهية.. من ناحية الدليل.. من ناحية الواقع.
يعني: أنا أعرف مثلاً أن بعض المشايخ الذين كان عندهم تحفظ، وربما فوَّت هذا التحفظ مصالح كثيرة على مدى خمس وعشرين سنة، الأسبوع الماضي رأيناهم في قناة المجد، وقد سجِّلت لهم بعض المحاضرات، فلماذا نحن ننتظر خمساً وعشرين سنة حتى نفهم بعض القضايا التي الأمر فيها يسير، وما تتطلب كثيراً من هذا التحفظ، الذي قد يكون باعثه في الغالب، يعني: صحيح أنه قد يكون عند الأخ شعور بنوع من الورع، لكن قد يكون في الغالب نوع من عدم الاعتياد.
ما هو الفرق بين أن تكون أمام (الكاميرا) أو أمام المرآة؟ ما هو الفرق؟ هي صورتك التي خلقك الله عليها ظهرت، ليس أكثر من هذا، وبإمكان الأخ أيضاً كما قلت أنه لا يكون هو في وجه التصوير، أما فكرة منعها يا أخي هذه مصالح عظيمة للناس، أنت ترى اليوم كم من وسائل الإعلام، يعني: كم هدمت من بيوت ومن أسر، ودخلت في أعماق أعماقنا أطفالنا ونسائنا، تعرف أنه بعض البرامج التي تبث الآن يشاهدها من شبابنا ويتابعها أحياناً عشرات الملايين، اثنا عشر مليون اتصال من السعودية لبرنامج واحد مثلاً.
ففكرة اقتحام هذه الوسائل والاستفادة منها ونشر الخير، ينبغي أن يكون -وهذا راجح- حتى لو كان الأمر مكروهاً، يعني: الشيخ ابن باز رحمه الله كان يرى تحريم التصوير الفوتوغرافي كما تعرفون، بل في بعض فتاويه أنه يقول: إنه كبيرة، ومع ذلك يفتي بوجوب الخروج في وسائل الإعلام، مع أنه لا يخفاه أن ذلك يترتب عليه التصوير، يفتي في الخروج في التلفاز بالوجوب، فهذا غريب أنه كيف يفتي بالوجوب وهو يرى منع التصوير ويحرمه أصلاً؟ إنما أدرك عظمة المصلحة المتحققة من وراء ذلك.
فإذا تأملت وأدركت أن القضية هذه ليس فيها، أنا أقول بملء فمي وأنا أدين الله بما أقول: إنه ليس فيها لا تحريم ولا كراهة أصلاً، بل هي في الأصل من المباحات العادية، فإذا وجد فيها مصلحة بنشر العلم وتدوينه وتوثيقه، كان ذلك أفضل وأولى من الترك، وقد وزعنا عليكم الأسبوع الماضي بحثاً قيماً للشيخ عبد العزيز البجادي، وأتمنى من الأخ أن يقرأه.
الجواب: بالنسبة للسجود يشرع للرجل أن يجافي عضديه عن جنبيه، وبطنه عن فخذيه، هذه هي السنة، أما المرأة فالمشهور عند الجمهور أنها تضم بعضها إلى بعض.
الجواب: تصلي خلفه، تصلي المرأة خلفه، لما ذكرناه في قصة مليكة رضي الله عنها: أنها صلت خلفهم.
الجواب: أيضاً لا يشرع للمرأة الأذان كما ذكرنا، وإنما الأذان للرجال.
الجواب: أي نعم، والله هذا إشكال، هو من الإشكالات أن بعضهم قالوا: إنها تكون خلفهم، حتى لو كانت إمامة، إذا كان فيه رجال، أما بالنسبة للنساء فكما ذكرنا أنها تقف وسطهن.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر