-
تفسير قوله تعالى: (الحاقة ما الحاقة وما أدراك ما الحاقة)
-
تفسير قوله تعالى: (كذبت ثمود وعاد بالقارعة فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية)
-
تفسير قوله تعالى: (وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية ... فهل ترى لهم من باقية)
-
تفسير قوله تعالى: (وجاء فرعون ومن قبله... أخذة رابية )
قال تبارك وتعالى:
وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ *
فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً [الحاقة:9-10].
قوله: ((وجاء فرعون ومن قبله)) يعني: من قبله من الأمم المكذبة كقوم نوح وعاد وثمود.
قوله: ((وَالْمُؤْتَفِكَاتُ)) هي قرى قوم لوط، وقرية سدوم هي القرية الكبرى بالنسبة لديار قوم لوط عليه السلام، وهناك قرى أخرى لقوم لوط، فلذلك جمعت هنا بقوله: ((وَالْمُؤْتَفِكَات)).
وقيل: المؤتفكات: المنقلبات؛ لأن الله سبحانه وتعالى قلبها عليهم كما قلبوا هم فطرة الله تبارك وتعالى وعكسوها.
قوله: ((بِالْخَاطِئَةِ)) أي: بالخطأ، أو بالأفعال الخاطئة.
فالباء تكون سببية، يعني: بسبب الخطأ والذنب والمعصية والخطيئة، أو بسبب الأفعال الخاطئة.
قوله تبارك وتعالى:
فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً الذي ذكر في الآية السابقة قوم فرعون وقوم لوط، فمن المقصود من قوله تعالى: (( فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ ))؟.
قيل: ((رسول ربهم)) هو موسى عليه السلام.
وقيل: ((رسول ربهم)) هو لوط عليه السلام.
وقيل: ((رسول ربهم)) هو موسى ولوط عليهما السلام، فإنه يجوز أن يعبر بالمفرد عن المثنى، فيكون التفسير: فعصوا رسولي ربهم، يعني: موسى ولوطاً عليهما السلام، والدليل على أن رسول قد تطلق على المثنى قول الله تبارك وتعالى:
فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الشعراء:16] فأطلق المفرد على المثنى، فيحتمل هنا أيضاً أن يكون قوله تعالى: ((فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ)) يعني: رسولي ربهم، وهما موسى ولوط عليهما السلام.
وهناك قول رابع في معنى قوله: ((فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ)): وهو أن رسولاً أحياناً تأتي بمعنى الرسالة، يقول الشاعر:
لقد كذب الواشون ما بحت عندهم بسر ولا أرسلتهم برسول
قوله: ولا أرسلتهم برسول، يعني: ولا أرسلتهم برسالة، فيطلق أحياناً على الرسالة رسول.
قوله تعالى: ((فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً)) يعني: أخذة عالية زائدة في الشدة على الأخذات السابقة، وعلى عذاب الأمم الغابرة.
-
تفسير قوله تعالى: (إنا لما طغى الماء.. أذن واعية )
قال عز وجل:
إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ *
لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ [الحاقة:11-12].
قوله: ((إنا لما طغى الماء)) أي: كثر وتجاوز حده المعروف؛ بسبب إصرار قوم نوح على الكفر والمعاصي، وتكذيبهم لنوح عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، والكلام هنا على قوم نوح عليه السلام.
قوله: ((حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ)) أي: السفينة التي تجري في الماء.
قال
ابن جرير : خاطب الذين نزل فيهم القرآن، وإنما حمل أجدادهم نوحاً وولده في السفينة، كما قال تعالى:
ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ [الإسراء:3] عليه السلام؛ لأن الذين خوطبوا بذلك أولاد الذين حملوا في الجارية، فكان حمل الذين حملوا بها من الأجداد حملاً لذريتهم؛ لأنهم كانوا في أصلابهم، ولأن نوحاً هو أبو البشر الثاني، وصحيح أن نوحاً كان معه أناس آخرون، لكن غالب الذرية بعد ذلك كانت من ذرية نوح ثم من ذرية إبراهيم عليه السلام.
قوله تعالى:
لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً [الحاقة:12] أي: لنجعل تلك الفعلة التي هي إنجاء المؤمنين وإغراق الكافرين تذكرة.
وقال بعض المفسرين: ((لنجعلها)) أي: السفينة ((تذكرة)).
وقال بعض المفسرين: وهذه السفينة رآها أناس من أوائل هذه الأمة على جبل الجودي.
وهناك مجموعة من المكتشفين الإنجليز قاموا بتسجيل شريط فيديو بعد بحث طويل بأجهزة حديثة فيه أن مكان السفينة على قمة جبل الجودي، والذي أثبته هذا البحث من هذه البعثة مخالف لما ورد في التوراة وفي الكتب الأخرى، وما توصلوا إليه كان موافقاً لما صرح به القرآن الكريم في قوله تعالى:
وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ [هود:44].
فيحتمل أن يكون معنى قوله تعالى: (
لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً) أي: أن السفينة تذكرة، أو ((لنجعلها)) أي: تلك الفعلة التي هي إنجاء المؤمنين وإغراق الكافرين ((لكم تذكرة)) وعبرة، تذكرون بها صدق وعده في نصر رسله وتدمير أعدائه.
قوله: ((وَتَعِيَهَا)) أي: تحفظها.
((أُذُنٌ وَاعِيَةٌ)) أي: حافظة لما سمعت عن الله متفكرة فيه.
-
تفسير قوله تعالى: (فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة)
-
تفسير قوله تعالى: (وحملت الأرض والجبال ... لا تخفى منكم خافية)
-
تفسير قوله تعالى: (فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه)
-
تفسير قوله تعالى: (إني ظننت أني ملاق حسابيه)
-
تفسير قوله تعالى: (فهو في عيشة راضية... في الأيام الخالية )
-
تفسير قوله تعالى: (وأما من أوتي كتابه بشماله ... هلك عني سلطانيه)
-
تفسير قوله تعالى: (خذوه فغلوه ... فاسلكوه)
-
تفسير قوله تعالى: (إنه كان لا يؤمن بالله العظيم ولا يحض على طعام المسكين)
-
تفسير قوله تعالى: (فليس له اليوم هاهنا حميم ... لا يأكله إلا الخاطئون)
-
تفسير قوله تعالى: (فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون)
قال الله تبارك وتعالى:
فَلا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ *
وَمَا لا تُبْصِرُونَ [الحاقة:38-39] هذا القسم ينتظم جميع الأقسام التي وردت في القرآن الكريم؛ لأن هاتين الآيتين أجمل فيهما كل قسم أقسم الله سبحانه وتعالى به في القرآن الكريم؛ لأنه شامل لكل ما يقسم به تعالى، فهو سبحانه يقسم بشيء إما من عالم الغيب أو من عالم الشهادة، فجمعهما الله هنا بقوله:
فَلا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ يعني: عالم الشهادة،
وَمَا لا تُبْصِرُونَ يعني: عالم الغيب.
و(لا) هنا في قوله: ((فلا أقسم)) فيها قولان:
إما أنها مزيدة للتأكيد وتقوية الكلام يعني: أقسم، وهذا معروف في كلام العرب، والقرآن عربي.
وإما أن قوله: ((فلا أقسم)) هو في حد نفسه تركيبة، وهذه التركيبة كلها بتمامها صيغة من صيغ القسم، كما في قوله تعالى:
لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ *
وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ [البلد:1-2] معناه: أقسم بهذا البلد.
يقول
القاسمي : قوله تعالى:
فَلا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (
وَمَا لا تُبْصِرُونَ) أي: أقسم بالمشاهدات والمغيبات.
يعني: المغيبات بالنسبة للبشر، وليس بالنسبة لله؛ لأنه ليس هناك غيب بالنسبة لله تبارك وتعالى، إنما الغيب يكون للمخلوقين، ولذلك نسب إليهم عدم البصر فقال:
وَمَا لا تُبْصِرُونَ.
قال
الرازي : وهذا القسم يعم جميع الأشياء على الشمول؛ لأنها لا تخرج من قسمين: مبصر، وغير مبصر، فشمل الخالق والخلق، والدنيا والآخرة، والعالم العلوي والسفلي، وهكذا.
ومن الممكن أن نعد أي آية أخرى في القرآن ورد فيها القسم تفصيلاً لما أجمل في هذا القسم، فهو إما من المبصر المشاهد وإما من المغيبات، فهذه الآية متضمنة كل قسم أقسم الله سبحانه وتعالى به في القرآن الكريم.
-
تفسير قوله تعالى: (إنه لقول رسول كريم)
قال تبارك وتعالى:
إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ [الحاقة:40].
قوله: ((إنه)) أي: القرآن الكريم.
قوله: ((لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ)) وهو محمد صلى الله عليه وسلم يبلغه عن الله تعالى؛ لأن الرسول لا يبلغ عن نفسه، ويحتمل أن يكون الرسول المذكور هنا هو النبي محمداً صلى الله عليه وسلم، ويحتمل أن يكون جبريل عليه السلام، خاصة وأن الله سبحانه وتعالى قال في سورة التكوير:
إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ *
ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ *
مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ [التكوير:19-21] فهذا جبريل، فيحتمل أن يكون الرسول الكريم هناك هو الرسول الكريم هنا، لكن في سورة التكوير لا تحتمل إلا جبريل، أما في سورة الحاقة فيحتمل الاثنين، لكن مما يرجح أن المراد به هنا هو النبي محمدٌ صلى الله عليه وآله وسلم قول الله تبارك وتعالى بعد ذلك مباشرة:
وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ [الحاقة:41]؛ لأن الذي اتهم بأنه شاعر هو الرسول عليه الصلاة والسلام، ولم يتهم جبريل بأنه شاعر، فهذا السياق يرجح أن المقصود بالرسول هنا هو النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
إذاً: قوله: ((إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ)) يعني: إنه لقول محمد صلى الله عليه وسلم على سبيل التبليغ، وهو من عند الله، والقرينة التي تدل على أن قوله: (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ) على سبيل التبليغ لا أنه أنشأه هي: قوله بعدها بآيتين:
تَنزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الحاقة:43].
وقد نسب القرآن إلى النبي عليه الصلاة والسلام مرة، ونسب إلى جبريل أكثر من مرة، وهذا مما يوضح ومما يرجح تفسير قوله تعالى: ((إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ)) بأنه محمد عليه الصلاة والسلام؛ لأننا إذا فسرناه بجبريل فتكون هذه الآية توكيداً لما ورد في سورة التكوير من أن سند القرآن الكريم يكون عن الرسول عليه الصلاة والسلام عن جبريل عن الله عز وجل، ولا شك أنه يكون الأقوى أن ترد آية تنزه سند القرآن مرة من قبل الرسول البشري، ومرة من قبل الرسول الملكي، حتى يحصل التنزيه لكل سند القرآن الكريم.
إذاً: الأفضل أن نقول هنا في تفسير هذه الآية: ((إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ)): هو محمد عليه الصلاة والسلام وهذا تنزيه للرسول البشري، وهناك في سورة التكوير نقول: هو تنزيه للرسول الملكي.
إذاً: خلاصة تفسير قوله تبارك وتعالى: ((إِنَّهُ)) أي: القرآن ((لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ)) هو محمد صلى الله عليه وسلم يبلغه عن الله تعالى؛ لأنه وصفه بأنه رسول، والرسول يبلغ ما أرسل به وليس هو المتكلم به.
كذلك قوله تبارك وتعالى بعدها:
تَنزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الحاقة:43] يؤكد أن المقصود بقوله: ((لَقَوْلُ رَسُولٍكَرِيمٍ)) على سبيل التبليغ، خلافاً لكلام المستشرقين وأعداء الإسلام الأغبياء، الذين يطعنون في القرآن الكريم ويقولون: القرآن متناقض، مرة يوصف القرآن بأنه قول محمد، ومرة يوصف بأنه قول جبريل، ومرة يوصف بأنه قول الله، فهذا من سفاهة عقولهم، وجهلهم باللغة العربية، إذا كان أهل اللغة العربية يغفلون عن إدراك أسراره إن لم يكونوا من المتضلعين بها، فما بالك بأعاجم لم يشموا رائحة العلم في اللغة العربية وأسرارها وفصاحتها؟!
كذلك في سورة التكوير قال:
وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ [التكوير:22] فهذا تنزيه أيضاً للرسول البشري هنا؛ لأنه قال في حق جبريل:
مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ [التكوير:21] ثم قال:
وَمَا صَاحِبُكُمْ أي: محمد عليه الصلاة والسلام.
عقيدة الرافضة في القرآن الكريم
في هذه الآيات الكريمة رد على الرافضة، فالرافضة -قبحهم الله وأخزاهم ونكس رايتهم- يزعمون التغيير والتحريف والنقص في القرآن الكريم، مثل شيعة إيران -قبحهم الله- يزعمون أن القرآن الكريم محرف، ويتهمون الصحابة كـ
أبي بكر و
عمر بالكفر والزندقة، وسائر الصحابة بأنهم حرفوا القرآن الكريم، فهذه عقيدة الرافضة الملاحدة المجرمون، ولهم كتب في ذلك منها كتاب اسمه: (فصل الخطاب في إثبات تحريف كلام رب الأرباب) لمؤلفه
حسين النوري الطبرسي، وهذا المجرم يثني عليه
الخميني في كتبه كثيراً، مع أنه مؤلف هذا الكتاب الذي يزعم فيه تحريف كلام الله تبارك وتعالى، ولهؤلاء الرافضة المجرمين الكفرة كلام كثير جداً في الطعن في القرآن الكريم، ثم إذا ناقشتهم في هذه المسألة أو غيرها أنكروا؛ لأنهم يتعبدون بالتقية وليس بالتقوى، فالتقية عندهم بمعنى أن يكون ماهراً في الكذب حتى يخفي عقيدته ومذهبه، فلذلك لا تستطيع مناقشتهم؛ لأنك إذا ناقشت واحداً منهم يقول لك: رضي الله عن الصحابة! ورضي الله عن
أبي بكر و
عمر ! وكذا وكذا، ويظل يمدح فيهم وهو كذاب، هذا ديدنهم وهذه عقيدتهم، فلا يوثق أبداً بنقاش مع شيعي أبداً؛ لأنهم كذابون يتعبدون بالكذب فلا تصلح المناظرة معهم أبداً؛ لذلك الإمام
الشنقيطي رحمه الله تعالى لما أتى فريق منهم للمناظرة معه، قال لهم: كيف نتناظر وأنتم لكم أصول ونحن لنا أصول؟! أي: المتناظران لابد أن يرجعا إلى أصول واحدة؛ كي يبطلا الخلاف.
فقال: كيف نتناظر وأنتم لكم أصول ونحن لنا أصول؟ يعني: لكم دينكم ولنا دين، قال: ثم إنكم فوق ذلك أهل كذب ونفاق فهم كذابون لا يوثق بكلامهم أبداً.
والمسلمون طالما خدعوا بهؤلاء الرافضة، وأعتقد أن خطر اليهود مثل خطر الرافضة ولا يقل عنهم إن لم يكونوا هم أشد خبثاً ودهاء وعداء لله ولرسوله للمؤمنين، فهؤلاء أعداء أمة الإسلام، وللأسف الشديد نحن لم نعرف أعداءنا إلى اليوم، ولم نفقه حقيقة هؤلاء المجرمين الطاعنين في صحابة الرسول صلى الله عليه وآله سلم، فهذا
الخميني نفسه يترحم على
النوري الطبرسي ويلقبه بأنه عالم جليل، مع أنه هو الذي ألف هذا الكتاب الذي فيه دعوى تحريف القرآن!
إن الحديث عن الرافضة حديث ذو شجون، ونرجو ألا يأتي يوم يندم فيه هؤلاء الذين لمعوا الرافضة ودافعوا عنهم، وزعموا أن الخلاف بيننا وبين الرافضة كالخلاف بين الحنبلي والشافعي والحنفي وكذا وكذا، لا، بل الخلاف بيننا وبينهم كالخلاف بين اليهودي والنصراني وبين المسلم؛ لأن لهم ديناً ولنا ديناً آخر فنحن مختلفون معهم حتى في الأصول، حتى في القرآن الكريم؛ فهم يعتقدون إما بتحريف القرآن ولهم نصوص في ذلك، وإما أنهم يعتقدون أن القرآن الحقيقي ثلاثة أضعاف القرآن الموجود بيننا، والقرآن الكامل هو مع
المهدي المتخفي في السرداب في سامراء، وهذا هراء ووهم في
المهدي.
الشاهد من هذا أنهم حينما تواجههم بهذا الكلام يقولون: لا هذا كذب! نحن لا نعتقد بتحريف القرآن، ويدافعون بكلام ينطلي على السذج والبسطاء، لكن من كان فقيهاً بألاعيبهم فإنه يقول لهم: إذاً: أعلنوا البراءة مما جاء في كتابكم المقدس الذي هو كتاب الكافي
للكليني ، فهذا كتاب مقدس عندهم، فهو عند الشيعة كـ
البخاري و
مسلم عندنا، ويأخذون منه جل دينهم، ففي داخل هذا الكتاب سب الصحابة وكذا وكذا من هذه الضلالات والانحرافات، وفيه أيضاً الأخبار الكاذبة التي فيها دعوى تحريف القرآن الكريم، وكم مرة تحداهم علماء السنة حينما أنكروا أنهم يعتقدون تحريف القرآن بأن يتبرءوا مما ورد في كتاب الكافي من الطعن في القرآن الكريم، ومع ذلك لا يفعلون ذلك أبداً.
إن الرافضة الآن خاصة بعد قيام دولتهم الشيطانية الخبيثة في إيران عدو لدود للإسلام، فنسأل الله سبحانه وتعالى ألا يمكنهم أبداً من المسلمين، ويكفي حتى تعرفوا خطر الرافضة أن تقرءوا أخبار أهل السنة في إيران، كيف يضطهد أهل السنة في إيران، وحتى الآن يمنع في العاصمة طهران من إقامة مسجد واحد لأهل السنة، مع أن هناك كنائس وهناك معابد يهودية، وهناك أيضاً في طهران معابد للزرادتش وعبدة النار والكفرة، أما أهل السنة فممنوع أن يقام لهم مسجد في طهران من عهد
الشاه، وليس فقط من عهد
الخميني .
والشيعة الرافضة يشنون حرباً شديدة جداً من أجل تشييع شباب وأطفال أهل السنة والجماعة، ولهم حيل كثيرة جداً، وهذا حديث يطول، كنت أتكلم مع أحد الإخوة القادمين من المنطقة الشرقية في السعودية، فكان يشتكي من الرافضة وعداوتهم لأهل السنة، فقلت له: هل هم كالنصارى مثلاً في بلاد المسلمين؟ قال: لا، النصارى قد يكون عندهم رحمة بالمسلمين، أما هؤلاء فلا يرحمون أهل السنة أبداً إذا تمكنوا، والشيعة لا يعرفون إلا بشيئين اثنين: إما أن تعيش معهم وتذوق حقدهم على أهل السنة، وإما أن تتعلم من التاريخ وتتعلم من الكتب التي تتحدث عن عقائدهم وانحرافهم، ولذلك تجد الذين اصطلوا بنار الشيعة يكونون أشد الناس انفعالاً حينما يسمعون هذا الكلام؛ لأنه يثير الشجون، ويثير المشاعر الأليمة، وما أحداث الحرم التي حصلت قبل عدة سنوات وما فعلوه هناك منا ببعيد؟!
على أي حال هذه الآية: (( إنه لقول رسول كريم )) فيها رد على الرافضة في دعواهم تحريف القرآن أو نقصه كما يزعمون.
-
تفسير قوله تعالى: (وما هو بقول شاعر ... ولا بقول كاهن قليلاً ما تذكرون)
قال تبارك وتعالى:
وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ [الحاقة:41] يعني: كما تزعمون، فإن بين أسلوبه وحقائقه، وبين وزن الشعر وخيالاته بعد المشرقين.
قوله:
قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ [الحاقة:41] يعني: قليلاً ما تصدقون بما ظهر من صدقه وبرهانه عناداً وعتواً، والقلة كناية عن عدم الإيمان.
ونصب ((قليلاً)) على أنه نعت لمصدر، يعني: تؤمنون إيماناً قليلاً، والناصب تؤمنون أو تذكرون، و(ما) زائدة.
وقال
ابن عطية : يحتمل أن تكون نافية ومصدرية.
إذاً: قوله: ((قليلاً ما تؤمنون)) على اعتبار (ما) نافية يكون المعنى: لا تؤمنون، وعلى أنها مصدرية يكون المعنى: قليلاً إيمانكم، فيكون المقصود بالتعبير عن القلة التعبير عن العدم، يعني: أنتم لا تؤمنون، كذلك أيضاً في قوله تعالى:
وَلا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ [الحاقة:42] أي: كما تدعون بأنه من سجع الكهان.
قوله: ((قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ)) أي: تتعظون وتعتبرون، قيل: نفى الإيمان في الأول، ونفي الذكرى في الثاني؛ لأن عدم مشابهة القرآن بالشعر أمر بين لا ينكره إلا معاند؛ لذلك قال:
وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ ، فالفرق بين القرآن وبين الشعر أمر في غاية الوضوح لا ينكره إلا معاند، فلا عذر لقائله في ترك الإيمان، وهو أضل من حمار أهله، وأما مباينته للكهانة فيتوقف على التذكر والتفكر؛ لأن الكاهن يأخذ جعلاً على كهانته، ويجيب عما سئل عنه، ويتكلف السجع، ويكذب كثيراً، وإن التبس على الحمقى بإخباره ببعض المغيبات بكلام منثور.
-
تفسير قوله تعالى: (تنزيل من رب العالمين)
قال تبارك وتعالى:
تَنزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الحاقة:43] أي: هو تنزيل ممن ربى العالمين بصنوف نعمه، ومنها: ما نزله وأوحاه لنهتدي به إلى سبل السعادة ومناهج الفلاح، فربط القرآن برب العالمين فيه؛ إشارة وتذكير بتربية الله سبحانه للعالمين بالنعم وإفاضة الخيرات عليهم والإحسان إليهم بإيحاء القرآن وتنزيل القرآن؛ ليهتدوا به إلى سبل السعادة والفلاح.
-
تفسير قوله تعالى: (ولو تقول علينا بعض الأقاويل ... عنه حاجزين)
قال الله تبارك وتعالى:
وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ [الحاقة:44] عندما يقرأ المسلم القرآن الكريم يشعر بقوة الله سبحانه وتعالى وعلو الله والهيمنة الإلهية والعظمة، كما في هذا السياق: ((وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا)) فتقطع أنه لا يمكن أن يكون المتكلم بهذا الكلام هو النبي محمداً صلى الله عليه وسلم.
قوله: ((عَلَيْنَا)) هذه نون العظمة.
قوله: ((بَعْضَ الأَقَاوِيلِ)) أي: لو افترى علينا، وسمي الكذب تقولاً؛ لأنه قول متكلف كما تشعر به صيغة التفعل.
و((الأقاويل)) جمع قول على غير القياس، أو جمع الجمع كالأناعيم جمع أنعام، وقيل: تسمية الأقوال المنكرات أقاويل تحقيراً لها، وأنها جمع أفعولة من القول.
قوله تعالى:
لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ [الحاقة:45] هذا كقوله تعالى:
قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا [الأحقاف:8] أي: لن ينقذني من عذاب الله شيء.
هذه الآية قرأها بعض القراء: (ولو تُقوِّل علينا بعض الأقاويل) وانتصر لها بعض المسلمين استبعاداً بأن يفترض في حق النبي صلى الله عليه وسلم أنه يتقول على الله ما ليس بحق، وهذا كلام في الحقيقة غير صحيح؛ لأن هذا السياق لا يوهم أنه يمكن أن يقع من النبي عليه الصلاة والسلام، وإنما هو افتراض لما لا يتصور وقوعه من النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقد جاء الافتراض في القرآن الكريم فيما هو أعظم من ذلك، كما قال الله تبارك وتعالى:
قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ [الزخرف:81] وهذا مجرد افتراض، وإلا فالله عز وجل منزه عن الولد سبحانه، وقال الله تبارك وتعالى:
لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا [الأنبياء:22] فهذا أيضاً افتراض، ولا يحتمل أن يكون في السماوات والأرض آلهة غير الله.
إذاً: ينبغي للإنسان ألا ينزعج من مثل هذه الافتراضات، فكذلك هنا قوله:
وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ يعني: على سبيل الافتراض لما لا يتصور وقوعه من النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
قوله تعالى:
ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ [الحاقة:46] قال
ابن جرير : أي: لأخذنا منه بالقوة منا والقدرة.
قوله: ((الْوَتِينَ)) يعني: نياط القلب، والمعنى: أنه لو فعل ذلك لعاجله بالعقوبة ولا يؤخره بها.
وقد قيل: إن معنى قوله تعالى:
لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ لأخذنا منه باليد اليمنى من يديه، وإذا قلنا: ((باليمين)) هي في حق الله سبحانه وتعالى فيكون المعنى: بالقوة منا والقدرة، وذلك مثل قوله تعالى:
إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ [الصافات:28] أي: عن القوة والقدرة.
قال
الزمخشري : والمعنى: ولو ادعى علينا شيئاً لم نقله لقتلناه صبراًً كما يفعل الملوك بمن يكذب عليهم؛ معاجلة بالسخط والانتقام، فصوّر قتل الصبر بصورته؛ ليكون أهول، وهو أن يؤخذ بيده وتضرب رقبته، وخص اليمين عن اليسار؛ لأن القاتل إذا أراد أن يوقع الضرب في قفا المراد قتله أخذ بيساره، وإذا أراد أن يوقعه في جيده -أي: في عنقه- وأن يكفحه بالسيف- أي: يعدمه- وهو أشد على المصبور لنظره إلى السيف؛ أخذ بيمينه.
يعني: إذا أخذه بالشمال فيكون الضرب من جهة القفا، لكن الأخذ باليمين معناه: أنه يأخذه من أمامه بحيث يرى السيف وهو يقع على عنقه، وهذا أشد عليه وأصعب.
ثم يقول
الزمخشري : ومعنى (
لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ) لأخذنا بيمينه كما أن قوله: ((لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ)) لقطعنا وتينه، وهذا بين.
إذاً: مما يقوي القول بأن اليمين المقصود بها يمين النبي عليه الصلاة والسلام نفسه قوله: (
ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ) يعني: وتينه.
وحاشاه صلى الله عليه وسلم أن يتقول على الله باطلاً.
وما قرره
الزمخشري أبلغ في المراد، وهو بيان المعاقبة بأشد العقوبة، والقول الأول هو أن معنى قوله: (
لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ) يعني لأخذنا منه بقوتنا وقدرتنا، والقول الثاني: أن معنى قوله: ((لأخذنا منه باليمين)) يعني: بيمينه، وهذا أبلغ في المراد، وهو بيان المعاقبة بأشد العقوبة.
قوله تعالى:
فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ [الحاقة:47] أي: ليس أحد منكم يحجزنا عنه، ويحول بيننا وبين عقوبته لو تقول علينا.
-
تفسير قوله تعالى: (وإنه لتذكرة للمتقين ... وإنه لحسرة على الكافرين)
-
تفسير قوله تعالى: (وإنه لحق اليقين فسبح باسم ربك العظيم)