الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
صفة الصلاة التي ذكرناها في حلقةٍ سابقة تشتمل على أركان الصلاة وواجباتها وسننها، وأهل العلم رحمهم الله ذكروا أن ما يكون من هذه الصفة ينقسم إلى أركانٍ وواجباتٍ وسنن، على اتفاقٍ فيما بينهم في بعض الأركان والواجبات، وخلاف فيما بينهم في بعضها.
فلو بدأ بالسجود قبل الركوع لم تصح صلاته؛ لأنه أخلّ بالترتيب.
الشيخ: إذا ترك ركناً من الأركان متعمداً فصلاته باطلة، تبطل بمجرد تركه، أما إذا كان ناسياً فإنه يعود إليه، فلو نسي أن يركع ثم سجد حين أكمل قراءته ثم ذكر وهو ساجد أنه لم يركع فإنه يجب عليه أن يقوم فيركع ثم يكمل صلاته، ويجب عليه أن يرجع إلى الركن الذي تركه ما لم يصل إلى مكانه من الركعة الثانية، فإن وصل إلى مكانه من الركعة الثانية قام في الركعة الثانية مقام الركعة التي تركه منها، فلو أنه لم يركع ثم سجد وجلس بين السجدتين وسجد الثانية ثم ذكر، فإنه يجب عليه أن يقوم فيركع ثم يستمر ويكمل صلاته.
أما لو لم يذكر أنه ركع إلا بعد أن وصل إلى موضع الركوع من الركعة الثانية فإن الركعة الثانية هذه تقوم مقام الركعة التي ترك ركوعها، وهكذا لو نسي الإنسان السجدة الثانية ثم قام من السجدة الأولى، ولما قرأ ذكر أنه لم يسجد السجدة الثانية ولم يجلس أيضاً بين السجدتين فيجب عليه حينئذٍ أن يرجع ويجلس بين السجدتين ثم يسجد السجدة الثانية ثم يكمل صلاته، بل لو لم يذكر أنه ترك السجدة الثانية والجلوس بين السجدتين إلا بعد أن ركع فإنه يجب عليه أن ينزل ويجلس ويسجد ثم يستمر في صلاته، أما لو لم يذكر أنه ترك السجود الثاني من الركعة الأولى إلا بعد أن جلس بين السجدتين في الركعة الثانية فإن الركعة الثانية تقوم مقام الأولى، وتكون هي ركعته الأولى، وفي كل هذه الصور التي ذكرناها يجب عليه أن يسجد سجود السهو؛ لما حصل من الزيادة في الصلاة بهذه الأفعال، ويكون سجوده بعد السلام؛ لأن سجود السهو إذا كان سببه الزيادة فإن محله بعد السلام، كما تدل على ذلك سنة الرسول صلى الله عليه وسلم.
الشيخ: إذا شك في تركه فهو لا يخلو من ثلاث حالات:
- إما أن يكون هذا الترك وهماً لا حقيقة له، فهذا لا يؤثر عليه، بل يستمر في صلاته ولا كأنه حصل له شيء
- وإما أن يكون هذا الشك كثيراً معه كما يوجد في كثيرٍ من الموسوسين نسأل الله لنا ولهم العافية، فلا يلتفت إليه أيضاً، بل يستمر في صلاته، حتى لو خرج من صلاته وهو يرى أنه مقصرٌ فيها فليفعل، ولا يهمه ذلك.
- وإما أن يكون شكه بعد الفراغ من الصلاة، فكذلك أيضاً لا يلتفت إليه ولا يهتم به ما لم يتيقن أنه ترك.
وأما إذا كان الشك في أثناء الصلاة فإن العلماء يقولون: من شك في ترك ركنٍ فكتركه، إذا كان الشك في أثناء الصلاة وكان شكاً حقيقياً ليس وهماً ولا وسواساً، فلو أنه سجد وفي أثناء سجوده شك هل ركع أو لم يركع فإنا نقول له: قم فاركع؛ لأن الأصل عدم الركوع، إلا إذا غلب على ظنه أنه راكع، لأن الصحيح أنه إذا غلب على ظنه أنه راكع فإنه يعتد بهذا الظن الغالب ولكن يسجد للسهو بعد السلام، وسجود السهو في الحقيقة أمرٌ مهم ينبغي للإنسان أن يعرفه ولا سيما الأئمة، وقد كان كثيرٌ من الناس يجهل ذلك، وهو أمرٌ لا ينبغي من مثلهم، بل الواجب على المؤمن أن يعرف حدود ما أنزل الله على رسوله.
الشيخ: هذا يقع كثيراً كما قلت، يدخل اثنان مع الإمام ثم ينسى أحدهما كم صلى أو كم أدرك مع إمامه، فيقتدي بالشخص الذي إلى جنبه، فنقول: لا بأس أن يقتدي بالشخص الذي إلى جنبه إذا لم يكن عنده ظنٌ أو يقينٌ يخالفه؛ لأن هذا رجوعٌ إلى ما يغلب على ظنه، والرجوع إلى ما يغلب على ظنه في باب العبادات لا بأس به على القول الراجح.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر