الباب السابع عشر: (باب: كيفية قسمة الغنيمة بين الحاضرين). أي: بين الغانمين أو المجاهدين.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا يحيى بن يحيى وأبو كامل -الجحدري- فضيل بن حسين كلاهما عن سليم -وهو سليم بن أخضر- قال يحيى: أخبرنا سليم بن أخضر عن عبيد الله بن عمر -وهو العمري- قال: حدثنا نافع -وهو نافع الفقيه المدني مولى عبد الله بن عمر- عن مولاه عبد الله بن عمر : (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم في النفل: للفرس سهمين، وللرجل سهماً)].
وأنتم تعلمون أن النفل ليس محلاً للقسمة، وإنما النفل للنبي عليه الصلاة والسلام ينفله من يشاء كيف شاء، أو للإمام ينفله كيف شاء ومتى شاء، ويحرم منه من شاء، ولكن النبي عليه الصلاة والسلام أراد بهذا النفل: الغنيمة. وسماها تجوزاً نفلاً؛ لأنها في اللغة: نفل. والنفل في اللغة هو الزيادة والعطية.
وقوله: (للرجل) رجل: مفرد رجال، بخلاف الراجل، فهو الذي يمشي على رجليه وهو مفرد راجلون أو رجال: (رجالاً وركبانا).
[حدثناه ابن نمير قال: حدثنا أبي حدثنا عبيد الله بهذا الإسناد مثله ولم يذكر: (في النفل)].
أي: (قسم النبي عليه الصلاة والسلام للفرس سهمين وللرجل سهماً) هذه رواية الجماهير. وهناك رواية أخرى يقول في بعضها: (للفرس سهمين وللراجل سهم) أي: الذي يمشي على رجليه يأخذ سهماً، والذي يركب فرساً يأخذ سهمين: (سهم له وسهم لفرسه). وفي بعضها: (للفارس سهمين).
والمراد بالنفل هنا كما قلنا: الغنيمة، وأطلق عليها اسم النفل؛ لكونها تسمى نفلاً لغة، فإن النفل في اللغة: الزيادة والعطية، وهذه عطية من الله تعالى، وزيادة لهذه الأمة على ما كانت الأمم من قبل، فإن إباحة الغنائم من خصائص أمة الإسلام، ولم تكن حلالاً للأمم السابقة.
أما الجمهور فقالوا: يكون للراجل سهم واحد وللفارس ثلاثة أسهم، سهمان بسبب فرسه وسهم له.. هذا مذهب الجمهور.
وممن قال بهذا: ابن عباس ومجاهد والحسن وابن سيرين وعمر بن عبد العزيز ومالك والأوزاعي والثوري والليث والشافعي وأبو يوسف ومحمد وأحمد وإسحاق وأبو عبيد وابن جرير وآخرون.
فمذهب الجمهور: الذي يركب خيلاً له سهم، ولخيله سهمان، فتكون عنده هنا ثلاثة أسهم. أما الذي شارك في الجهاد على رجليه -الراجل- فله سهم واحد.
إذاً: سواء كان راجلاً أو راكباً فله سهم، أما الفرس فله سهمان.
وأما الأحناف وبالذات أبو حنيفة قال: للفارس سهمان فقط: سهم له وسهم لفرسه.
قالوا: ولم يقل بقوله هذا أحد. أي: كأن أبا حنيفة تفرد بهذا. وهو في الحقيقة لم يتفرّد؛ لأن ذلك قد روي عن علي بن أبي طالب وأبي موسى الأشعري .
أما حجة الجمهور فهذا الحديث، وهو صريح على رواية من روى: (للفرس سهمين، وللرجل سهماً) بغير ألف في الرجل. يعني: لم يقل: للراجل. ومن روى: (وللراجل) فروايته محتملة، فيتعين حملها على موافقة الأولى جمعاً بين الروايتين.
فالمذهب الراجح في القضية وهو مذهب الجمهور: أن من شارك في الجهاد بفرسه يأخذ ثلاثة أسهم: واحداً لنفسه، واثنين لفرسه.
أما من شارك في الجهاد بغير فرس -أي: على رجليه- فله سهم واحد.
وأما مذهب الأحناف فمذهب مرجوح إن لم يكن ضعيفاً، وقد جاء عن غير واحد من السلف (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سهم لرجل ولفرسه ثلاثة أسهم: سهماً له، وسهمين لفرسه). هذه الرواية صريحة أن للفارس سهماً وللفرس سهمين.
ومثله من رواية ابن عباس وأبي عمرة الأنصاري رضي الله عنهم: (ولو حضر بأفراس -جمع فرس- لم يسهم إلا لفرس واحد). أي: لو يأتي بخمسة من الخيل أو ثلاثة أو عشرة أو أقل أو أكثر، وأراد أن يأخذ لكل فرس من هذا الخيل سهمين يمنع من ذلك. وهذا مذهب الجمهور، فلا يسهم له إلا لفرس واحد.
والقائل بهذا المذهب: الحسن ومالك وأبو حنيفة والشافعي ومحمد بن الحسن رضي الله عنهم.
أما الأوزاعي والثوري والليث وأبو يوسف رضي الله عنهم قالوا: يسهم لفرسين. ويروى مثله أيضاً عن الحسن ومكحول ويحيى الأنصاري وابن وهب وغيره من المالكيين. قالوا: ولم يقل أحد: إنه يسهم لأكثر من فرسين إلا شيئاً روي عن سليمان بن موسى : أنه يُسهم لما هو أكثر من ذلك.
لكن الأصل: أن من شارك في الجهاد بأفراس فمذهب الجمهور أنه لا يُسهم إلا لفرس واحد. وغير الجمهور قالوا: يُسهم لفرسين دون بقية الأفرس، فلو أنه شارك بعشرة لا يُسهم إلا للاثنين، وفي الحقيقة ليس هناك دليل على منع إعطاء الأسهم لما هو أكثر من واحد؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (للفارس سهم وللفرس سهمان) والمعلوم أن الفارس صاحب الأفرس لا يجاهد إلا على فرس واحد.
والمعلوم أن بقية الأفرس لا قيمة لها حتى يستخدمها مجاهدون آخرون، ولو أنها تركت في الجهاد بغير قتال أو بغير فارس فإنها لا تنفع ولا تشفع حينئذ، فلا بد أن يوجهها وأن يركبها فارس مجاهد.
فتبيّن لو أن واحداً أتى إلى الجهاد راجلاً واستخدم فرس غيره: هل يُسهم له أو لا يُسهم؟ الذي يترجّح لدي أن هذا الفرس يُسهم له سهمان، لكن من يأخذ هذا السهم؟ هل صاحبه الذي يأخذه، أم الفارس الذي ركبه؟
هذه المسألة محل نزاع بين العلماء.
الغنائم مباحة على هذه الأمة حرام على غيرها.
قال: [حدثنا هناد بن السري حدثنا ابن المبارك -وهو عبد الله بن المبارك- عن عكرمة بن عمار حدثني سماك الحنفي -وهو سماك بن الوليد الحنفي - قال: سمعت ابن عباس يقول: حدثني عمر بن الخطاب قال: لما كان يوم بدر]. أراد أن يتكلم فقطعه إسناد آخر، ثم ينضم بداية الحديث وطرفه الأول مع طرفه الثاني.
قال: [(ح) وحدثنا زهير بن حرب -واللفظ له- قال: حدثنا عمر بن يونس الحنفي] وقوله: (واللفظ له) أي: لـزهير؛ ليدل على أن السياق الآتي إنما هو سياق زهير بن حرب وليس سياق هناد بن السري ، وهنا معنا إسنادان لـمسلم أحدهما من طريق هناد والآخر من طريق زهير ، فهذا السياق الذي في هذا الحديث إنما هو سياق زهير بن حرب.
قال: [حدثنا عكرمة بن عمار حدثني أبو زميل -وهو سماك بن الوليد الحنفي - قال: حدثني عبد الله بن عباس قال: حدثني عمر بن الخطاب قال: (لما كان يوم بدر نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين وهم ألف)] والحقيقة أنهم كانوا أكثر من ألف، فقد كانوا ألفاً وثلاثمائة تقريباً، والمسلمون كانوا ثلاثمائة فقط أو ثلاثمائة وبضعة عشر، فنظر النبي عليه الصلاة والسلام إلى المشركين وكانوا كثرة في العدد نسبة إلى عدد المسلمين.
يهتف: يستغيث ويدعو ويصيح ويرفع صوته.
قوله: (استقبل نبي الله القبلة، ثم مد يديه وجعل يهتف بربه) هذا من آداب الدعاء: أن يستقبل القبلة وأن يرفع يديه.
والحافظ السيوطي له كتاب عظيم جداً في بابه اسمه: (فض الوعاء في أحاديث رفع اليدين بالدعاء).
وهذا من الآداب وليس من الأحكام؛ ولذلك العلماء يعتبرون أن في باب المتواتر المعنوي: رفع الأيدي في الدعاء، وأنها فطرة فطر الناس عليها، من أراد أن يدعو حتى وإن كان أجهل الناس ولا علم له بالكتاب ولا بالسنة يرفع يديه، حتى الأم أو الجدة التي لم تطلب علماً أول ما تريد أن تدعو ترفع يديها، فهذه فطرة وليست كما قيل: السماء قبلة الدعاء. فهذا كلام غير صحيح. نعم. الله تعالى في السماء، لكن بعض أهل العلم نسب كلام آحاد الناس إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وليست هذه النسبة بصحيحة.
قال: [(فاستقبل نبي الله صلى الله عليه وسلم القبلة ثم مد يديه فجعل يهتف بربه -جعل يهتف أي: ينادي ويصيح- ويقول: اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم آت ما وعدتني -أي: آتني ما وعدتني- اللهم إن تهلك هذه العصابة -أي: هذه الجماعة من الناس ومن الجنود والصحابة- اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تُعبد في الأرض، فما زال يهتف بربه ماداً يديه مستقبل القبلة حتى سقط رداؤه عن منكبيه، فأتاه
والنبي صلى الله عليه وسلم استشار أبا بكر وعمر فحسب، وهذا يدل على المنزلة العظيمة لهذين الرجلين في حياة النبي صلى الله عليه وسلم بل في صدر الدعوة، وغزوة بدر كانت في العام الثاني من الهجرة، في شهر رمضان لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان، وكانت في يوم الجمعة على الراجح من أقوال أهل العلم. وقيل: في يوم الاثنين، والسند إليه ضعيف، بل كانت في يوم الجمعة، وكانت في النهار لا في الليل، وكان اليوم حاراً شديد الحرارة.
[فقال: (وأنت يا
قال: [(فتمكن
فالإسلام والإيمان يفرّق بين المرء وأبيه وزوجه وولده، وهذا منتهى الولاء والبراء، الولاء للإسلام والبراء من الكفر وأهله مهما كان قريباً.
فقال: [(فتمكن
قال: [(أبكي للذي عرض علي أصحابك من أخذهم الفداء، لقد عرض علي عذابهم أدنى من هذه الشجرة وأنزل الله عز وجل: مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ [الأنفال:67])] يثخن في الأرض. أي: يقتلهم.
إذاً: فالقرآن نزل موافقاً لرأي عمر ، وهذا من أعظم مواطن الموافقة بين رأي عمر والوحي. أي: أنه الوحيد الذي كان واقفاً ضد أمر الفداء.
قال: [(إلى قوله: فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالًا طَيِّبًا [الأنفال:69] فأحل الله الغنيمة لهم)].
الغنائم مباحة على هذه الأمة حرام على غيرها.
قال: [حدثنا هناد بن السري حدثنا ابن المبارك -وهو عبد الله بن المبارك- عن عكرمة بن عمار حدثني سماك الحنفي -وهو سماك بن الوليد الحنفي - قال: سمعت ابن عباس يقول: حدثني عمر بن الخطاب قال: لما كان يوم بدر]. أراد أن يتكلم فقطعه إسناد آخر، ثم ينضم بداية الحديث وطرفه الأول مع طرفه الثاني.
قال: [(ح) وحدثنا زهير بن حرب -واللفظ له- قال: حدثنا عمر بن يونس الحنفي] وقوله: (واللفظ له) أي: لـزهير؛ ليدل على أن السياق الآتي إنما هو سياق زهير بن حرب وليس سياق هناد بن السري ، وهنا معنا إسنادان لـمسلم أحدهما من طريق هناد والآخر من طريق زهير ، فهذا السياق الذي في هذا الحديث إنما هو سياق زهير بن حرب.
قال: [حدثنا عكرمة بن عمار حدثني أبو زميل -وهو سماك بن الوليد الحنفي - قال: حدثني عبد الله بن عباس قال: حدثني عمر بن الخطاب قال: (لما كان يوم بدر نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين وهم ألف)] والحقيقة أنهم كانوا أكثر من ألف، فقد كانوا ألفاً وثلاثمائة تقريباً، والمسلمون كانوا ثلاثمائة فقط أو ثلاثمائة وبضعة عشر، فنظر النبي عليه الصلاة والسلام إلى المشركين وكانوا كثرة في العدد نسبة إلى عدد المسلمين.
يهتف: يستغيث ويدعو ويصيح ويرفع صوته.
قوله: (استقبل نبي الله القبلة، ثم مد يديه وجعل يهتف بربه) هذا من آداب الدعاء: أن يستقبل القبلة وأن يرفع يديه.
والحافظ السيوطي له كتاب عظيم جداً في بابه اسمه: (فض الوعاء في أحاديث رفع اليدين بالدعاء).
وهذا من الآداب وليس من الأحكام؛ ولذلك العلماء يعتبرون أن في باب المتواتر المعنوي: رفع الأيدي في الدعاء، وأنها فطرة فطر الناس عليها، من أراد أن يدعو حتى وإن كان أجهل الناس ولا علم له بالكتاب ولا بالسنة يرفع يديه، حتى الأم أو الجدة التي لم تطلب علماً أول ما تريد أن تدعو ترفع يديها، فهذه فطرة وليست كما قيل: السماء قبلة الدعاء. فهذا كلام غير صحيح. نعم. الله تعالى في السماء، لكن بعض أهل العلم نسب كلام آحاد الناس إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وليست هذه النسبة بصحيحة.
قال: [(فاستقبل نبي الله صلى الله عليه وسلم القبلة ثم مد يديه فجعل يهتف بربه -جعل يهتف أي: ينادي ويصيح- ويقول: اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم آت ما وعدتني -أي: آتني ما وعدتني- اللهم إن تهلك هذه العصابة -أي: هذه الجماعة من الناس ومن الجنود والصحابة- اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تُعبد في الأرض، فما زال يهتف بربه ماداً يديه مستقبل القبلة حتى سقط رداؤه عن منكبيه، فأتاه
والنبي صلى الله عليه وسلم استشار أبا بكر وعمر فحسب، وهذا يدل على المنزلة العظيمة لهذين الرجلين في حياة النبي صلى الله عليه وسلم بل في صدر الدعوة، وغزوة بدر كانت في العام الثاني من الهجرة، في شهر رمضان لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان، وكانت في يوم الجمعة على الراجح من أقوال أهل العلم. وقيل: في يوم الاثنين، والسند إليه ضعيف، بل كانت في يوم الجمعة، وكانت في النهار لا في الليل، وكان اليوم حاراً شديد الحرارة.
[فقال: (وأنت يا
قال: [(فتمكن
فالإسلام والإيمان يفرّق بين المرء وأبيه وزوجه وولده، وهذا منتهى الولاء والبراء، الولاء للإسلام والبراء من الكفر وأهله مهما كان قريباً.
فقال: [(فتمكن
قال: [(أبكي للذي عرض علي أصحابك من أخذهم الفداء، لقد عرض علي عذابهم أدنى من هذه الشجرة وأنزل الله عز وجل: مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ [الأنفال:67])] يثخن في الأرض. أي: يقتلهم.
إذاً: فالقرآن نزل موافقاً لرأي عمر ، وهذا من أعظم مواطن الموافقة بين رأي عمر والوحي. أي: أنه الوحيد الذي كان واقفاً ضد أمر الفداء.
قال: [(إلى قوله: فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالًا طَيِّبًا [الأنفال:69] فأحل الله الغنيمة لهم)].
وثبت في صحيح البخاري عن ابن مسعود أن يوم بدر كان يوماً حاراً.
(يهتف) فمعناه: يصيح ويستغيث بالله بالدعاء.
وفي هذا الحديث: استحباب استقبال القبلة في الدعاء ورفع اليدين فيه.
بعض أهل العلم قال: لا تُرفع الأيدي إلى السماء، ولا يستقبل القبلة إلا في المواطن التي صح فيها استقبال القبلة ورفع الأيدي في الدعاء.
وجماهير الفقهاء يقولون: يستحب رفع الأيدي في الدعاء واستقبال القبلة في كل دعاء، واعتبروه من المتواتر المعنوي، ولا أقصد قنوت الفجر، فالأصل ألا يقنت في الفجر، وإنما يُقنت في جميع الصلوات في النوازل، وهذه هي السنة التي استقر عليها كلام المحققين.
فأنت بطبيعة الحال إذا كنت في الصلاة فإنك ستكون مستقبلاً القبلة، فترفع يديك، وهذا المسنون والوارد عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه كان يرفع يديه شهراً كاملاً في صلاته يدعو على رعل وذكوان، وكان يرفع يديه في صلاة الاستسقاء، وكان يرفع يديه إذا زار البقيع، إلا في يوم الجمعة، فإنه لم يثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه كان يرفع يديه، وإنما كان يرفع السبابة إذا دعا عليه الصلاة والسلام، أما المأموم فلا يرفع لا يديه ولا السبابة، بل قد ورد عند ابن أبي شيبة في المصنف وعبد الرزاق في المصنف كذلك: أن بعض السلف كـعطاء والسدي وقتادة وغير واحد: كان إذا رأى رجلاً من الناس رفع أصبعه أو رفع يديه كان يخفضها يزجره زجراً. بمعنى: يضربها له أو يخبطها يزجره عن ذلك، فإذا كان هذا ثابتاً عن بعض السلف بغير نكير ولا مخالفة فيكون بلا شك أن: السنة ترك رفع المأمومين أيديهم خلف الإمام.
ويسن للإمام إذا دعا أن يرفع السبابة ولا يرفع يده وهذا في أثناء الجمعة.
قوله: (اللهم إنك إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض) فالعصابة بمعنى: الجماعة.
قال: (العلماء: هذه المناشدة إنما فعلها النبي صلى الله عليه وسلم ليراه أصحابه بتلك الحال من الذل والخضوع لله عز وجل، فيتواضعون ويذلون ويخضعون، فتقوى قلوبهم بدعائه وتضرعه، مع: أن الدعاء عبادة مستقلة). كما قال عليه الصلاة والسلام: (الدعاء هو العبادة).
فالدعاء عبادة مستقلة سواء كان للداعي حاجة أو لم يكن له حاجة، فالدعاء عبادة مستقلة.
قال: (وقد كان وعده الله عز وجل إحدى الطائفتين: إما العير، وإما الجيش). أي: عير التجارة، وأنتم تعلمون أن قافلة المشركين كانت قادمة من الشام، فتلقاها النبي عليه الصلاة والسلام عند ماء بدر، والمعلوم أن العير قد مضت ولم يدركهم النبي صلى الله عليه وسلم وهم ذهاب، وإنما أدركهم وهم رجوع وإياب، فلم يبق إلا الجيش لأن العير قد انتهت، وقد باعوا تجاراتهم بالشام، وفي حين قدومهم ورجوعهم رجعوا بجيش، أما العير فقد انتهت ومضى أمرها، فهناك اعتقاد جازم ويقين قوي بأن النبي صلى الله عليه وسلم سينتصر في هذه الغزوة؛ لأن الله وعده إحدى الطائفتين، فواحدة ذهبت ولم يبق إلا الثانية، فلا بد أن الله تعالى منجز له ما وعده، فلِم الدعاء إذاً؟ الجواب: لأنه عبادة.
قال: (وقد كان وعد الله تعالى إحدى الطائفتين إما العير وإما الجيش، وكانت العير قد ذهبت وفاتت، فكان على ثقة من حصول الأخرى،وهي أنه يتمكن من رقاب المشركين، ولكن سأل تعجيل ذلك وتنجيزه من غير أذى يلحق المسلمين).
أما قول هذا الأنصاري: أنه سمع في السماء صوتاً يقول: (أقدم حيزوم).
قال: (الحيزوم) أو (الحيزون) على روايتين: اسم فرس الملك، كأن هذا الملك نزل من السماء وهو راكب فرساً، وهذا الفرس اسمه (حيزوم) بالميم أو (حيزون) بالنون، وكأن الملك يدفع الفرس دفعاً ويستعجله ويتعجّله ويقول له: أقدم وتقدم ليضرب عنق هذا المشرك، فهذا الصوت سمعه الأنصاري ولم ير مصدر الصوت.
(أقدم حيزوم): كلام سمعه من الملك، وحيزوم: اسم فرس.
ولكن هل للفرس الذي كان يركبه الملك سهمين، وكذلك الملك هل له سهم؟ الجواب: لا يأخذ شيئاً لا هو ولا فرسه.
ولو أسميت فرسك (حيزوماً) أو (حيزوناً) فلا بأس بذلك، ولو أسميت ناقتك العضباء لكان أولى؛ لأن هذه ناقة النبي عليه الصلاة والسلام.
قال: (وحيزوم اسم فرس الملك، كأنه قال له يناديه: يا حيزوم! أقدم). من الإقدام.
قال: (وهي كلمة زجر للفرس معلومة في كلام العرب)، والملك إنما نادى على الفرس بنداء يفهمه السامع، كأنها بشارة لهذا الأنصاري نحن معك، مدد من السماء قد جاء.
قال: (فإذا هو قد خُطم أنفه) الخطم هو: الأثر على الأنف. أي: كأنه كسّر له أنفه.
قال: (فهوى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال أبو بكر).
أي: أحب ذلك واستحسنه، وهو من الهوى: المحبة.
(ولم يهو ما قلت) أي: ولم يهو النبي صلى الله عليه وسلم ما قال عمر رضي الله عنه.
وأما قوله: مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ [الأنفال:67].
أي: يكثر القتل والقهر في العدو. وهذا أولى.
لكن بلا شك قضية الأولى وعدم الأولى متعلقة بتوابع أخرى موجودة في كتب الفقه المطولة، كالمغني والمجموع وغير ذلك. أي: لو كان هناك إمام يقاتل الكفار بجيش المسلمين، فأُسر من المسلمين ألف، وأُسر من الكافرين ألف، فماذا نعمل؟ هل نقتل الأسرى أم نبدّلهم؟
الجواب: نبدّل الأسرى بلا شك؛ لأن حذاء المسلم المجاهد أغلى من رقاب جميع الكافرين، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: (لا يُقتل مؤمن بكافر). فإذا كان عند الكافرين ما يوازي عدد ما عندي لهم من أسرى، أو أقل مما عندي فأنا أفدي عشرة من المسلمين بمائة من الكافرين ولا حرج.
وفي هذا بيان آخر: هل الأسرى الذين عندي من أئمة الكفر وأصحاب المشورة. أي: أصحاب الخطط العسكرية التكتيكية الذين يتوقف هزيمة الكفار ونصر الكفّار عليهم أم لا؟
الجواب: لا بد أن هناك اعتبارات أخرى كثيرة، لكن لو أن عامة المأسورين من المسلمين وعامة الأسرى عندي من عامة المشركين فلا بأس بالبدل حينئذ.
أما إذا كان عندي من الأسرى ما ليس عندهم، كأن لم يأخذوا مني أسرى، وأنا قد أخذت منهم، فالأولى بلا نزاع -وهو الذي يوافق نص الآية- قتل هؤلاء إلا أن يسلموا، ولو حتى أسلموا في القتل.
قال: [حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث عن سعيد بن أبي سعيد -وهو المقبري - أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: (بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خيلاً قِبل نجد)] والخيل: هي السرية، عبّر هنا بالخيل عن السرية، ونجد هي المعروفة الآن بالرياض والمدن المجاورة لها.
قال: [(فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له:
قال: يا محمد أنا بخير، إن أردت أن تمن عليّ بفكاك الأسر فستجدني لك شاكراً، وإن قتلتني فأنا عظيم في قومي صاحب دم، ولا يمكن لمن ورائي أن يفرطوا في دمي. وهذا يدل على أن لديه عزاً مع أنه مشرك. يقول له: فأنت لو قتلتني لن يتركوك قومي، فكأنه يريد أن يقول هذا، وهذا أرجح الأقوال في معنى ذلك. وهناك أقوال أخرى سنتعرف عليها.
قال: [(وإن تنعم تنعم على شاكر، وإن تقتل تقتل ذا دم، وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت، فتركه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان من الغد فقال: ماذا عندك يا
أرأيتم هذا الكلام الجميل! فهو خشي أن ينطق بهذا وهو في الأسر حتى لا يقولوا: إن هذا مجرد خوف، وما أسلم إلا فراراً من القتل! فالسيد يظل سيداً طيلة عمره، والسيد لا يصلح أن يكون عبداً في أخلاقه وأدبه، فهذا الرجل أبى أن يُسلم في حال الأسر، حتى لا يقال: إن الحامل له على الدخول في الإسلام الخوف والرعب. وأيضاً يرد بقوة فيقول: فأنت لو قتلتني فلن يتركوك قومي، فاغتسل ثم دخل المسجد فنطق بالشهادتين ثم قال: [(يا محمد! والله ما كان على الأرض وجه أبغض إلي من وجهك، فقد أصبح وجهك أحب الوجوه كلها إلي)] وهكذا الإيمان إذا خالطت بشاشته القلوب. قال: [(والله ما كان من دين أبغض إلي من دينك، فأصبح دينك أحب الدين كله إلي، والله ما كان من بلد أبغض إلي من بلدك، فأصبح بلدك أحب البلاد كلها إلي، وإن خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة)] أي قد كنت أتيت لأجل العمرة، وهذا يدل على أن الحج والعمرة نسك قديم منذ زمن إبراهيم عليه السلام. وقيل: منذ زمن آدم عليه السلام، وأنتم تعلمون أن النبي عليه الصلاة والسلام حج مرتين قبل البعثة على ملة إبراهيم عليه السلام، فالمشركون كانوا يحجون ويعتمرون إلى البيت.
قال: [(وإن خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة، فماذا ترى؟)] أي: بماذا تشير علي؟ هل تأمرني بالذهاب إلى العمرة؟ وهذا أدب شديد؛ لأنه علم أنه بجوار النبي صلى الله عليه وسلم ليس سيداً، بل هو مؤتمر بأوامره منته عما نهاه عنه. قال: فماذا ترى يا رسول الله؟!
قال: [(فبشره رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره أن يعتمر، فلما قدم مكة قال له قائل: أصبوت؟)] وفي رواية: (أصبأت) أي: أخرجت من الملة؟! بل هو دخل في الملة، ودخل في الحنفية السمحاء ملة الإسلام. يقول: أصبوت؟ يعني: أتركت دينك واتبعت دين محمد؟ فقال: [(لا، ولكني أسلمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم -وهذا الكلام يذكرنا بملكة سبأ- ثم قال: ولا والله لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم)] وهذا يدل على التبادل الاقتصادي الذي كان بين أهل مكة وأهل نجد، فأهل نجد أهل زراعة، وأهل مكة أهل تجارة، فكانت الحنطة تأتي أهل مكة من نجد، والذي كان يسمح بها ويأذن بها هو ثمامة لأنه سيد اليمامة. فقال: (ولا والله لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة)وهكذا يأتي ثمامة بن أثال ويقطع العلاقات الاقتصادية بين أهل اليمامة وأهل مكة، فيقول لهم: لن نأتيكم بشيء من الحنطة بعد ذلك، فليس هناك تبادل تجاري بيننا ولا تبادل اقتصادي، حتى يأذن في ذلك ويسمح رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هذا الحديث: فيه دلالة على جواز المقاطعة الاقتصادية، وفيه دلالة على استحباب مقاطعة المنتجات اليهودية والأمريكية والأوروبية.
قال: [حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث عن سعيد بن أبي سعيد -وهو المقبري - أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: (بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خيلاً قِبل نجد)] والخيل: هي السرية، عبّر هنا بالخيل عن السرية، ونجد هي المعروفة الآن بالرياض والمدن المجاورة لها.
قال: [(فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له:
قال: يا محمد أنا بخير، إن أردت أن تمن عليّ بفكاك الأسر فستجدني لك شاكراً، وإن قتلتني فأنا عظيم في قومي صاحب دم، ولا يمكن لمن ورائي أن يفرطوا في دمي. وهذا يدل على أن لديه عزاً مع أنه مشرك. يقول له: فأنت لو قتلتني لن يتركوك قومي، فكأنه يريد أن يقول هذا، وهذا أرجح الأقوال في معنى ذلك. وهناك أقوال أخرى سنتعرف عليها.
قال: [(وإن تنعم تنعم على شاكر، وإن تقتل تقتل ذا دم، وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت، فتركه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان من الغد فقال: ماذا عندك يا
أرأيتم هذا الكلام الجميل! فهو خشي أن ينطق بهذا وهو في الأسر حتى لا يقولوا: إن هذا مجرد خوف، وما أسلم إلا فراراً من القتل! فالسيد يظل سيداً طيلة عمره، والسيد لا يصلح أن يكون عبداً في أخلاقه وأدبه، فهذا الرجل أبى أن يُسلم في حال الأسر، حتى لا يقال: إن الحامل له على الدخول في الإسلام الخوف والرعب. وأيضاً يرد بقوة فيقول: فأنت لو قتلتني فلن يتركوك قومي، فاغتسل ثم دخل المسجد فنطق بالشهادتين ثم قال: [(يا محمد! والله ما كان على الأرض وجه أبغض إلي من وجهك، فقد أصبح وجهك أحب الوجوه كلها إلي)] وهكذا الإيمان إذا خالطت بشاشته القلوب. قال: [(والله ما كان من دين أبغض إلي من دينك، فأصبح دينك أحب الدين كله إلي، والله ما كان من بلد أبغض إلي من بلدك، فأصبح بلدك أحب البلاد كلها إلي، وإن خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة)] أي قد كنت أتيت لأجل العمرة، وهذا يدل على أن الحج والعمرة نسك قديم منذ زمن إبراهيم عليه السلام. وقيل: منذ زمن آدم عليه السلام، وأنتم تعلمون أن النبي عليه الصلاة والسلام حج مرتين قبل البعثة على ملة إبراهيم عليه السلام، فالمشركون كانوا يحجون ويعتمرون إلى البيت.
قال: [(وإن خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة، فماذا ترى؟)] أي: بماذا تشير علي؟ هل تأمرني بالذهاب إلى العمرة؟ وهذا أدب شديد؛ لأنه علم أنه بجوار النبي صلى الله عليه وسلم ليس سيداً، بل هو مؤتمر بأوامره منته عما نهاه عنه. قال: فماذا ترى يا رسول الله؟!
قال: [(فبشره رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره أن يعتمر، فلما قدم مكة قال له قائل: أصبوت؟)] وفي رواية: (أصبأت) أي: أخرجت من الملة؟! بل هو دخل في الملة، ودخل في الحنفية السمحاء ملة الإسلام. يقول: أصبوت؟ يعني: أتركت دينك واتبعت دين محمد؟ فقال: [(لا، ولكني أسلمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم -وهذا الكلام يذكرنا بملكة سبأ- ثم قال: ولا والله لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم)] وهذا يدل على التبادل الاقتصادي الذي كان بين أهل مكة وأهل نجد، فأهل نجد أهل زراعة، وأهل مكة أهل تجارة، فكانت الحنطة تأتي أهل مكة من نجد، والذي كان يسمح بها ويأذن بها هو ثمامة لأنه سيد اليمامة. فقال: (ولا والله لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة)وهكذا يأتي ثمامة بن أثال ويقطع العلاقات الاقتصادية بين أهل اليمامة وأهل مكة، فيقول لهم: لن نأتيكم بشيء من الحنطة بعد ذلك، فليس هناك تبادل تجاري بيننا ولا تبادل اقتصادي، حتى يأذن في ذلك ويسمح رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هذا الحديث: فيه دلالة على جواز المقاطعة الاقتصادية، وفيه دلالة على استحباب مقاطعة المنتجات اليهودية والأمريكية والأوروبية.
(ومذهب الشافعي جوازه بإذن مسلم، سواء كان الكافر كتابياً أو غيره).
أي: أن مذهب الشافعي يقول: الكافر يدخل المسجد، لكن لا يدخله إلا بإذن مسلم، وباتفاق أهل العلم أن حمامات المساجد ليست من المساجد، وكذلك الأماكن الملحقة بالمسجد ليست من المسجد، فلا بأس أن يدخلها الكافر، ولا بأس بدخوله المسجد أيضاً، فالمسألة محل نزاع وخلاف بين أهل العلم، لكن الراجح: جواز دخوله، فلو أنه لا يمكن وصوله إلى الحمام إلا بالدخول من المسجد فلا بأس بذلك، لكن مذهب المالكية يقول: لا يجوز. نقول: لو كان لا يجوز مطلقاً فلِم أدخل النبي صلى الله عليه وسلم ثمامة في المسجد وربطه؟ ألم تعلم أن الأعراب كانوا يأتون فيربطون إبلهم خارج المسجد ويدخلون؟ كذلك الرجل الذي بال في المسجد. وفي رواية البخاري : أنه أتى فربط بعيره في المسجد. وفي رواية: خارج المسجد ودخل فبال، أي: بمجرد أن دخل بال. فالنبي صلى الله عليه وسلم كان بإمكانه أن يربط هذا الكافر أو المشرك خارج المسجد، ولعله في يوم من الأيام تصيبه كلمة. أي لو أن نصرانياً دخل الحمامات فبلا شك أنه سيستغرق وقتاً في الدخول والخروج وقضاء الحاجة، وربما سمع كلمة فكانت فيها هدايته، فلا بأس بذلك.
وعلى أية حال فأصل القول بالجواز هو هذا الحديث، أن النبي صلى الله عليه وسلم ربط ثمامة في المسجد، وكان بإمكانه أن يربطه في أي مكان آخر ولو في بيت أحد من أصحابه، أو أن يؤدبه بأي طريقة شاء لو كان دخول الكافر المسجد لا يصح بكل حال.
ثم لا يقال: إن فلاناً يدخل ويخرج ويدخل ويخرج، فإن ثمامة بن أثال مكث ثلاثة أيام في المسجد، وليس مروراً ولا عبوراً، وإنما مكث وإقامة.
ومذهب الشافعي : جوازه بإذن مسلم. وأتى الشافعي بهذا الشرط من أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي أمر بربطه في المسجد، والأمر بمعنى الإذن.
قال: (وقال عمر بن عبد العزيز وقتادة ومالك : لا يجوز). أي: لا يجوز دخول الكافر المسجد.
قال: (وقال أبو حنيفة رضي الله عنه: يجوز لكتابي دون غيره).
يجوز لكتابي أي: ليهودي أو نصراني ولا يجوز للمشرك. وثمامة كان مشركاً ولم يكن كتابياً.
قال: (ودليلنا على الجميع هذا الحديث) فكأن الإمام النووي يقول: وكل هذه الأقوال غير صحيحة، والصحيح: الجواز، ودليلنا على الجواز هذا الحديث، فإما أن يرد الجميع هذا الحديث، أو أن يقبلوه. ولا يحل لهم أن يردوه؛ لأنه ثابت فلا يبقى لهم إلا القول بمقتضى هذا الحديث وهو جواز الدخول.
وأما قوله تعالى: إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ [التوبة:28] فهو خاص بالحرم، ونحن نقول: لا يجوز إدخاله الحرم.
أي: أن الحرم المكي له خاصية تختلف في بعض الأحكام عن بقية المساجد.
أي: لرياسته وفضيلته). أي: إذا أردت قتلي يا محمد! فاقتلني فلست خائفاً، ولكن لا بد أن تعلم أن ورائي رجالاً يثأرون لدمي، ويأخذون بدمي ولا يدعونه هدراً، فإني رئيس ولي فضيلة في قومي.
قال: (وحذف هذا المفهوم من النص؛ لأنه مفهوم في عرف العرب وفي عرف المتكلم والسامع. وقال آخرون: معناه: تقتل من عليه دم ومطلوب به، وهو مستحق عليه فلا عتب عليك في قتله).
يريد أن يقول: أنا مطلوب دمي. أي: شيء جيد أنك أسرتني، فإذا قتلتني فأنت تريحني؛ لأن هناك أناساً خلفك قتلت لهم قتيلاً وهم يطلبون دم قتيلهم، ولو أدركوني لقتلوني، فأنا في كل الأحوال سأُقتل إذاً: فاقتلني.
قال: (وفي رواية عند أبي داود (وإن تقتل تقتل ذا ذم -وليس ذا دم- أي: ذا ذمام وحرية في قومه، ومن إذا عقد ذمة وفى بها.
قال القاضي : (هذه الرواية ضعيفة؛ لأنها تقلب المعنى). وأرجح الأقوال أنها مصحفة، فإن من له حرمة لا يستوجب القتل.
قال: (ويقول القاضي : ويمكن أن تكون صحيحة على معنى التفسير الأول، أي: يقتل رجلاً جليلاً يحتفل قاتله بقتله، بخلاف ما إذا قتل ضعيفاً مهيناً فإنه لا فضيلة في قتله ولا يدرك به قاتله ثأره).
أي: يمكن أن تكون هذه الرواية صحيحة: (إن تقتل تقتل ذا ذم) بالذال على معنى: أنه صاحب شرف في قومه، فلو كان ضعيفاً هزيلاً لا قيمة له، فلا فضيلة في قتله، إنما الفضيلة في قتل الشريف؛ ولذلك في الحروب الآن يُقتل أناس كثيرون بالمئات والآلاف، وربما لم نعرف لهم أسماء ولا أنساب ولا بلاد ولا أهل ولا جيران وغير ذلك، لكن لو قُتل عظيم شريف يُشار إليه بالبنان لكان قتله ذا شأن.
ولذلك فنحن نفرح حين يُقتل صنديد كبير من صناديد الكفر أو يؤسر، خلاف فرحنا بأسر ألف واحد، فأسر ألف واحد لا يساوون أسر كبير من كبرائهم.
فيه: جواز المن على الأسير، والجواز لا يعني وجوب المن على الأسير، والمن: هو إطلاق سراحه بغير قتل ولا فداء.
فهل هذا جائز في الشرع؟ نعم. هو جائز، لكن ذلك يرجع إلى الإمام، فالإمام هو الذي يملك ذلك، وهذا مذهب الجمهور ومنهم الشافعية.
هل الغسل يلزم أولاً لمن أراد أن يدخل في الإسلام ويترك الكفر، أو ينطق بالشهادة أولاً ثم يغتسل بعد النطق؟
الجواب: ينطق بالشهادة أولاً، ولكن الرواية التي بين أيدينا تقول: أنه انطلق إلى نخل فاغتسل، وأتى إلى النبي عليه الصلاة والسلام وقال: يا رسول الله أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك عبد الله ورسوله. أي: أنه اغتسل أولاً وكان بين الغسل وبين النطق بالشهادة وقت، عندما أتى من هذا النخل ودخل المسجد فشهد الشهادتين.
والمضمون: أنه ربما يكون نطق بالشهادة قبل الاغتسال، أو بعد الاغتسال مباشرة، ثم جددها بين يدي النبي عليه الصلاة والسلام.
قال: (ولا يحل لأحد أن يأذن له في تأخيره، بل يبادر به ثم يغتسل). فلو أن إنساناً أراد أن يسلم الآن فنقول له: اذهب إلى الحمامات اغتسل ثم ائتنا، فلما ذهب إلى الحمامات مات، فالذي يتحمل إثم الرجل هو الرجل الذي أفتاه.
قال: (ولا يحل لأحد أن يأذن له في تأخيره، بل يبادر بالنطق بالشهادتين ثم يغتسل. ومذهبنا: أن اغتساله واجب إن كان عليه جنابة في الشرك).
أي: إن أسلم في حال كونه جنباً، فالاغتسال واجب سواء كان اغتسل منها أم لا.
قال: (وقال بعض أصحابنا: إن كان اغتسل أجزأه وإلا وجب). أي: بعض الشافعية يقولون: إن اغتسل من الجنابة أجزأه هذا الغسل وإن كان قبل النطق بالشهادة، وإلا صار واجباً عليه بعد النطق بها.
إن هذا الأمر أصله الدخول في الإسلام، وأنه يجب ما كان قبله، لكنه لا يجب الجنابة، وإنما يلزمه إذا لم يكن قد اغتسل منها قبل الإسلام، فبعض أهل العلم قالوا: يجزئه هذا الاغتسال ولا يلزمه الغسل بعد النطق ولا قبله.
ومنهم من قال: إذا كان على جنابة اغتسل منها أو لم يغتسل منها قبل النطق لزمه الاغتسال بعد النطق بالشهادة، وإن كان عليه جنابة وأسلم قبل الاغتسال فيلزمه قولاً واحداً أن يغتسل بعد النطق بشهادة الإسلام.
قال: (وقال بعض أصحابنا: إن كان قد غسل أجزأه وإلا وجب. وقال بعض أصحابنا وبعض المالكية: لا غسل عليه، ويسقط حكم الجنابة بالإسلام كما تسقط الذنوب).
لكن في الحقيقة الجنابة ليست ذنباً، والذي يُجب ويُغفر هو الذنوب، وأعظم الذنوب الكفر والشرك، فهذا الكلام لا يستقيم. قال: (وضعّفوا هذا بالوضوء فإنه يلزمه بالإجماع، ولا يقال: يسقط أثر الحدث بالإسلام، هذا كله إذا كان أجنب في الكفر، أما إذا لم يجنب أصلاً ثم أسلم فالغسل مستحب له إذا بلغ الحلم)، والذي يجنب هو الذي بلغ؛ لأن الجنابة والمني أحد علامات البلوغ، بل أعظم علامات البلوغ. هب أن رجلاً أسلم قبل البلوغ هل يجب عليه الغسل؟ الجواب: لا يجب، بل يستحب له الغسل. وهذا مذهب الجماهير.
أما أحمد فقال: يجب عليه الغسل كما لو كان بالغاً.
أما النخل الذي انطلق إليه ثمامة فهو ماء قليل منبعث من الأرض. وقيل: ماء جار.
قد يقول قائل: وهل يجوز أن يكون هذا من باب التوبيخ؟ الجواب: نعم يجوز أن نوبّخهم، وتعلمون أن هارون الرشيد كتب رسالة وقال: من أمير المؤمنين هارون الرشيد إلى نقفور كلب الروم، الجواب على رسالتك ما ترى لا ما تسمع، وسأرسل إليك جيشاً أوله عندك وآخره عندي؛ لأنه موقف عزّة. أما موقف النبي صلى الله عليه وسلم فهو موقف تألف يؤلف قلبه، وهو قادر على العزة، والعزة حينما يكون العدو بعيداً عني وأنا أناقشه بلغة التهديد، لكن في هذا الوقت العدو بين يدي فلماذا أهدده؟ فمن الممكن أن أمسكه وأقتله، فلا قيمة للتهديد حينئذ، فهو بين يدي ضعيف لا حيلة له! فأنا في هذه الحالة ألاطفه بالشمائل والمكارم، فطالما يكون الذي آذاك وخانك وغشّك بعيداً عنك، وأنت تقول: سوف أعمل به كذا وكذا، وسوف أنتقم، ولكن إذا أتاك إلى البيت، هل ستقول له: سأنتقم وأعمل بك كذا وكذا وكذا، وسوف أغشك وأخدعك كما خدعتني، أم أنك ستقول: عفا الله عما سلف، ونفتح صفحة جديدة؟
فكذلك النبي صلى الله عليه وسلم فعل معه.
يعني: بشره بما حصل له من الخير العظيم بسبب الإسلام، وأن ما أنت فيه الآن لا يمكن أن يعدله ما كنت عليه آنفاً من إرادة الخير بإدراك العمرة، وأن الإسلام يهدم ما كان قبله، وأما أمره له بالعمرة فاستحباب، حتى لا يأخذ أحد بأن العمرة واجبة، وحمل الأمر هنا على أنه أمر استحباب. والمسألة محل نزاع بين أهل العلم: هل العمرة مستحبة أم واجبة؟
فالجمهور: على استحبابها، وغيرهم على وجوبها أخذاً من هذا الحديث، ومن قول الله تعالى: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقرة:196] وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وعطف عليه العمرة، والمعلوم أن الحج فرض.
ولكن الجمهور ردوا على من قال بظاهر هذه الآية من وجوب العمرة. قالوا: المقصود من قوله: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ أي: إذا تلبستم بهما، فصار إتمامها واجباً. أي: إذا تلبست بنافلة صار إتمامها واجباً إلا ما خرج بالنص، كقوله عليه الصلاة والسلام: (الصائم المتطوع أمير نفسه، إن شاء صام وإن شاء أفطر) ولم يرد هذا التخيير في عبادة من نوافل العبادات غير الصيام، فتبيّن أن من دخل في صلاة نافلة وجب عليه إتمامها ولا يجب عليه إنشاؤها. مثلاً: سنة العشاء أو سنة المغرب إذا لم أصلها فإنه ذهب عني أجرها ولا يجب عليّ أداؤها، لكني لو أحرمت بها وجب عليّ إتمامها.
فكذلك قول الله تعالى: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقرة:196] التأويل الأول: إذا لبّثتم بالحج والعمرة وأحرمتم بهما وجب إتمامهما. هذا معنى الآية.
والمعنى الثاني: أي أخلصوا العبادة لله تعالى في الحج والعمرة؛ لأنه قال: لله، فليس ظاهر الآية عطف العمرة على الحج في الوجوب، وهذا الذي رد به الجمهور على من قال بأن العمرة واجبة.
فالأمر بالعمرة استحباب؛ لأن العمرة مستحبة في كل وقت لا سيما من هذا الشريف المطاع إذا أسلم، وجاء مراغماً لأهل مكة.
قال: (فطاف وسعى وأظهر إسلامه وأغاظهم بذلك).
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
الجواب: إذا قصد بسبه دين الله عز وجل يكفر جاهلاً كان أو عالماً، إلا ما كان من تفصيل شيخ الإسلام ابن تيمية . قال: لو سب الدين بمعنى: أنه يسب الأخلاق لا يقصد دين الله الذي نزل من السماء فهو لا يكفر بذلك، وإنما يأثم ويعزّر.
الجواب: لا. هي مستحبة، وبعض أهل العلم أوجبها، ووقتها يبدأ بعد صبيحة البناء، ولا يجب فيها اللحم، فالنبي عليه الصلاة والسلام أولم على إحدى نسائه بغير لحم، وما كان يأمر إلا القادرين، كما أمر عبد الرحمن بن عوف قال: (أولم ولو بشاة).
الجواب: ورد في المسجد وفي غير المسجد، والنهي عند أبي داود .
الجواب: المسح على الجورب جائز، فقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يمسح على الخفاف، والتساخين. وهي الجوارب. وكل ما يُطلق عليه جورب جاز عليه المسح، وإن كان رقيقاً وإن كان صفيفاً، وإن كان مخرّقاً أو غير مخرّق، لكن في النفس من الشرابات الشفافة شيء. وهناك شروط قاسية جداً نجدها في كتب الفقه القديمة أنه لا بد أن يكون الشراب قوياً جداً ومتيناً جداً ويصلح للمشي عليه (5) كيلو متر أو (10) كيلو متر بغير أن يتأثر بذلك، ولو وضعنا الماء عليه يجري. لماذا هل هو جلد؟ هو مجرد شراب، فإن وضعت عليه نقطة ماء حتى وإن كان سمكه كالبطانية لا يجري.
وقد يقرأ قارئ أحياناً شروطاً لبعض أهل العلم في المسح على الخفّين، أو يسمع أن بعض أهل العلم يقولون: لا بد من شروط في الجورب، ويبدأ يسرد الشروط، وإذا أردت أن تطبق هذه الشروط على الجوارب مهما كان حجمها لا يمكن أن تنطبق، فيعتقد المرء أن هذه الجوارب التي يتكلم عنها الفقهاء لا يصنعها إلا حداد أو نجار.
الجواب: لا يجوز الاعتكاف إلا في المسجد، والله تعالى يقول: وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ [البقرة:187] فلا يجوز الاعتكاف إلا في المسجد، والاعتكاف جائز في كل أيام السنة، ولكن لا يجوز الاعتكاف مطلقاً إلا في المسجد.
الجواب: قلنا فيما يتعلق بدعاء الخطيب: لا ترفع الأيدي، وإنما ترفع في قنوت الوتر، والله تعالى أعلم.
الجواب: علماني وشيوعي وملحد هذه كلها أسماء لمعنى واحد وهو الكفر.
الجواب: لك أن تفعل معه ما تشاء، فتأخذ منه نظير التعليم، وإن أخذت منه هذا المبلغ فإن شاء الله لا ينقطع أجرك ما دمت قد يسرت على المسلمين ورفعت عنهم الغلاء بهذه الاختراعات، وجزاك الله خيراً.
الجواب: الذي يترجّح لدي أن تارك الصلاة لا يصلى عليه؛ لأنه مات على الكفر.
الجواب: قراءة الفاتحة واجبة في أرجح أقوال أهل العلم.
الجواب: المعلوم أن النبي عليه الصلاة والسلام لم يُحفظ عنه سكتات في الصلاة إلا سكتة بعد تكبيرة الإحرام يقرأ فيها الأذكار، وسكتة قبل الركوع، أما سكتة بعد قراءة الفاتحة وقبل البدء فيما تيسر من الآيات، فلم يُحفظ عنه ذلك، بل عدّها شيخ الإسلام ابن تيمية في الاختيارات الفقهية من البدع المنكرة في الصلاة.
فالأصل إذا فرغ الإمام من الفاتحة وبدأ بعد التأمين مباشرة بسورة، فلا وقت إذاً للمأموم أن يقرأ الفاتحة إلا أن يقرأها آية آية مع الإمام، لكنك ربما تقول: أنتظره وأسكت وأسمع الإمام فإذا فرغ قرأت الفاتحة، فلك أن تفعل ذلك، وقد تقرأ الفاتحة إذا كنت مسبوقاً وأتيت إلى الصلاة بعد فراغ الإمام من فاتحة الكتاب، فكل هذا جائز.
الجواب: هذا الريح يمكن حبسه أو لا يمكن حبسه إلا بجهد ومشقة ودفع عظيم يشغلني عن الخشوع في الصلاة، وأنتم تعلمون أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (لا صلاة بحضرة الطعام ولا هو يدافع الأخبثين) لكن المدافعة هذه تختلف ما بين القوة والضعف، ما بين دفع يسير ودفع يحتاج إلى مشقة عظيمة جداً، وينشغل المرء بذهنه وقلبه عن الصلاة أبداً، ويتمنى لو أن الإمام فرغ من صلاته، فحينئذ لا يجوز له أن يدخل في الصلاة وهو على هذه الحال، وإنما يذهب فيتوضأ ثم يصلي مع الإمام، وإن أدرك الصلاة فكان خيراً، وإن كانت الأخرى فله أجر الجماعة، وما خلّفه عن الجماعة إلا العذر، أما من كان بإمكانه أن يدخل في الصلاة مع شيء يسير من المدافعة فلا بأس بذلك، وإنما المنهي عنه المدافعة التي تشق على صاحبها.
الجواب: الحديث يقول: (ولا صلاة بحضرة الطعام) أي: أنه لا بد أن يكون الطعام حاضراً وموجوداً، ولكن قد يكون الطعام موجوداً أمامك، ولكنك لا تريد أن تأكل منه، وقد تكون جائعاً لكن لا تريد أن تأكل منه ولا تشتهيه نفسك، لكنك مع هذا الجوع إن أكلت منه أكلت على مضض، ولولا الجوع ما أكلت. وهناك إنسان ربما يكون شبعان لكن إذا وضع أمامه طعام جيد فتح شهيته، فإذا ذهب إلى الصلاة بهذا الوضع فإنه سينصرف عن الخشوع في الصلاة، فلا صلاة بحضرة الطعام. أي: والطعام موجود وتتوق نفسك إليه، فإن كان الطعام غير موجود وأنت جائع فيجوز لك الصلاة في هذه الحالة؛ لأن الطعام غير موجود، وتشتهيه وتتوق إليه نفسك.
الجواب: نسأل الله تعالى أن يثبتنا وإياك على العمل الصالح والإيمان الصادق، وباب التوبة يا أخي الكريم! مفتوح حتى تبلغ الروح الحلقوم. هذه التوبة الخاصة بكل أحد، وباب التوبة العام مفتوح حتى تطلع الشمس من مغربها، فباب التوبة مفتوح، ولا يؤيّسك ولا يقنّطك من رحمة الله أحد، فلا تسمع لأحد يحول بينك وبين التوبة، فباب التوبة مفتوح، والله تعالى لا يرد سائلاً له قط.
فإذا كنت من أصحاب المال فتصدق بمالك، وإذا كنت غير ذلك فأكثر من الصلاة والصيام والزكاة، وإذا كنت صاحب مال فحج واعتمر وأكثر من الصالحات.
وقبل كل ذلك يجب عليك أن تطلب العلم وتعرف الله، فأصل الثبات على الدين طلب العلم ومعرفة الله تعالى، فكلما عرفت الله تعالى كلما أحببته أكثر، والمعلوم أن المحب يطيع حبيبه، فطلب العلم مفتاح السعادة، وهو باب كل خير، وإذا تنكبت هذا الطريق فإنك ستعيش مع عامة الناس، وربما جرّتك الفتن وشياطين الإنس والجن إلى المعصية مرة أخرى، وخرجت عن حد الالتزام الذي من الله تعالى به عليك.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر