وضم الإله اسم النبي إلى اسمه إذا قال في الخمس المؤذن أشهد
وشق له من اسمه ليجله فذو العرش محمود وهذا محمد
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71].
أما بعد:
فحديثنا اليوم بحول الله وفضله وتوفيقه يحمل عنوان: تأملات في صفات عباد الرحمن، وهي اثنتا عشرة صفة في سورة الفرقان لعباد الرحمن.
فما هي صفاتهم؟
اسمع إلى قول الله سبحانه: وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا * وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا * وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا * إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا * وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا * وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا * وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا * وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا * وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا * وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا * أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلامًا [الفرقان:63-75]، لن نستطيع أن نقف على كل هذه الصفات، ولكننا سنأخذ بعض هذه الصفات سريعاً.
ثم انظر إلى تواضع النبي محمد صلى الله عليه وسلم: فقد كان يلتحف الأرض، ويردف خلفه، وكان صلى الله عليه وسلم يصافح الصبية، تقول أمنا عائشة : (كان يخصف نعله في بيته عليه الصلاة والسلام، ويكنس بيته، ويعاون زوجاته صلى الله عليه وسلم) .
ولذلك يقول الأحنف بن قيس : عجباً لابن آدم، يتكبر على وجه الأرض وقد خرج من مجرى البول مرتين: من مجرى بول أبيه ثم من مجرى بول أمه.
بنا إلى درجات الكبر وأنواعه:
فدع عنك الكتابة لست منها ولو خضبت وجهك بالمداد
ثم إنك لم تطلع على قول السلف في المراد بالعدل في الآية الثانية: وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا [النساء:129]، أي: في الميول القلبية، من الحب والعاطفة، وأما العدل في الآية الأولى فالمقصود به: العدل في المسكن والملبس، أي: العدل المادي، وعليه فالجهة منفكة، وأيضاً انظر إلى كل أنبياء الله ورسله، فهذا سليمان بن داود عليهما السلام قال: (لأطوفن الليلة على تسعين امرأة، وفي رواية: مائة امرأة -يعني: أنه كان متزوجاً بتسعين أو مائة بل يزيد- تنجب كل واحدة منهن مجاهداً يقاتل في سبيل الله) فانظر ماذا يتمنى؟ لا تلد مطرباً، أو لاعباً للكرة، أو ممثلاً، وإنما يتمنى أن كل امرأة تلد مجاهداً في سبيل الله عز وجل، ونسي أن يقول: إن شاء الله، فلم تلد إلا امرأة واحدة وولدت نصف ذكر، يعني: عنده شلل نصفي، ولذلك يقول ربنا في هذا: وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ [ص:34]، وهذا القول الراجح عند المفسرين من أن هذه الآية ترتبط بهذه القصة، وكذلك سيدنا يعقوب عليه السلام كان متزوجاً بأكثر من عشرين امرأة.
ولذا فإن التعدد من محاسن شريعتنا بضابط العدل، لكن الذين يتكبرون على آيات الله، فيرفعون قضية المرأة لمنظمة حقوق الإنسان، وللدفاع عن حقوق المرأة؛ لأن المرأة لا تحب الشريك، نقول لها: أيتها الأخت الفاضلة لابد أن تقبلي شرع الله وإن خالف هواك، فشرع الله بين وواضح، فإن استطاع الرجل أن يضبط مسألة العدل فلا نستطيع أن نضع له حداً لواحدة وإنما نقول له: عدد طالما أنك تستطيع أن تعدل، ولذلك بعض الفقهاء يقولون: زوج الواحدة يحيض عندما تحيض، وينفس عندما تنفس، يعني: يظل هكذا، وليس معنى ذلك أننا نهدر الضوابط بل نقول بها، تعدد مع ضوابط شرعية، فاقبلوا أنتم أو لا تقبلوا، والقضية ينبغي أن يناقشها من لهم سبق في دين الله، ومن لهم دراية بشرع الله، أما أن تناقش القضية من أناس لا ناقة لهم ولا جمل، كموضوع الخلع قبل ذلك، فقد أتوا برجل علماني وآخر شيوعي، فقالوا له: ما رأيك في قضية الخلع؟ فيقول: أما الخلاع...، لا يستطيع أن ينطق بالكلمة! يقول عن الخلع خلاع، خلع الله كتفك يا هذا! قد وسد الأمر إلى غير أهله، وكما قال صلى الله عليه وسلم: (وكل العلم إلى الأصاغر) لا في زمن الفتن، بل زمن المحن والإحن.
وهذا آخر يكتب ويقول: حوار مع إمام من أهل النقل، فيقول: صليت في القاهرة مع إمام من أهل النقل؛ فهو يقول عنا أننا من أهل النقل وهو من أهل العقل، وانظروا إلى عفن عقله وإلى خباثة فكره، فقد كتب في صحيفة رسمية هي الأكثر انتشاراً، فيقول في مقاله: ذكر الخطيب حديثاً عند مسلم : (أن النبي صلى الله عليه وسلم قام يصلي بالليل فجاء
فنقول له: يا مسكين! نحن نقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوم أدنى من ثلثي الليل، كما قال ربنا تبارك وتعالى عنه، وجرب أنت ذلك، فصل بعد العشاء إلى الساعة الثانية أو الثالثة فستقرأ أكثر من خمسة أو ستة أجزاء في الركعتين، لكن هؤلاء الناس يقيسون الأمور ويقولون: نحن لا نقبل الحديث إن صادم العقل، وهؤلاء هم أتباع المدرسة العقلانية وهم من أتباع المعتزلة، فإن وافق الحديث العقل قبلوه وإلا فلا، لكن نحن لا نقول بذلك، بل نقول: إن صح الحديث نجتهد في فهمه بعقولنا، وإن كان فيه إشكال في الفهم فننظر ما قال فيه العلماء.
وهذا مثل ما قاله الدكتور مصطفى محمود هداه الله، وذلك عندما رد حديث موسى عليه السلام عندما فقء عين ملك الموت بالرغم أن الحديث في البخاري ، لكن عند العودة إلى ما قاله العلماء نجد أن ملك الموت جاء في صورة بشرية ودخل دون أن يستأذن، ولك أن تفقأ عين من دخل عليك دون استئذان، لكن عندما عرف موسى عليه السلام أنه ملك الموت سلم لأمر الله عز وجل، وهؤلاء الناس الذين يردون سنة النبي صلى الله عليه وسلم أو يطعنون فيها يصدق عليهم قوله صلى الله عليه وسلم: (يوشك رجل شبعان)، أي: هو من أهل الترف، وليس من أهل الرحلة في طلب العلم، (متكئ على أريكته يأتيه الأمر من أمري) يعني: من أمر رسول الله، (فيقول: ما وجدنا في كتاب الله)، فيرد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يقول عليه الصلاة والسلام: (ألا إن ما حرم الله مثل ما حرم رسول الله) (ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه، ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض)، فرد الحديث استكبار عن سنة رسول الله، وعن آيات الله سبحانه وتعالى.
ويقول الشيخ محمد بن صالح العثيمين : هذا الملبس حرام لوصفه؛ لأن الملبس إما أن يكون حراماً لوصفه، وإما أن يكون حراماً لكسبه -يعني: مسروق، أو مغصوب- أو حراماً لذاته، كالحرير للرجال، أو كلبس البنطال للنساء، وما أدراك ما البنطال في زمن نتبع فيه سنن اليهود والنصارى شبراً بشبر وذراعاً بذراع؟! ولا ندري ماذا بعد البنطال؟! فأصبحت المرأة سلعة رخيصة، وأصبحت أعراضنا تباع وتشترى حتى إن أرادوا في مباراة كرة قدم للرجال أن يقدموا الهدايا للحكم واللاعبين قدم ذلك بعض النساء! حتى تنفتح نفوسهم للعب، فما علاقة هذا بهذا؟ إنه استخفاف بهذه المرأة، كما أصبحت سلعة رخيصة في إعلاناتهم، إن تاجراً أصيب بحالة ركود، فيأتيه آخر ويقول له: أنا أعرف لك مفتاحاً لسعة الرزق، وظف امرأة عارية فستجلب لك الشباب! فيطلبون الرزق في معصية الله عز وجل.
ثم أيضاً من الناس من يتكبر على الخلق بمكانته الاجتماعية: سواء بملكه، أو رئاسته، أو منصبه، فنقول له: اعلم أن الملك بيد الله يؤتيه من يشاء وينزعه ممن يشاء، وهذه قصة تبين لنا أن الملك لا يساوي شيئاً: فقد أمر ملك من الملوك خادمه أن يأتي له بكوب من ماء، فلما جاءه الخادم بكوب الماء وشربه ثم سأله أحد جلسائه -وكان حكيماً- ماذا تصنع إن عز الماء فلم تجد شربة ماء؟ قال: أنفق نصف ملكي لأحصل عليها، قال: فإن حبس الله هذه الشربة في بدنك فما أنت صانع؟ قال: أنفق النصف الآخر، قال: فمال هذا الملك الذي لا يساوي شربة ماء؟!
فانظر إلى من ابتلاهم الله -نسأل الله أن يعافينا ويعافيكم- بحبس البول في المثانة، فيعملون لهم قسطرة لإخراج هذه القطرات من البول.
فالذي يتجبر بملكه وبمكانته يوم أن يصاب بأدنى أذى يجأر إلى ربه عز وجل، ومن الناس من يتكبر بماله، ومن الناس من يتكبر بمظهره وجماله، وهذا أكثر ما يكون في النساء، لذا لابد أن يعلم الجميع أن الدود سيأكل هذا الجمال، وسيضم بين القبر ويفنى.
ولذا ينبغي على العبد العاقل أن يتواضع لربه عز وجل، قال تعالى: الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا [الفرقان:63]، فهذه هي الصفة الثانية من صفات عباد الرحمن، صفة الحلم، وهذا ما سنبينه في الخطبة الثانية إن شاء الله تعالى.
أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم.
وبعد:
فإن من صفات عباد الرحمن بعد التواضع الحلم، قال تعالى: وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا [الفرقان:63]، وصفة الحلم بينها ربنا في قوله: وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ [فصلت:34]، مر نفر من اليهود بعيسى عليه السلام فسبوه ولعنوه، فأحسن لهم القول فسئل: يسبونك وتحسن إليهم! فقال: كل إناء ينضح بما فيه، فهذا دأبهم وهذا دأبي، وانظر أيضاً إلى حلم خير الأنام عليه الصلاة والسلام، ففي سنن أبي داود والحديث عند البخاري أيضاً في كتاب العلم: (أن رجلاً دخل المسجد فبال فيه، فاجتمع الصحابة عليه لينهروه وليزجروه، فقال صلى الله عليه وسلم: دعوه حتى يكمل بولته -أي: لا تقطعوا عليه بولته- ثم أريقوا عليه سجلاً من ماء).
يقول ابن حجر في الفتح: انظر إلى حلم الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم عندما اختار أقل المفاسد؛ لأنه حينما يتبول في المسجد فإنه سيصيب مكاناً واحداً، لكن حينما يمنع ويزجر فسيفر من بين يدي الصحابة ويصيب المسجد كله، فهذه الأولى، والثانية: أنه ربما يصاب بأذى نظراً لحبس البول في جوفه فاختار عليه الصلاة والسلام أقل المفاسد، ثم قال لأصحابه: (إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين)، وألان عليه الصلاة والسلام الحديث للرجل وعلمه، حتى إن بعض الروايات جاء فيها: (خرج الرجل وهو يقول: اللهم اغفر لي ولمحمد ولا تغفر لأحد سوانا، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: أيها الأعرابي لقد حجرت واسعاً)، وأنا أسأل: لو فعل رجل جاهل اليوم هذه الفعلة في أي مسجد من مساجدنا ماذا سنصنع به؟! يحمل مباشرة إلى خشبة غسله، فيغسل مع أهل القبور! لعدم الحلم من الناس، وما دخل العنف في شيء إلا شانه، وما دخل الرفق في شيء إلا زانه.
عطس رجل عند عبد الله بن المبارك ولم يقل: الحمد لله، فقال له ابن المبارك : أخي في الله ماذا يقول المسلم بعد أن يعطس؟ قال: يقول: الحمد لله، قال: إذاً يرحمك الله، لكن لو أن واحداً منا عطس ولم يحمد الله لقال له آخر: تعلم يا جاهل! عطست دون أن تحمد الله، لكن الأدب الإسلامي أن تعلمه برفق، وتأمل وانظر إلى إبراهيم وهو يقول لأبيه: يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا * يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا * يَا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا * يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا [مريم:42-45]، يقول الشنقيطي رحمه الله في أضواء البيان: انظر إلى التلطف في العبارة فقد كرر لفظ: (يَا أَبَتِ) أربع مرات؛ ليستحث عند أبيه مشاعر الأبوة، وفي المقابل انظر إلى غلظة الأب: أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي [مريم:46] ولم يقل: يا بني ولكن قال: يَا إِبْراهِيمُ [مريم:46]، وكأنه يتنكر لبنوته، يَا إِبْراهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا * قَالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا * وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا [مريم:46-48]، يا له من حلم من إبراهيم عليه السلام، فالحلم من صفات عباد الرحمن عز وجل، فإياك إياك أن تجهل لجهل سفيه عليك، فإن معك ملكاً يرد على السفيه حتى إذا رددت عن نفسك رحل الملك وتركك معه.
وهذا موقف آخر يحكي لنا حلم النبي عليه الصلاة والسلام: (ففي حنين عندما وزع الغنائم بين المسلمين قال له رجل: هذه قسمة ما أريد بها وجه الله عز وجل! فقال: رحم الله أخي موسى لقد أوذي أكثر من ذلك فصبر) فقد قالوا عن موسى عليه السلام كما عند البخاري في كتاب الغسل : أنه آدر، يعني: به انتفاخ في الخصيتين، وقالوا: موسى لا يغتسل معنا عرياناً، وكان في شريعتهم أنه يجوز للرجل أن يغتسل عرياناً مع الرجال، فقد أخرج البخاري في كتاب الغسل، باب: من اغتسل عرياناً وحده: أن بني إسرائيل قالوا: إن موسى لا يغتسل معنا عرياناً، فهو مريض بكذا، وأشاعوا ذلك، فنزل يوماً يغتسل وترك ملابسه على حجر، فإذا بالحجر ينطلق بملابسه، فخرج موسى من البحر يجري خلف الحجر ويقول: ثوبي حجر -يعني: ثوبي يا أيها الحجر- فمر على قوم من بني إسرائيل فنظروا إليه فإذا هو أكمل ما خلق الله عز وجل فذلك قوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا [الأحزاب:69].
قال رجل لرجل من السلف: إن قلت كلمة ستسمع عشرا، يعني: إن قلت كلمة واحدة فيها سفه أو جهل ستسمع مني عشرا، فقال له: وأنت إن قلت عشرا لن تسمع بفضل الله كلمة واحدة. فهذا هو الحلم الذي أمر الله به، فإياك إياك أن تجهل على جهل الجاهلين أو استهزاء المستهزئين.
أسأل الله تبارك وتعالى أن ينصر دينه، اللهم انصر دينك في مشارق الأرض ومغاربها.
اللهم ارزقنا علماً نافعاً، ارزقنا التواضع والحلم، خلِّقنا بالتواضع والحلم.
اللهم كما حسنت خلقنا فحسن أخلاقنا، وحرم وجوهنا على النار.
يا رب العالمين نسألك رضاك والجنة، ونعوذ بك يا رب من سخطك والنار.
يا رب لا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا إلى النار مصيرنا، استر عوراتنا، آمن روعتنا، نسألك رضاك والجنة، نعوذ بك من سخطك والنار، ارزقنا علماً نفعاً، وقلباً خاشعاً، ولساناً ذاكراً، وجسداً على البلاء صابراً.
اللهم ارزقنا الشهادة في سبيلك، اللهم ارزقنا الشهادة في سبيلك، انصر أطفال فلسطين، استر عورات نسائهم، اربط على قلوب المجاهدين في كل مكان يا رب العالمين، عليك باليهود ومن والاهم، زلزل الأرض من تحت أقدامهم، أرنا فيهم آية فإنهم لا يعجزونك، اللهم مكن لدينك في الأرض.
اللهم إن ليل المسلمين قد طال فاجعل له فجراً يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر.
اللهم اجعل القرآن الكريم ربيع قلوبنا، وجلاء همنا وغمنا، علمنا القرآن وخلقنا به، ارزقنا حب القرآن، ارزقنا فهم القرآن، ارزقنا نور القرآن، بارك في أرزاقنا، اجعلنا من أهل القرآن، علمنا من القرآن ما جهلنا، ذكرنا من القرآن ما نسينا.
نسألك رضاك والجنة، ونعوذ بك من سخطك والنار، استر عوراتنا.
اللهم بدلنا من بعد خوفنا أمناً، ومن بعد ضيقنا فرجاً، ومن بعد عسرنا يسراً.
اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا، اللهم اعف عنا وعلى طاعتك أعنا، ومن شرور خلقك سلمنا.
اجعل ثأرنا على من ظلمنا، لا تجعل مصيبتنا في ديننا، لا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا.
حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، كره إلينا الكفر والفسوق والعصيان.
اجعلنا يا ربنا من الراشدين.
آمين، آمين، آمين.
وآخر دعوانا: أن الحمد لله رب العالمين.
الجواب: ركعتا الفجر القبلية، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحافظ عليهما فلا يدعهما في سفر ولا في حضر، وكذلك سنة الظهر فقد اختلف العلماء بشأنها، والراجح من أقوال العلماء: أنها أربع قبل الظهر وركعتان بعدها، وهذا من حديث عائشة ، وأما في حديث ابن عمر : فركعتان قبلها، لكن يقول العلماء: حديث عائشة أرجح؛ لأنها زوجة النبي صلى الله عليه وسلم وقد أخبرت بالمجموع، ولعله صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين في حجرة عائشة ثم صلى ركعتين في المسجد، وابن عمر قد أخبر بما رأى، وعائشة أخبرت بالمجموع، يعني: في الأمور الشخصية الذاتية لنبينا عليه الصلاة والسلام يرجح قول الزوجة على قول غيرها، وهذا من المرجحات عند العلماء، إذاً يصلي أربعاً قبل الظهر واثنتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وعليه فتصبح اثنتي عشرة ركعة ثابتة مؤكدة عن نبينا صلى الله عليه وسلم، وأما بالنسبة لصلاة الضحى التي قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم: (صلاة الأوابين -صلاة الضحى- حينما ترمض الفصال)، أي: عندما لا تستطيع أن تضع قدمها على الأرض من شدة الحرارة، فهذا هو أفضل وقت لصلاة الضحى كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، وأقلها ركعتان، ويمكن أن يزيد المسلم إلى أربع ركعات، وست وثمان على قول بعض العلماء.
الجواب: نعم، لأن الشريط لا يأخذ حكم المصحف، وهو قياس مع الفارق، والله تعالى أعلم.
الجواب: العمل بحد ذاته مشروع، لكن بالشروط الشرعية: أن يكون مع المرأة محرم، فلا تصعد معك امرأة بدون محرم؛ لأنها خلوة، فإن كانت متبرجة ومعها محرم فلا بأس؛ لأننا لا نستطيع أن نقول: إن أصحاب المعاصي يقاطعون ولا يعاملون، بل يجوز لك معاملتهم، وصاحب التاكسي يمكن أن يضع في مسجلته شريطاً عن حكم التبرج لعل الله عز وجل أن يهدي هذه المرأة، وليس لنا الانعزال عن الناس، فلو أن طبيباً جلس في عيادته وكلما دخل عليه مريض قال: لا أمل في شفائك، فاذهب فلن أكشف عليك، وهذا لا يأمل وذاك لا يأمل، إذاً من سيكشف على المرضى؟! وكذلك الداعية إلى الله عز وجل الذي ميدانه الناس العصاة، فإذا لم يأخذ بأيديهم فمن يأخذ بأيديهم؟! والخلاصة أن الضابط الشرعي: أن تكون المتبرجة معها محرم، وما سوى ذلك لا أستطيع أن أقول لك: لا تركبها فهذا ربما يقطع عليك الخير وربما يقطع عليك باب الدعوة، والله تعالى أعلم.
الجواب: نعم، فإن دخلت المسجد قبل المغرب والوقت لا يتسع إلا لصلاة ركعتين فيمكنك أن تصلي تحية المسجد بنية سنة المغرب مع نية سنة الوضوء، والله تعالى أعلم.
الجواب: هناك أدعية عديدة لاستفتاح الصلاة وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم منها: حديث أبي هريرة الذي يقول فيه: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم قد صلى فسكت قبل أن يقرأ الفاتحة، فقلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله ماذا تقول قبل قراءة الفاتحة؟ قال صلى الله عليه وسلم: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد)، ومنها: (سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك وتعالى جدك، ولا إله غيرك)، وأيضاً: (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت وأنا من المسلمين).
وأما بالنسبة لصلاة التهجد فلها دعاء استفتاح خاص: (اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم)، ودعاء الاستفتاح يقال في كل الصلوات، فريضة كانت أو نافلة إلا صلاة الجنازة فلا يقال فيها دعاء استفتاح، والله تعالى أعلم.
الجواب: لا، لأن صيام الست من شوال ليس فرضاً وإنما هو مستحب والأحكام التكليفية ستة: واجب، ومندوب، ومباح، ومحرم، ومكروه، وصيام الست من شوال من الأحكام التكليفية المندوبة التي يثاب عليها العبد بفعلها ولا يعاقب إذا تركها، والله تعالى أعلم.
الجواب: لا، لأن العامل أجير فله أن يبحث عن الأجر الأعلى، شريطة أن لا يفشي سراً للشركة الأولى، لأنه بذلك يكون قد خان الأمانة، وليس لصاحب الشركة الأولى أن يشترط على العامل عند خروجه أن لا يعمل في شركة تعمل في نفس المجال، إلا إذا كان هناك شرط في العقد بين صاحب العمل والعامل، ففي هذه الحالة هو شرط تم بين الجانبين ولا يصادم شرع رب العالمين، وعليه فليزمه -أي: العامل- الوفاء به، والله تعالى أعلم.
الجواب: لا، وإنما الزوجة هي التي تأثم لو خرجت للاعتكاف بدون إذن زوجها، وكذلك صيام النافلة بدون إذن زوجها، فلا يحل لها أن تصوم إلا بإذن الزوج طالما أن الصيام مندوب وتطوع وسنة ونافلة، لأن الزوج له الطاعة المطلقة على زوجته إلا إن أمر بمعصية الله، أو أمر بترك واجب، وصيامها كما هو معلوم نافلة، فلا تقدم السنة على الواجب، والله تعالى أعلم.
الجواب: حرام؛ لأنهم يوسطون فيه البنك، النقابة تأخذ المبالغ وتضعها في البنك بفائدة سواء لتطبيقيين، أو تجاريين، أو مهندسين، فصندوق التكافل أو الاشتراك يأخذ منك الاشتراك بوديعة ثم يضع هذا المبلغ بسعر فائدة ثابت، حرام طالما أن البنك قد توسط في التعامل، والله تعالى أعلم.
الجواب: هل أخوك تميز بالثلاثة القراريط من أبيك، أم هي من جهده وكسبه؟ وذلك حتى يكون السؤال واضحاً، لأن القضية عندنا هي الظلم في توزيع الميراث، فقد يقول واحد: ابني هذا الفلاح لم يتعلم، والثاني في الطب فيعطي للفلاح أكثر من الثاني، فهذا غلط، لأن الله يقول: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ [النساء:11]، فقال: للذكر وكلمة (الذكر) مطلقة فجمعت الكل، ولم يقل: الذكر المتعلم يأخذ أقل من الذي يأخذه غير المتعلم، فهذا تحريف لا يجوز، ولا يقول: هذا علمته وصرفت عليه ثلاثة آلاف بينما الآخر لم يتعلم، فهذا قدره أن لا يتعلم وذاك قدره أن يتعلم، وعليه فهذا الأخ الأكبر أن أخذ هذه الثلاثة القراريط من أبيه حال الحياة فإنها ترد إلى التركة وتوزع حسب الأنصبة الشرعية، لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ [النساء:11]، واحذر يا عبد الله من قوله تعالى: وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا [الفجر:19]، وعندنا في القرى للأسف الشديد إلى الآن يقولون: نحن لا نورث البنات؛ لأن البنت ربما تتزوج في القاهرة أو في الإسكندرية، ولكن نعطيها مالاً في مواسم عاشوراأ، أو في عيد الأضحى والفطر، وهذا هو ميراثها، ويقول: عندما أورث البنت فكأنني أورث زوج أختي، فلا ينبغي أبداً لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يحرف ما قاله الله في كتابه، فالمواريث قد وزعت فلا مجال فيها لا تباع الهوى، وإن رفض هذا الابن الرد، فعليهم أن يعطوه أقل من نصيبه، يعني: لو أن له ثمانية قراريط، فيأخذ خمسة فقط؛ لأنه أخذ من قبل ثلاثة، والله تعالى أعلم.
الجواب: لا، إنما الصحيح أنه كان يقنت في الخمسة الفروض في النوازل، والجمعة تكون بدلاً عن الظهر، فهي تدخل ضمن الخمسة الفروض، فنقنت على أنها حال نازلة، وليس لأنها جمعة، والأحناف على عدم القنوت؛ لأنهم قالوا: دعاء الجمعة يكفي عن القنوت، لكن الراجح من أقوال العلماء: أن الجمعة بدل عن الظهر، فيجوز فيها القنوت في حال النازلة، والله تعالى أعلم.
الجواب: أنت هنا أدركت تكبيرة الإحرام في صلاة الجمعة لكن فاتك ثواب التبكير إلى الجمعة، والله تعالى أعلم.
الجواب: طالما أن الوالد على قيد الحياة ويستطيع الصيام فيلزمه الصيام، ولا يجوز الصيام عنه، ويلزم الابن أن يذكر والده بالقضاء، وعظم العقاب من الله عز وجل لمن ترك يوماً من رمضان وكان قادراً على قضائه، ثم إن عليه مع القضاء الإطعام لأنه جاء رمضان آخر قبل أن يقضي، والله تعالى أعلم.
الجواب: لا، وإنما يلزمك أن تنصحه وتعامله بالحسنى، والمقاطعة ربما قد لا تأتي بنتيجة، ولعله يتوب من معصية المعاملة بالربا، فإن تاب وأقلع وندم وعزم فلا تذكره بمعصيته، فالله عز وجل يغفر كل الكبائر إلا الشرك إن مات على ذلك.
وأما محل البيع فينبغي عليك أيضاً أن تنصحه وتكون دائم النصح له، وإن تعسرت الإجابة فادفع عليه آخر لينصحه، إما نصيحة مكتوبة، أو نصيحة في شريط، أو نصيحة في كتاب، ولا تقاطع أخاك، لأن الفجوة ستزيد بينك وبينه، إلا إذا كان الهجر سيأتي بنتيجة إيجابية، يقول العلماء: هناك الزجر بالهجر، لكن شريطة أن يكون الهجر مظنة تحقق الزجر، يعني: هناك من الناس من إذا نصحته لم يستجب وإذا هجرته استجاب، وهذا على حسب حال المدعو، والله تعالى أعلم.
الجواب: صور ولا حرج، وهذا رأي الشيخ محمد بن صالح رحمه الله، وحرمة تصويرها يعني حجب للعلم، وهذا الذي يصنف كتاباً ويقول: حقوق الطبع محفوظة، ولا يجوز التصوير إلا بإذن المؤلف، فإنه بذلك يحجر العلم عن الناس، ويكتم العلم عن الناس، وشرطه هذا غير شرعي، وأما قوله: هذا إنتاج ذهني، فنقول له: هذا عطاء الله عز وجل، ولذا فيجوز لك أن تصور لحاجة نفسك لا للبيع، فإن صورت للبيع فهذه سرقة لا تجوز، ومن عرف أنه يصور للبيع فلا يشترى منه؛ لأن في ذلك مساعدة له على الإثم والعدوان، والله يقول: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2]، وهذا أصل عظيم عندنا، ولذلك يفهم بعض الناس أن الحرام نوع واحد، لا، فالحرام أنواع: حرام لذاته، وحرام لغيره، فالحرام لذاته مثل: الخمر، والسرقة، والزنا، والحرام لغيره مثل: بيع البنطال للمتبرجة، فهو في الأصل حلال، لكن هناك صفة جعلته حراماً، وكمن يبيع (إريل) للتلفزيون؛ ليساعده على أن يرى المناظر المحرمة، وكمن يقول لك: أعطني سكيناً لأقتل بها، فإن بعت له فأنت مشارك له في القتل؛ لأنه سيستخدم السكين في القتل، وكذلك الذي يكوي بناطيل النساء، فصنعته حرام؛ لأن لبس البنطال حرام وأنت تيسر للبس الحرام، فتكويه لتلبسه المرأة، سيقول لك قائل: تلبسه في البيت، لا، حتى إن لبسته في البيت فهو حرام؛ لأن فيه تشبهاً، قال عليه الصلاة والسلام: (لعن الله المتشبهات من النساء بالرجال)، ومعلوم أن لبس البنطال يكون للرجال، لذلك هناك مسألة مهمة جداً ذكرها الشيخ صفوت الشوادفي رحمه الله تعالى، ألا وهي: الثياب البيض للمرأة المحرمة غير مشروعة، وإنما يلزمها أن تلبس ملابس مخالفة للرجال؛ لأن الرجل يلبس أبيض، إذاً المرأة يلزمها أن تلبس غير الأبيض حتى لا يختلط الأبيض بالأبيض، ولا نعرف الرجل من المرأة عند الطواف، لكن النساء المصريات تصر إحداهن على أن تلبس أبيض، فنقول: يلزم المرأة أن تحرم في ملابسها، وأفضل ملابس المرأة هي السواد، والله تعالى أعلم.
الجواب: لا بأس بلبس السراويل تحت الجلباب، مع الحذر من السروال الذي هو مثل البنطلون الموجود في هذا الوقت، إذ إنه يجسِّم جسم المرأة تماماً وكأنها عارية، وقد عمت به البلوى وزادت به الفاحشة، وللأسف الشديد كل يوم يظهر موديل جديد في عالم البنطلون، وهناك بنطلون بلون البشرة وكأنها تماماً عارية كما ولدتها أمها، فهل هذا يرضي الله عز وجل؟ أيضاً الأعجب من يقول لك: الدكتور فلان -من غير ذكر أسماء- يقول: لا بأس بالبنطال؛ لأنه ييسر حركة المرأة ويسهل التنقل، خبت وخسرت يا هذا! أما تستحي من الله؟ أما تستحي من نفسك؟ إن لم يكن في البنطال إلا التشبه فيكفي لحرمته، وفوق ذلك فهو يجسد العورة ويحجمها، إلى غير ذلك من المفاسد التي ذكرناها قبل ذلك.
الجواب: لا يجوز للمأموم أن يرفع يديه عند الدعاء، وإنما يؤمن فقط، هذا هو الثابت، والله تعالى أعلم.
الجواب: لا يجوز له ذلك، وإن عمل ذلك فهذا إجرام في حق العمل؛ لأنه وقع على عقد حبس وقت من الساعة الفلانية، وعليه فلا يجوز له مغادرة مكان العمل إلا بعد انتهاء موعد العمل؛ لأنه محبوس لصالح العمل، وهذا مثل بعض أئمة الأوقاف عندنا، إذ أنه يأخذ معه دفتر الحضور إلى البيت، فيوقع لنفسه وللمؤذن ثلاثين يوماً! ولا يرونه نهائياً إلا مرة في السنة، فهل هذا يرضي الله عز وجل؟ نقول: لا، فهذا حبس وقت يا عبد الله، فكما لو أن هناك رجلاً استخدم عاملاً ليبيع ويشتري، ثم فتح العامل في الساعة الثامنة صباحاً ولم يوجد بيع ولا شراء حتى الساعة الثانية، فهل يجوز للعامل أن يقفل المحل؟ لا؛ فهو منتظر للزبون في أي وقت، سواء باع أو لم يبع، وهو قد عقد عقداً يسمى حبس وقت، والله تعالى أعلم.
بخلاف العمل بالإنتاج فهو مطالب بإنتاج شيء معين، فإذا قام به قبل انتهاء الوقت جاز له الخروج من مكان العمل، وهذا يسمى عملاً بالإنتاج لا بالوقت.
الجواب: اختلف الفقهاء في ذلك على قولين: القول الأول: للأحناف والمالكية والشافعية: أن إنشاء جماعة بعد الجماعة الأولى مكروه، فلو صلينا في هذا الوقت جماعة، ثم دخل رجل بعد الظهر فلا يقيم جماعة، وإنما يصلي منفرداً طالما أن المسجد له إمام راتب.
القول الثاني: للحنابلة: يجوز إنشاء جماعة بعد الجماعة الأولى، لكن بإذن الإمام الراتب، ودليلهم حديث علقمة والأسود وابن مسعود عندما ذهبوا إلى المسجد فوجدوهم قد صلوا الفرض فعاد ابن مسعود وصلى بهم في بيته.
ودليل الفريق الأول: جاء في مصنف ابن أبي شيبة أن الحسن البصري ذهب إلى المسجد فوجد الناس قد صلوا، فصلى منفرداً.
ولذا فإن دخل أناس المسجد وصلَّوا قبل الجماعة الكبرى وأثناء صلاتهم أقيمت الجماعة الراتبة فصلاتهم باطلة؛ لأنها جماعة دون إذن الإمام، ولأن الإمام الراتب هو صاحب الأمر، فله أن يقدم وله أن يؤخر، وهذه مسألة مهمة جداً. وقد مال الشيخ محمد بن صالح إلى رأي الحنابلة في تكرار الجماعات لكن بإذن الإمام.
الجواب: يصلي في نفس اليوم بعد شروق الشمس، يعني أنا استيقظت الساعة العاشرة صباحاً، فأصلي الفجر مباشرة ولا أدعها إلى اليوم الثاني، فيكون القضاء بعد الاستيقاظ.
الجواب: الكتابة في العقد بخلاف الواقع مخالف للشرع ويترتب عليه فساد كبير كما في حال الزواج، فيكتب المقدم جنيه والمؤخر ثلاثة آلاف والمقدم ليس بجنيه، وإنما يريد أن يهرب من الرسوم، فإذا طلقها قبل أن يدخل بها فالشرع يقول: لها النصف، أي: نصف الثلاثة الآلاف والواحد، لكن مهرها في الحقيقة ليس ثلاثة آلاف وواحد، وإنما هو عشرون ألفاً، فضاع الحق لعدم التدوين، ولذا أقول: دون الحقيقة واغرم بعض الرسوم حتى تحفظ الحقوق، والله تعالى أعلم.
الجواب: الولد في هذه الحالة هو ولد زنا، لأنه جامعها قبل أن يعقد بها، فعليهما التوبة والاستغفار.
أما فيما يتعلق بالولد الذي يولد بعد ستة أشهر فقد ذكر فيه الشافعي قاعدة عامة فقال: إن وضعت المرأة الولد بعد ستة أشهر فلا يعتبر زنا؛ لأن الله قال: وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ [البقرة:233]، يعني: أربعة وعشرين شهراً، ثم قال: وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ [الأحقاف:15]، أي: ثلاثين من أربعة وعشرين، فإن قال: أقل الحمل ستة، ثم وضعت بعد ستة أشهر بعد العقد فلا يعد ابن زنا، وإن وضعت بعد أربعة أشهر بعد العقد فيعد ابن زنا، ويقام عليهما الحد في هذه الحالة إن كانت هناك دولة إسلامية، لكن أقول بشأن المرأة المخطوبة التي أنجبت ولداً: عليهما التوبة إلى الله والاستغفار.
الجواب: إذا وسط البنك في أي معاملة فالتعامل لا يجوز، لأن البنك يحملك فائدة فوق الدين الأصلي، فمثلاً عجزت عن تسديد ألف جنيه فإن البنك يحملك -مثلاً- مائة جنيه فائدة، وربنا يقول: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ [البقرة:280]، وانظروا في قصة هذا الرجل الذي اقترض من بنك التنمية والائتمان خمسة آلاف جنيه، وأصبحت الفوائد عليه خمسة عشر ألف جنيه، وهو عاجز عن سداد الدين، فهم بدلاً أن يمهلوه حتى يسدد ما عليه كبلوه بالفوائد، فلا ينبغي أن تكبل المدين بدين إضافي، والبنك يعمل هكذا، وهذا هو الحرام، والله تعالى أعلم.
الجواب: نعم، يجوز للمأموم أن ينازع الإمام في الفاتحة، فيقول الإمام: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2]، ويقول هو: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2]، وهذه تسمى منازعة، ففي الحديث: (لا تنازعوني إلا في أم الكتاب)، فالمنازعة في أم الكتاب ثابتة وما في سواها لا يجوز، والله تعالى أعلم.
الجواب: نعم، فهي من العادات غير الإسلامية، وقد كانوا يقولون عند لبسها: باسم الأب والابن والروح القدس، ويضعون الدبلة في إصبع -البنصر- بحجة أن هذا الإصبع يرتبط بعرق في القلب، وكلما وجدت الدبلة وجدت المحبة، وكلما انخلعت الدبلة انخلعت المحبة، ومن المضحك أن أحد الإخوة قال لي: هب لو أن رجلاً متزوج أربع نسوة، فكم سيلبس دبلة؟! أربع دبل! إن هذا مخالف للهدي النبوي، الهدي النبوي هو: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلبس خاتماً في خنصره مكتوب عليه محمد رسول الله وهذا عند البخاري ، وهذا الحكم يشمل الرجل والمرأة، والمرأة لها أن تلبس الخاتم حتى تخالف صنيع أهل الكتاب؛ لأن الدبلة هذه ليست من سنن الإسلام، والله تعالى أعلم.
الجواب: أصلاً صاحب المال أعطاه المال أمانة وهو وضعه في البورصة فكسب فوائد، فعليه أن يتخلص من هذه الفوائد، وصاحب المال ليس له دخل، يريد أصل المبلغ، فتخلص منها أنت ولا أجر لك في شيء.
الجواب: تعطيه المبلغ وما كسب، للحديث الذي في البخاري وهو حديث الثلاثة الذين كانوا في غار، وفيه أن الثالث لما جاءه الأجير بعد مدة يطلب أجرة قال له: لك كل هذه الغنم والإبل؛ لأنه استثمر المال له ونماه، فأعطاه الأصل والنماء الحلال؛ لأن أصل المبلغ هو سببه، إلا إذا استسمحت بإذنه أن تأخذ جزءاً وسمح به (لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه).
الجواب: لا، لكنه حرام.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر