بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، والسراج المنير، والبشير النذير، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
إخوتي وأخواتي! سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، متعكم الله بدنياكم وأخراكم.
السؤال: ما حكم الدين في رمي الأوراق في مناطق النجاسة، علمًا بأن هذه الأوراق فيها لغة القرآن؟
الجواب: لا يجوز، وهذا أمر محرم، وكل ما كان بلغة العرب فواجب علينا تعظيمه وحفظه أو إحراقه، وإذهاب ما فيه من الأحرف العربية، أما إلقاء الجرائد والأوراق والكتب في سلة المهملات مع الأوساخ والقاذورات أو طرحها في أماكن النجاسات، فهذا كله لا يجوز، وقد قال ربنا سبحانه: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج:32].
السؤال: مطلقة لم تتم العدة، هل يجوز لها الذهاب لزيارة أختها أو أقاربها؟
الجواب: نعم، يجوز لها بإذن زوجها، إذا كانت الطلقة رجعية، سواء كانت طلقة أولى أو ثانية على غير عوض، فهذه طلقة رجعية والحقوق الزوجية باقية، ولذلك لا ينبغي لها أن تخرج في العدة إلا بإذن زوجها.
السؤال: إذا اتهمني شخص بالفاحشة كيدًا، والله يعلم أني لم أفعل، ماذا أفعل معه؟
الشيخ: فوض أمرك إلى الله عز وجل، كما فعل يعقوب عليه السلام: فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ المُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ [يوسف:18]، وكما قال مؤمن آل فرعون: وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ إِنَّ اللهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ [غافر:44]، ومطلوب من الإنسان إذا ابتلي بمن يتهمه في عرضه أن يقتدي بالصالحين ممن اتهموا وما زالوا يتهمون كأمنا عائشة رضي الله عنها، ويقيننا: إِنَّ اللهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا [الحج:38]، وأن الله جل جلاله: لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ [الحج:38]، وهذا الذي يتكلم في أعراض الناس متوعد بالعذاب في الدنيا والآخرة، كما قال ربنا جل جلاله: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ المُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ المُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ المُبِينُ [النور:23-25].
السؤال: يا شيخ! أنا أصلي الصبح حاضرًا، ولكني لست حافظة دعاء القنوت، أرجو أن تذكرني به؟
الجواب: دعاء القنوت يا أختاه ليس بواجب، لو أنكِ صليتِ وما قنت فالصلاة صحيحة باتفاق أهل العلم، لكن لو أردت أن تقنتي فإن القنوت الثابت عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ( اللهم إنا نستعينك ونستهديك ونستغفرك، ونؤمن بك ونتوكل عليك، ونثني عليك الخير كله، نشكرك ولا نكفرك، ونخلع ونترك من يفجرك، اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك ونخشى عذابك، إن عذابك الجد بالكفار ملحق ).
وأما القنوت الثابت من رواية الحسن بن علي رضي الله عنهما: ( اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يعز من عاديت، ولا يذل من واليت ).
السؤال: عندي أمر آلمني شديداً أفكر فيه باستمرار، كرهت حتى الكلام، واستخرت وأنا على حالي؟
الجواب: الإنسان إذا وقع في مثل هذا الهم أو الغم فليستعن بالله عز وجل، وليكثر من الاستغفار فإن ( من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجًا، ومن وكل ضيق مخرجًا ) ويكثر أيضًا من الدعاء، فإن الله عز وجل: يُجِيبُ المُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ [النمل:62].
السؤال: منذ خطوبتي قبل أربع سنين وأنا على أسوأ حال بسبب عدم رغبتي في خطيبي، ولا أستطيع رفضه؟
الجواب: جاهدي نفسكِ، وسلي الله أن يجعل لك فيه الخير، وإذا تبين لكِ استحالةً الاقتران به فخير لك أن تواجهي وليكِ، وأن تبيني حقيقة مشاعركِ؛ لئلا تدخلي في أمر تعلمين أن مآله إلى الفشل.
السؤال: في الوضوء هل يجدد الماء للاستنشاق ثلاث مرات أم يصح بماء واحد؟
الجواب: يصح بماء واحد، ويصح بالتجديد، ويصح أن يجمع الإنسان بين المضمضة والاستنشاق، بمعنى: أنه يأخذ ثلاث غرفات: الغرفة الأولى: يتمضمض ويستنشق ويستنثر، ثم الثانية: يتمضمض ويستنشق ويستنثر، ثم الثالثة: يتمضمض ويستنشق ويستنثر، ويصح أن يكون المضمضة والاستنشاق بست غرفات، فهذا كله جائز إن شاء الله.
السؤال: أسأل عن إنسانة تصلي وتصوم؛ لكنها تؤمن بالواسطة؟
الجواب: لا بأس، الشفاعة موجودة في دنيا الناس، وقد قال ربنا جل جلاله: مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا [النساء:85].
السؤال: ما حكم اليمين المنعقدة؟
الجواب: اليمين المنعقدة يجب الوفاء بها، ولو أن الإنسان حنث فإنه تلزمه كفاره بإطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، فإن عجز عن هاتين الخصلتين فإنه ينتقل إلى الصيام: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ [المائدة:89].
السؤال: شخص ظلمني واتهمني في عرضي، وحرض زوجي فطلب مني مسامحته بلساني لا بقلبي وأنا مظلومة، هل سأجد حقي يوم القيامة؟
الجواب: نعم، تجدين حقك إن شاء الله، وأنا أعجب من كثرة هذه الأسئلة، فيبدو أن كثيرًا من الناس -عياذًا بالله- قد قل ورعهم، وعظم شرهم، وصاروا يطلقون ألسنتهم في أعراض المؤمنين والمؤمنات بغير خوف من حساب ولا عذاب، وينبغي أن نذكر هؤلاء جميعًا بأن الكلام في الأعراض من كبائر الذنوب، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اجتنبوا السبع الموبقات، قيل: وما هن يا رسول الله؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات).
السؤال: ما حكم الدين في ختمة القرآن للميت من أهله؟
الجواب: القرآن يصل ثوابه للميت إن شاء الله؛ لكن من غير رياء ولا عوض، يعني: لا يرائي بعضنا بعضاً، وكذلك ما نقرأ القرآن في مقابل عوض، سواء كان هذا العوض مالًا يبذل، أو طعامًا يؤكل.
السؤال: إذا كنت غير طاهرة، ورفعت ورق مصحف من الأرض؟
الجواب: لا حرج إن شاء الله؛ لأن مفسدة مس الحائض أو غير المتوضئ للقرآن أخف من مفسدة بقائه على الأرض، ولربما داسته الأقدام، أو عبث به الصغار.
السؤال: أنا أقسمت على ألا أذهب لمشاهدة كرة قدم ولكنني ذهبت، فما رأي الدين؟
الجواب: عليك كفارة بإطعام عشرة مساكين أو كسوتهم.
السؤال: زوجي يضربني فهل عيشنا معاً حلال؟
الجواب: نعم، حلال إن شاء الله، والذي ننصح به الأزواج بأن الضرب ليس هو الوسيلة المثلى، ولا الطريقة الأولى، ونبينا صلى الله عليه وسلم ما ضرب بيده شيئًا قط إلا أن يكون في جهاد في سبيل الله، ولما شكا إليه بعض النساء ضرب أزواجهن، قال: ( إنه قد طاف بنساء محمد صلى الله عليه وسلم نساء يشكين ضرب أزواجهن لهن: أولئكم -أي: أولئك الضاربون- ليسوا بخياركم، أولئكم ليسوا بخياركم )، وأوصي الأخت بالصبر، وأن تتقي الأشياء التي تثير غضبه، وتسبب حنقه، وكذلك أوصي الأزواج جميعًا رجالًا ونساء بأنه إذا تعكر الجو ودخل الشيطان بين الناس، فينبغي أن ينسحب أحدهما إلى أن يرتد إليه نَفَسه، وتهدأ ثائرته، ويتفكر في عاقبة أمره، ثم بعد ذلك قد يكون الأمر أهون مما يتصور.
السؤال: أسأل عن مصافحة النساء للرجال، خاصة أن الأقارب يتضايقون ويكرهونني؟
الجواب: هذا الكلام تكلمنا عنه مرارًا، وأنه لا يجوز و( من أرضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس).
السؤال: أرجو تفسير آية الكرسي؟
الجواب: آية الكرسي هي سيدة آي القرآن، وهي أعظم آي القرآن، كما ثبت من حديث أبي بن كعب عن نبينا عليه الصلاة والسلام ( أنه سأل: أي آية في كتاب الله أعظم؟ فقال أبي : هي آية الكرسي، فالنبي صلى الله عليه وسلم ضربه في صدره وقال: ليهنك العلم أبا المنذر )، وآية الكرسي قد تضمنت عشر جمل كلها تعظيم لله عز وجل، ووصفه بنعوت الجلال والكمال والجمال.
اللهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ [البقرة:255]، هذه الجملة الأولى: فيها إثبات الوحدانية: فلا معبود بحق إلا الله جل جلاله، وكل ما عبد سوى الله من حجر أو بشر، أو شمس أو قمر فهو معبود بباطل.
ثم الجملة الثانية: الْحَيُّ الْقَيُّومُ [البقرة:255]، وهو سبحانه حي حياة أبدية سرمدية، فهو الأول ليس قبله شيء، وهو الآخر فليس بعده شيء، وهو قيوم أي: قائم على كل شيء، وهو قائم بنفسه جل جلاله لا يحتاج لغيره، وقائم على كل شيء كما قال: أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَجَعَلُوا للهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي الأَرْضِ أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ [الرعد:33].
لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ [البقرة:255]، فهو سبحانه يملك ما في السموات وما في الأرض.
مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ [البقرة:255]، يبين ربنا جل جلاله أنه لا تكون شفاعة إلا بعد أن يأذن، كما قال سبحانه: وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى [الأنبياء:28]، وكما قال: يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا [النبأ:38]، وثبت عن نبينا صلى الله عليه وسلم: ( أنه يسجد يوم القيامة عند العرش سجودًا طويلاً، ويلهمه ربه محامد لم يلهمها قبل ذلك، ثم يقول له: يا محمد ارفع رأسك، وسل تعطه، واشفع تشفع، فيقول: يا رب! أسأل فصل القضاء بين الناس )، فذلك هو المقام المحمود الذي لا يشاركه فيه ملك مقرب، ولا نبي مرسل، صلوات الله وسلامه عليه.
قوله: يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ [البقرة:255]، يعلم ما كان وما يكون، لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء.
وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ [البقرة:255]، أي: البشر والملائكة لا يحيطون بشيء من علم الله، إلا ما شاء أن يعلمهم إياه كما قال سبحانه: وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا [الإسراء:85].
وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ [البقرة:255]، ثبت عن نبينا صلى الله عليه وسلم: ( أن السموات والأرض بالنسبة للكرسي كحلقة ألقيت في فلاة، وأن الكرسي بالنسبة للعرش كحلقة ألقيت في فلاة )، فهذا الكرسي خلقه عظيم، والله أعلم به جل جلاله، وقد تأول ابن عباس رض الله عنه الكرسي في هذه الآية بالعلم: وسع علمه السموات والأرض.
قوله: وَلا يَئُودُهُ [البقرة:255]، أي: لا يثقله حِفْظُهُمَا [البقرة:255]، إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا [فاطر:41].
ثم ختم ربنا هذه الآية المباركة باسمين حسنين، ووصفين عظيمين بأنه جل جلاله: (عَلي عظيم)، عَلِيُّ [البقرة:255]، أي: علو الذات، وعلو القهر، وعلو المكان، وعلو المكانة، وعلو القهر: وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ [الأنعام:18]، الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه:5]، ثم إنه جل جلاله عظيم في ذاته، عظيم في أسمائه، عظيم في صفاته، عظيم في أفعاله سبحانه وتعالى.
السؤال: ما حكم بنت قالت: علي بالطلاق ما أشتري الشيء الفلاني، وقامت واشترته، وفي الحقيقة هي ليست متزوجة؟
الجواب: هذه سفاهة، وقلة حياء، وتشبه بالرجال السفهاء أيضًا، الذين يكثرون من الحلف بالطلاق، وهذه البنت ينبغي أن تزجر من وليها عن تعاطي مثل هذا الكلام الذي لا يليق.
السؤال: هل يجوز تأخير الصلاة ساعةً أو أكثر بعد الأذان بسبب تهدئة طفلة رضيعة من البكاء؟
الجواب: نعم يجوز، أعانكِ الله إلا صلاة المغرب، يعني: ممكن صلاة الظهر أن تؤخريها ساعة، وكذلك صلاة العصر وكذلك صلاة العشاء، أما المغرب فلا، وكذلك الصبح لو أخرتيها ساعة ستصلين في الوقت الضروري فلا، فاستعيني بالله، وبالنسبة لصلاة الصبح وصلاة المغرب واحرصي على أدائهما في أوقاتهما.
السؤال: بعض الأحيان أسمع تلاوة آيات في المذياع، فأبحث عنها في المصحف بدون وضوء، هل يجوز؟
الجواب: لا يجوز، لا يَمَسُّهُ إِلَّا المُطَهَّرُونَ [الواقعة:79].
السؤال: أنا مصابة بالعين فكيف أعالج نفسي بالقرآن؟
الجواب: تقرئين الآيات التي يدفع الله بها شر العين، وهناك كتاب اسمه العلاج بالرقية كتبه الشيخ: سعيد بن وهف القحطاني ، وفيه الآيات التي هي الشفاء من العين.
السؤال: أريد أن أعرف آية تسهل الأمور؟
الجواب: أكثر من الدعاء، وأكثر من الاستغفار، وعليك بتقوى الله، وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا [الطلاق:4].
السؤال: هل يجوز الأكل مع تارك الصلاة؟
الجواب: نعم، وينصح.
السؤال: أصلي وأستغفر الله كل جمعة، وأقرأ سورة الكهف لكني أشاهد أفلاماً كثيرة، فهل عليّ ذنب؟
الجواب: أمرك عجيب! تقرأ سورة الكهف يوم الجمعة، وتصلي وتستغفر الله يوم الجمعة، فهل معنى ذلك أنك تصنع ما تريد في بقية أيام الأسبوع؟ لا، مشاهدة الأفلام لا تجوز؛ لأن الأفلام فيها من المناظر القبيحة والمعاني الدخيلة، وفيها من خلخلة القيم، وإفساد الأخلاق ما لا يخفى علينا جميعًا، لذلك لا يجوز لك يا أخي.
ثم لا تستغفر الله في الجمعة فقط، وإنما استغفر الله في كل يوم، كما قال نوح عليه السلام: اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا [نوح:10-12]، وكما قال هود عليه السلام: وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ [هود:52].
السؤال: هل صلاة الرغيبة واجبة؟ وما هي آيات التحصين؟
الجواب: صلاة الرغيبة ليست واجبة، ولكنها سنة مؤكدة فما كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعها في سفر ولا حضر، وآيات التحصين: سورة الفاتحة، وفواتح البقرة، وآية الكرسي، وخواتيم البقرة، وخواتيم الحشر، والإخلاص والمعوذتان هذه كلها مما يتحصن بها العبد.
السؤال: أنا مزارع آخذ شوال فول مسوس، وأرجعه فولاً سالماً بعد الحصاد؟
الجواب: لا مانع، طالما أن الوزن سواء، فلا يضر اختلاف النوع.
السؤال: قال تعالى: وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ [الضحى:10]، وفي حديث يقول: ( يأتي السائل يوم القيامة ليست في وجهه مزعة لحم )، أرجو التوضيح؟
الجواب: أما السائل في الآية ففيه قولان: قيل السائل: هو السائل عن أحكام الدين، فمن جاء يسأل يريد أن يتعلم الحلال والحرام، غير متعنت ولا معاند فلا ينهر، وقيل: السائل: هو طالب النول، الذي يمد يده يسأل الناس، فهذا السائل لا ننهره، إما أن نعطيه حاجته، وإما أن نصرفه بميسور من القول، لكن كما قال علماؤنا: إذا كان قد اتخذ السؤال مهنةً وقد احترفه، وعلم بأنه يسأل من غير حاجة ولا يندفع إلا بالنهر فإنه ينهر، ولذلك سيدنا عمر رضي الله عنه نهر، وكذلك غيره من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين.
ولا تعارض بين الآية والحديث، فالحديث يحذر من السؤال من غير حاجة، والآية تنهى عن نهر السائل.
السؤال: ماذا عن التجمع في الخامس عشر والأربعين بعد العزاء؟
الجواب: كلاهما بدعة منكرة، ينبغي للناس أن يتعاونوا على منعها والنهي عنها.
السؤال: إذا أغمضت عيني أكون أكثر خشوعًا في الصلاة، فهل يجوز؟
الجواب: نعم يجوز إن شاء الله، ولا حرج في ذلك.
السؤال: في رمضان جاءتني العادة، وهي دائمًا خمسة أيام أو ستة، واغتسلت في اليوم الخامس، وخرج مني في اليوم السادس شيء مائل للصفرة، ولم أغتسل وتابعت صيامي في باقي الشهر، فهل صيامي صحيح؟ وإذا كان غير صحيح ماذا أعمل؟
الجواب: يا أمة الله! إذا كنت قد رأيت الطهر واغتسلت بناءً على ذلك، فلا يضرك ما خرج بعد ذلك، أما إذا كنت قد تعجلت الغسل قبل رؤية الطهر فإن هذه الصفرة تابعة للحيض، وحكمها حكمه، فيجب عليك قضاء تلك الأيام التي صمتها قبل رؤية الطهر، والعلم عند الله تعالى.
المتصل: إنسان عليه قضاء من رمضان، وأراد أن يصوم الست من شوال، فهل يصوم الست من شوال أم يقضي؟
الشيخ: شكراً.
المتصل: معك: حسن محمد أحمد الشيخ ، من القرية ستة وثلاثين معتمدية أم القرى ولاية الجزيرة.
عندي أربعة أسئلة:
السؤال الأول: عندنا بعوض كثير، والإنسان لما يصبح تكون ملابسه فيها دم من البعوض، فهل يجوز للإنسان أن يصلي بها أو لا، علماً أن الدم كثير؟
السؤال الثاني: يا مولانا! هو عن قوله تعالى: أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ [الحجرات:12]، نريد أن تفسر لنا هذه الآية؟
السؤال الثالث: الإنسان إذا كان في محل عمله يعمل ويشتغل يقولون عنه: شفقان، فما رأيك؟
السؤال الرابع: يا مولانا! هناك أناس في صلاة الجمعة يأتي الواحد منهم بمسبحة، ويكون لها صوت حتى إن المصلين بجانبه ينتقدونه بسبب صوتها، فما حكمه؟
الشيخ: طيب شكرًا.
المتصل: معكم أم الرشيد من مدني عندي سؤال يا شيخ: أنا تزوجت سنة تسعين، وعندي أربعة أبناء ويأتيني رمضان وأنا أكون حاملاً أو مرضعة، وأفطر ولا أعرف الأيام التي أفطرتها فكيف يكون القضاء؟
الشيخ: طيب أجيبك إن شاء الله.
المتصل: عندي سؤالان:
السؤال الأول: عندنا مسجد في القرية، وشيخ المسجد لما يقوم يقول: يا شيخ فلان! فهل تجوز الصلاة خلفه؟
السؤال الثاني: عندنا أخ يحلف بالحرام كثيراً، وربما يحلف وهو كاذب، فما الحكم؟
الشيخ: طيب.
عندي سؤالان:
السؤال الأول: نسأل عن شخص عنده مشاكل، في شغل وعوارض، وبلاوي وحاجات، وكلما دخل في عمل من الأعمال فترة يتعطل عليه، ويتعثر ويخلي العمل، ونحن نحمد الله على ما من علينا من فضله، ونؤمن بقضاء الله وقدره، لكن المشكلة أن أهله فقراء، ونحن يا شيخ نريد منك النصيحة، فماذا نعمل؟
السؤال الثاني: أسأل عن الحاجات الأساسية يا شيخ؛ لأنه مثلاً في موضوع الرضاعة هناك من يقول: إنه لا بد أن يكون خمس رضعات مشبعات وبعضهم يقول غير ذلك، فنريد منك أن تفسرها لنا، يعني: إذا رضع الرجل مع بنت من أمها، كيف يكون الحكم؟
الشيخ: شكرًا بارك الله فيك.
المتصل: أسأل عن أناس يدفنون موتاهم في المقابر، ويقولون حال الدفن: صلوا على النبي صلى الله عليه وسلم، فهل في ذلك نص؟
السؤال الثاني: إذا صلى اثنان فإنك إذا قلت للناس: ستذهبون تصلون جماعة، يقولون لك: الليلة السوق تعبان، يعني: سوق الصلاة، فما الحكم؟
الشيخ: طيب.
الشيخ: أخونا عمر من العليا يسأل عن صيام الست من شوال، وما بقي من شوال لا يسع صيام الست، فهذه الليلة التي نحن فيها هي ليلة السادس والعشرين من شوال، وما بقي سوى أيام معدودات، والإنسان الذي عليه قضاء من رمضان الأفضل بأنه يقضي ما عليه ثم يصوم الست من شوال، فإن عجز عن ذلك؛ لأن القضاء عليه كثير، فإنه يصوم ستًا من شوال، وبعد ذلك يوزع القضاء على ما بقي من العام.
السؤال: أخونا حسن محمد أحمد الشيخ ، من القرية ست وثلاثين معتمدية أم القرى ولاية الجزيرة، سأل عن قول ربنا: أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ [الحجرات:12]؟
الجواب: هذه الآية المباركة بشع فيها ربنا الغيبة، وقبح شأنها، وشنع على فاعليها بثلاث صور، أو بثلاثة أساليب كلها مستكرهة:
الأسلوب الأول: شبه الله عز وجل المغتاب بأنه يأكل لحم إنسان.
الأسلوب الثاني: بأن هذا الإنسان أخوه، وليس إنسانًا بعيدًا.
الأسلوب الثالث وهو الأبشع: بأن هذا الأخ ميت، ليس حيًا يستطيع الدفاع عن نفسه ومواجهة من يأكل من لحمه، وإنما هو ميت مسجى لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًا: أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ [الحجرات:12]، فالمغتاب يشبه آكل لحم الميت؛ لأن الشخص الذي تذكره بالسوء لا يملك أن يدافع عن نفسه، وأن يرد قالة السوء عنه، ولذلك حذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغيبة، وبين أنها من الذنوب الكبار، وأسأل الله أن يتوب علينا أجمعين.
الشيخ: السبحة استعمالها جائز؛ لأنها وسيلة وللوسائل حكم المقاصد، وقد ثبت أن جويرية بنت الحارث الهلالية ، وأن صفية بنت حيي بن أخطب الهارونية ، وأن أبا هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي وغيرهم من الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يستعملون المسابح، والإمام الشوكاني رحمه الله أفاض في ذكر هذه الأحاديث والتعليق عليها، وكذلك الجلال السيوطي رحمه الله ألف رسالة سماها المنحة لأحاديث السبحة، لكن شريطة ألا يتخذها الإنسان رياءً، كحال من يربطونها في العنق، أو يربطونها في المعصم، وكذلك لا يتخذها وسيلة للإزعاج، كحال من سأل عنهم أخونا حسن بأنه يقوم بين الناس ويحدث جلبة وضوضاء، فهذا لا ينبغي؛ لأن التشويش ممنوع، حتى لو كان بالقرآن: ( ألا كلكم مناج ربه، فلا يجهرن بعضكم على بعض ).
السؤال: ما حكم الثياب التي فيها دم بسبب البعوض؟
الجواب: إذا كان هذا الدم يسيرًا قليلًا، فإنه يعفى عنه لمشقة الاحتراز، أما إذا كان كثيرًا متفاحشًا، فإن الإنسان يجعل لصلاته ثوبًا غير الثوب الذي نام فيه.
الشيخ: قول الناس فيمن كان يضرب في مناكب الأرض ليطعم أهله وعياله بأنه شفقان هذا مفهوم خاطئ، فالمؤمن يطيع الله عز وجل بالصلاة والصيام، وذكر الله وتلاوة القرآن، ويطيع الله كذلك بالضرب في مناكب الأرض، والسعي على الرزق، والتماس الحلال الطيب في مظانه، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما أكل آدمي طعامًا قط خير من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده)، ولما سئل عن أطيب الكسب؟ قال: ( عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور )، ولذلك يا حسن ! استمر في طلبك للرزق، وسعيك لعفاف نفسك وعيالك، وأنت مأجور في هذا كله إن شاء الله.
السؤال: أم الرشيد من مدني ذكرت بأن الله قد رزقها بأربعة من الأولاد، وأنه قد أتى عليها عدة رمضانات ما بين حامل ومرضع، فماذا تصنع؟
الجواب: عليك القضاء، يعني: انظري في الشهور التي أفطرتها، وبعد ذلك اقضيها متفرقة على قدر استطاعتك وعودي نفسك أن تصومي الإثنين والخميس من كل أسبوع، وأحصي هذه الأيام التي صمتها حتى يغلب على ظنك أنك قد قضيت ما عليك.
الشيخ: الصادق من أم درمان سأل عن صنفين من الناس كلاهما آثم، وكلاهما في ضلال.
الأول: إمام مسجد إذا نهض قال: يا شيخ فلان، وهو إمام يقتدى به، فكان حريًا به أن ينادي ربه، وأن يلجأ إلى سيده ومولاه الذي يجيب المضطر إذا عاه ويكشف الضر، والذي يعين ويغيث جل جلاله.
أما دعاء الأموات فكما قال ربنا: إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ [فاطر:14]، فسمى الله هذا الصنيع شركًا، فلذلك هذا الإمام ينبغي أن تقام عليه الحجة، وأن ينصح برفق، وأن يبين له الأدلة من القرآن والسنة، فإن أصر على مثل هذا السلوك فإنه ينبغي أن يُعزل عن الإمامة؛ لأنه ليس أهلًا لهذه المنزلة الرفيعة.
الشيخ: الذي يكثر من الحلف بالحرام ينبغي أن يزجر وينهى، ويبين له بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال: ( من كان حالفًا فليحلف بالله أو ليصمت ).
السؤال: أخونا أبو أحمد من بور سودان يقول: بأن هناك إنساناً عنده مشاكل في عمله، فلا يكاد يستقر في عمل حتى ينزع منه، وإذا دخل في أمر ما فإنه يفشل؟
الجواب: يا أبا أحمد عندك جملة أمور:
أولاً: تب إلى الله عز وجل واتقه، فإنه وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا [الطلاق:4]، وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ [الطلاق:2-3]، فعليك بتقوى الله عز وجل: بفعل المأمور واجتناب المحظور والصبر على المقدور.
ثانيًا: عليك بالإكثار من الاستغفار، فإن الاستغفار سبب لكل خير.
ثالثًا: عليك بالإلحاح على الله بالدعاء، خاصة في أوقات الإجابة، دبر الصلوات المكتوبات، وفي ثلث الليل الآخر، وعند الاضطرار، وعند نزول الغيث وغير ذلك من مظان الإجابة.
رابعًا: صل رحمك، فإن صلة الرحم تبارك الرزق، وتزيد في الأجل، قال عليه الصلاة والسلام: (من سره أن يُبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره، فليصل رحمه).
ثم بعد ذلك استعمل التحصينات الشرعية.
اقرأ دائمًا على نفسك آية الكرسي وخواتيم سورة البقرة والمعوذتين، وأكثر من تلاوة هذه الآيات بالليل والنهار في الظهر والعصر، لعل الله عز وجل أن يزيل ما بك.
الشيخ: بالنسبة للرضاعة يا أبا أحمد ، فقليلها وكثيرها محرِّم، لعموم قول الله عز وجل: وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ [النساء:23]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب)، والأصل الاحتياط للفروج، فلا نقول: خمس رضعات ولا ثلاث رضعات، بل متى ما ثبت الرضاع دون نظر إلى عدده أو كميته، فإذا ثبت أن فلانًا رضع من فلانة فقد صار بنات فلانة هذه كلهن حرامًا عليه.
السؤال: أخونا أحمد أوشيك من أروما، سأل أن بعض الناس عند الدفن يقولون: صلوا على النبي صلى الله عليه وسلم؟
الجواب: ليس هذا من السنة، بل السنة عند الدفن الصمت، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجلس على شفير القبر ومعه أصحابه كأن على رءوسهم الطير، عليه الصلاة والسلام، فما كانوا يقولون: صلوا على النبي، ولا كانوا يقولون: اذكروا الله، ولا كانوا يقولون: هللوا، ولا كبروا ولا شيئًا من ذلك، ولا بأس بموعظة تناسب المقام في بعض الأحيان.
الشيخ: إذا كان يقصد بأنهم إذا قاموا إلى الصلاة وكانوا شخصين اثنين فإن بعض الناس يسخر ويقول لهم: سوقكم تعبان، فما ينبغي هذا؛ لأن الله عز وجل قال: الَّذِينَ يَلْمِزُونَ المُطَّوِّعِينَ مِنَ المُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللهُ مِنْهُمْ وَلَهمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * اسْتَغْفِرْ لَهمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهمْ [التوبة:79-80]، فالسخرية بالمؤمنين في شعائرهم أو في التزامهم بالدين من المصائب الكبار التي ينبغي أن نحذر منها، فلا تسخر من إنسان في صلاته، ولا في صيامه، ولا في صدقته، ولا تسخر من إنسان للحيته، ولا لقصر ثوبه، ولا تسخر من إنسان؛ لأنه يذكر الله ذكرًا كثيرًا، ولا تسخر من إنسان لأنه يتحرى الحلال، واتقِّ الله عز وجل، ويكفينا قول ربنا: لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ [الحجرات:11].
المتصل: ما حكم الزواج في الحمل غير الشرعي؟
الشيخ: شكرًا.
المتصل: أنا داخلة في صندوق ثلاثة آلاف لمدة ثلاث سنوات، ثم زادت خمسة عشر ألفاً، فهل فيها زكاة؟
الشيخ: شكرًا.
الشيخ: بالنسبة لسؤال هنادي من الجرافة عن نكاح الحامل، الذي عليه جمهور العلماء بأنه لا يصح العقد عليها، حتى تضع ويثبت براءة رحمها من أنه ما علق به شيء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ( نهى أن يسقي الرجل بمائه زرع غيره )، ولما بلغه أن أحد الناس وطئ امرأة قبل أن يستبرئها، قال: ( لقد هممت أن ألعنه بلعنة تدخل معه قبره)، لكن إذا كان من زنى -عياذًا بالله- هو نفسه الذي يريد الزواج، فإنه يصح العقد عند الحنفية والشافعية، يعني: نفرق في حالة حصول الحمل غير الشرعي، بين أن يكون مريد العقد هو الفاعل نفسه أو غيره، فإذا كان هو من فعل الفعلة، ويريد أن يعقد من أجل أن يستر العرض، ومن أجل أن يمنع الفضيحة فهذا صحيح إن شاء الله عند جمع من أهل العلم من الحنفية والشافعية، أما إذا كان غيره فلا؛ لأن هذا يفضي إلى اختلاط الأنساب.
السؤال: أم محمد من كوستي: ذكرت بأنها تشترك في صندوق بقيمة ثلاثة آلاف جنيه، وخلال ثلاث سنوات صار المبلغ خمسة عشر ألفًا؟
الجواب: النصاب ستة آلاف، فإذا كان يبلغ ستة آلاف وحال عليه الحول، فقد وجب أن يخرج ربع العشر، فهذه الأخت تنظر متى ملكت هذا النصاب، فتخرج إذا كان مر عليه سنة تخرج الزكاة مرة واحدة أما إذا مر عليه سنتان فإن عليها زكاة لحولين كاملين.
المتصل: في قول الله تعالى: مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا [النساء:85]، في الشفاعة الحسنة، المقصود: الواسطة في اكتساب شيء من أمر الدين، أم يدخل فيها من يتوسط للناس ويأخذ على ذلك مقابل؟
السؤال الثاني: ما هي الحاكمية؟
الشيخ: طيب شكرًا.
المتصل: قوله تعالى في سورة الأنبياء: قُلْ إِنَّمَا أُنذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنذَرُونَ * وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ * وَنَضَعُ المَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ [الأنبياء:45-47]، نريد تفسير هذه الآيات.
الشيخ: طيب.
السؤال: أخونا أبو زيد من عيد بكر يقول: الواسطة إذا كان القصد منها اكتساب شيء دنيوي كمال ونحوه هل ينال صاحبها الأجر المذكور في الآية؟
الجواب: نقول: ما المانع يا أخي! إذا كان شيئاً مباحاً، نحن قرأنا في سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن رجلًا وجب له مال على عدو الله أبي جهل عمرو بن هشام بن المغيرة المخزومي ، وهذا الرجل لما جاء يطلب الواسطة أو الشفاعة من رجالات قريش، وهم يعرفون حدة أبي جهل وسوء خلقه، أرادوا أن يسخروا من النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا للرجل الأراشي وكان من بني أراش: اذهب إلى ذلك الرجل الأبيض المشرب بحمرة، يعنون النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه يستخلص لك مالك من أبي الحكم ، فلما ذهب الرجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وعرض عليه ظلامته، قام عليه الصلاة والسلام معه، وضرب على أبي جهل بابه، فخرج عدو الله، يقول: من؟ قال: محمد، فخرج ممتقعًا لونه، وقال له: ما تريد؟ قال: أدِّ لهذا الرجل حقه، قال: أفعل، فدخل وأخذ المال وأسلمه للأراشي، فرجع الأراشي إلى المسجد الحرام، وقال لأولئك القوم: جزاكم الله خيرًا، قالوا له: ماذا صنع؟ قال: جزاه الله خيرًا قد استخلص لي مالي من أبي الحكم ، فلما جاء أبو جهل عدو الله والناس يستغربون، قالوا له: كيف فعلت ذلك يا أبا الحكم قال: لما طرق علي محمد بابي وخرجت إليه، رأيت فوق رأسه فحلًا لو تأخرت لطحنني بين أنيابه.
فهذه شفاعة من النبي صلى الله عليه وسلم في أمر دنيوي، كذلك لما جاءت بريرة تطلب الفرقة بينها وبين زوجها مغيث ، وسط مغيث الرسول صلى الله عليه وسلم، فذهب إلى بريرة وقال لها: ( ما عليك لو بقيت معه )، فيا أخي الكريم! إذا كانت شفاعة في أمر صاحبه قد استحقه فلا حرج في ذلك إن شاء الله.
السؤال: يسأل أبو زيد عن الحاكمية ما هي؟
الجواب: هذا مصطلح حادث، يعني: ليس في القرآن وليس في السنة، وإنما شاع في كتابات الأستاذ الشيخ: أبي الأعلى المودودي عليه رحمة الله، وكان أمير الجماعة الإسلامية في الباكستان وشبه القارة الهندية، وبعد ذلك ردده بقوة الأستاذ الأديب الشهيد بإذن الله: سيد قطب عليه رحمة الله، وهذا اللفظ يعنون به رد الحكم إلى الله عز وجل، فهو سبحانه وحده الذي يحلل، وهو سبحانه الذي يحرم، وهو سبحانه الذي يأمر، وهو سبحانه الذي ينهى، فالدين ما شرعه والحلال ما أحله، والحرام ما حرمه. هذا هو معنى الحاكمية.
ولا مشاحة في الاصطلاح، وإلا كلمة العقيدة -مثلًا- لا تجدها في القرآن، ما جاءت كلمة (العقيدة)، بهذا التركيب، لا في القرآن ولا في السنة، وقس على ذلك كثيراً من المصطلحات الحادثة التي يقر الناس بمضمونها، ولكن بعد ذلك لا مشاحة في الاصطلاح، سمها أنت حاكمية، وليسمها غيرك توحيدًا، أو إفرادًا لله بالحكم وما إلى ذلك، الأمر في هذا واسع إن شاء الله.
السؤال: أخونا أحمد من الأبيض: سأل عن تفسير آيات من سورة الأنبياء، قول ربنا جل جلاله: قُلْ إِنَّمَا أُنذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنذَرُونَ * وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ * وَنَضَعُ المَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ [الأنبياء:45-47]؟
الجواب: هذه السورة من السور المكية التي فيها الرد على المشركين وتخويفهم بعذاب الله رب العالمين، ولذلك افتتحت بقوله تعالى: اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ * مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ * لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ [الأنبياء:1-3]، وفي هذه الآيات الخطاب لمحمد صلى الله عليه وسلم: قُلْ [الأنبياء:45] أي: لهؤلاء المشركين المعاندين المعرضين: إِنَّمَا أُنذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ [الأنبياء:45]، أي: ما أنذركم بكلام من عندي، وإنما بوحي أوحاه إلي ربي: وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنذَرُونَ [الأنبياء:45]، فالله جل جلاله يشبه هؤلاء الكفار الفجار بالصم الذي لا يسمعون، كما قال: صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ [البقرة:171]، وكما قال: فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ المَوْتَى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ [الروم:52].
فهؤلاء يصفهم الله عز وجل بأنهم صم؛ لأنهم لم ينتفعوا بهذه الجارحة التي وهبهم الله إياها.
ثم يهددهم: وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ [الأنبياء:46]، أي: لو أنه أصابهم شيء من العذاب حين ذلك سيندمون ويندبون حظهم ويبكون على ما فاتهم ويقولون: يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ [الأنبياء:46].
ثم نقلهم ربهم جل جلاله إلى ذلك اليوم العبوس القمطرير، الذي تنصب فيه الموازين وتنشر فيه الدواوين و تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا [آل عمران:30]، قال الله عز وجل: وَنَضَعُ المَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا [الأنبياء:47]، أي: هذه الموازين ما فيها ظلم، بل هي موازين العدل: وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ [الأنبياء:47]، أي: ولو كان شيئًا يسيرًا حقيرًا ضئيلًا من حسنة أو سيئة فإنها ستوضع في ذلك الميزان، كما قال ربنا الرحمن: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه [الزلزلة:7-8].
إخوتي وأخواتي! أسأل الله أن يجمعني وإياكم على الخير مرة بعد مرة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر