الصوتياتالحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، ورضي الله عن الصحابة أجمعين، وعن من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً, وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً، سهل علينا أمورنا, وعلمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين! اللهم زدنا علماً نافعاً, وعملاً صالحاً بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين! سبحانك اللهم وبحمدك على حلمك بعد علمك! سبحانك اللهم وبحمدك على عفوك بعد قدرتك! اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد: إخوتي الكرام! كنا نتدارس معاملة نبينا عليه الصلاة والسلام مع زوجاته أمهاتنا الطاهرات المباركات عليه وعليهن صلوات الله وسلامه.
وقد تقدم معنا إخوتي الكرام! أن خير الناس خيرهم لأهله، وبما أن نبينا عليه صلوات الله وسلامه هو خير المخلوقات قطعاً وجزماً، فهو خيرهم للزوجات عليه الصلاة والسلام، وقد تقدم معنا أن نبينا عليه الصلاة والسلام كان يطوف على نسائه أمهاتنا الطاهرات في جميع الأوقات، فيتفقدهن في كل يوم كما مر معنا هذا، وتقدم معنا أيضاً أن نبينا عليه صلوات الله وسلامه كان يحنو عليهن, ويحفظ ودهن في حياتهن وبعد مماتهن، وتقدم معنا أيضاً أنه كان يحسن عشرتهن ومعاشرتهن, وقررت هذا بالأحاديث الصحيحة الصريحة في الدلالة على هذا الأمر.
ووصلنا عند الأمر الرابع, ألا وهو أن نبينا عليه الصلاة والسلام كان يصبر عليهن, ويتحمل منهن قصورهن وتقصيرهن، وقلت: إن هذا الأمر الرابع به يتجلى حسن الخلق على وجه التمام والكمال، فحسن الخلق: أن تبذل الندى, وهو الخير والمعروف والبر والإحسان، وأن تتحمل الأذى، أحسنت إلى عباد الله, ثم بعد ذلك تتحمل الأذى منهم وتصبر عليهم، وهنا أحسنت إلى زوجاتك فلو قدر أنه جرى منهن قصور نحوك فينبغي أن تصبر وأن تحتسب, وأن تحلم وأن ترفق، وهذا هو خلق الكرام الذين يتصفون بالأخلاق الحسنة, ولنبينا عليه الصلاة والسلام من ذلك النصيب الأوفى الذي لا يمكن لبشر أن يصل إلى درجته في ذلك، كيف لا والله يقول في حقه:
وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ
[القلم:4]. اللهم صل على نبينا وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه الكرام المباركين.
إخوتي الكرام! حسن الخلق يتجلى كما قلت عند هذا الأمر الرابع، فلا بد من الرفق وتحمل الأذى من الزوجات عندما يصدر منهن نحو أزواجهن، وقد ثبت في مسند الإمام أحمد وصحيح مسلم من رواية أمنا عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه ). فعليك بالرفق في جميع حياتك لاسيما مع أهلك وزوجاتك, واضبط أعصابك، فإذا أحسنت ما أحسنت وجرى منها ما جرى من الإساءة فحذاري أن تقابل هذه الإساءة بغضب وبانفعال؛ لئلا تحبط عملك الذي عملته، ولئلا يضيع إحسانك الذي بذلته، ولذلك كان نبينا عليه الصلاة والسلام يوصينا بأن نضبط أنفسنا في جميع أحوالنا، ففي مسند الإمام أحمد وموطأ الإمام مالك ، والحديث رواه الإمام البخاري في صحيحه، والإمام الترمذي في سننه عن أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه: ( أن رجلاً جاء إلى نبينا عليه صلوات الله وسلامه فقال: أوصني، قال: لا تغضب، فردد مراراً: أوصني .. أوصني، يقول: لا تغضب .. لا تغضب ). كلما يكرر طلب الوصية يجيبه نبينا عليه الصلاة والسلام بهذه القضية: (لا تغضب). فإن الغضب يجمع شر الدنيا والآخرة، وسوء الدارين العاجلة والآجلة، فإذا جرى من أهلك نحوك ما جرى لا تغضب.
وأنت حقيقة إذا ضبطت نفسك ولم تضيع إحسانك فأنت الرجل الشهم وأنت الكريم وأنت صاحب الخلق الحسن، وقد ثبت في المسند وموطأ الإمام مالك والصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ليس الشديد بالصرعة, إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ). ليس الشديد بمن يصرع الرجال، فهو مصارع قوي ماهر، يضجعهم على الأرض ويلقيهم على التراب. ( ليس الشديد بالصرعة, إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ). فأنت قيم وأنت سيد بكتاب الله,
وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ
[يوسف:25]، وأنت ترعى البيت ومن فيه، لكن ليس معنى هذا أنك ينبغي أن تتصف بالجبروت والغلظة والفضاضة والغضب والحماقة، لا ثم لا، فإذا جرى من هذه المسكينة ما جرى نحو إحسانك ومعروفك وفضلك فقابله بصدر رحب، وصرف الأمور على حسب شرع العزيز الغفور. نعم، أمران لا ينبغي أن تتهاون فيهما إذا صدرا من الأهل والزوجات:
الأول: معصية في حق الله جل وعلا، فلابد من أن تثأر لله كما يثأر الليث الحرب، وأن توقف الأمور عند حدها، وأن لا تتساهل في حقوق الله جل وعلا، أما في حقوقك كلما صفحت فهذا خير لك. والناس عكسوا القضية, يغضبون لحقوق أنفسهم, ويحلمون عند ضياع حقوق ربهم، وهذا هو الضلال المبين.
الأمر الثاني: إذا جرى من زوجة اعتداء على زوجة أخرى حقيقة لا يصلح الحلم أيضاً والصفح في هذا الأمر, فهذا ليس حقك، ينبغي أن تعطي كل زوجة حقها، وأن لا تميل مع واحدة على حساب الأخرى. هذا ليس لك الآن. ثم ما عدا هذين الحقين كلما عفوت وصفحت فأنت أحسن، فإذا أطالت لسانها بل مدت يدها ودفعت بك في صدرك وأحياناً جرى منها ما جرى من هجران ونفور فكل هذا تحمله, وطيب خاطرها بكلام طيب؛ لعل الله جل وعلا يعفو عنك, ويستر الزلات التي تصدر مني ومنك يوم القيامة, فهو أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين.
إخوتي الكرام! هذا الأمر الرابع, قلت: سأستعرض نماذج منه مما جرى في بيت نبينا عليه الصلاة والسلام من أمهاتنا نحو نبينا عليه صلوات الله وسلامه, وهو بلا شك كما تقدم معنا قصور منهن، وتقصير نحو نبينا عليه الصلاة والسلام، ولا نقصد بذلك أن نعيرهن كما تقدم معنا, فهن أكمل النساء وأطهر النساء بلا شك، لكن هذه هي الحياة الدنيا كما سيأتينا، وقلت هذه السلبيات التي جرت في بيوت خير البريات عليه الصلاة والسلام إن أحصيت واستوعبت لا تصل إلى عدد أصابع اليدين، ثم هي كما سيأتينا سلبيات ظاهرة, ما دخلت إلى القلب, ولا عشعشت فيه، ونحن عندما ندرس هذا نستفيد فوائد عظيمة أبرزها فائدتان:
الفائدة الأولى: لنعلم أن الدنيا دار كدر، مهما صفت فلا تخلو من عكر وكدر.
والأمر الثاني: لنستفيد معالجة هذا الكدر من بيوت نبينا خير البشر عليه صلوات الله وسلامه، فقد جرى هذا في بيته، وهو عليه صلوات الله وسلامه أسوتنا وقدوتنا وإمامنا في جميع شئوننا, فيما نحب وفيما نكره، فإذا طرأ في بيوتنا شيء مما نكرهه نعالجه كما كان نبينا عليه الصلاة والسلام يعالجه.
حقيقة هذا يدل على حال الدنيا، ثم ما سلم من هذا بيت النبي عليه الصلاة والسلام وإن كانت الحوادث كما قلت بمقدار, وعولجت معالجة حسنة, فلنقتد بنبينا عليه الصلاة والسلام في هذا الأمر.
إخوتي الكرام! الناس في هذه الحياة لا ينفك عنهم وصف البشرية، لا يخرجون عن وصف الإنسانية، وفيهم الخطأ والنسيان والذهول والتقصير, هذا لا يمكن أن ينفك عنه بشر مادام في هذه الحياة، وهذه الحياة لا يمكن أن تكون دار صفاء ووفاء، إنما الصفاء والوفاء على وجه التمام هذا في غرف الجنان, هناك
لا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ
[الحجر:48]. هناك
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ
[فاطر:34]. هناك:
لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ
[ق:35]. وأما هنا ما يحصل لك مما تشاؤه أقل بأضعاف مضاعفة مما لا يحصل لك، فأنت تريد أشياء كثيرة ولا يحصل لك منها إلا القليل، فانتبه لهذا الأمر! هذا حال الدنيا, والأمر كما قال بعض الأكياس:
طبعت على كدر وأنت تريدها صفواً من الأقذاء والأكدار
ومكلف الأيام ضد طباعها متطلب في الماء جذوة نار
لا يمكن أن تحصله, يعني: جذوة نار .. قطعة نار من جوف الماء لا يمكن هذا، وهذا حال الدنيا، إذا أردت الصفاء والراحة والطمأنينة فيها فهذا خيال ووهم، هذا لا يحصل إلا في الدار التي
لا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ
[الحجر:48]. فهذا نبينا عليه الصلاة والسلام وهو خير عباد الرحمن، وهو خير المخلوقات جرى في بيته عليه صلوات الله وسلامه ما جرى، وتحمل وعفا وصفح، هذه حياة كدر .. حياة عناء .. حياة يقع فيها شيء من الشدة والبلاء، فلا بد من أن تصبر, ولا تقل للزوجة: أنا أفعل وأحسن وأقدم وأنت تقابليني هذا بهذه المعاملة؟ يا عبد الله هذا حال الحياة، لا راحة إلا بلقاء الله جل وعلا.
ثم - كما قلت- هذه الحوادث من أولها لآخرها إذا كانت القلوب طاهرة تبقى انفعالات ظاهرية, تزول بعد ذلك مباشرة، إنما حصل انفعال
إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ
[الأعراف:201].
ذكرت الحادثة الأولى إخوتي الكرام! في تآمر من تآمر من أمهاتنا على نبينا صلوات الله وسلامه, وكيف تسبب عن هذه المؤامرة أن يحرم نبينا عليه الصلاة والسلام على نفسه سريته، وأن يحرم على نفسه شرب العسل، فعوتب من قبل الله عز وجل، ثم بعد ذلك هجر نساءه شهراً، فكل واحدة تتمنى لو قطعت في ذلك الشهر قطعاً ولم يحصل هذا الهجر من نبينا عليه الصلاة والسلام لها، ثم عندما نزلت آية التخيير وبدأ بأصغرهن أمنا عائشة رضي الله عنهن جميعا، قال: ( سأعرض عليك أمراً لا تستعجلي حتى تستشيري أبويك، ثم تلا الآية، قالت: أفيك أستشير؟ بل أختار الله ورسوله ) على نبينا وآل بيته جميعاً صلوات الله وسلامه. ثم استقرأ نساءه التسع كل واحدة تقول: بل أختار الله ورسوله:
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا * وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا
[الأحزاب:28-29].
بلغ الأمر بأمنا عائشة رضي الله عنها وأرضاها أن قالت لنبينا عليه الصلاة والسلام: ( أنت تزعم أنك رسول الله؟ -فتحمل النبي عليه الصلاة والسلام هذا منها- وقال: أوفي ذلك شك يا
تقول أمنا عائشة رضي الله عنها -وهذا حصل في حجة الوداع-: كان متاعي فيه خصف، المتاع الذي يحمل على الراحلة البعير أو الناقة، وكان على جمل ناج، أي: عندها أمتعة خفيفة وجملها قوي مسرع نشيط سريع، وكان متاع صفية فيه ثقل، وكان على جمل ثفال، ثفال أي: بطيء ضعيف في المشي، ولو ضبط ثقال لكان من حيث اللغة صحيحاً, لكن الرواية الواردة بالفاء على جمل ثفال .. ثقال, أي: ثقيل في المشي، ثفال أي: ضعيف ما يسرع ولا يلحق بالركب، أمتعتها كثيرة وعلى جمل ثفال، وتلك أمتعتها خفيفة وعلى جمل ناج، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( حولوا متاع
( يا لعباد الله! غلبتنا هذه اليهودية على رسول الله عليه الصلاة والسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا
وكلمة الزعم إخوتي الكرام تأتي غالباً في القول المشكوك فيه الذي لا يثبت, وقد تأتي في القول الحق الصدق الذي لا شك في وقوعه وفي حقيقته, وهنا كذلك قد ثبت في صحيح مسلم في حديث أنس رضي الله عنه عندما جاء ضمام بن ثعلبة إلى نبينا عليه الصلاة والسلام فقال له: ( أتانا رسولك فزعم أن الله أرسلك، قال: صدق ). فهنا أطلق الزعم والنبي عليه الصلاة والسلام أقر عليه وقال: هذا كلام حق. ثم إلى آخر الحديث: ( قال: من خلق السماء؟ قال: الله، قال: فمن خلق الأرض؟ قال: الله، قال: فمن خلق هذه الجبال وجعل فيها ما جعل؟ قال: الله، قال: أسألك بالذي خلق السماء والأرض والجبال وجعل فيها ما جعل آلله أرسلك؟ قال: نعم. قال: صدقت، ثم قال: وزعم رسولك أن الله افترض علينا خمس صلوات في اليوم والليلة؟ قال: صدق ). قال الإمام النووي عند شرح هذا الحديث في شرح صحيح مسلم في الجزء الأول صفحة سبعين ومائة: نبينا عليه الصلاة والسلام قال: (صدق) لـضمام مع قوله: (زعم) وفي ذلك دليل على أن لفظ الزعم ليس مخصوصاً بالكذب والقول المشكوك فيه، بل يطلق أيضاً على القول المحقق والصدق الذي لا شك فيه. قال: وقد أكثر سيبويه إمام العربية في كتابه -الكتاب الذي سمي بهذا الاسم الكتاب- من قول: زعم الخليل .. زعم الخليل ، بمعنى: قال الخليل ، وقرر الخليل ، وذكر الخليل.
وهنا قالت عائشة : (ألست تزعم)، يعني: ليس المراد أنك تدعي زوراً وكذباً، هذا لا يمكن أبداً، يعني: ألست تقول أنك رسول الله عليه الصلاة والسلام؟ كيف أنت رسول الله عليه الصلاة والسلام وخير خلق الله وتأمر بالعدل ثم تأخذ المتاع الثقيل لـصفية تضعه على جملي, ومتاعي الخفيف تحوله إلى جمل صفية ؟ ألست تزعم أنك رسول الله عليه صلوات الله وسلامه، قالت: ( فتبسم، فقال: أفي شك أنت يا
قالت: (ألست تزعم أنك رسول الله عليه صلوات الله وسلامه؟ وهذا الكلام يقابل بالتبسم, لا بانفعال, الكلام من حبيبك خلاص يتسع صدرك له, يزول عما قريب، وهي تأتي بعد ذلك تقول: أنا أخطأت في هذه الكلمة، أنا لا أشك بأنك رسول الله عليه الصلاة والسلام, وأجزم أنك رسول الله أكثر مما أجزم أنني أنا عائشة .
وسيأتينا إخوتي الكرام! هذه الانفعالات التي ستجري سأختمها بحادثة, كل واحدة منهن تتمنى لو اقترن معها أقرب الناس إليها بالنسب مع نبينا عليه الصلاة والسلام؛ لتنال أعلى الرتب، سيأتينا أن كل واحدة كانت تعرض قريباتها وأخواتها على نبينا عليه الصلاة والسلام. وهذا ثابت في الصحيح. تقول أمنا رملة أم حبيبة رضي الله عنها وأرضاها كما سيأتينا: ( هل لك في أختي؟ ) وهل هي عزة أو درة كما سيأتينا اسمها. قال: ( أعمل فيها ماذا؟ قالت: تنكحها ) تعرض أختها على نبينا عليه الصلاة والسلام. قال: ( وتحبين ذلك؟ قالت: خير من شاركني في خير أختي ). هذه تأتي بأختها، وتقول: أنا ما عندي شك أن صحبتك خير لنا، وأنا أريد الخير لأختي، فأريد أن تتزوج أختي معي، قال: ( إنها لا تحل لي ). لا يجوز أن نجمع بين الأختين, هذه من المحرمات. لكن انظر مع انفعالهن أيضاً عندما تروق، وهذه ليست هي الخط العام لحياتهن. هذه في التسع سنوات تسع انفعالات من تسع زوجات، ولذلك قلت: ما يقف عند هذه السلبيات ويضخمها ويجعلها صورة لبيت نبينا عليه الصلاة والسلام إلا من لعنه الله وغضب عليه؛ لأنه يريد أن يجعل هذا الأمر الذي هو في حكم الشذوذ والنادر يريد أن يجعله هو المسلك العام الذي يخيم على بيت نبينا عليه الصلاة والسلام. أليس كذلك؟ المسلك العام ( قالت: هل لك في
فلما استجارت برسول الله صلى الله عليه وسلم وقعدت خلف ظهره قال نبينا عليه الصلاة والسلام لـأبي بكر : ( يا
الأثر قال عنه الإمام العراقي - كما قلت رواه الطبراني والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد- قال: بسند ضعيف عن أمنا عائشة رضي الله عنها وأرضاها.
لكن مثل هذا وقع كثيراً في بيت نبينا عليه الصلاة والسلام, والكثرة دون العشرة أيضاً. فاستمعوا لبعض الحوادث عدا عما ذكرت:
ثم التفت نبينا عليه الصلاة والسلام إلى حفصة وقال: ( يا
فاستمع الآن لهذا التوجيه من نبينا عليه الصلاة والسلام, أصلح بين الزوجتين وأعطى حفصة حقها من النصح والزجر, ( اتقي الله )! فهذا الكلام خروج عن التقوى. وتلك طيب خاطرها: لا تتأثري, أنت بنت نبي، أنت عمك نبي، وأنت تحت نبي.
ومن جملة اللطائف حول هذه القصة، كان بعض إخواننا عندما كنا في أيام الدراسة يقول لي مقولة، وهي في الحقيقة نكتة، لكن كانت بمنتهى الغرابة, وننكرها عليه، ثم تبين صحتها. يقول: أنا ولي ابن نبي، نقول: اتق الله يا رجل! اتق الله! قال: أنا ما أشك أنني ولي ابن نبي، قلت: يا عبد الله! كيف هذا؟ قال: أنا مؤمن, والمؤمنون إن شاء الله أولياء الله، وكلنا ننتمي لآدم, وآدم من تراب, وهو نبي الله، فأنا ولي ابن نبي.
وهنا كذلك من باب تطييب خاطر أمنا صفية قال النبي: ( أنت ابنة نبي ). حتماً ليس هو الأب الأقرب، إنما بينها وبين هارون مسافة, ( وعمك نبي )، وأفضل الفضائل: ( وأنت تحت نبي )، خير خلق الله عليه صلوات الله وسلامه، ( فبم تفخر
وهذا الكلام - كما قلت- الذي صدر من حفصة صدر أيضاً من أمنا عائشة رضي الله عنها، وتقدم معنا أيضاً أنه قالته أمنا عائشة كما في رواية أبي يعلى التي فيها عنعنة محمد بن إسحاق كما تقدم معنا، لكن هذا الكلام ثابت عن أمهاتنا أزواج نبينا عليه الصلاة والسلام في حق صفية في أحاديث أخر, منها هذا الحديث.
ومنها: ما في الترمذي ومستدرك الحاكم في الجزء الرابع صفحة تسع وعشرين، عن أمنا صفية رضي الله عنها وأرضاها قالت: ( دخل عليّ النبي صلى الله عليه وسلم وقد بلغني كلام عن
الحديث رواه الإمام أحمد في المسند والطبراني في معجمه الأوسط، وانظروه في مجمع الزوائد في الجزء الرابع صفحة واحد وعشرين وثلاثمائة إلى ثلاث وعشرين وثلاثمائة، وهو في المسند في بلوغ الأماني في ترتيب مسند الإمام أحمد الشيباني ومعه الفتح الرباني في الجزء الثاني والعشرين صفحة أربع وأربعين ومائة، عن سمية وقيل شميسة، وهما بصريتان مقبولتان كما قال الحافظ ابن حجر في التقريب، قال الإمام الهيثمي : كل منهما لم يجرحها أحد، يعني: سمية البصرية لم لجرحها أحد، وشميسة لم يجرحها أحد، أما الأولى وهي سمية فحديثها في السنن الثلاثة, في سنن أبي داود والنسائي وابن ماجه , وأما شميسة فقد روى لها البخاري في الأدب المفرد. إذاً: إما عن سمية أو شميسة , كما قلت كلاهما بصريتان، تابعيتان كريمتان رضي الله عنهما وعن سائر المسلمين. عن سمية أو عن شميسة عن عائشة وصفية رضي الله عنهم أجمعين, يعني: تنقل سمية أو شميسة عن أمنا عائشة وأمنا صفية ما جرى في حجة الوداع مع نبينا عليه الصلاة والسلام مع نسائه في السفر والطريق, قالت: ( حج النبي صلى الله عليه وسلم بنسائه فلما كان ببعض الطريق نزل رجل فساق بهن فأسرع ). الرجل الذي يسوق والذي يحدوا بالإبل من أجل أن تمشي وتسرع وتلحق بالركب، فأسرع, فقال النبي عليه الصلاة والسلام: ( كذا سوقك بالقوارير )؟ يعني: هكذا تسوق القوارير، وهذا الذي كان يسوق هو أنجشة , وهو الذي كان يسوق النساء والضعفة عندما يسافرون مع النبي عليه الصلاة والسلام. وورد التصريح باسمه في الصحيحين وفي المسند وسنن النسائي عن أنس رضي الله عنه قال: ( بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير وحاد يحدو بنسائه, فضحك النبي صلى الله عليه وسلم, فإذا هو قد تنحى بهن )، يعني: سبقن الركب من كثرة سير أنجشة بالضعفة والنساء, فقال النبي عليه الصلاة والسلام: ( يا
( قالت: نعم، تقول: فأخذت خماراً لها قد ثردته بزعفران, فرشته بالماء ليذكي -أي: ليفوح ريحه- ثم لبست ثيابها ثم انطلقت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فرفعت طرف الخباء، فقال: يا
قصة جرت - وكما قلت- أخوتي الكرام! سلبية من السلبيات، لكن هذه السلبيات انفعال ظاهري, يعالج عندما يحصل في ذلك اعتداء على حق الغير، ويكفيها أنها هجرت ثلاثة أشهر، وهذا الهجر حقيقة يمزق الكبد عند أمنا زينب رضي الله عنها وأرضاها، وعفا الله عما سلف، فرحمة الله واسعة بعد ذلك, والله غفور رحيم، كما قلت حوادث معدودة -هذه من ضمنها- جرت في بيت النبي عليه الصلاة والسلام, وعولجت بهذه المعالجة. الكلام الأول الذي جرى من حفصة ما تطور, عالجه نبينا عليه الصلاة والسلام بما تقدم, ( يا
وجرى الكلام من أمنا عائشة , عولج بذلك، زاد الكلام من أمنا عائشة في السفر وقالت: غلبتنا هذه اليهودية على رسول الله عليه الصلاة والسلام، وكيف وضع متاعها على جملي وأخذ متاعي ووضع على جملها؟ وهذا خلاف العدل على حسب زعمها، ومع ذلك كل هذا تجاوز.
بعد كل هذه المواقف وفي النهاية التي وصلنا إلى موقف محرج والجمل برك ولابد من مواصلة السير, ( أفقريها جملاً, قالت: أنا أفقر يهوديتك؟ ) طيب هذا لا بد الآن من زجر لوضع حد لهذا الكلام الذي تكرر وكثر، فزجرن بما زجرن به من قبل نبينا عليه الصلاة والسلام, فكان ماذا؟ وهذا وضع الحياة، ( ولو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم سبحانه وتعالى ). لكن كما قلت شتان بين أن يكون هذا الخطأ دافعه التعمد, وهو مستأصل ثابت في القلب، وبين أن يكون دافعه الخطأ والانفعال, وهو طارئ يطرأ على الإنسان ثم ينتهي، شتان بين هذا وذاك. فهذه الحوادث كلها من باب الأمور الطارئة التي كانت تزول عند المعالجة, وتستقر الحياة بعد ذلك، وثم هذا كان يقع، وكما قلت سأحصي جميع هذه الحوادث، وحتى لو جاء متكلم يتكلم قل له: هل عندك زيادة على هذه الحوادث حتى جئت تتكلم، وكما قلت يجري بين الإنسان وأبيه .. بين الإنسان وأمه .. بين الإنسان وأخيه, فضلاً عن حدوثه بينه وبين زوجته الوحيدة التي يحبها وتحبه، لا أقول في العمر مشكلة، أو في الشهر مشكلة، أو في السنة مشكلة، أو في الأسبوع مشكلة، مشاكل كثيرة, لكن إذا لم تكن هذه المشاكل من قلب خبيث سرعان ما تزول. وهنا كذلك تسع نسوة يعشن في حياة تقدم معنا وصفها في بيوت النبي عليه الصلاة والسلام، ووصف أثاثه، ووصف طعامهم، ولو جاءت الفأرة ما تحصل طعاماً في بيت نبينا عليه الصلاة والسلام, ما عندهن ما يأكله ذو كبد كما تقدم معنا، والحُجر في تلك الحالة والحياة وهن صابرات محتسبات، ولما فتح على نبينا عليه الصلاة والسلام ما فتح من المغانم كل هذا صرف إلى المسلمين ولم ينل بيت النبوة منه شيء كما تقدم معنا، لا شبع البطن, ولا عمر البيت كما هو، فإذا جرى منهن -وهن تسع- تسع حوادث في حياتهن مع نبينا عليه الصلاة والسلام كان ماذا لا شيء.. لا شيء على الإطلاق, وكما قلت: هذه هي طبيعة الحياة, نحن لا نعرف الجنات، فالجنة حقيقة هناك لا يمكن أن يصدر فيها شائبة، أما ما دمت في هذه الحياة لا بد من عكر وكدر, يزال بعد ذلك، وإذا لم يكن هذا العكر والكدر من قلب متأصل فيه فلا حرج، وهذا طبيعة بيتك.
أقول: إذا حصل هذا ببيت النبي عليه الصلاة والسلام أي حرج؟ تسع نسوة يجتمعن في تسع سنوات في جميع الليالي على الترتيب, في كل ليلة في بيت التي هي ليلتها، طيب إذا جرى في هذه الليالي المتعددة المتكررة حادثة أو حادثتان هل يقال: في بيت النبي عليه الصلاة والسلام خصومة؟ والله من قال هذا فخصمه الله، فلا يقال: خصومة، هذا يدل على نبلهن وشرفهن ومحبتهن وودهن لبعضهن، لكن أحياناً يقع انفعال، هو مد يده, وهي نبهته وقالت: زينب. فكف النبي عليه الصلاة والسلام يده، تلك حرمت خيراً، فتريد أن تجيب، هذه لن تسكت، كلام ضمن المحاورة الشرعية لكن فيه رفع صوت، تطور الأمر إلى أخذ تراب ورش على الصاحب، وبعد ذلك هدأت الأمور وانتهى الأمر، ولا يوجد أن واحدة منهن تضمر لأختها عداوة أو بغضاً, وفي الليلة الثانية سيجتمعن في بيت زينب وزال كل شيء, على نبينا وعلى آل بيته صلوات الله وسلامه.
كما قلت إخوتي الكرام! هذا في صحيح مسلم ومسند الإمام أحمد , وورد نظير هذه القصة مع أمنا عائشة وأمنا أم سلمة على نبينا وعليهن جميعاً صلوات الله وسلامه، والحديث رواه الإمام أحمد في المسند، وانظروه في المكان المتقدم، أو في مكان آخر في الجزء الثاني والعشرين صفحة ثلاث عشرة ومائة، وانظروه في مجمع الزوائد أيضاً في الجزء الرابع صفحة اثنتين وعشرين وثلاثمائة, وجميع رجال الإسناد ثقات أثبات، وفيهم علي بن زيد بن جدعان , قال الإمام الهيثمي : وفيه ضعف وحديثه حسن، وعلي بن زيد بن جدعان أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم في صحيحه وأهل السنن الأربعة، وتوفي سنة واحد وثلاثين ومائة للهجرة. ولفظ الحديث في المسند عن أمنا عائشة رضي الله عنها وأرضاها قالت: ( كانت عندنا
هذه حوادث إخوتي الكرام! تجري في بيت نبينا عليه الصلاة والسلام, وصدره أوسع من السماوات والأرض عليه صلوات الله وسلامه، يتسع ويقول لهذه: انتصري، وبعد هذه المقاولة ذهب كل شيء ومضى, وما بقي في القلب شيء.
إخوتي الكرام! وقبل أن أكمل هذا المبحث شيء خطر ببالي, ليتني نبهت عليه عند ذكر القصة! عندما حج النبي عليه الصلاة والسلام بنسائه وبرك جمل أمنا صفية رضي الله عنها وأرضاها ووهبت بعد ذلك يومها لأمنا عائشة , هذا يتعين أن يكون في عودة نبينا عليه الصلاة والسلام من حجته؛ لأنهم في الذهاب كانوا محرمين، ولا يمكن لأمنا عائشة أن تأخذ هذا الثوب الذي فيه زعفران, وبعدها نبينا عليه الصلاة والسلام يباشرها في خبائه، هذا كله بعد عودتهم فيما يظهر والعلم عند الله عز وجل، يعني: هذا ما حصل في حالة الإحرام قطعاً وجزما، أو ممكن أن يقال: كانوا قبل أن يصلوا إلى الميقات, فالمسافة قصيرة من المدينة المنورة إلى الميقات، الذي يظهر والعلم عند الله أن هذا في حالة العودة, ما فصل الأمر, لكن هذا يتعين قطعاً، والذي يظهر والعلم عند الله أن هذا في العودة، ولذلك وصفها أنها كانت من أحسنهن ظهراً، هذا في حال الذهاب، ثم لعله في الإياب أصابه ما أصابه, فلما برك طلب النبي عليه الصلاة والسلام من أمنا زينب أن تفقرها - أي: أن تعيرها- جملاً من جمالها فقالت ما قالت، والعلم عند الله.
هذه حوادث كما قلت تجري في بيت نبينا عليه الصلاة والسلام، والذي دعانا إليها كما قلت الأمر الرابع، بعد أن يحسن الإنسان إلى أهله ينبغي أن يتحمل منهن ما يتحمل، وإذا ابتلاك -أو أقول أكرمك- الله بزوجة أو بزوجات تعلم هذه الأخلاق التي كان يتخلق بها عليه صلوات الله وسلامه، لتعرف كيف تعيش في بيتك مع زوجك أو مع زوجاتك، فهذا كما يلزمك مع الزوجة يلزمك من باب أولى مع الزوجات، إذا حصل ما حصل فلا داعي لصراخ ولا لمشاتمة ولا لضرب ولا لسب ولا لطلاق، فأحياناً قد تطلق بالثلاث والأربع، فاتق الله في نفسك! واقتد بنبيك عليه الصلاة والسلام.
وقلت سابقاً: هذه الحوادث جرت في بيت النبي عليه الصلاة والسلام لحكم كثيرة منها:
أولها: للدلالة على أن هذه الحياة حياة كدر مهما طالت.
والثاني: لنقتدي بنبينا خير البشر عليه الصلاة والسلام في جميع أحوالنا، فلو لم يجر هذا في بيته فكيف سنعالج أمورنا؟ فانتبه هذا خير خلق الله عليه الصلاة والسلام يجري بين نسائه ما يجري، وليس هو يسكت ويقر، لا، بل يقول: ( دونك قومي فانتصري, وسبيها كما تسبك ). وهو جالس عليه الصلاة والسلام يستمع, حتى تنتهي هذه الخصومة فيعود الود والوئام والحب بين هذه القلوب الطاهرة بعد أن فرغ كل واحد كما يقال انفعاله، خلاص يعود لطبيعته وإلى رشده وإلى عقله ووعيه.
وفي رواية عن أمنا عائشة رضي الله عنها قالت: ( إن نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم كن حزبين ). التسع ينقسمن إلى حزبين، حزب رئيسه أمنا عائشة , وحزب آخر رئيسه أم سلمة , فاستمع لهذين الحزبين المباركين، وأحسن ما عرفته البشرية من أحزاب في المنافسة على الخير والحرص على خير خلق الله عليه صلوات الله وسلامه، قالت أمنا عائشة : ( فحزب فيه
ثم إنهن بقية الحزب دعون فاطمة بنت رسول الله عليه الصلاة والسلام, فأرسلنها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تقول: ( إن نساءك يسألنك العدل في
وفي رواية أخرى قالت: ( كان الناس يتحرون بهداياهم يوم
وفي رواية أخرى قالت: ( أرسل أزواج النبي عليه الصلاة والسلام
فلا بد إخوتي الكرام! من وعي هذا الأمر، لكن لا بد من تقدير موقف نبينا عليه الصلاة والسلام, وهو الذي ينبغي أن يقتدي به الأزواج الكرام مع الزوجات في هذه الحياة، فالمرأة إذا حصل منها ما حصل من غضب .. من انفعال .. من تقصير .. من قصور نحو الرجل، فإذا أنت ستقصر كما تقصر هي فالدنيا خربت، أنت القيم وأنت السيد، فأدخل هذا في واسع صدرك، وبعد ذلك عاملها بمعاملة الرفق والحنو والشفقة والصفح وتطييب الخاطر, بحيث تندم على ما جرى منها, وتعود الأمور إلى طبيعتها، بما أنه لا يوجد في القلب خبث متأصل ثابت لازم العلاج سهل، أما إذا كانت القلوب - نسأل الله العافية- فيها الفساد وفيها الخبث هذا كلما أصلحت في الظاهر تنفجر الأمور؛ لأن الداء كامن. لكن انتبه! هنا امرأة صالحة تقية نقية وهذا وصف جميع أمهاتنا أزواج نبينا عليه وعليهن جميعاً صلوات الله وسلامه، ما بقي إلا انفعال ظاهري هذا سيقع ليس فقط بين الضرائر، هذا سيقع بين أخلص الأصحاب مع بعضهم، كان يجري بين أبي بكر وعمر ما يجري من هذه الحوادث، وقلنا نحن: نعيش في هذه الحياة ولا تخلو من شوائب وكدر.
فهذه الحوادث القليلة التي جرت في بيت نبينا عليه الصلاة والسلام عولجت بالحلم والصفح، وظهرت كما تقدم معنا معاملة نبينا عليه الصلاة والسلام لأمهاتنا، أحسن إليهن وصبر عليهن وتحمل منهن، هو على خلق عظيم فداه أنفسنا وآباؤنا وأمهاتنا.
أما بقية الحوادث فلعله بقي معنا حادثتان أذكرهما إن شاء الله، وهذا مجموع الحوادث, لعله تقدم معنا بحدود خمس أو ست حوادث، نضيف إليها حادثتان، وهذا مجموع ما حصل كما قلت في بيوت نبينا عليه وعلى أمهاتنا وآل بيته وأصحابه صلوات الله وسلامه.
بعد الانتهاء من ذلك سأختم كما قلت الكلام على هذا الأمر بترجمة عطرة موجزة لأمهاتنا؛ لأنه إذا ختمنا هذا المبحث فيما يجري منهن من قصور في الحقيقة نقصر معهن. لا بد بعد ذلك من ترجمة طيبة موجزة لكل أم من أمهاتنا مع نبينا عليه صلوات الله وسلامه.
اللهم صل على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وسلم تسليماً كثيرا، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا، اللهم ارحمهم كما ربونا صغاراً، اللهم اغفر لمشايخنا ولمن علمنا وتعلم منا، اللهم أحسن إلى من أحسن إلينا، اللهم اغفر لمن وقف هذا المكان المبارك، اللهم اغفر لمن عبد الله فيه، اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وسلم تسليماً كثيراً. والحمد لله رب العالمين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
البث المباشرمن الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر
الأكثر استماعا لهذا الشهر