يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً [الأحزاب:70-71].
أما بعد:
أحييكم -أيها الإخوة- في مطلع هذا الموسم من الدروس وأقول لكم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل لقاءنا هذا لقاءً في طاعته، وأن يجعل مجلسنا هذا مجلساً مباركاً ونافعاً لنا جميعاً، وأن يجعل ما نسمع حجة لنا لا علينا.
يجدد الإنسان إيمانه بحلق الذكر وملاقاة إخوانه، والعودة لما كان متعوداً عليه من الطاعات والعبادات التي كان يمارسها في مكانٍ معين، كالمدرسة أو الجامعة، ونحو ذلك من الأنشطة الإسلامية، ولا شك أن مثل هذه العودة في بداية العام الدراسي لها أثرٌ في النفس، والعبد دائماً ينبغي أن يتقلب في مواسم الطاعات والعبادات، فسواء كان في عملٍ أو وظيفةٍ أو إجازةٍ فإنه يعبد الله سبحانه وتعالى.
ودرسنا في هذه الليلة: بين الهداية والانتكاس، هذا الدرس هو انطلاقٌ من الحقيقة التي أقسم الله عليها بعدة أقسام في كتابه الكريم فقال الله عز وجل: وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا [الشمس:1] يعني: ضوءها وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا * وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا * وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا * وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا [الشمس:1-5] أي: ذات البناء أو ومن بناها؟ فيكون قد أقسم بنفسه: وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا [الشمس:6] يعني: دحاها وبسطها وقسمها: وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا [الشمس:7] يعني: خلقها مستقيمة على الفطرة القويمة: فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا [الشمس:8] بين لها طريق الخير والشر، وهنا يأتي جواب القسم: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:9-10].
قال بعض أهل العلم من المفسرين: زكاها: أي: زكى نفسه بطاعة الله وطهرها من الأخلاق الرديئة والرذائل، ودساها: يعني: أخملها بخزيانه إياها عن الهدى حتى ركب المعاصي وترك طاعة الله عز وجل، فالشاهد قوله سبحانه: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:9-10].
فمن زكاها: فهذه هي الهداية، ومن دساها: فهذا هو الانتكاس، بين الهداية والانتكاس.
يحبب إلى العبد الإيمان، ويكره إليه الكفر والفسوق والعصيان، هذه هي الهداية التي لا يملكها إلا الله عز وجل، وهي المقصودة لقوله تعالى: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا [العنكبوت:69] وهي المعنية في قوله عز وجل: وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [يونس:25].
والهداية يا إخواني منةٌ من الله على عباده، كما قال عز وجل: بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ [الحجرات:17].. كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ [النساء:94].
وقد استشعر الصحابة هذا المعنى وهو أن الهداية منة من الله ونعمة، ولذلك جاء في صحيح البخاري عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه، قال: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر فسرنا ليلاً، فقال رجلٌ من القوم لـعامر بن الأكوع ، ألا تسمعنا من هنيهاتك؟ -وكان عامر رجلاً شاعراً- فنزل يحدو بالقوم يقول: فلما سمعه النبي صلى الله عليه وسلم، قال: من هذا؟ قالوا: عامر ، فقال: يرحمه الله اللهم لو لا أنت ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا فاغفر فداءً لك ما اقتفينا وثبت الأقدام إن لاقينا
وأعظم منةٍ من الله على نبيه صلى الله عليه وسلم هي الهداية كما قال الله عز وجل وعدد نعمه على نبيه صلى الله عليه وسلم: وَوَجَدَكَ ضَالاً فَهَدَى * وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى [الضحى:7-8].
وبين النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة هذا فقال عندما جمع الأنصار في الخطبة المؤثرة المشهورة: (يا معشر الأنصار! ألم أجدكم ضلالاً فهداكم الله بي؟ وكنتم متفرقين فألفكم الله بي؟ وعالةً فأغناكم الله بي؟) فبدأ أولاً بذكر الهداية من الضلالة، فالضلالة هي: الشرك، والهداية: الإيمان، وثنى بالتأليف والجمع وثلث بالغنى والمال، فرتب النعم ترتيباً بالغاً.
وأهل الجنة حينما يدخلون الجنة يحمدون الله على نعمة الهداية التي هداهم في الدنيا: وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ [الأعراف:43].
قال الطبري رحمه الله: الحمد لله الذي وفقنا للعمل الذي أكسبنا هذا الذي نحن فيه من كرامة الله وفضله وصرف عذابه عنا، هذه الهداية من الله يقذفها في قلوب من يشاء من عباده، وأحياناً يهتدي الشخص فجأةً بين عشيةٍ وضحاها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح في شأن المهدي قال: (
أولاً: العلم؛ العلم بالله تعالى وأسمائه وصفاته، فمن أراد الهداية فلا بد أن يكون عالماً بالله وأسمائه وصفاته: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ [محمد:19] وأن يعلم حق الرب على عبده وهو: أن يعبده لا يشرك به شيئاً.
ثانياً: الإيمان، فهو من أعظم أسباب الهداية، الإيمان الذي هو الاعتقاد والتصديق بالجنان، والنطق باللسان، والعمل بالأركان، الذي يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان، وقال الله عز وجل: وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ [التغابن:11].
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ [يونس:9] فالإيمان من أعظم أسباب الهداية.
ثالثاً: الدعاء: وهو العبادة ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60] ونحن نقول في الصلاة: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ [الفاتحة:6] دلنا على الصراط المستقيم، وفقنا لطريقة الشرع وزدنا هدى، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد قال لـعلي رضي الله عنه: (يا
ومن أسباب الهداية: التوبة، كما قال الله عز وجل: وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ [الرعد:27] فإذا أناب العبد هداه الله سبحانه وتعالى.
السبب الخامس من أسباب الهداية: المجاهدة؛ يقول الله سبحانه: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا [العنكبوت:69] والمجاهدة على نوعين: مجاهدة النفس، ومجاهدة الشيطان، وأيضاً جهاد أعداء الله، فأما مجاهدة النفس فهي أنواع، فمنها: مجاهدة النفس على تعلم الهدى، وثانياً: مجاهدة النفس على العمل بالعلم، وثالثاً: مجاهدة النفس على الدعوة لهذا العلم، ورابعاً: مجاهدتها على الصبر على الأذى في سبيل الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى.
وأما مجاهدة الشيطان فإنها تكون بأمرين:
مجاهدة الشيطان بالشبهات التي يلقيها في نفس العبد، وكذلك مجاهدته على الشهوات التي يلقيها في نفس العبد ويثيرها.
ومن أسباب الهداية أيضاً: الجماعة الطيبة، قال الله عز وجل: قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُنَا وَلا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى [الأنعام:71] وكيف يقتنع الشخص بأن الهداية هي مصلحته؟
بأن يعلم أنه هو المستفيد من الهداية ليس الله عز وجل، وأنه هو المتضرر من الضلالة وليس الله عز وجل: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ [يونس:108].
وجاء في الحديث القدسي: (يا عبادي! لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجلٍ واحدٍ منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً).
وهذه الهداية التي يقذفها الله سبحانه وتعالى في قلب من يشاء من عباده قد تكون عقب أمرٍ من الأمور وشيءٍ من الأشياء، فبعض الناس قد يهتدي من خطبة أو محاضرة، أو موعظة، أو دعاء تراويح، أو بعد حجٍ أو عمرةٍ، وبعضهم يهتدي لرؤيا يراها أو حادث يصيبه أو مصيبة كفقد وظيفته، أو موت قريبٍ، أو يمرض مرضاً تضعف نفسه فيه فيرجع إلى حقيقة أمره، ويفكر في شأنه فيهتدي، وبعضهم يهتدي بنصيحة أو دعوة يدعو بها رجل، وبعضهم يهتدي من رؤيةٍ نكبات المسلمين وما أصابهم، وبعضهم يهتدي بمرافقة الرفقة الطيبة، وبعضهم يكون مهتدياً من صغره، لتربيةٍ طيبةٍ في البيت.
وأسباب الهداية كثيرة والتي يجعلها الله سبحانه وتعالى سبباً لدخول هذا النور إلى قلب العبد، وربما لو أنكم عدتم بأذهانكم إلى الوراء كل واحدٍ منكم، ففكر في السبب -إذا كان مستقيماً- الذي به أدخل الله الإيمان إلى قلبه، لوجد قصةً أو حادثةً كانت كذلك، ويمكنكم المشاركة بكتابة هذا الأمر من سببٍ عجيبٍ أو قصةٍ مؤثرة كانت سبباً في هدايتك أو هداية شخصٍ تعرفه، لنرى في الختام أمثلة واقعية من هذه الأشياء فيتعجب العبد من أقدار الله سبحانه وتعالى، وقد تكون الهداية بحدث تعقبه الهداية فوراً، وقد يهتدي الإنسان تدريجياً كما إذا دخل في وسطٍ طيب، فإنه يبدأ بالتأثر وممارسة العبادات وهكذا حتى يصل إلى الهداية والاستقامة والالتزام بشريعة الله سبحانه وتعالى، فقد لا يحس بالنقل المفاجئ بين عشية وضحاها ولكن يصل إلى المطلوب.
قال ابن كثير : فكان سماعه هذه الآية من هذه السورة من جملة ما حمله على الدخول في الإسلام بعد ذلك، فقد تكون الهداية نتيجة أسباب تجتمع وقد لا تكون في وقتٍ واحد، لكن هذا السبب الآن مع سبب آخر بعده بشهر أو شهرين، أو سنة أو سنتين تحصل الأسباب التي تؤدي بالشخص إلى الهداية.
فرمى سكينته ورجع إلى منزله، فقام إلى جميع ما كان عنده من الشراب فأراقه وقال لأمه: الساعة يأتون أصحابي، فأدخليهم وقدمي الطعام إليهم، فإذا أكلوا فخبريهم بما صنعت بالشراب حتى ينصرفوا، ومضى من وقته إلى المدينة فلزم مالك بن أنس فأثر عنه ثم رجع إلى البصرة -وقد مات شعبة- فما سمع منه غير هذا الحديث.
هذا جاره يقوم الليل بالقرآن، وهذا يتسور إلى المرأة الجدار ليفعل بها الفاحشة، فلما سمعها قال: بلى يا رب -وقعت في قلبه موقعاً، إذا شاء الله أن يهدي رجلاً كشف الحجب الكثيفة التي كانت تغطي قلبه، فدخل النور: أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ [الحديد:16] قال: بلى يا رب قد آن، فرجع فآواه الليل إلى خيمة، فإذا فيها أناس مسافرون، فقال بعضهم: نرحل، وقال بعضهم: حتى نصبح، لا نرحل الليلة، فإن فضيلاً على الطريق يقطع علينا، وقد سمعهم بالمصادفة قال: ففكرت وقلت: أنا أسعى بالليل بالمعاصي وقوم من المسلمين هاهنا يخافونني، وما أرى الله ساقني إليهم إلا لأرتدع، اللهم إني قد تبتُ إليك وجعلت توبتي مجاورة البيت الحرام.
فهذا مثال عن ما يمكن أن ينتقل إليه الشخص من الإجرام إلى الاستقامة، ومن الضلالة إلى الهداية وهذا هو المطلوب، إذا صفت النفوس وأقبلت على الله فإن الله يهدي، وإذا ابتغى العبد أسباب الهداية فإن الله لا يضله، الله عز وجل رحيمٌ بعباده، لا يضل من أراد الهداية، لكن الناس أنفسهم يظلمون بعدم إرادتهم الهداية.
وهذه المجاهدة هي التي خالفها الكثير من الناس فلذلك لا يهتدون؛ أو أنهم يعلمون شيئاً من الشريعة والدين، لكنهم لا يعلمون الكثير ولا يطبقون.
احتج المشركون بالمشيئة، كلامهم في الظاهر صحيح، لو شاء الله ما أشركوا لا شك في ذلك: إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [البقرة:20]، لكن الله عز وجل كذبهم، وقال في آية الأنعام: كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ [الأنعام:148] وقال في آية الزخرف: مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ [الزخرف:20].
فكيف كذبهم وظاهر كلامهم صحيح؟!
الجواب: لأن مرادهم بكلامهم: لو شاء الله ما أشركنا، قولهم: إن الله لما كان قادراً على منعهم ولم يمنعهم دل ذلك عندهم على أنه راضٍ عنهم وعن الشرك، قالوا: لو لم يكن راضياً لصرفنا، فكذبهم الله على هذا الزعم، وأن الله لو شاء شيئاً لا يعني أنه يحبه، ولو قدر شيئاً ليس يقتضي ذلك أنه يحبه، فإن الله يشاء الخير ويشاء الشر سبحانه وتعالى، ولا يمكن أن تقول: ما دام الله شاء هذا، يعني: أن الله يحبه وأن الله يقره، أبداً.
ولذلك هؤلاء العصاة الذي يقولون: لو شاء الله لصرفنا عن هذا الشرك، لو شاء الله لهدانا، نقول: إذا كنتم تحتجون بواقعكم على أنه صحيح، بأن الله شاء ذلك فأنتم ضلال، فالله عز وجل شاء كل ما يقع، لا يقع شيءٌ إلا بمشيئته قطعاً، خلافاً لمن ضل في ذلك من القدرية ، وإذا كنتم تقولون: إننا مجبورون على الفعل، ولو شاء الله لأخرجنا، لكنه جبرنا على المعصية، فنقول: أنتم ضلالٌ أيضاً، فإن الله سبحانه وتعالى قد أعطاكم الإرادة.
قدر الله مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض، وكتب أهل الجنة وأهل النار، وأقام الحجة على الجميع بإرسال الرسل وإنزال الكتب، ووفق من شاء توفيقه، ولم يوفق من سبق عليه الكتاب الشقاء، وخلق لكل إنسانٍ قدره، فلا يحتج أحد بأنه مجبور؛ لأن له قدرة وإرادة، ولا يحتج أحد على الغواية بأنه لا يعرف الحق، فالله قد أرسل الرسل وأنزل الكتب، وبين طريق الخير والشر: وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ [البلد:10] وهذا الفاسق الذي يفعل ما يفعل يفعله مختاراً ليس مجبوراً، طائعاً غير مكره هو الذي اختار شرب الخمر فشرب، وهو الذي اختار الزنا فزنى، وهو الذي اختار سماع الغناء فسمع، وهو الذي اختار الإسبال فأسبل ونحو ذلك، فهو الذي اختار بإرادته وقدرته التي أعطاه الله إياها ولذا اختار الشر، فلا يصح بعد ذلك لإنسان أن يقول: أنا مجبور! أو أن يحتج بمشيئة الله على أن الله يرضى واقعة السيئ، كلا.
بعد هذا كله لو خالف فهو يستحق العقاب، والهداية لا تصل إلى الناس من الشباك وهم يتفرجون أو وهم نائمون، تصل إليهم الهداية يقولون: نحن ننتظر الهداية تظن أن الهداية شيءٌ سيأتي من خلفك فيقذف فيك بدون أي عملٍ منك؟! بل إن الإنسان لو رأى أمامه أشد الحوادث تأثيراً! لو كان قلبه مغلفاً لا يريد التأثر فإنه لن يتأثر.
ثم إن الإنسان إذا وقع في معصية فإن ذلك لا يعني أن يترك بقية الطاعات، هب أنك وقعت في معصية، هل تترك بقية الطاعات، وتقول: ما دام ارتكبت بعض المعاصي، إذاً سأسلك سبيل المعاصي المفتوح بجميع ما فيه؟ كلا. ثم إن هذا الحديث يدل على أن الإنسان إذا فعل معصية، فإنه يرجع ويتوب، وليس أن يقول: وقعت فأكمل فيما وقعت فيه، لا.
عن ابن مسعود قال: (جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! وجدت امرأةً في بستان ففعلت بها كل شيء، غير أني لم أجامعها، قبلتها ولزمتها ولم أفعل غير ذلك، فافعل بي ما شئت، فلم يقل الرسول صلى الله عليه وسلم شيئاً، فذهب الرجل، فقال
فنقول: إذا وقع الإنسان في معصية لا يستسلم، بل يقبل على الله ويتوب، يذهب ويتوضأ ويصلي ركعتي التوبة، وإذا كانت جريمة يذهب فيعمل عمرة أو يحج من أجل هذه المعصية، فإن عمر قال عن ذنبٍ فعله: [فعملت لذلك أعمالاً من أجل هذا الذنب].
إذاً لا يمكن للإنسان أن يقول: لن أدخل الهداية؛ لأن ذنوبي أكثر من أن يغفرها الله، هذا باطل وهذا اعتقادٌ محرم، بل ينبغي أن يتوب إلى الله، ويقبل على الله ما دام لا يشرك بالله شيئاً: (لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً، لأتيتك بقرابها مغفرة).
الجواب: كلا. فإن جو الهداية على عكس من ذلك، هو اطمئنان وسكون وسرور وحبور وفرح نفسي وطمأنينة يقذفها الله في قلوب المهتدين، ويحصل في قلوبهم من أنواع السرور ما يحمد به العبد ربه على نعمة الهداية، وليست الهداية تحريماً للطيبات، فإن الله قد قال: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ [الأعراف:32] من الذي حرمها؟ الله أباحها فمن الذي يجرؤ على تحريمها؟!
يأتيه الخاطر من الملك أن يتوب ويهتدي، ويترك ما هو فيه من الباطل، فبعض الناس يسوف يقول: سوف أفعل ذلك إن شاء الله في المستقبل سوف أفعل ذلك، فنقول: هذا شيءٌ لا تعرف نهايته، فقد تموت قبل ذلك، وتقول نفسٌ: يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّه [الزمر:56] لو أن الله هداني: وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ [سبأ:54] وقد يقال له عند موته: كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ [المؤمنون:100] وهذا التسويف من أضر الأشياء على العبد، فبسببه تؤخر التوبة وتؤخر مشاريع الانتقال إلى طريق الخير والهداية بسبب التسويف، كلما جاء بواب الخير كلما جاء طارق الخير صرفه بواب لعلّ وعسى، ثم إن الإنسان إذا استمر في الشر صار الشر عادة، فصار ترك الشر صعباً عليه، كمثل رجلٍ خرجت له نبتةٌ في بيته، في مكان غير مناسب مؤذٍ، فقال: اليوم أقتلعها، غداً أقتلعها وهي تنمو وتكبر اليوم أقتلعها غداً أقتلعها، حتى إذا كبرت وصارت جذورها ضاربةً في الأرض وقويت صار هو في المقابل أضعف وأعجز، والشجرة صارت أقوى وأكبر فأنى له أن يقتلعها؟! ولذلك من البداية غير ولا تسوف.
نعلم بأن هناك منافقين بالمجتمع هل ألوان النفاق هي حجةٌ لك على ترك الهداية؟ أبداً لا يمكن أن تكون حجة: عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ [المائدة:105] الحق نفسك، قبل أن تؤتى فلا تستطيع الحراك.
وكذلك فإن الإنسان يلجأ إلى المنهج، ولو انحرف الأشخاص، فهو لا يربط هدايته بفلان أو فلانة، فإذا ضل فلان ضل معه، وإذا اهتدى فلان اهتدى معه، كلا.
بل هو دائماً مع المنهج مع القرآن والسنة يدور معهما حيثما دارا، ولا عليه من تصرفات الناس وأخطائهم؛ أخطاء الناس ليست بحجة على الشريعة، الشريعة هي حجة على الناس، ونحن نعرف الرجال بالحق، ولا نعرف الحق بالرجال.
هؤلاء الناجون، لكن إذا لم تعمل الصالحات؟ فبأي شيءٍ أو على أي حالٍ تكون يوم القيامة، الإيمان قولٌ وعمل، أما الضلال هم الذين يقولون الإيمان هو: الاعتقاد بالقلب والتصديق فقط.
لكن متى تنظر إلى من هو دونك؟ في أمور الدنيا، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (انظروا إلى من هو أسفل منكم في أمور الدنيا، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم فهو أجدر ألا تزدروا نعمة الله عليكم) رواه أحمد ومسلم وغيرهما.
فعلى الإنسان أن ينظر إلى من هو دونه في الدنيا، فيرى من هو أسوأ منه حالاً فيحمد الله على النعمة التي هو فيها، لكن في الدين، لا يقارن نفسه بمن هو أدنى منه، وإلا فإنه سينزل درجات أو دركات.
أتراني يا عتاهي تاركاً تلك الملاهي أتراني مفسداً بالنسك عند القوم جاهيِ |
تريدني أن أصبح متنسكاً فأفسد جاهي عند القوم، أنا محدثهم أو أنا مضحكهم والذي أقص عليهم القصص التي ترفه عنهم ونحو ذلك، فكان مقرباً من بعض السلاطين، وكان يحبه الوجهاء والأغنياء ونحو ذلك من السفهاء والفسقة، فيأتون به يحدثهم ويقص عليهم، فإذا اهتدى معناه أنه سيترك هذه الأجواء وتفوته الأعطيات، أو يكون الإنسان في مكان يأخذ الرشاوى والعمولات، فإذا جاء خاطر الهداية، قال: سيفوتني هذا الدخل وهذه الأموال، هذه أشياء دنيوية زائلة، والدنيا كلها ملعونة بنص الحديث: (الدنيا ملعونة؛ ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه، أو عالمٌ ومتعلم) ثم نقول: إن الله عز وجل يقول: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3].
فاتركها لله يعوضك الله خيراً منها.
نقول: هذا صحيح، لكن اعلم أنك أن تكون عبداً لله خيرٌ من أن تكون عبداً لشهواتك، وأن الجنة قد حفت بالمكاره، ولا شك أن هذه الأشياء المحرمات تقييد لا شك، لكن من قيد نفسه بالشريعة في الدنيا، أخذ حريته يوم القيامة، ومن كان عبداً لشهواته في الدنيا، فهو من أهل النار يوم القيامة، ثم إن الطاعة فيها حلاوة، وهذا شيء ثابت ومجرب، قاله العلماء والزهاد والعباد، كما قال بعضهم: إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة! وقال بعض السلف : إنه لتمر بالقلب ساعة أقول فيها لنفسي: إن كان أهل الجنة دائماً في مثل هذا، فهم في نعيمٍ كبير.
فإذاً الإيمان له حلاوة، والحلاوة هذه تنسيك جميع التقييدات التي تتصورها أنت عائقاً عن الهداية.
هذا طريق الأنبياء، الجنة حفت بالمكاره، وليس من الصحيح أن تتصور أنك إذا اهتديت فلابد أن تجد الطرق معبدة مذللة، وكل الناس يضربون لك تحية احترام، لا. فإنك ستصاب بسبب التزامك بالدين بأنواع من الأذى، هذا ما حصل للنبي عليه الصلاة والسلام، سبوه وشتموه وخنقوه وبصقوا في وجهه، وجعلوا الشوك في طريقه، وضعوا سلى الجزور على رقبته .. عذبوا أصحابه .. وسلسلوهم بالسلاسل .. قتلوا بعضهم .. جرحوهم وحاصروهم في الشعب .. جوعوهم .. حملوا السلاح عليهم، إذاً الإنسان الذي يتصور أنه إذا اهتدى سيعيش في أمان وسلام، هذا تصور عن هذا الدين وهو تصور ناقص مشوه ليس بصحيح.
نعم. ليس بالضرورة أن تحدث لك مشكلات، لكن إذا حدثت فينبغي لك أن تتوقع ذلك، خصوصاً في هذا الزمان الذي هو زمان الغربة؛ غربة الدين، وغربة الإسلام، وبعض الناس يقول: أنا سأجرب الالتزام والدخول في الهداية وأرى، إذا صارت أموري جيدة والناس احترموني أكملت الطريق، وإلا رجعت، هذا الذي يعبد الله على حرف: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ [الحج:11].
كان بعضهم يأتي إلى المدينة يسلم، يقول: نجرب هذا الإسلام، فإن نتجت خيله ورزق ولداً وجاءه مال، قال: هذا دينٌ حسن، وإذا لم تنتج خيله ولا جاءه ولد، ولا رزق مالاً، قال: هذا دين سوء قال تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ [الحج:11].
فنقول: التزامك بالدين هذا يكلفك أشياء كثيرة، فيه مصاعب، وفتن، لا شك في ذلك، يتفاوت الناس فيها، ولذلك لابد من توطين النفس على هذا، أما أن نفر من الواقع ونفر من الزحف لأي أذى نصادفه ونرجع وننتكس ونقول: مالنا وللمشاكل؟ ودعونا من الالتزام بهذا الدين فإنه مشاكل ومصائب، فلا شك أن صاحب هذا مسكين، وهو الخاسر؛ لأن هذه الدنيا زائلة وماضية وعابرة بكل ما فيها من الفتن والاضطهادات والمشكلات، فهي زائلة وعابرة، والحياة الحقيقية في الآخرة: وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ [العنكبوت:64].
الحيوان: الحياة الأبدية الدائمة المستقرة.
وبعد ما عبرنا على بعض الأمور التي تتعلق بالهداية، فإننا نتكلم -إن شاء الله- في الشق الثاني من هذا الموضوع عن قضية الانتكاس.
فلنقرأ بعض هذا، ثم نبين بعض الأسباب والعلاجات.
أنا شابٌ عمري ثمانية وعشرون سنة، حاصل على الشهادة الفلانية ومتزوج وعندي طفلان، وأتيت للعمل، وراتبي كذا، وقد انقلبت حياتي رأساً على عقب، فأنا كنتُ في بلدي شاباً ملتزماً جداً، وأصلي الصلوات الخمس في وقتها، وفي الشتاء والليل والبرد القارس وأصلي الفجر، وأقوم الليل، وأقرأ وأحفظ القرآن وأزور في الله وأتصدق.
ولا يفوتني درسٌ علميٌ ديني، وكنتُ أدعو الله ولا أسمع الأغاني، وإذا رأيت تلفازاً أدرت له ظهري والنساء عندنا عاريات وبرغم ذلك كنتُ أغض بصري، وغير ذلك من أعمال الخير ولا أزكي نفسي على الله، ولكن ماذا حدث لي الآن؟
انظر الفارق بين القلب الخير والقلب القاسي أصبحتُ لا أصلي في المسجد سوى وقتين أو ثلاثة، ولا أصلي الفجر إلا قليلاً، أستمع إلى الغناء، وأشاهد التلفاز، بل في بعض الأحيان الفيديو، ولم أحضر درساً علمياً واحداً سوى خطبة الجمعة، ومع أن النساء في حجاب أحسن حالاً في المكان الذي أنا فيه، رغم ذلك أنظر إليهن، ونسيت ما حفظته من القرآن، وألغو في كلامي، وأتحدث ما كنتُ أستحي منه قبل ذلك، وغير ذلك من الأمور التي أستغرب أنا شخصياً من فعلها، وهذا التحول له أسباب منها:
أولاً: أنا أسكن مع شابين لا يحلون حلالاً ولا يحرمون حراماً إلا نادراً، ويستمعون الغناء والموسيقى والتلفاز بكثرة، وقد جاهدتهم ولكن أصبحت أخوض معهم، ليس عندي وقت لحضور دروس العلم، ووجدت الناس قلوبهم مغلقة وقاسية ولا هم له سوى جمع المال، لا أجد أصدقاء يعينوني على طاعة الله، وكذلك فإنني أبيع العطورات، وتدخل علي النساء وهن على كل شكلٍ وقد تطلب الواحدة مني وتقول: هل تبغي؟ فإذا وجدتني أصمت من هول الصدمة تلاحقني، وتقول: هات مائتين ريال وهيا، وفي مواجهة هذه الفتنة قمت بأعمال العادة السرية التي لم أستعملها في حياتي، وأنا الآن بعيدٌ عن أهلي إلى آخر الرسالة.
كنتُ أعيش في هذه الدنيا في طاعة الله، وأصلي وأتصدق وأذكر الله عز وجل، وكنتُ أقوم بأعمالٍ كثيرة من الطاعات، ولكن الآن انقلب أمري رأساً على عقب، فصرتُ لا أصلي وأكره الصلاة، وقطعت رحمي ونسيتُ أهلي وتشاحنت مع أخواتي على دنيا فانية، واغتبت أختي، وكذلك فإنني الآن حزينة على نفسي أشد الحزن، ولا أدري كيف لا أعود عن خطئي، وأنا الآن غافلة وتراودني المشاعر للتوبة الصادقة، ولقد ظلمت نفسي وضيعتها وأهويتُ بها في الجحيم كل ذلك حدث خلال سنةٍ واحدة، أقطع الصلوات، وصيامي عن الطعام والشراب فقط، كنتُ أقسم مصروف المدرسة بيني وبين الصدقة، والآن لا أخرج شيئاً، وإن سألتني عن لساني فلقد اتخذت الكذب هواية، والغيبة فاكهة، والنميمة وسيلة لأعيش بها، والشتائم والمسبات صارت روتيناً دارجاً لا أستطيع تركه، وإن سألت عما أرى فإنني أرى الأفلام ولا أغض بصري، وأسهر على المسلسلات، وأذني لسماع الموسيقى والأغاني، والحسد قائم، وأنا عاقةٌ لوالدي، وأهملت حتى في الدراسة ... إلى آخر هذه الرسالة الطويلة.
ورسالة أخرى من شاب من المغرب يقول:
كنتُ في بيتٍ تربيت فيه تربية دينية وأحافظ على الصلوات منذُ الصغر، وأرافق والدي إلى المسجد وأنا ابن ثلاث سنين، وأتقنت كل العبادات، وأحسست برضا الله ورضا الناس، وكنت الوحيد الذي يدخل المسجد في سن مبكرة كسني، وكانت تلك السنوات أحسنها ما في تاريخ ميلادي، لكن ما أن وصلت إلى سن المراهقة بدأت أتأخر في صفوف المصلين، وفجأةً انقطعت عن الصلوات، ورافقت أصدقاء السوء من حولي، وفارقت بلدي للدارسة فانقطعت عن أهلي ووالدتي، وتولد عندي مرضان خبيثان، مرض حب المال وحب الشهوة! واستعملت ذلك فيما حرم الله ووقعت على الأخص في فواحش الزنا واللواط حتى بالحيوانات والسرقة من الأسرة، وأكل أموال أصحاب الدين، والغش ... وإلى آخره.
وعرضتُ عن كتاب الله، وانكببت على قراءة الكتب الخليعة ومشاهدة أفلام الجنس، ولم أعمل بأحكام كتاب الله، مع العلم أنني أعرفها تمام المعرفة، وأعرف الفرق بين الحلال والحرام، والمكروه والمستحب، كلما تذكرت ذلك يحترق قلبي ألماً وحزناً حتى دراستي التي كنتُ متفوقاً فيها أصبحت في هذه السنة أنفر منها ... إلى آخر الرسالة الطويلة.
أكتب إليك هذه الرسالة بمدادٍ من الأسى والحزن، ومزيد من التحرق والتأسف بسبب الواقع المرير الذي تعيشه مدينتنا، الذي يتألم منه كل من في قلبه غيرة على دين الإسلام، ويبكي منه كل من يرى تدهور هذا الحال والرجوع إلى الخلف، وكأننا نسير بعكس ما يسير عليه العالم من الصحوة والرجوع إلى الله، وألخص هذا الواقع في النقاط التالية:
أولاً: منذُ فترة ونحن نرى حالات كثيرة من الانتكاس والانحراف بين شباب هذه المدينة، فهذا شابٌ سلك الصراط المستقيم منذُ سنتين أو ثلاث، وفي هذه الأيام الأخيرة انتكس وانحرف إلى حالةٍ شديدة، سهر على الحرام ومشاهدة الخنا والفجور وسماع الغناء والمعازف وترك الصلاة، وعقوق الوالدين، وجولات على السيارات في الأسواق .. معاكسات .. تفحيط في الشوارع .. فعل الفواحش ... إلى آخره.
ثانياً: لم تنفع المناصحة لمثل هؤلاء المنحرفين ولا الرسالة ولا الشريط الإسلامي ولا المكالمة الهاتفية ولم تجد معهم طريقة.
في أول الأمر:
يبدأ بالمجاملات والمداهنة معنا في أول انحرافه ثم يعلنها أخيراً أنه ترك الالتزام وسلك طريق الفسق.
وكثيرٌ من هؤلاء يعطيهم آباؤهم السيارات ويطلقون العنان لهم في الفساد.
ثالثاً: ونحن نعتقد أن هناك بعض الأشياء المدبرة من بعض أصحاب السوء من المنافقين، حتى أن بعضاً من الشباب الفاسد يظهر الالتزام مدة قصيرة، ويدخل بين أوساط الملتزمين، ولكنه ينحرف ساحباً معه اثنين أو ثلاثة، وخاصةً من الصغار ... إلى آخر هذه الرسالة.
وهذه الرسائل تعبر عما نريد أن نتكلم عنه في قضية الانتكاس.
ومسألة الانتكاس هذه مسألة نسبية، فمن الناس من يرتد عن الدين، بمعنى يخرج منه بالكلية، فيصبح كافراً بعد إسلامه: وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ [البقرة:217] وبعض هؤلاء قد يكفرون بترك الصلاة بالكلية مثلاً، أو سب الدين والاستمرار على ذلك، أو غير ذلك من المكفرات، وبعض الناس يترك الالتزام إلى الفسق فيعمل بعض المنكرات والمحرمات يقع فيها مرةً أخرى، فيعود إلى أمور من الشهوات المحرمة، أو الأشياء الأخرى كأن يحلق لحيته ويدخن ويسمع الأغاني ويشاهد الأفلام وهكذا.
ومن الناس من لا يفعل المحرمات لكنه يبرد بروداً ويفتر فتوراً مذموماً، فبعد أن كان داعية إلى الله نشيطاً يطلب العلم، أصبح غير طالب للعلم ولا داعية إلى الله، يعني: يترك واجبات من الدين، فيكون مقصراً ويقول: أنا أريد أن أصبح مسلماً عادياً، وطبعاً هذا في الغالب يترك النوافل والمستحبات كقيام الليل وقراءة القرآن والصدقة والذكر تخف عنده جداً، وبعض الناس قد يترك المستحبات فترة لفتور ثم يعود مرةً أخرى، هذا وضع طبيعي، أقصد: أنه في دائرة المقبول: (فمن كانت فترته إلى سنتي فقد اهتدى) إذا كان الفتور لا يجعلك تترك واجباً، أو ترتكب محرماً فأنت بخير، لكن النظر الآن في الانتكاس في هؤلاء الذين يعودون ويرتدون على أدبارهم.
لقد حفل التاريخ بقصص وأنواع من الناس الذين ارتدوا على أدبارهم، كالكاتب النصراني الذي أسلم وكان عند النبي صلى الله عليه وسلم فترة ثم ارتد، والناس الذين ارتدوا بسبب حادثة المعراج التي لم تقبلها عقولهم وتصدقها فارتدوا، وبعض الناس الذين ذهبوا إلى مكانٍ بعيد، كما تنصر عبيد الله بن جحش لما ذهب إلى الحبشة ، إن هؤلاء ومثلهم الذين دخلوا في هذا الدين هو ينطبق عليهم قول الله عز وجل: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ [الأعراف:175-176] إذاً هو الذي اتبع هواه: فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ [الأعراف:176] لابد أن يعلم المنتكس أن الله ناصرٌ دينه مهما حصل من حالات الانتكاس: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [المائدة:54].
وهدد الله هؤلاء المنتكسين المرتدين على أدبارهم بقوله: وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ [محمد:38].
نقول: أيها الإخوة! إن اتساع الصحوة وانتشارها جعل هناك حالات كثيرة من الدخول في طريق الهداية، وتسببت بعض الأشياء في خروج بعض الذين دخلوا من طريق الهداية مرةً أخرى.
أن بعض هؤلاء المنتكسين لما دخلوا في طريق الهداية دخلوا في أوله، لم يدخلوا فيه بالكلية، وإنما ذاقوا شيئاً من الحلاوة، عرفوا شيئاً من الحق، عرفوا شيئاً من العلم، لكنهم لم يسلكوه كما ينبغي وكما يجب، ولذلك الذي بدأ في أول الطريق يسهل عليه أن يعود، بخلاف الذي دخله دخولاً تاماً، فنجد أكثر هؤلاء المنتكسين الذين ينتكسون بعد فترة وجيزة من التزامهم، وليس الأكثرية الذين ينتكسون بعد فترة طويلة من الالتزام، أناس تغير واقعهم فترة وجيزة من الزمن، أطلق لحيته، حافظ على الصلوات في المسجد، بدأ يقرأ بعض الكتب، يسمع بعض الأشرطة، يحضر بعض الدروس، ثم بعد ذلك يرجع مرةً أخرى وينتكس، هذا الشخص ما فقه دين الله عز وجل، ولا دخل نور الإيمان في قلبه كما ينبغي، هذا عرف طرفاً وعرف شيئاً وذاق شيئاً، ثم رجع مرةً أخرى.
والذين يدخلون الدين ويتوقعون أن ينتفعوا، وأن يقدم لهم الآخرون الخدمات، هؤلاء الأشخاص ما دخلوا في الدين لله، ولذلك فإن رجوعهم متوقع وليس بغريبٍ أبداً، بل هو الأقرب، لذا لابد للإنسان إذا دخل في الدين أن يدخل لله، وأن يجرد نفسه من جميع المطامع الدنيوية، ليس الدخول في البداية -أيها الإخوة- تجربة لكي يقول الشخص: أفعل وأقرر بعدها ماذا أفعل؟! بل هو الخيار الوحيد الذي ليس لك غيره، لأنه ليس ثم إلا النار بعد ذلك.
ثم إن الشخص الذي يدخل في الهداية لابد أن يوطن نفسه على التربية، لا بد أن يتربى على هذا الدين، يتعلم هذا الدين، يمارس العبادات، يدخل مع الرفقة الطيبة، يعمل للإسلام، العمل للإسلام من أكبر المثبتات التي تثبت الشخص؛ لأنه يكون في حالة هجوم، بينما لو قعد وقال: أنا أريد أن أكون مسلماً عادياً هذا ستتناوشه المهلكات من كل جانب، ولذلك ينبغي أن يمارس الإنسان التربية في نفسه .. طلب العلم .. الدعوة إلى الله عز وجل، إذا مارس ذلك حافظ على نفسه من الانتكاس.
ولابد أن يعلم الشخص كذلك أن الالتزام ليس له حدٌ محدد والهداية ليس لها حدٌ محدد، فلابد أن يستمر في العمل، لسنا كـالصوفية الذين يقولون: إذا وصلت إلى مرتبة اليقين سقطت عنك التكاليف، لا شيء اسمه سقوط التكاليف، لابد أن نستمر في العبادة.
وآخر عشق فتىً نصرانياً حتى ترك العلم وأهل العلم، حتى ألف لهذا النصراني كتاباً في تفضيل التثليث على التوحيد.
فإذاً هذه القضايا الداخلية قضايا خطيرة جداً، لابد أن تعالج من البداية، فإذا تركت قضية العجب والغرور وحب الرئاسة فإنها تستفحل وتستشري وتقضي على الشخص في النهاية.
وكذلك الحسد، فكم تسبب في فتنة أناس، والتساهل واتباع الرخص واحتقار الصغائر من الأسباب التي تؤدي إلى الانتكاس، قيل لبعض أهل العلم: إن فلاناً يبيح الغناء، وفلاناً يبيح النبيذ وفلاناً يبيح كذا، قال: إن الذي يبيح الغناء لا يبيح النبيذ، والذي يبيح النبيذ لا يبيح الغناء، ونحو ذلك، فهذا يتتبع سقطات العلماء ويأخذ بالرخص، ويجمعها معاً فيتبعها.
فهذا العالم أخطأ، سواء أخطأ لجهل أو هوى أو أخطأ لاجتهادٍ خاطئ، وإذا تتبعت الرخص خرجت من الدين، ولذلك فالذي يقول: والله فلان رخص في الأخذ من اللحية، وفلان رخص في الغناء إذا كان ما فيه أشياء من وصف النساء، والموسيقى إذا صارت هادئة لا بأس ونحو ذلك من الأشياء، فإن هذا هو بداية الانتكاس بل هو الشروع في الانتكاس فعلاً، إن تتبع الرخص من المشكلات والقضايا الخطيرة التي أودت بأشخاصٍ كثيرين وأوصلتهم إلى معسكر أهل الباطل.
أبداً لا يمكن أن يكون كذلك، وهذه المسألة -الجلوس مع الفسقة إيناساً لهم أو استئناساً بهم- هي من أسباب الانتكاس ولا شك.
فلا يجوز الجلوس معهم، الله سبحانه وتعالى نهانا عن الجلوس مع هؤلاء.
وقلنا قبل قليل قضية التهاون بالصغائر، مثل نظرة إلى امرأة أجنبية، تكون هذه هينة، أو مشاهدة شيء محرم يستهين به، ثم يستمر شيئاً فشيئاً كما قال بعضهم: كنت أولاً أرفض أي نوع من أنواع الرشوة ولا أقبل أي هدية، ثم قال: صرت أنتقي أقول: هذا يمكن ما يتأثر ولا يطلب مني شيئاً يتعلق بالوظيفة فآخذ منه، ثم فتحت المجال قليلاً فصرت آخذ بشروط، أقول: هات هدية هات كذا لكن بشرط أن لن أفعل خدمة، ثم تنازلت عن الشرط وفي النهاية قال: صرت أنتقي الهدايا انتقاءً وأشترط في النهاية، أقول: لا بد أن تأتي لي بكذا.
فالناس الذين يتساهلون في البداية يتسع الخرق عليهم في النهاية، ولذلك لنجتنب الصغائر وهي محقرات الذنوب؛ لأن الإنسان يحتقرها وهي التي تورد المهالك: (يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه) وبعض الناس يقول: أترك حضور اجتماع العمل لأجل الصلاة ماذا يقولون عني؟ قد يكتب فينا المدير تقريراً سيئاً، قد يخصم علي كذا، أو أمنع من الترقية، طالب يحضر فيلماً في موسيقى ويتساهل في ذلك يقول: يخصم علي درجات أو يسجلني غائباً أو يستهزئ بي الطلاب في الفصل، نقول: هذه بداية التنازلات، أيها الإخوة! سلم التنازلات لا ينتهي، والإنسان إذا تعود واستمرأت نفسه التنازل سهل الذي يليه، وهكذا حتى يقع في النهاية.
فانتبهوا يا أيها المشتغلون بالتجارة المقبلون على الدنيا أو طلب الوظائف الكثيرة، أو العمل في أكثر من وظيفة، لربما تكون هذه الوظائف سبباً في فتنتك وانتكاستك، ولا تجد وقتاً للعبادة، إن الضرورة لها حالات، لكن الذي يقبل للتوسع في الدنيا يكون هذا من أسباب انتكاسه، وبعض الناس ينتكسون بسبب التخويف والإرجاف، فيسمع عن حالات، أو يسمع عن تعذيب، وسجن ونحو ذلك وابتلاءات وقعت لبعض الناس فيخاف ويخشى الناس وينسحب! ينبغي أن يكون حالنا كما قال الله: الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ [آل عمران:173]، هذا هو الحال، لا أننا إذا سمعنا الأخبار أو تطايرت الأنباء، خفنا وجبنا وتراجعنا وانسحبنا، أو إذا حصل لأحدٍ شيء خاف الآخرون وتركوا التمسك بالدين، هذا فعل الذي لم يثبت، ولم يشأ الله أن يثبت قدميه على طريق الهداية.
بعض الأقارب يكون فيهم فسق، فيضغطون على الإنسان وينتقدونه ويهاجمونه ويقاطعونه ويحرمونه من العطايا وربما من الإرث ومن المصروف وربما طردوه من البيت وتعاونوا عليه، وجعلوا المغريات أمامه، وجلبوا الأفلام إليه والصور وأمروه بمصافحة بنت عمه أو بنت خاله ونحو ذلك، أو أن هذه تشد أمها الحجاب من على رأسها، وتراقبها عند الخروج من البيت تتأكد هل هي مستمرة في عدم الحجاب أم لا، هذا الإكراه الذي يحدث لابد أن يستعين فيه الإنسان بالله، وأن يعتصم بالله عز وجل.
نعم. إنه لا يأثم إذا أكره، لكن لابد أن يكرهه بقلبه، بعض الناس يزول كراهية المنكر بقلبه إذا أجبر عليه وهذه خطورة، نحن لا نقول: يأثم إذا أكره لكن لابد أن يستمر على كره هذا المنكر في قلبه، وأن يصبر على هذه الفتن وعلى هذه المحاكمات التي قد يعملونها له، أو يشهرون به في المجالس ويستهزئون به فيعلم أن هذه سنة المرسلين، وتعلم المرأة التي هددها زوجها بالطلاق لنزع الحجاب أن الدنيا ابتلاءات وأنها فتن، فتصبر على ذلك.
وكذلك أيها الإخوة: فإننا أيضاً نذكر في هذا المجال بقضية طاعة الله عز وجل إذا خلا الإنسان بنفسه، وأن الخلوة بالنفس ينبغي أن يكون الإنسان فيها مستحضراً لمراقبة الله عز وجل له، وأن يعلم أن الله مطلعٌ عليه، ناظرٌ إليه، يرى حركاته وسكناته، ولابد على الإنسان إذا أحس بشيءٍ أن يرجع، إذا قصر في صلاة الفجر أن يعود مرةً أخرى، ثم إننا نوصي الدعاة إلى الله عز وجل بالحكمة في معالجة المنتكسين بالصبر والمواصلة والتذكير بالماضي وانتقاء الأشخاص المؤثرين الذين لا يكرههم الشخص ولا زالت تربطهم به علاقةٌ طيبة.
ونذكر بالقاعدة في الهجر، القاعدة الشرعية: إذا أدى الهجر إلى منكرٍ أكبر وساءت أحوال الشخص أكثر لا يجوز الهجر، وإذا كان الهجر علاجاً يرده فالهجر يكون هجراً شرعياً، وقلَّ من الناس من يفقه ذلك.
ولابد لأهل التربية أن يربوا الناس على دين الله عز وجل، وليس على التعلق بالشخصيات، لابد أن تكون الأسس قوية، والإنسان كذلك أن يذكر الناس الذين فيهم ضعف، أنه مهما رأى المنتكسين من حوله والمتساقطين، فإن ذلك لا يصلح أن يدفعه للتشبه بهم أو أن يبرر انتكاسه بهذا أبداً.
إذا نوقش واحد من هؤلاء يفوته الظهر والعصر لينام وقد يكلم النساء بالهاتف فإذا نوقش قال: فلان كذا.. أنت تكلمني بينما فلان يفعل ذلك، وفلان انتكس، وفلان كان ملتزماً وانتكس، فنقول: هذه محاولة التبرير فاشلة لا تصلح أبداً ولا تكون عذراً عند الله سبحانه وتعالى.
ونسأل الله عز وجل أن يهدينا وإياكم الصراط المستقيم. وأن يثبتنا على الدين القويم، اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا. وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر