إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. مساعد الطيار
  5. عرض كتاب الإتقان
  6. عرض كتاب الإتقان (39) - النوع الحادي والأربعون في معرفة إعرابه [1]

عرض كتاب الإتقان (39) - النوع الحادي والأربعون في معرفة إعرابه [1]للشيخ : مساعد الطيار

  •  التفريغ النصي الكامل
  • معرفة إعراب القرآن من أهم ما يجب على المفسر الإلمام به؛ لأن ذلك يساعده على فهم المعنى؛ ولذلك قد يحصل اختلاف في معاني آيات أو كلمات باختلاف إعرابها، ومما لا يعرب في القرآن فواتح السور، وقد حصل بين العلماء خلاف طويل في معناها والحكمة منها.

    1.   

    معرفة إعراب القرآن

    علماء أفردوا علم الإعراب بالتأليف

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه والتابعين.

    أما بعد:

    فقد انتهينا -ولله الحمد والمنة- من تعليق موجز جداً على ما يتعلق بالنوع الأربعين وهو معرفة معاني الأدوات التي يحتاج إليها المفسر، وتتبع هذه الأدوات يطول، فاكتفينا ببعض التعليقات التي توضح الحاجة إلى هذه الأدوات.

    وسنأخذ النوع الحادي والأربعين قال: [ في معرفة إعرابه ]، يعني: علم الإعراب، لكنه هنا مخصوص بإعراب القرآن.

    ذكر المؤلف من أفرده بالتأليف، ثم ذكر من فوائد هذا النوع، ثم ذكر بعض القواعد المرتبطة بهذا النوع وهو معرفة إعرابه، وأيضاً هذا الموضوع أطال فيه، ولعلنا نقسم الحديث عنه في جلستين.

    ولو سأل سائل: هل المفسر محتاج للإعراب أم لا؟ بمعنى: هل علم الإعراب من علوم التفسير، أو هو من علوم القرآن التي لا يحتاج إليها التفسير الذي هو فهم المعنى؟ هذا السؤال أسأله وأرجئه؛ لأنه سيأتينا نقاش وسنبني عليه ما يتعلق بهذا الموضوع.

    ممن ذكر أنه أفرده بالتصنيف خلائق ذكر منهم: مكي بن أبي طالب ، وكتابه المشكل في إعراب القرآن مطبوع، وذكر أيضاً كتاباً للحوفي ، وقال: هو أوضحها، وهناك خلاف عند بعض من كتب في ترجمة الحوفي هل له كتاب مستقل في علوم القرآن، أو هو ضمن كتابه البرهان في علوم القرآن؟ وهذا هو الاسم الصحيح لكتاب الحوفي ، خلافاً لمن ذكر أن الصحيح أنه البرهان في تفسير القرآن؛ لأنه قد ورد بالأسانيد عن الحوفي أنه البرهان في علوم القرآن.

    وأيضاً أبو البقاء العكبري كتابه مطبوع، قال: وهو أشهرها، ثم ذكر كتاب السمين قال: [ وهو أجلها على ما فيه من حشو وتطويل، ولخصه السفاقسي فجوده ]، وقد استدرك المحققون بأن السفاقسي لخص كتاب أبي حيان وليس كتاب السمين الحلبي تلميذ أبي حيان ، ثم ذكر أيضاً تفسير أبي حيان وأنه مشحون بالإعراب.

    أهمية كتاب الدر المصون وفوائده

    وما ذكره عن السمين الحلبي صحيح، وهو عندي أجود كتب الإعراب، الذي هو الدر المصون، والفرق بينه وبين أبي حيان : أن كتاب السمين كتاب منظم من حيث المعلومات، وليس كما قال السيوطي رحمه الله تعالى: بأن فيه حشواً وتطويلاً؛ لأن قضية الحشو والتطويل نسبية، وكتاب السمين الحلبي كتاب مركز في النقاشات النحوية المرتبطة بالقرآن، وأنا أنصح طالب علم التفسير باقتناء هذا الكتاب؛ لأنه يفك له مشكلات في المعاني إذا قرأ في هذا الكتاب قراءة متأنية، فكم من مشكل في المعنى يفك إذا قرئ هذا الكتاب، خصوصاً كما قلت إنه كتاب منظم، أما كتاب شيخه فإنه كتاب قد احتوى على النحو وإن كان في التفسير؛ ولهذا جاء كتاب الشيخ غير منظم، ومادته أوسع من مادة السمين الحلبي .

    ويتميز أيضاً السمين الحلبي بالاعتدال في مواقفه، فهو رحمه الله تعالى لا ينتصر لشيخه أبي حيان لأنه شيخه، وإنما ينتصر للحق إذا رآه؛ ولهذا قد يعترض على شيخه أبي حيان مع إجلاله له، و أبو حيان قد يعترض على الزمخشري مع ما بين الزمخشري وأبي حيان من خلاف في الاعتقاد، وكذلك السمين ، إلا أن السمين يلاحظ عليه أنه أقل تشنجاً من شيخه أبي حيان في التعامل مع الزمخشري ؛ ولهذا قد ينتصر للزمخشري على شيخه.

    ومن حيث العموم فالكتاب مهم جداً، ونحن أحياناً في الدرس نستفيد من هذا الكتاب؛ لفك بعض الغوامض التي تعترضنا في فهم معاني القرآن وأحياناً في فهم بعض تفسيرات السلف، وأحياناً في فهم المعنى الجملي للآية؛ لأنه يفك لنا بعض الإشكالات.

    فوائد علم الإعراب

    ثم يقول بعد ذلك: [ ومن فوائد هذا النوع: معرفة المعنى؛ لأن الإعراب يميز المعاني، ويوقف على أغراض المتكلمين ].

    وفي السطرين الأخيرين، في طبعة المجمع، يقول: [ ويجب عليه ] يعني: على المعرب، [ ويجب عليه مراعاة أمور:

    أحدها: وهو أول واجب عليه: أن يفهم معنى ما يريد أن يعربه مفرداً أو مركباً قبل الإعراب، فإنه فرع المعنى؛ ولهذا لا يجوز.. ] إلى آخر كلامه سنأتي إليه.

    التوفيق بين قول السيوطي: من فوائد الإعراب معرفة المعنى وقوله: إن الإعراب فرع المعنى

    يقول: [ من فوائد هذا النوع: معرفة المعنى؛ لأن الإعراب يميز المعاني ]، وهنا يقول بعدها بأسطر: [ أن يفهم معنى ما يريد أن يعربه مفرداً أو مركباً قبل الإعراب؛ فإنه فرع المعنى ]، هذا الكلام أليس فيه تناقض؟ الآن مطلوب منا أن نعرب لنفهم أو نفهم لنعرب؟ واضحة الإشكالية؟ يعني: السيوطي رحمه الله تعالى في الأول يقول: [ أعرب لتفهم ]؛ لأنه قال: [ معرفة المعنى؛ لأن الإعراب يميز المعاني ]، بعدها بأسطر قال [ أن يفهم معنى ما يريد أن يعربه مفرداً أو مركباً قبل الإعراب؛ فإنه فرع المعنى ]، وهذا فيه إشكال.

    وهنا يحسن أن نتنبه إذا استطعنا أن نجد لكلام العالم وجهاً وسبيلاً فالأولى أن نسلكه؛ حفاظاً على رأي العالم، خصوصاً إذا كان العالم عنده شيء من التحرير، أو أن يكون محرراً؛ فإنه لا يمكن أن يقول هذا في أسطر متقاربة، إلا أن يكون قد غفل وذهل عن ما قاله، وهذا قد يقع؛ لأن من عادة البشر النقص، لكن نحن نحاول هنا أن نذكر توجيهاً نسلك به صحة القولين، القول الأول صحيح، والقول الثاني صحيح، فكيف يمكن أن نميز بينهما؟ فنقول: إذا رجعنا إلى الأصل فأيهما الأصل الإعراب أو المعنى؟ الأصل المعنى، ويكون الإعراب فرع المعنى، وعلى هذا جرى تفسير السلف قاطبةً، أعني: تفسير السلف من الصحابة والتابعين وأتباع التابعين، فهم لم يتكلموا عن الإعراب، وإنما تكلموا عن المعاني، فلو قلنا: إنه يلزم الإعراب لفهم المعنى، فنقول: إن السلف لم يتكلموا في الإعراب، وإن كان الإعراب جبلةً لهم؛ لأنهم يفهمون المعاني، ما يقع عندهم إشكال، لكن لما صار الإعراب صنعةً صار يوصل إلى المعاني، فإذاً بالنسبة لنا نحن نحتاج للإعراب أحياناً لفهم المعنى، ونفهم المعنى أحياناً؛ لكي نعرب، فإذاً نحن ندور بين الأمرين، نبحث عن المعنى من جهة الإعراب، ونبحث عن الإعراب من جهة المعنى، فإذا أخذنا هذا الأمر بهذه الصورة فلا يكون هناك تناقض في الكلام، فهذا صحيح، فلسنا نحتاج للإعراب مطلقاً، ولكن نحتاج فهم المعنى مطلقاً؛ لأن الإعراب فرع المعنى.

    حاجة المفسر لعلم الإعراب

    بناءً على هذا الكلام فالمفسر محتاج إلى الإعراب؛ لأن علم الإعراب بالنسبة للمفسرين المتأخرين من الأدوات التي يحتاجونها بلا ريب، لكن حينما نقول: علم الإعراب مما يحتاجه المفسر لا يفهم من هذا أننا نطالب المفسر بأن يكون كـأبي حيان عارفاً بدقائق علم النحو، وإنما المقصود أن يكون عارفاً بأصول هذا العلم، بحيث إنه إذا فسر لا يقع عنده إشكال في فهم المعاني.

    آثار تحث على تعلم الإعراب

    ثم ذكر بعض الآثار في قضية تعلم اللحن، والمقصود باللحن هنا اللغة وأصول الإعراب؛ ولهذا أورد عن عمر بن الخطاب قال: تعلموا اللحن والفرائض والسنن كما تعلمون القرآن.

    كذلك أورد ما روي عن الحسن ، [ قال يحيى بن عتيق : قلت للحسن : يا أبا سعيد ! الرجل يتعلم العربية يلتمس بها حسن المنطق، ويقيم بها قراءته. قال: حسن يا ابن أخي! فتعلمها؛ فإن الرجل يقرأ الآية فيعيا بوجهها، فيهلك فيها ]. وهذا يشمل المعنى، ويشمل كذلك الإعراب.

    1.   

    إعراب فواتح السور

    ثم ذكر كما قلت لكم القاعدة الأولى ذكرناها قبل قليل في قضية أن الإعراب فرع المعنى.

    قال هنا: [ لا يجوز إعراب فواتح السور إذا قلنا: بأنها من المتشابه الذي استأثر الله بعلمه ]، أيضاً يضاف إذا قيل: بأنها حروف؛ لأن الحروف لا معنى لها، فما دام الحرف لا معنى له فإنه أيضاً لا يكون له محل من الإعراب، فإذاً على قول من قال: إن هذه الحروف مما استأثر الله بعلمه، أو قول من قال: إنها حروف، فإنها لا تدخل فيما يعرب، وإن كان من قال: بأنها مما استأثر الله بعلمه، هذا القول هو أضعف الأقوال في الأحرف المقطعة، وإن انتصر له قوم، والدليل على أنه أضعف الأقوال: أن السلف قد تكلموا فيها، ولو كانت مما استأثر الله بعلمه لما تطاول السلف على الكلام فيها، نقول: لو كانت من المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله لما تكلم فيها الصحابة والتابعون وأتباع التابعين.

    فلما تكلموا فيها دل ذلك على أنها خرجت عن المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله، وهذه مهمة جداً أن تنتبهوا لها.

    فلو قيل لك: ما الدليل على أن الأحرف المقطعة ليست من المتشابه؟ تقول: كلام السلف فيها، إذ لو كانت من المتشابه لما تجرأ السلف على أن يتكلموا فيها، أما إذا قال قائل: أنا بالنسبة لي أقول: الله أعلم بمراده فيها، فهذا صار نظراً نسبياً، والنظر النسبي لا يخالف فيه، أما أن يقول: لا يجوز لأحد أن يتكلم فيها، أو لا يعلم أحد معناها، أو الله استأثر بعلمها، فهذا كأن فيه طعناً في كلام السلف في هذه الآيات.

    1.   

    أمثلة تبين اختلاف المعاني لاختلاف الإعراب

    المثال الأول: قوله تعالى: يورث كلاله

    ثم أورد مثالاً في توجيه نصب كلالةً في قوله: وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً [النساء:12]، يبين قيمة الإعراب، قال: [ إنه يتوقف على المراد بها، فإن كان اسماً للميت فهو حال ]، وإن كان رجل كلالةً، يعني: كأنه رده إلى الرجل الميت، قال: [ فهو حال و(يورث) خبر (كان) أو صفة، و(كان) تكون تامة أو ناقصة ]، تامة بمعنى إن وجد رجل، أو ناقصة تحتاج إلى اسم وخبر. [ و(كلالة) خبر، أو للورثة قال: فهو على تقدير مضاف، أي: ذا كلالة، وهو أيضاً حال أو خبر كما تقدم، أو للقرابة فهو مفعول لأجله ].

    فقد اختلف إعراب (كلالة)، وفي كل الإعرابات يختلف المعنى، يعني: إن وجد رجل كلالةً، يعني: حاله أنه كلالة، فذكر أنه يورث.. إلى آخره، أو قال: إن كان رجل يورث كلالةً، فتكون كلالة مرتبطة بـ(يورث)، أو تكون مفعولاً لأجله يعني: يورث لأجل كلالته، فيختلف إذاً المعنى باختلاف الإعراب.

    المثال الثاني: قوله تعالى: سبعاً من المثاني

    المثال الثاني أوضح، لما قال: سَبْعاً مِنْ الْمَثَانِي [الحجر:87]، قال: [ إن كان المراد بالمثاني القرآن فـ (من) للتبعيض، أو الفاتحة فلبيان الجنس ]. القول الأول ضعيف، لكن نأخذه من باب بيان المعنى، لو قلنا: إن (سبعاً) المراد بها القرآن كله، وهذا قول ضعيف، لكن لنفهم، وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِنْ الْمَثَانِي [الحجر:87]، أي: القرآن من المثاني، فتكون (سبعاً) للتبعيض، التي هي (سبعاً من المثاني)، إذا كانت السبع الطوال مثلاً.

    القول الثاني: إذا كانت السبع هي الفاتحة، فتكون (سبعاً من المثاني) لبيان الجنس، يعني تثنى مرةً بعد مرة، وهذا التفسير هو الصحيح، وهو اللازم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فسر السبع المثاني بأنها الفاتحة.

    المثال الثالث: قوله تعالى: غثاء أحوى

    مثال آخر في قوله: غُثَاءً أَحْوَى [الأعلى:5]، قال: [ إن أريد به الأسود ] الذي هو الأحوى [ من الجفاف واليبس فهو صفة لغثاء ]، يعني: جعله غثاءً مائلاً إلى السواد، إن كان (أحوى) بمعنى: شديد الخضرة فيكون المعنى: (الذي أخرج المرعى) أحوى، أي: مائلاً إلى الخضرة، (فجعله غثاءً)، فهل (أحوى) من صفة الغثاء أو من صفة المرعى؟ إن كان من صفة المرعى اختلف المعنى عنه فيما لو كان من صفة الغثاء، طبعاً هو يتكلم الآن عن الأعاريب، ولو قلبنا الموضوع وتأملنا قلنا: ما المعنى في قوله سبحانه وتعالى: وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى * فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى [الأعلى:4-5]؟ لو نحن نظرنا في الترتيب، نقول: (الذي أخرج المرعى) أخضر، (فجعله غثاءً) أي: هشيماً يابساً، (أحوى) أي: مائلاً إلى السواد من شدة القدم، هذا هو المعنى، إذا حملنا على هذا المعنى نعرب (أحوى) صفة لـ (غثاء)، وهذا يعني أننا انطلقنا من المعنى للإعراب، إذا قلنا: (الذي أخرج المرعى) شديد الخضرة، وهذا هو تفسير (أحوى) فجعله بعد خضرته هشيماً، نكون جعلنا الآن (أحوى) صفة للمرعى، فإذاً هذا في قضية الانطلاق من المعنى إلى الإعراب، أو من الإعراب إلى المعنى، وكما قلنا: إن الأصل الانطلاق من المعنى إلى الإعراب، لكن أحياناً قد نجهل أو يصعب علينا المعنى فنحتاج أو نضطر إلى الإعراب.

    1.   

    الأسئلة

    أقسام الناس في تأويل فواتح السور

    السؤال: ما أقسام الناس في تأويل فواتح السور؟

    الجواب: من قال: إنها من المتشابه، ومن قال: لها معانٍ، قول واحد، ثم ينقسم، فمن يرى أنها أحرف لا معنى لها، هذا قول، ومن يرى أن لها معنى، فالذين قالوا: إن لها معنى اختلفوا إلى قولين: فمنهم من يرى أن لها معنىً واستأثر الله بعلمه، ومنهم من يرى أن لها معنىً ويفسرها، فيرى أنها مما يفسر، فيكون لهم قولان في النهاية، نعم.

    حديث ابن مسعود: لا أقول: (ألم) حرف ولكن ...

    السؤال: ما تقولون في حديث ابن مسعود لا أقول: (ألم) حرف؟

    الجواب: ( لا أقول: (الم) حرف، لكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف )، الصحيح أنه موقوف على ابن مسعود ، ووقفه على ابن مسعود لا يخرجه عن أن يكون مرفوعاً؛ لأن مثل هذا لا يقال بالرأي، فهذا يدخل في المعنى، لكن يقال: ما معنى الحرف في كلام ابن مسعود ؟ فيرجع الخلاف في مفهوم الحرف ما هو؟ ولا يلزم أن يكون الحرف عندهم هو نفس الحرف الذي نعرفه نحن في مصطلح النحاة، نعم.

    الأجر على القراءة بالقلب

    السؤال: هل على القراءة بالقلب أجر؟

    الجواب: والله يؤجر، لكن هل هي كقراءة اللسان هذه قضية ثانية، الله أعلم ما أعرف، يعني: هل ينتفع من قرأ بقلبه مضاعفة الحسنات؟ ما أدري، وهل هناك أحد تكلم عنها؟

    قول ابن عثيمين بحتمية النطق بالحروف لتحصيل الأجر لحديث ابن مسعود

    السؤال: ابن عثيمين يرى أنه لا بد من النطق بالحروف في تحصيل الأجر؟

    الجواب: الشيخ ابن عثيمين رحمه الله يرى أنه لا بد من النطق بالحروف بناءً على هذا الحديث، نعم.

    إذا كان لها تفسير فأنا أرى أنه يستحيل الوصول إلى المعنى الصحيح فيها بشيء يؤنس له ليس بشيء قاطع، ؛ لأن الشيء القاطع كلنا نتفق عليه لا يمكن بشيء قاطع، لكن يؤنس له مثلما تأتي إلى قوله: وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ [التكوير:17] هل (عسعس) بمعنى أقبل أو بمعنى أدبر؟ فعندنا شيء يجعلنا نطمئن إلى أنه إما أقبل وإما أدبر، وكقوله تعالى: فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ [المدثر:51]، هل هو الأسد أو الرامي أو هما معاً؟ عندنا أصول نرجع إليها ونستطيع أن نفهم أنه هذا أو هذا، لكن لو جئنا إلى مثل هذه الأحرف فليس عندنا مصدر يمكن أن نعتمد عليه ونقول: هذا المصدر يدلنا على أن المعنى الأقرب هو كذا، لا يمكن، إذا قلنا: بأن لها معنى فقطعاً فنقول: هذا المعنى مما استأثر بعلمه وهذا أسلم، لكن الأصل أن الأحرف لا معنى لها، وإنما يتركب المعنى بعد تركب الحروف، فالصاد والدال والقاف منفردة كل واحدة منفردة ليس لها معنى، لكن إذا قلنا: صدق، هنا يتركب المعنى، لكن يتركب المعنى من تركب هذه الحروف بعضها إلى بعض.

    تركب الكلام من حروف فواتح السور

    السؤال: هل يتركب من فواتح السور كلام؟

    الجواب: هذه ما يذكرونه، نحن نجعله راجعاً إلى أنه مما يتركب منه كلام، الذي هو مثل: الله وجبريل ومحمد، يعني كأنه أراد أن يقول: إن هذه الأحرف يتركب منها كلام، فالألف يتركب منها الله، واللام يتركب منها جبريل، والميم يتركب منها محمد، وممكن يتركب منها غيرها من الكلام، فإذاً عادت إلى معنى الأحرف التي ذكرناها، وأغلب أقوال السلف التي تكلموا فيها على هذه الأحرف يعود إلى هذا المعنى أنهم رأوا أنها أحرف يتركب منها الكلام، ومن أدق من أشار إلى هذا ابن فارس في كتابه الصاحبي، وكذلك الراغب الأصفهاني في تفسيره جامع التفاسير، في تفسير قوله سبحانه وتعالى: (الم) أشار إلى هذا المعنى في أن تفسير السلف يعود إلى هذا أنهم أرادوا أن يشيروا إلى ما يتركب من الكلام، فضربوا بمثال حسن، كما ضربوا مثالاً لقوله: لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنْ النَّعِيمِ [التكاثر:8]، بأن المراد به الماء الحار في الليلة الشاتية، أو الماء البارد في الليلة الصائفة، وليس مرادهم أن هذا هو كل النعيم، وإنما هو مثال للنعيم، نعم.

    الراجح في معنى فواتح السور

    السؤال: ما هو القول الراجح فيها؟

    الجواب: أنا الأقرب عندي أنها حروف لا معنى لها، مثلما يقول قائل: واحد اثنان ثلاثة أربعة، والعرب فهمت منها هذا الأمر أنها حروف، ولو كانت فهمت منها أنها تحمل معاني، أو كذلك الصحابة والتابعون فهموا منها أنها تحمل معاني لوضحوا ذلك، خصوصاً المفسرون من الصحابة وكذلك من التابعين وأتباع التابعين، وكل ما ورد عنهم فإنه يرجع إلى هذا المعنى أنها حروف، يتركب منها الكلام، مثل ما ورد عن ابن عباس أنه قال: أنا الله أعلم. ليس مراده أن الألف دلالة على أنا فقط، وإنما أراد أن يقول: إن الألف يتركب منها كلام مثل أنا، واللام يتركب منها كلام مثل الله، والميم يتركب منها كلام مثل أعلم، وليس مراده أن هذا هو المراد دون غيره، فدل على أنه آل كلام ابن عباس هذا إلى أنها أحرف يتركب منها الكلام، كما تقول: أنا الله أعلم، فيها الألف وفيها اللام وفيها الميم، أو أنا الله أعلم وأرى في قوله: (الم) إقرأ، وقس على ذلك غيرها.

    كل من تعرض لها بأن لها معنىً فأنا عندي أنه قد ادعى أمراً لم يرد لا عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا عن الصحابة، ولا عن التابعين، ولا عن أتباع التابعين، ومضى هذا الجيل وهم لا يرون أن لها معنى إلا ما ورد عن الشعبي لما قال: الله أعلم بمراده. أما ما ينسب إلى الخلفاء الأربعة وغيرهم من أنهم قالوا: إن الله استأثر بعلمها فهذا لم يثبت فيه أثر صحيح عنهم أبداً، لم يثبت عنهم أثر صحيح، وكذلك يحمل كلام الشعبي وغيره ممن قال: الله أعلم، أو هذا من العلم الذي استأثر الله به، ليس مراده أن لها معاني، وإنما وجود هذه الأحرف في هذه السور على هذه الصورة لا شك أنه من العلم الذي استأثر الله به، وفرق بين الحكمة من الشيء وبين معناه، فنحن نتكلم الآن عن المعاني، ولا نتكلم عن الحكم، فإذا جئنا إلى الحِكَم نقول: من الحكم التي تكاد تتواطأ عليها كلمة العلماء أن هذه الأحرف جيء بها للإعجاز، يعني التنبيه على التحدي، فلما تحداهم الله فإنه قال لهم: هذا الكتاب الذي تحديتكم به هو من هذه الأحرف التي تتكلمون بها، (الم)، (المص)، (المر)، (كهيعص).. إلى آخره، واستدلوا على ذلك بأن جل ما يذكر بعد هذه الأحرف هو ما يتعلق بالقرآن أو بشأن من شئون القرآن، هذا باختصار ما يتعلق بالمعنى الذي أرى أنه هو الصحيح فيما يتعلق بهذه الأحرف المقطعة.

    إمكانية تفسير فواتح السور بمعان مخصوصة

    السؤال: هل يمكن تفسيرها بمعان مخصوصة؟

    الجواب: صعب، إذا قلنا: إنها معانٍ مخصوصة، وبعضهم يقول هذا، فهذا سيقع فيه خلاف لا يمكن أن يحسم، فأنت تستطيع أن تأتي بمعنى، وفلان يستطيع أن يأتي بمعنى، من الذي يحسم لنا هذا؟ لا السياق يدل عليه، ولا الكتاب يدل عليه، ولا السنة تدل عليه، ولا اللغة تدل عليه، ولا أقوال الصحابة والتابعين وأتباعهم تدل عليه، وإنما هو اجتهاد محض، نحن لا نمنع أن يجتهد، لكن نقول: ليس بصواب، لو قلنا بهذا فما هناك حكم يحكم لنا أيها هو الصواب، وهذه مهمة أيضاً ينتبه لها: أن كل من حمل هذه الأحرف معنىً فإنه لا يمكن أن يضع ضابطاً يدل على المعنى الصحيح من غيره، يعني: كل من زعم أن لها معنىً فإنه لا يمكن أن يضع ضابطاً للمعنى الصحيح من غيره مهما فعل، أما إذا قلنا: بأنها أحرف، والحرف في لغة العرب لا معنى له فإننا سنسلم من كل تبعات ما بعده، وكلام السلف نؤوله إلى هذا المعنى أنهم ذكروا ما يتركب من هذه الأحرف، فمثلاً من قال: إنها اسم من أسماء السور، الاسم ليس تفسيراً، لما يقول: (ن) اسم السورة فهذا لا يعد تفسيراً، فلا يدخل في باب بيان المعاني، نعم.

    سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756921420