حدثنا محمد بن عبيد حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن نافع : (أن
قوله: [ باب: دخول مكة ] أورد المصنف رحمه الله فيه حديث ابن عمر [ (أنه كان رضي الله عنه يبيت بذي طوى حتى يصبح ويغتسل ويدخل مكة نهاراً ويقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعله) ] يعني: أنه إذا جاء مكة ليلاً بات بذي طوى، و(ذو طوى) هي بئر قريبة من مكة أو على حدود مكة، وأنه كان إذا أصبح اغتسل ودخل مكة ضحى هكذا كان يفعل صلى الله عليه وسلم.
ودخول مكة في النهار لا شك أنه حسن، ولكن دخولها بالليل جائز، وقد دخلها صلى الله عليه وسلم في عمرة الجعرانة ليلاً.
إذاً: لا بأس أن يدخل الإنسان مكة ليلاً أو نهاراً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة في حجة الوداع ضحى ودخلها في عمرة الجعرانة ليلاً.
هو محمد بن عبيد بن حساب، صدوق، أخرج حديثه مسلم وأبو داود والنسائي .
[ حدثنا حماد بن زيد ].
حماد بن زيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أيوب ].
هو أيوب بن أبي تميمة السختياني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن نافع ].
هو نافع مولى ابن عمر، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عمر ].
هو عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما الصحابي الجليل، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قوله: [ (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدخل مكة من الثنية العليا) ]، وهي التي من جهة الأبطح قريبة من مقبرة المعلاة .
قوله: [ (ويخرج من الثنية السفلى) ] يعني: يدخل مكة من أعلاها ويخرج من أسفلها صلى الله عليه وسلم، ويقال -كما سيأتي- لهذه الثنية: كَداء التي هي مكان الدخول، ويقال للثنية التي يخرج منها: كُداء، الأولى بالفتح والثانية بالضم؛ ولهذا يقال في معرفة التمييز بين الدخول والخروج: افتح وادخل وضم واخرج؛ لأن كَداء بفتح الكاف مكان الدخول، وكُداء بضم الكاف مكان الخروج.
فكان صلى الله عليه وسلم يدخل مكة من الثنية العليا ويخرج من الثنية السفلى، ويدخل مكة من أعلاها ويخرج من أسفلها صلى الله عليه وسلم.
عبد الله بن جعفر البرمكي ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود .
[ حدثنا معن ].
هو معن بن عيسى، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن مالك ].
هو مالك بن أنس، وقد مر ذكره.
[ (ح) وحدثنا مسدد وابن حنبل ].
مسدد مر ذكره ، أما أحمد بن حنبل فهو الإمام الفقيه أحد أصحاب المذاهب الأربعة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن يحيى ].
هو يحيى بن سعيد القطان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ (ح) وحدثنا عثمان بن أبي شيبة ].
عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج حديثه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي في عمل اليوم والليلة، وابن ماجه .
[ حدثنا أبو أسامة ].
هو حماد بن أسامة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ جميعاً عن عبيد الله ].
هو عبيد الله بن عمر العمري المصغر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
هذا يتعلق بالمدينة وليس بمكة، أي: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج من المدينة خرج من طريق الشجرة الذي هو مكان الميقات الذي كان يحرم منه صلى الله عليه وسلم، أما المعرس فهو أقرب منه إلى المدينة، وهو الذي كان يدخل منه صلى الله عليه وسلم المدينة.
إذاً: هذا يتعلق بدخول المدينة وليس له علاقة بدخول مكة، ولكنه جاء تبعاً من جهة التماثل، من ناحية أن هذا فيه دخول وهذا فيه دخول.
أما مكان المعرس فهو أقرب من مكان المسجد الآن إلى المدينة.
قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا أبو أسامة عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر ].
هؤلاء مر ذكرهم في الحديث الذي قبله.
في هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة عام الفتح من كَداء، ودخلها في العمرة من كدي، وكان عروة بن الزبير يدخل من الثنيتين، وأكثر ما كان يدخل من كدي؛ لأنها أقرب إلى منزله.
إذاً: هذا يدل على أن الأمر في هذا واسع؛ لكون النبي صلى الله عليه وسلم دخل من هنا ودخل من هنا.
هو هارون بن عبد الله الحمال البغدادي، وهو ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ حدثنا أبو أسامة حدثنا هشام بن عروة ].
هشام بن عروة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبيه ].
أبوه هو عروة بن الزبير، وهو ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن عائشة ].
عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قوله: [ (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل مكة دخل من أعلاها وخرج من أسفلها) ] وهو مثل ما تقدم.
قوله: [ حدثنا ابن المثنى ].
مر ذكره.
[ حدثنا سفيان بن عيينة ].
هو سفيان بن عيينة المكي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة ].
وقد مر ذكرهم.
حدثنا يحيى بن معين أن محمد بن جعفر حدثهم حدثنا شعبة قال: سمعت أبا قزعة يحدث عن المهاجر المكي أنه قال: (سئل
قوله: [ باب في رفع اليدين إذا رأى البيت ].
لم يأت شيء يدل على ثبوته، وفي هذا الحديث أنهم حجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يكونوا يرفعون أيديهم عند رؤية البيت.
إذاً: لم يأت شيء يدل على رفع اليدين، لكن هذا الحديث غير صحيح وغير ثابت؛ لأن فيه رجلاً مقبولاً، فالأصل هو عدم رفع الأيدي حتى يأتي دليل يدل على الرفع، ولم يأت شيء يدل على الرفع، وقد جاء حديث ضعيف في رفع الأيدي عند رؤية البيت، وعند الوقوف بعرفة، وفي مزدلفة، وعند الجمرة الأولى والثانية، وفي الصلاة، وكل الألفاظ التي جاءت فيه لها أصل وهي ثابتة من طرق أخرى، إلا ما يتعلق برفع اليدين عند رؤية البيت فهو غير ثابت، وقد ذكر الحديثين الشيخ الألباني رحمه الله في السلسلة الضعيفة رقم (1053) و(1054)، والحديثان أحدهما: من طريق عطاء بن السائب ، والذي يروي عنه هنا سمع منه بعد الاختلاط وهو ورقاء بن عمر ، والثاني: من طريق محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وهو صدوق سيئ الحفظ جداً، فلا يحتج بما انفرد به وبما جاء عنه.
إذاً: الحديث الذي ورد في هذا غير ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والأصل هو عدم الثبوت حتى يأتي شيء يدل على الثبوت.
يحيى بن معين ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أن محمد بن جعفر ].
هو محمد بن جعفر غندر ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا شعبة ].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ قال: سمعت أبا قزعة ].
هو سويد بن حجير، وهو ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ عن المهاجر المكي ].
المهاجر المكي مقبول، أخرج حديثه أبو داود والترمذي والنسائي .
[ سئل جابر بن عبد الله ].
هو جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قوله: [ (أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم مكة طاف بالبيت وصلى ركعتين خلف المقام ركعتين) ] وذلك عام الفتح، وإيراد هذا الحديث تحت هذه الترجمة لا وجه له، إلا أنه لم يذكر فيه أنه رفع يديه لما رأى البيت.
هو مسلم بن إبراهيم الفراهيدي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا سلام بن مسكين ].
سلام بن مسكين ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
[ حدثنا ثابت البناني ].
ثابت البناني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن رباح الأنصاري ].
عبد الله بن رباح الأنصاري ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ عن أبي هريرة ].
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً.
فالقول أن الشيخ الألباني يقول باستحباب رفع الأيدي عند رؤية الكعبة، كما يقول بعض الإخوة: إن الشيخ الألباني ذكر ذلك في مناسك الحج والعمرة وقال: إنه ثبت عن عمر رضي الله عنه أنه كان يرفع يديه إذا رأى البيت، لكن الحديث المرفوع الذي ذكره صاحب عون المعبود هو حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ترفع الأيدي في سبعة مواطن).
هذا هو المرفوع الذي ضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة.
ثم قال: وروي عن ابن عمر (أنه كان يرفع يديه عند رؤية البيت) وعن ابن عباس مثل ذلك، وقال ابن الهمام : أسند البيهقي إلى سعيد بن المسيب قال: (سمعت من عمر كلمة من بقي أحد من الناس سمعها غيري، سمعته يقول: إذا رأى البيت قال: اللهم أنت السلام ومنك السلام، فحينا بالسلام).
وأسند الشافعي عن ابن جريج : (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى البيت رفع يديه، وقال: اللهم زد هذا البيت تشريفاً وتعظيماً وتكريماً ومهابةً).
وهذا الحديث مرسل مقطوع.
إذاً: لا توجد إلا آثار عن الصحابة، والشيخ الألباني معروف من عادته أنه لا يأخذ بالآثار، ومن ذلك قضية رفع اليدين في التكبير، فإنه ما كان يقول به، مع أنه ثابت عن ابن عمر .
في هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة فأقبل على الحجر فاستلمه، فأول شيء بدأ به هو استلام الحجر، ثم طاف صلى الله عليه وسلم.
قوله: [ (ثم أتى الصفا فعلاه) ].
يعني: رقى على الصفا واستقبل القبلة ورفع يديه، وهذا يدلنا على أن الصفا من الأماكن التي ترفع عليها الأيدي.
قوله: [ (فجعل يذكر الله ما شاء أن يذكره ويدعو) ].
يعني: أنه كان يجمع بين الذكر والدعاء.
قوله: [ (والأنصار تحته) ].
قيل: جاء في بعض الألفاظ (الأنصار)، وفي بعضها: (الأنصاب)، والمقصود بالأنصاب: الحجر الذي يصعد عليه إلى الصفا.
أما الأنصار فهم أنصاره صلى الله عليه وسلم.
قوله: [ (تحته) ] يعني: أنه كان فوق وهم تحت، لكن لا يعني ذلك أنهم صعدوا أو ما صعدوا، وإنما الإشارة إلى وجودهم.
أحمد بن حنبل مر ذكره.
[ حدثنا بهز بن أسد ]
بهز بن أسد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وهاشم يعني ابن القاسم ].
هاشم بن القاسم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا سليمان بن المغيرة ].
سليمان بن المغيرة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ثابت عن عبد الله بن رباح عن أبي هريرة ].
وقد مر ذكر هؤلاء الثلاثة.
الجواب: بعض العلماء أجاز الاشتراط مطلقاً، وبعضهم قال: لمن كان خائفاً، والأمر في ذلك واسع.
الجواب: حجه فيه خير، وإعانته غيره فيه خير، وإذا كان قادراً أن يحج ويعين غيره فحسن.
الجواب: إذا كان أهله لم يحجوا الفرض فهذا شيء طيب؛ لأن أداء الفرض أمر مطلوب، وبعض الناس يحب أن يحج، ولكن حيث لا يتيسر له كل سنة يحب أن يكون محرماً لامرأة لم تحج من محارمه، وهذا لا بأس به.
الجواب: إذا كان منع من الفرض فإنه يجب عليه، وإذا كان منع من غير الفرض فلا يجب عليه.
الجواب: لا يلزمه ذلك، بل لو أن إنساناً أراد أن يذهب إلى جدة، ويجلس بها فترة فإنه يكون متمتعاً.
[ باب: في تقبيل الحجر.
حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن الأعمش عن إبراهيم عن عابس بن ربيعة عن عمر رضي الله عنه: (أنه جاء إلى الحجر فقبله، فقال: إني أعلم أنك حجر لا تنفع ولا تضر، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقبلك ما قبلتك) ].
قوله: [ باب: في تقبيل الحجر ].
الحجر: هو الحجر الأسود الذي هو في زاوية من زوايا الكعبة، وهي الزاوية التي عندها باب الكعبة، فالترجمة تتعلق بتقبيله، وكذلك استلامه وتقبيل ما يستلم به، والإشارة إليه عند عدم تمكن الوصول إليه، فإذا لم يتمكن من الوصول إليه فلا يؤذي أحداً في الوصول إليه، بل يكفي أن يشير إليه فقط، وإن تمكن من أن يمد يده ويلمسه ويمسحه بيده يقبل يده أو يقبل الذي مسحه به، وإذا لم يمكن لا هذا ولا هذا فإنه إذا حاذاه يشير إليه ويكبر، فهذه أمور ثلاثة تتعلق بالحجر الأسود.
قوله: [ (عن عمر رضي الله عنه: (أنه جاء إلى الحجر الأسود فقبله فقال: إني أعلم أنك حجر لا تنفع ولا تضر، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك) ]، هذا يدلنا على أن المعتبر أو المعول عليه في تقبيله هو اتباع النبي عليه الصلاة والسلام، ولولم يقبله صلى الله عليه وسلم لما قبله عمر رضي الله عنه، وهو إنما قبله اتباعاً للنبي عليه الصلاة والسلام، وليس تقبيله من أجل تحصيل البركة منه، أو من أجل كون الإنسان يريد منه نفعاً أو ضراً، فالأمر كما قال عمر رضي الله عنه: [ (إني أعلم أنك حجر لا تنفع ولا تضر، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك) ].
إذاً: تقبيل الحجر الأسود إنما هو اتباع للسنة، وامتثال لما جاء عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، واقتداء به عليه الصلاة والسلام، فما دام أنه قد قبل الحجر فنحن نقبله؛ ولهذا فإن بقية الأركان وبقية الجدران لا تقبل ولا تمسح إلا الركن اليماني فإنه يمسح ولا يقبل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم مسحه واستلمه ولم يقبله، وكذلك لا يشار إليه؛ لأن التقبيل والمسح والإشارة تتعلق بالحجر الأسود، وأما الركن اليماني فإنه يمسح إذا تمكن من الوصول إليه، ولا يقبل ولا يشار إليه ولا تقبل اليد إذا لمسه بها، بخلاف الحجر الأسود.
فالمتبع والمعول عليه في ذلك ما جاء عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وهو تقبيل الحجر الأسود، وهذا يدلنا على أنه لا يشرع أن يقبل أي حجر في الدنيا إلا الحجر الأسود؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قبله، ولولم يقبله ما قبلناه كما قال ذلك أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه، فلا يجوز أن تقبل جدران قبر من القبور أو ضريح من الأضرحة أو أي حجر من الأحجار، وإنما التقبيل خاص بالحجر الأسود، والمسح يكون للحجر الأسود ويكون للركن اليماني، هذا هو الذي جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام.
قوله: [ (ولولا أني رأيت رسول الله عليه الصلاة والسلام يقبلك ما قبلتك) ] هذا يدلنا على أن الإنسان يعول على السنة ويتبع السنة ولو لم يعلم الحكمة من ذلك، فإنه لا يتوقف العمل بالأحكام الشرعية على معرفة الحكمة، فالواجب هو الاستسلام والانقياد لما جاء عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم، وإذا عرفت الحكمة وجاء شيء يدل عليها فيكون ذلك زيادة بصيرة وزيادة معرفة، وإلا فالاستسلام والانقياد يكون بمجرد ما يأتي الأمر من الله ورسوله عليه الصلاة والسلام، كما قال الله عز وجل: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7]، ويقول سبحانه: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ [الأحزاب:36] ويقول سبحانه: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [النور:63].
هو محمد بن كثير العبدي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا سفيان ].
هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الأعمش ].
هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن إبراهيم ].
هو إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عابس بن ربيعة ].
عابس بن ربيعة ثقة مخضرم، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عمر ].
هو عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، أمير المؤمنين وثاني الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب الفضائل الجمة والمناقب الكثيرة رضي الله عنه وأرضاه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[ باب استلام الأركان.
حدثنا أبو الوليد الطيالسي حدثنا ليث عن ابن شهاب عن سالم عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: (لم أر رسول الله صلى الله عليه وآله سلم يمسح من البيت إلا الركنين اليمانيين) ].
قوله: [ باب استلام الأركان ] يعني: أركان الكعبة، والكعبة لها أربعة أركان: ركنان يمانيان، وهما الحجر الأسود، والركن اليماني، وركنان شاميان اللذان هما من جهة الحِجْر، والذي يستلم منها هما الركنان اليمانيان، أما بقية الأركان فلا تستلم؛ لأن الاستلام خاص بالركنين اليمانيين، فالحجر الأسود يستلمه ويقبله، أو يستلمه بيده ويقبل يده، أو يستلمه بشيء لو طاف راكباً، كما فعل النبي عليه الصلاة والسلام، فإنه طاف راكباً واستلمه بمحجن وقبل المحجن الذي استلمه به، وأما الركن اليماني فإنه يمسح فقط كما ذكرنا، وأما الركنان الآخران فإنهما لا يمسحان ولا يستلمان ولا يقبلان.
إذاً: المقصود والمعول عليه في ذلك ما جاء عن المصطفى صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، من تقبيل واستلام الحجر الأسود، واستلام الركن اليماني.
هو هشام بن عبد الملك الطيالسي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا ليث ]
هو الليث بن سعد المصري، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن شهاب ].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سالم ].
هو سالم بن عبد الله بن عمر، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عمر ]
هو عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قوله: [ (أخبر بقول عائشة: إن الحجر بعضه من البيت) ].
وحديث عائشة المعروف المشهور الذي فيه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (لولا أن قومك حديثو عهد بكفر لهدمت الكعبة ولبنَيَْتهُا على قواعد إبراهيم) يعني: أدخل الذي أخرجت قريش من الحجر فيها؛ وذلك أن قريشاً قصرت بهم النفقة، فتركوا جزءًا منها، وجعلوا ذلك الجدار الدائري الذي يدخل تحته الحجر؛ حتى يعرف أنه من الكعبة فيطاف من ورائه، فـابن عمر رضي الله عنهما لما بلغه هذا الحديث قال: [ (إن كانت سمعت هذا) ] وليس هذا شكاً في رواية عائشة ، ولكنه إخبار عن الشيء، ومثل هذا التعبير يأتي في الكتب وليس المقصود به الشك أو التردد في أن ذلك صحيح أو غير صحيح.
فـابن عمر كان يظن أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يترك استلام الركنين الشاميين إلا أنهما لم يكونا على قواعد إبراهيم، وهذا فهم ابن عمر رضي الله تعالى عنه وأرضاه، والله أعلم بالحقيقة هل الرسول صلى الله عليه وسلم تركهما لأنهما ليسا على قواعد إبراهيم، أو أنه لم يؤمر إلا بأن يمسح هذين الركنين فقط وهما الركنان اليمانيان؟ أما كون الناس طافوا من وراء الحجر لأن الحجر جزء من البيت، فهذا صحيح؛ لأن من طاف من داخل الحجر لم يطف بالكعبة كلها، ومن شرط الطواف أن يكون بالكعبة كلها، والحجر جزء منها لم يبن.
إذاً: الطواف يكون من وراء الحجر ولا يكون من داخل الحجر، ولو طاف الإنسان من داخل الحجر لما صح طوافه؛ لأنه لم يطف بالكعبة كلها؛ لأن الحجر جزء من الكعبة.
مخلد بن خالد، وهو ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود .
[ حدثنا عبد الرزاق ].
هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا معمر ].
هو معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الزهري ].
الزهري مر ذكره.
قال: وكان عبد الله بن عمر يفعله ].
قوله: [ (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدع أن يستلم الركن اليماني والحجر في كل طوفة) ] يعني: في كل شوط من الأشواط كان صلى الله عليه وسلم يستلم الركن اليماني ويستلم الحجر الأسود.
هو مسدد بن مسرهد البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ حدثنا يحيى ].
هو يحيى بن سعيد القطان البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد العزيز بن أبي رواد ].
عبد العزيز بن أبي رواد صدوق ربما وهم، أخرج له البخاري تعليقاً، وأصحاب السنن.
هو نافع مولى ابن عمر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وابن عمر قد مر ذكره.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر