يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
ثم أما بعد:
فإن شرف العلم يعرف من شرف المعلوم، ولا أحد أشرف من الله جل في علاه.
ونحن نتكلم عن صفة من الصفات التي لا بد أن نتعبد بها لله، وهي رؤية الله جل في علاه في الآخرة.
فنقول: لقد اشرأبت أعناق المحسنين والمتقين لهذه الرؤية؛ فمن أجل رؤية وجه الله الكريم شمر عن ساعد الجد المتقون والمجتهدون، وهذه الصفة لا ينالها إلا المحسنون.
رؤية بصرية، ورؤية قلبية.
أما الرؤية البصرية فمستحيل على أي أحد أن يرى الله جل في علاه في الدنيا. والدليل على ذلك قول الله تعالى في مجيء موسى لميقاته: رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا [الأعراف:143]، وقد اختلف العلماء في رؤية محمد لربه في الدنيا على قولين:
القول الأول: ذهب ابن عباس رضي الله عنه وأرضاه إلى أن محمداً قد رأى ربه ليلة المعراج. واستدل على ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: (نور أنى أراه) وأيضاً قال: أتعجبون أن تكون الخلة لإبراهيم والرؤية لمحمد، وهذا لم يثبت عن ابن عباس رضي الله عنه.
والقول الثاني: ذهب ابن عباس أيضاً في رواية أخرى عنه إلى أنه: رآه مرتين بقلبه. وهذه الرواية توافق رواية عائشة والجمهور. وقد انتصر الحافظ ابن حجر لقول ابن عباس وهو خلاف الراجح. إذ إن الراجح: أن محمداً صلى الله عليه وسلم لم ير ربه بعينه البصرية أبداً؛ وذلك لما تقرر في علم الأصول أن خطاب النبي صلى الله عليه وسلم لأمته يدخل هو فيه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لن تروا ربكم حتى تموتوا). فهذا فيه دلالة قاطعة على أنه لا أحد يرى الله حتى يموت، ومنهم محمد صلى الله عليه وسلم.
أما الرؤية القلبية، أو في المنام فهذه قد حصلت له صلى الله عليه وسلم بأبي هو وأمي، وحصلت لآحاد الناس؛ لأن الأحكام على العموم لا على الخصوص.
ففي الترمذي بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (رأيت ربي في المنام، فقال لي: يا محمد! أتدري فيما يختصم الملأ الأعلى؟ فقلت: لا أعلم، قال: فوضع يده على صدري فوجدت برد أنامله). فالشاهد أنه قال: (رأيت ربي في المنام) فهذه دلالة على رؤية الله في المنام بلا كيفية، ولآحاد الأمة أن يرى ذلك، وهذا هو الذي رجحه الإمام أحمد ، ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية .
والأدلة كثيرة جداً على رؤية الله يوم القيامة، وهذه الأدلة من الكتاب ومن السنة ومن النظر.
فأما الأدلة من الكتاب فدلالات كثيرة، منها قول الله تعالى: ( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ [القيامة:22-23] فهذه النضرة في الوجوه لأمر ولعلة؛ وهي أنها لربها ناظرة. والفعل (نظر) يتعدى بنفسه، ويتعدى بفي، ويتعدى بإلى.
فإذا تعدى بنفسه فيكون بمعنى: الانتظار. وذلك كقول الله تعالى عن المنافقين عندما يعبر أهل الإيمان الصراط فيقف المنافقون ويقولون: انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ [الحديد:13]. فـ(انْظُرُونَا) بمعنى: انظروا إلينا أو انتظرونا حتى نستنير بهذه الأنوار، وهذه غير مرادة هنا. ويتعدى بفي ويكون بمعنى: الرؤية القلبية، أو التدبر في مخلوقات الله، كما قال الله تعالى: أَوَلَمْ يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ [الأعراف:185]. فقوله: يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ [الأعراف:185] يعني: ألا يتدبرون في عظيم خلق الله، ليعلموا عظمة ربهم جل في علاه، فتزداد الرهبة في قلوبهم والرغبة والرجاء في الله جل في علاه.
ويتعدى بإلى ويكون معناه بالاتفاق: الرؤية البصرية. وذكرنا الاتفاق لأن أهل البدعة قد يقولون: هو الانتظار، أو يقولون: هو التدبر في نعائم الله وثواب الله. فقال الله تعالى: ( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ [القيامة:22-23] أي: تنظر إلى الله بهذه الأعين، كما قال تعالى: فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ [ق:22]، أي: حتى يستطيع أن ينظر إلى وجه الله الكريم الذي لو كشف الحجاب لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه.
الدليل الثاني من الكتاب: قال الله تعالى: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ [يونس:26] والقاعدة عند أهل التفسير: أن أفضل التفسير تفسير القرآن بالقرآن، ثم بالسنة، ثم بأقوال الصحابة، ثم باللغة. وهنا النبي صلى الله عليه وسلم لم يترك الآية إلا وقد فسرها، وهذا أفضل التفسير فقال في قول الله تعالى: ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ، قال: الزيادة: النظر إلى وجه الله). وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم: (أنه إذا دخل أهل الجنة الجنة، قال لهم ربهم: تريدون شيئاً؟ فيقولون: ألم تكن أكرمتنا وأدخلتنا الجنة؟ فيقول: لكم عندنا شيء، -أو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم- فيكشف الحجاب، فما تنعموا بنعمة مثل هذه النعمة) وهي نعمة النظر إلى وجه الله الكريم.
الدليل الثالث: من الأدلة على رؤية الله يوم القيامة من الكتاب: قول الله تعالى: لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ [ق:35]. فقال أبو هريرة ، وأنس ، وعلي بن أبي طالب ، وابن مسعود قول الله تعالى: (لهم ما يشاءون فيها) أي: من الحور العين، ومن الأنهار، ومن اللبن، والخمر، والعسل. وقالوا في قوله تعالى: وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ [ق:35] : إنها النظر إلى وجه الله الكريم. رزقنا الله وإياكم النظر إلى وجه الله الكريم يوم القيامة.
الدليل الرابع: قول الله تعالى في سورة الإنسان: عَلَى الأَرَائِكِ يَنظُرُونَ * تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ [المطففين:23-24]، فنضرة النعيم حصلت لهم لأنهم ينظرون إلى وجه ربهم.
والقاعدة عند العلماء: نفي المعمول يؤذن بالعموم، فحذف مفعول ينظرون أشعرت بالعموم، أي: ينظرون إلى الحور العين وإلى الجنات والنهر وإلى الخمر وإلى اللبن وإلى العسل، وينظرون إلى وجوه بعضهم البعض، وينظرون إلى وجه الله. فهم ينظرون بالعموم، فنفي المعمول يؤذن بالعموم. وهذا فيه دلالة على أنهم ينظرون إلى وجه الله الكريم. رزقنا الله وإياكم ذلك.
خامساً: قول الله تعالى عن الكفار: كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ [المطففين:15].
قال الإمام الشافعي رحمه الله: لما حجب هؤلاء في الغضب، كان لهؤلاء في الرضا النظر إلى وجه الله الكريم. وهذا ظاهر جداً؛ لأن الله اشتد غضبه عليهم فلم يروا وجه الله الكريم، فكانت المكافأة للذين تذللوا له وأطاعوه أنهم ينظرون إلى وجهه الكريم.
والأصرح من ذلك في السنة ما جاء في الصحيحين: (أن النبي صلى الله عليه وسلم جلس مع أصحابه، فنظر إلى الشمس وقال: هل تضامون في رؤية الشمس ليس دونها سحاب؟ قالوا: لا، قال: هل تضامون في رؤية القمر ليس دونه سحاب؟ قالوا: لا. قال: كذلك ترون ربكم). هو هنا يشبه الرؤية بالرؤية؛ لأنه قال: (لا تضامون) أي: لا يحدث ضيم عليكم. ولا تضارون: أي: ولا ضرر يقع عليكم عندما تنظرون إلى القمر، فكذلك عندما تنظرون إلى وجه الله الكريم فإنكم لا تضارون ولا تضامون. فقال: كذلك ترون ربكم وهذا فيه تصريح عظيم من النبي صلى الله عليه وسلم على رؤية الله جل في علاه، ودائماً كان النبي صلى الله عليه وسلم يجتهد في دعائه ويقول: (وأسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم) .
فإذاً: في الأدلة من الأثر الكتاب والسنة دلالة قاطعة على رؤية الله جل في علاه يوم القيامة.
وذلك من وجهين: أولاً: أن موسى عليه السلام قد سأل ربه سؤالاً، وكان هذا السؤال الذي سأله موسى عن علم؛ لأنه كان في زمانه أعلم الخلق بالله، وعندما يسأل أعلم الخلق بالله عندما يسأل سؤالاً مثل هذا فإن فيه دلالة على أنه يعتقد برؤية الله، وقد أقره الله على هذا الاعتقاد. لأنه لا يمكن لموسى أن يتجرأ على ربه فيسأله ما ليس له به علم، وإنما سأل عن علم.
وجه الدلالة الثاني: أن الله أقر موسى عليه السلام، ولكن قال: لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي [الأعراف:143]. ولو كان هذا السؤال تعدياً من موسى لأنكر عليه ربه كما أنكر على نوح عليه السلام عندما قال: فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ [هود:45] فقال له الله: إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ [هود:46]، ثم قال: فَلا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ [هود:46]. فهذا إنكار من الله تعالى على نوح عليه السلام، فلما أقر الله موسى على هذا السؤال دل ذلك على أن رؤية الله ممكنة. لكن ليس ذلك في الدنيا؛ لأن القوة البشرية لا تطيق ذلك. ولذلك قال تعالى: فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ [ق:22] فهذا هو الدليل من النظر الذي يدل أيضاً على رؤية الله يوم القيامة.
والذي في الأدنى يكون أقل متعة منه؛ لأن الإنسان الذي له همة عالية لا يرضى بالدون، بل يقول: لم أنزل عن هذه المتعة؟ بل لم لا أرتقي لأصاحب النبي صلى الله عليه وسلم في الفردوس الأعلى، فينظر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنظر كما ينظر، وينظر أبو بكر رضي الله عنه وأنظر كما ينظر، وينظر عمر رضي الله عنه وأنظر كما ينظر. وأزور ربي كما يزوره رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر ؟ اللهم اجعلنا مخلصين لك يا رب العالمين، واجعلنا نعمل بدينك ولرضاك وابتغاء وجهك الكريم.
هذه الصفة الجليلة لا يصل إليها إلا المحسنون، ولا يصل إليها إلا المجدون، وقد منع منها قوم لا خلاق لهم، والله جل في علاه يكافئهم بهذا العطب الذي في قلوبهم على ما يشوشون به على أهل السنة والجماعة.
أولاً: عندما طلب موسى من ربه الرؤية قال له: لَنْ تَرَانِي [الأعراف:143]، ولن في اللغة للتأبيد، يعني: لن تراني أبداً.
ثانياً: قال الله تعالى: لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ [الأنعام:103] وهذه فيها دلالة واضحة على أننا لن نرى الله، ولن ندرك الله جل في علاه. فقال تعالى: لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ [الأنعام:103] هذه هي الشبهات التي تمسك بها المعتزلة وأمثالهم من الأشاعرة، وإن كان كلامهم خفي لكن هؤلاء أهل البدعة والضلالة الذين يضللون أهل السنة والجماعة، ويبعدون أنفسهم عن هذا الخير العميم، ويضلون غيرهم من العوام بهذه الأدلة.
ونقول في الرد عليهم: أما استدلالهم بقوله تعالى: لَنْ تَرَانِي [الأعراف:143]، فنقول: بأن (لن) ليست للتأبيد، والدليل على ذلك: أن الله عز وجل حكى لنا عن خصال أهل الكتاب، فقال تعالى: َلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ [البقرة:95] يعني: الموت. وقال الله تعالى مبيناً أنهم يتمنون الموت يوم القيامة: وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ [الزخرف:77] وأيضاً: وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا [النبأ:40]، فهذا تمنٍ للموت.
فقول الله تعالى: لَنْ يَتَمَنَّوْهُ ليست للتأبيد؛ لأنهم يتمنونه في الآخرة.
فإن قالوا: فكيف تجيبون عن الآية؟ فنقول: نجيب عن الآية بقولنا: إن قول الله تعالى: لَنْ تَرَانِي [الأعراف:143]، يعني: لن تراني في هذه الدنيا، بهذه الهيئة وهذه الكيفية التي أنت عليها؛ لأن قوتك البشرية لا تستطيع أن تحتمل أنوار وجه الله جل في علاه. اللهم ارزقنا النظر إلى وجهك الكريم فإن من عظمة وجه الله وأنواره جل في علاه ما حكاه تعالى في القرآن بقوله: فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا [الأعراف:143]، الجبل الراسخ الشم الشامخ، فكأن الله يقول: لن تراني بهذه الكيفية، وهذه القوة البشرية في هذه الدنيا، ولكنك في الآخرة ستراني بهذه الأدلة الكثيرة الوفيرة.
وأما استدلالهم بقوله تعالى: لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ [الأنعام:103] فنقول: إن المنفي في هذه الآية هو الإدراك.
والعلاقة بين الإدراك والرؤية: أن بينهما عموماً وخصوصاً، فالرؤية من الإدراك من جهة المرئي، فالإدراك أخص والرؤية أعم. مثال ذلك: لو أن إنساناً في داخل المسجد ونظر في جميع نواحي المسجد فقد أدرك المسجد، وأحاط بكل صغيرة وكبيرة فيه، واستطاع أن يصف لك ما في المسجد كله، ومثل ما حصل للنبي صلى الله عليه وسلم بعدما أسري به وهو في بيت الله الحرام وكان نائماً، فجاءوا إليه وقالوا: أنت زرت بيت المقدس! فصفه لنا؟ فاغتم النبي صلى الله عليه وسلم لذلك، فجاءه جبريل بصورة بيت المقدس، فجلس يحكي لهم كل جزئية في بيت المقدس، فهذا قد أدرك البيت.
وأما الرؤية فهي أعم، ولا تكون كل رؤية إدراكاً؛ لأن الإدراك هو: النظر أو رؤية كل دقيق وجليل في المسألة. وأما الرؤية فهي على العموم. فالرؤية هنا تكون أعم من الإدراك، والله جل وعلا إنما نفى في كتابه الإدراك، ولم ينف الرؤية، فقال تعالى: لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ [الأنعام:103]، وهذا حق فإننا لا نقيس بالله شيئاً سبحانه وتعالى، ولا نحيط به علماً، وأيضاً لا ندرك صفات الله جل في علاه. إذاً: فنفي الإدراك يدل بالاستلزام على وجود الرؤية؛ لأن نفي الأخص يستلزم وجود الأعم، فإذا نفي الإدراك فلا بد أن تكون الرؤية موجودة.
إذاً: هذه الآية ليست محل النزاع؛ إذ إننا نتفق معكم أننا لا ندرك صفات الله جل في علاه. لكننا نقول: إننا سنرى وجه الله جل في علاه؛ لأن الآية والحديث أثبتا لنا رؤية الله يوم القيامة.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر