حدثنا مسدد حدثنا عيسى بن يونس حدثنا الأعمش عن أبي سفيان عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول قبل موته بثلاث، قال: (لا يموت أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله) ].
أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة: باب ما يستحب من حسن الظن بالله عند الموت، وهذه الترجمة يرادُ بها أن الإنسان عند موته يُحسن الظن بالله، فيظن أنه تعالى يرحمه ويتجاوز عنه، فيرجو رحمته ويأمُل مغفرته، فلا ييئس ولا يقنط من رحمة الله، بل عليه أن يحسن الظن بالله، وقد جاء في الحديث: (إن الله عند ظن عبده به)، فليؤمل وليرج منه خيراً، فهذا هو المقصود من الترجمة.
ومن أهل العلم من قال: على الإنسان أن يكون خائفاً وراجياً دائماً وأبداً، ولكنه عند الموت يغلب جانب الرجاء، وقبل ذلك يغلب جانب الخوف؛ لأنه إذا غلب جانب الخوف عمل، ولكنه عند الموت لا يغلب جانب الخوف؛ حتى لا ييئس ويقنط من رحمة الله، وإنما يغلب جانب الرجاء، قالوا: والخوف والرجاء للإنسان كالجناحين للطائر، فلا يستقيم طيران الطائر إلا بسلامتهما، وإذا اختل أحد الجناحين اختل الطيران، فشأن المسلم مع الخوف والرجاء كشأن الطائر الذي له جناحان، إلا أنه عند الموت يغلِّب جانب الرجاء؛ حتى لا ييئس من رحمة الله، ويُحسن الظن بالله عز وجل، فإن الله تعالى عند ظن عبده به، كما جاء ذلك في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم أورد أبو داود حديث جابر بن عبد الله قال: (سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول قبل موته بثلاث قال).
أي: أنه قال هذا في مرض موته، (لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله)، وهذا فيه دلالة على أن الإنسان يحسن الظن بالله تعالى عند موته، فيرجو رحمة الله، ويرجو أن الله تعالى يتجاوز عنه، وأنه يغفر له، ففضله واسع، ورحمته وسعت كل شيءٍ، ولا يغلّب جانب الخوف؛ حتى لا يؤدي به ذلك إلى القنوط واليأس من رحمة الله.
وقال الخطابي : إن المقصود بذلك أنه يُحسن العمل الذي يكون سبباً في هذا الذي يرجوه ويؤمله، وقد ذكر النووي أن الخطابي شذّ وانفرد بذلك، وأن القول الصحيح هو أن على الإنسان عند موته أن يرجو رحمة الله، وأنه يُحسن الظن به، وليس المقصود من ذلك أن الإنسان يعمل في حال الصحة والسعة من أجل أن يكون ذلك سبباً لرجاء الله وحسن الظن به.
نعم هو مطلوب من الإنسان أن يكون دائماً وأبداً عاملاً للأعمال الصالحة، لكن الحديث جاء في أن الإنسان يُحسن الظن بالله عز وجل.
فالحاصل: أن النووي قال عن هذا القول: إنه شذوذ، أو إن الخطابي شذ فقال هذه المقالة، مع أن هذا الذي قاله مطلوب، لكن ليس هو المقصود من الحديث.
عيسى بن يونس بن أبي إسحاق ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا الأعمش ].
هو سليمان بن مهران الكاهلي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي سفيان ].
هو طلحة بن نافع صدوق أخرج له أصحاب الكتب الستة.
جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما، صحابي ابن صحابي، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
حدثنا الحسن بن علي حدثنا ابن أبي مريم أخبرنا يحيى بن أيوب عن ابن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أنه لما حضره الموت دعا بثياب جُدُد فلبسها، ثم قال: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: إن الميت يبعث في ثيابه التي يموت فيها) ].
ثم أورد أبو داود باب ما يستحب من تطهير ثياب الميت عند الموت، يعني: أن ثيابه تكون طاهرة، فمن أهل العلم من قال: إن هذا الذي أخذ به أبو سعيد على ظاهره، وأن المقصود من ذلك الثياب الحقيقية.
ومنهم من قال: إن المقصود بطهارة الثياب هنا: أن تكون أعمال الإنسان طيبة، كما قال الله عز وجل: وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ [المدثر:4]، فقد فسرها كثير من المفسرين بتطهير الأعمال، أي: وأعمالك فطهر، فإن العمل الطاهر هو الذي يقربك من الله عز وجل، وهو الذي يرفع من شأنك.
وقالوا: إن هذا لا يراد به حُسن الكفن؛ لأن هذه الثياب التي يلبسها في مرض موته ستخلع منه إذا مات ولا يكفن فيها، وإنما يكفن في ثياب بيض ونظيفة.
ثم إن الناس يحشرون حفاةً عراة غرلاً، فهذه الثياب لا يبقى لها وجود.
ومن أهل العلم من قال: يمكن أن يبعثوا وعليهم الثياب، ثم يحصل العري بعد ذلك عند الحشر.
وكون الإنسان يكون في ثياب نظيفة وطاهرة ليس فيها قذر ويموت وهو على حالة طيبة فهذا أمر طيب.
وقوله: (يبعث في ثيابه التي مات فيها) لا ينافي أنهم يحشرون حفاةً عراة غرلاً، فهو يبعث بالشيء الذي مات فيه، ويحصل العُري بعد ذلك، كما جاء في حديث عائشة : (يحشر الناس حفاةً عراة غرلا).
الحسن بن علي الحلواني ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي .
[ حدثنا ابن أبي مريم ].
هو سعيد بن أبي مريم ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا يحيى بن أيوب ].
يحيى بن أيوب صدوق ربما أخطأ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن الهاد ].
هو: يزيد بن عبد الله بن الهاد ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن محمد بن إبراهيم ].
محمد بن إبراهيم التيمي ثقة أخرج أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي سلمة ].
أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي سعيد الخدري ].
هو سعد بن مالك بن سنان الخدري رضي الله عنه صحابي، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
[ حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن الأعمش عن أبي وائل عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا حضرتم الميّت فقولوا خيراً؛ فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون)، فلما مات أبو سلمة رضي الله عنه قلت: يا رسول الله! ما أقول؟ قال: (قولي: اللهم! اغفر له، وأعقبنا عقبى صالحة)، قالت: فأعقبني تعالى به محمداً صلى الله عليه وآله وسلم ].
ثم أورد أبو داود باب: ما يستحب من الكلام عند الميت، أي: أن يتكلم بخير ولا يتكلم بشر، فلا يدعى بالويل والثبور مثلاً؛ لأن الملائكة يؤمنون على ما يقولون، فإن قالوا خيراً أمنوا عليه، وإن قالوا شراً أمنوا عليه، فلا يقال عند الميت إلا ما فيه خير، لأن ذلك يعود بالمضرة على صاحبه، فالملائكة تؤمن على ما يقول الإنسان من خير أو شر.
وأورد أبو داود حديث أم سلمة رضي الله عنها، قالت: قال رسول صلى الله عليه وسلم: (إذا حضرتم الميت فقولوا خيراً؛ فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون) يعني: ولا تقولوا شراً؛ لأنهم أيضاً يؤمنون على ما تقولون.
قوله: (فلما مات
قولها: (فأعقبني الله تعالى به محمداً صلى الله عليه وسلم) أي: أعقبها عقبى صالحة، وهذه هي الفائدة التي حصلت للحي بهذا الدعاء الذي أرشدها إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
محمد بن كثير ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا سفيان ].
هو الثوري ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الأعمش ].
الأعمش مر ذكره.
[ عن أبي وائل ].
هو شقيق بن سلمة وهو ثقة مخضرم، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أم سلمة ].
وهي هند بنت أبي أمية رضي الله عنها أم المؤمنين، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.
والله أعلم.
الجواب: هو الاختلاف في الفروع، وهي المسائل التي فيها مجال للاجتهاد، فهذا هو المجال الذي يكون الاختلاف فيه سائغاً، ومع اختلاف أهل السنة والجماعة فيما بينهم، فإنه لا تنافر بينهم، وإنما يكون بينهم التواد والتراحم، كما كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يختلفون في بعض مسائل ومع ذلك لم يكن فيما بينهم شيء من التنافر بسبب هذا الاختلاف، فكلٌ انتهى إلى ما وصل إليه اجتهاده، وهم يعلمون أن المصيب فيهم له أجران، وأن المخطئ له أجرٌ واحد كما قال عليه الصلاة والسلام: (إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجرٌ واحد).
الجواب: دبر الصلوات المكتوبة يحتمل معنيين: الأول أن يكون قبل السلام؛ لأن ذلك يقال له: دُبر، والثاني: أن يكون بعد الصلاة، فإن ذلك يقال له: دُبر، وقد جاء ذكر الدُبر مراداً به هذا وهذا، فالدبر آخر الشيء، أو ما يلي آخر الشيء، فما قبل الصلاة يقال له: في دبرها؛ لأنه في آخرها، وما بعدها يقال له: دبرها، لأنه يلي آخرها، فالإنسان له أن يدعو قبل السلام، وله أن يدعو بعد صلاته.
الجواب: إذا كان المقصود بذلك التوسل بالقرآن فالقرآن من كلام الله عز وجل، والتوسل إلى الله عز وجل بكلامه سائغ؛ لأن التوسل بصفة الله سائغ.
الجواب: على الإنسان أن يسأل الله عز وجل اللطف ولا يسأله رد القضاء، فيسأل الله عز وجل ما يريد دون أن يذكر شيئاً قبل ذلك كقوله هنا: لا أسالك كذا وإنما أسألك كذا، فيسأل حاجته وما يريده دون هذا التقديم والتمهيد.
الجواب: لا بأس بذلك، فالرسول صلى الله عليه وسلم زار جابر بن عبد الله وهو مغمى عليه، فكونه يزوره ويدعو له فهذه فائدة تحصل له ولو ما يحصل مخاطبته وإيناسه، لأنه لا يعقل ولا يدرك، فإذا حصل من الزائر الدعاء ففيه مصلحة للمزور، ويحصل للزائر أجر الزيارة والعيادة، فالزائر يستفيد، والمزور يستفيد.
الجواب: عليكم أن تستأذنوا من صاحبها، فما دامت في أرضه فهو صاحبها وهي ملكة.
الجواب: تقال في نوم الليل فقط.
حدثنا مالك بن عبد الواحد المسمعي حدثنا الضحاك بن مخلد حدثنا عبد الحميد بن جعفر حدثني صالح بن أبي عريب عن كثير بن مرة عن معاذ بن جبل رضي الله عنها أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة).
قال الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: باب: في التلقين، أي تلقين المحتضر الذي حضره الموت، فإنه يلقن الشهادة، وليس المقصود التلقين بعد الموت، فإن ذلك لم يصح فيه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا التلقين في القبر، وإنما هو التلقين عند الموت، فما دام أن الإنسان في نهاية الحياة الدنيا فإنه يلقَّن الشهادة، ليكون آخر كلامه من الدنيا النطق بالشهادة.
ثم أورد أبو داود حديث معاذ رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة)، وهذا يدلنا على فضل ختام هذه الحياة الدنيا بكلمة الشهادة، وذلك بأن يشهد: أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم، والشهادة كما أنها هي الختام فهي المبتدأ، ولهذا فقد كان النبي عليه الصلاة والسلام أول ما بعثه الله يطوف في القبائل ويقول: (يا أيها الناس! قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا)، والدخول في الإسلام لا يكون إلا بالشهادتين، فهي إذن المبتدأ والمنتهى، وهذا يدلنا على أن الشهادة تكون آخر شيءٍ يتكلم به الإنسان، وإذا حصل كلامٌ آخر بعد الشهادة فإنه يذكر ويلقن مرة أخرى؛ حتى تكون الشهادة هي آخر ما يتكلم به.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لقنوا موتاكم لا إله إلا الله)، والتلقين يكون بذكر الشهادة عنده فيتشهد الملقن عنده، فإن تشهد وإلا قال له: قل: لا إله إلا الله، فالمقصود من التلقين هو أنه يقول: لا إله إلا الله، فإذا حصل ذلك بذكر الله عنده فهو المطلوب، وإلا فإنه يقال له: قل: لا إله إلا الله، حتى يكون آخر كلامه من الدنيا: لا إله إلا الله، فإن تكلم بعد ذلك أُعيد عليه التلقين.
وقوله: (لقنوا موتاكم) يدلنا على أن الاسم يعطى لما يقاربه، فالإنسان الملقن لم يمت بعد ولكنه على وشك الموت ومع ذلك قيل له: ميت؛ لأنه قارب الموت، فيعطى الشيء اسم ما يقاربه، ومثل هذا الحديث الذي فيه: (أن صلاة المغرب وتر النهار)، مع أنها ليست في النهار، وإنما هي في أول الليل، ولكونها قريبة من النهار أضيفت إلى النهار، وكذلك الحديث الذي فيه: (شهرا عيد لا ينقصان: عيد الفطر وعيد الأضحى)، ومعلوم أن عيد الفطر ليس في رمضان، وإنما هو في أول يوم من شوال، فأُضيف العيد إلى رمضان لاتصاله به، ولأنه إنما شُرع من أجله، وكذلك هنا، فالموتى هم الذين قاربوا الموت، وليس معنى ذلك أنهم يلقنون بعد الموت، فإنه لم يثبت في التلقين بعد الموت شيء.
مالك بن عبد الواحد المسمعي ثقة أخرج له مسلم وأبو داود .
[ حدثنا الضحاك بن مخلد ].
هو أبو عاصم النبيل ، فيذكر أحياناً بكنيته فيقال: أبو عاصم ، ويذكر أحياناً باسمه فيقال: الضحاك بن مخلد ، وهذا من أنواع علوم الحديث، وهو أن تعرف كنى أصحاب الأسناد، وفائدة معرفتها ألا يظن الشخص الواحد شخصين؛ فإذا ذُكر أبو عاصم في موضع، وذُكر الضحاك بن مخلد في موضع آخر فالذي لا يعرف أن أبا عاصم كنية للضحاك بن مخلد يظن أن أبا عاصم شخص، وأن الضحاك بن مخلد شخص آخر، فهذا من أنواع علوم الحديث التي يُحتاج إلى معرفتها.
[ حدثنا عبد الحميد بن جعفر ].
عبد الحميد بن جعفر صدوق ربما وهم، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن صالح بن أبي عريب ].
وهو مقبول أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ عن كثير بن مرة ].
كثير بن مرة ثقة أخرج له البخاري في (جزء القراءة) وأصحاب السنن.
[ عن معاذ بن جبل ].
معاذ بن جبل رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
قوله: (لقنوا موتاكم قول لا إله إلا الله) أي: أنه يذكر عنده الشهادة فإذا تشهد فقد حصل المقصود، وإن لم يتشهد، فإنه يقال له: قل: لا إله إلا الله، قل: لا إله إلا الله.
مسدد ثقة أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ حدثنا بشر ].
بشر بن المفضل ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا عمارة بن غزية ].
عمارة بن غزية لا بأس به، وهي بمعنى: صدوق، أخرج له البخاري في التعليق ومسلم وأصحاب السنن.
[ حدثنا يحيى بن عمارة ].
يحيى بن عمارة ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي سعيد الخدري ].
أبو سعيد الخدري هو: سعد بن مالك بن سنان الخدري رضي الله عنه، صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو مشهور بكنيته ونسبته، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما ما ورد في السيرة من أن آخر ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم: (الرفيق الأعلى)، فليس فيه تعارض مع الحديث، فالرسول قال هكذا، وجاء عنه أنه قال: (اللهم! الرفيق الأعلى)، فقد خُيّر، فما من نبي إلا ويخير قبل موته بين الدنيا وبين ما عند الله، فـعائشة رضي الله عنها فهمت أنه لما قال ذلك أنه لا يختارنا، وإنما يختار أن يكون في الرفيق الأعلى.
وبعضهم يقول: ورد عن الإمام أحمد ، وعن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله عليهما أنه يستحب تلقين الميت وهو في قبره، وذلك بأن يقال له: يا فلان! قل: لا إله إلا الله.
فأقول: لا أعلم صحة هذا عنهما، وقد وردت في ذلك أحاديث غير صحيحة وغير ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو من الأمور المحدثة.
وهنا تنبيه، وهو: أن بعض العلماء يقول لا يقال للمحتضر: قل: لا إله إلا الله، فربما يرد ذلك إذا جاء بصيغة الأمر؟
فأقول: قد ذكرت سابقاً أنه إذا أمكن ذلك بدون أن يؤمر فإنه يكفي، وإن لم يحصل منه ذلك طلب منه أن يقول: لا إله إلا الله؛ ليحصل هذا الأجر والثواب.
حدثنا عبد الملك بن حبيب أبو مروان حدثنا أبو إسحاق يعني الفزاري عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن قبيص بن ذؤيب عن أم سلمة رضي الله عنهما أنها قالت: دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على أبي سلمة رضي الله عنه وقد شق بصره فأغمضه، فصيّح ناس من أهله، فقال: (لا تدعو على أنفسكم إلا بخير؛ فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون، ثم قال: اللهم! اغفر لـ
ثم أورد أبو داود هذه الترجمة: باب تغميض الميت، أي: تغميض عينيه، فإذا خرجت الروح تبعها البصر، فتنفتح العينان؛ لأنها تتبع الروح، فشُرع تغميض العينين؛ لأن ذلك أجمل، وأما بقاؤه مفتوح العينين فإن ذلك منظر يُستقبح.
وهذه الترجمة أول التراجم المتعلقة بالموت وما يحصل بعد الموت، وأما التراجم التي مضت -ومقدارها عشرون ترجمة- فكلها أمور تقع قبل الموت من عيادة، ومرض، وصبر، وتلقين، وغيرها من الأحكام التي تجري قبل الموت، وهذه أول ترجمةٍ تتعلق بما يكون بعد الموت.
ثم أورد أبو داود حديث أم سلمة رضي الله تعالى عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء إلى
قوله: (فصيّح ناس من أهله).
أي: ارتفعت أصوات بعض أهله، فقال: (لا تدعو إلا بخير؛ فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون) أي: أنه ينبغي لهم أن يدعو بكلام حسن جميل، وأن يدعو للميت ولأنفسهم، وألا يدعو على أنفسهم بالويل والثبور والتحسر على موت الميت.
قوله: (فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون) أي: إن قالوا خيراً أمنت الملائكة على ذلك، وإن قالوا شراً أمنت الملائكة على ذلك، إذاً: فلا ينبغي أن يقولوا إلا خيراً؛ حتى تؤمن الملائكة على ذلك الدعاء بالخير.
ثم دعا النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الدعاء العظيم لـ أبي سلمة : (اللهم! اغفر لـ
قوله: (في الغابرين) أي: في الباقين، والمقصود بالغابر هنا الباقي، وقد يأتي بمعنى الماضي، وبمعنى الهالك، فهي من الأضداد، وهي هنا بمعنى الباقين، أي: الذين بقوا بعده، ومن إتيانها بمعنى الهالك: ما جاء في امرأة لوط: إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ [الشعراء:171] أي: الهالكين؛ إذ إنها ليست من الناجين، ولا من الباقين، وإنما هي من الهالكين.
وللإمام الذهبي رحمه الله كتاب اسمه (العبر في خبر من غبر)، أي: من مضى.
قوله: (واخلفه في عَقِبه في الغابرين، واغفر لنا وله رب العالمين!) وهذا دعاءٌ للحي والميت، فبعد أن دعا له في الأول بالمغفرة، وأن ترفع درجته، وأن يُخلف في عَقِبه؛ أتى بدعاءٍ بالمغفرة يشمل الحي والميت، فقال: (واغفر لنا وله رب العالمين!) أي: يا رب العالمين! ثم دعا له بدعاءٍ يخصه، فقال: (اللهم! افسح له في قبره) أي: وسع له في قبره، (ونور له فيه) أي: فيكون فسيحاً ومضيئاً.
عبد الملك بن حبيب أبو مروان مقبول، أخرج له أبو داود .
[ حدثنا أبو إسحاق ، يعني: الفزاري ].
أبو إسحاق الفزاري هو إبراهيم بن محمد بن خالد ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن خالد الحذاء ].
خالد بن مهران الحذاء ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، والحذاء لقب، ومعرفة ألقاب المحدثين من الأمور المهمة في معرفة علوم الحديث؛ وفائدتها ألّا يُظَن الشخص الواحد شخصين، فإذا ذكر بلقبه في موضع وذكر باسمه في موضع آخر فقد يظن أنهما اثنان، وكذلك الأسماء والألقاب.
و الحذاء قيل: إنه لم يكن منسوباً إلى بيع الأحذية ولا إلى صناعتها كما قد يتبادر إلى الذهن، وإنما لقب بذلك لأنه كان يجالس الحذاءين، فقيل له: الحذاء، فهي نسبة لأدنى مناسبة، وليس لكونه بائعاً ولا صانعاً للأحذية.
وقيل: إنه كان يأمر الحذاء أن يرسم له شيئاً ثم يقول له: احذوا على كذا، أي: قص على هذا الرسم وهذا المقدار، فقيل له: الحذاء لذلك، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي قلابة ].
هو: عبد الله بن زيد الجرمي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن قبيصة بن ذؤيب [.
قبيصة بن ذؤيب له رؤية، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن أم سلمة ].
أم سلمة هند بنت أمية رضي الله عنها أم المؤمنين، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ قال أبو داود : وتغميض الميت بعد خروج الروح سمعت محمد بن محمد بن النعمان المقري سمعت أبا ميسرة -رجلاً عابداً- يقول: غمضت جعفراً المعلم -وكان رجلاً عابداً- في حالة الموت فرأيته في منامي ليلة مات يقول: أعظم ما كان عليّ تغميضك لي قبل أن أموت ].
ثم ذكر أبو داود أن التغميض يكون بعد الموت؛ لأن الحديث فيه: (وقد شق بصره)، وفي الحديث: (أن الروح إذا قُبِضَ تبعه البصر) فيغمض البصر. وقال أبو داود مفسراً: إن التغميض إنما يكون بعد الموت، أي: أنه لا يكون قبله، وإنما يكون بعد خروج الروح، ثم ذكر هذا الأثر وهو: أن رجلاً غمض صاحبه قبل الموت فرآه في المنام، وقال: إن أشد شيئاً عليّ هو تغميضك لي، وهذا الأثر لا يصح؛ لأن في إسناده مقبولاً ومجهولاً.
قوله: [ سمعت محمد بن محمد بن النعمان المقري ].
وهو مقبول، أخرج له أبو داود وحده.
[ عن أبي ميسرة ].
أبو ميسرة مجهول الحال، أخرج له أبو داود وحده.
[ جعفر المعلم ].
جعفر المعلم لم أقف على ترجمته.
حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد أخبرنا ثابت عن ابن عمر بن أبي سلمة عن أبيه عن أم سلمة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا أصابت أحدكم مصيبة فليقل: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم! عندك أحتسب مصيبتي فآجرني فيها، وأبدل لي بها خيراً منها) ].
ثم أورد أبو داود بابٌ: في الاسترجاع، والاسترجاع هو قول: إنا لله وإنا إليه راجعون، واسترجع الإنسان أي: أنه يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، فالاسترجاع من الألفاظ التي تدل على جملة، أي: أنه لفظ واحد يدل على جملة، واللفظ يشعر بها، وهو من جنس الحوقلة والحيعله، فالحيعلة هي قول: حي على الصلاة، والحوقلة هي قول: لا حول ولا قوة إلا بالله.
وقد جاء الاسترجاع في القرآن والسنة، فأما في القرآن فقوله تعالى: الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ [البقرة:156]، وفي هذا الحديث: (إذا أصابت أحدكم مصيبة فليقل: إنا لله وإنا إليه راجعون) أي: أننا مِلْكٌ لله، والله تعالى هو الذي يتصرف فينا، فهو الذي أوجدنا، وهو الذي يميتنا وإليه نرجع، ففيه تعظيم لله عز وجل بأن كل شيء ملكه، وأن كل شيءٍ له، وأن كل شيء منه، وأن كل شيءٍ إليه راجع، إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ [الغاشية:25-26].
قوله: (اللهم! عندك أحتسب مصيبتي) أي: أرجو الثواب منك، فالاحتساب هو أن الإنسان يصبر فلا يتسخط ولا يتضجر، بل يرضى ويسلم ويقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، ويحتسب ذلك عند الله تعالى.
قوله: (فأجرني فيها) أي: أعطني الأجر على هذه المصيبة التي حلت بي، وعلى صبري على هذه المصيبة التي احتسبتها عندك.
قوله: (وأبدلني بها خيراً منها) أي: وأبدلني بهذه المصيبة خيراً منها، أي: أن الله يعوضه خيراً مما فقد، وخيراً مما ذهب، ولهذا لما دعت أم سلمة رضي الله عنها بهذا الدعاء الذي أرشدها إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم عوضها الله تعالى من هو خير، وهو: رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد مر في الحديث أن قالت: (فأعقبني الله محمداً صلى الله عليه وسلم) أي: وهو خير البشر، وقد كان أبو سلمة عزيزاً عندها، فقالت: (من مثل أبي سلمة ) أي: أنها ما تعرف أحداً مثل أبي سلمة ، ولم يكن في بالها أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي سيكون بعد أبي سلمة ، وهو خير البشر صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
موسى بن إسماعيل التبوذكي البصري ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا حماد ].
هو ابن سلمة ، وقد ذكرنا مراراً وتكراراً أنه إذا جاء حماد غير منسوب والراوي عنه موسى بن إسماعيل فالمراد به: حماد بن سلمة بن درهم ، وهو ثقة أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ أخبرنا ثابت ].
ثابت بن أسلم البناني البصري ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عمر بن أبي سلمة ].
ابن عمر بن أبي سلمة قيل: اسمه محمد، وهو مقبول أخرج له أبو داود والنسائي .
[ عن أبيه ].
أبوه هو عمر بن أبي سلمة ، وهو ربيب النبي صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن أم سلمة ].
أمه هي أم سلمة رضي الله تعالى عنها، وقد مر ذكرها.
وبعض الناس يلتزم قول: إنا لله وإنا إليه راجعون كلما سمع المؤذن ينادي لصلاة الجنازة، كما هو حاصل في المسجد النبوي والمسجد الحرام، ولا نعلم شيئاً يدل على هذا.
حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن عائشة رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سُجِّي في ثوب حِبَرة) ].
ثم أورد أبو داود باب: في الميت يُسَجى، أي: يغطى، فيوضع عليه شيء يغطيه؛ وذلك لستره حتى لا يبقى مكشوفاً.
وقد أورد أبو داود حديث عائشة : (أن النبي صلى الله عليه وسلم سُجّي بثوب حبرة)، وهو نوع من الثياب، وحبرة على وزن عِنَبة، وهذا الحديث يدل على تغطية الميت بعد موته وقبل أن يُشتغل بتجهيزه.
وقد اشتُهر وضع قطعة خضراء على الميت مكتوب فيها آية الكرسي أو نحو ذلك، وهذا لا ينبغي وليس له أساس، فالمهم أنه يغطى، وأما أن يكون بشيءٍ مخصوص، أو بشيء مكتوب عليه بعض الآيات فهذا لا نعلم له أساساً.
أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الإمام الفقيه المحدث، أحد أصحاب المذاهب الأربعة من مذهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا عبد الرزاق ].
عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا معمر ].
معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الزهري ].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي سلمة ].
أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عائشة ].
عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى وأرضاها، الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ورواة هذا الحديث كلهم من رجال الكتب الستة.
حدثنا محمد بن العلاء ومحمد بن مكي المروزي المعنى، قالا: حدثنا ابن المبارك عن سليمان التيمي عن أبي عثمان وليس بـالنهدي عن أبيه عن معقل بن يسار رضي الله عنه أنه قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (اقرءوا (يس) على موتاكم)، وهذا لفظ ابن العلاء ].
أورد أبو داود باب: القراءة عند الميت، يعني: إذا كان محتضراً، وأما القراءة على الأموات في المقابر فلم يأت شيء يدل عليها، وهذا الحديث غير صحيح، ولهذا فلا يقرأ عند الميت شيء، والذي جاءت به السنة هو تلقين المحتضر الشهادتين كما سبق في الحديث الصحيح الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما القراءة عند الأموات فلا تفعل لا بـ (يس) ولا غيرها؛ لأنه لم يثبت في ذلك شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم، والحديث الذي ورد هنا لم يصح؛ لأن فيه من هو متكلمٌ فيه، وفيه أيضاً اضطراب، فمرة يروى عن أبي عثمان عن معقل بن يسار ، وتارة عن أبيه كما في هذه الطريق، فالحديث غير صحيح.
وعلى فرض صحته: فإنه يكون عند الاحتضار، وليس بعد الموت، فقوله: (موتاكم) أي: الذين قاربوا الموت، وهذا مثل قوله في الحديث السابق: (لقنوا موتاكم: لا إله إلا الله).
محمد بن العلاء بن كريب أبو كريب الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ ومحمد بن مكي المروزي ].
محمد بن مكي المروزي مقبول، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ حدثنا ابن المبارك ].
هو عبد الله بن المبارك المروزي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سليمان التيمي ].
سليمان بن طرخان التيمي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي عثمان وليس بـالنهدي ].
قوله: وليس بـالنهدي بيان أنه غير أبي عثمان النهدي المشهور، فهو مشهور بكنية أبي عثمان ، وكثيراً ما يأتي أبو عثمان هكذا غير منسوب ويكون المقصود به النهدي ، فأراد هنا أن يبين أنه شخص آخر غير أبي عثمان النهدي الثقة المشهور، قيل: اسمه سعد ، وهو مقبول، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ عن أبيه ].
وهو مجهول كابنه، وقال المنذري : وفيه أبو عثمان وأبوه، غير مشهورين.
[ عن معقل بن يسار ].
معقل بن يسار رضي الله تعالى عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
ولم يثبت شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل (يس)، ومن ذلك حديث: (يس قلب القرآن)، فإنه غير صحيح.
فائدة: وهنا يذكر بعض الإخوان أن الشيخ الألباني رحمه الله تعالى ذكر في الإرواء : أنه ثبت عن أحد الصحابة أنه لما احتضر طلب من أحد الجالسين أن يقرأ عليه (يس)، فأقول: إذا كان الميت هو الذي طلب أن يقرأ عليه شيء من القرآن فإن رغبته تحقق، سواءً طلب قراءة (يس) أو غيرها.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر