إسلام ويب

تفسير سورة غافر (17)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن السير في الأرض والنظر فيما حل بالأمم السابقة من العقوبات الإلهية، يحمل الإنسان العاقل على الاتعاظ والاعتبار، فإنه ما من أمة كذبت رسلها وكفرت برسالات ربها إلا استحقت العذاب الأليم، والأخذ الشديد من الله القوي العزيز، مهما بلغت في القوة والمنعة، ولا ينفعها ندم ساعتئذ ولا إيمان، وإنما هو الخسران وأي خسران.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم ...)

    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون * فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ * فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ [غافر:82-85].

    معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! قول ربنا جل ذكره: أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا [غافر:82]؟ أي: أعجز هؤلاء المشركون الملاحدة الكافرون الفاسقون الفاجرون عن أن يمشوا في العالم، ويشاهدوا البشرية وما أصابها وما ينزل بها؟ هكذا يقول تعالى لمشركي العرب وبخاصة مشركي مكة. فهو يقول لهم: أعجزوا فلم يسيروا في الأرض شمالاً حيث ديار ثمود، وجنوباً حيث ديار عاد، وغرباً حيث ديار لوط والمؤتفكات، وينظروا بأعينهم كيف كان عاقبة الذين من قبلهم، فقد كانت دماراً وخراباً، وإبادة واستئصالاً؟ فلينظروا أين قبيلة عاد وثمود، وقوم شعيب والمؤتفكات، ليعتبروا ويرجعوا إلى الحق، ويؤمنوا بالله ويعبدوه؛ ليكملوا ويسعدوا في دنياهم وآخرتهم.

    وهذا يصلح لنا نحن، فلننظر إلى أهل الفسق والفجور، والعبث والخبث، والكفر والعناد، فحالهم دمار وخراب، وفساد وشر، فنقبل على ربنا صادقين، فنطيعه فيما يأمرنا به فنفعله، وفيما ينهانا عنه فنتركه، ونسارع إلى الخيرات، ونتسابق في الصالحات، وما هي إلا أيام ونرحل من هذه الدار. فلنسر وننظر؟

    والله تعالى هنا يقول للكافرين أن يسيروا في الأرض وينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم، فقد كانوا أكثر منهم عدداً، وليس لقريش قيمة بالنسبة إلى عاد أو إلى ثمود أو إلى مدين، فهم كانوا كما قال تعالى: كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ [غافر:82]، أي: عدداً. وَأَشَدَّ قُوَّةً [غافر:82]، أي: وكانوا أشد منهم قوة وسلاحاً ورجالاً. فقريش ليسوا شيئاً من هؤلاء الأمم الذين سقطوا وهلكوا كعاد وثمود وما إلى ذلك، بل هؤلاء الأمم كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ [غافر:82] عدداً، وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الأَرْضِ [غافر:82] أيضاً بالبناء والصناعة والزراعة، وما إلى ذلك. ومع ذلك ما أغنى عنهم ذلك شيئاَ، كما قال تعالى: فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ [غافر:82] والله. وقد أبادهم الله وأهلكهم عن آخرهم، وما نجا إلا المؤمنون مع رسل الله. وقطعاً ليس هناك قيمة لقريش مثلاً أو العرب في مكة بالنسبة إلى عاد وإلى ثمود، وإلى المؤتفكات وإلى مدين؛ لأن أولئك كانوا أكثر منهم عدداً، وأشد قوة، وأكثر آثاراً في الأرض بالزراعة والصناعة، والبناء والتعمير، ومع ذلك ما أغنى ذلك عنهم شيئاً، كما قال تعالى: فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ [غافر:82]، لا من مال ولا رجال ولا سلاح، ولا غير ذلك، ووالله ما أغنى عنهم شيئاً، وأهلكهم الله عز وجل.

    هكذا يعظ الله عز وجل عباده؛ ليفيقوا وينتبهوا، ويعودوا إلى الحق، ويتخلوا عن الباطل والشرك والكفر.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم ...)

    يقول تعالى: فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ [غافر:83]، أي: جاء هود لعاد، وصالح لثمود، وشعيب لمدين فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ [غافر:83]. وقالوا: لسنا في حاجة إلى ما جئتم به من علم، فنحن أعلم، ونحن أعرف بمصالحنا وحياتنا وما تطلب حياتنا. وهذا هو لسان الحال اليوم، فليس هناك من يرجع إلى الكتاب والسنة، ويقول: أعرف الطريق على ضوئهما أبداً، بل يدعون أن العلم هو علمهم. وكان هذا أيضاً في الأمم السابقة، أنه لما يبعث الله الرسول ويدعوهم إلى العلم يقولون: نحن في غنى عن علمك، ولسنا في حاجة إلى ما تقول، فنحن أعلم منك، وأعرف بحياتنا ومصالحنا وبلادنا. وهذا الذي يقال اليوم وبعد اليوم. فهم كما قال تعالى: فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ [غافر:83] والحجج القاطعة الظاهرة فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون [غافر:83]، أي: أحاط بهم العذاب الذي استهزأوا به وسخروا منه، والذي كانوا يقولون عنه: هاتوا العذاب. فقد أحاط بهم، وأهلكهم الله، كما قال تعالى: وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون [غافر:83].

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين)

    قال تعالى: فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ [غافر:84]. فلما لاحت علامات العذاب آمنوا، ولم ينفعهم إيمانهم في ذلك الوقت. فالإيمان لا ينفع عند الموت، ولا إذا ظهرت علامات الهلاك، فهنا لا تنفع التوبة، ولا تنفع التوبة إلا عندما تتوب وأنت قادر على المعصية، وأما لما تعجز فلا يبقى توبة.

    وهم لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا [غافر:84] وعذابنا الشديد القوي قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ [غافر:84]. لذلك لم يجزهم ولم ينفعهم هذا الإيمان والله. فلهذا هيا نعجل بالتوبة إلى الله قبل أن ينزل بنا ما نزل بغيرنا، وقبل أن يدق ملك الموت الأبواب علينا، ويقول: لقد جئتكم، فعند ذلك لا ينفعنا أن نقول: تبنا؛ لأن التوبة تكون قبل ذلك.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا ...)

    قال تعالى: فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا [غافر:85]. فهو ما ينفع.

    وهنا لطيفة، وهي: أننا نحن المسلمين بالذات إذا فسقنا وفجرنا وتاب الله علينا وعاينا الموت من شدة المرض وتبنا تقبل توبتنا، ما لم نر ملك الموت، وما لم تحشرج الروح في الحلقوم، فحينئذ ما تنفع التوبة. ولا تنفع التوبة إلا إذا كنت في حال ترجو وتأمل أن تعيش، وأن تمتد بك الحياة، وأما إذا حشرجت في الصدر وشاهد أحدنا ملك الموت وأعوانه فلا تقبل له توبة، وقد قال تعالى: إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ [النساء:17-18]. فهنا لا توبة.

    فمن فضل الله علينا نحن المسلمين أننا متى تبنا قبلت توبتنا في أي وقت، اللهم إلا عند الغرغرة والحشرجة ومشاهدة ملك الموت. والمريض يشاهد ملك الموت، ولكنه ما يقوى أن يقول: ها هو ملك الموت أمامي؛ لأنه قد انتهى كلامه في تلك اللحظة، فلا تقبل له توبة. وقد قال تعالى عن الكافرين: فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا [غافر:85]، أي: لما رأوا وشاهدوا بأعينهم بأس الله وعذابه.

    ثم قال تعالى: سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ [غافر:85] من عهد آدم. فأي أمة يبعث الله فيها رسوله يدعوها إلى الله .. إلى عبادته .. إلى طاعته .. إلى الاستقامة على شرعه وهي تكفر وتعرض وتجادل وتخاصم وتدعي العلم وأتاها العذاب لا ينفعها التوبة أبداً. فهذه سنة الله لا تتخلف. فلا تكون التوبة إلا وهم قادرون على الطاعة، ولما تظهر علامات الهلاك أو الدمار لا تقبل لهم توبة. فهذه سنة الله، وهي لا تتبدل ولا تتخلف أبداً، كما قال تعالى: سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ [غافر:85].

    ثم قال تعالى: وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ [غافر:85]. فخسروا حياتهم في الدنيا، وخسروا حياتهم في الآخرة، فنعوذ بالله من الكفر وأهله.

    والكافرون -يرحمكم الله- هم الذين يكذبون الله تعالى، أو يكذبون رسوله صلى الله عليه وسلم، أو يرفضون طاعة الله، أو طاعة رسوله في كبرياء وعناد. أولئك هم الكافرون الجاحدون، وأبشع جحود هو جحود الله عز وجل، كما هي العلمانية المقيتة، والعياذ بالله. وكذلك إنكار البعث الآخر والدار الآخرة، والتكذيب بالبعث والحياة الثانية. فهذا من أبشع الكفر. وكذلك كل من كذّب الله أو كذّب رسوله فقد كفر، فلو أن شخصاً يقول: أنا لا أؤمن بهذا الصيام ولكني أصلي فقد كفر، وكذلك لو يكذب بآية واحدة يقول: لا أؤمن بأن هذا من كلام الله كفر؛ لأنه جحد وغطى ما هو حق وظاهر، فيصبح في عداد الكافرين، والعياذ بالله.

    هكذا يقول تعالى هنا: سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ [غافر:85] في ذلك اليوم الْكَافِرُونَ [غافر:85].

    الحث على التوبة

    ما علينا أبناء الإسلام! إلا أن نتوب إلى الله بالاستغفار والرجوع إليه، والإيمان به، وبما جاء به رسوله، ولنكثر من ذكر الله والدار الآخرة، ومن زلت قدمه وسقط فليقم تائباً مستغفراً بقوله: أستغفر الله. ولنعجل قبل أن يأتي الموت ونحن على سريره، وحينئذ إذا حشرجت الروح في الصدر ووصلت إلى الحلقوم فلا تقبل توبة والله، كما قال تعالى: إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ [النساء:17-18].

    1.   

    قراءة في كتاب أيسر التفاسير

    هداية الآيات

    قال: [ هداية الآيات ] الآن نسمع هداية الآيات.

    [ من هداية ] هذه [ الآيات:

    أولاً: مشروعية السير في البلاد ] والأراضي [ للعظة والاعتبار؛ تقوية للإيمان ] وذلك إذا كانت لأجل الاتعاظ ولأجل التذكر والمعرفة، لا للهو واللعب، ولا للشهوات والأطماع. وعندما تسير من بلد إلى بلد تشاهد آثار الإسلام والمسلمين، وتشاهد آثار الكفر والكافرين، فتحصل على عظة وعبرة تنتفع بها.

    وهذه ديار ثمود، والغافلون يدخلونها للزيارة، ويضحكون فيها، ويعبثون ويلعبون الورق، والأصل أنه يجب أن يكونوا باكين خاشعين. وهكذا نحن نمر بالبقيع يومياً، ولا نفكر فيمن سكن البقيع، ولا من أسكنهم فيه، ولا من هم هؤلاء الذين فيه، وننزل به وما نتعظ بهذا ولا نعتبر، والله يقول: أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ [غافر:82]؟ فقد كانت دماراً وهلاكاً. إذاً: فهيا نتب إلى ربنا، ونرجع إليه، وننهض بما أوجب علينا، ونتخلى عما حرم علينا، ولتكن قلوبنا متعلقة بربنا، وعيوننا تذرف الدموع ونحن خاشعون بين يدي الله قي صلاتنا وعبادتنا.

    [ ثانياً: القوى المادية لا تغني عن أصحابها شيئاً إذا أرادهم الله بسوء ] فالقوة المادية والله ما تغني عن أصحابها شيئاً إذا أرادهم الله بسوء، وإذا أراد أهلاكهم ودمارهم، وشاهدنا في الحروب الدولة العظيمة القوية كيف يأكلونها ويحطمونها، وما تستطيع أن تدفع شيئاً.

    وكذلك العلل والأسقام والأمراض إذا نزلت بديار ما ينفعهم شيء أبداً.

    [ ثالثاً ] وأخيراً: [ بيان سنة بشرية، وهي أن الماديين يغترون بمعارفهم المادية؛ ليستغنوا بها عن العلوم الروحية في نظرهم، إلا أنها لا تغني عنهم شيئاً عند حلول العذاب بهم في الدنيا وفي الآخرة ].

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    757370598