بسم الله الرحمن الرحيم.
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ[الفاتحة:2-4].
اللهم صلِ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم, وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم، في العالمين إنك حميد مجيد، أما بعد:
فمرحباً بكم في حلقة جديدة من هذا البرنامج والله الموفق والمستعان.
وبداية أقول: بأن من الأمور المزعجة التي ينبغي التنبيه عليها ولفت الأنظار إليها تهاون كثير من الناس في سفك الدم الحرام, والاعتداء على الأرواح والاجتراء على ارتكاب أبشع جريمة بعد الشرك بالله وهي جريمة قتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق, وهذه الجُرأة من الإنسان لا ينقضي منها العجب حين يقرأ قول الله عز وجل: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا [النساء:93], لا ينقضي منه العجب حين يقرأ قول الله عز وجل: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا[الفرقان:68-69], حين نقرأ في صحف اليوم وأمس بأن طالباً في جامعة الرباط في كلية الطب سددت له ثلاث عشرة طعنة في أنحاء متفرقة من جسده حتى أسلم الروح لباريها, وهذا الطالب لا يبلغ من العمر سوى تسع عشرة سنة, الإنسان يعجب من هؤلاء قساة القلوب، غلاظ الأكباد، الذين لا يتقون الله عز وجل, فيرتكبون جريمة القتل بهذه البشاعة والنكارة على نفس مؤمنة وروح مسلمة, أما قرءوا هذه الآيات؟! أما سمعوا هذا الوعيد؟! أسأل الله عز وجل أن يتغمد ذلك القتيل برحمته وأن يسكنه فسيح جنته, وأن يلهم والدته وإخوانه صبراً جميلاً وأن يعوضهم خيراً.
لكنني أقول إخوتي وأخواتي: بأن الله عز وجل خاطبنا بقوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ [النساء:29], قال أهل التفسير: المقصود: ولا تقتلوا إخوانكم, مثلما قال: وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ [الحجرات:11], ومثلما قال: فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ [النور:61], ينبغي للمسلم أن ينزل أخاه منزلة نفسه, فما يصنعه مع نفسه يصنعه مع أخيه المسلم.
الله جل جلاله حذرنا من قتل النفس؛ لأنه تعالى يعلم أن الناس إذا اجترءوا على إزهاق الأرواح وإتلاف الأنفس فإن هذا نذير شؤم؛ ولذلك أوجب ربنا جل جلاله القصاص فقال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى [البقرة:178], والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (من حرق حرقناه, ومن غرق غرقناه), يفعل بالجاني مثلما فعل؛ لأجل أن تسلم الأنفس؛ ولأجل أن يأمن الناس، وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة:179], وقال في آية أخرى: وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا [المائدة:45], أي: كتبنا على بني إسرائيل في التوراة: أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ [المائدة:45], فهذا كلام ربنا في كتابه الكريم, ولذلك مطلوب من الإنسان المسلم أن يتقي الله عز وجل, وأن يملك نفسه عند الغضب, وأن يعلم أنه: (لا يزال في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً), وأن: ( القتيل يأتي ملبباً قاتله يوم القيامة يقول: يا رب! سل هذا فيمَ قتلني؟), وأن التعاون على ارتكاب هذه الجريمة تحريضاً أو تيسيراً أو تشجيعاً إنما هو تعاون على الإثم والعدوان فـ: (من أعان على قتل امرئ مسلم ولو بشطر كلمة لقي الله يوم القيامة مكتوب على وجهه: آيس من رحمة الله ).
فيا معشر الشباب! ويا معشر الشيوخ! يا معشر الرجال! ويا معشر النساء! اتقوا الله في الدماء, واعلموا أن هذه الجرائم المروعة، وهذه الأساليب البشعة دخيلة على هذا المجتمع الذي عرف بأنه مجتمع مسالم متسامح تظللهم روح الإسلام مهما بلغ الخلاف بينهم, وأن المسلم لا يجرؤ على أن يسفك دم أخيه المسلم؛ لأنه يعلم أن ذلك ذنب عظيم وإثم كبير, وأن: (المفلس من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة, ويأتي وقد شتم هذا وضرب هذا، وأكل مال هذا وسفك دم هذا، فيأخذ هذا من حسناته وهذا من حسناته, فإذا فنيت حسناته طرح عليه من سيئاتهم ثم طرح في النار), عياذاً بالله!
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتسامح مع حبه وابن حبه أبي زيد أسامة بن زيد رضي الله عنهما, هذا الرجل المبارك في معركة من المعارك كان حماسه للإسلام شديداً, قاتل رجلاً من المشركين حتى استمكن منه, فلما رفع السيف ليقتله قال الرجل: أشهد أن لا إله إلا الله, فـ أسامة رضي الله عنه أجهز عليه, ثم جاء فأخبر النبي عليه الصلاة والسلام, فقال له صلوات ربي وسلامه عليه: ( أقتلته بعدما قالها؟!, قال: يا رسول الله! ما قالها إلا تعوذاً من القتل, قال له عليه الصلاة والسلام: أشققت عن صدره؟! قال: لا, قال: فلا أنت شققت عن صدره ولا أنت قبلت منه لا إله إلا الله, ماذا تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة؟! يقول أسامة: حتى تمنيت أني ما أسلمت إلا يومئذ ), أي: تمنيت أني لو دخلت في الإسلام دخولاً جديداً من أجل أن يغفر ذنبي وتبيض صحيفتي, هكذا بلغ الحال برسول الله صلى الله عليه وسلم في تشديد النكير على ارتكاب هذا الذنب، حتى في حق الإنسان الذي يشك في إسلامه, هل قال: لا إله إلا الله إيماناً أم قالها نفاقاً من أجل أن ينجو من القتل؟ ما كلفنا الله أن نبحث عن ذلك, ولا أن نفتش عن صدور الناس, إذا كان هذا في حق هذا الإنسان المشكوك فيه, فكيف بالمسلم الذي نشأ بين أبوين مسلمين في بيئة مسلمة، وشهد له جيرانه بأنه كان يتردد على المسجد في الصلوات الخمس؛ يركع لله ويسجد ويقوم ويقعد؟!
مهما كان الخلاف ومهما كان الذنب الذي يحصل بين الناس، خلاف على مال، خلاف في كلام على غير ذلك، ينبغي أن يعلم كل امرئ أنه ليس مخولاً في أن يباشر الأمر بنفسه، بل الواجب أن نتقي الله في إخواننا، وأن نتحرز من الدماء تماماً، حتى نلقى الله عز وجل وأيدينا طاهرة من هذه الدماء؛ لأن ذلك ذنب عظيم وإثم كبير.
أسأل الله أن يتوب علينا أجمعين, وأن يحفظ علينا أمننا.
المتصل: عندي ثلاثة أسئلة:
السؤال الأول: إذا كان الشخص مستيقظاً في صلاة الفجر، ولكنه يبقى منتظراً لإقامة الصلاة دون أن يصلي ركعتي الفجر على أساس أنه سيقضيها, فهل في ذلك إثم على هذا الإنسان، علماً بأن هذه قد أصبحت عادة له؟
السؤال الثاني: نحن في قناة طيبة وإذاعة طيبة، والحمد لله رب العالمين نشارك في كل البرامج, فهل هناك شيء إذا كان المتصل أو السائل يذكر اسمه على أساس أنه يعرف بنفسه؟
السؤال الثالث: أنا أحيي شخصاً, في مثل برنامجك أقول لك: حياك الله يا شيخ عبد الحي! فهل عليّ إثم في ذلك؟
الشيخ: تسمعين الإجابة إن شاء الله.
المتصل: كنت في سنة من السنين فرطت في قضاء رمضان, وأكرمني الله بالتوبة وقضيت, وبقيت علي الكفارة, فهل أعطي الكفارة لوقف إفطار التلاميذ, وهل تجزئ عن الكفارة إفطار الطالب لمدة شهر ثلاثين جنيهاً؟
الشيخ: طيب! طيب! يا حسام! أحسن الله إليك!
السؤال: توفيت امرأة وتركت أماً وبنتاً وزوجاً وأخاً شقيقاً وأختين شقيقتين، فما نصيب كل واحد منهم؟
الشيخ: طيب!
المتصل: عندي سؤالان:
السؤال الأول: هل يجوز الوضوء من فوق الكم؟
الشيخ: طيب.
المتصل: السؤال الثاني: من هو آصف بن برخيا .
الشيخ: شكراً!
المتصل: في بعض المرات نتوضأ وننسى الإقامة ونكبر مباشرة ونصلي، فهل الصلاة صحيحة؟
الشيخ: طيب!
المتصل: عندي سؤالان:
السؤال الأول: بعض الأمهات تطلب ممن يأتي طالباً يد ابنتها فوق طاقته وتكلفه ما لا يستطيع، فبماذا تنصح هذه الأمهات؟
السؤال الثاني: يوجد بعض الأمهات تسب الدين مع أنهن كبيرات في السن، فما الحكم؟
الشيخ: طيب! شكراً جزيلاً لا حول ولا قوة إلا بالله! نعم طيب!
المتصل: عندي سؤالان:
السؤال الأول: في بعض المساجد يفتح الميكرفون الخاص بالمسجد، ويذيعون فيه بأن فلاناً مات والدفن في المنطقة الفلانية، والعزاء في المنزل الفلاني, هل يجوز أم لا يجوز؟
السؤال الثاني: يوجد عندنا هنا في الشمالية مزارعون يأتون إلى المسجد بملابس خفيفة خاصة بالشغل، فما الحكم؟
المتصل: عندي سؤالان:
السؤال الأول: يوجد عندنا شخص يسمونه (شيخاً) يأتي إليه الرجال والنساء، فيعطيهم سبحة ثم يقول: اختر منها حبة، فإذا اختارها الرجل أو المرأة يقول: عندك سبعة شياطين، وفي النهاية يطلب مالاً من الرجل أو المرأة، أو خروفاً أو تيساً، فما حكم الذهاب إلى هذا الشخص؟
السؤال الثاني: ما حكم قول الشخص: لا إله إلا الله محمد رسول الله عبد الحي يوسف ولي الله, هل يجوز هذا الكلام؟
الشيخ: شكراً! بارك الله فيك!
السؤال: أخونا حسام يسأل عن إنسان فرط في قضاء رمضان فوجبت عليه فدية, فهل يجزئه لو أنه دفعها إلى وقف إفطار التلاميذ؟
الجواب: نعم يجزئه؛ لأن التلاميذ الغالب عليهم المسكنة؛ بل يكاد يكون السواد الأعظم من تلاميذ المدارس في مرحلة الأساس أو في المرحلة الثانوية، فالغالب عليهم أنه يصدق وصف المسكنة في حقهم، فهم مساكين, ومعلوم بأن الإنسان لو فرط في القضاء فوجبت عليه الفدية؛ فإن الفدية تكون عن كل يوم إطعام مسكين, كذلك لو أن إنساناً أفطر عامداً في نهار رمضان، فيجب عليه مع القضاء كفارة، وهذه الكفارة على التخيير: إما بعتق رقبة وصيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكيناً, فيجزئك يا حسام! أن تدفع لوقف إفطار التلاميذ، وأنت مأجور إن شاء الله.
السؤال: أختنا أم سليمان من جبرة تسأل: لو أنها اتصلت ببرنامج من البرامج، وهي ناشطة بارك الله فيها في متابعة برامج إذاعة طيبة وقناة طيبة، تقول: هل من إثم في ذكر الاسم؟
الجواب: لا إثم إن شاء الله, فقد جرت العادة بأن المتصل يعرف بنفسه، وهذا أبرك وأطيب لقلب من يتصل عليه بدلاً من أن يبقى مجهولاً؛ فإنه لو ذكر اسمه أو ذكر كنيته فذلك أطيب, ولا حرج في أن تذكر المرأة اسمها فليس اسمها عورةً، والنبي صلى الله عليه وسلم ذكر اسم ابنته فاطمة على المنبر، قال: (لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها), وذكر اسم زوجته خديجة وبنته فاطمة قال: (سيدات نساء العالمين أربع: آسية بنت مزاحم و مريم بنت عمران وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد), فما يعتقد بعض الناس بأن المرأة لا يصرح باسمها، فهذا لا أصل له.
الشيخ: وأيضاً قولها للشخص عند الاتصال به: حياك الله يا فلان! فهذا أيضاً لا حرج فيه إن شاء الله، وهو داخل في عموم قول ربنا: وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا [البقرة:83], وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [الإسراء:53], وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم: (الكلمة الطيبة صدقة), و(حياك الله) حقيقتها: دعاء بأن تصلك من الله عز وجل تحية, ومثلها أيضاً لو أن الإنسان افتتح سؤاله أو افتتح اتصاله بقوله: سلمك الله أو أحسن الله إليك أو عفا الله عنك أو نحو ذلك من الدعوات الطيبات, فهذا مما يطيب القلوب.
الشيخ: صلاة الرغيبة من الترغيب, وهما الركعتان اللتان تكونان قبل فريضة الصبح, والتي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: (هما خير من الدنيا وما فيها), وما كان صلى الله عليه وسلم يدعها سفراً ولا حضراً, فلا ينبغي للإنسان أن يتعمد تركها حتى تقام الصلاة ثم بعد ذلك يبحث عن القضاء, بل الواجب عليه أن يسارع إلى أدائها قبل الفريضة من أجل أن ينال أجرها وثوابها, لكن من ناحية الإثم ليس عليه إثم؛ لأن الفرائض خمس، ركعاتها سبع عشرة ركعةً, فما زاد على ذلك فهو تطوع, لكن المحروم هو الذي يفرط في هذه السنن ويضيعها من غير عذر.
السؤال: أخونا أنور من دنقلا يسأل عن امرأة ماتت وتركت أماً وبنتاً وزوجاً وأخاً شقيقاً وأختين شقيقتين، فما مقدار نصيب كل وارث؟
الجواب: للأم السدس لوجود الجمع من الإخوة، وللبنت النصف لأنها منفردة، وللزوج الربع لوجود الفرع الوارث، وما بقي يكون للإخوة والأخوات للذكر مثل حظ الأنثيين, معنى ذلك أن المسألة ستكون من اثني عشر سهماً فتأخذ البنت ستة أسهم وهي النصف، ويأخذ الزوج ثلاثة أسهم وهي الربع فيكون المجموع تسعة, وتأخذ الأم سهمين وهما السدس فيكون المجموع أحد عشر سهماً، ويبقى سهم واحد يقسم بين الأخ وأختيه للذكر مثل حظ الأنثيين.
السؤال: أسماء من أم درمان تسأل عن آصف بن برخيا من هو؟
الجواب: يذكر بعض أهل التفسير خاصة التفاسير التي تعنى بالقصص والنقل عن أهل الكتاب, بأن آصف بن برخيا كان رجلاً صالحاً على عهد نبي الله سليمان عليه وعلى نبينا عليه الصلاة والسلام, وأنه كان يعرف اسم الله الأعظم, وهو المعني بقول ربنا: قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ [النمل:40], والله أعلم بصحة ذلك, والقاعدة التي يذكرها علماؤنا في أصول التفسير: أن كل ما أبهمه القرآن فلا فائدة في تعيينه, يعني: القرآن قال: قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ[النمل:40], انتهى، فلو كان هناك فائدة في ذكر الاسم لذكره ربنا جل جلاله, مثلما ذكر الأسماء في مواطن أخرى.
الشيخ: وأما الوضوء فوق الكم إذا كان هذا الكم يتسرب منه الماء ويصل إلى البشرة فالوضوء صحيح, أما إذا كان الكم من المشمع أو من النايلون مثلاً بحيث لا يصل الماء إلى البشرة فإنه لا يجزئ, والغالب طبعاً أن الناس لا يلبسون إلا قماشاً من قطن، أو صوف أو كتان أو نحو ذلك، على اختلاف البلاد واختلاف الأجواء، فأياً كان الأمر إذا كان الماء يتسرب من تحت الثياب ويصل إلى البشرة فالوضوء صحيح.
السؤال: أخونا قسم السيد من شندي، يقول: إنهم أحياناً ينسون الإقامة فيصلون بغير إقامة، فهل الصلاة صحيحة أم لا؟
الجواب: الصلاة صحيحة؛ لأن الإقامة سنة عند جماهير أهل العلم, لكن لا ينبغي للإنسان أن يتركها، وأن يتعمد تركها في كل حين, بل علينا أن نحافظ عليها اقتداءً بنبينا خير المرسلين, فإنه عليه الصلاة والسلام كان يخرج على أصحابه ثم يقيم بلال الصلاة ويقوم الناس.
السؤال: شهرزاد تسأل عن أم العروس التي تكلف من يأتي طالباً يد ابنتها فوق طاقته وتشترط عليه كذا وكذا؟
الجواب: هذا لا ينبغي أبداً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم بين أن ( أيسرهن مئونةً أكثرهن بركةً ), ونهانا صلى الله عليه وسلم أن نتكلف ما لا نطيق، وقال الله عز وجل: قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ المُتَكَلِّفِينَ [ص:86], فالإنسان لا يتكلف ما فوق طاقته, وكذلك أم العروس لا ينبغي لها أن تُعني من جاء يطلب يد ابنتها وأن تطلب منه كذا وكذا وكذا, مما يفضي أحياناً إلى الخلاف وأحياناً إلى فسخ الخطبة, ولربما يفضي ذلك إلى الطلاق بعد إبرام العقد, وهذه كلها جرائم مركبة, فينبغي للناس أن يتقوا الله في ذلك.
الشيخ: قولها: بأن الأمهات يحصل منهن سب للدين, فهذا ما لا نعرفه ولا نسمعه وما جاءت هذه الشكوى, فربما تكون هذه حادثة فردية حصلت هنا أو هناك, لكنها والحمد لله ليست ظاهرة ولا هي شيء مسموع يطرق الأذان, بل عهدنا بالنساء أنهن على الدين أحرص، وفي مثل هذا الأمر أكثر تحفظاً، وأياً كان فإننا نقول: بأن سب الدين كفر, من سب دين الله كفر، وينبغي له أن يجدد إسلامه.
السؤال: أخونا عادل من الدامر يسأل عن قول بعضهم: لا إله إلا الله فلان ولي الله؟
الجواب: هذا لا ينبغي، لأننا لا نشهد لمعين على سبيل الجزم بأنه ولي لله أو أنه من أهل الجنة إلا من شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه عليه الصلاة والسلام: مَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى[النجم:3-4]؛ ولذلك أنكر على أم العلاء رضي الله عنها حين مات أبو السائب عثمان بن مظعون الجمحي رضي الله عنه فقالت: ( هنيئاً لك الجنة، شهادة أن الله قد أكرمك, قال لها: وما يدريك؟ والله! ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل الله بي, فالمرأة قالت: يا رسول الله! والله لا أزكي أحداً بعده ), مع أن أبا السائب رضي الله عنه كان سيداً من سادات المهاجرين، وهو أول من دفن في بقيع الغرقد, وقد قبله رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موته إجلالاً له وتقديراً لجهاده وبذله وسابقته في الإسلام, فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد أنكر على أم العلاء شهادتها لهذا الصحابي الجليل والإمام الفذ رضي الله عنه فكيف بنا نقول هذا في إنسان الله أعلم بحاله؟! نظن بالمسلمين خيراً ونرجو لهم الخير، لكن لا نشهد ولا نجزم، فهذا من التألي وهذا من الغرور الذي لا ينبغي, وينبغي للشيخ إذا سمع أتباعه يقولون هذا الكلام أن ينكر عليهم، وأن يعلمهم الآداب الشرعية: (لا يمدحن أحدكم أخاه وليقل: أحسبه كذا وكذا والله حسيبه ولا أزكي على الله أحداً).
الشيخ: يا عادل ! أما الشيخ الذي يقول لك: اختر حبة من حبات هذه المسبحة، ثم يقول لك: فيك سبعة شياطين، ثم يطلب منك مبلغاً من المال، أو يطلب منك خروفاً أو تيساً، فهذه ظلمات بعضها فوق بعض، وهذا من الدجل الذي يمارسه بعض الناس باسم الدين والدين منه براء, وقد جاء الدين حرباً على الدجل والدجالين, ديننا دين العلم لا دين الخرافة, ديننا دين البراهين والبينات لا دين الأباطيل والترهات؛ ولذلك أول آية نزلت على نبينا المختار عليه الصلاة والسلام: اقْرَأْ [العلق:1], ولما امتن الله عليه قال: وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا [النساء:113], وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا [طه:114], فالإسلام جاء حرباً على الكهانة, حرباً على الدجل, حرباً على الأساطير والخرافات, حرباً على ادعاء علم الغيب, حرباً على الطيرة والتشاؤم, فهذه من خرافات الجاهلية والأساطير التي يتعلق بها من لا عقول لهم, الإسلام جاء ناهياً عنها محذراً منها, فمثل هذا ليس بشيخ إلا أن يكون شيخ سوء، أو شيخ ضلالة, لكنه ليس شيخاً للعلم، ولا شيخاً للدين.
السؤال: محمد صالح من الشمالية يسأل عن المزارعين الذين يأتون إلى المسجد بالعراقي الخفيف، ما حكم صلاتهم؟
الجواب: طالما أنهم ستروا عوراتهم فأسأل الله أن يتقبل صلواتهم وأن يغفر خطيئاتهم وأن يرفع درجاتهم، ويا أخانا محمد! هؤلاء أغلبهم حالهم رقيق، ولربما الواحد منهم يملك هذا العرّاقي ولا يملك غيره فالحمد لله، والصحابة أنفسهم رضوان الله عليهم ما كان عندهم ثياب فاخرة ولا كانوا يملكون الأردية الكثيرة، ولا كانوا يملكون العمائم وكذا، وإنما كان حالهم رقيقاً رضوان الله عليهم؛ ولذلك أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بأن يغتسلوا قبل أن يأتوا لصلاة الجمعة؛ لئلا يؤذي بعضهم بعضاً بما يصدر عنه من رائحة, فطالما أن هؤلاء المزارعين أسأل الله أن يسد حاجتهم وأن يغنيهم من فقر وأن يطعمهم من جوع وأن يأمنهم من خوف، طالما أنهم يسترون عوراتهم فصلاتهم صحيحة نسأل الله القبول.
الشيخ: الإذاعة في المسجد لا بأس فيها يا أخي! فنذكر بأن فلاناً قد مات والدفن في مقابر كذا في ساعة كذا لا حرج فيه, كذلك لو قلنا: بأن فلاناً قد مات في أرض كذا، والعزاء سيكون في بيت فلان, هذا كله من التعاون على البر والتقوى، ولمثل هذا بنيت المساجد, فإن النبي صلى الله عليه وسلم في مسجده المبارك كان يطعم الجائع ويربط الأسير وتعقد الشورى, وفي مسجده المبارك صلوات ربي وسلامه عليه تجمع التبرعات للمساكين كما حصل لقوم من مضر جاءوا وقد ظهرت عليهم الفاقة والبؤس، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة أن يتصدقوا, وفي المسجد يأتي من يطلب السقيا: ( ادع الله أن يغيثنا فداك أبي وأمي يا ابن الذبيحين!)، هكذا قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر, فالمسجد مكان لقضاء الحاجات, مكان لإغاثة الملهوف، مكان لعيادة المريض, فالرسول صلى الله عليه وسلم لما أصيب سعد بن معاذ رضي الله عنه في غزوة الخندق أمر بأن يجعل في المسجد من أجل أن يعوده من قريب بالصباح والمساء, وكذلك أحياناً كان يصلي على الجنازة في المسجد صلوات ربي وسلامه عليه, ونسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا.
المتصل: عندي سؤالان:
السؤال الأول: ما حكم تلاوة القرآن في المقابر أثناء دفن الميت؟
السؤال الثاني: في سورة (يس) الآية رقم ثلاثة عشر: وَاضْرِبْ لَهمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا المُرْسَلُونَ * إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ[يس:13-14]: ما هي هذه القرية المعنية؟ ومن هم هؤلاء المرسلون الثلاثة؟
الشيخ: طيب!
المتصل: عندي ثلاثة أسئلة:
السؤال الأول: بعض الناس يقول: إنه من المريدين ومن أتباع الشيوخ جئنا للزيارة, ونحن نعطيهم مالاً وغير ذلك مما تسمى الزيارة، فهل نعطيهم مالاً أم لا؟
السؤال الثاني: هل التوسل بالأعمال الصالحة يكون أثناء العمل أو ممكن أن يكون بعد يومين أو ثلاثة أيام تقول: اللهم إني عملت هذا العمل خالصاً لوجهك الكريم فاقض لي الحاجة التي في نفسي؟
السؤال الثالث: في سورة يوسف عليه السلام لما رأى أحد عشر كوكباً والشمس والقمر له ساجدين, فبعض الناس يقول: هذا سجود لغير الله سبحانه وتعالى, وبعض الناس يقول: هذا السجود شكر لله سبحانه وتعالى, فما معنى هذا السجود في هذه الآية بالضبط؟
الشيخ: شكراً لك!
المتصل: عندي سؤالان:
السؤال الأول: كان هناك رجل يستدين من الناس، والناس الذين استدان منهم غير موجودين وبعضهم مسافرون، فهل يدفع الدين الذي عنده للفقراء والمساكين؟
السؤال الثاني: رجل عمل علاقة مع بنت، والرجل استخار الله في الموضوع، يعني: صلى الاستخارة، فهل هناك حرج من أن الرجل يجيء ويتقدم لخطبة البنت أو لابد من الاطمئنان؟ وكيف تعمل البنت؟
الشيخ: طيب! شكراً شكراً! بارك الله فيك!
المتصل: عندي سؤالان:
السؤال الأول: يا شيخ! في آية الدين يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ [البقرة:282]، ونحن نستلف من بعضنا البعض دون أن نكتب هذا الدين، فهل هو لازم علينا أن نكتب هذا الدين أم لا؟
السؤال الثاني: أسأل عن سماع القرآن والرقية للنائم، مثلاً: شخص كان يسمع القرآن فنام والقرآن مستمر، فهل يكسب إثماً أم يكسب أجراً؟
الشيخ: طيب! جزاك الله خيراً!
السؤال: باشرم من كسلا يسأل عن قول ربنا جل جلاله: وَاضْرِبْ لَهمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا المُرْسَلُونَ * إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ[يس:13-14], يقول: ما هي القرية؟ ومن هم هؤلاء الثلاثة؟
الجواب: القرية الله أعلم, والثلاثة الله أعلم من هم, وأعيد ما ذكرته لأختنا أسماء من أم درمان التي سألت عن آصف بن برخيا؟ فيا باشرم! كل ما أبهمه القرآن فلا فائدة في تعيينه, والقرية قيل: هي أنطاكية، وقيل: هي إيلياء، وقيل: هي كذا، والله أعلم، المهم أنها قرية وأرسل الله إليها رسولين كريمين، فلما حصل التكذيب لهما عزز الله هذين الرسولين برسول ثالث, فلو كان هناك فائدة في التعيين لعينت الأسماء, مثلما قال ربنا جل جلاله: ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ * إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ[المؤمنون:45-46], وآيات أخرى بين فيها ربنا جل جلاله الأماكن والأشخاص.
الشيخ: وأما قراءة القرآن حال الدفن، فالسنة عند الدفن الصمت, والسنة بعدما يوضع الميت في قبره وينصب عليه اللبن الدعاء له, وبعدما نهل عليه التراب لا نتعجل الخروج من المقابر بل ندعو له، وهذه هي السنة, وبعض الناس ربما أحياناً يلجأ إلى قراءة القرآن من أجل أن يسكت الناس عن الونسة والكلام الكثير, وهذا أيضاً لا بأس به إن شاء الله, وقد ذكر ابن القيم في الروح: بأن عبد الله بن عمر رضي الله عنه كان يقرأ القرآن في المقابر, وكذلك ذكره عن مطرف بن عبد الله بن الشخير وعن الإمام أحمد بن حنبل رحمة الله على الجميع.
الشيخ: أما عبد القادر شلعي فيقول: بأن قول ربنا على لسان يوسف عليه السلام: إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ[يوسف:4], يقول: هذا سجود لغير الله, وأوضح من هذا لو استدل بقول ربنا: وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا[يوسف:100], نقول: هذا في شريعة من قبلنا أما في شريعتنا فلا سجود إلا لله؛ ولذلك لما (جاء معاذ ؟! رضي الله عنه من الشام، فسجد لرسول الله! صلى الله عليه وسلم نهاه عليه الصلاة والسلام، قال له: مه, ما هذا يا معاذ, فقال: يا رسول الله رأيت أهل الشام يسجدون لأساقفتهم، وأنت أولى بذلك منهم, فقال له: لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها, غير أنه لا ينبغي السجود إلا لله).
الشيخ: أما التوسل بالأعمال الصالحة ففي كل حين يا عبد القادر، وحديث أصحاب الغار لما توسل أحدهم ببره لوالديه والآخر بأدائه للأمانة والثالث بعفته عن الحرام ما كانت هذه أعمالاً حاضرة، بل كانت سابقة.
الشيخ: وأما حوال الشيخ الفلاني فخذ الزيارة ولا تعطه؛ لأن هذه عطالة وبطالة وأكل لأموال الناس بالباطل, والمسلم يأكل من عمل يده، والرسول صلى الله عليه وسلم ( لما سئل عن أطيب الكسب؟ قال: عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور), وقال: (ما أكل آدمي طعاماً قط خيراً من أن يأكل من عمل يده, وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده), أما أني أقول: والله! أنا حوال للشيخ فلان وأطلب من الناس بعد ذلك وأتكفف وأتسول، فالله ورسوله بريئان من ذلك.
السؤال: أمية من الحاج يوسف تسأل بأن إنساناً قد استدان ولم يجد الإنسان الذي اقترض منه؟
الجواب: إذا عجز عن الوصول إليه فإنه يتصدق بالمال عنه، وتبرأ ذمته إن شاء الله.
الشيخ: بالنسبة لو أن فتاةً خطبت فإنها تستخير الله عز وجل، وإذا بان لها أن الخير في الموافقة على هذا الخاطب فتستعين بالله سبحانه وتعالى بعدما تصير الخطبة الرسمية.
السؤال: ياسمين من مدني تسأل عن قول ربنا جل جلاله: إِذَا تَدَايَنتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ [البقرة:282], تقول: نحن أحياناً نستدين ولا نكتب؟
الجواب: لا حرج فالأمر للإرشاد لا للإيجاب, بدليل قول ربنا جل جلاله بعدها: إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا [البقرة:282], وقوله جل جلاله بعدها: وَإِنْ كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ [البقرة:283]، فالأمر للإرشاد لا للإيجاب.
الشيخ: أما قراءة القرآن حال النوم، بمعنى: أن الإنسان يشغل إذاعة الفرقان أو إذاعة إف أم 102 أو إف إم 105 فلا مانع من هذا إن شاء الله, والقرآن في البيت بركة ورحمة وطارد للشياطين, فالبيت الذي يقرأ فيه القرآن يكثر خيره ويقل شره, وتسكنه الملائكة وتطرد عنه الشياطين, والبيت الذي لا يقرأ فيه القرآن يقل خيره ويكثر شره، وتذهب عنه الملائكة وتسكنه الشياطين.
السؤال: ما حكم من أحرم من غير الميقات المكاني المحدد له؟
الجواب: لو أحرم قبل الميقات فإحرامه صحيح ولا شيء عليه باتفاق, أما الإشكال لو أنه جاوز الميقات إلى ما بعده، يعني: أحرم بعد الميقات ولم يرجع، فهذا الذي يلزمه دم والله أعلم.
السؤال: أنا متزوجة منذ سبع عشرة سنة ولم أنجب, وطلب الطبيب مني عمل إخصاب مجهري وزوجي رفض, وتزوج بأخرى للمرة الثانية، وأود الطلاق فهل أنا آثمة؟
الجواب: أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجبر كسركِ وأن يعظم أجركِ وأن يطيب عيشكِ, لكن لا تطلبي الطلاق، اصبري لعل الله يجعل في ذلك خيراً، وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [البقرة:216]، صحيح أن المرأة تكره أن يتزوج الرجل عليها, لكن هذا شرع ربنا جل جلاله, وما شرع إلا للمصلحة العامة التي من أجلها قد تهضم المصلحة الخاصة وتهدر، فأقول لكِ: اصبري، اللهم إلا إذا وجدت بأنكِ لن تقيمي حدود الله، وسيحصل منكِ نوع من كفران العشير وعدم القيام بحق الزوج عندها لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286].
السؤال: إذا شرعت في تحية المسجد وأقيمت الصلاة فهل أقطع صلاتي أم أكملها؟
الجواب: بعض أهل العلم قالوا: تقطع، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا اقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة), وبعضهم قال: لا تقطع صلاتك؛ لأن الله قال: أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ [محمد:33], لا تقطعها لكن تجوز فيها.
السؤال: هل يحل لي من زوجتي كل شيء إلا دبرها فقط؟
الجواب: نعم, وكذلك قبلها حال الحيض, قال الله عز وجل: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ المَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي المَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ [البقرة:222], وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (اصنعوا كل شيء إلا النكاح).
السؤال: هل يجوز لي الدعاء من كتاب أو نحو ذلك إذا لم أستطع الحفظ؟
الجواب: يجوز، لكن الأفضل أن يدعو الإنسان بما في نفسه ولو بغير اللغة الفصيحة ولو بغير المأثور.
السؤال: إذا كان الزوج لا يطيع الله ولا يصلي, ويفعل أشياء حرمها الله حرمة شديدة, فهل الواجب على الزوجة طاعته؟
الجواب: تطيعه في طاعة الله لا في معصية الله, فلو أنه طلب طعاماً فتقدمه له, ولو أنه طلب منها أن تصحبه في سفر أيضا ًتطيعه, لكن لو طلب منها أن تهيئ له ثلجاً من أجل أن يتعاطى خمراً فلا طاعة، أو طلب منها أن تطبخ له خنزيراً أو تشوي له خنزيراً فهذا لا طاعة له، ( إنما الطاعة في المعروف ).
السؤال: زوجة طلقت، وقبل إكمال العدة توفي زوجها فهل تحبس؟
الجواب: نعم, تنتقل من عدة الطلاق إلى عدة الوفاة ما دام الطلاق رجعياً, يعني: إذا كانت الطلقة رجعية فالزوجة إذا توفي زوجها أثناء العدة فإنها تتحول من عدة الطلاق إلى عدة الوفاة.
السؤال: إذا دخلت على غير المسلمين فبأي شيء أحييهم؟
الجواب: حيهم بأي شيء، يعني: تقول لهم: مرحباً بكم! أو كيف حالكم؟! أو نحو ذلك, لكن لا تبدأهم بالسلام كما قال النبي عليه الصلاة والسلام.
السؤال: أختي تريد أن تفتح محلاً لتنظيف البشرة والأرجل والمكياج والحناء, فهل كسبها حلال؟
الجواب: إذا كانت أختك تنظف بشرة وأرجلاً وتمكيج وتخضب العرائس مثلاً فلا مانع، أو النسوة المتزوجات فلا مانع, يعني: الأصل بأن هذا العمل مباح؛ لأن النساء بحاجة إلى من تزين لهن أيديهن وأرجلهن وتنظف أبشارهن ونحو ذلك, أما إذا جاءت فتاة غلب على ظن صاحبة المحل بأنها من بنات الهوى أو من بنات الليل أو أنها ممن يمشين بالفاحشة، فما ينبغي لها تزيينها ولا تنظيفها ولا تخضيبها؛ لقول ربنا: وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2].
السؤال: هل تعدد الزوجات سنة فعلية علينا أن نتأسى بها اقتداءً به صلى الله عليه وسلم؟
الجواب: والله يا أخي! تتأسى أو لا تتأسى، هذا راجع لطاقتك، يعني: هذه الأسئلة أيها الإخوان حقيقةً ليس من ورائها كبير عمل، كل المسلمين يعرفون بأن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج نساءً، وأن الصحابة رضوان الله عليهم كان أغلبهم عندهم أكثر من زوجة، والذي يريد أن يعدد فليعدد، ومن تكفيه واحدة أيضاً الحمد لله, وربنا يبارك لنا في أزواجنا وأولادنا وأموالنا، وأن يصرف عنا شر كل ذي شر.
أسأل الله أن يجمعني وإياكم على الخير مرة بعد مرة، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى جميع المرسلين.
وهذا خطاب أيضاً لرجال الشرطة ومن يقومون على أمر النيابة والقضاء بأن يعملوا أحكام الله عز وجل, وأن ينفذوها وأن يجعلوها واقعاً في حياة الناس, ولا يلتفتوا إلى المشوشين ومن يريدون الشغب على هذه الأحكام, فإن الله جل جلاله هو العليم الحكيم الخبير الجليل العظيم, فما شرع الله هذه الأحكام إلا من أجل مصلحة الناس في المعاش والمعاد في الدنيا والآخرة, ما شرع الله هذه الأحكام إلا من أجل أن يحفظ علينا أنفسنا وأعراضنا وأموالنا وعقولنا وقبل ذلك ديننا, من أجل أن يحفظ علينا الدين والنفس والعرض والعقل والمال, من أجل هذا شرع الله الحدود وأوجب الله القصاص وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة:179].
( في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم رضّ يهودي رأس جارية بين حجرين، فرضّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه بين حجرين ), فعل به مثل الذي فعل بتلك الفتاة, لو أن الجاني علم أنه سيقتل بذات الطريقة التي قتل بها ذلك المسكين الذي ذهب دمه هدراً، وأوجعت قلوب ذويه، وأدخل الغم والهم والحزن عليهم وعلى غيرهم من الناس, لو أن الجاني علم بأنه سينال من الألم مثل ما أذاق ذلك القتيل ظلماً، فإنك ستجده يتردد مراراً ويتوقف تكراراً قبل أن يفعل فعلته تلك.
يا أيها المسلمون! شريعة الله عز وجل محكمة وآياته بينة، وفيها الشفاء والهدى والرحمة, والله الموفق والمستعان.
هذه مقدمة لهذه الحلقة أردت بها التعليق على ذلك الحدث الذي آلم القلوب وأقض المضاجع, وأسأل الله أن يقطع دابر المجرمين, وأن يقمع المفسدين بتحكيم شريعته جل جلاله إنه أرحم الراحمين.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر