حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا زهير حدثنا أبو إسحاق عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل ويصلي الركعتين وصلاة الغداة، ولا أراه يحدث وضوءاً بعد الغسل) ].
أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة وهي: [باب في الوضوء بعد الغسل]، يعني: أنه لا يشرع، وليس للإنسان أن يتوضأ بعد الغسل إذا كان توضأ قبله، أو نوى بالاغتسال رفع الحدث الأكبر والأصغر، ولم يمس ذكره في أثناء اغتساله، أما إذا اغتسل ولم ينو رفع الحدث الأصغر وإنما نوى رفع الحدث الأكبر فقط، أو أنه اغتسل ونوى رفع الحدث الأكبر والأصغر ولكنه مس ذكره في أثناء اغتساله، فإن عليه أن يتوضأ بعد ذلك، والأصل أن الإنسان لا يحتاج إلى وضوء بعد الاغتسال، مادام أنه توضأ قبل الاغتسال، أو نوى بالاغتسال رفع الحدث الأكبر والأصغر، لكن إذا لم ينو رفع الحدث الأصغر عند اغتساله أو نواه ولكنه مس ذكره وهو يغتسل؛ فإنه عليه أن يتوضأ؛ لأن مس الذكر ناقض للوضوء؛ وعلى هذا فالوضوء بعد الغسل لا يشرع إلا إذا لم ينو المغتسل رفع الحدث الأصغر عند الاغتسال، أو أنه نوى رفع الحدث الأكبر والأصغر ولكنه مس ذكره، فإنه في هذه الحالة عليه أن يتوضأ بعد ذلك، وإلا فإنه لا يحتاج إلى وضوء.
وقول عائشة رضي الله عنها: (كان صلى الله عليه وسلم يغتسل من الجنابة ويصلي الركعتين وصلاة الغداة) يعني: ركعتي الفجر بعد طلوع الفجر، وصلاة الغداة التي هي صلاة الفجر، وقولها: ولا يحدث وضوءاً يعني: بعد الغسل.
هو عبد الله بن محمد بن علي النفيلي وهو ثقة أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ حدثنا زهير ].
هو زهير بن معاوية وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا أبو إسحاق ].
أبو إسحاق هو أبو إسحاق عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الأسود ].
هو الأسود بن يزيد النخعي وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عائشة ].
عائشة أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام. والحديث صححه الألباني وغيره.
حدثنا زهير بن حرب وابن السرح قالا: حدثنا سفيان بن عيينة عن أيوب بن موسى عن سعيد بن أبي سعيد عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: إن امرأة من المسلمين -وقال زهير : إنها قالت-: (يا رسول الله! إني امرأة أشد ضفر رأسي أفأنقضه للجنابة؟ قال: إنما يكفيك أن تحفني عليه ثلاثاً) وقال زهير : (تحثي عليه ثلاث حثيات من ماء، ثم تفيضي على سائر جسدك؛ فإذا أنت قد طهرت) ].
أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة وهي: [باب في المرأة هل تنقض شعر رأسها من الجنابة؟] يعني: هل تنقضه إذا كان مشدوداً ومضفراً، أو تغتسل وهو منشور غير مشدود ولا مضفور؟
والجواب: أن المرأة لا يلزمها أن تنقض شعرها عند الاغتسال، وإن نشرته فلا بأس بذلك، ولكن كون ذلك واجباً عليها ولازماً لها فلا، بل يكفيها أن تصب على رأسها الماء، ولا يلزمها أن تفكه وتنشره.
وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث أم سلمة رضي الله عنها أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم (إني امرأة أشد ضفر رأسي أفأنقضه للجنابة؟) تستأذن وتستفتي رسول الله صلى الله عليه وسلم أتنقضه يعني: هل يلزمها نقضه؟ قال: (إنما يكفيك أن تحفي عليه ثلاثاً) وقال زهير : (تحثي) .
يعني: هذا قال: تحفي، وهذا قال: (تحثي عليه ثلاث حثيات من ماء) يعني: تصب عليه ثلاث حثيات من ماء، (ثم تفيضي على سائر جسدك) يعني: بعدما تغسلي رأسك ثلاث مرات، وتصبي عليه ثلاث إفراغات تفيضي الماء على سائر جسدك، (فإذا أنت قد طهرت) يعني: إذا فعلت هذا بأن حثيت على رأسك ثلاث حثيات، وأفضت الماء على سائر الجسد؛ فأنت بذلك تكونين قد طهرت.
والحاصل: أن النبي صلى الله عليه وسلم أفتاها بأنها لا يلزمها نقض شعر رأسها، وإنما يكفيها أن تحثي عليه ثلاث حثيات، وتفيض الماء على سائر جسدها، وبذلك تكون قد طهرت من الجنابة.
قوله: [ عن أم سلمة أن امرأة من المسلمين، وقال زهير : أنها قالت ].
يعني ابن السرح . قال: إن امرأة من المسلمين، يعني: أنها كنت عن نفسها بقولها: امرأة من المسلمين، وفي رواية زهير : أن أم سلمة قالت، فالرواية الأولى فيها إبهام السائل، وهكذا كانوا يفعلون، يكني الإنسان عن نفسه، فيقول: إن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، والصحابي هو السائل، والمرأة كذلك أحياناً تقول: إن امرأة من المسلمين سألت، وتكون هي نفسها السائلة.
قوله: [ قال: (إنما يكفيك أن تحفني عليه ثلاثاً) ] اللفظ الأول: تحفني من الحفنات، واللفظ الثاني: تحثي من الحثيات.
زهير بن حرب هو أبو خيثمة ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي ، وقد أكثر عنه الإمام مسلم ، روى عنه في صحيحه أكثر من ألف حديث، وأكثر منه أبو بكر بن أبي شيبة ، روى عنه مسلم أكثر من ألف وخمسمائة حديث، وكذلك محمد بن رافع هو مكثر عنه، لكنه أقل من هذين بكثير.
و ابن السرح هو أحمد بن عمرو بن السرح ، ثقة أخرج حديثه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ حدثنا سفيان بن عيينة ].
هو سفيان بن عيينة المكي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أيوب بن موسى ].
أيوب بن موسى ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سعيد بن أبي سعيد ].
سعيد بن أبي سعيد هو المقبري ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة ].
عبد الله بن رافع مولى أم سلمة هو ثقة أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ عن أم سلمة ].
أم سلمة أم المؤمنين هند بنت أبي أمية رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وحديثها عند أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود حديث أم سلمة من طريق أخرى: أن امرأة جاءت إلى أم سلمة بهذا الحديث، ويحتمل أن أم سلمة قالت للرسول صلى الله عليه وسلم: إن امرأة من المسلمين تسأل عن كذا وكذا، ويحتمل أنها هي السائلة، والرسول صلى الله عليه وسلم قال لها: (إنما يكفيك) يخاطب أم سلمة ، فيكون الخطاب لـأم سلمة والجواب لتلك التي أوصتها أن تسأل.
[ قالت: فسألت لها النبي صلى الله عليه وسلم بمعناه، قال فيه: (واغمزي قرونك عند كل حفنة) ].
يعني: أنها تحركها حتى يصل الماء إلى داخلها.
ابن السرح تقدم، وابن نافع هو عبد الله بن نافع الصائغ وهو ثقة صحيح الكتاب في حفظه لين، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن أسامة ].
هو أسامة بن زيد الليثي صدوق يهم، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن المقبري ].
هو سعيد بن أبي سعيد المقبري الذي مر في الإسناد المتقدم، وهناك جاء باسمه، وهنا أتى بنسبته، وهو شخص واحد.
[ عن أم سلمة ].
تقدم ذكرها.
أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (كانت إحدانا إذا أصابتها جنابة أخذت ثلاث حفنات هكذا -تعني: بكفيها جميعاً- فتصب على رأسها وأخذت بيد واحدة فصبتها على هذا الشق والأخرى على الشق الآخر) والمقصود: أنهن يكتفين بذلك، وأورده في باب المرأة هل تنقض شعرها أو لا تنفضه؟ لأنه يدل على أنها لا تنقضه، ويكتفين بذلك الفعل الذي يفعلنه.
عثمان بن أبي شيبة ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
[ حدثنا يحيى بن أبي بكير ].
يحيى بن أبي بكير ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا إبراهيم بن نافع ].
إبراهيم بن نافع وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الحسن بن مسلم ].
هو الحسن بن مسلم بن يناق وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
[ عن صفية بنت شيبة ].
هو صفية بنت شيبة الحجبية العبدرية ، لها رؤية، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن عائشة ].
عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وقد مر ذكرها.
أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها: (كنا نغتسل وعلينا الضماد) المقصود به: الشيء الذي تلبد به المرأة رأسها ليمسكه، فيغتسلن وعليهن الضماد وهن محلات ومحرمات، يعني: وهن في حال إحلالهن وإحرامهن فلا يزلن ذلك التلبيد الذي على رءوسهن، وإنما يفرغن الماء على رءوسهن.
هذه الأحاديث كلها تدل على أن المرأة لا تنقض شعر رأسها عند إرادة الاغتسال.
مر ذكر نصر بن علي وعبد الله بن داود ، وعمر بن سويد ثقة أخرج له أبو داود وحده.
[ عن عائشة بنت طلحة ].
هي عائشة بنت طلحة بن عبيد الله التيمية أبوها أحد العشرة المبشرين بالجنة رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وهي ثقة أخرج لها أصحاب الكتب الستة.
[ عن عائشة ].
عائشة أم المؤمنين وقد مر ذكرها.
أورد أبو داود حديث ثوبان رضي الله عنه، وفيه التفريق بين الرجل والمرأة في نقض الشعر للغسل، فالأصل أن رأس الرجل يكون غير مضفور بل منشور، فعليه عندما يغسله أن يوصل الماء إلى أصوله؛ وأما المرأة فيكفيها أن تحثو عليه ثلاث حثيات، وليس عليها أن تنقضه كما دل عليه هذا الحديث وغيره من الأحاديث المتقدمة.
وهذا فيه بيان أن الرجل يوصل الماء إلى شعره كله لأنه منشور، بخلاف المرأة إذا كان شعرها مضفوراً، فلا يلزمها نقضه وإيصال الماء إليه كله، بل يكفيها أن تصب عليه الماء ثلاثاً، وبذلك وردت الأحاديث المتعددة في هذا الباب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحكم للنساء.
وقد سبق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخلل لحيته وشعر رأسه، وكان يدخل أصابعه حتى يصل إلى البشرة، فهذا كله يتفق مع هذا الحديث الذي فيه أن الرجل يغسل شعره؛ لأنه في الأصل منشور غير مضفور، والمرأة يكفيها أن تصب على شعرها وعلى رأسها ثلاث حثيات أو ثلاث غرفات، وبذلك تكون أدت ما عليها من الغسل.
محمد بن عوف ثقة أخرج له أبو داود والنسائي في مسند علي .
[ قال: قرأت في أصل إسماعيل بن عياش ].
هو إسماعيل بن عياش الحمصي صدوق في روايته عن أهل بلده، مخلط في روايته عن غيرهم، وهنا الراوي عنه يذكر بأنه قرأ في أصله، ومعناه: أنه ما سمع منه، وإنما رأى أصل كتابه وقرأ فيه هذا الإسناد.
وقد أخرج له البخاري في رفع اليدين وأصحاب السنن.
[ قال ابن عوف : وحدثنا محمد بن إسماعيل عن أبيه ].
ابن عوف روى أولاً عن طريق قراءته في أصل إسماعيل ، وهو لم يسمع من إسماعيل ، وهي وجادة، ثم روى عن ابنه محمد عن أبيه، فله طريقان.
قال في التقريب محمد بن إسماعيل بن عياش : عيب عليه أنه حدث عن أبيه بغير سماع. فيكون فيه انقطاع في الإسناد الأول وفي الإسناد الثاني، فالإسناد الأول غير متصل؛ لأنه ما سمع منه، والإسناد الثاني فيه محمد بن إسماعيل وروايته عن أبيه من غير سماع.
[ حدثني ضمضم بن زرعة ].
ضمضم بن زرعة صدوق يهم أخرج له أبو داود وابن ماجة في التفسير.
[ عن شريح بن عبيد ].
شريح بن عبيد ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ قال: أفتاني جبير بن نفير ].
جبير بن نفير ، ثقة أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
[ أن ثوبان حدثهم ].
ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
الجواب: ما نعلم له أساساً.
الجواب: نعم ولو نوى؛ لأن الوضوء لابد من الإتيان به على الترتيب، لكن لو كان عليه الحدث الأكبر ونوى أن يرفع الأصغر مع الأكبر جاز ذلك، وأما غسل الجمعة فليس لرفع حدث، والوضوء لابد فيه من الترتيب، يغسل وجهه، ثم يديه إلى المرفقين، ثم يمسح رأسه، ثم يغسل رجليه؛ فلا يكفي أن يغتسل للتبرد أو للجمعة وينوي رفع الحدث الأصغر؛ لأن رفع الحدث الأصغر يرتفع مع الحدث الأكبر إذا نوى رفعهما، أما هذا فليس فيه رفع حدث وإنما هو فعل شيء للتبرد، أو فعل شيء واجب أو مستحب على خلاف بين العلماء في حكم غسل الجمعة.
أما إذا توضأ قبل غسل الجمعة فلا إشكال، بشرط ألا يلمس ذكره وهو يغتسل.
الجواب: هكذا ذكر العلماء إذا نوى رفعهما؛ لأن كلاً منهما عبادة، ورفع الحدث الأكبر يرفع الحدث الأصغر، فإذا نوى الحدثين، ولم يمس ذكره في حال اغتساله؛ فإنه يرتفع حدثه الأكبر والأصغر.
الجواب: لا شك أنها تمذي مثلما الرجل عند تذكر الجماع، والله تعالى أعلم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر