إسلام ويب

كتاب الطهارة [18]للشيخ : محمد يوسف حربة

  •  التفريغ النصي الكامل
  • جاءت الشريعة بوجوب الصلاة واشترطت لصحتها الطهارة، فمن عدمها بأن يكون فاقداً للطهورين فقد اختلف العلماء فيه هل يصلي أو لا يصلي، ومن أباح له الصلاة اختلفوا في الإعادة عليه إن وجد ماءً أو تراباً.

    1.   

    تابع مسألة فاقد الطهورين

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله، نحمده ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد وسلم تسليماً كثيراً، وبعد:

    درسنا اليوم هو: مسألة فاقد الطهورين، التي تكلمنا عنها سابقاً.

    قال الإمام البخاري : باب: إذا لم يجد ماءً ولا تراباً:

    ثم أورد حديث عائشة أنها استعارت من أسماء قلادة فهلكت، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً فوجدها، فأدركتهم الصلاة وليس لهم ماء فصلوا، فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فأنزل الله آية التيمم. انتهى الحديث.

    قال الحافظ في الفتح ففيه دليل على وجوب الصلاة لفاقد الطهورين، ووجهه أنهم صلوا معتقدين وجوب ذلك، ولو كانت الصلاة ممنوعة لأنكر عليهم النبي صلى الله عليه وسلم، وبهذا قال الشافعي و أحمد وجمهور المحدثين وأكثر أصحاب مالك لكن اختلفوا في وجوب الإعادة، فالمنصوص عن الشافعي وجوبها وصححه أكثر أصحابه أي: وجوب الإعادة.

    ومعنى المنصوص أي: الذي نص عليه في كتابه الأم.

    (واحتجوا لهذا بأنه عذر نادر) أي: أن عدم وجود الطهارتين عذر نادر (فلم يسقط الإعادة، والمشهور عن أحمد وبه قال المزني و سحنون و ابن المنذر : لا تجب)، والمزني من تلاميذ الشافعي ومن كبار أئمة الشافعي ، ولكنه هنا خالفه، و سحنون من كبار أئمة المالكية ولكنه هنا خالف مذهب مالك ، و ابن المنذر من كبار علماء الشافعية، وكل من تكلم في الفقه المقارن فهو عالة على ابن المنذر من بعده.

    (احتجوا بحديث الباب؛ لأنها لو كانت واجبة لبينها لهم النبي صلى الله عليه وسلم، إذ لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة وتعقب بأن الإعادة لا تجب على الفور، فلم يتأخر عن وقت الحاجة) أي: لم يتأخر البيان عن وقت الحاجة (وعلى هذا فلا بد من دليل على وجوب الإعادة).

    كلام الحافظ ، يقول: إن الإمام أحمد ومن قال بقوله لا دليل لهم في هذا، فلا بد لهم من دليل آخر على عدم وجوب الإعادة.

    وقد علق ابن باز على كلام الحافظ فقال: ليس هذا التعقيب بجيد، والصواب: أن وجوب الإعادة على الفور عند وجود مقتضاها، فلما لم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالإعادة دل على عدم وجوبها.

    على كل حال الصلاة إذا وجد مقتضاها فاتت في وقتها، ففيها قولين:

    فالشافعية مذهبهم أن الصلاة إذا فاتت بعذر فقضاؤها ليس على الفور، وإذا فاتت بغير عذر فيجب قضاؤها على الفور، ومذهب غيرهم أن الصلاة إذا فاتت بغير عذر فلا يتسنى قضاؤها وليس عليه قضاؤها، فالإثم باق عليه إلا أن تحصل منه التوبة النصوح، وأما إذا فاتت بعذر فيجب قضاؤها على الفور؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( من نام عن الصلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها ) فكلام ابن باز له وجه قوي.

    نرجع إلى كلام الحافظ : (وقال مالك و أبو حنيفة في المشهور عنهما: لا يصلي، لكن قال أبو حنيفة وأصحابه: يجب عليه القضاء) يعني: إذا وجد الماء أو التراب.

    (وبه قال الثوري و الأوزاعي ، وقال مالك فيما حكاه المدنيون: لا يجب عليه القضاء، وهذه الأقوال الأربعة هي المشهورة في المسألة وحكى النووي في شرح المهذب عن القديم تستحب الصلاة وتجب الإعادة، وبهذا تصير الأقوال خمسة) انتهى كلام الحافظ .

    الراجح في وجوب الإعادة لفاقد الطهورين

    إذاً لا بد من أن نقول قولاً نبين فيه القول الراجح من هذه الأقوال الخمسة. والأقرب إلى الصواب من هذه الأقوال ما ذهب إليه الإمام أحمد من وجوب الصلاة في الوقت وعدم وجوب الإعادة.

    أما وجوب الصلاة في الوقت فيدل عليه قوله تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا[البقرة:286]، وقوله صلى الله عليه وسلم: ( إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم )، متفق عليه، والمصلي مأمور بالصلاة والطهارة، وفي وسعه واستطاعته الصلاة فقط لا الطهارة، فإذا قام بما في وسعه واستطاعته فقد حصل منه الامتثال، وهذا يرد قول من قال بعدم وجوب الصلاة في الوقت، وهم الأحناف و مالك .

    وأما من قال بوجوب الإعادة مرة أخرى عند تمكنه من الطهارة فيرد عليه: بأنه لو كانت الصلاة المأمور بها في الوقت صحيحة، فلماذا تجب إعادتها؟! ولو كانت غير صحيحة، فلم يؤمر بفعلها؟!

    فتعين أنها صحيحة ولا تجب إعادتها، ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم: ( لا تصلوا الصلاة في يوم مرتين )، أخرجه أبو داود و أحمد و النسائي ، وصححه ابن السكن ، وصححه أيضاً شيخنا ناصر الدين الألباني في صحيح أبي داود ، رقم خمسمائة واثنين وتسعين، وفيه تعليقه على المشكاة.

    فإن قال قائل: ما معنى قوله: ( لا تصلون الصلاة بيوم مرتين ) قلنا: لا تصليها في اليوم مرتين على أساس أنك تجبر نقصاً في الأولى وهي صحيحة.

    فإن قال قائل: الإعادة داخلة فيها؟

    قلنا: الإعادة ليست داخلة فيها.

    سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك اللهم ونتوب إليك.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756629172