إسلام ويب

شرح المقدمة الآجرومية - باب الأفعالللشيخ : محمد حسن عبد الغفار

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الأفعال ثلاثة أنواع: ماض ومضارع وأمر، فالماضي الأصل فيه أن يبنى على الفتح، وله حالات أخرى، والمضارع الأصل فيه الإعراب، لكنه قد يبنى في بعض الحالات، والأمر الأصل فيه أن يبنى على السكون، وله حالات أخرى.

    1.   

    أقسام الفعل

    إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].

    يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1].

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71].

    أما بعد:

    فإن أصدق الحديث كتاب الله, وأحسن الهدي, هدي النبي صلى الله عليه وسلم, وشر الأمور محدثاتها, وكل محدثة بدعة, وكل بدعة ضلالة, وكل ضلالة في النار.

    سبق وأن قسم المصنف الكلام إلى أقسام ثلاثة: اسم وفعل وحرف, والآن يبدأ الكلام عن الأفعال فقال: الفعل: هو ما دل على معنى في نفسه واقترن بزمان، سواء الزمن الماضي، أو زمن الحال، أو المستقبل.

    تقول: قام يقوم قم, فقام: يدل على معنى القيام في الزمن الماضي.

    ويقوم: يدل على ذلك إما في الحال أو الاستقبال.

    وقم: يدل على المعنى في الاستقبال؛ لأن المخاطب يفعله استقبالاً.

    إذاً الفعل الماضي: هو ما دل على معنى في نفسه واقترن بالزمان الماضي, كأن تقول مثلاً: جاء المعلم, رأيت زيداً, مررت بزيدٍ فكل هذه أفعال ماضية.

    وكما في قول الله تعالى في قصة هود عندما قال لقومه: قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ [الأعراف:89]، فالفعل الماضي في الآية هو: افترينا، وكذلك: عدنا، أصلها: افترى، وعاد.

    وعلامات الفعل الماضي: أن يقبل تاء التأنيث الساكنة، أو تاء الضمير.

    أي: أن يقبل تاء التأنيث وجوباً إذا كان التانيث حقيقياً؛ لأن المؤنث على قسمين: مجازي وحقيقي:

    فالحقيقي لا بد أن تأتي تاء التأنيث في فعله، تقول: طلعت البنت، أما المجازي: وهو الذي لا يلد مثل الشمس فتقول: طلع الشمس، وطلعت الشمس.

    كذلك من علامات الفعل الماضي أنه يقبل تاء الضمير تقول: كتبت الدرس.

    قال الله تعالى: إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ * لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ [الواقعة:1-2].

    وقال تعالى: إِذَا رُجَّتِ الأَرْضُ رَجًّا [الواقعة:4].

    نلاحظ في الآيتين أن تاء التأنيث قد كسرت -مع أن الأصل فيها السكون- وذلك بسبب التقاء الساكنين.

    والفعل المضارع: هو ما دل على معنى في نفسه واقترن بزمان يحتمل الحال أو الاستقبال.

    مثال ذلك: يجتهد المعلم, يدرس الأستاذ, يجيء الفتى , يتعلم الفقيه, كل هذه أفعال مضارعة تدل على الحال أو الاستقبال.

    وللمضارع علامات، فمن علامات المضارع: أن يقبل السين وسوف ولن ولم.

    قال الله تعالى: لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص:4]، فالكلمات: يلد، يولد، يكن، كل هذه أفعال مضارعة؛ لأنها قبلت لم.

    وأيضاً قوله تعالى: لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ [طه:91]، فكلمة: (نبرح) قبلت لن, فالكلمة إذا قبلت لن أو لم أو سوف أو السين، فهذا يدل على أنها فعل مضارع.

    والفعل المضارع له أحكام باعتبار أوله وآخره.

    أما باعتبار أوله: فإن الفعل المضارع لا بد أن يكون مسبوقاً بأحد هذه الحروف المجموعة في كلمة أنيت أو نأيت, وهذا الحرف قد يكون مفتوحاً أو مضموماً.

    وحتى نعرف متى يكون مفتوحاً، ومتى يكون مضموماً فإننا ننظر إلى ماضي الفعل: فإن كان ماضيه رباعياً فإنه يكون مضموماً, كقولك: يقاتل؛ لأن ماضيه: قاتل:

    أما إذا كان ماضيه ثلاثياً أو خماسياً أو سداسياً فإنه يكون مفتوحاً، كأن تقول: يضرب، فإن ماضيه ضرب, ويضطرب، ماضيه اضطرب.

    وكذلك نقول مثلاً: إن الفرق بين يضرب ويُضرِب -بكسر الراء- هو أن الأول ماضيه ضَرَب، والثاني ماضيه أضرب.

    أما فعل الأمر: فهو ما دل على طلب وقوع الفعل من الفاعل مستقبلاً، بغير اقتران لام الأمر, كأن تقول: اجتهد، قم، تعلم, كل، اشرب، كما قال الله تعالى: فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا [مريم:26].

    1.   

    إعراب الفعل

    إعراب الفعل الماضي

    أما حكم الفعل الماضي فالأصل فيه أنه يبنى على الفتح.

    تقول: جلس التلميذ في الفصل:

    جلس: فعل ماض مبني على الفتح.

    حضر المعلم:

    حضر: فعل ماض مبني على الفتح.

    شرب الطفل اللبن: شرب: فعل ماض مبني على الفتح.

    لكن له حالات يتغير فيها:

    الحالة الأولى: يبنى على الضم إذا اتصلت به واو الجماعة, نقول: جاء التلاميذ وقاموا للمعلم.

    قاموا: هنا الفعل (قام) فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة.

    أيضاً تقول: جاء المدرسون ثم قعدوا, فالفعل (قعد) فعل ماض مبني على الضم؛ لأنه اتصل بواو الجماعة.

    الحالة الثانية: أنه يبنى على السكون إذا اتصل به ضمير رفع متحرك, تقول: قمتُ قمتَ قمتِ، قمنا.

    وتقول: درست الكتاب, درس: فعل ماض مبني على السكون؛ لأنه اتصل بضمير رفع متحرك.

    قال الله تعالى: تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ [البقرة:253]، (فضل): فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير رفع متحرك.

    إعراب الفعل المضارع

    الفعل المضارع له ثلاث حالات:

    الحالة الأولى: هي الأصل فيه، أن يكون معرباً، بشرط ألا تتصل به نون النسوة أو نون التوكيد الخفيفة أو الثقيلة.

    تقول: يقوم زيد، يقوم: فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.

    لن يقوم زيد، يقوم: فعل مضارع منصوب بلن، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.

    لم يقم زيد، يقم: فعل مضارع مجزوم بلم، وعلامة جزمه السكون.

    الحالة الثانية: يبنى على السكون إذا اتصلت به نون النسوة, مثل: وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ [البقرة:233].

    يرضع: فعل مضارع مبني على السكون؛ لأنه اتصل بنون النسوة.

    ومثل قوله تعالى: وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ [البقرة:228]: يتربص: فعل مضارع مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة.

    الحالة الثالثة للفعل المضارع: أنه يبنى على الفتح إذا باشرته نون التوكيد المخففة أو المثقلة, كما في قول الله تعالى: لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ [يوسف:32]:

    ليسجنن: فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد المثقلة.

    وهناك قيد أو شرط في أن يبنى على الفتح، وهو أن تباشره نون التوكيد المخففة أو المثقلة، فإن لم تباشره فلا يبنى على الفتح, بل يكون معرباً.

    مثال ذلك: (لتبلون), في قوله تعالى: لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ [آل عمران:186].

    وأيضاً (تتبعان) في قوله: وَلا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ [يونس:89].

    وأيضاً (ترين) في قوله تعالى: فَإِمَّا تَرَيْنَ مِنَ الْبَشَرِ [مريم:26]، فمثلاً هذه الأفعال الثلاثة لا تبنى على الفتح، بل تكون معربة؛ لأن نون التوكيد ليست مباشرة لها.

    إعراب فعل الأمر

    له حالات:

    الحالة الأولى: وهي الأصل في فعل الأمر, أنه يبنى على السكون.

    تقول: اذهب إلى المدرسة, قم فأجب، أو اجلس، أو اقعد؛ كل ذلك يبين أن الأصل في فعل الأمر أن يبنى على السكون.

    الحالة الثانية: إذا اتصل به حرف من حروف العلة -وهي: الألف، والواو، والياء- فإنه يبنى على حذف حرف العلة.

    كأن تقول: اخش ربك.

    أو كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اغز باسم الله، قاتل من كفر بالله).

    وأيضاً قوله صلى الله عليه وسلم لـ سعد : (ارم سعد)، بكسر الميم، حيث إن الكسرة تشير إلى حرف العلة المحذوف، وهو والياء.

    الحالة الثالثة: إذا كان من الأفعال الخمسة، أي: إذا اتصل به ألف الاثنين، أو واو الجماعة أو ياء المخاطبة؛ فإنه يبنى على حذف النون، كأن تقول: قوموا إلى الصلاة:

    قوموا: فعل أمر مبني على حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، أو لأنه اتصل به واو الجماعة.

    التطبيقات:

    استخرج من الأمثلة التالية أي نوع من أنواع الأفعال، وبين حكمه:

    قال الله تعالى: الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ [الرعد:29].

    وقال تعالى في الحديث القدسي: (قسمت الصلاة بيني وبين عبدي).

    وقوله تعالى: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ [العلق:1].

    وقال: وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ [الأحزاب:34].

    وقال تعالى: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ [النحل:125].

    وقال تعالى: فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا [مريم:26].

    قال تعالى: وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا [الكهف:23].

    الإجابة:

    1- (آمنوا وعملوا): كل منهما فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة.

    2- قسمت: قسم: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير رفع متحرك

    3- اقرأ: فعل أمر مبني على السكون؛ لأنه صحيح الآخر، أي: لم يتصل بآخره حرف من حروف العلة.

    4- واذكرن: فعل أمر مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة.

    5- ادعُ: فعل أمر مبني على حذف حرف العلة.

    6- كلي، واشربي، وقري: كل منها فعل أمر مبني على حذف النون, لاتصاله بياء المخاطبة.

    7- في قول الله تعالى: وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا [الكهف:23], تقولن: فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد.

    قال الله تعالى: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ [الفلق:1-5].

    وقال تعالى: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ [الناس:1-6].

    استخرج الأفعال الموجودة في السورتين؟

    الإجابة: في سورة الفلق:

    1- قل: فعل أمر مبني على السكون.

    2- أعوذ: فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعة الضمة الظاهرة على آخره؛ لأنه لم يتصل بآخره شيء.

    3- خلق: فعل ماض مبني على الفتحة الظاهرة على آخره.

    أما في سورة الناس:

    1- قل: فعل أمر مبني على السكون.

    2- أعوذ: كما في سورة الفلق.

    3- يوسوس: فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره، لأنه لم يسبق بجازم ولا بناصب.

    أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، وجزاكم الله خيراً.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756502889