إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. عبد المحسن العباد
  5. سلسلة شرح سنن النسائي
  6. كتاب الصلاة
  7. شرح سنن النسائي - كتاب الإمامة - (باب صلاة الإمام خلف رجل من رعيته) إلى (باب الإمام تعرض له الحاجة بعد الإقامة)

شرح سنن النسائي - كتاب الإمامة - (باب صلاة الإمام خلف رجل من رعيته) إلى (باب الإمام تعرض له الحاجة بعد الإقامة)للشيخ : عبد المحسن العباد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن أحق الناس بإمامة الصلاة هو الأقرأ لكتاب الله؛ سواء كان صغيراً أم كبيراً، بصيراً أم أعمى، وليس للزائر أن يتقدم على إمام المسجد إلا بإذنه، كما أنه يجوز لإمام المسلمين أن يصلي خلف رجل من رعيته.

    1.   

    صلاة الإمام خلف رجل من رعيته

    شرح حديث: (آخر صلاة صلاها رسول الله... خلف أبي بكر)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [صلاة الإمام خلف رجل من رعيته.

    أخبرنا علي بن حجر حدثنا إسماعيل حدثنا حميد عن أنس رضي الله عنه أنه قال: (آخر صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم مع القوم، صلى في ثوب واحد متوشحاً خلف أبي بكر)].

    يقول النسائي رحمه الله: صلاة الإمام خلف رجل من رعيته، وأورد فيه حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: (أن آخر صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في ثوب واحد متوشحاً به خلف أبي بكر)، والمقصود منه قوله: (خلف أبي بكر )، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى خلف أبي بكر.

    وصلاة الرسول صلى الله عليه وسلم في مرض موته اختلفت فيها الروايات، هل كان إماماً، أو كان مأموماً؟ وهل الإمام أبو بكر رضي الله تعالى عنه؟ من العلماء من قال بالتعدد، ومنهم من قال بترجيح أنه كان هو الإمام، والأظهر هو عدم التعدد، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الإمام، كما جاءت الروايات موضحة ذلك؛ حيث إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي به يهادى بين رجلين حتى جلس على يسار أبي بكر، فصلى جالساً، وأبو بكر على يمينه يأتم برسول صلى الله عليه وسلم، ويأتم الناس بـأبي بكر، أي: أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان صوته خافتاً؛ لأنه في مرض شديد، فلا يسمعه إلا من حوله، وأبو بكر رضي الله عنه يسمع صوته، فيكبر، فيسمعه الناس، وقد جاءت بعض الروايات موضحة فتكون هي الأرجح، ويكون من قال: إنه صلى خلف أبي بكر، أن يحمل على أنه إما أن يكون لم يسمع صوت الرسول صلى الله عليه وسلم، وإنما يسمع صوت أبي بكر، فيظن أنه الإمام، لا سيما وقد دخل في الصلاة قبل أن يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، والناس يعرفون أن أبا بكر هو الذي صلى بهم، ودخل في الصلاة، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم جاء بعدما دخل أبو بكر في الصلاة، وجلس على يمينه، ولكن الأظهر من هذا، والأوضح من هذا في الدلالة على الترجمة الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه: (أن النبي عليه الصلاة والسلام كان في سفر، فتأخر لقضاء حاجته، وتقدم الجيش، وعندما حان وقت الصلاة لم يأت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقيمت الصلاة وصلى عبد الرحمن بن عوف بالناس، ولما فرغ من الركعة الأولى، وصار في الركعة الثانية، وصل رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل مأموماً خلف عبد الرحمن بن عوف، ولما قضى عبد الرحمن الصلاة قام رسول صلى الله عليه وسلم ليقضي الركعة التي سبق فيها)، فهذا هو الدليل الواضح على الترجمة.

    وكذلك الحديث الذي مر في قصة استخلاف أو قصة صلاة أبي بكر عندما ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلح بين بني عمرو بن عوف، حيث جرى بينهم خلاف، وحان وقت الصلاة ولم يأت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى أبو بكر، ودخل في الصلاة، فجاء رسول الله عليه الصلاة والسلام حتى وصل إلى الصف الأول، ودخل في الصف، ودخل في الصلاة خلف أبي بكر، فالناس صاروا يصفقون، يريدون أن ينبهوا أبا بكر أن الرسول صلى الله عليه وسلم وصل، فلما أكثروا من التصفيق التفت أبو بكر، وإذا رسول الله عليه الصلاة والسلام قائماً يصلي وراءه، فأشار إليه بأن يبقى مكانه، يواصل، ويستمر في الصلاة، فهذا دليل واضح على أنه صلى خلفه؛ لأن صلى جزءاً من الصلاة خلفه، حيث دخل في الصلاة، وأبو بكر هو الإمام، أراد منه أن يواصل، حيث أشار إليه بأن يستمر.

    فهذان الدليلان هما الواضحان وضوحاً جلياً بأن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى خلف رجل من رعيته، فقد صلى خلف عبد الرحمن بن عوف ركعة، وقام يقضي الركعة الباقية، وصلى خلف أبي بكر بعض ركعة، وأشار إليه أن يواصل الصلاة، وأن يستمر فيها، ولكن أبا بكر رضي الله عنه لم ير أن يستمر مصلياً بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا كان الإمام أو إمام المسجد جاء وقد أقيمت الصلاة، فإذا كان مضى شيء من الصلاة فإن الأولى أن يستمر النائب كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم مع عبد الرحمن بن عوف، وإذا كان في أول الصلاة فلا بأس أن يتأخر الإمام النائب، ويتقدم الذي هو الإمام الراتب، أو الذي حصلت النيابة عنه؛ لأن الصلاة لم يفت منها شيء، ولكن إذا فات منها شيء فالأولى أن يستمر الإمام النائب في الصلاة، والإمام الراتب يصلي وراء ذلك الإمام الذي ناب عنه.

    وحديث أنس الذي معنا ليس بواضح الدلالة على الترجمة من جهة أن الروايات اختلفت في صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرض موته، حيث أتي به يهادى بين رجلين، حتى أجلس على يسار أبي بكر وهو يصلي بالناس في أول الصلاة، فصار رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الإمام، وأبو بكر يقتدي به، والمصلون وراءه يقتدون بـأبي بكر، بمعنى آخر كان الرسول صلى الله عليه وسلم جالساً، وأبو بكر بجواره قائماً، وهو يكبر بتكبير رسول الله عليه الصلاة والسلام، والناس يتابعون أبا بكر ولا يسمعون صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    إذاً: ترجمة الحديث ليس بواضح الدلالة عليها، والذي هو واضح ما أشرت إليه من الحديثين، الحديث الذي مر عند النسائي، والحديث الذي رواه مسلم في صحيحه في صلاة عبد الرحمن بن عوف إماماً ورسول الله صلى الله عليه وسلم وراءه.

    تراجم رجال إسناد حديث: (آخر صلاة صلاها رسول الله... خلف أبي بكر)

    قوله: [أخبرنا علي بن حجر].

    هو علي بن حجر بن إياس السعدي المروزي، ثقة، حافظ، خرج له البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي، وقد أكثر مسلم الرواية عن علي بن حجر بن إياس السعدي المروزي .

    [حدثنا إسماعيل].

    وهو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي المشهور بـابن علية، وهو ثقة، ثبت، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [حدثنا حميد].

    وهو حميد بن أبي حميد الطويل البصري، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن أنس].

    وهو أنس بن مالك رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخادمه، خدمه عشر سنوات منذ قدم المدينة إلى أن توفاه الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وهو من صغار الصحابة، وقد عاش وعمر طويلاً حتى أدركه صغار التابعين ومتوسطوهم ورووا عنه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة، بل هو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    وهذا الإسناد من الأسانيد العالية عند النسائي؛ لأنه رباعي، وأعلى الأسانيد عند النسائي الرباعيات، وهنا بين النسائي وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة أشخاص: علي بن حجر، وإسماعيل بن علية، وحميد الطويل، وأنس بن مالك رضي الله تعالى عنه، فهؤلاء الأربعة هم إسناد هذا الحديث، وهم رجال هذا الحديث، وهو من أعلى الأسانيد عند النسائي ؛ لأن أعلى ما عنده الرباعيات، وليس عنده شيء من الثلاثيات، ومثل النسائي -في أن أعلى ما عنده الرباعيات- مسلم، وأبو داود، فهؤلاء الثلاثة أعلى ما عندهم الرباعيات، وأما البخاري فعنده اثنان وعشرون حديثاً ثلاثياً، والترمذي عنده حديث واحد ثلاثي، وابن ماجه عنده خمسة أحاديث ثلاثية، وكلها بإسناد واحد، أي: الخمسة الثلاثيات التي عند ابن ماجه .

    شرح حديث: (أن أبا بكر صلى للناس ورسول الله صلى في الصف)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن المثنى حدثنا بكر بن عيسى صاحب البصرى سمعت شعبة يذكر عن نعيم بن أبي هند عن أبي وائل عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها: (أن أبا بكر صلى للناس ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الصف)].

    وهنا أورد النسائي هذا الحديث، وهو حديث عائشة : (أن أبا بكر صلى للناس، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الصف)، وهذا الحديث إذا كان المراد به الذي حصل في مرض موته صلى الله عليه وسلم فقد عرفنا ما يتعلق به، وإن كان المراد به ما حصل من قصة تقدمه إماماً، أي: تقدم أبي بكر إماماً، وأن الرسول ذهب يصلح بين بني عمرو بن عوف، ثم جاء ودخل في الصف وراءه فهذا لا شك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في الصف، والذي صلاه خلف أبي بكر هو بعض ركعة، وهذا واضح الدلالة على ما ترجم له، ولكن إذا كان مقصوده في مرض موته فهذا ليس بواضح، بل لم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم بالصف في مرض موته، بل كان على يسار أبي بكر كما جاءت الروايات مبينة، وموضحة ذلك، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى جالساً، وأبو بكر يصلي قائماً عن يمينه، يقتدي أبو بكر برسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقتدي المأمومون بـأبي بكر رضي الله تعالى عنه.

    تراجم رجال إسناد حديث: (أن أبا بكر صلى للناس ورسول الله صلى في الصف)

    قوله: [أخبرنا محمد بن المثنى].

    محمد بن المثنى هو أبو موسى الملقب بـالزمن.

    إذاً: محمد بن المثنى العنزي كنيته أبو موسى، ولقبه الزمن، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة جميعاً، فقد رووا عنه مباشرة وبدون واسطة، وهو من صغار شيوخ البخاري، وقد مات قبل البخاري بأربع سنوات، وقد أدركه من بعد البخاري، ولهذا فإن النسائي روى عنه، ووفاته سنة: (303هـ)، وروى عنه من هو متأخر بعد البخاري .

    إذاً: فهو من صغار شيوخ البخاري، وروى عنه من هو بعد البخاري، وكانت وفاته قبل البخاري بأربع سنوات؛ لأن البخاري توفي سنة: (256هـ)، ومحمد بن المثنى توفي سنة: (252هـ)، ويماثله في هذا -أعني: كونه شيخاً لأصحاب الكتب الستة- محمد بن بشار، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي، فهؤلاء الثلاثة ماتوا في سنة واحدة، في سنة: (252هـ)، وكل واحد منهم شيخ لأصحاب الكتب الستة.

    [حدثنا بكر بن عيسى].

    بكر بن عيسى صاحب البصري، وصاحب البصري، ولا أدري ما المراد بها، ولا عرفت ما يوضحها ويبينها، وبكر بن عيسى الراسبي ثقة، خرج له النسائي وحده، والمصادر المختلفة كلها تذكر صاحب البصري أو صاحب البصرى، ومثله شخص آخر كذلك، وهو يحيى بن كثير، فإنه ذكر في ترجمته أنه صاحب البصري أو صاحب البصرى، وما عرفت حتى الآن ما المراد بهذا الوصف، وبعض المحدثين نسبه وقال: البصري، ولكن عند النسائي هنا، وفي تهذيب الكمال، وفي تهذيب التهذيب، وفي بعض الكتب يأتون بهذا اللفظ، وما المراد بهذا الوصف؟

    وبكر بن عيسى ثقة أخرج حديثه النسائي وحده.

    [سمعت شعبة يذكر].

    شعبة بن الحجاج، المحدث، الناقد، الثقة، الثبت، الذي وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    [عن نعيم بن أبي هند].

    نعيم بن أبي هند ثقة، خرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأبو داود في المراسيل، والنسائي، وابن ماجه .

    [عن أبي وائل].

    وهو شقيق بن سلمة، وهو ثقة، ثبت، مخضرم، حديثه عند أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بكنيته، ويأتي باسمه أحياناً، ومعرفة كنى المحدثين من الأمور المهمة في علم مصطلح الحديث، وفائدتها أن لا يظن الشخص الواحد شخصين فيما إذا ذكر مرة باسمه ومرة بكنيته، فإن من لا يعرف أن هذه الكنية لصاحب هذا الاسم يظن أن الشخص الواحد يكون شخصين، ومعرفة ذلك يسلم معها من مثل هذا اللبس الذي قد يحصل لمن لا يعرف.

    [عن مسروق].

    هو ابن الأجدع المدني، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن عائشة].

    هي عائشة أم المؤمنين، الصديقة بنت الصديق، التي أنزل الله براءتها في آيات تتلى في كتاب الله عز وجل، وهي الصحابية الوحيدة التي عرفت بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذين عرفوا بكثرة الحديث سبعة، ستة من الرجال، وامرأة واحدة هي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وهؤلاء السبعة هم الذين يتكرر ذكرهم في الأحاديث، ومنهم أنس بن مالك الذي تقدم في الإسناد الذي قبل هذا، ويقول السيوطي فيهم في ألفيته:

    والمكثرون في رواية الأثر أبو هريرة يليه ابن عمر

    وأنس والبحر كالخدريِ وجابر وزوجة النبيِ

    زوجة النبي يراد بها عائشة رضي الله تعالى عنها.

    1.   

    إمامة الزائر

    شرح حديث: (إذا زار أحدكم قوماً فلا يصلين بهم)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [إمامة الزائر.

    أخبرنا سويد بن نصر حدثنا عبد الله عن أبان بن يزيد حدثنا بديل بن ميسرة حدثنا أبو عطية مولى لنا عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا زار أحدكم قوماً فلا يصلين بهم)].

    أورد النسائي إمامة الزائر، والزائر هو الذي يزور الناس في منزلهم، وفي مكانهم، فليس له حق الإمامة، بل هم أحق بالإمامة منه، ولكن إذا قدموه يتقدم، وهذا مثلما عرفنا فيما مضى بالنسبة للإمام، وبالنسبة لصاحب البيت، وبالنسبة للإمام الراتب، فهم أولى الناس بالإمامة، وإن كان غيرهم أقرأ منهم، ولكن إذا قدم الزائر، أو من له حق الصلاة، أو الإمامة، فلغيره أن يتقدم، فالمنع هنا كونه يتقدم بنفسه، فهو ممنوع من هذا، ومنهي عن هذا، ولكن إذا أذن له، أو طلب منه فإن له أن يتقدم، ولا بأس بذلك؛ لأن صاحب الحق إذا طلب من غيره أن يصلي، وأن يتقدم بإذنه فلا بأس بذلك، وإنما الممنوع أن يتقدم بدون أن يؤذن له، فهذا هو الذي يدل عليه الحديث، ويقتضيه النهي.

    تراجم رجال إسناد حديث: (إذا زار أحدكم قوماً فلا يصلين بهم)

    قوله: [أخبرنا سويد بن نصر].

    سويد بن نصر المروزي، وهو ثقة، خرج حديثه الترمذي، والنسائي.

    [حدثنا عبد الله].

    وهو عبد الله بن المبارك، ثقة، ثبت، إمام، حجة، ذكر ابن حجر رحمه الله عدداً من صفاته في التقريب، ثم قال: جمعت فيه خصال الخير، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    [عن أبان بن يزيد].

    أبان بن يزيد، وهو العطار، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه فإنه لم يخرج له شيئاً.

    [حدثنا بديل بن ميسرة].

    هو بديل بن ميسرة العقيلي البصري، وهو ثقة، خرج حديثه مسلم، والأربعة.

    [حدثنا أبو عطية مولى لنا ].

    يقال له: أبو عطية، وذكره في الترجمة أبو عطية مولى بني عقيل؛ لأن بديل بن ميسرة العقيلي في نسبه العقيلي، يقال هنا: أبو عطية مولى بني عقيل، وهو مقبول، خرج حديثه أبو داود، والترمذي، والنسائي.

    [عن مالك بن الحويرث].

    مالك بن الحويرث صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    1.   

    إمامة الأعمى

    شرح حديث: (أن عتبان بن مالك كان يؤم قومه وهو أعمى...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [إمامة الأعمى.

    أخبرنا هارون بن عبد الله حدثنا معن حدثنا مالك ح، وحدثنا الحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع واللفظ له عن ابن القاسم حدثني مالك عن ابن شهاب عن محمود بن الربيع رضي الله عنه: (أن عتبان بن مالك رضي الله عنه كان يؤم قومه وهو أعمى، وأنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إنها تكون الظلمة، والمطر، والسيل، وأنا رجل ضرير البصر، فصل -يا رسول الله- في بيتي مكاناً أتخذه مصلى، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أين تحب أن أصلي لك؟ فأشار إلى مكان من البيت، فصلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم)].

    هنا أورد النسائي هذه الترجمة، وهي إمامة الأعمى، وأنها سائغة، ولا مانع منها، وأورد فيها حديث عتبان بن مالك رضي الله تعالى عنه، وعتبان بن مالك الأنصاري رضي الله تعالى عنه كان يؤم قومه، وهو أعمى -وهذا هو محل الشاهد- وطلب من النبي عليه الصلاة والسلام أن يزوره في منزله، وأن يصلي في مكان من منزله يتخذه مصلى إذا كان هناك ما يمنع من الذهاب إلى المسجد، كحصول السيل، والمطر، وجاء إليه الرسول صلى الله عليه وسلم، وطلب منه المكان الذي يريد أن يتخذه مصلى، فعينه له، فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك المكان الذي أراده عتبان، والمقصود من الحديث هو الدلالة على إمامة الأعمى، وأن الحديث يدل عليها؛ لأنه كان يؤم قومه وهو أعمى.

    تراجم رجال إسناد حديث: (أن عتبان بن مالك كان يؤم قومه وهو أعمى...)

    قوله: [أخبرنا هارون بن عبد الله].

    هو هارون بن عبد الله البغدادي، وهو ثقة، خرج له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.

    [حدثنا معن].

    هو معن بن عيسى المدني صاحب الإمام مالك .

    قال أبو حاتم الرازي : أثبت أصحاب مالك.

    وهو ثقة، ثبت، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [حدثنا مالك].

    هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة، المحدث، الفقيه، صاحب المذهب المعروف، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    ثم ذكر النسائي (ح) التحويل، والمراد بها التحول من إسناد إلى إسناد؛ لأنه ذكر إسناداً، وذكر ثلاثة أشخاص: شيخه، وشيخ شيخه، وشيخ شيخ شيخه، ثم رجع النسائي، وأتى بإسناد جديد، حتى حصل التلاقي بين الإسنادين الأول والآخر عند الإمام مالك، و(ح) هذه معناها: الإشارة إلى التحول من إسناد إلى إسناد؛ لأن الرجل الذي بعد (ح) ليس متقدماً على الرجل الذي قبلها، وإنما الرجل الذي بعد (ح) هو شيخ للنسائي، فهو تحول من إسناد إلى إسناد، ويلتقي الإسناد الأول، والإسناد الثاني عند مالك، فهذا هو المراد بـ(ح) .

    [حدثنا الحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع].

    الحارث بن مسكين هو المصري، وهو ثقة، فقيه، خرج حديثه أبو داود، والنسائي .

    [واللفظ له].

    لأن اللفظ لشيخه الثاني الحارث بن مسكين، وليس لشيخه الأول هارون بن عبد الله الذي جاء في الإسناد الأول.

    [عن ابن القاسم].

    و ابن القاسم هو عبد الرحمن بن القاسم صاحب الإمام مالك، وحديثه أخرجه البخاري، وأبو داود في المراسيل، والنسائي .

    [حدثنا مالك].

    مالك، وهذا ملتقى الإسنادين؛ لأن الإسناد الأول: هارون عن معن عن مالك، والثاني: الحارث بن مسكين عن عبد الرحمن بن القاسم عن مالك، فتلاقى الإسنادان عند مالك، ثم صار الإسناد واحداً من مالك فما فوق، ودون مالك تشعب منه طريقان، أو تفرع منه طريقان: طريق فيه معن بن عيسى، ويروي عنه هارون بن عبد الله، ثم النسائي يروي عنه، ثم الطريق الثاني: عبد الرحمن بن القاسم، وعبد الرحمن بن القاسم يروي عنه الحارث بن مسكين .

    [عن ابن شهاب].

    ابن شهاب هو الذي يتكرر ذكره كثيراً، محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله، ومشهور بالنسبة إلى جده شهاب، ومشهور بالنسبة إلى جده زهرة بن كلاب، فيقال له: الزهري نسبة إلى زهرة بن كلاب، ويقال له ابن شهاب نسبة إلى جده شهاب الذي هو جد جده، أي: واحد من أجداده هو جد جده، والزهري محدث، فقيه، مكثر من الرواية، وإمام جليل، حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    [عن محمود بن الربيع].

    محمود بن الربيع صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو من صغار الصحابة، وأكثر روايته عن الصحابة، أي: ما يرويه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فغالبه من المراسيل، وأحياناً -كما هنا- يذكر الراوي الذي يروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ذكر عن عتبان بن مالك، فهو من صغار الصحابة، ومعلوم أن الصحابي إذا أضاف إلى الرسول صلى الله عليه وسلم شيئاً فيعتبر إذا كان من صغار الصحابة مرسل، ولكن مراسيل الصحابة حجة؛ لأنهم لا يأخذون إلا عن الصحابة، ولا يروون إلا عن الصحابة، وإذا رووا عن غيرهم بينوا، فيحمل ما جاء من مراسيلهم على أنه عن الصحابة، والصحابة أخذوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    ومحمود بن الربيع أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [أنّ عتبان].

    هو عتبان بن مالك الأنصاري، أخرج له البخاري، ومسلم، وأبو داود في كتاب مسند مالك، والنسائي، وابن ماجه .

    1.   

    إمامة الإمام قبل أن يحتلم

    شرح حديث عمرو بن سلمة في إمامته لقومه وهو ابن ثمان سنين

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [إمامة الإمام قبل أن يحتلم.

    أخبرنا موسى بن عبد الرحمن المسروقي حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن سفيان عن أيوب حدثني عمرو بن سلمة الجرمي رضي الله عنه أنه قال: (كان يمر علينا الركبان فنتعلم منهم القرآن، فأتى أبي النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ليؤمكم أكثركم قرآناً، فجاء أبي، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ليؤمكم أكثركم قرآناً، فنظروا فكنت أكثرهم قرآناً، وكنت أؤمهم، وأنا ابن ثمان سنين)].

    هنا أورد النسائي إمامة الغلام قبل أن يحتلم، أي: قبل أن يبلغ ، والاحتلام كما هو معلوم يكون إما بالإنزال، وإن كان لم يصل إلى سن الخامس عشرة، حيث يحصل منه الاحتلام في منامه، أو يتزوج، ويحصل منه الإنزال، فيحصل البلوغ بذلك، فإذا لم يحصل شيء من ذلك، إذا أكمل الخمس عشرة حصل البلوغ، وهنا يقول: قبل أن يحتلم، أي: قبل أن يبلغ سن الحلم الذي هو سن التكليف، فهذا هو المقصود بالترجمة.

    وأورد بالاستدلال عليها حديث عمرو بن سلمة الجرمي رضي الله تعالى عنه: أنهم كانوا يتلقون الركبان ويأخذون منهم القرآن الذي يسمعونه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه الرواية تبين كيف تحصل عمرو بن سلمة على القرآن، وأنه كان يلتقي بالركبان التي تمر بهم آتين من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيتعلم منهم القرآن، فجاء أبوه سلمة، وقال: إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (يؤمكم أكثركم قرآناً، قال: فنظروا، فوجدوني أكثرهم قرآناً، فقدموني وأنا ابن ثمان سنين)، وهذا محل الشاهد؛ كونه قدم لأنه أكثرهم قرآناً وعمره ثمان سنوات، والحديث رواه البخاري، ورواه أبو داود، والنسائي، واستدل به من استدل به على صحة إمامة الغلام قبل أن يحتلم قبل أن يصل سن البلوغ، وقالوا: إن الصحابة رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم قدموه، ومن يقول: إن الغلام لا يتقدم إلا إذا بلغ، يقول: إن هذا فعل حصل في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكنه لم يبلغ الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا يوجد شيء يدل على أنه بلغ الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن المعلوم أنهم إذا أضافوه إلى زمن النبوة فإنه يكون له حكم الرفع، ولهذا جاء في حديث أبي سعيد رضي الله عنه: كنا نعزل والقرآن ينزل، لو كان شيئاً ينهى عنه لنهانا عنه القرآن، فإذا أضيف الشيء إلى زمن النبوة فإنه يكون له حكم الرفع، وحكم الإضافة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، والخلاف كما ذكرت بين العلماء، منهم من قال: بصحة إمامة الصبي؛ الغلام الذي لم يحتلم، واستدل بهذا الحديث، ومنهم من رأى خلاف ذلك، وأجاب عن الحديث بما ذكرت.

    تراجم رجال إسناد حديث عمرو بن سلمة في إمامته لقومه وهو ابن ثمان سنين

    قوله: [أخبرنا موسى بن عبد الرحمن المسروقي].

    موسى بن عبد الرحمن المسروقي، ثقة، خرج له الترمذي، والنسائي، وابن ماجه .

    [حدثنا حسين بن علي].

    حسين بن علي، هو الجعفي، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    [عن زائدة].

    هو زائدة بن قدامة أبو الصلت، وهو ثقة، ثبت، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    [عن سفيان].

    وهو الثوري، سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، روى عنه زائدة، وهو من أقرانه، من طبقته، يعني: مماثل له في الشيوخ، والتلاميذ، وروايته عنه تعتبر من رواية الأقران؛ لأن رواية الأقران أن يروي الرجل عمن هو مثله في السن، أو اللقي، أو المقدار، فالرواية عنه من رواية الأقران، ليس من طبقة شيوخه، وإنما هو من أمثاله، ولكنه كما هو معلوم يروي المثيل عن مثيله ما لم يسمعه، بل قد يروي عن تلميذه، وهذه تسمى رواية الأكابر عن الأصاغر، فيما إذا حصل التلميذ شيئاً عن طريق السفر، والشيخ ما سافر، فيروي عن تلميذه، فتسمى: رواية الأكابر عن الأصاغر، وأما رواية المثيل عن المثيل، فهي من رواية الأقران، وكذا الزميل عن الزميل، ورواية الأكابر الذين هم الشيوخ عن التلاميذ، أو الآباء عن الأبناء، تعتبر من رواية الأكابر عن الأصاغر.

    وسفيان هو الثوري وليس ابن عيينة، وابن عيينة يروي عن زائدة بن قدامة، وأما زائدة فقد روى عن رفيقه وعن مثيله الثوري، والثوري هو سفيان بن سعيد بن مسروق الكوفي، ثقة، ثبت، حجة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    [عن أيوب].

    وهو ابن أبي تميمة السختياني، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [حدثني عمرو بن سلمة].

    عمرو بن سلمة الجرمي، وهو صحابي صغير، يروي عن أبيه سلمة الجرمي، أخرج له البخاري، وأبو داود، والنسائي، وقد رووا عنه هذا الحديث الذي يتعلق بصلاته.

    وهو يروي عن أبيه سلمة بن قيس الجرمي، له وفادة، أي: وفد على الرسول صلى الله عليه وسلم؛ ولعل هذا الحديث كان أبوه ذهب إلى الرسول وجاء وأخبرهم بهذا الحديث: (يؤم القوم أكثرهم قرآناً)، وحديثه كابنه عند البخاري، وأبي داود، والنسائي .

    1.   

    قيام الناس إذا رأوا الإمام

    شرح حديث: (إذا نودي للصلاة فلا تقوموا حتى تروني)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [قيام الناس إذا رأوا الإمام.

    أخبرنا علي بن حجر حدثنا هشيم عن هشام بن أبي عبد الله وحجاج بن أبي عثمان عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا نودي للصلاة فلا تقوموا حتى تروني)].

    وهنا أورد النسائي قيام الناس إذا رأوا الإمام، أي: قيام الناس للصلاة، فإذا أقيمت الصلاة فيقومون إذا رأوا الإمام؛ وذلك أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يكون في بيته، فيأتيه بلال فيؤذنه بالصلاة، ثم يأتي ويقيم، فالرسول صلى الله عليه وسلم طلب منهم أن لا يقوموا إلا إذا رأوه؛ وذلك أنه قد يكون هناك ما يشغله، فيطول عليهم الوقوف في انتظار الإمام، ولكن إذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم، ورأوه قد وصل فإنهم يقومون، وإلا فإنهم يبقون حتى يروه.

    فقال: (إذا نودي للصلاة فلا تقوموا حتى تروني)، (إذا نودي للصلاة)، أي: في الإقامة، (فلا تقوموا حتى تروني)؛ لأنه يكون في بيته، ثم يأتي بلال ويؤذن في الصلاة، فيذهب، ويقيم، ويأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويصلي بالناس، فأرشدهم إلى أن لا يقوموا إلا إذا رأوه؛ لئلا يطول قيامهم، وهو لم يقف في المصلى ليصلي بهم.

    تراجم رجال إسناد حديث: (إذا نودي للصلاة فلا تقوموا حتى تروني)

    قوله: [أخبرنا علي بن حجر].

    علي بن حجر، هو السعدي الذي تقدم ذكره قريباً.

    [حدثنا هشيم].

    هو هشيم بن بشير الواسطي، وهو ثقة، ثبت، كثير الإرسال، والتدليس الخفي، والإرسال هو أن يروي الراوي عمن لم يعاصره، وإذا كان قد عاصره ولم يلقه ثم روى عنه، فإنه يكون مرسلاً خفياً، فإذا روى عمن لم يعاصره فالإرسال واضح؛ لأن الانقطاع بين، ومعناه فيه واسطة محذوفة؛ لأنه ما دام أنه ما أدركه، ولم يكن في عصره فهو مرسل جلي واضح، ولكن إذا كان معاصراً له، ولم يلقه، ولم يسمع منه، ثم روى عنه، وهو معاصر له، ولم يلقه فإنه يكون مرسلاً خفياً، ففرق بينه وبين التدليس؛ لأن التدليس يختص بمن روى عمن عرف لقاؤه إياه، وصار شيخاً من شيوخه، فيروي عن شيخه ما لم يسمع منه بلفظ موهم السماع.

    وأما المرسل الخفي فهو يروي عمن عاصره ولم يلقه، والخفاء في كونه معاصراً له، فهذا هو وجه الخفاء فيه، أما إذا كان بينه وبينه مسافة بأنه لم يدرك عصره، فالإرسال واضح جلي، هشيم بن بشير حديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    [عن هشام بن أبي عبد الله].

    هو هشام بن أبي عبد الله الدستوائي، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    حجاج بن أبي عثمان].

    أي: يروي عن اثنين، وحجاج ثقة، حديثه أيضاً عند أصحاب الكتب الستة.

    [عن يحيى بن أبي كثير].

    هو يحيى بن أبي كثير اليمامي، وهو ثقة، يرسل ويدلس، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    [عن عبد الله بن أبي قتادة الأنصاري].

    وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    وهو يروي عن أبيه أبي قتادة الأنصاري، وهو الحارث بن ربعي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    1.   

    الإمام تعرض له الحاجة بعد الإقامة

    شرح حديث: (أقيمت الصلاة ورسول الله نجي لرجل فما قام إلى الصلاة حتى نام القوم)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [الإمام تعرض له الحاجة بعد الإقامة.

    أخبرنا زياد بن أيوب حدثنا إسماعيل حدثنا عبد العزيز عن أنس رضي الله عنه أنه قال: (أقيمت الصلاة ورسول الله صلى الله عليه وسلم نجي لرجل، فما قام إلى الصلاة حتى نام القوم)].

    وهذا أورد النسائي هذه الترجمة، وهي: الإمام تعرض له الحاجة بعد الإقامة، يعني: إن مثل ذلك إذا حصل، وعرض له حاجة، وتأخر عن الدخول في الصلاة فإنه لا بأس بذلك؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام عرضت له حاجة، ووقف طويلاً مع هذا الذي وقف معه يناجيه، وحتى أن الناس ناموا، أي: حصل النعاس من بعضهم، وهذا يوضح معنى الترجمة السابقة، وهي: قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إذا نودي للصلاة فلا تقوموا حتى تروني)، أي: يرونه في المصلى؛ لأنه يطول قيامهم، وحتى لو حصل، وأرادوا أن يجلسوا فإنه لا بأس بذلك.

    وأورد النسائي حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام (أقيمت الصلاة وهو نجي لرجل)، أي: يناجيه، يتكلم معه، (فما قام إلى الصلاة حتى نام القوم)، ولعل هذه الحاجة كانت لأمر ضروري، لعله كان لأمر اضطره إلى ذلك، حيث شغله عن أن يصلي بالناس، وقد أقيمت الصلاة.

    فالحاصل: أنه لا مانع أن يكون هناك فاصل بين الإقامة وبين الدخول في الصلاة، وأن الإمام إذا عرض له عارض، وعرضت له حاجة بعد الإقامة فإنه لا بأس أن يقوم بهذه الحاجة التي عرضت له، ثم يصلي بالناس بتلك الإقامة التي قد حصلت، وهو واضح الدلالة على أن الفصل بين الإقامة وبين الدخول في الصلاة سائغ عندما توجد حاجة إليه.

    تراجم رجال إسناد حديث: (أقيمت الصلاة ورسول الله نجي لرجل فما قام إلى الصلاة حتى نام القوم)

    قوله [زياد بن أيوب].

    هو زياد بن أيوب البغدادي، وهو ثقة، حافظ، لقبه دلويه، ولقبه أحمد بن حنبل شعبة الصغير، وحديثه عند البخاري، وأبي داود، والترمذي، والنسائي .

    [حدثنا إسماعيل].

    إسماعيل هو ابن علية، وهو ثقة، ثبت، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [حدثنا عبد العزيز].

    وهو ابن صهيب البصري، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    [عن أنس بن مالك].

    صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد مر ذكره، وهذا الحديث من الأسانيد العالية عند النسائي، ومن الرباعيات التي هي أعلى الأسانيد عند النسائي ؛ لأنه بين النسائي وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم زياد بن أيوب، وإسماعيل بن علية، وعبد العزيز بن صهيب، وأنس بن مالك .

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755908433