الجواب: سبق لنا أن الإيمان أعلى مرتبةً من الإسلام، والإنسان يعلم أنه مؤمن بما يكون في قلبه من الإقرار الجازم بما يجب الإيمان به وهو الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره، وبما يكون لهذا الإيمان من النتائج وهي الإنابة إلى الله عز وجل بفعل الطاعات، والتوبة إليه من المعاصي، ومحبة الخير للمؤمنين، ومحبة النصر للإسلام، وغير ذلك من موجبات الإيمان التي تدل دلالة واضحة على أن الإنسان مؤمن، ويمكن العلم بأن الإنسان مؤمن بأن يطبق أقواله وأعماله على ما جاءت به السنة، مثل: ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه )، فلينظر هل هو يحب لأخيه ما يحب لنفسه، أو يحب أن يستأثر على أخيه ولا يهتم بشأنه أم ماذا؟ وليطبق ذلك أيضاً على نفسه في المعاملة هل هو ناصح في معاملته لإخوانه أو غاشاً لهم؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( الدين النصيحة.. الدين النصيحة.. الدين النصيحة.. قالوا: لمن يا رسول الله؟! قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم ).
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( من غش فليس منا )، فلينظر إلى هذا.
ولينظر أيضاً هل هو حسن الجوار بجيرانه أو على خلاف ذلك؟ لأن حسن الجوار من علامات الإيمان، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( والله لا يؤمن.. والله لا يؤمن.. والله لا يؤمن، من لا يأمن جاره بوائقه ).
وقال صلى الله عليه وسلم: ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره ) إلى غير ذلك من الأحاديث التي يعرف بها الإنسان ما عنده من الإيمان قوةً وضعفاً، فالإنسان العاقل البصير يزن إيمانه بما يقوم به من طاعة الله، واجتناب معصيته، ومحبة الخير لنفسه وللمسلمين.
وأما قول القائل: أنا مؤمن وإيماني قوي، فهذا إن قاله على سبيل التزكية لنفسه فقد أساء؛ لقول الله تعالى: فَلا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى [النجم:32] ، وإن قالها على سبيل التحدث بنعمة الله وتشجيع غيره على تقوية إيمانه فلا حرج عليه في ذلك، ولا بأس به، والإنسان يعرف قوة إيمانه كما ذكرنا آنفاً بآثاره التي تترتب عليه، ومتى قوي الإيمان صار الإنسان كما أنه يشاهد علم الغيب الذي أخبر الله عنه، بحيث لا يكون عنده أدنى شك فيما أخبر الله به ورسوله من أمور الغيب.
الجواب: هذه الوحشة التي تصيب المرأة أحياناً تقع لكثير من الناس، يأتيه الشيطان ويروعه ويقول له: أنت تموت هذه الليلة أو غداً أو بعد أسبوع وما أشبه ذلك، وربما يريه رؤى كاذبة في هذا الأمر فيقلق ويلحقه الأرق ويتعب نفسياً، ويتأخر في النوم كما جاء في هذا السؤال، ودواء ذلك: أن يستعيذ الإنسان بالله من الشيطان الرجيم، وأن يقرأ آية الكرسي، فإن من قرأها في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ، ولا يقربه شيطان حتى يصبح، وليقرأ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] ، و قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ [الفلق:1] ، و قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ [الناس:1] ، وليقل: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، وليحدث نفسه ويحاسب نفسه، ألم يكن بالأمس قد أوحى إليه الشيطان أنه يموت غداً أو يموت في ليلة فهل مات حتى يتبين له أن هذا أوهام وخيالات لا حقيقة لها، وإذا شغل نفسه عندما تحصل له هذه الهموم بذكر الله عز وجل والتسبيح والتحميد والتكبير زال عنه ذلك، وأسرع إليه النوم؛ لأن ذكر الله يطرد الشيطان، وبذكر الله تطمئن القلوب.
الجواب: له أسباب منها: الجهل، فإن كثيراً من الناس يجهل هذه الأذكار والأوراد، ويجهل فوائدها، ولهذا ينبغي أن يكون رب البيت حريصاً على تعليم أبنائه وبناته وأهله لهذه الأذكار، والكتيبات والحمد لله موجودة بكثرة في هذا الموضوع.
ثانياً: ضعف الإيمان، فإن بعض الناس يقرأ هذه الأوراد، ولكنه ليس في قلبه أنه كلما قرأ منها شيئاً أحاط نفسه بجدار حصين من شر الشياطين، بل بعض الناس يقرأها على سبيل التبرك، وهي لا تنفع إلا من قرأها مؤمناً بها غاية الإيمان، لا شاكاً ولا مجرباً، فإن قرأها وهو شاك أو قرأها على سبيل التجربة يقول: انظر هل تنفع أو لا فإنها لن تنفعه.
ثالثاً: اعتماد الناس على الأمور المادية، وغفلوا عن الأمور المعنوية القلبية؛ ولهذا تجد المرء إذا أصابه مرض هرع إلى الطبيب، ولم ينظر في الأدعية الواردة في الشفاء من المرض، فمن ذلك مثلاً أن الإنسان لو أصيب بأدنى وجع في أحد مفاصله أو أعضائه ذهب مباشرة وبسرعة إلى الطبيب مع أن السنة جاءت بأن الرجل إذا وضع يده على موضع الألم وقال: أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر سبع مرات، فإنه يزول عنه الألم، لكن إذا قال ذلك مؤمناً به. وكذلك إذا قرأ الفاتحة على من لدغته حية، أو لسعته عقرب، فإنه يبرأ بأذن الله، كما في قصة الصحابة الذين بعثهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم فنزلوا قوماً فلم يضيفوهم، فتنحوا ناحية، ثم بعث الله عز وجل على سيدهم فلدغ، فقالوا: هل من قارئ؟ فقالوا: لعل هؤلاء القوم معهم من يقرأ، فجاءوا إلى الصحابة رضي الله عنهم يسألونهم قارئاً، فقالوا: لن نقرأ عليه إلا بجعل، فجعلوا لهم قطيعاً من الغنم، ثم ذهب القارئ يقرأ على هذا اللديغ بسورة الفاتحة فقط، فقام اللديغ كأنما نشط من عقال، ولما قدموا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأخبروه قال للقارئ: ( وما يدريك أنها رقية؟ )، فالفاتحة لها تأثير عجيب في قراءتها على المرضى عموماً، وعلى اللدغاء خصوصاً، لكن الناس كما قلت لك: في غلفة عن هذا، اعتمدوا الآن على المادة فقط، وهذا هو الذي جعل كثيراً من الناس الآن يصابون بهذا الفزع، وربما يصابون بتسلط الجن عليهم، وتسلط السحرة وغير ذلك مما كثر أخيراً، نسأل الله لكم ولنا السلامة.
الجواب: قبل الإجابة على السؤال أود أن أقول للأخ السائل وللسامع: إن النذر مكروه، نهى عنه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وبين أنه لا يأتي بخير، وأنه لا يرد قضاءً، ولا يجلب ما لم يقض، وليس فيه إلا تكليف الإنسان نفسه بما لم يكلف الله به، ثم إن فيه إساءة ظن بالله عز وجل فيما إذا نذر لحصول نعمة أو اندفاع نقمة، فهل الله عز وجل لا يدفع عنك النقم إلا بشرط؟ هل الله عز وجل لا يجلب لك الخير إلا بشرط؟ إن فضل الله واسع، فأنت انتظر حتى إذا رفع البلاء عنك تشكر الله على هذه النعمة، وتصدق بما شئت من مالك، وإذا أنعم الله عليك بمال فاشكر الله على ذلك وتصدق بما شئت منه، أما أن تنذر به قبل اندفاع النقم وقبل حصول النعم فما أشبه حالك بحال من قال الله فيهم: وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ [التوبة:75-77] .
وما أكثر الذين يسألون عن نذور نذروها على حصول شيء، أو اندفاع شيء، ثم لما حصل ما يريدون أو اندفع ما يكرهون ثقل عليهم الوفاء بالنذر، فجاءوا يسألون الناس: ما الذي يخلصنا من هذا النذر؟ فإما أن يلتزموا بهذا النذر على مشقة شديدة، وإما أن يدعوا الوفاة به وحينئذ يخشى عليهم أن يحل عليهم قول الله عز وجل: فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ [التوبة:77] .
ونصيحتي ثم نصيحتي ثم نصيحتي لإخواني: ألا يتعجلوا في النذر، وأن يحمدوا الله على العافية، فلا يتعجلوا بالنذر طاعةً لله ورسوله، وسلامةً لأنفسهم لإلزامهم بما لم يلزمهم، وانتظاراً لفضل الله عز وجل الذي يكون بدون مقابل، ولينظروا في قوله تعالى: وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ [النور:53] .
وإذا نذر الإنسان نذراً من العبادات على حصول شيء يحبه أو اندفاع شيء يكرهه فحصل ذلك الشيء واندفع ما يكرهه وجب عليه الوفاء بالنذر؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( من نذر أن يطيع الله فليطعه ).
أما الجواب على السؤال فإن السؤال تضمن نذر الوالد أن يصوم كل يوم اثنين هو وولده، فأما هو فيلزمه الوفاء بالنذر، وأما ولده فلا يلزمه الوفاء بالنذر؛ لأن الإنسان لا يلزم بنذر غيره، وليس على الولد جناح إذا لم يصم.
الجواب: نعم إذا مات الإنسان وعليه صيام فصام عنه أولاده في يوم واحد فلا حرج، فإذا قدر أنه مات وعليه سبعة أيام من رمضان وكان له أولاد سبعة فصاموا عنه في يوم واحد أجزأ ذلك، لكن إذا كان الصوم متتابعاً، أي: يشترط فيه التتابع ككفارة القتل وكفارة الظهار وكفارة اليمين فإنه لا يجزئ عنه أن يصوم جماعة في يوم واحد؛ لفوات التتابع؛ لأن التتابع معناه أن يكون يوماً بعد يوم، وعلى هذا فإذا مات وعليه صيام أيام متتابعة قلنا لواحد منهم: إذا شئت أن تصوم فصم هذه الأيام متتابعة كما وجبت على أبيه.
الجواب: لا يجزئه ذلك؛ لأنه دفع المال الأول بنية الصدقة، ولم يكن يخطر بباله الزكاة، ومعلوم أن الصدقة تطوع والزكاة فريضة، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى )، وعليه أن يؤدي الزكاة الواجبة عليه التي كان نسيها من قبل.
الجواب: لا بأس أن يتكنى الإنسان بكنية لولد مرتقب، أو بكنية بغير ولد؛ لأن الكنية أحد أنواع العلم، فالعلم يكون اسماً، ويكون كنيةً، ويكون لقباً، وإذا كان كذلك فتكني شخص بكنية ولو كان صغيراً أولم يأته أولاد فإنه لا حرج عليه في هذا، ثم إذا ولد له ولد فإن شاء سماه بما يكنى به، وإن شاء سماه باسم آخر، والكنية لا تلزمه أن يسمي بما سمى به نفسه.
الجواب: إذا أراد أن يجري عملية يطول وقتها فإنه إن كان الوقت داخلاً وجب عليه أن يصلي تلك الصلاة، ويحسن أن يصلي ما يجمع إليها بعدها، مثال ذلك: لو كانت العملية ستجرى له بعد الظهر فإنه يصلي الظهر والعصر، فإذا أفاق صلى المغرب والعشاء.
وأما إذا أجريت له العملية في غير وقت الصلاة، مثل: أن تجرى له العملية في الضحى وتستغرق يوماً وليلة مثلاً، فإنه إذا أفاق يلزمه أن يعيد ما فاته من الصلوات.
الجواب: الأولى أن يقول: اللهم عاملنا بعفوك وفضلك، وأن يدع قوله: اللهم لا تعاملنا بعدلك؛ لأنه لا داعي لها، وإلا فمن المعلوم لو أن الله عامل الناس بعدله لأهلكهم جميعاً، قال الله تعالى: وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ [فاطر:45]، ثم إن الله تعالى لو عامل الإنسان بعدله لكانت نعمة واحدة تستوعب جميع أعماله التي عملها، بل لكانت أعماله الصالحة التي عملها نعمةً من الله تستحق المكافأة والشكر كما قيل:
إذا كان شكري نعمة الله نعمةً علي له في مثلها يجب الشكر
فكيف بلوغ الشكر إلا بفضله وإن طالت الأيام واتصل العمر
فلا داعي أن يقول الداعي: اللهم لا تعاملنا بعدلك ولكن عاملنا بفضلك، بل نقول: قل: اللهم عاملنا بفضلك، ولا تعاملنا بسوء أفعالنا، فإنك ذو الفضل العظيم، ونحن ذو الإساءة، فنستغفرك اللهم ونتوب إليك.
الجواب: القول الراجح أنه لا يشترط الترتيب بين الوضوء والتيمم، فلو كان في يده جرح لا يمكنه غسله ولا المسح عليه فإنه يتوضأ أولاً ويتيمم بعد أن ينتهي وضوءه لما لم يغسله من محل الجرح، ولا يشترط أيضاً الموالاة في هذه الحال، فلو توضأ هذا الوضوء وذهب إلى المسجد ثم تيمم عن الجرح الذي كان في يده ولم يغسله ولم يمسحه فلا بأس بذلك، ولعلنا نتكلم عن موضوع الجرح الذي يكون في أحد أعضاء الوضوء فنقول: إن الجرح الذي يكون في أحد أعضاء الوضوء يجب أولاً غسله إذا كان لا يتضرر بالماء، فإن كان يتضرر بالماء وكان عليه لفافة فإنه يمسح هذه اللفافة وتغني عن غسله وعن التيمم، وإن لم يكن عليه لفافة وكان الماء يضره مسحه بالماء إذا كان لا يضره المسح، فإن كان يضره المسح تيمم عنه، فالمراتب ثلاثة:
الأولى: أن لا يضره الغسل، فيجب عليه الغسل.
الثانية: ألا يضره المسح، فيجب عليه المسح، إما على اللفافة إن كان ملفوفاً، أو على الجرح مباشرة.
الثالث: أن يضره الغسل والمسح فيتيمم عنه، ولا يشترط كما ذكرنا آنفاً ترتيب ولا موالاة.
الجواب: يجوز لإخوانه الكبار ولبقية الورثة الكبار المرشدين أن يتنازلوا عن نصيبهم فقط، وأما الصغار فلا أحد يملك أن يتنازل عن نصيبهم إلا شخصاً يعطيهم من ماله مثل نصيبهم من تركة أبيهم، ويعفو عن القاتل فهذا لا بأس به، المهم أن يوفر لهم نصيبهم ولا ينقص شيئاً.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر