وبعد:
قال البخاري رحمه الله: [ باب: الكفن بغير قميص ]. يعني: يجوز الكفن بقميص، ويجوز بغير قميص.
قال: [ حدثنا أبو نعيم حدثنا سفيان عن هشام عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كفن النبي صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب سحول كرسف -بيضاء- ليس فيها قميص ولا عمامة) ].
تصف عائشة كفن النبي صلى الله عليه وسلم الذي كفن فيه أنه كفن أبيض من اليمن ليس فيه قميص ولا عمامة، وأدرج فيها إدراجاً، قال: (باب الكفن بغير -بلا- عمامة)، سحول بضم المهملتين: منطقة في اليمن، وكانت ثياباً بيضاً.
حدثنا إسماعيل قال: حدثني مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كفن في ثلاثة أثواب بيض سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة) ].
إذاً: الكفن بلا عمامة؛ لأن بعض القرى يعممون الميت، الكفن بغير قميص ولا عمامة هو الأولى وهو المستحب، فكفن النبي صلى الله عليه وسلم مختار من قبل الله عز وجل، وما يختار الله له إلا الأفضل عليه الصلاة والسلام.
قال: [ به قال عطاء والزهري وعمرو بن دينار . وقال عمرو بن دينار : الحنوط من جميع المال ].
ومعنى الحنوط: الطيب الذي يطيب به الميت من جميع ماله أيضاً.
قال: [ وقال إبراهيم : يبدأ بالكفن، ثم بالدين، ثم بالوصية ]. فالكفن قبل الدين وقبل الوصية، فلابد أن يستخرج الكفن والحنوط وما يلزم الميت من مواراته في التراب من إجمالي التركة قبل أي استقطاعات.
قال: [ وقال سفيان : أجر القبر والغسل هو من الكفن ]. يعني: إن كان سيغسل بأجر، وإن كان الكفن أيضاً يلزمه مال، وإن كان القبر يلزمه مال كل ذلك يستقطع قبل توزيع التركة.
ثم جاء بحديث عبد الرحمن بن عوف عن أبيه. قال: [ أتي عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه يوماً بطعام، فقال: قتل أخي مصعب بن عمير وكان خيراً مني، فلم يوجد له ما يكفن فيه إلا بردة ، وقتل حمزة وهو خير مني، فلم يوجد له ما يكفن فيه إلا بردة، لقد خشيت أن تكون عجلت لنا طيباتنا في حياتنا الدنيا، ثم جعل يبكي رضي الله عنه ]. عبد الرحمن بن عوف -أحد المبشرين بالجنة- كان صائماً في هذا اليوم، فجاءوا له بطعام قبل غروب الشمس ليفطر عليه، فتذكر مصعب وتذكر حمزة رضي الله عنه، وقال: قتل أخي مصعب بن عمير رضي الله عنه ولم يوجد له ما يكفن فيه إلا بردة. فما وجه استدلال البخاري بهذا الحديث؟
وجه استدلال البخاري بهذا الحديث: أنه لو كان يجوز أن نكفنه من مال غيره لتدافع الصحابة إلى تكفينه من مالهم، لكن الأولى أن يكفن الميت من ماله، فكفن مصعب ما وارى إلا جزءاً يسيراً من بدنه، واكتفى الصحابة بهذا الجزء ولم يأتوا بكفن آخر، ففهم من هذا أنه لابد أن يكفن من جميع ماله. هذا فقه البخاري .
البخاري ينوع ويتفنن في التبويب، يقول: الكفن في ثلاثة، الكفن في ثوبين، الكفن في ثوب واحد، الكفن في قميص، الكفن بغير قميص ولا عمامة، فهنا يقول: (باب: إذا لم يوجد إلا ثوب واحد).
ثم أتى بحديث عبد الرحمن بن عوف أنه: أتي بطعام وكان صائماً، فقال: قتل مصعب بن عمير وهو خير مني، وكفن في بردة إن غطي رأسه بدت رجلاه، وإن غطيت رجلاه بدا رأسه.
هنا يصف البردة، وهو القميص الذي كفن فيه مصعب ، أنه كان يسيراً صغيراً قصيراً، إذا غطي رأسه بدت رجلاه، وإذا غطيت رجلاه بدا رأسه.
قال: وقتل حمزة وهو خير مني، ثم بسط لنا من الدنيا ما بسط -أو قال: أعطينا من الدنيا ما أعطينا- وقد خشينا أن تكون حسناتنا عجلت لنا، ثم جعل يبكي حتى ترك الطعام رضي الله عن أصحاب رسول الله.
حديث عبد الرحمن بن عوف قال: (هاجرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم نلتمس وجه الله، فوقع أجرنا على الله، فمنا من مات لم يأكل من أجره شيئاً، منهم
سؤال: هل يجوز لي أن أعد كفني الآن قبل الموت أم لا يجوز؟ فمن قال: يجوز يلزمه الدليل، ومن قال: لا يجوز يلزمه الدليل أيضاً.
الجواب: يجوز أن تعد كفنك من الآن وأن تسميه وتقول: هذا كفني، والدليل ما أخرجه البخاري .
قال: [ حدثنا عبد الله بن مسلمة حدثنا ابن أبي حازم عن أبيه عن سهل رضي الله عنه: (أن امرأة جاءت النبي صلى الله عليه وسلم ببردة منسوجة فيها حاشيتها) ]. يعني: شملة، (فيها حاشيتها) يعني: جديدة ليست قديمة.
قال: [ قال: (أتدرون ما البردة؟ قالوا: الشملة. قال: نعم. قالت: نسجتها بيدي، فجئت لأكسوكها، فأخذها النبي صلى الله عليه وسلم محتاجاً إليها، فخرج إلينا وإنها إزاره) ]. يعني: يلبسها فوق الإزار، فتكون على رقبته شملة جديدة، فنظر إليه صحابي، وكان من هديه صلى الله عليه وسلم أنه لا يرفض طلب سائل ولا يقول له: لا. أبداً. هذا الصحابي اختلفوا في اسمه: هل هو سهل أم عبد الرحمن بن عوف ؟
قال:[ قال: (فحسنها فلان، -يعني: فاستحسنها فلان- فقال: اكسنيها ما أحسنها، قال القوم) ]. يعني: طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يعطيه إياها.
قال:[ قال: (ما أحسنها، قال القوم: ما أحسنت -يعني: عاتبوه ولاموه- لبسها النبي صلى الله عليه وسلم محتاجاً إليها، ثم سألته وعلمت أنه لا يرد -يعني: لا يرد سائلاً- قال: إني والله ما سألته لألبسها، إنما سألته لتكون كفني) ]. أي: رجاء أن يكفن فيها.
فالسؤال هنا: هل الصحابي أعد الكفن قبل الموت أم لا؟ نعم. أعده، وفي هذا أيضاً: باب: تجهيز الكفن قبل الموت.
هل يجوز للمرأة أن تتبع الجنائز؟
المالكية على الجواز، وأدلة جمهور العلماء على عدم الجواز، وهو الرأي الراجح، والنهي هنا ليس للتحريم وإنما هو للكراهة؛ لأن النص يحمل الكراهة.
قال: [ حدثنا قبيصة ... إلى أن قال: عن أم عطية رضي الله عنها قالت: (نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا) ].
هذا الحديث يسمى عند علماء الحديث مرسلاً، إذا قال الصحابي: أمرنا أو نهينا فالناهي والآمر هو النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: أمرت فالآمر هو الله عز وجل، فقوله: أمرنا بكذا ونهينا عن كذا يسمى عند علماء الحديث من مراسيل الصحابة، ولها حكم الرفع، فـأم عطية رضي الله عنها تقول: (نهينا عن اتباع الجنائز)، أي: نهانا النبي صلى الله عليه وسلم عن أن نتبع الجنائز، (ولم يعزم علينا)، يعني: لم يشدد علينا في النهي، وهذا يصرف النهي من التحريم إلى الكراهة.
فبين البخاري أن اتباع الجنائز من الإيمان، وذكر حديث: (من صلى على جنازة ثم تبعها حتى يفرغ من دفنها فإنه يرجع من الأجر بقيراطين..)، ثم وضح أن أمر الاتباع خاص بالرجال، لكن الصلاة على الجنازة للرجال والنساء معاً؛ لأنه ما ينطبق على الرجال ينطبق على النساء إلا إذا خص الرجال بدليل.
وقول أم عطية : (نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا) يؤكد النهي، لكن المالكية على الجواز شريطة ألا تدخل المقابر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رأى ابنته فاطمة ، فلما سألها قالت: أنها كانت في جنازة ثم عادت، فلم ينكر عليها.
وقول الجمهور هو الصواب؛ لأن قول أم عطية : (نهينا) فيه نهي واضح عن اتباع الجنائز، (ولم يعزم علينا) أي: لم يشدد علينا في النهي.
ومعناه: الحداد، وهو أن تنتهي المرأة عن التطيب والتزين، وأن تلبس الأسود وتستقر في بيتها، ولا تخرج أبداً إلا لمسوغ شرعي.
ولا يجوز للمرأة أن تحد على غير زوجها أكثر من ثلاثة أيام، وإن طلبها زوجها للجماع في هذه المدة فرفضت فهي عاصية؛ لأن الحداد على غير الزوج ليس على سبيل الوجوب، وإنما هو على سبيل الاستحباب، أما الحداد على الزوج فهو على سبيل الوجوب؛ ولذلك نهى عمر امرأة عن الحج وأعادها من ذي الحليفة؛ لأن زوجها قد مات، فلا يجوز للمرأة أن تخرج بحال عند حدادها على زوجها المتوفى.
قال: [ قال: توفي ابن لـأم عطية رضي الله عنها، فلما كان اليوم الثالث -يعني: اليوم الثالث من موته- دعت بصفرة فتمسحت به ]. يعني: بطيب وتطيبت لزوجها بعد ثلاثة أيام، والزوجة التي تحد أكثر من ثلاثة أيام على غير زوجها آثمة عاصية، والحداد في الإسلام لا يكون إلا للمرأة فقط دون الرجل، لكن بعض الرجال يلبس السواد ويعفي اللحية -هذا خير إن شاء الله- وينكس العلم ويقول: دقيقة حداد على روح المرحوم! وهل هناك في الإسلام دقيقة حداد؟! هذا ليس من الشرع في شيء، وإقامة الحفلات لتأبين المرحوم ليست من الشرع، وعندما يصفر الحكم قبل المباراة، ويقف اللاعبون دقيقة حداد هذا كله ليس من الشرع، وإنما هو تقليد أوروبي أخذناه، فالحداد للزوجة على زوجها أربعة أشهر وعشر، لا تخرج من بيتها ولا تتطيب، ولا تضع الكحل في عينها، ولا تلبس أبداً لوناً بخلاف السواد؛ لأن هذا يشير إلى عظم حق الزوج عليها، ولا تخرج إلا لطعام وليس لها من يشتريه، أو تخرج لطبيبة عند تعذر مجيء الطبيبة إلى المنزل، لكن الحج لا يجوز أن تخرج إليه، فهل هذا يقع في حياتنا؟ بعد أسبوع من وفاة زوجها تقول: الله يرحمه ويحسن إليه! وتخرج شمالاً ويميناً! هذا يا عبد الله! مخالف للشرع، والحداد على الابن أو الأخ أو العم أو الخال أو الأم أو الأب يكون ثلاثة أيام، فإن مات أخوها مثلاً وطلبها الزوج لفراشه فلا يجوز لها أن تمتنع حتى في مدة الثلاثة أيام.
قال: [ قال: فلما كان اليوم الثالث دعت بصفرة فتمسحت به، وقالت أم عطية : (نهينا أن نحد أكثر من ثلاث إلا بزوج).
وروى الحميدي عن زينب بنت أبي سلمة قالت: (لما جاء نعي
قال: فمن صيغ التحريم لا يحل بمعنى: يحرم.
[ ثم أتى البخاري بحديث أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً، ثم دخلت على
يعني: زينب بنت جحش لما مات أخوها دعت بطيب بعد اليوم الثالث، ثم قالت: أنا لا أحتاج إلى الطيب، لكن النساء كن يقفن عند الشرع.
فهذه الأحاديث كلها تبين الحكم الشرعي في الحداد.
بعد أن بين الحداد وهو يتعلق بالمرأة بين زيارة القبور بالنسبة للنساء أيضاً، ولم يصح عند البخاري حكمٌ فيها بالمنع أو بالإيجاب، فمن فقه البخاري أنه إن لم يجد حكماً شرعياً عنده يترك الباب دون حرمة أو جواز. يقول: زيارة القبور، فلم يقل: باب: جواز زيارة القبور، ولم يقل: باب: حرمة زيارة القبور، إنما وضع الباب دون أن ينتهي إلى حكمه.
قال البخاري رحمه الله: [ باب: زيارة القبور.
حديث أنس بن مالك : (مر النبي صلى الله عليه وسلم بامرأة تبكي عند قبر) ].
فجمهور العلماء أنه يجوز للمرأة أن تزور القبور؛ لأن المرأة كانت على القبر فلم ينهها النبي صلى الله عليه وسلم إلا عن النياحة ورفع الصوت ولطم الخد وشق الجيب، أو أن تأتي بفعل من أفعال الجاهلية.
الأحاديث الأخرى تقول: (تبكي على ولدها) وفي رواية أخرى: (صبيها) أي: ولدها، ولم ينهها عن البكاء؛ لأن البكاء مشروع: (إن العين لتدمع)، ولكن البكاء المقصود في الحديث هو: النياحة، أي: كانت تنوح.
قال: [ قال: (اتق الله واصبري) ]. وفي الحديث جواز الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الرجل إلى المرأة التي لا يعرفها ولا تعرفه. وفي الحديث جواز مخاطبة المرأة طالما أنه في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولضرورة شرعية مع غض الطرف وأمن الفتنة، فلا يجوز مخاطبة النساء إذا لم تأمن الفتنة، ويجوز إلقاء السلام على المرأة عند المالكية إذا أمن الفتنة، وهذا هو الصحيح. رجل وجد امرأة في طريق عام فقال: السلام عليكم. قالت: وعليكم السلام ورحمة الله، فإن أمنت الفتنة فلا بأس وإن لم تأمن الفتنة فلا يجوز، فالمرأة تلقي السلام إذا أمنت الفتنة، والرجل يلقي السلام إذا أمن الفتنة.
قال: [ (قال: اتق الله واصبري) ]. أمرها بتقوى الله عز وجل وأمرها بالصبر.
قال: [ (قالت المرأة: إليك عني -يعني: انصرف عني- فإنك لم تصب بمصيبتي، ولم تعرفه، فانصرف النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لها رجل: إنه النبي عليه الصلاة والسلام، فأتت المرأة النبي صلى الله عليه وسلم فلم تجد عنده بوابين) ]. أي: لا يوجد عنده حرس، دخلت إليه مباشرة صلى الله عليه وسلم.
قال: [ قال: (لم تجد عنده بوابين، فقالت: لم أعرفك يا رسول الله! فقال: إنما الصبر عند الصدمة الأولى) ].
والصدمة تطلق حينما يصطدم شيء صلب بآخر، ولذلك سميت المصيبة صدمة؛ لأن المصيبة تأتي فتصدم القلب، وإذا مر على المصيبة أيام يهون الأمر، فحقيقة الصبر عند وصول الخبر، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الصبر عند الصدمة الأولى) فأول ما يأتيك الخبر تقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، رضيت بأمر الله، فالصبر الحقيقي عند الصدمة الأولى، عندما يأتي الخبر وتتلقاه؛ لأنه يكون عسيراً قوياً شديداً على القلب، أما إذا مر عليه أيام فإنه يهون؛ لأن الأيام ينسي بعضها بعضاً.
من فوائد الحديث: مشروعية زيارة القبور للرجال والنساء. قالت أمنا عائشة : (إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن زيارة القبور، ثم قال: ألا إني نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزورها) فالأمر للرجال والنساء على السواء، لكن لا ينبغي للمرأة أن تتعود الزيارة؛ لأن ذلك يفضي إلى النياحة: (لعن الله زوارات القبور) يعني: المكثرات من الزيارة، أما إذا زارت بغير تعطر، وزارت بحجاب شرعي وبغير اختلاط؛ للعبرة والعظة والدعاء فلا يمنعها أحد البتة، وهذا هو رأي جمهور العلماء.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل وفي السر والعلن؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه.
الجواب: أما الاعتكاف فمن الأعمال الصالحة، أما حكم قيام الليل في جماعة فالاتفاق على أن قيام الليل في جماعة لا يجوز إلا في رمضان.
الجواب: أولى الأقوال وأرجحها: أنه يخرج عنها حينما تحل في يده عن المدة التي كانت في يد المدين.
الجواب: تأخذ إجازة أربعة أشهر وعشراً، لابد من ذلك؛ لأن هذا ليس شرطاً من شروط خروجها، فالمرأة مأمورة أن تمكث: (الزمي بيتك)، فلا بد أن تلزم البيت في هذه المدة.
الجواب: لا، لا يصح؛ لأن الأصل في العبادات التوقف والأصل فيها التحريم إلا ما جاء فيه نص، فلا تعبد إلا بنص، والكفن من العبادات، والعبادات يلزمك أنت الدليل على فعلها.
الجواب: قلت: لا يجوز، بل الحج الواجب عليها لا ينبغي أن تخرج إليه، فمن باب أولى ما هو دون الحج.
الجواب: لا يجوز للمرأة أن تخرج لزيارة القبور في يوم عيد ولا للرجال؛ لأن هذا يوم عيد فيه البهجة والسرور والسعادة، وليس فيه الحزن والاكتئاب وزيارة القبور كما يفعل البعض، فزيارة القبور في العيد لا تجوز؛ لأن هذه أيام لا ينبغي أن ندخل فيها الحزن على أنفسنا ولا على أبنائنا، وبعض الناس يقول: أول عيد للمرحوم! ويقول: نتلقى العزاء في يوم العيد. أقول: المرحوم قد أفضى إلى ما قدم، فلا ينبغي أبداً أن ندخل الحزن على الناس في يوم العيد، وينبغي أن تكون السعادة والبهجة موافقة للشرع.
الجواب: قد يبطلها، إن قال: الله أكبار. هذا ما كبر، وتكبيرة الإحرام ركن من أركان الصلاة، فهو لم يكبر للإحرام؛ لأنه لحن فيه لحناً جلياً، فقد يبطل الصلاة إن تعلق بتكبيرة الإحرام.
الجواب: إن لحن في الفاتحة لحناً جلياً كأن لم يخرج مخارج الحروف من لسانه في قوله: الذين. قال: اللَّذين فقد لحن لحناً جلياً يبطل الصلاة، فإن قال: أنعمتُ بطلت الصلاة، أو قال: مالكْ بتسكين الكاف -وهذا يفعلها الكثير- بطلت الصلاة. فانتبه إلى مثل هذا.
مداخلة: ..... .....
أما اللحن غير الجلي مثل: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ [الفاتحة:1-7]، فالغين في كلمة (غير) مخرجها من الحلق، فقد يخرجها من غير مخرجها، معنى ذلك أنه لحن لحناً خفياً، وهو أنه لم يخرج الحرف من مخرجه.
كذلك: وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7] ففي كلمة الضالين ست حركات، فإن لم يمد فيها فإن الصلاة لا تبطل؛ لأنه لحن لحناً خفياً، فهناك فرق بين اللحن الجلي واللحن الخفي.
الجواب: إن قال: أنعمتُ عليهم، قل: أنعمتَ، فإن قال: أنعمتُ، قل: أنعمتَ، فإن أصر على خطئه خرجت من الصلاة ولا تهتم به؛ لأن الصلاة هنا باطلة، كذلك إذا ركع ركوعين أو سجد سجدة واحدة.
الجواب: اللحن الجلي: هو أن يلحن في تشكيل حرف، أو ألا يخرج لسانه في حرف يستوجب الإخراج، مثل قوله تعالى: وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ [الضحى:11]، فيقول فيها: فحدس، فكلمة (حدس) لها معنى آخر، و(حدث) لها معنى آخر، ويعتبر لحناً جلياً؛ لأنه غير معنى الكلمة.
كذلك قوله تعالى: إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ [فاطر:28] فالقارئ رفع لفظ الجلالة وقال: إنما يخشى اللَّهُ، والقراءة المتواترة: إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ [فاطر:28] فإن قال: (اللهَ) غير المعنى.
كذلك: أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ [التوبة:3]، يعني: أن الله والرسول بريئان من المشركين، فإنه قال: (ورسولَهِ) أثبت أن الله بريء من رسوله! فغير المعنى، فانتبه يا عبد الله! فهذا معناه أن التشكيل يغير المعنى ويجعل للكلمة موقعاً آخر.
وبعض الإخوة يخطئ في القراءة بأن يقف في غير الموقف الصحيح، كأن يقول: لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ [غافر:16]، ويريد أن يبدع فيقول: الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ [غافر:16] وهذا خطأ؛ لأن لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ [غافر:16] جملة، ولِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ [غافر:16] جملة أخرى، فإن بدأ بقوله: الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ [غافر:16] غير موقع كلمة الملك.
مثل ذلك: وَيَتَجَنَّبُهَا الأَشْقَى [الأعلى:11]، فيخطئ ويقول: الأَشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى [الأعلى:11-12]، فجعل الأشقى مبتدأً، وأصلها: وَيَتَجَنَّبُهَا الأَشْقَى [الأعلى:11].
ومثل ذلك: قوله تعالى في سورة يوسف: الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدتُّهُ عَنْ نَفْسِهِ [يوسف:51]، فيخطئ في هذه القراءة فيقول: الْحَقُّ أَنَا رَاوَدتُّهُ عَنْ نَفْسِهِ [يوسف:51]، وكأنه لغز، فيغير المعنى تماماً ويظن أنه يبدع في القراءة.
فبعض الناس يقرأ وهو لا يتقن البدء، لذلك هناك ما يسمى عند العلماء في القرآن بالبدء القبيح، مثاله: في قوله تعالى في سورة النور: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ [النور:19]، فإذا به يقول: الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ! أعوذ بالله! إنك غيرت المعنى، فهذا يسمى بدءاً قبيحاً.
وقد كنت أصلي المغرب خلف إمام فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [التحريم:6] فانقطع نفسه، فقال بعدها: وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ ، فجعل الحجارة هي التي عليها ملائكة نسأل الله العافية! فانظر إلى البدء القبيح كيف يغير المعنى، فلا ينبغي لإمام أن يبدأ بهذه الطريقة.
الجواب: إن نذرت أن تفعل ولم تستطع عليها كفارة يمين: إطعام عشرة مساكين، أو صيام ثلاثة أيام مرة واحدة فقط.
الجواب: نعم. الحديث الوارد في الجمعة: أنك تبكر ليوم الجمعة وتصلي ما شاء الله لك، نافلة مطلقة.
الجواب: تعيد الصلاة إن لم يخرج الوقت، فإن خرج الوقت فلا إعادة عليك.
الجواب: على الكراهة.
وأكتفي بهذا القدر. وأسأل الله عز وجل أن نلتقي على خير.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر