الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد:
فيقول المصنف رحمه الله: [عن عبد الله بن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهم أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على أعواد منبره: (لينتهينَّ أقوامٌ عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين) ].
يسوق المؤلف رحمه الله تعالى عن هذين الصحابيين الجليلين أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لينتهين أقوام)، وكان يمكن أن يأتي الحديث على صورة أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لينتهُنَّ)، ولكنهما أتيا بصورة مصورة مشخصة، حتى لكأن السامع ينظر إلى صورة إلقاء الرسول صلى الله عليه وسلم فيها على المنبر، فأتيا بهذه الصورة المجسمة أمامنا وكأننا في حمى منبر رسول الله، أو بجواره نصغي السمع إليه صلوات الله وسلامه عليه.
وهذا الأسلوب من أساليب التأكيد والتوثيق؛ ليوثقا للسامع أنهما سمعا وضبطا الحديث بملابساته واقعاً وفعلاً، فليس هو مجرد سماع أو نقل عن غيرهم، بل هو سماع مباشرٌ على أعواد منبره، أي: أنه قاله في جمع من المسلمين ملتفين حول المنبر، فكان هذا مشهوراً متواتراً عظيم الشأن سمعه الجميع.
وقولهما: (على أعواد منبره) تحقيق للواقع أيضاً؛ لأن المنبر أول ما صنع من أعواد، وكما جاء في تاريخ المنبر أنه صنع في السنة الثامنة من الهجرة بعد وقعة خيبر، وكان من شأنه أيضاً أنه كان مدرسة، فهذا المنبر صدر عنه ما لم تصدره أعظم منصة جامعية في العالم، فكم من قضية عالجها رسول الله على المنبر، وقد كان صلوات الله وسلامه عليه إذا حزب أمرٌ أو استجد أمرٌ قال: (احضروا المنبر) فيحضرون إليه.
وقد صعد صلى الله عليه وسلم على المنبر، وقام للصلاة ثم ركع وهو على الدرجة الثالثة، ثم نزل القهقرى فسجد سجدتين، ثم رجع إلى المنبر، وهكذا، ثم قال: (صلوا كما رأيتموني أصلي) ، فاستخدم المنبر منصة لتعليم الناس كيفية الصلاة، وهي أهم شيء في الدين، وهكذا كثيرٌ من القضايا، وكنت أتمنى أن أجد طالب علم جامعي يتتبع قضايا المنبر النبوي وما عولج عليه من قضايا، فيقدمها إلينا أثراً لهذا المنبر الشريف.
ويكفي في تاريخه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتكئ أو يستند على جذع من جذوع النخل؛ لأن المسجد في أول بنائه قبل أن يجدد في السنة السابعة كان من جذوع النخل وجريده، فكان بعض أجزائه في القبلة يستند إليه النبي صلى الله عليه وسلم، فلما كان يطوّل قيامه جاءت امرأة من الأنصار وقالت: يا رسول الله! إن لي غلاماً صناعاً -أي: نجاراً- ائذن لي أن آمره فيصنع لك منبراً تجلس عليه وأنت تخطب فأذن لها، وفي مدة ثمان سنوات ما خطر على بال أحد أن يصنع منبراً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك لكونه طلباً لنفسه، فمجيئه من غيره أفضل، فذهب الغلام وأخذ أعواداً من الغابة بالمدينة، وجاء وصنع المنبر من أعواد، وكان ثلاث درجات، درجة يصعدها، ودرجة يقف عليها، ودرجة يجلس عليها، وهكذا ظل المنبر إلى أن احترق في حريق المسجد الأول، وبالله تعالى التوفيق.
فكان صلى الله عليه وسلم يخطب على الجذع بادئ الأمر، ثم صنع المنبر ووضع في مكانه اليوم، ومن الحكمة أن المنبر في موضعه لم يتحرك شرقاً أو غرباً، ولا شمالاً ولا جنوباً، ولكن امتد طوله من الجنوب إلى الشمال؛ لأنه الآن أصبح فوق عشر درجات أو اثنتي عشرة درجة، فالامتداد كان إلى الأمام، وأما صدر المنبر وظهر المنبر من القبلة فهو بالأصبع في مكانه الأول.
ثم صعد النبي صلى الله عليه وسلم المنبر ليخطب، فما أن بدأ الخطبة على المنبر والجذع في مكانه حتى حنَّ الجذع لرسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى سمع جميع من في المسجد حنينه كحنين الناقة العشراء.
فيا لها من معجزة! جذع له ثمان سنوات مقطوع من أصله ملقىً على الأرض أصبح جماداً يحنّ لرسول الله ويسمع الجميع حنينه. ومن هنا قال السيوطي رحمه الله: ما من معجزة أوتيها نبي إلا وأعطي النبي صلى الله عليه وسلم مثلها. فمعجزة موسى عليه وعلى نبينا السلام العصا يتوكأ ويهش بها الغنم، قال تعالى لموسى: أَلْقِهَا يَا مُوسَى * فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى [طه:19-20]، فانقلبت من جماد يابس إلى حيوان تهتز كأنها جان، أي: لشدة حركتها وسرعتها، قال تعالى: خُذْهَا وَلا تَخَفْ [طه:21].
وضرب بها البحر ليكون فيه طريق في البحر يبسٌ.
فإن كان موسى أعطي حياة العصا بمعجزاتها فقد أوتي النبي صلى الله عليه وسلم حياة الجذع يحنّ ويسمع الجميع صوته، وعصا موسى ما تكلمت ولا سمع لها صوت، لكن كانت لها حركة، فهذه المعجزة تساوت مع معجزة موسى عليه السلام، وهناك أشياء عديدة.
فينزل صلى الله عليه وسلم عن المنبر إلى الجذع، ويربت عليه ويضمه إلى صدره كما تفعل الأم بطفلها، ويقول: (أنت مخيّر: إن شئت أخذتك وأعدتك إلى البساتين وغرستك وعدت نخلة تثمر وتينع، وإن شئت دفنتك هاهنا وكنت من غرس الجنة)، فقال: (أكون من غرس الجنة)، فالجذع يؤمن بالجنة وأصحاب العقول المغلقة لا يؤمنون بها!! فيدفنه صلى الله عليه وسلم بأصل المنبر في الروضة.
فهذه قضية المنبر، وهاهو أبو هريرة وعبد الله بن عمر رضي الله عنهما يحدثان أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على أعواد منبره.
ومن فضائل هذا المنبر قوله صلى الله عليه وسلم : (ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة، ومنبري على ترعة من ترع الجنة)، والترعة لا يعلم عرضها وطولها ومصبها إلا الله تعالى، فهي أمر غيبي أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق، ويكفينا أن الجذع آمن بالجنة وأحب أن يكون من أهلها.
وهذا -والعياذ بالله- من وصف المنافقين الذين قال تعالى فيهم: خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ [البقرة:7]، فهو وعيد شديد يتوعد به النبي صلى الله عليه وسلم الذين يتركون الجمعة، فإما أن ينتهوا عن تركهم الجمعات، وإما أن يكون العقاب الختم على قلوبهم، والقلب إذا ختم عليه يكون الأمر ما جاء في قوله سبحانه: كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ [المطففين:14].
يقول العلماء: إذا أذنب العبد ذنباً ولم يستغفر منه نكت في قلبه نكتة سوداء، ثم لا يزال يذنب وتأتي نكتة إلى نكتة حتى يغلف القلب ويصبح كالكوز مجخيا لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً.
فإذا ختم على القلب شبه بالإناء الذي ختم فوه فلا يسمح بدخول خيرٍ ولا يخرج منه شرٌ؛ لأنه ختم على الشر فلا يخرج الشر منه ويظل صاحبه في شرٍ دائماً، ولا يدخل الخير إليه لأنه لا طريق لدخوله، فهذا وعيد شديد لمن لم ينته عن ترك الجمعة.
والقلب هو محل الذكر، وهو محل التذكر، وهو محل الإدراك، وهو محل الارتباط بالله سبحانه وتعالى، فإذا ختم عليه صار غافلاً لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً، وحينئذٍ تكون البهائم خيراً منه؛ لأن قلوبها تدرك، ويكفي أن الجذع أدرك وآمن بأن هناك جنة.
وقد جاء في فضل يوم الجمعة من رواية مالك في الموطأ: (وما من دابة إلا وتصيخ بسمعها يوم الجمعة بعد الفجر حتى شروق الشمس إشفاقاً من يوم القيامة)، فالبهيمة في يوم الجمعة تصيخ بسمعها من بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس مخافة يوم القيامة.
فالحيوانات تؤمن بالبعث، وتؤمن بيوم القيامة وتنتظره، وتعلم أنه في يوم الجمعة، وهؤلاء -عياذاً بالله- إذا ختم على قلوبهم لا يدركون شيئاً من ذلك، وأصبحوا من الغافلين.
الوعيد الشديد لا يكون إلا على ترك واجب.
ولذلك نقول: إن صلاة الجمعة فرض عين عند الأئمة الأربعة، وإن وجد من بعض أتباع بعض الأئمة من يقول بغير ذلك فمردود عليه من علماء مذهبه.
وهناك من يقول: صلاة الجمعة سنة مؤكدة، وهناك من يقول: فرض كفائي إذا قام به البعض سقط عن الباقين، وكل من قال شيئاً من ذلك فإن من علماء مذهبه من يرد عليه، ويأتي بنصوص الإمام بأن صلاة الجمعة فرض عين على كل مسلم، وكما في صحيح مسلم: (صلاة الجمعة فرضٌ على كل من سمع النداء)، ثم يأتي هذا العموم فيخصص منه المرأة والعبد والمريض والمسافر فتسقط عنهم الجمعة، وإذا كان الأمر كذلك فليس هناك مجال للتساهل فيه.
وأجمعوا على أن الجمعة هي فريضة يومها وليست نيابة عن الظهر، ولكن من فاتته صلاة الجمعة بشروطها ولا يستطيع أن يتداركها؛ لأن الجمعة يشترط فيها المسجد والجماعة والعدد والخطبة، فإذا فاتت فإنه لا يستطيع أن يأتي بخطيب يخطب له، ولا بعدد من الناس يصلون معه، فلم يبق إلا أن يصلي الظهر لعجزه عن الجمعة وإدراك ما فات منها.
وقد يستغرب إنسان أو يريد الاطلاع على الرد على من يقول بأن الجمعة سنة مؤكدة أو فرض كفائي أو غير ذلك، والجواب عليه من علماء مذهبه، فليرجع إلى تتمة أضواء البيان عند آية الجمعة فإنه سيجد ما تيسر من النقول من كل مذهب ممن يقول بالوجوب، ومن يقول بغير ذلك، والرد عليه من أئمة مذهبه بذاته، وبالله تعالى التوفيق.
هذا شروع في بيان وقت الجمعة، فيقول سلمة : (كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة ثم ننصرف وليس للحيطان ظل يستظل به).
ومن المعلوم أن الظل قسمان: ظلٌ قبل الزوال يمتد إلى الغرب، وظل بعد الزوال يمتد إلى الشرق، فيقول: ننتهي من الصلاة ونخرج وليس للحيطان ظل، أما ظل الغرب الذي قبل الزوال فليس بموجود، وأما ظل الشرق الذي بعد الزوال فلم يوجد بعد فيكون هذا في وقت الزوال.
والمصنف يأتي بهذا لأنهم يبحثون في وقت الجمعة، فهناك من يقول: الجمعة عيد من أعياد المسلمين، فوقتها وقت صلاة العيد إلى ما بعد الزوال. والجمهور يقولون: إن وقت الجمعة هو بعينه وقت الظهر، والظهر لا يجب ولا يصح إلا بعد الزوال وهذا من أدلة الجمهور على هذا التوقيت، أي: أنها بعد الزوال كما هو الحال في الظهر.
وهذا الحديث يبين أموراً تقريبية؛ لأن ظل الزوال عند الجمهور يختلف باختلاف فصول السنة، فهو في الشتاء يختلف عنه في الصيف، فإذا تساوى الليل والنهار فإن ظل الزوال يتلاشى، وإذا طال النهار يطول الظل، وإذا قصر النهار يقصر الظل -أي: ظل الزوال- ولذا يقول الفقهاء في توقيت العصر: هو حين يصير ظل كل شيء مثليه ما عدا ظل الزوال، فظل الزوال أمرٌ نسبي، فقد يطول وقد يقصر، ولكن الراوي يبين لنا تقريبياً متى كانوا يصلون الجمعة.
[وفي لفظ لـمسلم : (كنا نجمع معه إذا زالت الشمس، ثم نرجع نتتبع الفيء)].
هذه رواية صحيحة، ومعنى: (كنا نجمع معه) يعني: كنا نصلي الجمعة مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ننصرف نتتبع الفيء، والفيء: هو الظل بعد الزوال تقول: فاء إلى الشيء: إذا رجع إليه، ولذا قالوا الظل بعد الزوال فيء؛ لأنه قبل الزوال كان الظل إلى الغروب، وبعد الزوال فاء ورجع إلى الشرق.
[وعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: (ما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة) متفق عليه].
هذا يعتبر صورة من صور المجتمع في ذلك الوقت فقوله: (ما كنا نقيل) أي: نوم القيلولة، (ولا نتغدى) الغداء: الأكل في غدوة النهار.
وفي وبعض الروايات: (ولا نريح رواحلنا -أي: التي تعمل في البساتين- إلا بعد الجمعة)، وهذا فيه إشارة إلى التبكير قبل الزوال، ولكن لما جاء النص: (نجمع بعد الزوال) انتهينا من هذا الإشكال.
فقوله: (ما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة)، وفي رواية: (في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم) يبين لنا أن هذا العمل كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه صلوات الله وسلامه عليه هو الذي كان يصلي بهم الجمعة ولا جمعة إلا في مسجده وبإمامته صلى الله عليه وسلم، فهذا هو التوقيت الذي نقل إلينا من فعله صلوات الله وسلامه عليه، ونعلم جميعاً أن الجمعة في عهده صلى الله عليه وسلم وعهد الخلفاء الراشدين جميعاً ما تعددت، ولا أقيمت إلا في هذا المسجد النبوي الشريف، حتى إن أهل العالية وما وراءها كانوا يأتون إلى الجمعة في هذا المسجد، ولم يسمح لهم بجمعة في ديارهم، ولا على مياههم.
الأمر الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب قائماً، وسيوضح المؤلف رحمه الله تعالى كيفية هذا القيام والجلوس بين الخطبتين.
والأمر الثاني من هذا الحديث ما يتعلق بمجيء العير -والعير: هي الإبل تحمل البضاعة- فانفض الناس إليها، وانفتلوا أو انصرفوا إليها، ولم يبق إلا اثنا عشر رجلاً، وهذا الجزء من هذا الحديث هو موضوع عدد من تنعقد بهم الجمعة، والأصل في هذه القضية ما أشار إليه المؤلف رحمه الله بمجيء العير وقت الخطبة، وكانت الخطبة في ذلك الوقت بعد الصلاة، كما هو الحال في العيدين، وقد بيّن القرآن الكريم هذه الواقعة، ثم وضحها النبي صلى الله عليه وسلم.
واستدلال العلماء بعدد اثني عشر رجلاً هو لما جاء في هذا الخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى منهم ذلك قال: (لو انفضوا جميعاً لسال بهم الوادي ناراً)، فقالوا: إن أقل ما دفع عنهم أن يسيل بهم الوادي ناراً هو العدد اثنا عشر رجلاً، وعليه فلا تنعقد الجمعة بأقل من اثني عشر رجلاً، أما مناقشة هذا العدد فستأتي بعد الكلام عن الآية الكريمة في قوله سبحانه: وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِماً قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ اللَّهْوِ وَمِنْ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ [الجمعة:11] فقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً [الجمعة:11] كان من عادة أهل المدينة إذا قدمت عير بتجارة أن تدق لها الطبول إيذاناً بقدومها، فيحضر التجار ومن يريد الشراء، فصادف مجيء تلك العير قيام الرسول صلى الله عليه وسلم في خطبته، فما ظن أولئك الذين انصرفوا عن رسول الله أنه بقي عليهم واجب الانتظار؛ لأنهم لما صلوا الجمعة حسبوا أن الجلوس لسماع الخطبة من باب النافلة وليس بلازم عليهم، وهذا هو المظنون بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك دفعاً لما يتوهمه متوهم، وما يغمز به أصحاب الأهواء بأن الذين انفضوا من المنافقين.
وقد يستدل لما يقوله أصحاب هذا الرأي بما جاء بعد سورة الجمعة، حيث جاء الحديث عن المنافقين، وهذا ليس بصحيح، لكن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لما انقضت الصلاة، ولم يبق إلا الخطبة ظنوا أنه ليس عليهم حرج في أن ينصرفوا ما داموا قد أدوا الصلاة. ونلاحظ هنا قوله تعالى: وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً [الجمعة:11]، وهم في المسجد لم يروا، واللهو لا يرى، وإنما يسمع، ولكن التعبير شمل الإدراك؛ لأن الرؤية أقوى أنواع الإدراك.
كما أنه ذكرت التجارة واللهو، وأعيد الضمير على مفرد أحد الأمرين المذكورين وهو التجارة: وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفَضُّوا [الجمعة:11]، ولم يقل: (إليهما). ولم يقل: (إليه)، بل قال: (إِلَيْهَا)، وضمير التأنيث هنا عائد على التجارة، فقالوا: لما كانت التجارة هي الأصل واللهو تابعاً لها للإعلام عنها كانت هي الأهم، فعاد الضمير عليها، ويلاحظ نظير ذلك في قوله تعالى: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ [التوبة:34]، فلم يقل: (ينفقونهما) أو (ينفقونه) فأعاد الضمير على الفضة.
وهنا يتساءل إنسان: الذهب أهم من الفضة، فلم لم يعد الضمير عليه، أو عليهما معاً؟
والجواب: أن هذا من بلاغة القرآن وإعجازه؛ لأنا لو نظرنا إلى الكنز عند الناس لوجدنا أكثر من يكنز هم أصحاب الفضة؛ لأن الفضة أكثر تناولاً وأرخص قيمة، ويمكن أن يكنزها الغني والفقير كما يقال، لكن الذهب مختص بكبار الأغنياء، فكان الوعيد في كنز النقدين، فإذا توجه إلى الأقل كان الأكثر من باب أولى، فعود الضمير على أحد المتماثلين المقترنين يكون لسرٍ في هذا التعبير، وقد تبين لنا في الذهب والفضة عود الضمير على الفضة؛ لأنها أكثر شمولاً؛ ولأنه من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى، فإذا كان الذي يكنز الفضة متوعداً فالذي لا ينفق الذهب من باب أولى.
وهنا كانت التجارة هي الأصل، واللهو إنما هو تابع لها للإعلام عنها، فرجع الضمير إليها.
انظر إلى ما بعدها في المغايرة، حيث قال تعالى قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ اللَّهْوِ وَمِنْ التِّجَارَةِ [الجمعة:11]، فقدم هنا اللهو على التجارة؛ لأن المنفضين جاء بهم سماع اللهو، وهو دق الطبول، فقال تعالى: قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ اللَّهْوِ وَمِنْ التِّجَارَةِ [الجمعة:11] أي: التي خرجتم من أجلها، واستدعاكم إليها سماع اللهو.
ثم قال تعالى: وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ [الجمعة:11]، أي: إن كنتم تطلبون الربح والرزق في هذه التجارة وتركتم رسول الله قائماً فما عند الله ببقائكم عند رسول الله تستمعون إليه خير: وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ [الجمعة:11].
أما موضوع المسألة من حيث هي فكما يقول الشوكاني وابن حجر نفسه في فتح الباري وغيرهما: تعددت الأقوال والمذاهب فيها إلى نحو عشرين قولاً.
ولكن ينبغي التنبيه على ما هو الواجب في هذا المقام؛ لأننا وجدنا أقوالاً منها ما هو بين الأئمة الأربعة رحمهم الله، ومنها ما هو خارج عن كلام الأئمة الأربعة، ولولا ما حصل من الالتباس على بعض طلبة العلم في هذه القضية ما أوردنا كل التفصيلات فيها، ولكن سبق أن نبهنا على هذا الموضوع في تتمة أضواء البيان عند هذه الآية الكريمة.
يقول العلماء: اختلف الناس فيمن تنعقد بهم الجمعة، واختلفوا فيمن تسقط عنه.
أما بمن تنعقد فإن الجمهور يسقطونها عن المرأة، ويختلفون في العبد، ويتفقون في المريض، ويختلفون في المسافر، فهم أربعة أصناف: العبد والمرأة والمريض والمسافر، فالبحث في العدد خارج عن هذه الأصناف الأربعة؛ لأنها موضع خلاف.
فهناك من يقول: تصح بالواحد كصلاة الفرض؛ أي: كالصلوات الخمس. ولولا وجود هذا القول ما كان للتنبيه عليه مكان، ولا يساوي الحبر الذي كتب به.
وهناك من يقول: تنعقد باثنين، كأقل ما تنعقد به الجماعة في الصلوات الخمس، وهذا يلحق بالذي قبله.
وهناك من يقول: تنعقد بثلاثة حتى قيل: المؤذن والإمام وشخص ثالث.
وهناك من قال: بثلاثة سوى الإمام ويقولون: قال تعالى: إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا [الجمعة:9]، والواو هنا للجماعة أو للجمع، وأقل الجمع ثلاثة.
وهناك من يقول: بأربعة.
وهناك من يقول: بعشرة.
وهناك من يقول: باثني عشر.
وهناك من يرجع إلى العدد الذي بقي في هذه الواقعة، وهو اثنا عشر، أو ثمانية، أو أربعة عشر.
وهناك من يقول: عشرون رجلاً ويعزونها رواية لـمالك .
وهناك من يقول: أربعون رجلاً وهو مذهب الشافعي مصرحٌ به.
وهناك من يقول: ليس في انعقاد الجمعة ووجوبها عدد محدد، وإنما تجب على كل جماعة استوطنوا قرية، ويقومون بشئون أنفسهم، ويستطيعون الدفاع عن أنفسهم مما يرد عليهم من أعداء، وهذا هو القول الثالث عن مالك رحمه الله.
وكذلك نرجع إلى وجهة نظر من قال بالثلاثة كما أشرنا، وبعضهم يعزو ذلك لـأبي يوسف ومحمد، أو الإمام أبي حنيفة رحمه الله، وهذا غير صحيح.
والذين قالوا بثمانية أو بعشرة أو باثني عشرة يختلفون في العدد الذي بقي عند سماع اللهو والتجارة والرسول صلى الله عليه وسلم قائمٌ يخطب، فمن ثبت عنده ثمانية، قال: أقل ما يكون ثمانية. ومن ثبت عنده عشرة قال بالعشرة، ومن قال: كانوا اثني عشر قال: أقله اثنا عشر.
والجواب عمن استدل بذلك بإجماع الأصوليين وعلماء الحديث، حيث يقولون: هل الرسول قال لا تصح إلا باثني عشر؟ إنما قال: (لو انفضوا جميعاً لسال بهم الوادي ناراً).
فهؤلاء أخذوا من ذلك أن أقل ما يقع به الواجب -وهو انعقاد الجمعة- هذا العدد الذي بقي، ويقولون: إنها قضية عين؛ إذ كان من الممكن أن يبقى عشرون أو ثلاثون أو خمسة، فليست هناك قاعدة، وليس هناك ما يفهمنا ويوحي إلينا بأن عدداً معيناً كان ينبغي أن يبقى.
فما دامت هذه الاحتمالات قائمة فلا ينبغي التعويل على اعتماد العدد الذي بقي أنه أقل ما تنعقد به الجمعة، أما الذين قالوا بأربعين فلأنه العدد الذي كان في أول جمعة جمعت بالمدينة، وفي سبب إقامة أول جمعة اختلاف.
فقيل: بسبب مصعب بن عمير ، وقيل غيره، وقيل: إن المهاجرين الأولين قبل أن يقدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة رأوا اليهود يجتمعون في يوم سبتهم ويقرءون الزبور، فقالوا: لو اتخذنا يوماً نجتمع فيه ونذكر الله! فاجتمعوا وصلوا ركعتين وذكروا الله، فسموا ذلك اليوم يوم الجمعة لاجتماعهم فيه، فقيل لبعضهم: كم كنتم؟ قال: كنا أربعين رجلاً، فقالوا: هذه أول جمعة أقيمت بالمدينة وكان العدد أربعين! فيقال أيضاً: هل هذا تحديد من النبي صلى الله عليه وسلم؟ فإن هذا العدد الذي حصل كان يمكن أن يزيد ويمكن أن ينقص، فكونه صادف وجود أربعين رجلاً ليس بحجة ولا دليل على أن أقل عدد تنعقد به الجمعة أربعون رجلاً، بل في بعض الروايات أن الذي جمع لهم ذبح لهم شاة فتغدوا وتعشوا منها.
وأعتقد أن الشاة لا تكفي لغداء وعشاء أربعين رجلاً ولا عشرين رجلاً، فالمسألة تدور على تقدير العدد.
وناحية أخرى هي لو سلم أنهم كانوا أربعين، فهل الرسول صلى الله عليه وسلم قال: إذا اجتمعتم أربعين فصلوا الجمعة؟
وبعض الروايات فيها مقال، وقد جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إليهم من مكة أن اجتمعوا أو اتخذوا يوماً تجتمعون فيه تذكرون الله، فاتخذوا ذلك اليوم، ولم يحدد عدداً، فالذين قالوا بواحد أو بثلاثة ليس لهم إلا استدلال لغوي لا دخل له في الأحكام الشرعية.
ومن قال بالعشرة أو بالثمانية أو بالاثني عشر كل ذلك مرتبط بقضية الذين انفضوا عن رسول الله وبقي هو في المسجد يخطب، والذين قالوا بعشرين أو قالوا بثلاثين -كما روي ذلك عن مالك رحمه الله- إنما اختلفوا في العدد.
وكذلك الذين قالوا بأربعين، فقد بنوا على أول عدد انعقدت أو صليت به الجمعة، قالوا: الذين حضروا آنذاك كان عددهم أربعين رجلاً، وعلى هذا لم يكن في تحديد العدد نصٌ صحيح صريح في أي ديوان من دواوين السنة.
فمن تنعقد بهم الجمعة هم قومٌ استوطنوا قرية، أي: البيوت الثابتة، وبعضهم يشترط ألا يكونوا في الخيام، أي: أن تكون البيوت مبنية ثابتة في الأرض ليست للرحيل حينما تأتي الحاجة.
فإذا اجتمع جماعة يمكنهم الدفاع عن أنفسهم إذا هجم عليهم وحش أو غيره، فإنهم يعتبرون أهل قرية مقيمين، وحينئذٍ يقول مالك رحمه الله: إن كثروا أو قلوا فإن عليهم صلاة الجمعة ما داموا لا يرحلون صيفاً ولا شتاءً.
الأحناف يقولون: لا تجب في قرية، بل تجب في المدن؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما صلى جمعة في قرية.
والجمهور يقولون: قد تطلق القرية على المصر، بل إن مكة المكرمة سميت بـ(أم القرى)، وكذلك أول جمعة أقيمت بعد الجمعة في المدينة كانت في (جواثاء) وهي قرية من قرى البحرين، بجهة الأحساء اليوم، فأقيمت هناك جمعة وهي قرية.
وعلى هذا فمما يشترط للجمعة الموطن الذي تكون الإقامة فيه، وكما يقول المالكية: قد تكون القرية صغيرة ثم تنمو وتكبر حتى تصير مدينة، فإذا ثبت الاستقرار والإقامة ثبت شرط صلاة الجمعة.
وهناك من يقول: لا اشتراط للمكان ولا للتقري، فإذا وجد جماعة في خيام رحّل: كبعض المعسكرات، أو بعض التجمعات الكشفية أو نحو ذلك، فعليهم الجمعة، والجمهور يقولون: لا جمعة عليهم.
والذين يقولون: عليهم الجمعة يختلفون في العدد المشترط من ثلاثة إلى اثني عشر كما تقدم.
والذي ينبغي أن يعلم أن سياق القرآن الكريم يدل على ما ذهب إليه الأئمة الأربعة من اشتراط وجود القرية، والمقيمين فيها، ولوازم الإقامة؛ لأن جمهور الأئمة الأربعة يقولون: لابد في موطن إقامة الجمعة من حاكم ومن سوق قائم، ومعنى السوق: المحلات التجارية للبيع والشراء التي يمكن لأهل تلك القرية أن يأخذوا منها ضرورياتهم وحوائجهم، والقرآن الكريم يشير إلى هذا المعنى، والأئمة رحمهم الله ما جاءوا بهذا من فراغ من عندهم، وإن لم يأتِ نص صحيح صريح في هذا الموضوع، ولكنهم أخذوه استنباطاً من كتاب الله، والذي نقوله دائماً: إنه يجب على كل إنسان قبل أن يرى الرأي في نفسه في حكم شرعي أن يرجع إلى أقوال العلماء، وأن يقف على مستندهم في هذا القول.
فلو تأملنا في قوله سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا [الجمعة:9] لوجدنا أن كلمة (فَاسْعَوْا) ليس معناها السعي الذي بمعنى الجري، بل إن الحديث يقول: (فأتوها وعليكم السكينة والوقار)، فالسعي هو الأخذ بأسباب التوجه إلى الجمعة، كقوله تعالى: وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ [البقرة:205] أي: أخذ بالأسباب لِيُفْسِدَ فِيهَا [البقرة:205].
وقال الشاعر:
سعى ساعي غيظ ابن مرة بعدما تبذل مع عشيرته بالدم
أي: سعى بالصلح بين القبيلتين وتقول: فلان سعى بالنميمة بين اثنين، وفلان سعى بالصلح بين المتخاصمين، أي: أخذ في أسباب هذا الأمر حتى أتمه، فقوله تعالى: (فَاسْعَوْا) أي: تهيئوا، ومن السعي للجمعة الاغتسال، وتغيير الثياب، ومس الطيب، والتبكير إليها.
ولأجل قوله تعالى: فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ [الجمعة:9] قال الذين قالوا تنعقد بثلاثة تتحقق تلك الصورة بمنادٍ ينادي وذاكرٍ يُذكِّر وساعٍ إلى هذا الذاكر يسعى لذكر الله، فيكفي الثلاثة لتقام به الجمعة.
والآخرون قالوا: الصورة كاملة وليست جزئية؛ لأن في السياق قوله تعالى: فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ [الجمعة:9] أي: اتركوا البيع، فهل هذا الأمر بترك البيع والنهي عن الاشتغال بالبيع والشراء يوجه إلى واحد؟ فالمنادي موجود، وذاكر الله موجود، والنداء وجّه لغيرهما ليتركوا البيع، والبيع أقل ما يقع من طرفين بائع ومشترٍ.
فهذا الأسلوب لا يتوجه إلى شخص واحد، بل ولا إلى اثنين، ولا إلى ثلاثة، إنما يتوجه إلى حركة تجارية فيها أخذ وعطاء وبيع وشراء، ثم يأتي بعد ذلك قوله تعالى: ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [الجمعة:9]، ثم قوله تعالى: فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا [الجمعة:10]، وهل الانتشار يكون من واحد أو اثنين أو ثلاثة أو خمسة؟ فالانتشار معناه: النشور بمعنى الاتجاه في كل جهة، فواحد يتجه إلى الغرب وآخر للشمال...؛ لأن الانتشار يدل على العدد الوفير الذي ينتشر إلى جهات متعددة.
فقوله تعالى: فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ... [الجمعة:10]، هذه الضمائر فيه كلها لا تكون لواحد او اثنين أو ثلاثة! فلابد أن يتحقق عندنا وجود الأماكن التي تستقر فيها التجارة ويؤخذ فيها بالبيع والشراء.
وهؤلاء المتبايعون المشترون بشر يقع بينهم الخلاف؛ إذ الأسواق هي مواضع الشجار والخلاف، كما قيل: المساجد بيوت الله والأسواق بيوت الشياطين؛ فهناك الخلاف، وهناك النزاع، فهذا النزاع الذي يقع بين المتبايعين من الذي يفضه؟ وقد قال تعالى: وَإِنَّ كَثِيراً مِنْ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَقَلِيلٌ مَا هُمْ [ص:24].
فالخلطاء وهم أصحاب الأغنام الذين يختلطون عند الرعي يقع بينهم نزاع، فما بالك بأصحاب السوق، فهذا ميزان راجح، وهذا غشَّ فيه، وهذه سلعة مغشوشة، فقالوا: السوق يحتاج إلى حاكم يفض النزاع، وهذا الحاكم من شروط هذا التجمع، بل جاء في الحديث: (إذا كان ثلاثة لم يؤمروا عليهم أميراً استولى عليهم الشيطان)، فلا بد من وجود شخصٍ يرتضيه الجميع يكون المرجع إليه عند النزاع، فإذا اجتمعت قرية واجتمع سوق وبيع وشراء فلا بد من أمير، فشرط الفقهاء أن توجد قرية فيها سوق فيها أمير.
وهكذا نجد أن النص القرآني الكريم في سياق هذه القضية يؤخذ منه ما توصل إليه الأئمة الأربعة رحمهم الله من ضرورة وجود قوم مقيمين، أو من ضرورة إقامة الجمعة في القرية المستقرة التي لها سوق وفيها أمير -أي: حاكم- يحكم بين الناس، وعلى هذا فإقامة الجمعة في البساتين، أو في الخلوات، أو في أماكن التنزه، أو في غير ذلك فإنها على خلاف كتاب الله، وخلاف ما عليه الأئمة الأربعة، وخلاف ما عليه أصحاب السنن الست، وبالله تعالى التوفيق.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر