الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
وبعد:
فالجمهور على نجاسة الكلب، وعلى أنه يغسل الإناء إذا ولغ فيه الكلب للنجاسة، ولكن هل يقاس عليه غيره؟
فبعض الشافعية يلحق الخنزير بالكلب في نجاسته وفي التطهير منه؛ لأن الخنزير أشد نجاسة من الكلب.
وهناك من يحكي عن بعض المالكية أن الأمر بغسل الإناء الذي ولغ فيه الكلب وارد في الكلب غير المأذون فيه، أما الكلب المأذون فيه، وهو ما كان للصيد أو للحراسة أو للماشية؛ فإنه مخالط لصاحبه؛ فليس داخلاً في هذا الأمر، وبقية المالكية على العموم، سواء كان الكلب مأذوناً فيه أو غير مأذون فيه. قال صلى الله عليه وسلم: (طهور إناء أحدكم) فإذا كان الولوغ في غير الإناء، بأن جاء الكلب إلى بركة أو إلى حوض وشرب منه ولعق، فهل يدخل في هذا الباب؟ قالوا: لا يدخل.
وقد جاء أن عمر بن الخطاب خرج في ركب فيهم عمرو بن العاص، فوردوا حوضاً، فقال عمرو بن العاص لصاحب الحوض: يا صاحب الحوض! هل ترد حوضك السباع؟ فقال عمر بن الخطاب : فإنا نرد على السباع وترد علينا. وقد سئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن الحياض التي بين مكة والمدينة وتردها السباع والكلاب ونحوها، هل يتطهر منها؟
فقال: (لها ما حملت في بطونها ولنا ما غبر) أي: ما بقي.
فهنا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن تلك المواطن لا يضرها ولوغ الكلاب فيها، فالذين قالوا بنجاسة سؤر الكلب، قالوا: هذا ماء كثير فوق القلتين، وسنرجع إلى موضوع نجاسة الماء القليل إذا لم تغيره النجاسة، ومن أدلتهم على هذا: أن ولوغ الكلب في الإناء لا يغير أحد أوصافه من لون أو طعم أو ريح. إذاً: هذا ماء قليل خالطته النجاسة فتنجس ولو لم يتغير، فأمر بإراقته وغسل الإناء، وردوا على مالكاً بهذا؛ لكن مالك لم يسلم لهم بالنجاسة، إنما قال الغسل هنا تعبدي، وسؤر الكلب طاهر.
قال: إن الأصل في الحي الطهارة، فكل حي طاهر عند مالك ، كما أن الأصل أن كل حيوان ميت فهو نجس، وهذه قاعدة في الحياة وفي الموت.
واستدل مالك بالنص القرآني الكريم، فإن المولى سبحانه وتعالى لما سأل السائلون: ماذا أحل لهم؟ قال: قُلْ أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنْ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ [المائدة:4]، قال مالك: فكلب الصيد يذهب ويمسك الصيد لصاحبه، ولم نجد الأمر بغسل موضع عض الكلب للصيد، وليس هو مجرد ولوغ، بل هو عض بفمه كله على الصيد، فلم يؤمر صاحب الكلب المعلم أن يغسل موضع عض الكلب للصيد، لكن قال الجمهور: هذا الموضع يقطع ويرمى، ولو لم يرمَ فسيشوى في النار، والنار تحيل النجاسة إلى طهارة، فقال مالك: النار أذهبت المعنى التعبدي الذي أمر بالغسل من أجله، قالوا: وما هو الأمر؟ قال: الأمر صحي، وسيأتي بيانه إن شاء الله.
واستدل المالكية بصنيع البخاري في صحيحه، وهو وإن لم يصرح بمذهبه، فإنه يدل على ميوله إلى مذهب مالك في هذه المسألة؛ لأنه ساق أربعة أحاديث يفهم من مجموعها عدم نجاسة سؤر الكلب، منها حديث كلب الصيد، ومنها: (كانت الكلاب تروح وتغدو في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم)، وما الفائدة من هذا الحديث الذي يسوقه البخاري في كتاب الطهارة؟
قال السيوطي : إن البخاري فقيه، ودلالة الفقه في صحيحه أكثر من دلالتها في غيره؛ وذلك لفقهه، ولذا يقول العلماء: فقه البخاري في تبويبه، وقد يبوب الباب لمسألة فقهية ولا يورد فيها أي حديث؛ لأنه صح عنده حديث في معنى الباب، ولكن ليس على شرطه في الصحة، فيأتي بالمعنى تحت الباب ولا يسوق الحديث؛ لأنه دون ما اشترطه، وقد يترجم للمعنى ويأتي بحديث في الظاهر أنه بعيد جداً، ولكن المعنى موجود فيه، فهنا البخاري بوب: كانت الكلاب تروح وتغدو في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك أنه في عام الوفود سنة تسع كان صلى الله عليه وسلم ينزل الوفود في المسجد، ولما جاء وفد بني ثقيف في السنة التاسعة أنزلهم في المسجد، ونصب خيامهم في المسجد، وكان يشرف على خدمتهم، وكان ذلك في رمضان؛ ليروا حال المسلمين في صيامهم وفطورهم، ويروا تلاحمهم وإخاءهم، ولذلك لم يخرج رمضان إلا وقد أسلموا جميعاً، قال البخاري : كان هؤلاء القوم في المسجد، وكان يؤتى لهم بالطعام، وحاسة الشم قوية عند الكلب، فهو يمشي ويتشمم في تربة الأرض، ومعلوم أنه إذا تشمم الكلب تربة الأرض فإن لسانه يلهث أيضاً، فلا بد أن يصيب لعابه التربة، ولم يأمر صلى الله عليه وسلم بغسلها، ولا بصب الماء عليها كما أمر في قصة بول الأعرابي، ولا أمر بمسح التراب عن مواضع تشمم الكلاب في المسجد، ولو كان سؤر الكلب نجساً لمنعت الكلاب من ذلك، وتتبع مواطنها، وطهرت بما يمكن أن تطهر به.
وكذلك استدل المالكية بقضية كلب الصيد على أن سؤره ليس بنجس.
إذاً: الخلاف على هذا النحو: مالك يرى طهارة سؤر الكلب، والجمهور يرون النجاسة، وكلٌ يستدل بما تقدم.
ورد عليهم الجمهور بأن الكلب الكلِب لا يشرب الماء، وإذا شرب الماء وولغ فيه فليس مسعوراً، ورد عليهم المالكية وقالوا: إن الكلب قد يصاب بالداء ولا تظهر عليه آثاره إلا بعد خمسة عشر يوماً، وعند ذلك تتكاثر فيه الجرثومة، وتظهر آثارها عليه، وحينئذ لا يقرب الماء، والشرع المطهر عمم الحكم فيما كان مصاباً ولم تظهر أثر الإصابة عليه ومالم يصب بشيء، سداً للباب.
ثم نأتي إلى مسألة التتريب، نجد في بعض الأبحاث الطبية الحديثة أنه لا يمكن للمطهرات الكيميائية أن تقضي على داء الكلب، ولا يقضي عليه غير مادة موجودة في التراب تسمى: (فلورين)، وهذه المادة متوافرة في التراب، فإذا أضيف التراب إلى الإناء مع الماء فإنها تقضي على هذه الجرثومة نهائياً، فوجدنا في الطب الحديث أن هذه المادة (الفلورين) تقضي على داء الكلب، وقد جاء الأمر بإراقة الماء الذي شرب منه الكلب وغسل الإناء سبعاً مع التتريب، ووجدنا أن الكلاب كانت تغدو وتروح في المسجد النبوي، ولم نجد الأمر بغسل آثار الكلب في الصيد، وهذه أدلة المالكية في قولهم بأن سؤر الكلب ليس نجساً؛ والغسل فيه تعبدي.
وأضافوا إلى ذلك -من باب التدعيم القولي بكل صغيرة وكبيرة- أن عدد السبعة يأتي في الطب كثيراً، مثل حديث: (من تصبح بسبع تمرات ..)، وحديث: (أريقوا عليه من سبع قرب من سبعة آبار)، أي: في دواء الحمى، فقالوا: عدد السبعة داخل في الطب؛ ولهذا أمر بغسل الإناء سبع مرات وأضيف إليه التراب.
وبعض من يقول بالنجاسة قالوا: لا حاجة إلى التراب مع الغسل سبع مرات، فلو غسل بالصابون والأشنان ونحو ذلك فإنه يجزئ، وهذا قول عند الحنابلة، لكن رد عليهم بأن الحديث نص على التراب، فقالوا: هذا نظيره في النظافة، والصابون والأشنان منظفان، قال ابن دقيق العيد في إحكام الأحكام: يجاب على هذا بأنه فاسد الاعتبار، وأي قياس يعارض النص فلا يعتبر؛ لأن النص في التراب، وقالوا: إن التراب أحد الطهورين، فيجمع للإناء بين طهور الماء وطهور التراب، وقال ابن دقيق العيد قاعدة: إذا عاد الفرع على الأصل بالإبطال كان الفرع باطلاً، وذلك مثل قصة الخضر مع موسى عليهما السلام لما قتل الخضر الغلام: قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً [الكهف:74]، ثم قال الخضر: وَأَمَّا الْغُلامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً * فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً [الكهف:80-81]، فهذا الولد فرع، وهذان الأبوان الصالحان أصل، فحفاظاً على صلاح الأبوين أبقي على الأصل، وقدما على الفرع، وقتل الفرع حتى لا يفسد الأصل؛ وهكذا إذا كان الفرع يعود على الأصل بالبطلان كان الفرع باطلاً، ونحن نشاهد هذا حتى عند الفلاحين، فلو أن شجرة برتقال صغيرة أثمرت كثيراً، فيرى صاحب البستان أنه لو تركت ثمار البرتقال على هذه الشجرة الصغيرة لكسرت أغصانها ولم تحتملها الشجرة، ولذلك يخفف الثمار حتى لا تتحطم أغصان الشجرة، ويتلف بعض الفرع إبقاءً للأصل، وهكذا هنا، فلو جعلنا الأشنان فرعاً عن التراب لأبطلنا التراب، فيكون الفرع مقدم على الأصل، إذاً: هذا الفرع باطل، أما لو قيل: نضيف الأشنان مع التراب فلا بأس؛ لأننا حافظنا على الأصل، وأضفنا إليه غيره.
وقال الأحناف أيضاً: لا حاجة إلى التتريب؛ لاضطراب رواية التتريب؛ فقد جاء: أولاهن، أخراهن، إحداهن، السابعة، الثامنة، قالوا: وهذا اضطراب في الرواية فيسقط التتريب.
وأجاب الجمهور بأن تعدد الروايات لا يدل على نفي التتريب بالكلية، بل يؤكد وجوده؛ ولكن الخلاف في الأولى أو في الأخيرة هذا شيء آخر، ولكن تلك الروايات تثبت التتريب؛ فيتعين التتريب.
إذاً: هذا عرض لهذا الحديث وجزئياته، ولن نستطيع أن نستوفي كل ما يمكن أن يقال في ذلك، ولكن هذا تمهيد وبيان وتدريب لطالب العلم على دراسة الحديث الذي تتفرع عنه المسائل العديدة، ومعرفة وجهات النظر، وكان الأحرى أن يسوقه المؤلف في باب إزالة النجاسة، ولكنه ساقه هنا تأييداً لرأي من يقول: إن الماء القليل -كالإناء الذي ولغ فيه الكلب- ينجس ولو لم يكن هناك تغير في لون أو رائحة أو طعم؛ لأنه أمر بإراقة الماء وغسل الإناء مع عدم ظهور التغير فيه.
من فقه المؤلف رحمه الله تعالى أنه ساق حديث اغتسال الرجل والمرأة من إناء واحد، ثم ما يتعلق بسؤر الكلب، ثم هنا ما يتعلق بسؤر الهرة، وهذا يناسب باب إزالة النجاسات؛ ولكنه ساقه هنا في باب المياه تتمةً لمسألة قليل الماء إذا لاقته نجاسة ولم تغيره، فالإناء ماؤه قليل، وولوغ الكلب فيه -على نجاسة سؤره- لم يغير من أوصافه شيئاً، وقد أمرنا بإراقة الماء وغسل الإناء، فعلى القول بنجاسته يكون الماء القليل قد تنجس بالنجاسة وإن لم تغير أحد أوصافه.
ثم لملابسة الهرة للناس في بيوتهم أتبع خبر الكلب بخبر الهرة؛ لجامع أن الكل يخالط الإنسان، ويستدعي الواقع بيان الحكمين، فكما بين سؤر الكلب يريد أن يبين سؤر الهرة، فذكر حديث أبي قتادة رضي الله تعالى عنه، وسبب هذا الحديث: أن زوجة ولده وضعت له ماءً في إناء ليتوضأ، فجاءت هرة وأرادت أن تشرب من ذلك الماء، فأصغى أبو قتادة الإناء للهرة، أي: أماله حتى تستطيع أن تشرب منه، فلما رأت تلك المرأة فعل أبي قتادة تعجبت! وكأنها تستبعد أن يتساهل حتى يسمح للهرة أن تشرب من ماء يتوضأ منه، فلما رأى ذلك قال: أتعجبين يا ابنة أخي؟! قالت: نعم، أعجب من فعلك! وكأنه رأى في قسمات وجهها علامات التعجب، وهذا من الفراسة أو من الذكاء حينما تنظر لإنسان وتعرف أنه فرحان، أو غضبان، أو يتعجب، أو يستنكر، فقسمات الوجه تدل على نفسية الإنسان، فقال لها: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في الهرة: (إنها ليست بنجس)، يعني: وما دام أنها ليست بنجس وهي تريد أن تشرب فاسقها، (إنما هي من الطوافين عليكم والطوافات).
يقول العلماء في فقه هذا الحديث: سؤر الهرة ليس بنجس، وبعضهم يقول: نجَس ونجِس هما بمعنى واحد، وبعضهم يقول: نجَس -بالفتح- في النجس المعنوي، ونجِس -بكسر الجيم- في نجس العين كالعذرة ونحوها، والذي يهمنا أن أبا قتادة رضي الله تعالى عنه أخبر زوجة ولده أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال عن الهرة: (إنها ليست بنجَس).
وهل هي ليست بنجَس بسبب أنها من الطوافين، أم أنها في الأصل نجسة ولكن لما كانت من الطوافين خفف عنا وعفي عن نجاستها لمخالطتها إيانا؟ هذه المسألة يبحثها العلماء.
والطوّاف: هو الذي يطوف في الحي، وقيل: الذي يطوف على صاحب البيت بالخدمة، كما قال تعالى: يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ * بِأَكْوَاب وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ [الواقعة:17-18]، وقيل: الطوّاف: الذي يقوم بخدمة من في البيت، وشبهت الهرة بالخدم الذين يطوفون على أهل البيت لأجل المخالطة، فلا يمكن أن تحترس من الهرة في البيت.
قال بعض العلماء: إنها ليست بنجس في ذاتها، وزيادةً على ذلك فهي من الطوافين والطوافات.
وقال بعضهم: أصلها نجسة، ولكن خفف عنا بسبب أنها طوافة علينا، ولا يمكن الاحتراز منها.
ويفرعون على ذلك: لو أننا وجدنا الهرة أكلت فأراً، وبقايا لحم الفأر ودمه على فمها، وشربت من الإناء، فهل نقول: إنها ليست بنجس لأنها من الطوافين، أم نقول: إننا شاهدنا نجاسة خارجة من فم الهرة وقعت في الإناء؟ نقول: هي ليست بنجس، ولكن جاءت بنجاسة، والعبرة بما جاءت به.
إذاً: بين لنا الرسول صلى الله عليه وسلم الرفق بالحيوان حتى في الهرة، فالإنسان من باب أولى، فمن وجبت عليه مئونة إنسان ومنع عنه الطعام، أو قصر فيما يجب عليه مع اليسار، فيخشى عليه من عذاب النار، ولهذا حث النبي صلى الله عليه وسلم على الإحسان إلى الخدم، وإذا أتاك خادمك بالطعام فإن لم تجلسه يأكل معك فأطعمه منه، فقد عالجه وتطلعت إليه نفسه، فانظر إلى النواحي النفسية؛ فالطاهي الذي صنع لك الطعام وأتاك به بكامله، لا تستأثر بالطعام وحدك، وتقول له: اذهب، وابحث لك عن شيء آخر لتأكله! بل إما أن تجلسه معك، وهو أخوك، فلا تستأنف من ذلك، ولا تخشى من تعويده، أو غير ذلك، بل أطعمه منه، وكما يقول العوام: اتق عينه، فهذا الطعام قد تعلقت نفسه به، فخف على نفسك من النظرة.
إذاً: أبو قتادة رضي الله تعالى عنه أصغى الإناء للهرة، وهذا فعل من أبي قتادة رضي الله تعالى عنه، ولم يرفع هذا الفعل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبعض الناس يقول: هذا موقوف وهو من فعل الصحابي؛ ولكن أبو قتادة رفع قوله: ( إنها ليست بنجس) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعلى هذا يكون المؤلف رحمه الله ساق هذا الحديث في باب المياه ليبين أن الهرة إذا طافت بالبيت وشربت من الماء أو أكلت من الطعام فإنها ليست بنجس؛ لكن لو شاهدنا على فمها أثر نجاسة، فيكون الحكم للنجس الذي شاهدناه.
وهنا مسألة: وهي أن البيوت في الأرياف يوجد فيها حيوانات غير الهرة من الطوافين والطوافات، فحكمها حكم الهرة، ومأكول اللحم لا يدخل في هذا الباب، فإنه طاهر حتى بوله، مثل الأرانب والغنم والدجاج.
فمن الحيوانات التي تلحق بالهرة: الفئران، وابن عرس، وبعض الناس يسمونه: (العرس)، وهو حيوان أكبر من اليربوع ومن الفأر، وأصغر من الهرة، ويقولون: ليس فيه عظام، ولو ضربته بحديدة فإنه لا يموت، لكن لو ضربته بعرجون النخلة فإنه يموت، فهذه حيوانات تعيش في بعض الأرياف أو في البيوت العادية، فإذا شربت من ماء في البيت مكشوف، فهل سؤر تلك الحيوانات طاهر أو نجس؟
بعلة الطوافين والطوافات يكون الماء طاهراً، وهذا مما يلحق بالهرة بالقياس؛ بجامع علة الطواف، والله تعالى أعلم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر