إسلام ويب

تفسير سورة غافر (15)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن الذين يجادلون في آيات الله في الدنيا ويكذبون الرسل والكتب أعد الله لهم في الآخرة العذاب الأليم، ففي ذلك اليوم تشد في أعناقهم أغلال الحديد، وتربط في أيديهم وأرجلهم السلاسل، ثم يسحبون في الحميم ويسجرون في النار، جزاء إعراضهم وتكذيبهم، ونظير فرحهم بالباطل ولعبهم ولهوهم، فهل يذكر أهل العقول؟ وهل يتفطن أولو الألباب؟

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (ألم تر إلى الذين يجادلون في آيات الله أنى يصرفون)

    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ * الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ * إِذِ الأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ * فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ * ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ * مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُوا مِنْ قَبْلُ شَيْئًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِينَ * ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ * ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ [غافر:69-76].

    معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات: هذه الآيات المباركة تقرر المبادئ الثلاثة، وهي:

    أولاً: التوحيد، أي: لا إله إلا الله.

    ثانياً: نبوة محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    ثالثاً: البعث الآخر والجزاء في تلك الدار.

    وهذا شأن كل السور المكية التي نزلت بمكة، ففيها تقرير التوحيد، والنبوة المحمدية، والبعث الآخر.

    وهنا قال تعالى وهو يخاطب رسوله محمد صلى الله عليه وسلم: أَلَمْ تَرَ [غافر:69] يا رسولنا! إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ [غافر:69]؟ وهذا عام في أهل الكفر والشرك والباطل إلى الآن، فهم يجادلون في آيات الله. وهذا يتناول الذين نفوا القدر، وهم المعروفون بالقدرية، فهم يجادلون في آيات الله؛ ليصرفوا الناس عنها، وليبعدوا الناس عن آيات الله، ويحرفونها ويؤولونها لصرف الناس عن الحق، ولذلك يقول تعالى: انظر كيف يصرفون.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (الذين كذبوا بالكتاب وبما أرسلنا به رسلنا فسوف يعلمون)

    قال تعالى مبيناً من هم هؤلاء الذين يجادلون بآيات الله ويصرفون عن الحق: الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ [غافر:70]، أي: بالقرآن الكريم. ويدخل في هذا كل كافر إلى اليوم، فكل من كذب بكون القرآن كلام الله وكتاب الله فهو مكذب وكافر. وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا [غافر:70] من العبادات والشرائع والأحكام، التي أرسل بها تعالى رسله من نوح إلى خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم. والملاحدة والعلمانيون والبلاشفة كلهم ينكرون الوحي، وينكرون الرسالات، ولا يؤمنوا بشرائع الله. وهم موجودون إلى الآن. فهؤلاء هم الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ [غافر:70]، أي: بالقرآن، وأبوا أن يقولوا إنه كلام الله وكتاب الله. فهيا بنا نقرأ ونعمل. وهم يقولون لا أبداً، بل هو سحر وتدجيل وكذب، فهم كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا [غافر:70] من الشرائع والأحكام، وعلى رأسها التوحيد وإثبات النبوة والدار الآخرة.

    ثم قال تعالى: فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ [غافر:70]، أي: هؤلاء الذين عموا وضلوا وكذّبوا والله ليعلمون في يوم من الأيام، كما قال: فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ [غافر:70].

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون)

    قال تعالى مبيناً متى يعلم بالضبط المكذبون بآيات الله وبما أرسل به المرسلون أنها حق: إِذِ الأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ [غافر:71]. والأغلال جمع غل، وهو حديدة توضع في العنق، ويسحب منها صاحبها. وَالسَّلاسِلُ [غافر:71] جمع سلسلة، توضع في الأرجل والأيدي، و يُسْحَبُونَ [غافر:71] في جهنم.

    وهنا لطيفة علمية، وهي: سئل أحد الفقهاء من السلف الصالح: هل يجوز أن يأخذ الشرطي الظالم أو السارق أو الجاني بحديدة من عنقه؟ فقال: الجواب: لا. ولكن توضع فيه ويسحب بيده، لا بعنقه؛ لأن هذا من عذاب الله للمشركين في النار، والرسول الكريم يقول: ( النار عذب الله بها من شاء ). فلا يصح أن نعذب بها نحن من نشاء، أي بمعنى: أن ما يعذب الله به لا نتشبه به نحن ونعذّب به. فلهذا يؤخذ الظالم بحديدة في يده، ولا توضع في عنقه؛ حتى لا يكون كأهل النار.

    وقوله: الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ [غافر:70]، أي: بالقرآن، وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا [غافر:70] من نوح إلى محمد صلى الله عليه وسلم من الشرائع والعبادات والأحكام فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ [غافر:70]، وذلك إِذِ الأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ [غافر:71]. فسيعلمون يوماً أنهم كانوا كافرين كاذبين، مكذبين مشركين، مصرين على الباطل ظلمة، فجرة فسقة، ويتجلى ذلك لهم كما هو إِذِ الأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ [غافر:71].

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (في الحميم ثم في النار يسجرون)

    قال تعالى: فِي الْحَمِيمِ [غافر:72]. والحميم هو ماء حار قد انتهت حرارته، وليس فوقها شيء، فهم يسحبون فيه في الحميم. ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ [غافر:72]. فتوقد بهم النار، وأصنامهم وآلهتهم الباطلة كلها تحرق معهم. فهم فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ [غافر:72]، أي: يحترقون، ويكونون هم حطب جهنم.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (ثم قيل لهم أين ما كنتم تشركون من دون الله ...)

    قال تعالى مخبراً أن الملائكة الزبانية المكلفون بتعذيب المكذبين بآيات الله وبما أرسل به رسله تقول لهم ما حكاه تعالى عنهم هنا بقوله: ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ [غافر:73]؟ أي: أين أصنامكم وأحجاركم وآلهتكم الباطلة التي كنتم تشركون بها؟

    يقول تعالى مخبراً أن المكذبين يجيبون الملائكة: مِنْ دُونِ اللهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا [غافر:74]. ثم أرادوا أن يدعوا أنهم ما عبدوا فقالوا: بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُوا مِنْ قَبْلُ شَيْئًا [غافر:74]. وكذبوا في قولهم: ما كنا ندعو من قبل في الدنيا شيئاً أبداً. وهذا الموقف يقفونه لخزيهم وعارهم، وذلهم وما نزل بهم، فالملائكة تسألهم: أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ [غافر:73]؟ وهم قطعاً ليسوا موجودين، لا أصنام ولا ملائكة ولا غير ذلك. قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا [غافر:74]. فهم في طريق ونحن في طريق، وما اهتدينا إلى بعضنا البعض. والكلام يحتمل هذا. بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُوا مِنْ قَبْلُ شَيْئًا [غافر:74]. فنفوا أنهم كانوا يدعون من قبل شيئاً، وهذا هروباً من الجريمة التي كانوا فيها، لعله يعفى عنهم.

    قال تعالى: كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِينَ [غافر:74]. فقد أضلهم في الدنيا ويضلهم في الآخرة، وكما ضلهم في الدنيا يضلهم في الآخرة. فهم ينكرون ما كانوا يعبدونه، ويقولون: ما كنا نعبد شيئاً؛ لأنهم ضلوا عنهم. كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِينَ [غافر:74]. والكافرون هم الذين يجحدون وجود الله، كالبلاشفة والعلمانيين، أو الذين يؤمنون بالله، ولكنهم يعبدون معه غيره وسواه. وهم المشركون. وكذلك الذين يكذبون بلقاء الله والدار الآخرة وما فيها من جزاء لأهل الإيمان ولأهل الكفر، والذين يكذبون رسل الله، ولا يؤمنون بما قالوا ولا بما جاءوا به. فكل هؤلاء كافرون.

    والكفر هو: الجحود والتغطية. فالكافر غطى وجود الله. وهؤلاء قالوا: لا وجود لله، وغطوا نبوة محمد، وقالوا: ليس بنبي، وغطوا وجحدوا القرآن، وقالوا: ما هو بكلام الله أبداً. وهكذا هم إلى اليوم. ونحن نبرأ إلى الله من صنيعهم، ونعوذ بالله أن نكون منهم.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (ذلكم بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تمرحون)

    قال تعالى: ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ [غافر:75]، أي: ذلكم الخزي والعار وذلكم العذاب الأليم وذلكم الأصناف من أصناف العذاب كل ذلك بسبب أنكم كنتم في الدنيا تفرحون، ولا تعبدون الله، وتشتغلون بالباطل. فقد كانوا يأكلون ويشربون، وينكحون ويلبسون، وهكذا. والمرح فوق ذلك، فالمرح أشد من الفرح.

    ومعنى هذا: أن الدنيا ليست دار فرح ولا مرح والله، ولا يفرح فيها ولا يمرح إلا الكافرون، وأما أهل الإيمان الموصولون بالسماء الذين يعيشون على عبادة الله فليس عندهم هذا المرح والفرح أبداً، بل هم دائماً مع الله ذاكرين شاكرين عابدين ليلاً ونهاراً.

    وأما هؤلاء فتقول لهم الملائكة -أي: الزبانية-: ذَلِكُمْ [غافر:76] الذي حصل لكم بسبب أنكم كنتم تفرحون في الأرض بغير الحق، لو فرحوا بالحق لجاز لهم ذلك، ولكنهم يفرحون بالباطل، وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ [غافر:75] وتتبخترون، وغير ذلك مما هو من ألوان المرح والفرح.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين)

    قال تعالى مخبراً أن الملائكة تقول للمكذبين: ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ [غافر:76]. وأبواب جهنم سبعة، أبواب الجنة ثمانية. والجنة طبقات واحدة فوق واحدة، ودرجات كل درجة فوق درجة. وجهنم دركات، وكل دركة تحت دركة. وما بين الدرجة والدرجة في الجنة كما بين السماء والأرض. ودركات جهنم دركة تحت دركة، ولا يعرف مداها إلا الله.

    وقوله: ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا [غافر:76]، فهم لا يخرجون منها أبداً، بل هم في الخلود والبقاء الدائم المستمر الذي لا ينقطع.

    ثم قال تعالى: فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ [غافر:76]، أي: قبح مثواكم أيها المتكبرون! وقبح جزاءكم أيها المشركون الكافرون! وهو جهنم. فبئس مثواهم، أي: مقرهم ومسكنهم ومنزلهم، ألا وهو جهنم، فبئس المثوى جهنم.

    وهذه الآيات تقرر: أولاً: أنه لا إله إلا الله، فلا يُعبد على الأرض إلا الله، لا ملك مقرب، ولا نبي مرسل، ولا عبد صالح، فضلاً عن هذه الشهوات والأطماع، والأصنام والأحجار. فلا إله إلا الله.

    ثانياً: تقرير النبوة المحمدية، ولو لم يكن رسول الله ونبي الله لما كلمه الله : ألم ترى إلى الذين كذا وكذا؟ ولما أنزل عليه كتابه، ولا قص عليه هذه القصص. فإذاً: هو رسول الله، ومن كذّب برسالته فلن ينجو من عذاب الله، ولن يخرج من النار.

    ثالثاً: تقرير البعث والجزاء. فنحن في هذه الآيات نسمع ما يقول الملائكة، فهم يسألون أهل النار ويستنطقونهم، ويستجوبونهم ويدفعونهم إلى جهنم. وهذا شأن السور المكية في كتاب الله عز وجل.

    1.   

    قراءة في كتاب أيسر التفاسير

    هداية الآيات

    قال: [ هداية الآيات ] الآن مع هداية الآيات.

    [ من هداية ] هذه [ الآيات:

    أولاً: التعجيب من حال المكذبين بآيات الله المجادلين فيها، كيف يصرفون عن الحق بعد وضوح أدلته وقوة براهينه ] فهم ينكرون كتاب الله مع أن الآيات واضحة كالشمس، والأدلة ما شاء الله، ومع هذا يكذبون وينكرون. فهذه حال تدعو إلى التعجب، ولذلك هو يتعجب من حالهم، كيف يصرفون عن الحق، وكيف يبعدون عن الحق بأنواع الباطل والشر والفساد.

    [ ثانياً: إبراز صورة واضحة للمكذبين بالآيات، المجادلين لإبطال الحق، وهم في جهنم يقاسون العذاب بعد أن وضعت الأغلال في أعناقهم، والسلاسل في أرجلهم، يسحبون في الحميم، ثم في النار يسجرون ] فهذه صورة واضحة، وكأننا معهم، فالملائكة توبخهم وتسألهم وتبين لهم، ثم توضع الأغلال في أعناقهم، والسلاسل في أرجلهم، ثم يسحبون إلى جهنم؛ ليصبحون ناراً تلتهب، وتصبح أجسادهم كالحطب والفحم.

    [ ثالثاً: ذم الفرح بغير فضل الله ورحمته ] وإحسانه [ وذم المرح، وهو أشد الفرح ] فالفرح بالدنيا وأوساخها ليس خيراً أبداً، بل هو الشر بعينه. وأما إن فرحت بما وهبك الله من عقل أو دين أو ولد مثلاً، وحمدت الله وأثنيت عليه وشكرته فهذا الفرح لا بأس به، ولكن الفرح بالمعاصي والذنوب والآثام، والشرك والكفر والعياذ بالله فهذا بئس الفرح. وهكذا أكثر المؤمنين يحزنون في هذه الدنيا ولا يفرحون.

    [ رابعاً ] وأخيراً: [ ذم التكبر، وسوء عاقبة المتكبرين الذين يمنعهم الكبر من الاعتراف بالحق، ويحملهم على احتقار الناس، وازدراء الضعفاء منهم ] ففي هذه الآيات ذم الكبر، وخاصة الكبر الذي يحمل صاحبه على أن يتكبر فلا يعبد الله، ولا يعترف بالحق، ولا يسلم بحق لأحد، ولا يعترف بحق لصاحبه بسبب الكبر. فهذا الكبر من شر أنواع الذنوب، والعياذ بالله، وقد قال تعالى: فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ [غافر:76].

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756471824