أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة؛ ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم، ذلكم الكتاب الحاوي الجامع للشريعة الإسلامية كاملة عقائد وآداباً وعبادات وأخلاقاً وأحكاماً، وقد انتهى بنا الدرس إلى الأحكام، وها نحن مع [ المادة الرابعة: في الغصب].
[وقوله صلى الله عليه وسلم: ( لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفسه )] مطلق المال لا يحل إلا عن طيب نفس، فما دام غير راض فهو حرام وغصب، ولا يحل أبداً ولا يجوز أكله، ومن ثم كان المسلمون أيام كانوا حقاً لا يغتصب أحد مال أحد.
إذاً: عرفنا الغصب ما هو، وعرفنا حكمه أنه حرام.
هذا هو الإسلام دين الله الذي أعرض عنه المسلمون، فوا أسفاه! وا حسرتاه!
إذاً: من اغتصب شيئاً فأصابه بعيب فوت على صاحبه الغرض منه -كسيارة لا يستطيع ركوبها- رد مثله وأخذ ما اغتصبه وأعابه، وإن تعذر رده وقيمة النقص معه.
إذاً: غلة المغصوب، إن كان له غلة ترد معه كاملة، فترد تلك الفائدة مع المغصوب، وذلك كنتاج الحيوان، فإذا اختطفت بقرة لمدة سنتين وولدت عندك رددتها ومعها أولادها، أو غلة الأشجار، أو أجرة الدابة مثلاً.
إذاً: من أتلف مال غيره بغير إذن صاحبه وجب عليه ضمانه، وذلك كأن يحرقه أو يمزقه أو يفتح باباً مغلقاً أو قفصاً أو وكاء أو رباطاً -وهو الشيء المربوط- فينفلت ما كان داخل البيت أو القفص فعليه غرامته ويؤديه كما أخذه.
ففي النهار أنت مسئول عن ضمان بستانك أو مزرعتك، أما في الليل تنام، فإذا جاءت دابة في الليل وأكلت غرم صاحبها، أما في النهار فلا، فإذا أكلت الدابة الزرع في النهار فلا شيء على صاحبها؛ لأن على صاحب البستان أن يحرسه، لكن في الليل هو يريد أن ينام.
سبحان الله! هذا هو الإسلام الذي عرفه الناس! الدابة ترسل ليلاً فتتلف زرعاً -أي نوع من الزرع- فعلى صاحبها ضمانه، والدليل؟ قوله صلى الله عليه وسلم: ( إن على أهل الأموال حفظها بالنهار، وما أفسدت بالليل فهو مضمون عليهم ).
هذا دين الله الذي أعرض عنه المسلمون، والله إنهم لا يحكمون شيئاً من هذا أبداً في بلاد المسلمين، إلا في هذه البلد، كأنه لا دين لنا ولا إسلام ولا قرآن والعياذ بالله، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
الجواب: أيها الأحباب! عمر فتح الله عليه وانكشف أمامه المسلمون فشاهد السرية وهي تغزو فناداها الجبل الجبل، أي: لوذوا بالجبل، وهذه كرامة من كرامات الله، ولاية وليس غيباً، فما شعر إلا وهو يقول: يا سارية الجبل.. يا سارية الجبل، بدون شعور منه رضي الله عنه، فالغيب لله ولا يحل لمؤمن ولا مؤمنة أن يدعيه أبداً، ومن ادعى هذا فهو ضال من ضلال الطريق.
الجواب: يجوز. يجوز، الممنوع: إذا لبست الإحرام -الإزار والرداء- فلا يحل مس الطيب أبداً، وإن فعلت فعليك كفارة إطعام ستة مساكين، أما قبل أن تلبسهما فلا حرج.
الجواب: المخيط كل الدنيا تعرفه، فثوبي مخيط، وسروالي مخيط، هذا هو المخيط، وليس الحذاء من المخيط، فالمخيط هو الثياب والسراويل، أما أن تلف الشيء لفاً كالإزار والرداء فلا بأس، أما أن تُدخل فيه يديك مثلاً أو جسمك فهذا مخيط لا يحل لبسه.
الجواب: لا يجوز. لا يجوز. لا يجوز؛ لأنها لا تدخل المسجد ولا تقرأ القرآن، وأفتى فقهاء الأمة في الزمان الأول أن المرأة إذا كانت تحفظ شيئاً من القرآن وخافت نسيانه وحاضت أجازوا لها أن تقرأه بدون مس المصحف حتى لا تنساه. هذه فتيا فقط.
الجواب: الظهر والعصر في عرفات جمعاً، فإذا غابت الشمس ودخل المغرب فلا نصلي بل نمشي إلى مزدلفة فنجمع بين المغرب والعشاء، هذه سنة أبي القاسم، وعندما نكون في منى الأيام الثلاثة فكل صلاة في وقتها، فليس هناك حاجة إلى الجمع وأنت مقيم.
الجواب: المرور بين يدي المصلي ممنوع لا يجوز، فلا يحل لمؤمن أن يمر بين يدي المصلي -أي: بينه وبين سترته-، اللهم إلا إذا كان المصلي ظالماً، كما يحصل أثناء الخروج في طريقنا من صلاة بعض الناس للنافلة، فلم يحبسوننا؟ النافلة بعد المغرب بعدما تسبح الله عز وجل وتقرأ آية الكرسي وتصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم تدعو الله بعد ذلك وتقوم وتصلي النافلة، ليس أن تسلم ثم تقوم للنافلة مباشرة، وهذا خطأ يصر عليه بعض الإخوة مع الأسف؛ لأن إخوانك لهم أشغال ولهم أعمال، فتقوم أنت لتصلي في الطريق وتمنعهم، حرام عليك هذا، فلهذا يضطر إلى أن يخرج ويمشي، كذلك الذين يصلون في أبواب المساجد لا يجوز.. لا يجوز.. لا يجوز أبداً.
الجواب: يجوز ولا حرج.
الشيخ: نبرأ إلى الله مما تقولون.. هناك شخص يحج عنه أعطاه عشرة آلاف ريال، أو خمسة آلاف ريال، ثم يأتي هو ويستأجر آخر بألفين ريال ليأخذ المال. هل هذا يفعله مسلم؟ هل يفعله مؤمن؟ هذا من الفجور والفسوق والعياذ بالله تعالى، هذه خيانة وباطل، هذا المبلغ الذي أعطاك إياه هو الذي تعطيه لغيرك بكامله، وإن زدت من عندك فهو أفضل أيضاً وتشجيع لا أن تأخذه.
الجواب: اعلموا أن طواف الوداع سنة واجبة، ولكن تسقط بعذر كمرض أو جهل أو آلام، فمن لم يستطع فهو معذور، أما مع القدرة فلا بد وأن يطوف طواف الوداع، والزحام ليس بعذر، بل ينتظر قليلاً حتى يفرغ له المكان ويطوف.
الجواب: أجاز بعض أهل العلم هذا ولا حرج.
الجواب: سائل يقول: اشتريت قطعة أرض، ولما اشتريتها قيل لي: الذي باعك هذه الأرض ليست له، هي لغيره؟
يأتي صاحب الأرض ويخاطب أو يخاصم الذي باعها وعندما تثبت له الأرض يعطيه أرضه، أما إذا لم يثبت فهي أرضه الذي اشتراها، وما دام ادعى آخر أن الأرض له وأن فلاناً باعها غلطاً، فعليه أن يخاصم فلاناً: لم تبيع أرضي؟! أما الذي اشتراها فهي في ملكيته، فإذا تبينت أنها لفلان أعطى الثمن لفلان.
الجواب: إن أداها أثيب عليها وأجره على الله، وإن ما أداها فلا بأس عليه؛ لأنه مسافر، ولا حرج.
الجواب: حقوق الغير لا تمحى، فهذه الحقوق لا بد وأن تردها لأصحابها، فإذا سرقت أو اغتصبت أو كان عليك دين فلا بد وأن تؤديه، أما الذنوب التي تغفر فهي الذنوب التي ليس لها علاقة بالناس، أي: بينك وبين الله.
الجواب: عليك هدي واحد فقط، فإذا تمتعت بالعمرة فعليك هدي، وإن عجزت عن الهدي فصم عشرة أيام: ثلاثة أيام في مكة أو في منى وسبعة أيام في بلادك.
الجواب: السنة أولاً: أن تلتقط سبع حصيات من مزدلفة -يا من يبيت بمزدلفة تلتقط سبع حصيات- كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثانياً: من السنة أن تكبر مع كل حصاة: الله أكبر سبع مرات، ومن السنة في الأيام الاثنين أو الثلاثة أن تبدأ بالصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى؛ لأن الكبرى من جهة مكة، هذه هي سنن الرمي.
المقدم: ويقف بعد الأولى والثانية للدعاء؟
الشيخ: نعم. من السنة إذا رمى الجمرة الأولى أن يقف ويدعو كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الجواب: نعم، يجوز لك، اخرج إلى التنعيم وأحرم منه واعتمر عن أمك أو عن أبيك بعد أيام التشريق، أي: بعد الفراغ من الحج.
الجواب: من ترك طواف الوداع وهو قادر عليه ذبح شاة، فما دام لا عذر له فعليه ذبح شاة.
الجواب: إذا ما استطعت لمرض نعم، فإذا كنت مريضاً لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286] صمها في بلادك، أما إذا كنت قادراً فلا تؤخرها صمها في الحرم.
الجواب: لا. كل واجب تركه عليه هدي أو صيام.
الجواب: يجوز بالنية، فإذا كانت هي ناوية للطواف وأنت ناوٍ أيضاً، فالطواف صحيح ولا حرج، ولو حملتها على كتفك أيضاً فأنت تطوف لنفسك وهي تطوف لنفسها ولا حرج.
الجواب: لا شيء عليك.
الجواب: إذا قلنا: كفرت بتركك الصلاة فلا بد وأن تعيد الحج، لكن ما دمت متهاوناً فقط وما جحدت ولا قلت: لا أصلي، فلا تعيد الحج.
الجواب: يجوز، تستلفه للشراء والبيع وتستلفه للصلاة وللحج ولا حرج، لا بأس.
الجواب: ترك الواجب عليه ذبح شاة أو صيام عشرة أيام، أما المحظورات فصيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين أو ذبح شاة، بينهما فرق.
الجواب: ما دام الرسول صلى الله عليه وسلم ما صام فلا نصوم -والحمد لله- ولو صمت فما عليك إثم ولكن تركت السنة والأفضل ألا تصوم.
الجواب: هذه عالمة، لا يرضى رجل من أهل الجنة أن تنكح امرأته أبداً، فالرجل يعطى خمسين أو سبعين امرأة ولكن المرأة لا ينكحها إلا رجل واحد. هذا هو الواقع، أما هذه ففلسفة كاذبة.
مداخلة: وقوله عز وجل: مَا تَشْتَهِيهِ الأَنفُسُ [الزخرف:71].
الشيخ: والله لا تشتهي نفسك في الجنة هذا، ولا يخطر ببالك، ما تشتهيه الأنفس من الطعام والشراب، أما الباطل فلا يخطر ببالك ولا يقع.
الجواب: ترد عليه بأنه ضار ببدنك، وبعقلك، وبدينك، وبعرضك، وبمالك، وكل ما يضر بالعرض أو المال أو البدن أو الدين فهو حرام بالإجماع.
وأن كل الشرائع الإلهية نزلت بحفظ الكليات الخمس، وهي: البدن، فأي شيء يؤذي بدن المؤمن فحرام عليه ولو هكذا بظفرك، وأي شيء يفسد المال حرام، وأي شيء ينال من عرض المؤمن حرام، وأي شيء يفسد الدين حرام.. والدخان مفسد للخمسة، وإليكم بيانه:
أولاً: المال: فراتبه اليومي ثلاثين ريالاً، فيشتري علبتين سيجارة بعشرة ريالات، أي: أنه يحرق ثلث ماله، وهل يجوز هذا؟ فالدخان يحرق لا يأكل، فكيف يجوز إضاعة المال، ولا يجوز لمؤمن أن يأخذ ريالاً ويحرقه؟ هل هناك من يقول: إنه يجوز؟! والله ما قال أحد بالجواز، حرام وهو ريال واحد.
ثانياً: (75 %) ممن يموتون وهم مدخنون بسبب التدخين، وهذا حكم أصدره علماء اجتمعوا في باريس منذ خمسين سنة، أن (75 %) ممن يموتون من المدخنين بسبب التدخين، فهو ضار بالجسم، ضار بالبدن، فالمدخن -والعياذ بالله تعالى- بدنه مهزوم.
وبالعقل أيضاً، فإذا ما دخن أصبح كأنه فاقد للعقل، وهكذا الدخان حرام لا يحل لمؤمن ولا مؤمنة، وأعظم حرمة أن تنفخ الرائحة الكريهة في وجه ملك عن يمينك وملك عن شمالك، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ( من أراد منكم أن يبصق فلا يبصق عن يمينه، فإن عن يمينه ملك فليبصق بين يديه ).
الجواب: يجوز.. يجوز.. يجوز، والمسئولية عليه هو وليست عليك أنت.
الجواب: يجوز لك أن تعتمر ولا حرج.
المقدم: يقول: هل يجب علي وجوباً أن أعتمر بعد الحج؟
الشيخ: لا يجب، ولكن يعتمر بعد شهر أو بعد عام. إن شاء اعتمر.
الجواب: والله ما وردت.. ووالله إنها لمكذوبة، وأبشع كذبها أن قائلاً يقول: أعطانيها رسول الله يقظة لا مناماً، فالعياذ بالله من هذه البدعة، وهذه هي محنة السجانية، والسجانية مذهب وطريقة -والعياذ بالله- عندهم صلاة الفاتح تعدل ستين ختمة من القرآن، فما أبشع بدعة كهذه البدعة.
الجواب: لا إله إلا الله بصوت واحد كأنهم يغنون؟! لا يجوز.. لا يجوز.. لا يجوز هذا.
الجواب: يجوز ولا يجوز، فالمسبحة بها أربعة عيوب إن سلمت من العيوب الأربعة جاز استعمالها، وعيوبها هي:
أولاً: فيها شكل صليب: حبتان متقابلتان هكذا على شكل الصليب، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا وجد صليباً في ثوب نقضه بأسنانه، فكيف بك وفي يدك صليب أو في جيبك صليب؟ لا بد من نزع حبة من هاتين الحبتين.
ثانياً: من عيوبها: أنهم يحلفون بها. يقولون: بحق هذه! وهذا من الشرك والعياذ بالله تعالى أن يحلف بغير الله، وهو إثم عظيم.
ثالثاً: يعلقها في عنقه أو يدليها في يديه: كأنه يقول: أنا من الذاكرين، وهذا رياء، والرياء شرك أصغر، فهذه آلة تخصك في فراشك وفي مسجدك للذكر المعتاد، أما أن تدليها أمام الناس وفي عنقك فكأنك تقول: أنا من الذاكرين.
رابعاً: تجده يسبح وهو يعبث.
والأولى عندنا: ترك المسبحة فقد أغنانا الله عنها بأيدينا وأصابعنا، وما كان الحبيب صلى الله عليه وسلم يسبح بالسبحة، وقد وجد من يسبحون بالحصاة، فقال: اتركوها عليكم بأصابع أيديكم.
الجواب: إذا كان طواف الإفاضة وأخرته وجماعتها مسافرون فإما أن تطوف وإما أن تبقى وحدها، وما وجدت بداً أبداً إلا أن تطوف، فتغتسل وتستثفر وتطوف وتذبح شاة وحجها صحيح، فالحائض لا تطوف إلا من ضرورة، فتغتسل وتستثفر وتطوف وتذبح شاة.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر