حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما : (أن خالته أهدت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سمناً وأضباً وأقطاً، فأكل من السمن ومن الأقط وترك الأضب تقذراً، وأكل على مائدته، ولو كان حراماً ما أكل على مائدة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) . ]
يقول المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في أكل الضب ] والضب هو من دواب البر، وجاءت الأحاديث عن النبي عليه الصلاة والسلام في حله، حيث أقر وأذن بأكله صلى الله عليه وسلم، ولم يأكله عليه الصلاة والسلام؛ لأنه لم يكن بأرض قومه، فكان يعافه، ونفسه لا تشتهيه ولا تقبله، لأنه لم يألف ذلك، ولكنه حلال مباح؛ لأن خالد بن الوليد أكله بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، وهو لا يقر على باطل، فلو كان غير حلال لما أذن فيه رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولما أقر على أكله بين يديه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
أورد أبو داود حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: [ (أن خالته أهدت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، سمناً وأضباً وأقطاً، فأكل من السمن ومن الأقط وترك الأضب تقذراً) ].
يعني: أنه ما قبلته نفسه وما اشتهاه، ومعلوم أن النفوس تتفاوت، فيكون الشيء تكرهه بعض النفوس وتحبه بعض النفوس وتشتهيه، ولهذا الرسول صلى الله عليه وسلم ما أكله، وخالد رضي الله عنه أكله بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم.
قوله: [ (وأكل على مائدته، ولو كان حراماً ما أكل على مائدة رسول الله صلى الله عليه وسلم) ] يعني: لو كان حراماً ما أكل على مائدته؛ لأنه لا يقر على باطل صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، ومن المعلوم أن السنة هي كل قول قاله رسول الله عليه الصلاة والسلام، وكل فعل فعله رسول الله، وكذلك ما فعل بحضرته وأقره وسكت عليه ولم ينكره، فإن هذا يفيد أنه سائغ وجائز؛ لأنه عليه الصلاة والسلام لا يقر على باطل.
حفص بن عمر ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي.
[ حدثنا شعبة ].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي بشر ].
هو جعفر بن إياس بن أبي وحشية وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سعيد بن جبير ].
سعيد بن جبير ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وابن عباس وخالد بن الوليد ابنا خالة؛ لأن عبد الله بن عباس أمه لبابة الكبرى أم الفضل ، وأما خالد فأمه لبابة الصغرى ، وهما ابنا الخالة، وميمونة أم المؤمنين خالة ابن عباس وخالة خالد .
أورد أبو داود حديث خالد بن الوليد رضي الله عنه، أنه دخل مع الرسول صلى الله عليه وسلم بيت خالته ميمونة أم المؤمنين، وقدم له ضب فأهوى إليه بيده، فبعض النسوة اللاتي في البيت قلن: أخبروا رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يريد أن يأكل، فأخبروه بأنه ضب؛ فكف يده عليه الصلاة والسلام، ولما كف يده قال خالد : [ (أحرام هو؟ قال: لا، ولكنه ليس بأرض قومي فأجدني أعافه) ] يعني: ما ألفه وما اعتاده، ولم يكن بأرضه، ونفسه تكرهه وما تميل إليه.
قال خالد : [ (فاجتررته فأكلته ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر) ]، فدل هذا على أنه مباح وحلال؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقل: إنه حرام، ثم أيضاً كون خالد بن الوليد أكله بين يديه صلى الله عليه وسلم، كل ذلك دال على حله وعلى إباحته، وأنه لا مانع منه.
قوله: [ (ولم يكن بأرض قومي) ] يعني: مكة وليس المدينة؛ لأن الضب يوجد بالمدينة.
عبد الله بن مسلمة القعنبي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة.
[ عن مالك ].
مالك إمام دار الهجرة المحدث الفقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن شهاب ].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي أمامة سهل بن حنيف ].
أبو أمامة سهل بن حنيف اسمه أسعد وله رؤية، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن عباس ].
عبد الله بن عباس مر ذكره .
[ عن خالد بن الوليد ].
خالد بن الوليد رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
قوله: [ (فأتي بضب محنوذ) ].
المحنوذ هو المشوي، قال عز وجل: فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ [هود:69] أي: مشوي، كما في قصة إبراهيم مع ضيوفه.
أورد أبو داود حديث ثابت بن وديعة رضي الله تعالى عنه: أنهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في جيش، في سفر، فأصابوا ضباباً وصادوها، فشوى ضباً منها، وقدمه للنبي صلى الله عليه وسلم، فالرسول صلى الله عليه وسلم أخذ عوداً وجعل يعد أصابع الضب، فقال: [ (إن أمة من بني إسرائيل مسخت دواباً، ولا أدري من أي الدواب هي، فلم يأكل ولم ينه) ].
أي: لم يأكله ولم ينه عن أكله صلى الله عليه وسلم، ومعلوم أنهم اصطادوها، وصيدهم إياها يدل على أنها مباحة وأنها ليست بحرام، وفي الأحاديث التي مرت عن خالد بن الوليد دلالة على أنها مباحة وأنها ليست بحرام، وأنها أكلت بين يديه صلى الله عليه وسلم، وهو لا يقر على باطل ولا على حرام صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
قوله: [ (إن أمة من بني إسرائيل مسخت دواباً فلا أدري من أي الدواب هي) ] ، هذا القول من النبي صلى الله عليه وسلم كان قبل أن يعلم بأن الذين مسخوا لا يكون لهم نسل، فقد ثبت في صحيح مسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله لم يجعل لأمة مسخت نسلاً) ، ومعنى هذا أن الأمة التي تمسخ تموت دون أن تتناسل، وعلى هذا فإن هذه الدواب وهذه الحيوانات لا يقال: إنها نتيجة مسخ سابق، وإنها متناسلة ممن مسخ سابقاً؛ لأنه ثبت في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله لم يجعل لأمة مسخت نسلاً) ، وعلى هذا فقوله هنا: [ (فلا أدري من أي الدواب هي) ] يدل على أنه قاله قبل أن يوحى إليه أن الأمم التي تمسخ تموت وتنقرض دون أن يكون لها نسل.
هو عمرو بن عون الواسطي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا خالد ].
هو خالد بن عبد الله الواسطي الطحان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حصين ].
هو حصين بن عبد الرحمن وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن زيد بن وهب ].
زيد بن وهب وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ثابت بن وديعة ].
ثابت بن وديعة رضي الله عنه، وهو صحابي، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة.
أورد أبو داود حديث عبد الرحمن بن شبل رضي الله عنه، وفيه: [ (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل لحم الضب) ] وقد عرفنا في الأحاديث السابقة أنه أذن بأكله، وأنه أُكِلَ بين يديه، فيحمل ما جاء من النهي على أنه للتنزيه، وليس للتحريم.
هو محمد بن عوف الطائي وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود والنسائي في مسند علي .
[ أن الحكم بن نافع ].
الحكم بن نافع هو أبو اليمان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا ابن عياش ].
هو إسماعيل بن عياش وهو صدوق روايته عن الشاميين معتبرة، وهو مخلط في غيرهم، وهذا من روايته عن الشاميين، وحديثه أخرجه البخاري في رفع اليدين وأصحاب السنن.
[ عن ضمضم بن زرعة ].
ضمضم بن زرعة وهو صدوق يهم، أخرج له أبو داود وابن ماجة في التفسير.
[ عن شريح بن عبيد ].
شريح بن عبيد وهو ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة.
[ عن أبي راشد الحبراني ].
أبو راشد الحبراني وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والترمذي وابن ماجة.
[ عن عبد الرحمن بن شبل ].
عبد الرحمن بن شبل رضي الله عنه، وحديثه أخرجه البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والنسائي وابن ماجة.
والحديث لا يقل عن رتبة الحسن فهو ثابت.
حدثنا الفضل بن سهل حدثنا إبراهيم بن عبد الرحمن بن مهدي حدثني بريه بن عمر بن سفينة عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال: (أكلت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لحم حبارى) ].
يقول المصنف رحمه الله: [ باب: في أكل لحم الحبارى ] والحبارى نوع من الطيور، وليست من ذوات المخالب، وهي مباحة وحلال، وهذا الحديث الذي ورد فيها ضعيف، ولكنها ليست من قبيل الطيور التي لها مخلب، فهي مباحة وحلال.
الفضل بن سهل هو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة.
[ حدثنا إبراهيم بن عبد الرحمن بن مهدي ].
إبراهيم بن عبد الرحمن بن مهدي صدوق له مناكير، أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي.
[ حدثني بريه بن عمر بن سفينة ].
بريه بن عمر بن سفينة بريه لقب، واسمه إبراهيم ، وهو مستور، يعني مجهول الحال، أخرج له أبو داود والترمذي.
[ عن أبيه ].
هو عمر بن سفينة وهو صدوق، أخرج له أبو داود والترمذي .
[ عن جده ]
سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه مسلم وأصحاب السنن.
حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا غالب بن حجرة حدثني ملقام بن تلب عن أبيه رضي الله عنه قال: (صحبت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فلم أسمع لحشرة الأرض تحريماً) ].
قوله: [ باب: في أكل حشرات الأرض ] حشرات الأرض هي الدواب التي منها: القنفذ ومنها: الضب، ومنها غير ذلك، ومعلوم أن منها ما جاءت السنة بحله كالضب، ومنها أشياء ممنوعة؛ لما فيها من فساد وضرر مثل ذوات السموم وغيرها، ومنها: ما هو مسكوت عنه، أما الضفدع والسلحفاة فلا أعرف عنهما شيئاً.
أورد أبو داود حديث تلب صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: [ (صحبت النبي صلى الله عليه وسلم فلم أسمع لحشرة الأرض تحريماً) ] يعني: لم يسمع فيها شيئاً من التحريم، وهذا إخبار عما يعلمه، وهذا لا ينافي أن يكون غيره علم شيئاً وأخبر به؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم يحضرون مجالسه صلى الله عليه وسلم، فيحضره من يحضر، ويغيب عنه من يغيب، ويحصل في أحد المجالس بيان حكم شيء وبيان تحريمه، فيكون الذي لم يحضر لا يعلم شيئاً ولم يسمع شيئاً بالتحريم، ويكون الذي حضر علم بالتحريم، فأخبر الذي لم يحضر عن علمه بأنه لم يسمع، وأما غيره فإنه وقف على ما لم يقف عليه غيره، أو اطلع على ما لم يطلع عليه غيره، ومما يوضح أن الرسول صلى الله عليه وسلم يحصل منه الحديث، فيعلمه واحد من أصحابه ولا يعلمه كثير من الصحابة الحديث الذي فيه: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما ذهب إلى الشام، وفي أثناء الطريق لقيه أبو عبيدة وأمراء الأجناد، فقالوا: إن الطاعون وقع بالشام، وانقسموا إلى قسمين: منهم من يقول: ارجع بالناس ولا تدخل على الطاعون، ومنهم من يقول: ادخل، فـعمر رضي الله عنه استشار المهاجرين والأنصار ومسلمة الفتح، فقال: ادعوا لي المهاجرين، فدعوا المهاجرين فسألهم ولم يكن عندهم علم عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، فقال بعضهم: نرى أنك تدخل وأنك جئت لأمر فلا ترجع دونه، وقال بعضهم: معك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا تعرضهم للموت فتدخل بهم على الطاعون، فقال: ارتفعوا عني، وادعوا لي الأنصار، فأتي بالأنصار فاستشارهم، وصار جوابهم مثل جواب المهاجرين، منهم من قال: ادخل، ومنهم من قال: ارجع، ثم قال: ادعو لي مشيخة قريش من مسلمة الفتح، فدعوا له، فاتفق رأيهم على أنه يرجع ولم يختلفوا، ولم يكن عند جميعهم نص عن رسول الله عليه الصلاة والسلام وإنما اجتهاد.
ثم عمر رضي الله عنه لما أخذ ما عند هؤلاء وهؤلاء وهؤلاء، عزم على أن يرجع، وأداه اجتهاده إلى أنه يرجع، فقال: إني مصبح على ظهر، فقال له أبو عبيدة : تفر من قدر الله يا أمير المؤمنين؟ وكان ممن يرى ألا يرجع، فقال له: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله، وكان عبد الرحمن بن عوف متغيباً في بعض حاجته، فلما جاء وعلم بالذي حصل قال: عندي علم في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، سمعت رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول: (إذا وقع الطاعون وأنتم في بلد فلا تخرجوا فراراً منه، وإن وقع في بلد فلا تدخلوا عليه ) فبلغ ذلك عمر فسر؛ لأن اجتهاده وافق ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الشاهد: أن عبد الرحمن بن عوف هو الذي كان عنده علم بهذه السنة، وكل هؤلاء الحاضرين ما عندهم علم بها.
وقوله هنا: [ (صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم أسمع لحشرة الأرض تحريماً) هذا على حسب ما علمه، ولكن ذلك لا ينفي ولا يمنع أن يكون غيره علم ما لم يعلم.
وقوله: (لم أسمع) لا شك أن هذا من الأدب؛ لأن كون الإنسان يحكم على شيء لم يحط به علماً هذا خطأٌ.
هو موسى بن إسماعيل التبوذكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا غالب بن حجرة ].
عن غالب حجرة مجهول العين، أخرج له أبو داود .
[ حدثني ملقام بن تلب ].
ملقام بن تلب مستور يعني مجهول الحال، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ عن أبيه ].
هو تلب صحابي، أخرج له أبو داود والنسائي.
والحديث كما هو معلوم فيه مجهول العين، ومجهول الحال، فهو غير ثابت.
أورد أبو داود حديث ابن عمر أنه سئل عن أكل القنفذ، فتلا هذه الآية: قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً [الأنعام:145] يعني: أن القنفذ ليس من الأشياء التي ذكرت، فهو باقٍ على الأصل وعلى الإباحة، ومعلوم أن العلماء اختلفوا هل الأصل في هذه الأشياء الإباحة أو الحظر؟
من العلماء من قال: إن الأصل فيها الحظر، والإباحة تحتاج إلى دليل، ومنهم من قال بالعكس: الأصل هو الإباحة، والحظر هو الذي يحتاج إلى دليل، وهذا الذي جاء عن ابن عمر فيه إشارة إلى أن الأصل هو الإباحة، وأن الحظر هو الذي يحتاج إلى دليل، ولكن الحديث ضعيف.
قوله: [ (إنها خبيثة من الخبائث) ]، إذا كانت من الخبائث فهي محرمة؛ لأن الله تعالى ذكر من صفات نبيه في التوراة والإنجيل: أنه يحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث، فـابن عمر رضي الله عنه عندما سمع هذا الكلام قال: (إن كان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا فهو كما قال) ] يعني: أن قول الرسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يعول عليه ، فإن قال: إنه خبيث من الخبائث فهو كما قال.
قوله: [ (ما لم ندر) ] يعني: ما لم ندر الحكم، ويفهم منه أنه ما صدق بهذا الكلام؛ لأنه قال: [ (إن كان قاله فهو كما قال) ] يعني: إن ثبت أنه قاله، فالأمر كما قال، لكن الحديث غير صحيح.
إبراهيم بن خالد الكلبي هو ثقة، أخرج له أبو داود وابن ماجة .
[ حدثنا سعيد بن منصور ].
سعيد بن منصور وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا عبد العزيز بن محمد ].
هو عبد العزيز بن محمد الدراوردي صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عيسى بن نميلة ].
عيسى بن نميلة هو مجهول، أخرج له أبو داود .
[ عن أبيه ].
أبوه نميلة مجهول، أخرج له أبو داود .
[ قال: قال شيخ عنده: سمعت أبا هريرة ].
أبو هريرة رضي الله عنه هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً.
والشيخ الذي روى عن أبي هريرة يحتمل أن يكون تابعياً ويحتمل أن يكون صحابياً، وإذا كان صحابياً فجهالته لا تؤثر، وإن كان تابعياً فغير الصحابة يحتاج إلى معرفة حاله وجهالته تضر، ولكن نفس الإسناد فيه هذان المجهولان وهما : عيسى بن نميلة ، وأبوه نميلة .
حدثنا محمد بن داود بن صبيح حدثنا الفضل بن دكين حدثنا محمد -يعني ابن شريك المكي - عن عمرو بن دينار عن أبي الشعثاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كان أهل الجاهلية يأكلون أشياء ويتركون أشياء تقذراً، فبعث الله تعالى نبيه صلى الله عليه وآله وسلم، وأنزل كتابه، وأحل حلاله وحرم حرامه، فما أحل فهو حلال، وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو، وتلا: قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا [الأنعام:145] إلى آخر الآية) ].
قوله: [ باب ما لم يذكر تحريمه ].
يعني: ما لم ينص على تحريمه، وهذا فيه إشارة إلى أن الأصل هو الإباحة، ولهذا قال: [ ما لم يذكر تحريمه ]، وهذا على أحد القولين في المسألة، وهو أن الأصل في المأكولات وفي الحيوانات الإباحة حتى يأتي التحريم.
أورد أبو داود رحمه الله حديث ابن عباس : [ (أن أهل الجاهلية كانوا يأكلون أشياء ويتركون أشياء تقذراً) ] يعني: من دواب الأرض ومن حيوانات الأرض.
قوله : [ (فأرسل الله رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم، وأنزل عليه الكتاب، فما أحل فهو حلال، وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو، وتلا: قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً [الأنعام:145]) ] أي: ما جاء التنصيص على أنه حلال فهو حلال، وما جاء التنصيص على أنه حرام فهو حرام، وما كان مسكوتاً عنه فهو معفو عنه، فللإنسان أن يأكله مادام أنه لم يأت دليل على التحريم، ثم تلا الآية التي فيها بيان ما هو محرم، وفيه إشارة إلى أن الأصل هو الحل وليس التحريم.
محمد بن داود بن صبيح ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ حدثنا الفضل بن دكين ].
الفضل بن دكين أبو نعيم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا محمد يعني ابن شريك المكي ].
محمد بن شريك المكي ثقة، أخرج له أبو داود .
[ عن عمرو بن دينار ].
هو عمرو بن دينار المكي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي الشعثاء ].
أبو الشعثاء جابر بن زيد وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
ابن عباس قد مر ذكره.
حدثنا محمد بن عبد الله الخزاعي حدثنا جرير بن حازم عن عبد الله بن عبيد عن عبد الرحمن بن أبي عمار عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: (سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الضبع فقال: هو صيد ويجعل فيه كبش إذا صاده المحرم) .
يقول المصنف رحمه الله: [ باب في أكل الضبع ] أورد فيه حديث جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الضبع فقال: إنه صيد وفيه كبش للمحرم يعني فيه فدية؛ لأنه من الصيد، ولو كان بخلاف ذلك ما أبيح أكله، ولم يجعل فيه فدية، فلما كان الأمر أن المحرم إذا صاده فيه كبش -لأن الكبش مشابه له- دل على أنه صيد وأنه مباح وليس بحرام.
هو محمد بن عبد الله بن عثمان الخزاعي وهو ثقة، أخرج له أبو داود وابن ماجة .
[ حدثنا جرير بن حازم ].
جرير بن حازم وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن عبيد ].
هو عبد الله بن عبيد بن عمير وهو ثقة ، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ عن عبد الرحمن بن أبي عمار ].
عبد الرحمن بن أبي عمار وهو ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ عن جابر بن عبد الله ].
هو جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما، أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أما التفريق بين الضبع الذي يأكل الحشائش والنباتات والضبع الذي يأكل اللحوم ويفترس فلا نعلم فيه وجهاً وما دام أنه يقال له: ضبع فهو مباح.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر