حدثنا مسدد حدثنا يزيد بن زريع ح وحدثنا مسدد حدثنا بشر بن المفضل ح وحدثنا مسدد حدثنا يحيى عن ابن عون عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (أصاب
يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [ باب الرجل يوقف الوقف ].
ذكر الرجل هنا لأن الخطاب في الغالب مع الرجال، والنساء كذلك إذا أوقفن الأوقاف فلا فرق بين الرجال والنساء في الأحكام.
والوقف: هو تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة، بمعنى: أن أصل الشيء كالعمارة أو كالبستان أو غير ذلك من الأعيان يوقف، فالأصل يكون محبساً لأعمال يعينها الواقف، ومنفعة وغلة هذا الأصل أو هذه الأعيان أو العين تكون في الجهات الخيرية التي نص عليها الواقف، هذا إن كان الوقف طبقاً للشريعة، أما إذا كان الوقف فيه مخالفة للشريعة فإن ذلك لا يسوغ ولا يجوز صرف الأوقاف في أمور غير مشروعة.
والوقف يكون ناجزاً؛ لأن الواقف إذا وقف خرج من ملكه، وصار مخصصاً للشيء الذي وقف عليه، فلا يباع ولا يورث ولا يوهب، وإنما هو شيء ثابت مستقر يصرف في وجوه الخير التي خصصها وعينها الواقف.
وقد أورد أبو داود حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: أن (
يريد بذلك المال الأرض، لأن الأرض مال، وأنه لم يصب أنفس من هذا المال الذي هو الأرض، فرجع الضمير مذكراً باعتبار المال، وأن هذه الأرض مال لم يصب مالاً أنفس ولا أفضل منه.
قال: (فماذا تأمرني به؟) يستشيره في العمل المشروع أو الفاضل الذي يضع فيه تلك الأرض، أو ذلك المال الذي اعتبره خير مال وصل إليه وتملكه.
(فقال: إن شئت حبست أصلها، وتصدقت بها) أي: بثمرتها وبغلتها؛ لأن الأصل إذا حبس معناه أنه لا يتصرف فيه، ولكن المنفعة هي التي تصرف في وجوه الخير التي يعينها الواقف، وبهذا يكون من الصدقات الجارية التي يستمر نفعها، أصولها باقية تثمر وتدر وتغل وتستعمل غلتها وثمرتها في أوجه البر المختلفة التي عينها الواقف، ففي كل سنة تحصل ثمرة أو ما يخرج من وراء هذا الوقف فيوزع على الجهات التي عينها الواقف.
وقوله: (وتصدقت بها) أي: تصدقت بالمنفعة في وجوه الخير، فالأصول باقية والثمرة هي التي تصرف في وجوه الخير.
قوله: . (فتصدق بها
قوله: (لا يباع أصلها ولا يوهب ولا يورث)، أي: ليس من قبيل المال الذي يمكن أن يهبه لأحد أو يبيعه، لا الذي أوقفه، ولا الناظر للوقف من بعده، فلا يبيع الأصل ولا يهبه ولا يورث عنه؛ لأنه خرج من ملكه الذي يورث؛ فهو شيء خرج منه ابتغاء وجه الله عز وجل، وخرج منه من حين وقف، فلم يبق في ملكه الذي يتصرف فيه بالبيع والشراء والأخذ والإعطاء، وإنما تؤخذ منفعته وتصرف في وجوه البر والخير التي أرادها الواقف.
قوله: [ (للفقراء والقربى والرقاب وفي سبيل الله وابن السبيل)، وزاد عن بشر : (والضيف) ].
هذه وجوه الخير ووجوه البر التي تصرف فيها الغلة والمنفعة لهذا الوقف.
والفقراء: هم المحتاجون، والفقير: هو الذي لا يجد حاجته مطلقاً، أو لا يجد كفايته لمدة سنة.
والفرق بين الفقير والمسكين: أن الفقير والمسكين إذا جمع بينهما في الذكر فرق بينهما في المعنى، وإذا انفرد أحدهما عن الآخر دخل الثاني معه، فإذا جمع بين الفقراء والمساكين كما في قول الله عز وجل: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ [التوبة:60]، فسر الفقراء بأنهم الذين لا يجدون شيئاً، والمساكين الذين لا يجدون شيئاً يكفيهم، وهنا قال: الفقراء، ولم يقل: المساكين، فيدخل في ذلك من لم يكن عنده شيء أصلاً أو عنده شيء لا يكفيه، فإنه يستحق الصرف؛ لأن هذين اللفظين من جملة الألفاظ التي إذا جمع بينها في الذكر وزع المعنى عليها، وإذا انفرد أحدهما عن الآخر فالمعنى الذي يوزع عند الاجتماع يسند ويضاف إلى أي واحد منهما.
إذاً: الذي لا يجد شيئاً يكفيه، والذي لا يجد شيئاً أصلاً، يطلق على الفقير إذا ذكر وحده، وإذا ذكر المسكين فيطلق عليه هذا المعنى أيضاً، ولكن إذا قيل: الفقراء والمساكين، حمل الفقراء على الذين لا يجدون شيئاً أصلاً، والمساكين على الذين يجدون شيئاً ولكنه لا يكفيهم.
قوله: (والقربى) أي: قرابة عمر .
(والرقاب) أي: شراء الرقاب وإعتاقها.
(وفي سبيل الله) أي: في الجهاد في سبيل الله؛ لأن المقصود بسبيل الله إذا جاء مقروناً مع غيره كما في آية الزكاة: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ [التوبة:60] فمعناه: الجهاد في سبيل الله، ويأتي سبيل الله عاماً فيدخل فيه وجوه الخير كلها، لكن عندما يأتي ذكر سبيل الله مقروناً مع غيره كما في آية الصدقات، وكما في الحديث الذي معنا هنا في الوقف؛ فيراد به الجهاد؛ لأنه ذكر الفقراء والقربى والرقاب، والرقاب هي في سبيل الله بالمعنى العام، وكلها مما يراد به وجه الله، ولكن عندما جاء (في سبيل الله) معطوفاً على الفقراء والرقاب وغير ذلك فيراد به الجهاد في سبيل الله.
قوله: (وابن السبيل) هو الذي انقطع به السفر، ونفد زاده، ولم يكن معه شيء، وإن كان غنياً في بلده فإنه يستحق أن يعطى من الوقوف والزكاة.
بشر أحد الرواة الذين رووا الحديث، وقد زاد لفظة: (والضيف)، أي أنه يكرم الضيف، ويعطى الضيفان من هذا الوقف.
قوله: [ (ثم اتفقوا: لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف)، أي: لا يأكل مسرفاً ومتمولاً، وإنما يأكل بالمعروف.
(ويطعم صديقاً) أي: الوالي وليس الصديق، ومعنى ذلك: أنه لا يتمول، وكذلك لا يعطي الصديق شيئاً يتموله، ولكنه يمكن أن يعطي الفقير شيئاً يكفيه قوتاً وطعاماً، لكن لا يعطيه رأس مال أو شيئاً كثيراً ويحرم غيره.
قوله: [ زاد عن بشر : قال: وقال محمد : (غير متأثل مالاً) ].
زاد مسدد الذي يروي عن الثلاثة ومنهم بشر قال: (غير متأثل مالاً) أي: هذا الوالي يأكل بالمعروف ولا يتمول ولا يتأثل؛ لأنه في بعض الألفاظ (يتمول) وفي بعضها (يتأثل).
مسدد هو ابن مسرهد البصري ، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ حدثنا يزيد بن زريع ].
يزيد بن زريع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ ح وحدثنا مسدد حدثنا بشر بن المفضل ].
بشر بن المفضل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
يحيى هو ابن سعيد القطان البصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عون ].
هو عبد الله بن عون ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن نافع ].
هو نافع مولى ابن عمر وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن عمر بن الخطاب ].
i, الصحابي الجليل أحد العبادلة الأربعة من الصحابة وهم: عبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عباس ، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
[زاد عن بشر : قال: وقال محمد ].
قيل: هو محمد بن سيرين ؛ لأنه ليس في رجال الإسناد من اسمه محمد، فقيل: لعله محمد بن سيرين أو شخص آخر.
بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما كتب عبد الله عمر في ثمغ.. فقص من خبره نحو حديث نافع ، قال: غير متأثل مالاً، فما عفا عنه من ثمره فهو للسائل والمحروم، قال: وساق القصة، قال: وإن شاء ولي ثمغ اشترى من ثمره رقيقاً لعمله. وكتب معيقيب وشهد عبد الله بن الأرقم:
بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أوصى به عبد الله عمر أمير المؤمنين إن حدث به حدث: أن ثمغاً وصرمة بن الأكوع والعبد الذي فيه، والمائة سهم التي بخيبر، ورقيقه الذي فيه، والمائة التي أطعمه محمد صلى الله عليه وآله وسلم بالوادي تليه حفصة ما عاشت، ثم يليه ذو الرأي من أهلها، ألا يباع ولا يشترى، ينفقه حيث رأى من السائل والمحروم وذوي القربى، ولا حرج على من وليه إن أكل أو آكل أو اشترى رقيقاً منه ].
قوله: (عبد الله) وصف له، أي: أن عمر عبد من عبيد الله رضي الله تعالى عنه، وكانوا يقدمون لذلك بأن يقولوا: عبد الله فلان، أي: أنه من شأنه أنه عبد من عبيد الله، وكثيراً ما يأتي في كلامهم وحديثهم التعبير عنه بأنه عبد، وكذلك عندما يتكلم بالكلام العام يقال: يا عبد الله! وأي واحد يقال له: عبد الله.
وثمغ اسم مكان.
قوله: [ (فقص من خبره نحو حديث نافع ، قال: غير متأثلٍ مالاً ].
أيضاً جاء في بعض الروايات في حديث نافع : متأثل، أي: متمول، أو متملك؛ لأنه خارج عن الإنفاق في المعروف، أو الأكل بالمعروف؛ لأنه إذا أنفق على نفسه أو أكل فهذا لا يعتبر تملكاً.
قوله: [ (وما عفا عنه من ثمره فهو للسائل والمحروم) ].
يعني: فهو للسائل الذي يسأل ويتعرض للسؤال، وللمحروم الذي لا يسأل، ومعلوم أن الذي لا يسأل ويتعفف أشد حاجة من الذي يسأل، كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس المسكين الذي ترده الأكلة والأكلتان، وإنما المسكين الذي لا يجد ما يغنيه، ولا يفطن له فيتصدق عليه) ، هذا هو المسكين حقاً، وإن كان ذاك مسكيناً، لكن هذا أشد مسكنة منه.
قوله: [ فما عفا ].
أي: فضل وبقي.
قوله: [ (وساق القصة، قال: وإن شاء ولي ثمغ اشترى من ثمره رقيقاً لعمله) ].
ولي ثمغ له أن يشتري رقيقاً للعمل في الوقف، ولمصالح الوقف، وتدبير شئون الوقف.
قوله: [ (قال: وكتب معيقيب وشهد عبد الله بن أرقم) ].
أي: كتب الوقف معيقيب ، وشهد عليه عبد الله بن أرقم .
قوله: [ (بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أوصى به عبد الله عمر أمير المؤمنين إن حدث به حدث) ].
هذا ليس هو الوقف، ولكن هذه وصية لمن يليه؛ لأنه كان يلي الوقف هو في حياته، فأوصى إذا حدث به حادث الموت فإنه يلي الأمر من بعده فلان، أو فلان ثم فلان، وهذا يعتبر وصية؛ لأنه بعد الموت، فإذا كان له وقف، وهو ناظر الوقف في حياته، وأراد أن يخص أحداً بالنظر فيه فيعينه، وهذا يطابق قول أمير المؤمنين؛ لأن هذا شيء حصل في خلافته وإمارته، بخلاف الوقف فإنه حصل في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن هذه وصية في الولاية والنظارة.
قوله: [ (أن ثمغاً وصرمة بن الأكوع والعبد الذي فيه، والمائة سهم التي بخبير، ورقيقه الذي فيه، والمائة التي أطعمه محمد صلى الله عليه وآله وسلم بالوادي تليه حفصة ما عاشت) ].
هذا الذي رأى، وحصلت به الوصية، وكأن هذه الأمور حصل فيها الوقف، ولكن الشأن في الولاية من بعده، وكأنه هو الذي كان يلي ذلك في حياته، فأراد أن يعين الناظر للوقف بعد وفاته، فقال: تليه حفصة ما عاشت.
قوله: [ (ثم يليه ذو الرأي من أهلها) ].
أي: من أهل عمر الذي يكون موجوداً في ذلك الوقت بعد وفاتها.
قوله: [ (ألا يباع ولا يشترى، ينفقه حيث رأى من السائل والمحروم وذوي القربى، ولا حرج على من وليه إن أكل أو آكل أو اشترى رقيقاً منه) ].
وهذا مطابق للوقف الذي قد حصل من قبل، وهو أنه يكون في هذه الأمور التي ذكرها.
وقوله: (آكل) أي: أطعم غيره، كصديق ونحوه .
سليمان بن داود المهري المصري ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ حدثنا ابن وهب ].
هو عبد الله بن وهب المصري ، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرني الليث ].
هو الليث بن سعد المصري وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن يحيى بن سعيد ].
هو يحيى بن سعيد الأنصاري المدني وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو من صغار التابعين، وهذا يقال له: وجادة، وهو صحيح الوجادة، كما قال الشيخ الألباني رحمه الله؛ لأن يحيى بن سعيد كتبت له نسخة منه، أي: من ذلك الوقف الذي كان موجوداً عند آل عمر وقد أشهد عليه، فهذه نسخة استنسخها من ذلك الوقف، وقد استنسخها من عبد الحميد بن عبد الله بن عبد الله بن عمر ، وقال عنه في التقريب : مجهول الحال، أخرج له من أصحاب الكتب الستة أبو داود .
أما عن مكان هذا الوقف، وهل هو باقٍ إلى الآن أم لا؟ فلا أدري عن ذلك، ولعله اشتري به رقيق للعمل به فيما مضى، وكذا أي وقف لا حرج على من وليه إن أكل أو آكل أو اشترى رقيقاً منه، وقد كان عمر أوقف الأرض مع الرقيق الموجود فيها.
حدثنا الربيع بن سليمان المؤذن حدثنا ابن وهب عن سليمان -يعني: ابن بلال - عن العلاء بن عبد الرحمن أُراه عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة أشياء: من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) ].
قال المصنف: [ باب ما جاء في الصدقة عن الميت ].
كون الإنسان يتصدق عن نفسه بصدقة جارية، أو يتصدق عنه غيره بصدقة جارية كل ذلك ينفعه، وكل ذلك يصل إليه، سواء كانت هذه الصدقة هو الذي تصدق بها عن نفسه؛ فإنها تبقى بعد وفاته، وهي من عمله، أو أن إنساناً تصدق عنه بصدقة جارية، أو صدقة غير جارية؛ فإن كل ذلك ينفعه، وقد وردت الأحاديث بأن الصدقة عنه تنفعه، أي أن يتصدق عنه غيره فإنه ينفعه ذلك، كما جاء في الأحاديث التي سيذكر المصنف بعضها.
وقد أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة أشياء: من صدقة جارية) ، وهي الصدقة التي تصدق بها عن نفسه، وهي دائمة ومستقرة بخلاف المحددة أو المعينة التي ليست مستمرة فإنها تنتهي، كما لو وجد فقيراً فأعطاه مبلغاً من المال فإن هذه صدقة تنتهي بانتهاء المال، ولكن الصدقة الجارية مثل الوقف، مثل صدقة عمر رضي الله عنه، كونه يتصدق بشيء من ماله يبقى فإنه ينتفع به في حياته وبعد وفاته بصفة مستمرة، وما دام الوقف موجوداً فإن الانتفاع حاصل، فهذه صدقة جارية.
قوله: (أو علم ينتفع به)، المقصود بالعلم: العلم الذي يأخذه عنه تلاميذه، ويأخذ عنهم تلاميذهم وهكذا، أو عن طريق كتابة العلم، والمؤلفات النافعة التي يخلفها الإنسان وتبقى بعده سنيناً طويلة، وقد تمكث مئات السنين، فإنه كلما انتفع من هذه المؤلفات منتفع وصل إليه ثوابه، وقد مضى على موته مئات السنين، ولهذا جاء عن ابن الجوزي في كتابه صيد الخاطر أنه قال: إن الكتاب الذي يخلفه الإنسان يعتبر ولده المخلد، كأنه قد خلد ولداً يدعو له، فيكون ذلك الكتاب معناه أنه خالد وأنه باق، وأنه يمكث المدة الطويلة التي يعود عليه فيها نفعه بعد وفاته بمئات السنين، فالعلم الذي يخلفه الإنسان سواء كان عن طريق تعليم التلاميذ، والتلاميذ يأخذ عنهم تلاميذ، وهكذا، ويتسلسل حتى يصل إليه نفعه، ويصل إليه فوائده، وكذلك المؤلفات؛ ولهذا نجد أن هناك من مضى على موتهم مئات السنين، ومع ذلك ذكرهم مخلد، يأتي ذكرهم في المؤلفات، أو في الأسانيد، أو الفتوى، فيقال: قال فلان كذا، وقال فلان رحمه الله كذا، وأفتى فلان بكذا، وروى فلان كذا، فيأتي ذكرهم مع أنه كان في زمانهم أناس كثيرون لا يعرفون عنهم شيئاً لا في حياتهم ولا بعد موتهم، ولكن خلد ذكرهم العلم النافع الذي ورثوه وخلفوه.
قوله: (أو ولد صالح يدعو له) سواء كان ولده من صلبه المباشر أو ممن هو من نسله، وسواء كان من أبنائه أو من بناته؛ لأن هؤلاء كلهم أولاد له، وكلهم أبناء له القريب والبعيد وإن نزل، ابن الابن وإن نزل، كما في الفرائض، إذ كلهم يقال لهم: أبناء، فأولاد البنين وأولاد البنات يعتبرون أولاداً للميت، فإذا دعوا له بدعاء فإن ذلك ينفعه.
وخص من الأولاد الولد الصالح؛ لأن هذا هو مظنة الدعاء، وهو الذي ينفع نفسه وينفع غيره، أما إذا كان فاسداً فلن ينفع نفسه ولا غيره ولا أصله؛ لأنه منصرف عن الدعاء بالكلية، بل قد يحصل منه دعاء عليه، كما جاء في الحديث : (إن من الكبائر أن يسب الرجل والديه، قيل: وكيف يسب الرجل والديه؟! قال: يسب أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه)، فقد يتسبب في أن يذكروا بسوء.
إذاً: ذكر الصلاح هنا لأن الصالح هو الذي ينفع نفسه وينفع غيره؛ لأنه هو الذي يشتغل بالدعاء لنفسه ولغيره.
وقد جاءت زيادات في أحاديث، ولكن غالبها أو كلها تفاصيل وجزئيات ترجع للصدقة الجارية، وقد ذكرها بعض أهل العلم، وذكر صاحب عون المعبود أن السيوطي أوصلها إلى إحدى عشرة، وذكر فيها شعراً، وأنه سبقه ابن العماد فأوصلها إلى ثلاث عشرة، وأنه ساق الأحاديث التي وردت فيها، وهي غالباً ترجع إلى جزئيات للصدقة الجارية.
الربيع بن سليمان المؤذن هو المهري المصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب السنن الأربعة.
[ حدثنا ابن وهب ].
ابن وهب قد مر ذكره .
[ عن سليمان -يعني: ابن بلال - ].
سليمان بن بلال ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن العلاء بن عبد الرحمن ].
هو العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب الحرقي، وهو صدوق ربما وهم، أخرج له البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن أبي هريرة ].
قد مر ذكره .
القول الأول: أن كل عمل صالح يصل إلى الميت، قالوا: إن الذي لم يرد يقاس على ما ورد، هذه هي الحجة، وقالوا: إن الأجوبة التي أجاب بها النبي صلى الله عليه وسلم أجاب بها عن أسئلة معينة، سئل عن كذا فأجاب بكذا، قالوا: ولو سئل عن غير ذلك لأجاب بمثله، فهناك أشياء لم يسأل عنها فما جاء فيها جواب، إذاً: يقاس ما لم يذكر على ما ذكر، والعبادات التي لم تذكر تقاس على العبادات التي ذكرت، وهؤلاء يعممون في كل شيء، ويقولون: إن أي قربة فعلها أحد وجعل ثوابها لميت مسلم نفعه ذلك، فيعممون ويقيسون ما لم يرد على ما ورد.
ثانيهما: أنه يقتصر على ما ورد، ولا يزاد عليه، والوارد هو في الصدقة، والحج، والعمرة، والدعاء، والعتق، والصيام إذا كان واجباً؛ لحديث: (من مات وعليه صيام صام عنه وليه).
والصحيح -والله أعلم-: أن من أراد أن ينفع موتاه فينفعهم في حدود ما ورد، أما القول بأنه سئل عن هذه الأمور التي يصل نفعها، وأنه لم يسأل عن الأشياء الأخرى، ولو سئل عنها لأجاب بمثل ما أجاب؛ فهذا غير مسلم؛ لأنه قد يسأل عن الشيء ولا يجيب، ومما يدل على ذلك: (أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الوضوء من لحم الإبل، فقال: توضئوا، وسئل عن الوضوء من لحم الغنم، فقال: إن شئتم) ، فهل يقال: إنه لو سئل عنه لكان الجواب مثل لحم الإبل؟ لا، بل إن الجواب يختلف، وليس الجواب واحداً، فقد سئل عن شيء فأجاب بجواب، وسئل عن شيء آخر فأجاب بجواب آخر.
فالذي يظهر -والله أعلم- أن هذه المسألة الصواب فيها: أن يقتصر في نفع الأموات على حدود ما ورد، وفي ذلك الخير الكثير لمن أراد أن ينفع الموتى.
حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها: (أن امرأة قالت: يا رسول الله! إن أمي افتلتت نفسها، ولولا ذلك لتصدقت وأعطت، أفيجزئ أن أتصدق عنها؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: نعم، فتصدقي عنها) ].
أورد أبو داود [ باب ما جاء فيمن مات عن غير وصية يتصدق عنه ].
أي: من مات ولم يوص فإنه يخرج شيء من ثلث ماله، أو يصرف كذا وكذا من ماله، ويكون ذلك في حدود الثلث -كما هو معلوم- فإنه يتصدق عنه، وينفعه ذلك.
وقد أورد أبو داود في الباب حديث عائشة : (أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: إن أمي افتلتت نفسها) أي: ماتت فجأة. (ولولا ذلك لتصدقت وأعطت) أي: لولا أنها ماتت فجأة لتصدقت وأعطت وأوصت، ولكن فجأها الأجل وماتت فجأة، (أفيجزئ أن أتصدق عنها؟) وهي تعرف منها أنها ترغب في الخير، وتريد أن تتصدق، ولكن حيل بينها وبين ما تريد بالموت المفاجيء الذي بغتها، ولهذا جاء في الحديث: (ما حق امرئ مسلم عنده شيء يريد أن يوصي به يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده)؛ لئلا يفجأه الأجل فلا يتمكن من الشيء الذي يريد أن يوصي به، فقال: (نعم، فتصدقي عنها)، فهذا يدل على أن الصدقة عن الميت سائغة وأنها تنفعه، والصدقة عن الميت مما وردت به السنة، والأموات ينتفعون بإحسان الأحياء إليهم.
وهو موسى بن إسماعيل التبوذكي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة .
[ حدثنا حماد ].
هو حماد بن سلمة ، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن .
[ عن هشام ].
هشام بن عروة ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبيه ].
هو عروة بن الزبير بن العوام ، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين في المدينة.
[ عن عائشة ].
عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أورد أبو داود حديث ابن عباس أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: (إن أمي توفيت، أفينفعها إن تصدقت عنها؟ قال: نعم، قال: فإن لي مخرفاً، وإني أشهدك أني قد تصدقت به عنها) .
لما أفتاه بأن له أن يتصدق عنها، وأنه ينفعها أن يتصدق عنها، قال: (إن لي مخرفاً)، وهو البستان الذي به ثمر، قال: (وإني أشهدك أني قد تصدقت به عنها) فيكون وقفاً عليها وهي صدقة جارية.
ويحتمل أن يكون بستاناً، أو أن يكون الثمرة التي في البستان.
أحمد بن منيع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة .
[ حدثنا روح بن عبادة ] .
روح بن عبادة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن زكريا بن إسحاق ].
زكريا بن إسحاق ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عمرو بن دينار ].
عن عمرو بن دينار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عكرمة ].
هو عكرمة مولى ابن عباس وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ] .
قد مر ذكره.
وهذا الإسناد مسلسل برواة خرج لهم أصحاب الكتب الستة.
حدثنا العباس بن الوليد بن مزيد أخبرني أبي حدثنا الأوزاعي حدثني حسان بن عطية عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه أن العاص بن وائل أوصى أن يعتق عنه مائة رقبة، فأعتق ابنه هشام خمسين رقبة، فأراد ابنه عمرو أن يعتق عنه الخمسين الباقية، فقال: حتى أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إن أبي أوصى بعتق مائة رقبة، وإن هشاماً أعتق عنه خمسين، وبقيت عليه خمسون رقبة، أفأعتق عنه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إنه لو كان مسلماً فأعتقتم عنه، أو تصدقتم عنه، أو حججتم عنه بلغه ذلك) ].
أورد أبو داود باب ما جاء في وصية الحربي يسلم وليه أيلزمه أن ينفذها؟، أي: وصية الحربي هل يلزم وليه المسلم أن ينفذها؟ وأورد فيه أبو داود حديث عبد الله بن عمرو بن العاص : أن جده العاص أوصى بأن يعتق عنه مائة رقبة، فأعتق عنه ابنه هشام خمسين، فأراد عمرو بن العاص أخوه أن يعتق عن أبيه الخمسين الباقية، فقال حتى أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل أفعل ذلك؟ فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسأله فقال له: (إنه لو كان مسلماً فأعتقتم عنه، أو تصدقتم عنه، أو حججتم عنه بلغه ذلك) ] أي: لو كان مسلماً فتصدقتم عنه، أو حججتم عنه، أو أعتقتم عنه لنفعه ذلك، إذ مثل هذه القرب إنما تنفع المسلمين ولا تنفع الكفار؛ لأن الكفار لا ينفعهم أي عمل من الأعمال، لا منهم ولا من غيرهم، قال تعالى: وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا [الفرقان:23]، ولا ينفعهم أن يتصدق عنهم أو يحج عنهم؛ لأنهم من أهل النار الذين يخلدون فيها أبد الآباد، ولا سبيل لهم إلى الجنة، فالكافر لا يتصدق عنه، ولا يحج عنه، ولا يعتق عنه، وهذا الحديث يدل على أن هذه الأمور الثلاثة من الأشياء التي تنفع الميت إذا فعلها له قربيه أو فعلها الحي عنه.
العباس بن الوليد بن مزيد ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ أخبرني أبي ].
أبوه ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ حدثنا الأوزاعي ].
هو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثني حسان بن عطية ].
حسان بن عطية ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عمرو بن شعيب ].
عمرو بن شعيب صدوق، أخرج له البخاري في جزء القراءة وأصحاب السنن .
[ عن أبيه ].
أبوه شعيب بن محمد وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد ورفع اليدين وجزء القراءة وأصحاب السنن .
[ عن جده ].
هو عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما الصحابي الجليل، وهو أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
حدثنا محمد بن العلاء أن شعيب بن إسحاق حدثهم عن هشام بن عروة عن وهب بن كيسان عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه أخبره (أن أباه توفي وترك عليه ثلاثين وسقاً لرجل من يهود، فاستنظره
قوله: [ باب في الرجل يموت وعليه دين وعنده وفاء يستنظر غرماؤه ويرفق بالوارث ] الغرماء: هم الدائنون، ويرفق بالوارث الذي تولى الأمر من بعده، والذي يطالب بأن يدفع الحق الذي على ميته، وعلى مورثه، وقد جاء في بعض الأحاديث: أنه كان عليه ديون لأشخاص متعددين، فيكون هذا اليهودي من بينهم.
قوله: [ فاستنظره جابر فأبى ] أي: طلب منه أن ينظره، ويمهله فأبى، فكلم جابر النبي صلى الله عليه وسلم أن يشفع له إلى ذلك اليهودي فشفع له، وأمره أن يأخذ ثمر نخله بالذي عليه، فأبى كغيره من الدائنين، وكأن الدائنين ما أرادوا ولا وافقوا أن يأخذوا؛ لأنهم رأوه غير كاف، فجاء الرسول صلى الله عليه وسلم ودعا به، وجعل يكيل حتى أوفى جميع الدائنين، وبقي الشيء الكثير ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، ومباشرته الكيل للدائنين.
قوله: [ وساق الحديث ] أي: أنه ما ذكر بقيته، ولكن البقية موجودة في الصحيحين وفي غيرهما، وفي الحديث علامة من علامات نبوته صلى الله عليه وسلم، وهو أنه دعا وصار يكيل من صرة من الطعام حتى استوفى الدائنون حقوقهم، وبقي الشيء الكثير بعد ذلك.
هو محمد بن العلاء بن كريب أبو كريب وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أن شعيب بن إسحاق ]
شعيب بن إسحاق ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
[ عن هشام بن عروة عن وهب بن كيسان ].
هشام بن عروة مر ذكره ، ووهب بن كيسان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن جابر بن عبد الله ].
جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما، وهو صحابي ابن صحابي، وأحد السبعة المعرفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الجواب: يجوز ذلك إذا كان هذا الشيء الذي وفى به يتطلب وقتاً، مثل الثمرة التي تأتي في وقت معين، فتكون هذه الثمرة فيها الوفاء، ولكن يمكن أن تكون المطالبة أو يكون الاستحقاق في أول وقت خروج الثمرة وبدو طلوعها، فينتظر إلى حين صلاحها، وإلى حين جذها، ثم التوفية من ذلك، والإنظار مطلوب كما هو معلوم سواء كان له وفاء أو لم يكن له وفاء؛ لأن الله يقول: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ [البقرة:280]، إذا كان له وفاء عن حاضر يوفي، أما إذا كان الوفاء سيتأخر، بمعنى: أن الشيء الذي سيوفي منه متأخر فعليه أن ينتظر، وإن لم يكن عنده شيء أصلاً فإنه ينتظر.
الجواب: الحربي: هو غير الذمي، وغير المستأمن، بل هو من الكفار الذين بين المسلمين وبينهم حرب، فليسوا أهل ذمة، وليسوا مستأمنين، وليسوا ذوي عهد.
الجواب: الله تعالى أعلم، ولعله رأى المصلحة في ذلك.
الجواب: يعني أن هذا شيء مباح؛ لأن الجائز غير المشروع هو المباح الذي يستوي طرفاه، لكن الذي يظهر -والله أعلم- أنه يقتصر على المشروع، ولا يشتغل بغير المشروع.
الجواب: إذا دعت الحاجة لنقلها إلى منفعة أخرى لكون بعض الأشياء التي حددها لا وجود لها، أو لا يمكن تنفيذها، فإنه يحولها، وذلك مثل الرقاب فإنه لا وجود لها، فإن أراد أن يحول الوقف إلى شيء آخر فيه المصلحة وفيه المنفعة، فيكون هذا من جنس الوقف، ومعلوم أنه إذا تعطلت منافعه فإنه يحول إلى شيء آخر، فكذلك إذا لم توجد المنفعة المعينة وحول إلى منفعة أخرى فلا بأس بذلك، لكن الذي ينبغي أن يكون هناك إطلاق عند الوقف أو عند الوصية في صرفه في وجوه الخير، وينص على أشياء أخرى معينة؛ لأن كونه يذكر أشياء معينة ويعمم في وجوه الخير يجعل الولي أو الوصي بعده في حل وفي سعة أن يتصرف في شيء مأذون له فيه بدون حرج أو تردد، بحيث إنه يقول: في وجوه البر، ولاسيما كذا وكذا، أو: المقدم فيها كذا وكذا، ونحو ذلك.
الجواب: إذا كان الوقف قد انقطع عن الجهة التي خصص لهم النفع فإنه يحول إلى جهة أخرى، وهذا ينبغي أن يرجع فيه إلى القاضي؛ لأن الناظر قد لا يكون عنده قدرة ومعرفة، فكون القاضي هو الذي يعين له ويحدد هو الذي ينبغي.
الجواب: يجوز ذلك؛ لأن البنت وارثة وأولادها غير وارثين، والأبناء وارثون وأبناؤهم وارثون، وهم من جملة الورثة، فله ذلك؛ لأن أبناء أبنائه أبناؤه، وأما أبناء بناته فربما كانوا أبناء لقبيلة أخرى، كما يقول الشاعر:
بنوهن بنو أبنائنا وبناتنا
أبناؤهن أبناء الرجال الأباعد
الجواب: هذا ليس بوقف؛ لأن الوقف تسبيل الأصل وإبقاؤه، وأما الشيء الذي ينتهي ويتلاشى مثل الأثاث فله أن يوقفه في أن يستعمل أو يصرف في وجوه الخير عندما يكون هناك حاجة إليها، مثل السجاد للمساجد، فلا بأس، فهذا أثاث، لكن القطعة في نفسها أصل، والمقصود هو الانتفاع والجلوس عليها، ولكنها منقولة، ليست ثابتة كالبيوت، أو البساتين، أما وقف شيء مثل الأطعمة، فهي مستهلكة، ولا تبقى أعيانها، وهذا مثل النقود عندما يقترض الإنسان نقوداً لا يمكنه أن يردها بأعيانها، وإلا فما الفائدة من القرض؟ لكن يأتي بنقود أخرى مكانها.
فالشيء الذي يستهلك لا يقال: إن عينه باقية أو أصله باق، وهو ليس بوقف.
الجواب: ليس له ذلك، بل إذا تعطلت المدرسة يحوله إلى مدرسة أخرى، نفس الجهة التي أوقف فيها يجعلها من جنسها، ويجعل الوقف من جنس الوقف الذي ينتقل إليه.
الجواب: لا تنفذ هذه الوصية.
الجواب: يقول: لبيك عمرة، أو لبيك حجاً، فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني.
الجواب: إذا كان مريضاً مرضاً لا يرجى برؤه، أو كان كبيراً هرماً لا يستطيع السفر فيجوز.
الجواب: نعم يجوز ذلك، وذلك إذا جئت من بلدك معتمراً عن أبيك، ثم تحج عنه متمتعاً، فإذا دخلت مكة واعتمرت عن أبيك ثم ذهبت إلى المدينة، فعند رجوعك إلى مكة لك أن تعتمر عمرة أخرى، تكون لك أو لأبيك أو لمن تريد، فلك في مثل هذه الصورة أن تعتمر لنفسك أو لغيرك غير العمرة التي اعتمرتها لأبيك.
الجواب: لا يتبرك بذوات أحد؛ لأن البركة من الله عز وجل، والبركة إنما تطلب من الله عز وجل من الوجوه المشروعة، ولم يأت بأن ذوات الأشخاص يتبرك بهم، لا أحياء ولا أمواتاً، فلا يتمسح مثلاً بإنسان من أجل تحصيل البركة، ولا يمسح أي شيء عند قبر من أجل البركة، كل ذلك غير سائغ وغير جائز.
الجواب: لا تختص، فيمكن أن تكون من القريب وغير القريب، وكذلك الإنسان يدعو لقريبه وغير قريبه، وكذلك يتصدق عن قريبه وغير قريبه، كل ذلك جائز.
الجواب: مثل هذا ينبغي له أن يطوف راكباً أو محمولاً، والإنسان الذي يطوف ثم يتعب ويجلس بين الأشواط لكي يستريح لا بأس بذلك، لكن إذا كان عليه مضرة في المشي، فليطف راكباً، وليسع راكباً.
الجواب: نعم، يمكن أن ينوي الإفاضة ويسافر بعده فيغني عن طواف الوداع؛ لأن المقصود بالوداع أن يكون آخر عهده بالبيت، ومن طاف طواف الإفاضة ثم خرج بعده مباشرة فقد كان آخر عهده البيت، فيجوز ذلك، وهذا من جنس تحية المسجد، فالإنسان إذا دخل المسجد واجتمع عليه سنة راتبة وتحية المسجد، فهما من المستحبات التي يغني بعضها عن بعض، وهنا أركان وواجبات فيغني الركن عن الواجب، لكن لا يجوز أن ينوي طواف الوداع، بل ينوي طواف الإفاضة، وينوي طواف الوداع معه، أو ينوي طواف الإفاضة وحده ثم يسافر بعده؛ لكن أن ينوي الوداع فقط ولا ينوي الإفاضة فقد أتى بالواجب وترك الركن.
الجواب: كذلك وصية الذمي؛ لأن السؤال جاء عن الحربي، والحديث جاء في تقييد ذلك بالمسلم، وأن المسلم هو الذي ينفعه أن يتصدق عنه، وأما الحربي والذمي ومن مات كافراً سواء كان حربياً أو ذمياً؛ فإنه لا ينفعه أي عمل، لا منه ولا من غيره.
الجواب: إذا كان الإنسان على صلة بالله عز وجل، ودعاء لله، واتصال بالله عز وجل، ويدعو لنفسه ولغيره؛ لا شك أن هذا من علامات الصلاح.
الجواب: نعم، يقع فيها؛ لأن كل عملة جنس، ولا بد فيها من التقابض، وأما التفاضل فلا بأس به، بمعنى: أن يزيد أحدهما على الآخر، هذا لا بأس به، ولكن يشترط التقابض، فهذا يدفع وهذا يدفع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا اختلفت الأجناس فبيعوا كيف شيئتم إذا كان يداً بيد) ، (كيف شئتم) أي: متفاضلين، لكن لابد أن يكون يداً بيد، وهذا هو التقابض.
الجواب: الوقف هو تحبيس الأصل ويستمر، ولا يقول: هذا الوقف لمدة سنة، ثم بعد ذلك يرجع إلى ملكه، وإنما له أن يتصدق بالثمرة مثلاً، فيقول: هذه الثمرة أتصدق بها، لكن الوقف هو تحبيس الأصل، أي: أنه لا يباع ولا يتصرف فيه ولا يوهب.
إذاً: له أن يتصدق بالثمرة، ولا يحبس الأصل ولا يوقفه؛ لأن هذا يخالف مصادر الوقف.
الجواب: قوله: (صدقة جارية) يدخل فيه أن يفعلها هو أو غيره، فكونه هو نفسه يتصدق بصدقة جارية، أو غيره من بعده يتصدق عنه بصدقة جارية، كل ذلك ينفعه.
الجواب: إذا كان هذا في زمن العادة فإن الكدرة والصفرة والحمرة، أو أي لون يحدث في زمن العادة فهو حيض، وإذا كانت تعرف أن عادتها مضطربة وليس لها وقت معين، ولكنها إذا جاءت تأتي على هيئة معينة، وهذه تخالفها، فلا تكون حيضاً.
الجواب: ليس له ذلك، وليس له أيضاً أن يقرأ القرآن ويهديه لميته؛ لأن هذا مما لم يرد، فيقتصر على ما ورد، ويترك ما لم يرد.
الجواب: تشبيك الأصابع في المسجد مكروه، وينبغي للإنسان ألا يفعله، والتشبيك قبل الصلاة هو الممنوع، وأما التشبيك بعد الصلاة فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث ذي اليدين أنه صلى بالناس إحدى صلاتي العشي ركعتين، ثم سلم فظن الناس أنها نسخت الصلاة من أربع إلى اثنتين، فسأله ذو اليدين وقال: (يا رسول الله! أقصرت الصلاة أم نسيت؟ فقال: لم أنس ولم تقصر، قال: بل قد نسيت، فسأل الناس فقالوا: نعم، صدق
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر