أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب (منهاج المسلم) ذلكم الكتاب الحاوي للشريعة الإسلامية بكاملها، عقائد وآداباً وأخلاقاً وعبادات وأحكاماً ومعاملات.
ونحن اليوم مع [ما يكره من الصوم] أي: ما الذي يكره من الصوم حتى نتجنبه ولا نفعله.
[تنبيه] فلننتبه [الكراهة في صيام هذه الأيام] الأربعة [كراهة تنزيه، وما يلي كراهته كراهة تحريم ]
وكذلك أول رمضان إذا كان يوم شك لا نصمه، إذ لا بد من العلم.
لرمضان فضائل عظيمة، ومزايا عديدة لم تكن لغيره من الشهور، والأحاديث التالية تثبت ذلك وتؤكده:
أولاً: قوله صلى الله عليه وسلم: ( الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن ) ] من الذنوب [ (إذا اجتنبت الكبائر)] أي: مع اجتناب الكبائر، فمن الجمعة إلى الجمعة، ومن رمضان إلى رمضان، لا يبقى عليك ذنب صغير ولا كبير [وقوله صلى الله عليه وسلم: ( من صام رمضان إيماناً ) ] أي: وهو مؤمن بالله إيماناً يقينياً [ (واحتساباً) ] أي: طالباً الأجر من الله، فصام لوجه الله [ (غفر له ما تقدم من ذنبه ) ] أي: محي كله [ وقال صلى الله عليه وسلم: ( ورأيت رجلاً ) ] مما يريه ربه، كما أراه الجنة والنار [ ( من أمتي يلهث عطشاً، كلما ورد حوضاً منع منه، فجاءه صيام رمضان فسقاه ورواه ) . وقوله صلى الله عليه وسلم: ( إذا كان أول ليلة من رمضان صفدت الشياطين ومردة الجان) ] غلت بالأغلال [ (وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب ) ] عظيم هذه الخصال لرمضان! فزنا نحن برمضان [ ( ونادى منادٍ: يا باغي الخير! أقبل، ويا باغي الشر! أقصر، ولله عتقاء من النار، وذلك كل ليلة ) ] من رمضان. فالحمد لله أن جعلنا من أهل رمضان.
الجواب: ما دامت الكراهة عامة، فما استثنى الشارع إلا من كان يصوم كذا أو يصوم كذا، والكراهة للتنزيه لا للتحريم، فلو صام الإثنين والخميس كره عمله لكن لا يأثم عليه، وما دام الشارع رأى له أن يستريح ويتهيأ ويستعد لرمضان، فليفعل ذلك خير له.
الجواب: لا تصم يوم العيد، بل صم يوماً بعده ولا حرج؛ لأن صيام يوم العيد محرم، فلا يجوز صيامه؛ والشهران المتتابعان عبارة عن ستين يوماً، ليس شرطاً أن تكون شهرين من الشهور الهجرية تحسب من رؤية الهلال إلى الهلال.
الجواب: نقول: صم؛ لأن هذا الصيام أفضل من تركه.
الجواب: الإبر التي تستعمل للمرضى، إذا كانت لتغذية جسم المريض، فهذا لا يصح صيامه، فإذا استعملها أفطر وعليه القضاء، وإن كانت لغير التغذية فيجوز استعمالها ولا حرج، فقد أفتى العلماء بجوازها مطلقاً.
الجواب: كل رسول نبي، فهذه قاعدة، إذ قبل أن يرسل ينبأ، أي: يخبر ويُعلم بالوحي، ثم يرسل إلى المدينة أو إلى غيرها، فما دام كل رسول نبي فقل فيه: نبي الله ورسول الله، وإذا كان نبياً غير رسول فحرام أن تقول عنه: إنه رسول الله، فهذا كذب على الله عز وجل وعلى أمته، لكن إذا ثبت أنه نبي رسول كإبراهيم، ونوح، وموسى، وعيسى، وسليمان، وداود، ومحمد صلى الله عليه وسلم فلا حرج أن تقول: نبي الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم.
الجواب: يجوز لك ذلك، فاجعل ماء في أنفك ولا تجذبه إلى داخل الأنف، فلا حرج؛ لأنه ليس بفرض.
الجواب: لم يرد هذا عن السلف، لكن لو رفع مؤمن يديه فلا حرج، مع أن ذلك ليس من السنة، فالذي يرفع يديه هو الداعي، فلو أن الإمام رفع يديه فله ذلك، أما الذين يستمعون الخطبة فيؤمنون على دعائه، فلا حاجة إلى رفع الأيدي.
الجواب: هذه المسألة قد بينا القول فيها، وكتبنا رسالة خاصة بها.
والجواب الصحيح: أنه قبل وجود الآلات والهواتف، كان أهل مكة صائمون، وأهل المدينة مفطرون، أو أهل الشام صائمون، وأهل المدينة مفطرون، فنقل الخبر كان يستغرق عشرة أيام أو أكثر، فمن رأى الهلال فليصم وإلا فليفطر.
لكن الآن فمع وجود هذه الآلات ينبغي أن يسند الأمر إلى مكة، فيا حكام المسلمين! أسندوا الأمر إلى مكة، بلد الله، ودولة الإسلام، وهي التي تعلن عن الإفطار والصيام في وقته، ثم يبلغ أهل العالم بكامله، فيصوم المسلمون ولا حرج، لكن رفضوا هذا، وما استجابوا.
فعلى المسلمين أن يكونوا لجنة في بلادهم عقلاء مبصرين، ليشاهدوا الهلال وجوداً أو عدماً، فيصومون إذا رأوا الهلال، ولا يبالون بالمفكرة، وإذا لم يروا الهلال لا يصومون.
وأما الإفطار: فإذا كان ممنوعاً أولا يستطيعون أن يفطروا فيفطرون في بيوتهم، ومن الغد يخرجون إلى المصلى ويصلون مع المسلمين.
أما إذا كان غير ممنوع فعلى أهل البلاد أن يفطروا أو يصوموا على رؤية لا على المفكرات.
أما إذا بلغنا بواسطة الهاتف أن البلد الفلاني رأوا الهلال، وفي مكة لم يروه، فمن أراد أن يصوم فليصم وليكتم صومه، ولا يفطر في يوم العيد إلا إذا أفطر أهل بلاده، وبهذا هدأنا الموقف، وحللنا هذه المشكلة.
الجواب: الصلاة صحيحة؛ لأنه ترك سنة، وأدى الواجب، وهو التسليمة الأولى، فمن سلم التسليمة الأولى فقد خرج من الصلاة، فهي إعلان عن انتهاء العبادة، فإن قال: (السلام عليكم ورحمة الله) زيدت له عشر حسنات، وإن سلم عن يساره فكذلك.
فمن السنة أن تسلم عن يمينك وعن شمالك، ولك أجر ذلك، والإمام مالك لا يقول بالتسليمة الثانية، فالفريضة هي التسليمة الأولى، وهذا بالإجماع، فليس شرطاً أن تقول: ورحمة الله، أو تسلم عن يسارك.
لكن السنة التي فيها أجر ومثوبة، وعاش عليها الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه ما تترك لأجل أننا مالكية، فالمالكية ما فهموا كلام مالك رحمه الله.
الجواب: ما دمت جنباً فاذكر الله وادع وسبح واستغفر إلا قراءة القرآن فلا، فيجوز لك أن تقول: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن تدعو بأي دعاء، فكل ذلك واسع وجائز، وليس شرطاً له الطهارة.
الجواب: نستدعيه إلى المحكمة رسمياً، أو يأتي به إخوانه وأقاربه إلى المحكمة، فيوقف في المحكمة من الصبح إلى الظهر، فيؤمر بصلاة الظهر، فإن صلى الظهر وإلا انتظر إلى العصر، ثم يؤمر بصلاة العصر فإن صلى نجا، وإن لم يصل انتظر حتى إذا لم يبق على غروب الشمس إلا ربع ساعة، وهو قدر ما يتوضأ ويصلي أربع ركعات، فإن لم يصل اعدم، يقطع رأسه، ويدفن، هذا هو الحكم الشرعي؛ لأن ترك الصلاة كفر، فمن ترك الصلاة فقد كفر.
فإن قال: أنا لا أؤمن بالصلاة، ولا بالله، ولا بالإسلام، فهذا يقتل كفراً، وإذا قال: أنا مؤمن بأن الصلاة فريضة، ولكن لا أصلي عناداً ومكابرة، فهذا يعدم، ويورث، ويصلى عليه، ويدفن في مقابر المسلمين؛ لأنه ما كان كافراً، بل كان معترفاً بالصلاة.
الجواب: الصواب هو مع الذي يرفع الصوت بالذكر، قالت أم المؤمنين الصديقة عائشة: كنا نعرف نهاية الصلاة بالذكر، لكن ليس معناه: رفع الصوت من أجل التشويش، هذا هو المستحب.
الجواب: هذا لا ينبغي لا في الصلاة، ولا في الزكاة، ولا في أي عبادة، وإنما توسل إلى الله عز وجل بتلك العبادة، وقل: اللهم اغفر لأبي وارحمه، أو أمي وارحمها، أو فلان أو فلان.
واسأل الله عز وجل لذاك الذي توسلت من أجله أن يغفر الله ذنوبه ويرحمه ويدخله الجنة، فهل بعد المغفرة والرحمة شيء؟ وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر