لقد امتدح الله سبحانه وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بحسن الخلق، والله سبحانه لا يمتدح إلا من كان أهلاً لذلك، وقد كان صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقاً مع أمته ورعيته وأهل بيته، فكان صلى الله عليه وسلم حليماً متواضعاً سمحاً كريماً رحيماً، وما أحوج الأمة الإسلامية اليوم إلى التأسي بخلقه صلى الله عليه وسلم والمضي على دربه.
-
حسن خلق النبي صلى الله عليه وسلم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، أدى الأمانة، وبلغ الرسالة، ونصح للأمة فكشف الله به الغمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، اللهم اجزه عنا خير ما جزيت نبياً عن أمته، ورسولاً عن دعوته ورسالته، وصل اللهم وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وصحبه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه، واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين.
أما بعد:
فحياكم الله -جميعاً- أيها الإخوة الفضلاء الأعزاء! وطبتم وطاب ممشاكم وتبوأتم -جميعاً- من الجنة منزلاً، وأسأل الله العظيم الحليم الكريم جل وعلا الذي جمعنا في هذا البيت الطيب المبارك على طاعته أن يجمعنا في الآخرة مع سيد الدعاة المصطفى في جنته ودار مقامته، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أحبتي في الله! حسن الخلق يُحَب لذاته، فكيف لو اجتمع مع حسن الخلق حُسنُ الخَلق؟!
ذلكم هو المصطفى صلى الله عليه وسلم.
-
إسلام ثمامة بن أثال وبيان جميل خلقه صلى الله عليه وسلم معه
روى
البخاري و
مسلم رضوان الله ورحمته عليهما من حديث
أبي هريرة رضي الله عنه قال: (
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خيلاً قبل نجد، فجاءت برجل يقال له: ثمامة بن أثال سيد أهل اليمامة، فربط الصحابة
ثمامة بن أثال في سارية -أي: في عمود من أعمدة المسجد النبوي- فدخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد فوجد
ثمامة مربوطاً في سارية من سواري المسجد فعرفه -لأن
ثمامة كان سيداً في قومه- فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له: ماذا عندك يا
ثمامة ؟ قال: عندي خير يا محمد! إن تقتل تقل ذا دم! -يعني: إن قتلتني قتلت رجلاً له مكانته في قبيلته، ولن تفرط قبيلتي في دمي وفي الأخذ بثأري -إن تقتل تقتل ذا دم وإن تُنْعِم تنعم على شاكر- يعني: فإن أطلقتني سأعترف لك بهذا الجميل وسأشكره لك ما حييت- وإن كنت تريد مالاً فسل تعط من المال ما شئت، فتركه صاحب الخلق الكريم صلى الله عليه وسلم، وفي اليوم الثاني دخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد فأقبل على
ثمامة فقال له: ماذا عندك يا
ثمامة قال: عندي ما قلت لك يا محمد! إن تقتل تقتل ذا دم، وإن تنعم تنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال فسل تعط من المال ما شئت، فتركه صاحب الخلق الكريم صلى الله عليه وسلم، وفي اليوم الثالث دخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد فأقبل على
ثمامة فقال: ماذا عندك يا
ثمامة قال: عندي ما قلت لك يا محمد! إن تقتل تقتل ذا دم وإن تنعم تنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال فسل تعط من المال ما شئت، فقال المصطفى: أطلقوا
ثمامة .. أطلقوا
ثمامة لا نريد فدية ولا مالاً، بل ولا نلزمه بالإسلام، ولا نكرهه على الإيمان أطلقوا
ثمامة فانطلق
ثمامة . بعد أن فكوا قيده وانطلق إلى أقرب نخل إلى جوار المسجد النبوي فاغتسل، ثم عاد مرة أخرى إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله).
أخي الحبيب! تدبر معي قول
ثمامة : يا رسول الله! والله ما كان على وجه الأرض وجه أبغض إلي من وجهك، فأصبح وجهك الآن أحب الوجوه كلها إلي، والله ما كان على الأرض دين أبغض إلي من دينك، فأصبح دينُك أحبَّ الدين كله إلي، والله ما كان على الأرض بلدٌ أبغض إلي من بلدك فأصبح بلدك أحبَّ البلاد كلها إلي! ثم قال: يا رسول! الله لقد أخذتني خيلك وأنا أريد العمرة، وقد كانوا يعتمرون ويحجون إلى البيت وهم على الكفر والشرك.
كان أحدهم يلبي فيقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، فإذا سمع النبي صلى الله عليه وسلم هذا الكلمات يقول: قط قط. يعني: قد اكتفيتم قفوا عند هذا القدر ولا تزيدوا، ثم يزيدون قائلين لبيك اللهم لبيك، لا شريك لك لبيك، إلا شريكاً هو لك تملكه وما ملك! ولو تدبر أحدهم في الإضافة بتعقل لوجد أن هذا الإله المعبود من دون الله لا يملك لنفسه شيئاً.
ولو تدبر أحدهم بتعقل لعلم أن هذه الآلهة لا تضر ولا تنفع، ورحم الله من رأى يوماً على صنمه بولاً فنظر حواليه فوجد ثعلباً يلعب بالقرب من معبوده، فعلم أن الذي فعل هذه الفعلة الشنعاء هو هذا الثعلب، فنظر إلى إلهه والنجاسة تنساح عليه، وتفكر وتدبر في الأمر وقال بعقل راجح راشد: رب يبول الثُعلبان أو الثَعلبان -واللغتان صحيحتان كما قال
ابن منظور في لسان العرب-
ربٌ يبول الثُعلبان برأسه لقد ذل من بالت عليه الثعالب
فلو كان رباً كان يمنع نفسه فلا خير في رب نأته المطالب
برئت من الأصنام في الأرض كلها وآمنت بالله الذي هو غالب
يقول
ثمامة : (
لقد أخذتني خيلك يا رسول الله! وأنا أريد العمرة فماذا ترى أن أصنع؟ فبشره رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره أن يعتمر).
قال الحافظ
ابن حجر : فبشره رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي: بالجنة أو بخيري الدنيا والآخرة، أو بمحو سيئاته.
يا له من فضل (
وأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يعتمر، فأقبل ثمامة إلى مكة ملبياً، فكان
ثمامة هو أول من جهر بالتلبية في مكة، فأخذته قريش وقالوا: من هذا الذي اجترأ علينا -أي: جهر بالتلبية بين أظهرنا- من هذا الذي يردد الكلمات التي يعلمها محمد -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه؟! فأخذوه وضربوه ضرباً شديداً حتى قال قائلهم: دعوه إنه فلان فأنتم تحتاجون الميرة من اليمامة فجلس
ثمامة وهو يقول: والله لا تصل إليكم بعد اليوم حبة حنطة إلا أن يأذن فيها رسول الله) هذا لفظ
مسلم والحديث في الصحيحين.
وفي رواية
ابن إسحاق بسند صحيح: (
لما جهر ثمامة بالتلبية وأقبل عليه المشركون فضربوه، وقال
أبو سفيان : ألا تعرفون الرجل؟ إنه
ثمامة سيد أهل اليمامة، دعوه فأنتم تحتاجون إلى الحنطة -أي: القمح- والميرة من اليمامة، فلما جلس
ثمامة قال: والله لا تصل إليكم بعد اليوم حبة حنطة إلا أن يأذن فيها رسول الله).
أقول: من أول لحظة دخل فيها
ثمامة الإسلام جعل ووضع كل طاقاته ووجاهته ومكانته وقدراته وإمكانياته في خدمة الدين، عرف الإسلام فوضع كل ما يملك من قدرات وطاقات في خدمة دينه الذي اعتنقه، وأنار الله قلبه به، وبالفعل أدى العمرة.
التسليم لأقدار الله
الولاء والبراء في الله
-
أهمية تحقيق الولاء والبراء لا سيما في زماننا
إننا في أمس الحاجة الآن إلى هذا الفرقان، فلا تكن مذبذباً وكن على سنة ولا تحد عن الطريق، ولا تطلق اللحية مرة فإذا وقفت أمام المرآة شعرت أنك تحتاج إلى حلقها بالمرة، لا تجلس في مجالس العلم مرة فإذا تعرضت لفتنة تركت مجالس العلم بالمرة.
لا تجلس أمام كتاب الله مرة، ثم تتخلى عن كتاب الله بالمرة، لا ترتدي النقاب، ثم إذا تعرضتي لمحنة تجردتي من ثوب العزة والشرف.
أخي! لا تكن مذبذباً، بل كن مستقيماً، كما قال المصطفى: (
قل آمنت بالله ثم استقم) وكما قال
عمر رضوان الله عليه:
إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا [فصلت:30] قال: ثم استقاموا على دين الله فلم يروغوا روغان الثعالب، فلا تكن كل يوم على حال، إن جلست مع المتبعين فأنت متبع، وإن جلست مع العلمانيين فأنت كذلك.
قال
ثمامة : (
والله لا تصل إليكم بعد اليوم حبة حنطة حتى يأذن رسول الله ومنع الميرة حتى أكلت قريش العلهز، -أي: وبر الإبل مع الدم يضعونه على النار ويشوونه ليأكلوه في وقت المجاعة- فأرسل أبو سفيان إلى صاحب الخلق صلى الله عليه وسلم، يقول له: إنك تصل الرحم ونحن رحمك -مع أنهم على الكفر والشرك- إنك تصل الرحم ونحن رحمك، ولقد منع
ثمامة عنا الميرة فاكتب إليه، فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخلي بين قريش وبين الميرة، التي كانت تصل إليهم من اليمامة).
أيها الإخوة! أعترف منذ البداية أنني عاجز عن أن استخراج الدروس والعظات والعبر من هذا الحديث الجليل المبارك، لكنني أود أن أقف وقفات متأنية مع هذا الحديث العظيم الغالي؛ لأبين لحضراتكم أن الرفق والحلم والخلق حوّل البغض في قلب
ثمامة إلى حب فياض.
تدبر معي كلمات
ثمامة: (والله ما كان على وجه الأرض وجه أبغض إليّ من وجهك، فأصبح وجهك الآن أحب الوجوه كلها إليّ).
لماذا؟ إنه الرفق.. إنه الحلم.. إنه الخلق.. إنه الأدب، ولقد تعمد المصطفى صلى الله عليه وسلم أن يظل
ثمامة مربوطاً في المسجد، وهذا دليل آخر على جواز دخول المشرك إلى المسجد، إن دخل في حاجة أو لغاية بشرط أن لا يدخل للإفساد أو للنجاسة أو لامتهان مقدسات المسلمين.
ظل
ثمامة في المسجد ثلاثة أيام، وقد تعمد النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون
ثمامة في داخل المسجد؛ ليسمع القرآن غضاً طرياً بأذنه من فم المصطفى صلى الله عليه وسلم، وليرى الصحابة بين يدي رسول الله كيف يعاملونه؟ وكيف يتأدبون في حضرته؟ وكيف إذا أمرهم ابتدروا أمره؟ وكيف يسمعون له؟ وكيف وكيف؟
رأى
ثمامة في هذه الأيام الإسلام يتحول إلى واقع عملي وإلى منهج حياة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فتعلق قلبه بهذا الدين والنبي العظيم صلى الله عليه وسلم.
إنه الخلق، والحديث عن خلق النبي صلى الله عليه وسلم أحوج ما تكون الأمة إليه الآن.
الكل ينادي بالعودة إلى خلق النبي صلى الله عليه وسلم، لكن من منا الليلة سيتخلق بخلق النبي؟! كلنا يعلم حلمه.. كلنا يعرف كرمه.. كلنا يعرف رقته.. كلنا يعرف أدبه.. كلنا يعرف تواضعه.. كلنا يعرف فضله.. كلنا يعرف رفقه.. كلنا يعرف جماله.. كلنا يعرف حسن خلقه وخلقه.. لكن من منا سيشهد الليلة أو من الليلة لدين النبي شهادة عملية على أرض الواقع، ليحول شيئاً من خلق النبي صلى الله عليه وسلم في حياته إلى واقع عملي ومنهج حياة؟!
-
تعظيم الله لرسوله صلى الله عليه وسلم
-
وجوب الاقتداء العملي بخلق الرسول صلى الله عليه وسلم
هذه مكانة النبي عند الله وهذا قدر النبي صلى الله عليه وسلم عند الرب العلي جل في علاه، فمن منا سيشهد من الليلة عملياً للنبي صلى الله عليه وسلم ودينه؟
ما أيسر التنظير لمن يدعى حب النبي صلى الله عليه وسلم هو بعيد عن هدي النبي صلى الله عليه وسلم.
ما أيسر أن نتكلم كلاماً نظرياً جميلاً! لكن من منا سيتحلى في مظهره بشكل النبي عليه الصلاة والسلام؟! من منا سيتحلى في مخبره بالنبي عليه الصلاة والسلام؟! من منا سيسير على منهج النبي صلى الله عليه وسلم فيمتثل أمره ويجتنب نهيه؟! ومن منا سيتخلق بأخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!
أيها الأحبة! ما أحوج الأمة الآن بحكامها وعلمائها ودعاتها ورجالها ونسائها وأطفالها إلى أن ترجع من جديد إلى أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم.
حلمه صلى الله عليه وسلم
رفقه في تعليم المخطئين صلى الله عليه وسلم
حكمته صلى الله عليه وسلم
حكم منع المرأة من زيارة أمها
السؤال: أخ ملتزم وزوجته ملتزمة، ولكن ظروفه المادية صعبة، وعنده مشاكل مع أم زوجته، فمنع زوجته من زيارة أمها، فهل هذا يجوز؟
الجواب: لا يجوز له أن يمنع زوجته من أن تزور أمها وأن تبر بها، حتى ولو كانت أمها على الشرك، قال الله تعالى:
وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا [لقمان:15]، لكن يجوز له هو أن يمتنع عن زيارة أم زوجته، يقول: والله أنا لا أريد أن أذهب إلى هناك، ولا حرج عليه لاسيما إذا شعر أن هذا قد يسبب له ضرراً أو فتنة في دينه، لكن ليس من حقه أن يمنع الزوجة، وإن قال: إن بيت أم زوجته فيه معاصي، فأقول: فلتذهب زوجتك للبيت ولتجلس قليلا بنية الصلة ولترجع، فلا ذنب بعد الشرك ولا ذنب بعد الكفر، وقد أمر الله بالصلة مع الشرك والكفر، فلا تمنع امرأة من أن تكون برة واصلة لأمها. أقول: وصّل الزوجة إلى بيت أمها، واتفق معها على موعد محدد لترجع لها، ولكن لا تقطع الرحم.
أسأل الله أن يرشدنا وإياكم بهداه.
التوبة الصادقة طريق التخلص من الذنوب
حكم العمل في محلات تبيع أشرطة الغناء
السؤال: أعمل في سوبر ماركت، ولكن السوبر ماركت يبيع أشرطة الغناء، فماذا أفعل؟
الجواب: اجتهد في نصح صاحب المحل بأن يتخلص من أشرطة الغناء، وذكّره بالله ولو أهديته بعض الأشرطة فقد أحسنت وأجملت، وإن كنت تقدر على عمل آخر لا شبهة فيه فانتقل إليه، وإلا فكن في عملك مع البحث الجاد الصادق حتى ييسر الله لك عملاً آخر. وأسأل الله أن يرزقنا الحلال الطيب.
حكم الهجرة إلى بلاد الكفار
سؤال: شركة أمريكية تطلب شباباً للهجرة إلى أمريكا، وأنا أبحث عن مخرج من هذا البلد، فهل يجوز لي الهجرة إلى أمريكا؟
الجواب: لا تجوز الهجرة إلى بلاد الكفر إلا لضرورة شديدة جداً، وأنا سافرت إلى أمريكا وإلى أوروبا، وأنا أنصح كل شاب يسألني عن السفر إلى هذه البلاد أن يجتهد قدر الإمكان ألا يسافر إلا لضرورة، والضرورة تقدر بقدرها؛ لأنك ستذهب من أجل الدنيا فسترجع بلا دين في الغالب، ولا أحكم على الجميع، ولكن هذا هو الغالب، فهذه البلاد لاسيما إذا سافر الشاب بدون زواج وبدون عقيدة صلبة صحيحة فيخشى عليه الفتن، فالفتن هناك مشتعلة تموج كموج البحر، ووالله لولا الدعوة ما سافرنا إلى تلك البلاد، ولولا أن نخشى أن نأثم ما سافرنا إليها.. فتن شديدة جداً.
كم من شباب سافر إلى أمريكا وإلى أوروبا وإلى إسرائيل، فعاد بغير دين.
أقول لهذا الشاب: ابحث عن عمل في بلد مسلم، وإن لم يتيسر لك هنا في مصر، ففي أي بلد آخر من بلاد المسلمين، اجتهد والله تبارك وتعالى يقول:
فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] والضرورة تقدر بقدرها.
الحث على ارتداء النقاب
السؤال: أنا فتاة أرغب في ارتداء النقاب وهناك معارضة من العائلة، ويقولون لي: إن ارتديت النقاب فلن أتزوج؟
الجواب: البسي النقاب وأنا آتي لك بمائة عريس تختارين من تريدين! أقول: أنا أنصح العائلة الفاضلة بأن تحرص على أن ترتدي ابنتها النقاب، ولتعلم العائلة علم اليقين أن الشباب المسلم الملتزم لا يبحث إلا عن المنتقبات، ولا يبحث إلا عن الطاهرات الفاضلات، أما السافرات فلا والله، فممكن أن يلعب عليها أو يكلمها وتجلس معه والعياذ بالله في الحرام، لكن عندما يريد أن يتخذ الخطوة الحقيقة للزواج يقول: أنت لعبتِ معي، فلا آمن أن تلعبي! ويبحث عن الطاهرة العفيفة الشريفة.
الصبر على الأذى في ذات الله
طريقة العلاج من المس الشيطاني
السؤال: أنا فتاة على خلق والحمد لله، وأرتدي الحجاب الشرعي، وأحافظ على الصلاة وعلى مجالس العلم في أحيان كثيرة، لكن يحدث لي شيء غريب وهو أن بي مساً من الجن، علماً بأنني ذهبت إلى كثير ممن يدعون المعرفة بالقرآن فوجدتهم على غير ذلك، وأتمنى أن توضح لي الحل في نقاط محددة لأتبعها وجزاك الله خيراً.
الجواب: أنصح كل من ابتلي بمس الجن -بمس الشيطان- أو بالسحر أن يحافظ على الرقية الشرعية، وليس بالضرورة أن يذهب إلى المعالجين أو إلى من نصبوا أنفسهم للعلاج.
وأيضاً أنصح كل من نصب نفسه للعلاج أن يخشى على نفسه وعلى قلبه، ووالله العظيم إنه فتنة، ولا أود بذلك أن أقول: اتركوا، وإنما أنصح المريض ابتداءً أن يحرص على أن يرقي نفسه بنفسه بعد تحقيق تمام التوكل على الله عز وجل، ولو اجتمع أهل الأرض لرقيه وهو بعيد عن التوكل وعن اليقين فلن ينفعه ذلك على الإطلاق.
فلو أن أختاً مصابة بمس من الشيطان وهي لا تصلي فلو قرأ عليها
محمد حسان و
أبو إسحاق و
مصطفى العدوي و
محمد يعقوب وغيرهم فلا فائدة؛ إذ لابد من تحقيق التوحيد، ولابد من أن تحقق الأخت الفاضلة وكل أخت حقيقة التوكل على الله عز وجل.
إذاً: لنعلم أولاً أن الشيطان لا سلطان له على المخلصين، فقد يؤذى الإنسان، وقد سحر النبي عليه الصلاة والسلام وهو سيد المخلَصين وسيد الذاكرين ابتلاءً؛ ليبين الله عز وجل لنا بشرية النبي من جانب؛ وليبين الله لنا العلاج لهذا الداء من جانب آخر. فنقول: العلاج بخطوات كالتالي:
الأمر الأول: المحافظة على الصلوات، فلابد من المحافظة على الصلوات وترك الجلسة أمام التلفزيون ليلاً ونهاراً.
الأمر الثاني: المحافظة على الأذكار: أذكار الصباح والمساء، فهي أمر في غاية الأهمية، وقد يستهين بها كثير من الإخوة والأخوات ولترجع -مثلاً- لكتاب رياض الصالحين، أو القصاصات التي تباع فيها الأذكار: أذكار الصباح والمساء، احفظ أي نوع من أنواع الذكر، وليس بالضرورة أن تحفظ الأذكار كلها، لكن احفظ شيئاً من الأذكار كأذكار الصباح وأذكار المساء، ولابد أن يكون لسانك رطباً بذكر الله عز وجل.
الأمر الثالث: المحافظة على الورد اليومي من القرآن.
الأمر الرابع: المحافظة على قيام الليل، فصلاة الليل تحفظك بإذن الله، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (
عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم، وقربة إلى ربكم، ومكفرة عن السيئات، ومنهاة عن الإثم) فالصلاة بالليل تنهاك عن الآثام، وتحثك البعد عن الآثام، وهي قرب من الرحمن، فهي طاعة يتقرب بها إلى الله.
الأمر الخامس: المحافظة على الوضوء، والأعظم من كل هذا: أن تحقق التوكل على الله، وأن تعلم يقيناً أن الضار والنافع هو الله، قال تعالى:
وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ [البقرة:102] فالضار النافع هو الله ولا يقع شيء في الأرض إلا بإذنه وأمره جل وعلا.
الأمر السادس: قراءة سورة البقرة، فإن عجز عن قراءة سورة البقرة فعن طريق شريط الكاست، فتقرأ في البيت كل ثلاثة أيام مرة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (
خذوا البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا يستطيعها البطلة)، يعني: السحرة.
الأمر السابع: قراءة آية الكرسي، فالذي يقرأها بالليل لا يزال عليه من الله حافظ حتى يصبح، ومن قرأها الصبح لا يزال عليه من الله حافظ حتى يمسي، وقراءة أواخر سورة البقرة:
آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ [البقرة:285] إلى آخره: (
من قرأ آيتين من أواخر سورة البقرة في ليلة كفتاه) أي: من كل هم وغم وجور.
الأمر الثامن: أكل سبع تمرات من تمر العالية وهي منطقة في مدينة رسول الله عليه الصلاة والسلام: (
من تصبح بسبع تمرات من تمر العالية لا يصيبه في هذا اليوم سم ولا سحر).
الأمر الثامن: الصبر.
فسيدنا أيوب -على الراجح من أقوال أهل العلم- بقي مريضاً ستة عشر سنة، والابتلاء له ثلاث درجات:
الدرجة الأولى: للتمحيص:
أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ *
وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ [العنكبوت:2-3].
إذاً: المرتبة الأولى من مراتب الابتلاء: التمحيص.
المرتبة الثانية من مراتب الابتلاء: التطهير: (
ما من مسلم يصيبه أذى حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه) إذاً: الابتلاء مع الصبر طهارة من الذنوب.
المرتبة الثالثة من مراتب الابتلاء: رفع الدرجة؛ لأن الله قد ابتلى نبيه المصطفى؛ لرفع الدرجة، قال تعالى:
لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا [الفتح:2] والابتلاء للنبي صلى الله عليه وسلم رفع لدرجته.
إذاً: الابتلاء إما أن يكون للتطهير، وإما أن يكون للتمحيص، وإما أن يكون لرفع الدرجة، فاصبر فأنت على خير في كل أحوالك، فإذا ابتلي إنسان ورقى نفسه ولم يقدر الله له الشفاء؛ فلا يتعجل ولا ييأس من المداومة والمواظبة على الرقية، بل يجب عليه أن يستمر على ذلك، وأن يصبر، ونسأل الله أن يرفع البلاء عن السائل وعن كل مرضى المسلمين من الرجال والنساء، إنه على كل شيء قدير.
وهناك رسالة في الوقاية من الشيطان للشيخ الفاضل
مصطفى العدوي فيها ما ذكرت وزيادة، وأسأل الله أن يتقبل منا ومنه ومن جميع إخواننا صالح الأعمال.
دعاء لشاب أسلم حديثاً
السؤال: يجلس بيننا الآن شاب يبلغ من العمر ثمانية عشر عاماً، كان نصرانياً فأسلم بين أيدينا، ويصلي معنا في مسجد بعيد عن المنزل حتى لا يراه أهله، ونحن نطلب من حضرتك الدعاء له.
نسأل الله أن يشرح صدره وأن يثبتنا وإياه على الحق، وأن يتقبل منا ومنه صالح الأعمال، وأوصي هذا الأخ بالثبات، فإن الإسلام غال، وأحمد الله الذي شرح صدره للحق، وأسأله سبحانه وتعالى أن يثبتنا وإياه على الحق حتى نلقاه.
وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.