الجواب: الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
الجواب عن الآية الأولى: أن الله سبحانه وتعالى يخبر عن نفسه بأنه رب المشرقين ورب المغربين، والمراد بهما مشرقا الصيف والشتاء، مشرق الصيف حيث تكون الشمس في أقصى مدار لها نحو الشمال، ومشرق الشتاء حيث تكون الشمس في أقصى مدار لها نحو الجنوب، ونص الله على ذلك لما في اختلافهما من المصالح العظيمة للخلق، ولما في اختلافهما من الدلالة الواضحة على تمام قدرة الله سبحانه وتعالى وكمال رحمته وحكمته، إذ لا أحد يقدر على أن يصرف الشمس من مشرق إلى مشرق ومن مغرب إلى مغرب إلا الله عز وجل؛ ولهذا قال: رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى [الرحمن:17-18] ، فأشار في تعقيبه هذه الآية السابقة إلى أن هذا من آلاء الله ونعمه العظيمة على عباده.
إذاً: فالمراد بالمشرقين والمغربين مشرقا الشمس في الصيف والشتاء، ومغرباها في الصيف والشتاء.
وقد قال الله تعالى في آية أخرى: فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ [المعارج:40] ، فجمع المشرق والمغرب، وقال تعالى في آية أخرى ثالثة: رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا [المزمل:9] ، ولا تناقض بين هذه الآيات الكريمة، فالمراد بآية التثنية ما أسلفناه، والمراد بآية الجمع: أن مشارق الشمس ومغاربها باعتبار مشرقها ومغربها كل يوم؛ لأن كل يوم لها مشرق ومغرب غير مشرقها ومغربها بالأمس، أو أن المراد بالمشارق والمغارب مشارق النجوم والكواكب والشمس والقمر.
وأما قوله تعالى: رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ [المزمل:9] فالمراد بها الناحية، أي: أنه مالك كل شيء ورب كل شيء، سواء كان ذلك الشيء في المشرق أو في المغرب.
وليعلم أن كتاب الله وما صح من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يكون فيه تناقض، لا فيما بينها بين النصوص، ولا فيما بينها وبين الواقع، فإن توهم واهم التناقض أو التعارض فذلك إما لقصور في علمه، أو نقص في فهمه، أو تقصير في تدبره وتأمله، وإلا فإن الحقيقة الواقعة أنه ليس بين نصوص الكتاب والسنة تناقض ولا بينها وبين الواقع أيضاً.
وأما قوله تعالى: وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا [يس:38] وهو الفقرة الثانية من سؤال السائل، فمعناه: أن هذه الشمس العظيمة التي جعلها الله تعالى سراجاً وهاجاً عظيم الحرارة عظيم النور، هذه الشمس تجري بإذن الله عز وجل، أي: تسير لمستقر لها، أي: لغاية حددها الله عز وجل بعلمه؛ ولهذا قال: ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ [يس:38] ، فهو لعزته تبارك وتعالى وقهره خلق هذه الشمس العظيمة وسخرها تجري بأمره وبمقتضى علمه وحكمته إلى حيث أراد الله عز وجل.
والمستقر هو مستقرها تحت العرش، حيث إنها تذهب كل يوم إذا غربت وتسجد تحت العرش عرش الرحمن جل وعلا وتستأذن، فإن أذن لها وإلا رجعت من حيث جاءت، وخرجت من مغربها، وهذا هو ما يشير إليه قوله تعالى: يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا [الأنعام:158] ، فإن الناس إذا رأوها خرجت من المغرب آمنوا أجمعون، ولكن لا ينفع نفساً إن لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً، كذلك تجري لمستقر آخر وهو منتهاها يوم القيامة الدال عليه قوله تعالى: إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ [التكوير:1].
وفي هذه الآية دلالة واضحة على أن الشمس تدور على الأرض، وهو الذي يدل عليه ظاهر القرآن، وهو الذي نعتقده وندين الله به حتى يأتينا دليل محسوس ظاهر يسوغ لنا أن نؤول ظاهر الآية إلى ما يقال الآن: بأن اختلاف الليل والنهار وطلوع الشمس وغروبها إنما هو بسبب دوران الأرض، فإنه لا يحل لأحد أن يعدل عن ظاهر الكتاب والسنة إلا بدليل يكون حجة له أمام الله عز وجل يوم القيامة، يسوغ له أن يصرف ظاهر القرآن والسنة إلى ما يطابق ذلك الشيء المدعى، وما دمنا لم نر شيئاً محسوساً تطمئن إليه نفوسنا ونراه مسوغاً لنا جواز صرف القرآن عن ظاهره، فإن الواجب علينا معشر المؤمنين أن نؤمن بظاهر القرآن والسنة، وألا نلتفت إلى قول أحد خالفهما كائنا من كان، وإلى الآن لم يتبين لي صحة ما ذهب إليه هؤلاء من أن اختلاف الليل والنهار في الشروق والغروب كان بسبب دوران الأرض، وعليه فإن عقيدتي التي أدين الله بها أن الشمس هي التي يحصل بها اختلاف الليل والنهار، وهي التي تدور على الأرض، والله على كل شيء قدير.
ألم تر إلى قوله تعالى: وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ [الكهف:17]؟
ألم تر إلى قوله تعالى: إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ [ص:32]؟
ألم تر قوله تعالى: حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ [الكهف:86]؟
ففي هذه الآيات المتعددة إضافة الطلوع والغروب، وإضافة التزاور وإضافة الغرب إلى الشمس، وإضافة التواري أيضاً إلى الشمس، فما بالنا نصرف هذه الأفعال المسندة إلى الشمس عن ظاهرها إلى قول لم يتبين لنا أنه واقع حساً؟ إن هذا لا يجوز أبداً، فيجب علينا أن نعتقد ما دل عليه ظاهر الكتاب والسنة إلا بدليل محسوس يستطيع الإنسان أن يواجه ربه به يوم القيامة ويقول: يا رب إني رأيت الأمر المحسوس يخالف ظاهر ما خاطبتنا به، وأنت أعلم وأحكم، وكتابك منزه عن أن يناقض الواقع المحسوس، فإذا تبين بالحس الواضح البين أن اختلاف الليل والنهار بسبب دوران الأرض فإن فهمي يكون خطأً، وأما ما دام الأمر هكذا مجرد أقاويل فإني أعتقد أنه لا يجوز لأحد أن يخالف ظاهر الكتاب والسنة في مثل هذه الأمور.
وخلاصة القول: أن معنى قوله تعالى: وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا [يس:38] : أن الله يخبر بأن الشمس تسير بإذن الله عز وجل لمستقر لها لغاية تنتهي إليها وهو يوم القيامة، ولمستقر لها لغاية تنتهي إليه يومياً وهو سجودها تحت العرش, كما صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي ذر الذي رواه البخاري وغيره.
الجواب: أولاً: أنصح إخواني السائل وغيرهم ممن يستمعون بالابتعاد عن النذر، فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه وقال: ( إنه لا يأتي بخير، وإنما يستخرج به من البخيل )، وما أكثر الذين نذروا ثم ندموا على نذرهم؛ لأنهم ألزموا أنفسهم ما لم يلزمهم به الله!
كثير من الناس ينذر إذا نجح أن يصوم شهراً أو عشرة أيام أو أقل أو أكثر، كثير من الناس ينذر إن كان عنده مريض إن شفاه الله أن يذبح بقرة أو يذبح غنماً، أو يتصدق بشيء، ثم إذا حصل له ذلك صار يماطل ربه ولا يوفي بما نذر لله عز وجل، وهذا أمر خطير جداً، قال الله تعالى: وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ [التوبة:75-77] .
فتأمل هذه العقوبة العظيمة أن الله تعالى جعل في قلوبهم النفاق المستمر إلى الموت: نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ [التوبة:77]، فهم أخلفوا الله ما وعدوه؛ لأنهم عاهدوا الله والنذر عهد، عاهدوا الله عز وجل على أن يتصدقوا ويكونوا من الصالحين وكذبوا في ذلك.
ويدل على كراهة النذر قوله تعالى: وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ [النور:53] .
هذه نصيحة أوجهها لكل إخواني المستمعين وأقول: إياكم والنذر! فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه، وأنتم تعلمون ما يحصل به من المشاق أو العذاب إن أخلفتم ما وعدتم الله سبحانه وتعالى.
وأما سؤال السائل عن كونه نذر أن يصوم غداً إذا قدم فلان ولم يقدم فلان، فإنه لا يلزمه الصوم؛ لأنه إنما نذر الصوم مقيداً بقدوم فلان غداً، فلما لم يقدم فقد تخلف الشرط، وإذا تخلف الشرط تخلف المشروط، وليس عليه شيء في ذلك النذر؛ لأنه لم يتم الشرط الذي شرطه للزومه.
الجواب: الجواب على هذا السؤال يؤخذ من قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب )، يعني أن الرضاع يحرم ما تحرمه القرابة؛ لأن النسب هو القرابة، ولي تعليق على هذه الكلمة قريباً إن شاء الله تعالى، فبناءً على هذا الحديث يكون لك أن تتزوج ابنة عمتك التي رضعت أختك من أمها؛ لأنه ليس بينك وبينها صلة، فأنت لست أخاً لها؛ لأنك لم ترضع من أمها، وهي أيضاً لم ترضع من أمك، وإنما يقع التحريم بين الراضع وذريته فقط، أعني أن الرضاع إنما يؤثر في الراضع ومن تفرع منه من ذريته، وأما من كان بمنزلته من الإخوة والأخوات أو كان أعلى منه من الأصول فإنه لا ينتشر التحريم إليهم، وينتشر التحريم من جهة الراضع إليه وإلى ذريته باعتبار المرضعة التي أرضعت ومن ينسب لبنها إليه، أي: أن التي أرضعت تكون أماً له، وتكون أمها جدةً له، وأبوها جداً له، وإخوتها أخوالاً له، وأخواتها خالات له.
كذلك الذي ينسب لبن المرأة إليه وهو زوجها أو سيدها أو من وطئها بشبهة يكون كذلك أباً للمرتضع، ويكون أولاده إخوةً للمرتضع، ويكون إخوانه أعماماً وأخواته عمات، كل هذا نأخذه من قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ).
والذي وعدت به قبل قليل بالنسبة لكلمة النسب هو أن كثيراً من العامة لا يفهمون من كلمات الأنساب أو من كلمة الأرحام إلا أقارب الزوج والزوجة، حتى إن الرجل يقول: هؤلاء أنسابي لأنه تزوج منهم، وهذا غلط على اللغة، فإن الأنساب هم القرابة من قبل الأب أو من قبل الأم، والأرحام كذلك هم القرابة من قبل الأب ومن قبل الأم، وأما أقارب الزوجين فإنهم يسمون أصهاراً لا أنساباً، قال الله تعالى: وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا [الفرقان:54]، جعل الله تعالى الصلة بين البشر في هذين الأمرين: النسب والصهر، وهما قسمان، أي: أن بعضهما قسيم للآخر ومباين له، أحببت أن أنبه على ذلك حتى يعلم الناس مدلولات الألفاظ الشرعية، ولا يغلطوا فيها.
الجواب: الصفة المشروعة في غسل الميت هو أن الإنسان يغسل فرج الميت، ثم يشرع في تغسيله، فيبدأ بأعضاء الوضوء فيوضئه إلا أنه لا يدخل الماء فمه ولا أنفه، وإنما يبل خرقة وينظف أنفه وفمه بها، ثم يغسل بقية الجسد ويكون ذلك بسدر، والسدر هو المعروف يدق ثم يوضع في الماء ثم يضرب باليد وهو في الماء حتى يكون له رغوة، فتؤخذ الرغوة ويغسل بها الرأس واللحية، ويغسل بقية البدن بثفل السدر؛ لأن ذلك ينظفه كثيراً، ويجعل في الغسلة الأخيرة كافوراً، والكافور طيب معروف، قال العلماء: من فوائده أنه يصلب الجسد، ويطرد عنه الهوام، وإذا كان الميت كثير الوسخ فإنه يزيد في غسله؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام للنساء اللاتي غسلن ابنته: ( اغسلنها ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً أو أكثر من ذلك إن رأيتنّ ذلك )، ثم بعد هذا ينشفه ويضعه في كفنه.
الجواب: الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم في الخطب والمواعظ أنه يبدأ بحمد الله والثناء عليه، ولا حرج أن يصلي الإنسان على النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك، فيتشهد: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يقول: أما بعد، ويذكر موضوع الخطبة.
لكن بعض الخطباء إذا رأى من الناس غفلة فمنهم من يقول: قولوا: لا إله إلا الله، أو: اذكروا الله، ومنهم من يقول: صلوا على النبي صلى الله عليه وسلم، يريد بذلك أن ينبه الناس، ومنهم من يقول: انتبه، استمع وما أشبه ذلك، فالذي يظهر لي أن هؤلاء الذين يقولونها في أثناء الخطبة والموعظة لا يريدون بهذا التعبد لله تعالى بذلك، وإنما يريدون بهذا تنبيه الموعوظين والمخطوب فيهم، ومثل هذا لا أرى فيه بأساً إن شاء الله.
الجواب: لا يجوز لها أن تأتي إلى الحج وحدها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم )، قاله النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب الناس ( فقام رجل فقال: يا رسول الله! إن امرأتي خرجت حاجة، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: انطلق فحج مع امرأتك ).
والمرأة إذا لم يكن لها محرم فإن الحج لا يجب عليها، إما أن الفريضة سقطت عنها لعدم القدرة على الوصول إلى البيت، وعدم القدرة هنا عجز شرعي، وإما أنه لا يجب عليها أداءً، بمعنى أنها لو ماتت حج عنها من تركتها.
على كل حال أقول لهذا السائل: لا تضيق المرأة ذرعاً بعدم قدرتها على الحج لعدم وجود المحرم، فإن ذلك لا يضرها، ولا يلحقها إثم إذا ماتت وهي لم تحج؛ لأنها معذورة شرعاً، غير مستطيعة شرعاً، وقد قال الله تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا [آل عمران:97].
الجواب: إذا راودت الإنسان نفسه على عمل محرم -سواء أكان ذلك ترك واجب أم فعل محرم- ولكنه ترك هذه المراودة وقام بما يجب عليه وترك ما يحرم عليه، فإنه يؤجر على هذا الترك الذي حصل منه؛ لأن تركه هذا لله، وقد ثبت في الحديث الصحيح أن من هم بسيئة فلم يعملها كتبت حسنةً كاملة؛ لأنه تركها لله عز وجل.
وهنا ينبغي أن نفصل فيمن ترك المحرم هل يؤجر أو لا يؤجر؟ فنقول: لا يخلو تارك المحرم من إحدى ثلاث حالات: إما أن يتركه عجزاً عنه مع فعل الأسباب التي تؤدي إليه، فهذا يكتب له وزر فاعله؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار. قالوا: يا رسول الله! هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: لأنه كان حريصاً على قتل صاحبه ).
الحال الثانية: أن يدع محرما خوفاً من الله عز وجل وخشيةً منه، فهذا يكتب له بهذا الترك حسنة كاملة؛ لأنه تركه لله عز وجل.
الحال الثالثة: أن يترك المحرم؛ لأنه لم يطرأ له على بال ولم يهم به أصلاً، فهذا لا له ولا عليه، أي: ليس له أجر، وليس عليه وزر.
وهناك حال رابعة وهي: أن يدع المحرم لعجزه عنه لكن لم يفعل الأسباب التي توصله إليه، وإنما ينوي ويتمنى؛ فهذا عليه الوزر بقدر نيته، وليس كالذي قام بفعل الأسباب وحرص وفعل ولكن لم يتمكن، بل هذا دونه، أي: دون الأول الذي أشرنا إليه.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر