الجواب: قبل الجواب على هذا السؤال: أوجه النصيحة إلى الأخ السائل وإلى السامعين أيضاً بأن لا يتلاعبوا بالألفاظ هذا التلاعب المشين، فإن التلاعب بمثل هذه الأمور يوقعهم في مشاكل ويوقع أيضاً المفتين في مشاكل، وفي إشكالات لا نهاية لها، ومن كان يريد أن يحلف فليحلف بالله عز وجل، مع أن الزوج الحازم الذي تكون شخصيته قوية أمام زوجته وأمام أولاده لا يحتاج إلى مثل هذه الأمور، بل مجرد كلمة تدل على المنع يحصل بها الامتناع منهم، أما الرجل الذي يتضاءل أمام أهله حتى يأتي على أهوائهم ولو كانت مخالفةً للحق، فهذا عنده نقص في الحزم والرجولة؛ ولذلك ينبغي أن يكون الإنسان قوياً من غير عنف. وليناً من غير ضعف، وأن يجعل كلمته بين أهله لها وزنها ولها قيمتها، حتى يعيش فيهم عيشة حميدة، ولست أدعو في ذلك إلى أن يكفهر أمام أهله ويعبس ولا يريهم وجهاً طلقاً، بل أدعو إلى ضد ذلك إلى أن يكون معهم هيناً ليناً سهلاً، ولكن يكون مع ذلك حازماً جاداً في أمره غير مغلوب عليه.
أما الجواب على هذا السؤال: فإن الرجل إذا قال لزوجته: إن خرجت من هذا الباب فأنتِ طالق ومحرمة علي كأمي وأختي، فلا يخلو من حالين:
إحداهما: أن يريد بذلك مجرد منعها لا طلاقها ولا تحريمها، ولكنه نظراً لتأكيد ذلك عنده أراد أن يقرن هذا المنع بهذه الصيغة، فإنه في هذه الحال يكون له حكم اليمين على القول الراجح من أقوال أهل العلم، فإذا خرجت من الباب فإنها لا تطلق ولكن يجب عليه أن يكفر كفارة يمين، ولا فرق بين أن تخرج من الباب الذي عينه، أو من الباب الآخر من أبواب البيت؛ لأن الظاهر من قوله أنه يريد أن لا تخرج من البيت، وليس المعنى أنه يريدها أن تخرج من الباب المعين، إلا أن يكون في هذا الباب المعين شيء يقتضي تخصيصه بالحكم فيرجع إلى ذلك.
الحال الثانية: أن يريد من قوله: إن خرجت من هذا الباب فأنتِ طالق ومحرمة علي كأمي وأختي أن يريد بذلك وقوع الطلاق ووقوع التحريم عند وجود الشرط، وحينئذ يكون شرطاً له حكم الشروط الأخرى، فإذا وجد الشرط وجد المشروط، فإذا خرجت من هذا الباب أو من غيره من أبواب البيت فإنها تكون طالقاً ويكون مظاهراً، فإذا طلقت ولم يسبق هذا الطلاق طلقتان، فإن له أن يراجعها ولكن لا يقربها حتى يفعل ما أمره الله به في كفارة الظهار، بأن يعتق رقبة، فإن لم يجد فيصوم شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فيطعم ستين مسكيناً، ولا فرق بين أن تخرج من الباب الذي عينه، أو من باب آخر من أبواب البيت؛ لأن الظاهر من لفظه ألا تخرج من البيت مطلقاً حتى ولو تسورت الجدار، إلا أن يكون في الباب المعين الذي عينه ما يقتضي تخصيص الحكم به أو الشرط به، فيكون خاصاً بهذا الباب، فإذا خرجت من غيره فإنها لا تطلق ولا يثبت الظهار.
الجواب: لاشك أن الجن لهم تأثير على الإنس بالأذية التي قد تصل إلى القتل وربما يؤذونه برمي الحجارة، وربما يؤذونه بالإيحاش أي: يروعونه، إلى غير ذلك من الأشياء التي ثبتت بها السنة ودل عليها الواقع، وقد ثبت أن الرسول عليه الصلاة والسلام أذن لبعض أصحابه أن يذهب إلى أهله في إحدى الغزوات وأظنها غزوة الخندق، وكان شاباً حديث عهد بعرس فلما وصل إلى بيته وإذا امرأته على الباب، فأنكر عليها ذلك، فقالت له: ادخل فدخل فإذا حية ملتوية على الفراش، وكان معه رمح فوخزها بالرمح حتى ماتت، وفي اللحظة التي ماتت فيه الحية مات الرجل، فلا يدرى أيهما أسبق موتاً الحية أم الرجل؟ فلما بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم: ( نهى عن قتل الجنان التي تكون في البيوت إلا الأبتر وذا الطفيتين )، وهذا دليل على أن الجن قد يعتدون على الإنس وأنهم يؤذونهم، كما أن الواقع شاهد بذلك، فإنه قد تواترت واستفاضت الأخبار بأن الإنسان قد يأتي إلى خربة فيرمى بالحجارة وهو لا يرى أحد من الإنس في الخربة، وقد يسمع أصواتاً، وقد يسمع حفيفاً كحفيف الأشجار، وما أشبه ذلك مما يستوحش به ويتأذى به، وكذلك أيضاً قد يدخل الجني إلى جسد الآدمي، إما لعشق، أو لقصد الإيذاء، أو لسبب آخر من الأسباب، ويشير إلى هذا قوله تعالى: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ [البقرة:275]، وهذا النوع قد يتحدث الجني من باطن نفس الإنس، ويخاطب من يقرأ عليه آيات من القرآن وربما يأخذ القارئ عليه عهداً ألا يعود، إلى غير ذلك من الأمور الكثيرة التي استفاضت بها الأخبار وانتشرت بين الناس، وعلى هذا فإن الوقاية المانعة من شر الجن: أن يستعيذ الإنسان، أو أن يقرأ الإنسان ما جاءت به السنة مما يتحصن به منهم، مثل: آية الكرسي فإنه إذا قرأها الإنسان في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح.
الجواب: تفعل الزوجة التي زوجها بهذه الصفة يتعاطى المسكرات والزنا والعياذ بالله، تطلب الفسخ منه لدى المحكمة، والمحكمة سوف تنظر في ثبوت هذا الأمر من عدمه، ثم تحكم بما يكون موافقاً للشرع بحول الله تعالى.
مداخلة: إذاً: لا يجوز لها البقاء تحته بهذا الوضع؟
الشيخ: نعم بقاؤها عند هذا الرجل لا شك أنه أمر لا ينبغي، أما أنه يحرم عليها البقاء مع كونه لم يصل إلى حد الكفر ففيه نظر لكنه لا ينبغي لها أن تبقى عنده.
الجواب: هذه الزيادة لا بأس بها ولا حرج، ومازال المسلمون هكذا في بيعهم وشرائهم يشترون السلع وينتظرون بها زيادة القيمة، وربما يشترونها لأنفسهم للاستعمال ثم إذا ارتفعت القيمة جداً ورأوا الغبطة في بيعها باعوها، ومع أنهم لم يكن عندهم النية في بيعها من قبل، والمهم أن الزيادة متى كانت تبعاً للسوق فإنه لا حرج فيها ولو زادت أضعاف مضاعفة.
مداخلة: لكن لو كانت الزيادة في ذهب بأن بادل بها بذهب آخر وأخذ زيادة في الذهب الآخر؟
الشيخ: بيع الذهب بالذهب لا يجوز إلا وزناً بوزن كما ثبت بذلك الحديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام ويداً بيد أيضاً، فإذا بعت ذهباً بذهب ولو اختلفا في القيمة -يعني: أحدهما أطيب من الآخر- فإنه لا يجوز إلا مثلاً بمثل، سواء، بسواء يداً بيد، فلو أخذت من الذهب عيار ثمانية عشر مثقالين بمثقال ونصف من الذهب عيار أربعة وعشرين فإن هذا حرام لا يجوز؛ لأنه لابد من التساوي، ولو أخذت مثقالين بمثقالين من الذهب ولكن تأخر القبض في أحدهما فإنه لا يجوز أيضاً؛ لأنه لابد من القبض في مجلس العقد، ومثل ذلك أيضاً: بيع الذهب بالأوراق النقدية المعروفة فإنه إذا اشترى الإنسان ذهباً من التاجر أو من الصائغ لا يجوز له أن يفارقه حتى يسلمه القيمة كاملة، إذ أن هذه الأوراق النقدية بمنزلة الفضة وبيع الذهب بالفضة يجب فيه التقابض في مجلس العقد قبل التفرق.
مداخلة: وهل الفرق فيه زيادةً أو نقصاً يجوز؟
الشيخ: إذا اختلف فيه الجنس فإنه لا بأس بالزيادة والنقص؛ لقول الرسول عليه الصلاة والسلام: ( إذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيداً ).
الجواب: نعم الآيات الخاصة بهذا مثل: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ [الفلق:1] و قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ [الناس:1]؛ لأنه ما تعوذ أحد بمثلهما، ومن الأدعية الخاصة أن يدعو الإنسان ربه بالشفاء: اللهم اشفني من هذا الداء، أو كذلك يدعو له من يقرأ عليه بمثل هذا الدعاء المناسب.
الجواب: الحكم في هذه الحالة أن الإنسان إذا غلب على صلاته الوسواس، أعني: الهواجيس في أمور الدنيا أو في أمور الدين، كمن كان طالب علم فصار ينشغل إذا دخل في الصلاة بالتدبر في مسائل العلم.
أقول: إذا غلب هذا على أكثر الصلاة، فإن أكثر أهل العلم يرون أن صلاته صحيحة وأنها لا تبطل بهذه الوساوس لكنها ناقصة جداً فقد ينصرف الإنسان من صلاته، ولم يكتب له إلا نصفها أو ربعها أو عشرها أو أقل، أما ذمته فتبرأ بذلك ولو كثرت، ولكن ينبغي للإنسان أن يكون حاضر القلب في صلاته؛ لأن ذلك هو الخشوع، والخشوع هو لب الصلاة وروحها.
ودواء ذلك أن يفعل الإنسان ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم بأن يتفل عن يساره ثلاثاً، ويستعيذ من الشيطان الرجيم، فإذا فعل ذلك أذهبه الله، وإذا كان مأموماً في الصف فإن التفل لا يمكنه؛ لأن الناس عن يساره ولكن يقتصر على الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم فإذا فعل ذلك وكرره أذهب الله ذلك عنه.
الجواب: أولاً قبل أن أجيب على هذا السؤال: تكرر مراراً من هذا البرنامج التحذير من النذر والنهي عن النذر؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( نهى عن النذر )، وقال: ( إنه لا يأتي بخير، وإنما يستخرج به من البخيل )، وهذا هو الواقع فإن كثيراً من الناذرين إذا نذروا شيئاً وحصل لهم ما نذروا عليه، شق عليهم الوفاء بالنذر وصاروا يطرقون باب كل عالم لعلهم يجدون الخلاص، وربما يدعون ما نذروه فيكون لهم نصيب من هذا الواقع الذي ذكره الله في قوله: وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ [التوبة:75-77].
فتأمل قوله: فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ [التوبة:77]، حيث كان عاقبة من لم يف بما عاهد الله عليه من النذر -مع أن الله تعالى قد آتاه ما أراد- أن عاقبه الله بنفاق في قلبه إلى أن يموت والعياذ بالله، والإنسان يجب عليه إذا وقع في أمر أن يسأل الله عز وجل، وأن ينتظر الفرج منه، وأن يعلم أن الله سبحانه وتعالى غني حميد، وغني كريم يعطي بدون أن يشرط العبد ويقول: لله علي نذر إن حصل كذا أن أفعل كذا، فالرب جل وعلا يعطي ويتكرم من فضله وإحسانه بدون أن يشرط له شرط.
بعد هذا نرجع إلى الجواب عن سؤال هذه المرأة التي نذرت أن تصوم كل يوم إثنين وخميس إذا حصل لها كذا وكذا، وقد حصل لها ما نذرت عليه: فيجب عليها أن توفي بنذرها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( من نذر أن يطيع الله فليطعه )، وهذه قد نذرت طاعة من الطاعات وهو صوم يوم الإثنين والخميس، فيجب عليها أن تفي بهذا النذر، وليس هذا من الفعل المكروه حتى نقول: إنها تستبدله بشي آخر؛ لأن صوم الإثنين والخميس من الأمور المشروعة.
مداخلة: نعم لكن لو صادفت في أحد أيام الخميس أو الاثنين ولو كان عندها عذر شرعي منعها من الصيام، أي نوع من أنواع الأعذار، فهل يعتبر ديناً عليها تصومه في أي يوم آخر؟
الشيخ: نعم إذا حصل ووافق يوم الإثنين أو الخميس حالاً لا يمكن صيامه فيها كالحيض وكالعيد وأيام التشريق فإنها لا تصومه، وأما كونها تقضيه فهذا عندي محل نظر وتردد، ولعلنا نراجعه فيما بعد وحتى يتبين لنا الحكم فيه؟
الجواب: لا ريب أن عدم تصريحك لها بما حصل لك من المرض أو بما كان خفياً من المرض أنه خداع وغش، والبقع التي ترى في يدك اليمنى لا نعلم هل هي بينة ظاهرة تدل على هذا المرض؟ أو إنها صغيرة خفية لا تدل على المرض؟ أو أنها في صورة يظن أنها أثر احتراق أو ما أشبه ذلك؟ الحاصل: أن تمام النصح أن تبين لها ولأهلها ما خفي عليهم في هذا الأمر، وما عاملتها به بعد ذلك فإنك آثم به ولكن الحق لها هي وحدها، وليس لك الآن إلا أن تطلب منها السماح عما مضى من إخفاء ما فيك من هذا العيب، وعما حصل منك من القسوة عليها، فإذا عفت عن ذلك وسمحت، ونرجو أن تعفو عن ذلك وتسمح، فإن ذلك خير كثير ندعو لله تعالى: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ [الشورى:40] وقال تعالى في وصف أهل الجنة: وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ [آل عمران:134] فالعفو مع الإصلاح خير، وفيه ثواب عظيم عند الله سبحانه وتعالى، فنصيحتي لك أن تحلل من زوجتك وأن تطلب منها السماح، ونصيحتي لها أن تعفو عنك؛ لأنها أم أولادك والحياة بينكما شركة الآن ونسأل الله تعالى أن يتوب على الجميع.
الجواب: لا يجوز لك أن تستعمل الدواء الذي يمنع وصول الماء إلى البشرة؛ لأن هذا ليس علاجاً يزيله، وإذا كان هذا علاج يزيله فلا حرج عليك أن تستعمله؛ لأن مدته مؤقتة، أما إذا كان شي يخفيه ويمنع وصول الماء فإنه لا يجوز، والحمد لله هذا أمر يكون في كثير من الناس، والإنسان إذا اعتاد هذا الأمر هان عليه، والأمر يشق عليه أول ما يخرج به، ولكنه إذا اعتاده وصار الناس ينظرون إليه، فإنه لا شك أنه يزول عنه هذا الإحساس الذي يحس منه.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر