إسلام ويب

مخالفات نسائية في رمضانللشيخ : نبيل العوضي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • كل الناس يفرحون بقدوم رمضان، لكن الفرحة تتفاوت من شخص لآخر، والمؤمن يجب أن يكون فرحه برمضان لأنه شهر التوبة والقرآن، ولأن فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم ... هذا ما تحدث عنه الشيخ في بداية محاضرته، ثم تكلم حول بعض المخالفات التي ترتكبها النساء في رمضان، فذكر سبعاً وعشرين مخالفة.

    1.   

    فرح الناس بقدوم شهر رمضان

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.

    أما بعــد:

    العنوان -أخواتي الكريمات- كما سمعتن: "مخالفات شرعية في رمضان".

    رمضان يفرح بدخوله كثيرٌ من الناس، منهم من يكون من أهل الدنيا فيفرح بدخول رمضان، فهذا التاجر يفرح؛ لأن رمضان قد دخل، وبضاعته سوف تروج، وتجارته سوف تربح، فهو يفرح برمضان، لكن ليس لله جل وعلا.

    وذاك يفرح بدخول رمضان لأجل اللعب واللهو، والسهر والمرح، وقضاء الأوقات في المباح، وإن لم يكن هذا في الحرام، فهو يفرح برمضان لكن ليس لله جل وعلا.

    وهذا يفرح بدخول رمضان لأجل ما يعرض في التلفاز من مسلسلات ومسابقات، وأفلام وبرامج، وقضاء الأوقات فيما حرم الله، فهو يفرح بدخول رمضان لكن ليس لله جل وعلا.

    ومن الناس من يفرح بدخول رمضان لأجل الدعاء والقرآن، والصلاة والذكر والعبادة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنان، وغلقت أبواب النيران، وصفدت الشياطين، وفي رواية فيها زيادة: قال: وينادي منادٍ: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار وذلك في كل ليلة) .

    إن رمضان يفرح المؤمن بدخوله بل بقدومه، بل يفرح إذا اقترب هذا الشهر ويبكي لفراقه، لأن الله سبحانه وتعالى قد كتبه، فهو يفرح لأن الله كتبه عليه يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ [البقرة:183] لم يكتبه الله عز وجل لأجل المشقة، ولا لأجل التعب، ولا لأجل التكليف فقط، بل قال الله جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة:183]

    رمضان شهر التوبة

    ولماذا يفرح المؤمنون بقدوم هذا الشهر؟ لأنه شهر التوبة، فكل من زلت زلة، وكل من أخطأت خطأً، ومن وقعت في معصية تنتظر هذا الشهر بفارغ الصبر؛ لترفع يدها إلى الله جل وعلا، لعل الله يجعلها من عتقائه من النار (ولله سبحانه عتقاء من النار وذلك في كل ليلة).

    مضى رجب فما أحسنت فيه      وولى شهر شعبان المبارك

    فيا من ضيع الأوقات جهلاً      بحرمتها أفق واحذر بوارك

    فسوف تفارق اللذات قسراً     ويخلي الموت كرهاً منك دارك

    تدارك ما استطعت من الخطايا      بتوبة مخلصٍ واجعل مدارك

    على طلب السلامة من جحيمٍ     فخير ذوي الجرائم من تدارك

    قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً [التحريم:8] أي: ليست أي توبة، تستغل المؤمنة الصادقة هذا الشهر في التوبة إلى الله جل وعلا من الذنوب والخطايا والمعاصي، فهنيئاً لهذه المرأة، وهنيئاً لتلك التي ما خرج رمضان إلا وقد عتقها الله من النار، وهنيئاً لهذه التي ما مضى رمضان إلا وقد غفر الله ما تقدم من ذنبها، تفرح بقدوم هذا الشهر؛ شهر المغفرة، شهر العتق من النار، شهر التوبة.

    رمضان شهر القرآن

    وتفرح المرأة وتعد الأيام عداً لقدوم شهر رمضان؛ لأنه شهر القرآن الذي أنزله الله عز وجل فيه، والذي يتفرغ فيه المؤمن والطامع لله جل وعلا في كل شيءٍ إلا من قراءة القرآن، قال الله جل وعلا في وصف هذا الشهر: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ [البقرة:185] حُق لشهرٍ مثل هذا أن ينزل الله فيه القرآن، وحُق لشهرٍ مثل هذا أن نعتكف فيه على قراءة القرآن، هذا الشافعي عليه رحمة الله، أتعرفن يا إماء الله كم كان يختم القرآن في رمضان؟ كان يختمه ستين مرة، أما الإمام مالك، إمام دار الهجرة، كان إذا جاء رمضان أقفل الكتب وأغلقها، وترك المجالس إلا مجالس القرآن، يعتكف على قراءة القرآن، وعلى تلاوته، وعلى مراجعته، وعلى مدارسته، قال الله جل وعلا: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا [محمد:24]

    من النساء من يمر عليها رمضان وما ختمت القرآن ولا مرة واحدة، ولا مرة واحدة! سبحان الله! وليس الختم بواجب، ولا نقول: إن هذا الأمر واجب؛ ولكن أي تقصيرٍ في العبادة أعظم من هذا؟ الناس كلهم يعتكفون على كتاب الله، الصغير والكبير، الغني والفقير، الذي هجر القرآن أحد عشر شهراً يختمه في رمضان، وهذا تقصير، وهذا هجران، ولكن أي هجرٍ أعظم من امرأة يمر عليها الشهر كله ولم تختم القرآن مرة واحدة؟ هذا الشهر شهرٌ عظيمٌ، فيه ليلة يقول الله عز وجل عنها: إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ [القدر:1-3] هذه الليلة خير من ألف شهر.

    أمة الله: كيف بكِ إذا وفقك الله لقيام تلك الليلة: (من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه).

    1.   

    مخالفات النساء في رمضان

    أمة الله: يجب قبل الصيام أن نطلب العلم، وأنتن في هذا المكان، وفي هذه المجتمع غير معذورات لتقصيركن في طلب العلم .. نُسأل في كل أمر، كم من النساء من تجامع في نهار رمضان!

    وكم من النساء من تفعل المحرمات في نهار رمضان؟

    وكم من النساء من تفعل المعاصي في نهار رمضان وهي لا تدري! ترتكب المحرمات، وتقع في المحظورات، وتأتي المفطرات ثم بعد هذا تسأل: ما حكم صيامي؛ لقد فعلت كذا وكذا؟

    يجب أن تتعلمي العلم قبله، والله جل وعلا يقول: فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النحل:43] .

    والمخالفات التي سوف نذكرها بعضٌ من كثير، وغيضٌ من فيض، فإن مخالفات الناس في رمضان كثيرة جداً، وما سوف أذكره ليس كله حرام؛ فبعضه لا يجوز، وبعضه مكروه، وبعضه خلاف الأولى، والله جلَّ وعلا قسَّم الناس فقال: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ [فاطر:32] أي: من الناس من يقع في المحرمات .. وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ [فاطر:32] لا يفعل المحرمات لكنه قليل الطاعات .. وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ [فاطر:32] أعلى الناس مرتبة، ليس فقط يترك الحرام، بل حتى المكروه يتجنبه، وتجدينها تحرص على المستحبات، تفعل المستحب والواجب، إذا كان الأمر يحبه الله جل وعلا، وإذا كان الأمر فيه شبهة بين الحرام والحلال تتركه وتتجنبه خوفاً أن تقع في الحرام. هذه أعلى المراتب في الناس.

    ترك الصلاة

    أول مخالفة من مخالفات الصيام: أن بعض النساء قد تصوم رمضان ولا تصلي، أو لا تصلي إلا في رمضان، والله جل وعلا قال عن الصلاة: فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ [التوبة:11] وقال عليه الصلاة والسلام: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة) وقال: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) فبعض النساء تنام عن صلاة الفجر حتى تطلع الشمس، أو تنام عن الظهر حتى يدخل وقت العصر، أو تنام عن بعض الصلوات حتى يخرج وقتها، هي محافظة على الصيام، وهي مشكورة على هذا، لكنها تضيع ما هو أهم من الصيام، وهي الصلاة، والله جل وعلا يقول: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً [مريم:59].

    استقبال رمضان بصوم يوم أو يومين

    المخالفة الثانية: أن بعض النساء تصوم قبل رمضان بيوم أو يومين، وإذا سئلت: لماذا؟

    تقول: احتياطاً، ولربما يدخل رمضان والناس لا يدرون، أو لربما طلع الهلال وما رآه الناس، فهي تصوم احتياطاً، نقول: إنها قد وقعت في المحظور؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تقدموا رمضان بصوم يومٍ ولا يومين إلا صومٌ كان يصومه أحدكم) أي: إذا كانت متعودة على صيام نذر، أو كان هذا اليوم يوم خميس مثلاً، أو إثنين، أو أحد الأيام التي اعتادت على صيامها؛ فإنها تصوم ولا ريب في هذا، لكنها إن قصدت الاحتياط والتقديم على رمضان لأجل الشك فإنها قد وقعت في معصية النبي صلى الله عليه وسلم.

    ارتكاب المعاصي

    المخالفة الثالثة: أن بعض النساء- هداهن الله- في رمضان تقع في المعاصي، هي تعبد الله جل وعلا، ثم تحطم عبادتها، أو تضيع بعض أجورها، ولربما تصوم وليس لها من الصيام إلا الجوع والعطش، ومن المعاصي التي تكثر في رمضان: التلفاز؛ فبعض النساء -هداهن الله- تجلس من الصباح إلى المساء، أو من بعد الإفطار إلى طلوع الفجر، تقضي وقتها أمام التلفاز، ولا يخفى عليكن -أيتها الأخوات الكريمات- ما يكون من التلفاز في رمضان خصوصاً، وفي غير رمضان عموماً؛ من الأغاني والطرب والموسيقى، وبعض الأفلام والمسلسلات التي قد يدخلها بعض الأمور الخليعة أو الجنسية أو الأمور المحرمة؛ فهي تصوم عن المباح، ثم بعدها تقع في الحرام، فالطعام والشراب قد أحله الله وأباحه الله جل وعلا، تركت المباح لله جل وعلا، ولا تستطيع أن تترك الحرام لله جل وعلا!

    ومن النساء من تقضي ليلها ونهارها في استماع اللهو والطرب، وفي أشرطة الأغاني، والموسيقى، والمعازف، وإذا سئلت، قالت: أقضي النهار أو أقضي الليل بهذا، وهي بهذا الفعل تذهب كثيراً من أجرها إن حصلت على أجر الصيام، بل قال عليه الصلاة والسلام: (من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه) أيُّ حاجة وأي فائدة لك -يا أمة الله- أن تصومي عن الطعام وعن الشراب، وعن الجماع الذي هو مباحٌ، ولربما يكون واجباً بعض الأحيان، أي داعٍ لترك هذا كله ثم تقنعين في غيبة بعض النساء؟! تجلس بعض النساء في نهار رمضان، أو في ليالي رمضان تتكلم على فلان وعلى علان، وعلى هذا البيت، وعلى تلك الأسرة .. لقد صامت وأفطرت على لحوم البشر، قال الله جل وعلا: وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ [الحجرات:12].

    وبعض النساء في نهار رمضان -ولا زلنا في المخالفة الثالثة- أو في ليالي رمضان، لا تحلو لها الأسواق ولا التجول في الأسواق إلا في ليالي رمضان، ولهذا نجد الأسواق في ليالي رمضان مكتظة بالناس، بل إن بعض الناس وبعض النساء لا تذهب إلى الأسواق لحاجة، إنما لأجل التجول، ولأجل التسكع في الأسواق، وفي الشوارع، وتقول لها: لماذا هذا؟ تقول: هي عادة تعودناها في ليالي رمضان أن نذهب إلى الأسواق. ولربما تقع في الحرام، ولربما تتطيب فتذهب إلى الأسواق، ولربما تتبرج بعض الشيء، ولربما تخالط الرجال، وتتميع في الكلام مع بعض الباعة، لقد ضيعت أجرها وصيامها لأجل هذه المحرمات، تركت أحب البقاع إلى الله، لتذهب إلى أبغض البقاع إلى الله، وهي تقول: عادة تعودناها في رمضان! بل بعض النساء -وللأسف- في ليالي رمضان تخرج متبرجة متعطرة، وسوف نأتي إلى هذا -إن شاء الله- لاحقاً.

    عدم التسوك بعد الزوال

    المخالفة الرابعة: بعض النساء تظن أن السواك بعد الزوال محرم في رمضان، وهذه مخالفات- إماء الله- بعضها يشترك فيها الرجال مع النساء، وبعضها يخص النساء دون الرجال .. بعض النساء تنكر على من تتسوك في رمضان بعد الزوال، أي: بعد الظهر، وتظن أن السواك بعد الظهر حرام، أما قبل الظهر فهو حلال، وتستدل بحديث: (استاكوا بالغداة ولا تستاكوا بالعشي) وهذا الحديث لا يثبت، وهو غير صحيح، فالسواك في نهار رمضان أوله وآخره مباح، بل مستحبٌ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب) وكان يستحب عليه الصلاة والسلام السواك عند كل وضوء، وعند كل صلاة، ولا دليل على تخصيص أول النهار دون آخره، ففي نهار رمضان السواك مستحب أوله وآخره، أما ما وجد هذه الأيام من السواك الذي هو بطعم النعناع، وبطعم الليمون، وغير ذلك؛ فإنه -كما أفتى بعض العلماء- لا يجوز أن يتسوك به في نهار رمضان، لأن فيه زيادة على السواك طعم، ولربما وصل إلى الجوف.

    الأكل والشرب بعد طلوع الفجر

    المخالفة الخامسة: بعض النساء -هداهن الله- يؤذن الفجر فتأكل وتشرب، وتقولين لها: لماذا؟ فتقول: يجوز أن آكل وأشرب حتى يقول المؤذن: الصلاة خير من النوم. وبعضهن -والله- تأكل حتى الإقامة، وتقول: يجوز الأكل حتى تقام الصلاة! وهذا كله من الجهل بدين الله جل وعلا، فإذا كان المؤذن موثوقاً بأذانه، لا يتقدم بأذانه على طلوع الفجر فإنه يجب عليها أن تمسك عند قوله (الله أكبر) تمسك عن الطعام والشراب، إلاَّ لقمة بأيدينا، أو شراباً نتمه، أما أن نستمر في الأكل والشرب حتى يقول: الصلاة خير من النوم؛ فهذه مخالفة، قال عليه الصلاة والسلام: (فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم) أما إن علمنا مؤذناً يؤذن قبل دخول الوقت فلا عبرة بأذانه؛ لأنه الله جل وعلا يقول: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ [البقرة:187].

    الإفراط في الأكل

    المخالفة السادسة: الإفراط في الأكل، وكأن شهر رمضان شهر أكلٍ وشرب، فهؤلاء النساء وأولئك الرجال يذهبون قبل رمضان لشراء الطعام وتخزين المأكولات والمشروبات .. فهذا للإفطار، وهذا بعد الإفطار بساعة، وهذا بعد الإفطار بساعتين، وهذا بعد القيام، وهذا قبل القيام، وهذا بين الأربع ركعاتٍ والتي تليها، وهذا قبل الفجر بساعتين، وهذا للسحور..! وكأن الليل كله لأجل الطعام والشراب، بل بعض النساء من الظهر إلى أذان المغرب وهي في المطبخ .. ماذا تفعلين؟

    تطبخ عشرين صنفاً، وإذا كان صنف واحد قد نقص في الطعام فيا ويلها ثم يا ويلها! فالزوج يزمجر ويغضب، ويقلب المائدة على وجهها؛ لأن هذا الصنف غير موجود، وكأن شهر رمضان شهر أكل وشرب وليس شهراً للصيام، بل وكم نسمع من النساء بل حتى من الرجال من يصيبه مرض التخمة في رمضان، بل مرض السكر، وتجد المستشفيات يزدحم عليها النساء والرجال في شهر رمضان، لماذا؟ لكثرة الطعام والشراب، بل يجلس بعض الناس من أذان المغرب إلى أذان العشاء على المائدة يأكلون؛ ليس من الجوع، ولا من العطش، لا. إلا لشيء واحد، لأجل الأكل فقط، بل يأكل طعام السحور وكأنه قادمٌ على مفازة وعلى معركة، وكأنه قادمٌ على مهلكة، يأكل في السحور أكلاً لا يتحمله بطنه؛ ولهذا بعضهم يأتي إلى الفجر ولا يتحمل الصلاة، أو يأتي إلى التراويح ولا يتحمل الصلاة؛ لأنه أكل أكلاً لا يستطيع أن يأكله قبل رمضان في وجبتين وثلاث، أكلها في رمضان في وجبة واحدة.

    أمة الله: شهر رمضان شهر صوم، وشهر جوعٍ لله جل وعلا، نحس في هذا الشهر أننا جعنا لله جل وعلا، أما أن نأكل سحوراً ولا نجوع به حتى الإفطار؛ فهذا لا يصح، وعلينا أن نأكل كما قال عليه الصلاة والسلام: (فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه) أما هذه فقد جعلت الثلاثة الأثلاث كلها للطعام والشراب، ولا شيء للنفس أبداً، لا تستطيع أن تتنفس بعد هذا، ثم إن قامت لصلاة التراويح أو القيام كأنها تقول: أرحنا منها يا إمام، وعجل علينا في الصلاة؛ فإنني لا أستطيع أن أتحمل! ثم على المرأة أن تعلم أنه من شبع في الدنيا جاع يوم القيامة.

    الفتور في العبادة

    المخالفة السابعة: التحمس للعبادة أول الشهر، ثم لا يزال الحماس ينقص شيئاً فشيئاً، نرى مصليات النساء أول رمضان ممتلئة، ثم ينقص صفاً، ثم صفين، ثم يأتي آخر رمضان ولا نجد إلا نصف المصليات، أين هن؟ إن الأمر حماس فقط، يوماً أو يومين، والله جل وعلا يقول: وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ [الحجر:99] بل أنت مطالبة -يا أمة الله- بالصيام والقيام إلى أن تموتي، فإذا ذهب رمضان هناك صيام نفل، وصيام تطوع، وهناك قيام طوال ليالي السنة، وليست المرأة معذورة أن تترك القيام من رمضان إلى رمضان القادم، هذا يدل على ضعف إيمانها، وقلة حرصها على دين الله جل وعلا، وليس الأمر بواجب لكنه أمرٌ مستحب، ولا يغفل عنه إلا غافل؛ ولهذا نجد بعض النساء تتحمل أول الأمر يومين، وثالث يوم تقرأ القرآن ما شاء الله، وتقوم الليل، ثم تبدأ تضعف، فتصلي ركعتين، أو تحرص على الوتر والدعاء، ثم تأتي إلى القيام ليلة وتترك ليالي، ثم لا تذكر القيام إلا آخر ليلة أو ليلة القدر، حتى يأتي رمضان القادم، والله جل وعلا يصف شهر رمضان بقوله: أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ [البقرة:184] هي أيام تأتي وتذهب مسرعة، بل لعله يأتي رجل أو تأتي امرأة تذكرك -يا أمة الله- بآخر ليلة، تذكرك بوداع رمضان، وماذا فعلنا في ليالي رمضان، وماذا فعلنا لله جل وعلا، وهل قبلنا الله جل وعلا، وهل أعتقنا من النار .. أياماً معدودات، تأتي وتذهب مسرعة، بل -والله يا أمة الله- ذهب رمضان السابق، وأتى رمضان القادم وما أحسسنا به، أحد عشر شهراً ذهبت مسرعة وما أحسسنا بذهابها؛ لأن العمر يذهب مسرعاً، فإياك ثم إياك والتكاسل عن العبادة والطاعة!

    المشقة على النفس بالصيام

    المخالفة الثامنة: بعض النساء تشق على نفسها وهي مريضة لا تتحمل الصيام، لكنها تقول: كيف أترك الصيام ونحن في رمضان؟ تقوم فتهلك نفسها، والله جل وعلا يقول: وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [البقرة:195] وقال عليه الصلاة والسلام: (لا ضرر ولا ضرار).

    نقول: يا أمة الله! إذا كان الصيام في نهار رمضان يضرك ضرراً بحيث ربما يقتلك أو يهلكك، أو يضرك ضرراً بالغاً؛ فإنه يجب عليك أن تفطري، والدليل الآية التي ذكرناها، والحديث السابق، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (لا ضرر ولا ضرار) فلا يجوز لك أن تضري نفسك بالصيام، وكم من الناس علمنا أنه مات في رمضان لأنه صام، وقد نهاه الطبيب، وقد منعه الصالحون المخلصون، ولكنه لحرصه على العبادة، ونسأل الله أن يأجره، وأن يحفظ له عمله، وأن يحسن خاتمته، ولكن هناك أمور لا بد أن نتزن فيها، فإذا كان الصيام يضر فإنه لا يجوز أن نصوم.

    ترك الصيام بعد البلوغ

    التاسعة من المخالفات: بعض النساء تبلغ وتصل إلى مرحلة البلوغ، سواءً بحيض، أو نزول الماء، أو نبت بعض الشعر في الأماكن المعلومة، أو تبلغ خمس عشرة سنة، ولكن تستحي أن تخبر أهلها، وهذه من عادة النساء؛ فيأتي بعض الآباء ويجبرون البنات الصغيرات، التي ربما عمرها عشر سنوات وقد بلغت، يجبرها على الإفطار، ويمنعها من الصيام، وهي تستحي أن تقول لوالدها: إنني قد بلغت، فهذه يجب عليها أن تخبر أمها، أو أختها، أو تأتي الأم فتتفقدها، أو تخبر البنت الصغيرة وتعلمها على علامات البلوغ، سواءً نزول الدم، أو الماء، أو نبت الشعر، أو بلوغ خمس عشرة سنة، فعلينا أن نعلم البنات الصغيرات، بل -يا أمة الله- يجب علينا أن نعود تلك التي لم تبلغ الحلم على الصيام، بل حتى الأولاد الذين بلغوا عشر سنوات أو أقل أو أكثر نعودهم على الصيام؛ لأنه من شب على شيء شاب عليه، وهذا هدي سلفنا الصالح.

    عدم معرفة حكم من أصبح جنباً في رمضان

    العاشرة من المخالفات: أن بعض النساء يصيبها الحرج إذا أصبحت جنباً في رمضان ولم تغتسل، وتقول: لا يجوز لي أن أصوم وأتم الصوم. تقول: عائشة وأم سلمة: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يصبح جنباً ثم يغتسل ويصوم) فإذا نمت على جنابة، وأذن الفجر ولا زلت على جنابة، جنابة سابقة قبل أذان الفجر؛ فيجوز لك أن تغتسلي وتكملي الصوم.

    التبكير بالسحور

    الحادية عشرة: تبكير السحور، فإن بعض النساء تبكر بالسحور قبل الفجر بساعة، أو بساعتين، فمثلاً تتسحر الساعة الثالثة ويؤذن الفجر الخامسة والربع، ثم بعد السحور ينام أهل البيت، أو تنام المرأة أو الأب أو الأولاد ينامون، ثم لا يستيقظون لصلاة الفجر، والسنة كما قال عليه الصلاة والسلام: (لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر وأخروا السحور) علق الخير على أمرين، الأمر الأول: تعجيل الفطور وسوف نأتيه، الأمر الثاني: تأخير السحور.

    تأخير الإفطار

    الثانية عشر من المخالفات: تأخير الإفطار .. بعض النساء لأنها مشغولة بالطبخ، أو بتجهيز المائدة، أو بالدعاء، أو بالاستعداد للصلاة، تؤخر الفطور إلى ما بعد عشر دقائق أو ربع ساعة، والسنة كما ذكرنا: (لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطور وأخروا السحور).

    عدم معرفة حكم من أكل أو شرب ناسياً

    الثالثة عشرة: أن بعض النساء إذا أكلت أو شربت ناسية تظن أنها قد بطل صومها، أو لا بد عليها أن تقضي هذا اليوم، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول لمن أكل أو شرب ناسياً: (فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه) ونقول هذا في جميع المفطرات، فمن أكل، أو شرب، أو جامع -وهذا أمر قليل- ناسياً فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه.

    عدم معرفة حكم الجماع في ليالي رمضان

    الرابعة عشرة: بعض النساء تحرم على نفسها الجماع في ليالي رمضان، وتظن أن الجماع طوال الشهر حرام، ولا يجوز أن تجامع زوجها في جميع رمضان، وهذا خطأ، وإذا كانت تعتقد أن هذا دين فلربما تقع في البدعة، لأن الله جل وعلا يقول: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ [البقرة:187] أحل لكم في الليل، أي: من أذان المغرب إلى أذان الفجر يحل الجماع، فإذا كانت المرأة تجامع زوجها في ليلة الصيام وأذن الفجر فيجب عليه وعليها أن ينزعا، وأن يكفا عن الجماع، ولو أذن الفجر ولا زالا على جنابة فالصوم صحيح، فعلى المؤمن أن يكف عن الجماع قبل أذان الفجر، فإذا أذن نزعا، وإذا أذن واستمرا في الجماع فقد بطل صومهما، وعليهما القضاء والكفارة.

    المبالغة في المضمضة والاستنشاق

    المخالفة الخامسة عشرة: بعض النساء في نهار رمضان تبالغ في المضمضة والاستنشاق في الوضوء أو في غيره، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (بالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً) أي: احترز أثناء الصوم في المضمضة والاستنشاق أن تبالغ، فلربما يصل بعض الماء إلى الحلقوم وإلى الجوف، فتكون قد ارتكبت وأتيت مفطراً من المفطرات.

    ظن بعض النساء أنها تفطر بالاحتلام

    السادسة عشرة من المخالفات: أن بعض النساء تظن أنها أفطرت إذا احتلمت وهي نائمة، وهذا الأمر يقع للرجال وكذا للنساء، وبعض الناس يظن أن هذا يقع للرجال فقط، بل أيضاً يقع للنساء، فإذا احتلمت أو احتلم الرجل أثناء النهار أثناء النوم، واستيقظ أو استيقظت ووجد بعض الماء فالصوم صحيح، ولا حرج، وتغتسل وتتم صومها.

    ظن بعض النساء أن القيء يفطر مطلقاً

    السابعة عشرة: ظن بعض النساء أنه إذا نزل القيء من غير عمد أن صومها قد بطل، وأن عليها القضاء، وكم سئلنا من بعض الناس يظن أنه إذا نزل القيء رغماً عنه أن صومه قد بطل، وهذا خطأ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من ذرعه القيء فلا قضاء عليه، ومن استقاء فليصم) فمن تعمدت أن تخرج ما في بطنها؛ أن تستقيء، سواء بإصبعها، أو برائحة، أو بعود، أو بأي شيء تعمدت أن تخرج ما في بطنها؛ فإن عليها القضاء وقد بطل صومها، أما من خرج ما في بطنها رغماً عنها، فإن صومها صحيح وتتم صومها، ولا شيء عليها.

    خروج بعض النساء إلى المسجد وهن متزينات متعطرات

    الثامنة عشرة: بعض النساء -هداهن الله- تخرج لصلاة التراويح، تريد أداء النوافل، وتريد أداء طاعة، فترتكب المحظور لأجل هذه النافلة، وأي محظور نقصد؟ تخرج متطيبة لأداء صلاة التراويح، أو متبخرة، أو متبرجة، والنبي صلى الله عليه وسلم قال عن خروجهن للصلاة: (وليخرجن تفلات) أي: تخرج بملابس رثة، غير متزينة، ولا متطيبة ولا متبرجة، بل قال: (من أصابت بخوراً فلا تشهد معنا العشاء) أي: لا يجوز أن تذهب وتصلي وهي قد أصابت بخوراً، أي: طيباً، هذا لصلاة الفرض فكيف بصلاة النافلة!

    بل -يا أمة الله- كم وكم من النساء من تخرج لصلاة التراويح وكأنها تخرج إلى عرس، وكأنها تخرج إلى حفلة، فتمر في بعض الطرق، ومن يمر في هذا الطريق بعدها بدقائق يشم رائحتها، وكأنها تقول للرجال: هيت لكم! بل قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر: (فهي كذا وكذا) أي: إن قصدت أن يشم الرجال رائحتها فهي كذا وكذا، وفي بعض الروايات (زانية) أجلكنَّ الله، وعافاكنَّ الله.

    إذاً: لا يجوز -يا إماء الله- إذا أردتن أن تخرجن لصلاة التراويح أن تخرجن بطيب، ولا برائحة، ولا متبرجات، ولا متزينات، بل تخرجن تفلات، بملابس سوداء على الأقل، ولا نجبر بهذا اللون، ولكن هذا اللون على الأقل حتى لا يلفت الأنظار.

    الإتيان بالأولاد إلى المسجد

    التاسعة عشرة: بعض النساء -هداهن الله- تصطحب معها لصلاة التراويح جميع الأولاد، الصغار والكبار، فيصبح المسجد من إزعاج الأطفال كأنه حضانة، فلا يستطيع الإمام أن يقرأ، ولا المصلون أن يخشعوا، ولا النساء أن يصلين؛ لأن فلانة قد جاءت بأولادها جميعاً وبناتها، رمتهم بالمصلى لتصلي، أرادت أن تفعل خيراً لكنها قد منعت الخير عن كثير من الناس .. ولا نحرم إتيان الأولاد إلى المسجد ولا إلى المصلى، فقد كان الصحابة يفعلون هذا، وقد كان عليه الصلاة والسلام يخفف الصلاة لأجل صياح بعض الأطفال، ولكن الأمر فيه قدر وفيه اتزان، أما أن نأتي بالأولاد جميعاً، ونرميهم بالمسجد، يبكون بكاءً شديداً، ولربما يمرض من هذا البكاء، ولربما يضيع في بعض المساجد، ولربما يتنازعون ويتشاجرون في المساجد؛ فلا يستطيع أحد أن يصلي .. نقول: يا إماء الله! جلوسكِ في بيتكِ وصلاتكِ فيه إذا كانت هذه حالك أفضل من إتيان المصلى وإزعاج الناس.

    رفع الصوت في المسجد

    المخالفة العشرون: الحديث بصوتٍ مرتفعٍ في المسجد .. فكم من النساء من تأتي لصلاة التراويح، وتتكلم قبل الصلاة وبعدها، مع جارتها ومع زميلات، أو تقرأ القرآن قبل الصلاة، أو تتحدث مع فلانة، أو تأمر بمعروف، أو تنهى عن منكر، والرجال في المسجد يستمعون إليها.

    أمة الله: إذا أخطأ الرجل في الصلاة فلا يجوز لك أن تتكلمي، الرجل يقول: سبحان الله، والمرأة عليها أن تصفق وتضرب بيدها، لماذا؟ لأن الصوت ربما يفتن بعض الناس، ولربما يلهي بعض الناس ويشغلهم، والله جل وعلا يقول لنساء النبي: فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ [الأحزاب:32] بل إن بعض الرجال يستحي في المسجد أن يرفع صوته، وبعض النساء لا تستحي أن ترفع صوتها! فإذا دخلت المسجد والمصلى فعليك بالسكينة والوقار، ولا ترفعي صوتك حتى لا يسمعك الرجال.

    ترك الأولاد في الشوارع والأسواق

    المخالفة الحادية والعشرون: ترك الأولاد والبنات في الشوارع والأسواق، وتأتي الأم لصلاة التراويح .. أين أولادها؟ في الشوارع .. أين بناتها؟ مع السائق في الأسواق .. أين الأولاد؟ أمام التلفاز، أتت لتأتي بنافلة وتركت واجباً وهو تربية الأولاد.

    أمة الله: لا بد أن تراعي تربية الأولاد، فغير صحيح أن تأتي المرأة الساعة والساعتين في بيت الله تصلي ولا تدري أين أولادها، على الأقل اعلمي أين يجلسون، ومع من يذهبون، وفي أي مجلسٍ يقضون أوقاتهم، وعلى الأقل تأتي بالبنات الكبيرات ليصلين معها، وتحث الأولاد على أن يذهبوا للصلاة معها، أما أن تترك الأولاد والبنات في الشوارع وفي الأسواق فلا يجوز، بل إن بعض الناس يذهب إلى بيت الله الحرام ليعتكف ويترك أولاده .. هي تصلي في الحرم مع زوجها ولكن أين الأولاد؟ في الشوارع، وفي الأسواق، بل إن بعضهم يتسكع ويلاحق النساء حتى في بيت الله الحرام!! أتت لتأتي بنافلة وتركت أمراً واجباً وهو تربية الأولاد .. ونحن لا نمنع من هذه النافلة، ولا نمنع من صلاة التراويح ولا القيام، ولكن احرصي على الأولاد وأنت تأتين إلى التراويح والقيام.

    الجهل بأحكام الصلاة

    المخالفة الثانية والعشرون: بعض النساء -وهذا كثير- تجهل أحكام الصلاة، فتأتي -مثلاً- لصلاة العشاء وقد فاتتها ركعة أو ركعتان، فيسلم الإمام وتسلم معه .. لا بد أن تعلمي -يا أمة الله- أنك دخلتِ في الصلاة وقد فاتتك ركعة أو ركعتان أن تأتي بهذه الركعة أو الركعتين التي فاتتك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا) وهذا كثيرٌ في صف النساء، تأتي وتترك ركعة مع الإمام في صلاة العشاء وتسلم معه، وتظن أنها صلت العشاء! ما صلت، وما قبل منها هذه الصلاة.

    وكيف تعلمين أنك قد أدركت هذه الركعة؟ تدركينها بالركوع، فإذا ركعت والإمام راكع لم يقل: سمع الله لمن حمده، فقد أدركت الركعة، وإذا أدركتِ الركعتين فائتي بعد الصلاة بركعتين، وإذا أدركتِ ركعة فائتي بعد الصلاة بثلاث ركعات.

    عدم معرفة أحكام الحيض

    المخالفة الثالثة والعشرون: تظن بعض النساء أنها إذا طهرت قبل الفجر ولم تستطع أن تغتسل وأذن الفجر فإنها لا تتم صومها، نوضح الأمر: بعض النساء أتتها الدورة وما طهرت إلا قبل الفجر بدقائق، الآن ما تستطيع أن تغتسل، وأذن الفجر لكنها ما اغتسلت، فتقول في نفسها: لا أستطيع أن أصوم. لم لا تستطيعين أن تصومي؟ تقول: لأني ما اغتسلت قبل أذان الفجر. نقول لك يا أمة الله: الذي يحرم الصوم ويمنع الصوم هو الحيض وليس الغسل، فإذا طهرت قبل أذان الفجر فإنه يجب عليك أن تصومي، حتى لو اغتسلت بعد أذان الفجر، يجب عليك أن تصومي وتنوي الصيام حتى لو لم تغتسلي إلا بعد أذان الفجر.

    ظن بعض النساء أنه لا يجوز تذوق الطعام في نهار رمضان

    المخالفة الرابعة والعشرون: تظن بعض النساء أنه لا يجوز لها أن تذوق الطعام، وتتحرج من هذا الفعل؛ تتحرج من أن تذوق الطعام في نهار رمضان .. نقول: هذا الأمر إذا كنتِ بغير حاجة إليه فلا تفعليه، أما إذا كنت بحاجة إليه -وهذا كثيرٌ في النساء اللواتي يطبخن الطعام، فهن بحاجة إلى أن تذوق الطعام، بطرف اللسان- فإنه لا حرج في هذا، وقد أفتى بجوازه ابن عباس، وقال الإمام أحمد: لا بأس بهذا لكن تركه أفضل. فإن ذاقت الطعام ثم لفظت ما ذاقته وأخرجته من فمها فإنه لا بأس بهذا إن شاء الله.

    تحرج بعض النساء من وضع الحناء

    الخامسة والعشرون: كثير من النساء تتحرج من وضع الحناء، وتظن أن الحناء يبطل الصيام، وأنه من المفطرات -ولا دخل للحناء في الصيام، فإنها إذا وضعته أثناء النهار- أو أثناء الليل فلا حرج عليها إن شاء الله.

    الخروج إلى المسجد مع السائق

    السادسة والعشرون: بعض النساء تذهب لصلاة التراويح، أو لحضور بعض المحاضرات، وهذا خير، ولا بأس به، وتؤجر على هذا إن شاء الله، وهي حريصة على الأجر، لكنها -للأسف- تذهب مع السائق لوحدها، فتريد أن تأتي إلى الخير فترتكب الشر، تريد أن تطيع الله فتعصي الله جل وعلا .. ومن أباح لك أن تختلي بسائقك لوحدك في سيارة؟ وبعض الأماكن بعيدة، فتذهب مع سائقٍ لوحدها .. أقل القليل -يا أمة الله- تأتين مع محرم، أو مع مجموعة من النساء، وإن لم تستطيعي فصلاتك في بيتك خيرٌ لك من ذهابك مع سائقٍ لوحدك إلى صلاة التراويح أو لحضور المحاضرة.

    أخطاء في صرف الزكاة

    السابعة والعشرون وهي الأخيرة: أن بعض النساء -ولعل هذا الأمر لا دخل له في الصيام، ولكن لأن كثيراً من النساء تؤدي زكاة مالها في رمضان؛ فإننا نتكلم عن الزكاة باختصار- بعض النساء تعطي الزكاة من لا يستحق، وتقول: هذه تعودنا أن أبي وجدي وجدتي كانوا يعطون الزكاة لهذه الأسرة، فنحن تعودنا أن نعطيهم ولو كانوا أغنياء، وهذا لا يجوز، والله قد حدد الزكاة لثمانية أصناف من الناس، ولا يجوز أن نعطي غيرهم، فإذا أغناهم الله فلا يجوز لنا أن نعطيهم شيئاً من الزكاة، أما الصدقات فأنتِ حرة فيها، وبعض النساء تعطي الزكاة لمن لا يصلي، وهذا لا يجوز، بل قال شيخ الإسلام: ولا يُعطى تارك الصلاة الزكاة ولو كان من أهلها -حتى ولو كان فقيراً- بل يشهر به حتى يعرف أي: حتى يترك هذا الأمر ويصلي ويصوم، ثم يعطى من الزكاة.

    وبعض النساء تظن أن الذهب الملبوس لا يجب أن تخرج زكاته، وهذا فيه خلاف عند أهل العلم، لكن الصحيح -والله أعلم- أنه يجب عليها أن تخرج زكاة الذهب ولو كان من الذهب الملبوس، لقوله عليه الصلاة والسلام لما رأى بنتاً تلبس الذهب قال لأمها: (أتؤدين زكاة هذا؟ قالت: لا يا رسول الله! قال: أيسرك أن يسورك الله بسوارين من نار يوم القيامة؟! قالت: لا. يا رسول الله! فخلعتهما ورمتهما وقالت: هما لله ورسوله).

    أمة الله: هذه بعض المخالفات، وهي كثيرة، ولعلك قد سمعت بعضها، لكن نحثك -يا أمة الله- قبل قدوم رمضان أن تستمعي لبعض الأشرطة التي ستدلك على سنن الصيام، وتقرئي بعض الكتب التي تعلمك شروط وجوب الصيام، وعلى أركان الصيام، وعلى مستحبات الصيام، وعلى المفطرات في نهار رمضان، وعلى مبطلات الصيام، فلا بد أن نتعلم قبل أن نقع في المحظورات، وقبل أن نفقد صومنا.

    هذا وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    1.   

    الأسئلة

    ختم القرآن في أقل من ثلاثة أيام

    السؤال: هل يجوز ختم القرآن في رمضان كل يوم مرة، حيث أنه لا يعقل الإنسان في أقل من ثلاث؟

    الجواب: السنة ألاَّ تقرأه في أقل من ثلاث، لكن قال بعض العلماء: إذا كان الزمان شريفاً مثل رمضان فإنه يقرأ في أقل من ثلاث، بل كان الإمام الشافعي وغيره يختمه في كل يوم مرتين، فيجوز لأجل هذا الشهر الشريف أن نختمه في أقل من ثلاثة أيام، لكن أنبه على أمر: بعض النساء تقرأ القرآن وأهم شيء عندها أن تختم، وأن تصل إلى هذا المكان الذي حددته لنفسها، فلا تعقل، ولا تتدبر، ولا تخشع، ولا تتفكر في هذه الآيات التي تقرؤها، فهذه لا تستفيد من هذه القراءة، والله جل وعلا يقول: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ [محمد:24] العبرة في القراءة هي التدبر.

    الإسراف في الطعام للضيوف

    السؤال: إذا جاء ضيوف وأراد منهم أصنافاً من الطعام، فهل يجوز أن أضيفه كما يريد، أم أقتصر على وجبة واحدة؟

    الجواب: الضيف يكرم، لكن نقول: لا بد من الاقتصاد في الطعام، لكن إذا كان هناك ضيف فلا نبالغ، نكرمه كما يكرمه الناس، كما هي عادة الناس، ولا نبالغ في رمضان عن غيره.

    حكم صلاة المرأة في المسجد

    السؤال: أيهما أفضل للمرأة: أن تصلي في بيتها صلاة التراويح والقيام أم في المسجد؟

    الجواب: إذا كانت تستطيع أن تصلي في بيتها بقراءة طويلة، وترتل وتخشع فالأفضل في بيتها، لكن إذا كانت لا تستطيع ولا تحفظ، ولا يصلي أحدٌ بها، فلا بأس في ذهابها إلى المسجد، فإن هذا فيه -إن شاء الله- أجور، وفيه قراءة للقرآن، فلعلها ما تستطيع أن تقرأ بنفسها أو يُقرأ لها.

    وقت إخراج الزكاة

    السؤال: أود أن أخرج الزكاة الآن، فهل يجوز أم بعد رمضان؟

    الجواب: الزكاة نوعان: زكاة مال، وزكاة فطر، وزكاة المال أربعة أصناف، أما زكاة الفطر فلا يجوز إلا في ليلة العيد، ويجوز تقديمها قبل يوم أو يومين، أما زكاة المال فإنها تكون في كل سنة مرة، فالذهب والفضة والأموال النقدية الآن، وعروض والتجارة، أما الزروع فوقت الحصاد، وما يخرج من الأرض فكذلك في وقت الحصاد، أما زكاة الأموال ففي كل حولٍ مرة، والحول المقصود الحول القمري، وليس الحول الشمسي، فنجعل لنا يوماً عربياً كل سنة ونخرج فيه الزكاة، ويجوز تقديمها على وقتها للحاجة.

    حكم زيارة النساء للمقابر

    السؤال: هل يجوز للمرأة زيارة القبور مع عدم الإكثار وعدم فعل شيء من المعاصي؟

    الجواب: اختلف أهل العلم في زيارة المرأة للقبور، والراجح والأحوط -والله أعلم- أن تجتنب المرأة زيارة المقابر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن زوارات القبور، والزوارات يحتمل أنهن المكثرات من الزيارة، ويحتمل التي تزور مرة أو مرتين، لكن الأحوط للمرأة ألا تزور المقابر.

    حكم قضاء الصوم على من أفطرت وقد بلغت

    السؤال: عندما بلغت لم أصم لأني لم أخبر أحداً لأني كنت صغيرة، فهل عليَّ أن أصوم ما أفطرت؟

    الجواب: إذا كنتِ تعلمين وكم يوماً أفطرتِ وأنتِ كنت جاهلة فعليك أن تصومي وتقضي هذه الأيام، ولعل الله يعذرك بهذا. وننبه مرة أخرى أن على الصغيرات إذا بلغت، ورأت علامات البلوغ؛ أنه يجب عليها أن تصوم.

    تعويد الأولاد على الصيام

    السؤال: هل يجوز أن أعود ابنتي على الصيام وعمرها أحد عشر عاماً، وكذلك ابني وعمره تسعة أعوام؟

    الجواب: نعم. إذا كانت لم تبلغ وكان لم يبلغ ليس الصيام بواجب عليهما، لكن نعودهما، ونرغبهما، ولو كان هناك شيء من الإجبار لا بأس به، إذا كان لا يشق عليهم الصيام تجبرهم شيئاً ما، ونحبب إليهم الصيام قبل الإجبار، فالتحبيب والترغيب أفضل من الإجبار، وقد كان السلف والصحابة يلهون الأولاد باللعب وبغيرها حتى لا يجوعوا وحتى ينسوا الطعام.

    حكم الصلاة والصيام للأعمى والأصم

    السؤال: ولد عمره ست عشرة سنة، وهو أعمى وأصم، ولكنه فطن ويفهم ولا يتكلم، ما حكم الصيام والصلاة بالنسبة له؟ وتخرج له الزكاة؟

    الجواب: نعم. يؤمر بالصيام إذا كان عنده عقل، فإن الصوم في رمضان واجب على كل مسلم بالغ عاقل قادر مقيم خال من الموانع، فإذا كان عاقلاً وهو مسلم وبالغ، وكان خالياً من الموانع، مثل: الحائض والنفساء، ومقيم -غير مسافر- فإن الصوم يجب عليه ولو كان أعمى، ولو كان أصم.

    حكم بلع البلغم للصائم

    السؤال: أشعر ببلغم كثير، هل يجوز بلع البلغم وأنا صائمة؟

    الجواب: البلغم إذا لم يخرج إلى الفم فإنه يجوز ابتلاعه، أما إذا خرج إلى الفم فالأحوط إخراجه.

    حكم البخور والعطر في نهار رمضان

    السؤال: هل البخور والعطر من المفطرات أم لا؟

    الجواب: الأولى تركه، وقال بعض العلماء: إن استنشاق البخور مباشرة يفطر، لأنه جرم ومادة، ولو لم يكن جرماً لما رأيناه بالأعين، ولهذا فاجتنابه أولى، بل ربما يكون الواجب اجتنابه مباشرة، أما العطر إذا كانت رائحتة غير نافذة، ولا تدخل الفم والحلقوم أو الجوف؛ رائحة في الغرفة، أو بخور قد بخر في مكان وذهب الجرم وبقيت الرائحة فقط؛ فإنه لا بأس بهذا.

    حكم ابتلاع الدم الخارج من الأسنان حال التسوك

    السؤال: التسوك -أحياناً- يخرج من الأسنان دماً فما الحكم؟

    الجواب: نحاول ألا نتسوك بشدة وبغلظة حتى لا يخرج هذا الدم، فإذا خرج الدم فنحاول ألاَّ نبتلعه، فإن كان رغماً عنا فترك التسوك أفضل، وإلا لا بأس بهذا إن شاء الله.

    الصوم عن الميت

    السؤال: توفي والدي منذ ثلاث سنوات، وكان -رحمه الله- لا يصوم، وذلك لأنه لا يستطيع الصبر عن شرب السجائر، ونحن حتى هذا اليوم لا نعلم هل يجوز لنا الصوم عنه، وما العمل جزاك الله كل خير؟

    الجواب: إذا كان يفطر متعمداً ولا عذر له فلا يُصام عنه، ولكن يُدعى له بالمغفرة إذا كان من المصلين، ويُتصدق عنه، ويُستغفر له، لأنه لا عذر له كما قال العلماء وهو الصحيح: من أفطر عمداً متعمداً في نهار رمضان ولا عذر له، فإنه لا يجزئه ولو صام الدهر كله.

    صوم النذر

    السؤال: نذرت أنه إذا خرج زوجي من الأسر أن أصوم شهرين، ولم أصم إلا عشرة أيام لظروف خاصة، وأخرجت نقوداً عن الأيام التي لم أصمها، فهل هذا يصح لي؟

    الجواب: إذا كنت تستطيعين الصيام شهرين فيجب عليك صيام شهرين، كما قال الله عز وجل: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ [الإنسان:7] هذا نذر يجب أن تفعليه، وهذا النذر معلق، فإذا حصل الأمر وخرج زوجك من الأسر يجب عليك أن تصومي، وأنت التي أوجبت على نفسك هذا الأمر، وهذا النذر ثقيل، كان الأفضل لك ألا تنذري هذا النذر حتى لا تقعي في مثل هذا الحرج، فإن لم تستطيعي صيام شهرين فإن عليك كفارة اليمين، وكفارة اليمين معلومة؛ إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فمن لم يجد وما استطاع أن يطعم عشرة مساكين، أو أن يعتق رقبة فإنه يصوم ثلاثة أيام.

    حكم من أكل أو شرب ناسياً في صوم النافلة

    السؤال: صمت يوم نافلة، ونسيت فأكلت حتى شبعت من الأكل وشرب الماء، فتذكرت أني صائمة، علماً بأنني كانت لي نية في الصيام وتسحرت، فهل أكمل صيامي؟

    الجواب: نعم؛ لأن الله عز وجل يكون قد أطعمك وسقاك، وتكملين الصيام ولا حرج إن شاء الله.

    هذا وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    768069798