إسلام ويب

تفسير سورة الصافات (14)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • اشتد الجهل بالعرب في الجاهلية حتى زعموا أن الله عز وجل اصطفاهم بالبنين، واصطفى لنفسه الملائكة فكانوا بناته، بل وزادوا على ذلك أن زعموا أنه سبحانه صاهر الجن فأنجب من نسائهم هؤلاء البنات، وما قولهم هذا إلا افتراء وزيغ أملته عليهم عقولهم العفنة، وأفئدتهم المظلمة، تعالى الله وتقدس عما يقولون علواً كبيراً.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (فاستفتهم ألربك البنات ولهم البنون)

    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ * أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ * أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ * وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ * أَفَلا تَذَكَّرُونَ * أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُبِينٌ * فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ * وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ * سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ * إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ [الصافات:149-160].

    معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! شاع بين العرب وبين كفار قريش وغيرهم شائعة، وهي أن الملائكة بنات الله، وقالوا: إن الله عز وجل أصهر إلى الجن، فتزوج بسروات الجن، فأنجب الملائكة. تعالى الله عن هذا علواً كبيراً.

    ومن القائلين بهذا بنو لحيان، وبعض القبائل كخزاعة وما إلى ذلك. ولعل هذا الكذب والافتراء تسرب إليهم من اليهود في الغالب، فأراد الله تعالى أن يبطل هذه الأكاذيب والأباطيل، وينتزعها من قلوب الناس بهذه الآيات المباركة.

    فهو هنا سبحانه وتعالى يقول لرسوله ومصطفاه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: فَاسْتَفْتِهِمْ [الصافات:149]، أي: استخبرهم، واسألهم: أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ [الصافات:149]؟ وكان العرب يكرهون البنات كرهاً كبيراً، بل والله كانوا يقتلونهن، وإذا ولدت المرأة بنتاً يدفنونها في موضع الولادة؛ وذلك لسببين عندهم:

    الأول: خوف النفقة، وحاجة الناس إلى الطعام والشراب، فكانوا لا يريدون أن تضايقهم هذه البنت.

    والثاني: من أجل ألا يتزوجها أو يخطبها رجل، فيصيب والدها العار والألم والحزن.

    والمهم أنهم كانوا يكرهون البنات، ولهذا جاء الإسلام ورفع شأن البنات.

    وقوله: فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ [الصافات:149]؟ أي: استخبرهم، الله عز وجل الغني عما سواه، الذي خلق كل شيء من الإنس والجن والملائكة يحتاج إلى بنات؟ وأنتم تتكبرون عن البنات، وتقولون: لنا الأولاد، ولذلك قال: أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ [الصافات:149]؟ وهذا الاستفهام للتقريع والتأديب، وانتزاع هذه الفكرة الباطلة من نفوس أهلها.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (أم خلقنا الملائكة إناثاً وهم شاهدون)

    قال تعال: أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ [الصافات:150]؟ فهم لما خلقت الملائكة لم يكونوا حاضرين، ولم يشاهدوا أننا خلقناهم، بل هذا مستحيل. ووالله ما كان هذا، ولن يكون. فهم ما وجدوا إلا بعد ملايين السنين بعدما خلق آدم، ثم يقولون: خلق الله الملائكة إناثاً.

    وقد أعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن المخلوقات ثلاثة: الملائكة، والإنس، والجن. أن الملائكة خلقهم الله من مادة النور، وخلق الجان من مادة النار، وخلق بني آدم من مادة الطين.

    والشاهد: أن الذين يزعمون أن الملائكة إناث لم يكونوا حاضرين لما خلق الله الملائكة، ولم يشاهدوا أنهم إناث، بل هذا كذب وباطل ومنكر، ولذلك قال تعالى: أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ [الصافات:150]؟

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (ألا إنهم من إفكهم ليقولون * ولد الله وإنهم لكاذبون)

    قال تعالى: أَلا [الصافات:151]. وهذه أداة استفتاح وتنبيه، والآن بدلها عندنا ألو، ونسينا ألا، واستعملنا ألو في الهاتف، وهي والله ألا. وقد قال تعالى: أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ [يونس:62]، ونقول: ألا إنه لا إله إلا الله. وهي أداة استفتاح وتنبيه للمتكلم معك، وتستفتح بها كلامك.

    وهنا قال تعالى: أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ [الصافات:151]. فهذا هو الذي قرره الله، وهو أنهم من إفكهم وكذبهم المنكر والباطل كاذبون فيما يزعمون ويدعون من أن الملائكة إناث.

    وقوله: أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ [الصافات:151]، أي: بسبب إفكهم وقولهم الباطل. والإفك أسوأ أنواع الكذب، فهم كاذبون فيما يقولون. فهم يقولون: وَلَدَ اللَّهُ [الصافات:152]. وتعالى الله عز وجل عن الولد والصاحبة والزوجة، والذي يقول للشيء: كن فيكون لا يحتاج إلى ولد.

    وهذه كما تعلمون فكرة النصارى واليهود، فاليهود يقولون: العزير ابن الله، والنصارى إلى الآن يقولون: المسيح ابن الله، فقال العرب هذا. فلما عم الجهل والظلام وقع العرب في هذه المحنة، وقد سبقهم إليها اليهود والنصارى.

    قال تعالى: أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ [الصافات:151]، أي: من أجل كذبهم المنتن العفن لَيَقُولُونَ * وَلَدَ اللَّهُ [الصافات:151-152]. والله الذي يقول للشيء: كن لا يلد، ولن يتزوج مخلوقاً من مخلوقاته. تعالى الله عن هذا التصور علواً كبيراً. بل هذه من وحي الشياطين والأباليس، والعياذ بالله. فالذي يقول للشيء: كن فيكون لا يحتاج إلى ولد.

    ثم ذهبوا إلى أبعد من هذا، فقالوا: الله أخو إبليس، وأشاعوا بينهم هذا. والشياطين هي التي تملي عليهم هذه الإملاءات الباطلة، والذين قلوبهم منتنة عفنة بالجهل والكفر يحكون ذلك ويرددونه. وهم كما قال تعالى عنهم: أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ [الصافات:151]. والإفك أسوأ أنواع الكذب وأقبحها. لَيَقُولُونَ * وَلَدَ اللَّهُ [الصافات:151-152].

    ثم قال تعالى: وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ [الصافات:152]. وعزة الله وجلاله إنهم لكاذبون. فقد خلق الله تعالى عالم الملائكة كما شاء. رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبر ويقول: ( لا يوجد موضع شبر في السماء إلا وعليه ملك راكع أو ساجد ). فهم لا يحصى عددهم ولا يعرفهم إلا الله. وحسبنا أننا ما من أحد منا إلا وأربعة ملائكة معه يومياً، اثنان في الصباح واثنان في المساء، ملك عن يمينك يكتب الحسنات، وملك عن شمالك يكتب السيئات إلى صلاة العصر، ثم يعرجان، وينزل ملائكة الليل من صلاة العصر إلى صلاة الصبح، كما في الحديث: ( يتعاقب فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ). وإذا كان كل واحد معه أربعة فعدد الملائكة لا يعرفهم إلا الله. ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( ما من موضع شبر في السماء إلا وعليه ملك راكع أو ساجد ).

    وقوله تعالى: أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ [الصافات:151]، أي: وكذبهم المنتن العفن لَيَقُولُونَ * وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ [الصافات:151-152]. فأكذبهم الله، وقرر أنهم كاذبون، ونحن والله نقول: إنهم لكاذبون، ويكفي أن يقول الله: إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ [الصافات:152]. إذ هو خالق الكون كله، والعليم بما فيه.

    وقد قلت لكم: ما زال المسيحيون يقولون: عيسى ابن الله، وما زال اليهود يقولون: عزير ابن الله. وقد لعنهم الله وكذّبهم، ورد باطلهم. وهذه الآيات تضرب على وجوههم.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (أصطفى البنات على البنين)

    قال تعالى: أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ [الصافات:153]؟ أي: هل الله اختار البنات وفضل البنات على البنين، ولهذا جعل الملائكة إناثاً، ولم يجعلهم ذكوراً؟ مع أن الملائكة لا يوصفون بالذكورية ولا بالأنوثية أبداً، لا تقل عن أحدهم: ذكر ولا أنثى، فهم ليسوا بذكور ولا بإناث، بل هم خلق آخر.

    وفي قوله: أَصْطَفَى الْبَنَاتِ [الصافات:153] حذفت همزة الوصل وأغنت عنها همزة الاستفهام، فهذه مركبة من همزتين، همزة الوصل وهمزة القطع.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (ما لكم كيف تحكمون)

    قال تعالى: مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ [الصافات:154]؟ وكان العرب يتألمون لهذا الكلام؛ لأنهم يعرفون هذه اللغة، ويعرفون معنى هذه الاستفهامات والتنديدات بهم. فهو يقول لهم: أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ [الصافات:153]؟ أي: هل اختار البنات على البنين، حتى تنسبون الملائكة إليه، وتقولون: إنهم إناث؟ ثم قال لهم: مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ [الصافات:154]؟ فهذا الحكم الباطل، وليس عليه حجة ولا دليل. وهكذا انتزع الله هذه الفكرة الباطلة من قلوب العرب.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (أفلا تذكرون)

    قال تعالى: أَفَلا تَذَكَّرُونَ [الصافات:155]؟ أي: أفلا تتذكرون وتتفكرون؟ ولو تفكرتم لقلتم: كيف يجعل الملائكة بناتاً؟ وما الداعي إلى هذا؟ ولكنهم ما يتفكرون.

    وفي قوله: أَفَلا تَذَكَّرُونَ [الصافات:155]؟ يحثهم على التعقل والتدبر والتفكر؛ حتى ما يقعوا في هذه الأخطاء الفاحشة المنكرة.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (أم لكم سلطان مبين)

    قال تعالى: أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُبِينٌ [الصافات:156]؟ أي: هل عندكم حجة واضحة قوية؟ فتفضلوا قولوا: يا محمد! هذه حجتنا، فنحن عندنا كتاب من الله، نزل على فلان أو فلان، وائتوا بهذه الحجة، ووالله ما لهم حجة ولا برهان.

    وقوله: أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُبِينٌ [الصافات:156]؟ أي: بينة وحجة قوية.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (فأتوا بكتابكم إن كنتم صادقين)

    قال تعالى: فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ [الصافات:157]. وقولوا: هذا كتاب الله أوحاه إلينا، وأنزله علينا، وفيه يخبر أن الملائكة إناث، وأنهم بنات الله. فقطع حجتهم، واستأصل فكرتهم، وأنهاها من وجودها، كما قال: أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُبِينٌ [الصافات:156]؟ أي: حجة واضحة بينة، تدل على أن الملائكة بنات الله. فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ [الصافات:157] الذي نزل عليكم. وكتابكم هو القرآن الكريم، فهو الذي نزل بين أيديكم، وأنتم تعرضون عنه، ولا تلتفتون إليه، وتزعمون أن هناك حججاً وبراهين عندكم، فتفضلوا هاتوا بكتاب يقول هذا.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (وجعلوا بينه وبين الجنة نسباً ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون)

    قال تعالى: وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا [الصافات:158]، أي: جعلوا بين الله وبين الجنة نسباً، أي: مصاهرة؛ إذ قالوا والعياذ بالله: الله تزوج من سروات الجن، أي: من خيرة نساء الجن، وأنجب الملائكة إناثاً، أي: بنات. وهذه الأكاذيب والأباطيل عجب، ومع هذا فهي تعيش بينهم وبين غيرهم من القبائل، وخاصة بنو لحيان الذين كانوا يرددونها. علة ذلك: أنه ما نزل الوحي بعد، ولا بعث فيهم رسول من عهد إسماعيل عليه السلام، وما جاءهم رسول ولا نبي، وقرون عديدة وهم في الظلام، فنفخت الشياطين في نفوسهم هذه الأكاذيب والأباطيل، ومنها ما ذكره تعالى هنا بقوله: وَجَعَلُوا بَيْنَهُ [الصافات:158]، أي: بين الله وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا [الصافات:158]، أي: مصاهرة. وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ [الصافات:158] في جهنم، وهم جعلوا بينه وبين الجنة نسباً، وما عرفوا أن الجن في جهنم محضرون للحساب والجزاء ودخول جهنم.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (سبحان الله عما يصفون)

    قال تعالى: سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ [الصافات:159]، أي: تقدس الله وتنزه الله وتعالى الله وتكبر الله عن هذه الأوصاف الباطلة الكاذبة من أن له بنات، وأنه تزوج من الجن، وما إلى ذلك، وأن له شركاء. فتعالى الله عما يصفونه من هذه الأباطيل، وتنزه وتكبر.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (إلا عباد الله المخلصين)

    قال تعالى: إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ [الصافات:160]. اللهم اجعلنا منهم. وهم الذين استخلصهم لعبادته وطاعته في أي قرن من القرون، فهم لا يكذبون على الله، ولا يقولون الباطل، ولا يصفون الله بما هو مبرأ منه أبداً. هؤلاء المخلصون. اللهم اجعلنا منهم.

    1.   

    قراءة في كتاب أيسر التفاسير

    هداية الآيات

    قال: [ هداية الآيات ] الآن مع هداية الآيات:

    [ من هداية ] هذه [ الآيات:

    أولاً: إبطال فرية بني لحيان من العرب الذين زين لهم الشيطان فكرة: الملائكة بنات الله، ووجود نسب بين الله تعالى وبين الجن ] فمن هداية هذه الآيات التي تدارسناها أبناء الإسلام!: إبطال تلك الكذبة وتلك الفرية التي كان بنو ملحان يرددونها، وهي أن لله بنات، وهم الملائكة، وأنه أصهر إلى الجن وتزوج من الجن. وهذه الأكاذيب والأباطيل أوحاها الشيطان إليهم، والعياذ بالله. ومسحها الله بهذه الآيات.

    [ ثانياً: ] من هداية الآيات: [ مشروعية دحض الباطل بأقوى الحجج وأصح البراهين ] وإبطاله بالحجج النورانية القوية. ومشروع لك عبد الله! أن تبطل الباطل، وأن تهدم أسواره، وأن تهزم أهله بالحجج والبراهين، كما في هذه الآيات، فقد أبطل الله فكرتهم، وانتزعها انتزاعاً بهذه الحجج والبراهين.

    [ ثالثاً: الحجة الأقوى ما كانت من وحي الله في كتاب من كتبه التي أوحى بها إلى رسله ] فمن هداية هذه الآيات: أن أقوى الحجج وأصدقها وأغلاها وأعلاها ما كان من كتاب الله، وهو قد قال لهم: إذا كان عندكم كتاب فهاتوا، كما قال: أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُبِينٌ * فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ [الصافات:156-157]. فلهذا لا حجة أقوى من كتاب الله عز وجل، ولا حجة ولا برهان أقوى من كلام الله عز وجل. فمن كان عنده قال الله فليتفضل، وإن لم يكن عنده كلام الله فلا يحتج بكلامه ولا يقبل كلامه.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    768068913