أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.
السؤال: الراوي إذا ذُكر في ترجمته أنه يرسل أو يرسل كثيراً، ما معنى ذلك؟
الجواب: المحدثون ينبهون على الإرسال، ويقصدون به عادة الإرسال الخفي، لأن هناك بعض الناس لا يفرقون بين التدليس وبين الإرسال الخفي فيخلطون بينهما؛ فلذلك إذا كان الراوي ممن يرسل فلا يجوز إطلاق التدليس عليه، وعلى سبيل المثال قتادة، كان يرسل كثيراً، ويدلس أحياناً، يقولون في ترجمته: (يرسل) صيانة له من الوصف بالتدليس؛ لأن بينهما فرقاً، فالمدلس لابد أن يصرح بالتحديث كي يقبل منه، أما إذا عنعن فعند إذٍ تجرى عليه قواعد عنعنة المدلس، بخلاف المرسل.
الجواب: النبي عليه الصلاة والسلام قال: (لا بأس بالرقية ما لم تكن شركاً) فمن الشرك أن يستعين الإنسان بالجن، فبعضهم يكتب تمائم وكلمات معينة يستعين فيها بالجن، لكن الإنسان إذا رقى إنما تجوز له الرقية بفاتحة الكتاب أو شيء من القرآن، أو بدعاء معروف لا يكون فيه شيء من الشرك، لقوله عليه الصلاة والسلام: (لا بأس بالرقية ما لم تكن شركاً) ففيه جواز الرقية بشرط ألا يكون فيها شرك، ولا يشترط في الرقية أن تكون بالمأثور المعروف، بل بأي دعاء؛ بشرط ألا يكون فيها شرك، لأن الشرك مضاد للتوحيد.
والذي يرقي لابد أن يكون رجلاً مخلصاً؛ لأن كما قيل: كان عمر بن الخطاب يرقي بالفاتحة، فاستدعوا رجلاً يرقي، فقال: هذه الفاتحة وليس عمر، يعني: كل إنسان يمكنه أن يرقي بالفاتحة ويحصل المقصود، لكن تجد أن الله سبحانه وتعالى يجعل الشفاء على يدي شخص ولا يجعله على يد الآخر، وهذا يختلف من شخص لآخر باختلاف الإخلاص والخشية.
الجواب: نعم، صحيح، لم يصح في فضل معاوية بن أبي سفيان عند أكثر المحدثين شيء خاص به، لكن استظهر الإمام البخاري وغيره لـمعاوية فضل الصحبة، وإن فاته الفضل الخاص، فقد ورد في صحيح مسلم من حديث ابن عباس : (أن النبي عليه الصلاة والسلام أمره أن يستدعي له
وقد أطبق جميع أهل السنة على فضله ومدحه، وقد ولي الخلافة عشرين سنة ما اشتكى منه أحد، وكان حليماً، وله مناقب كثيرة شهد له بها الصحابة أنفسهم.
الجواب: المسألة فيها تفصيل نظري أكثر من العملي وهي من المسائل المهمة، لكن المسلم المعاصر لا يستطيع أن يفعل شيئاً، نفترض أنه يوجد حاكم مستبد وظالم في بلدة من البلدان، ما عسى المسلم المعاصر أن يفعل؟ قد يأخذ حكم المسألة نظرياً فقط كالذين يكفرون الحكام، ثم ماذا بعد ذلك؟ لا يعمل شيئاً، فلذلك البحث في هذه المسائل سيكون بحثاً نظرياً أكثر منه عملياً.
وأنا أعتقد أن كل الناس يعرفون الآن أن الحكام ما بين كافر وفاسق، لا تكاد تجد رجلاً يمكن أن ينجو من واحدة منهما: إما كافر، وإما فاسق.
فإذا كان كافراً أو فاسقاً ما هي النتيجة؟ هل سيخرج عليهم؟ إذا كان هذا الرجل كافراً فلا بيعة له في أعناقنا -مع أنك ترى أنه لا بيعة في الأصل- فما يبقى إلا مسألة وجوب الخروج عليه.
فهذا الوجوب يسقط بعدم الاستطاعة، فمسألة الخروج على الحاكم هذه مسألة صعبة جداً، يقول ابن كثير : كل الويلات التي وقعت في هذه الأمة بسبب محاولة الخروج على الحكام، سواء كانوا ظالمين أو مظلومين، فالخروج على الحكام هو أصل البلاء الذي أصاب الأمة من لدن عثمان بن عفان عندما خرجوا عليه رضي الله عنه حتى هذه الساعة.
فإذا كان الإنسان لا يستطيع الخروج على الحاكم، فإن الواجب يسقط بعدم الاستطاعة، والمهم في المسألة أن مؤدى الباحث في النهاية أنه لا يستطيع أحد أن يخرج على أي حاكم في الظروف الحالية؛ لأنه ما عندهم ما يستطيعون أن يخرجوا به، فلذلك الكلام ليس له كبير جدوى.
مداخلة: ما حكم التحاكم إلى هذا الحاكم الطاغوت؟
الشيخ: كفرنا بالطاغوت على اختلاف أشكاله، وليس المقصود بالحاكم نفسه هو الطاغوت.. لا، كل ما يتحاكم إليه من دون الله تبارك وتعالى فهو طاغوت، وأنت لابد أن تعلم أن هذه المسألة طويلة جداً، وذيلها طويل، والحقيقة أحياناً يكون فتح هذه المسائل على سبيل الإجمال فيه خلل كبير، لأن أغلب الخلل يأتي بسبب إجمال القول في هذه المسائل، فعندما يسمع أي إنسان قولاً مجملاً يحتمل أكثر من وجهة فممكن أن يوجهه على ما يريد؛ فلذلك فهذه المسائل أظن أن الإجمال فيها لا ينبغي، وأن الأولى والأصوب القول المفصل، ويوضع للبحث محاور وعناوين، وكل عنوان يتكلم فيه بإسهاب، ويرد على المعارضات والشبهات الواردة على هذا الباب.
وهذه المسألة جديرة بتصنيف كتاب يستوعب الكلام عليها من كتب أهل العلم، ويجيب على الشبهات جواباً وافياً، وإن كانت هذه الردود منثورة في كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، ولكنها تحتاج إلى من يجمعها.
الجواب: الصواب أن النزول على اليدين، وحديث النزول على الركبتين ضعيف، قال الدارقطني رحمه الله: (تفرد به شريك بن عبد الله النخعي ، وليس بقوي فيما تفرد به).
والصواب: النزول على اليدين لحديث أبي هريرة في الصحيح الذي قال فيه النبي عليه الصلاة والسلام: (لا يبرك أحدكم كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه) فهذا نص واضح جداً وصريح، وما أُعلَّ به ليس بعلة في الحقيقة، وسنده جيد يحتج به.
بالإضافة إلى أنه عضد بأثر ابن عمر الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه معلقاً وهو صحيح عن ابن عمر أيضاً : أنه كان ينزل بيديه قبل ركبتيه وقال الأوزاعي : أدركت الناس ينزلون بأيديهم قبل ركبهم.
وإذا نظرنا إلى العلة وهي أن النبي عليه الصلاة والسلام نهى المسلم أن يتشبه بالبعير، علمنا يقيناً أن النزول بالركبة هو التشبه بالبعير دون النزول باليدين، بعض الناس يقول: إن البعير ينزل بيديه، كل ذي أربع، يداه الأماميتان ورجلاه الخلفيتان، فيقول صاحبنا: إن أول ما ينزل البعير على الأرض ينزل بيديه اللتين هما الأماميتان، فالمفروض أن المسلم ينزل بركبتيه ولا ينزل بيديه؛ لأنه لو نزل بيديه يكون قد تشبه بالبعير، وهذا الكلام عجيب أن يقوله عربي! لأن البعير ركبتاه في يديه، هو أصلاً لا يمشي على رجليه مثلنا حتى يكون أول ما يُنزل يديه.. لا، بل هو يمشي على يديه ورجليه أصلاً، فعندما تقول أنت: إنه يضع يديه أولاً. هما موضعتان في الأرض دائماً على أصل خلقته، ويمشي بهما على الأرض، لكن أول شيء يصل من البعير إلى الأرض حال البروك ركبتاه، فيبقى أن مناط المسألة الركبة وليست اليد لاختلاف خلقة الإنسان عن البعير.
فإذا كان أول شيء يصل إلى الأرض من البعير ركبتاه فلا ينبغي أن يكون أول ما يصل من المسلم إلى الأرض -حال الهوي إلى السجود- ركبتاه أيضاً، والمسألة تنحل بهذا، وأما قول ابن القيم رحمه الله: وركبتا البعير ليستا بيديه، فهذا كلام لا يعقل ولا يعرفه أهل اللغة، افتح كل كتب المعاجم العربية تجد في مادة (ركب) أنه يقول: وكل ذي أربع ركبتاه في يديه وعرقوباه في رجليه، وهم متفقون على ذلك.
ومما يدل على ذلك أيضاً الحديث الذي رواه البخاري وأحمد: لما طارد سراقة بن مالك النبي عليه الصلاة والسلام وأبا بكر الصديق لما خرجا من الغار قال سراقة بن مالك : (فدعا عليَّ النبي صلى الله عليه وسلم؛ فساخت يدا فرسي في الأرض حتى بلغت الركبتين). هذا نص من صحابي أيضاً أن الركبة إنما تكون في اليد، فإذا كانت الركبة في يد البعير، وأنه إذا أراد أن ينزل نزل عليها، فلا ينبغي للمسلم أن يكون أول ما يصل إلى الأرض منه ركبتاه.
فلذلك الصواب في المسألة: هو النزول باليدين وليس الركبتين، والمسألة فيها كلام طويل.
الجواب: بالنسبة للراوي الذي صحت كتبه وساء حفظه، فإذا روى حديثاً يكون هناك قرائن تدل على أنه روى هذا من حفظه أو من كتابه، ويكون مذكوراً في ترجمته، وأحياناً قد يخص بعض الرواة، فيقال: إذا روى فلان عن هذا الراوي فإنما يكون من كتابه، فإذا كان الراوي مختلفاً تماماً، فيقال: إن هذا سمع منه قبل الاختلاط أو بعده.
أما إذا لم نجد أي إشارة إلى أنه روى هذا الحديث من حفظه أو رواه من كتابه فالأصل التوقف حتى نجد له متابعاً، فإذا وجدنا له متابعاً جيداً روى نفس ما روى، يدل على أنه حفظه، ويرتفع الوهم؛ لأن الوهم أقرب من الواحد وأبعد عن الاثنين، كـعبد الله بن نافع كان صحيح الكتاب، ولكنه كان إذا حدث من حفظه وهم.
الجواب: نعم إذا كان قبل توليه القضاء.
السائل: فتكون روايته عن شريك قبل القضاء أجود؟
الشيخ: هذا يكون أجود، يعني: لعلك تريد أن تشير إلى رواية يزيد بن هارون عن شريك في ما يتعلق بحديث الركبتين.
لكن حديث الركبتين هذا لم يروه إلا يزيد بن هارون ، وقد نص ابن حبان وغيره أن يزيد سمع من شريك قبل أن يسوء حفظه، لكن ذكر الخطيب البغدادي في كتاب الكفاية: أنه إنما ساء حفظه لما ولي القضاء في الكوفة، فهو في الكوفة سيء الحفظ، وقد نسلك رواية يزيد بن هارون عن شريك لولا ما رواه الخطيب في الكفاية عن يزيد بن هارون قال: دخلت الكوفة فرأيت كل أهلها يدلسون غير شريك وهشيم، فهذا يدل على أن يزيد بن هارون دخل الكوفة وأخذ من شريك بن عبد الله النخعي في وقت سوء حفظه.
فحينئذ يلزمنا أن نعلم إذا كان يزيد أخذ هذا الحديث عن شريك قبل أن يدخل الكوفة أم لا، فنحن نتوقف في روايته مثل حماد بن سلمة سمع من عطاء بن السائب قبل الاختلاط وبعد الاختلاط، فصار المحققون يتوقفون في حديث حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب؛ لأنهم لا يدرون أهذا مما تحمله حماد عن عطاء قبل الاختلاط أم بعد الاختلاط، فإذا ثبت أن يزيد بن هارون دخل الكوفة، وأخذ عن شريك بن عبد الله النخعي يبقى أنه لا يتأتى القول: إن يزيد ممن سمع قبل الاختلاط فقط، بل سمع قبل وبعد، فحينئذ نتوقف في روايته ولا نعطيها حكم الثبوت إلا إذا علمنا أنه رواها عنه قبل سوء حفظه، وروايته عنه قبل سوء حفظه عند توليه القضاء أجود.
أنا أقول: (أجود) لأنه ثبت أن شريك بن عبد الله النخعي له أوهام وأحاديث خالف فيها الثقات المتقنين، برغم أنها كانت رواية الذين سمعوا منه قبل الاختلاط، فكأن حفظه لم يكن بذاك حتى قبل الاختلاط.
مداخلة: هل من الممكن أن نقول: إنه حسن الحديث قبل اختلاطه؟
الشيخ: نعم.
مداخلة: فرواية من روى عنه قبل اختلاطه تعد صحيحة؟
الشيخ: نعم، صحيحة.
مداخلة: وهل يشمل هذا الحكم بعض تلاميذه؟
الشيخ: من ثبت أنه سمع قبله فقط.
مداخلة: هل سمع منه وكيع قبل اختلاطه؟
الشيخ: نعم، ويبقى أن رواية وكيع عن شريك أقوى.
مداخلة: وهل تقبل روايته قبل الاختلاط مطلقاً حتى حال التفرد؟
الشيخ: نعم، ولذلك فقد قلت: يضعفونه مطلقاً لأنه كان كثيراً ما يروي أحاديث رواها عنه أناس قبل الاختلاط، وكان يقع فيها مخالفات للثقات الأثبات، مثل ابن لهيعة، فإن بعض العلماء كـابن حبان يقول: إنه قبل أن يختلط كان عنده لا مبالاة في الرواية أصلاً، لكن لما اختلط ساء حفظه جداً، يعني: أن حفظه كان قبل الاختلاط بنسبة (70%)، فلما احترقت كتبه كان نسبة حفظه (50%) أو (40%)، وهذا الوضع من تصرفات العلماء بالنسبة لرواية شريك، وانظر رواية الدارقطني رغم أن أحاديث النزول بالركبة من رواية يزيد بن هارون وتفرد بها عن شريك إلا أن الدارقطني لم يعبأ بهذا القيد الذي ذكروه، قال: وشريك بن عبد الله النخعي ليس بقوي فيما تفرد به، وقد تفرد بهذا الحديث، فلم يلتفت إلى رواية يزيد وأنه سمع قبل أو بعد.
الجواب: هذا حسبه سقوطاً أن يدعي لنفسه.
الجواب: أغلب أهل العلم يشترطونها، لكن على التسليم بهذا الشرط: إذا اختلطت الأنساب ولا يعلم أن هناك قرشياً فليتول أفضلهم وأعلمهم وأقواهم ورعاً وديناً، واستدلوا على ذلك بقوله عليه الصلاة والسلام: (اسمعوا وأطيعوا وإن تأمر عليكم عبداً حبشياً) أي: ليس قرشياً، لكن أغلب أهل العلم على اشتراط أن يكون الأئمة من قريش، وذلك إذا عُلم.
أما أن يبني دعوته على قوله: أنا رأيت رؤيا وتحققت.. إذا قابلت هذا الرجل فاسأله عن صفة النبي عليه الصلاة والسلام؛ لأن كثيراً من الناس يقول لك: أنا رأيت الرسول في المنام، لكن عندما تقول له: صف لي الرسول عليه الصلاة والسلام: لا يستطيع أن يصفه.
كان ابن مسعود رضي الله عنه إذا جاء شخص إليه وقال له: أنا رأيت النبي عليه الصلاة والسلام، يقول: صفه لي. فإن لم يوفق في وصف النبي عليه الصلاة والسلام كما رآه الصحابة يقول له: لم تر شيئاً.
مداخلة: هل يسبق ظهور المهدي أمارات وعلامات وأشراط؟
الشيخ: نعم، وآخر الزمان لابد من علامات وأشراط تأتي قبل المهدي وقد أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم.
الجواب: تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ [البقرة:134] .
مداخلة: هناك خلاف في يزيد؟!
الشيخ: إي نعم، مختلف فيه، ومنهم من وصل به الحال إلى تفسيقه، ولا شك أنه لم يكن كأبيه ولا يقاربه، وكان جائراً، لكننا نكف اللسان عنه؛ لأنه لا يترتب عليه كبير شيء إلا مجرد السب.
الجواب: أحاديث الصبر على الولاة الظالمين ليست بمنسوخة بطبيعة الحال؛ لأنه لا ينسخ حديث النبي صلى الله عليه وسلم إلا الحديث نفسه، ولا يمكن أن يفتي أحد على خلاف الحديث -ولا يصلح- حتى وإن كان صحابياً، ثم هل هذا إجماع؟ لا، ليس عمل واحد أو اثنين أو ثلاثة من الصحابة يسمى إجماعاً؛ لأن أهل المدينة إذا أجمعوا على شيء وقد خالفهم أهل البصرة والكوفة والحجاز ومكة ومصر فلا يسمى هذا إجماعاً، والحسين رضي الله عنه خطأه ابن عباس وابن عمر ، وخرج وراءه في الطريق، وحاول أنه يثنيه عن الخروج، وابن الأشعث لما حاول أنه يخرج خطأه العلماء بالخروج، ولـابن كثير كلام ممتاز في البداية والنهاية في فتنة ابن الأشعث مع الحجاج ، وقال: إن كل شر أصاب هذه الأمة بسبب الخروج؛ وإنه يجب عليهم أن يصبروا؛ لأن هذه الأحاديث محكمة، وليس هناك إجماع أصلاً.
مداخلة: وهل خروج بعض الصحابة والتابعين يعتبر دليلاً شرعياً؟
الشيخ: لو قلنا: إن هذا دليل فلن يصل إلى أن يكون دليلاً شرعياً، إذا قلنا: فعله الصحابي أو قد ثبت عنه، فمثلاً أبو هريرة رضي الله عنه لما رآه أبو رافع وغيره وهو يتوضأ في الميضأة وحده فكان يوصل الماء إلى كتفه، وهم كانوا ينظرون إليه ويستغربون، فقال: هل أنتم هنا ..؟! لو علمت مكانكم ما توضأت هذا الوضوء، إني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (تبلغ حلية المؤمن حيث يبلغ وضوءه) هذا تفسير من دلالة النص، وكذلك ابن عمر عندما كان يروي أحاديث كثيرة في الوضوء كان يرفع أشفار عينيه ويغسل أشفار عينيه -أي: جفونه- من الداخل حتى عمي، وقال مالك: كل يؤخذ من قوله ويترك إلا صاحب هذا القبر -ويشير إلى قبره عليه الصلاة والسلام-
فمن الممكن أن يجتهد الصحابي، ومن الممكن أن يخطئ في اجتهاده، لكن أحاديث الصبر على الولاة -وهي كثيرة- ولا تنسخ بالإجماع أبداً؛ لأنه ليس هناك إجماع أصلاً، والإجماع لا ينسخ حديثاً صحيحاً فضلاً عن حديث مشهور، فتبقى الأحاديث على دلالتها كما هي.
مداخلة: الخروج على الحاكم هل تراعى فيه المصالح والمفاسد؟
الشيخ: مسألة تقدير المصالح والمفاسد لابد من اعتبارها، ولابد أن نعرف: هل صح ذلك عن الصحابة أم لا؟ وما هي الملابسات التي جعلتهم يقولون بذلك؟ المسألة لا تفهم هكذا، فقد كانوا من أحوط الناس، ومن أشدهم حرصاً على وحدة المسلمين، مهما كان من هذا الظالم الجائر، وصلاة ابن عمر خلف الحجاج معروفة، وصلاة الصحابة خلف ولاة الجور معروفة، كان يصلي هذا وهذا وهذا، ويقول: أنا عنهم غير راض، وإذا أذن للصلاة في أي مكان يصلي خلفهم.
ونحن لم نجرب في الخروج إلا كل شر، فالمسألة ترتبط -تبعاً لذلك- بالمصالح والمفاسد، والنبي عليه الصلاة والسلام أمر بعدم الخروج حفاظاً على المسلمين من الفتن التي عصفت بالأمة وصارت نتائجها تفوق الحصر بل تفوق الخيال!!
الجواب: الصحيح عدم الوضع، إذ أن هذه هيئة، والهيئة لابد لها من دليل خاص، ولا يدخل الاجتهاد في الهيئة، وواضح أن ما أخذ عن طريق العموم يعد اجتهاداً، والإنسان إذا تدبر وتأمل النقل عن أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم يرى أنهم ما تركوا شيئاً إلا نقلوه حتى ثني أصابع القدمين، والتفريج في أثناء القبض على الركبة، وضم الأصابع أثناء تكبيرة الإحرام، وأثناء السجود على الأرض، ينقلون هذا بهذه الدقة، ثم لا يهتم أحد منهم قط أنه كان إذا قال: (سمع الله لمن حمده) قبض اليمنى على اليسرى..؟!
هذه هيئة، ومعروف أن الهيئات لا اجتهاد فيها، لا تؤخذ بدلالة العموم كما تؤخذ بقية الأحكام الشرعية، فلذلك يبقى هذا الإثبات مفتقراً إلى دليل خاص.
مداخلة: ما هو الدليل على العموم؟
الشيخ: العموم في أنه كان يضع اليمنى على اليسرى في القيام، فهذا عموم يشمل القيامين معاً، فأخذت هذه الهيئة بدلالة الاجتهاد بالدليل العام، وهذه هيئة، والهيئة لا يدخلها الاجتهاد كبقية الأحكام الشرعية، فلابد لهذه الهيئة من نص مثل أية هيئة في الصلاة، إذ كل هيئة لها نص إلا هذه، ما أخذت إلا بطريق العموم.
وأيضاً هذه الهيئة -مع أنها مشهورة- غير مذكورة في كتب الفقه، ولا يدندن عليها ولا يعول عليها، إنما ذكرها بعض العلماء.
مداخلة: على هذا هل يعد وضع اليمنى على اليسرى بعد الركوع بدعة؟!
الشيخ: لا، الأمر أهون من ذلك، يعني: افترض أني من العوام، وأئمتي الذين أتلقى عنهم الفتوى هم شيوخنا في الحجاز، فلا ينبغي التشديد ولا النكير في هذه المسائل ولا الظن بها أنها بدعة.
الجواب: لا، الحقيقة أن فتوى وجوب الأخذ من اللحية مما يجب تركه من فتاوى الشيخ رحمه الله؛ لأن الشيخ كان قبل ذلك يفتي بجواز الأخذ، وهذا مستقيم مع الآثار والأحاديث، لكن الإفتاء بوجوب الأخذ من اللحية، وجعل إسبال اللحية كإسبال الإزار هذا بعيد جداً، فكان ينبغي على الشيخ رحمه الله أن لا يتبنى فتوى إلا إن كان له فيها سلف، وهذه الفتيا بالوجوب ليس له فيها سلف يقيناً، إنما الاقتصار على القول بأن ابن عمر كان يأخذ وهذا فعل لا قول.
وأيضاً لو افترضنا أن ابن عمر قال: خذوا من اللحية.. هل قول الصحابي يفيد الوجوب؟ لا يفيد الوجوب، فإذا قلنا: إن ابن عمر جاءت عنه روايات مطلقة بالأخذ بغير حج أو عمرة، ورواية البخاري مقيدة بالأخذ في الحج والعمرة، فالصواب في هذه المسألة حمل المطلق على المقيد، فيبقى الرواية المقيدة في البخاري هي المقدمة على غيرها مطلقاً، فيبقى القول بجواز الأخذ في الحج والعمرة.
لكن -في الحقيقة- القول بوجوب الأخذ وتأثيم الذي لا يأخذ من اللحية.. هذه الفتوى لا أعلم أحداً قد أفتى بها، فسبحان الله! كل إنسان يؤخذ من قوله ويترك.
مداخلة: هل صح ذلك عن أحد من الصحابة غير ابن عمر؟
الشيخ: ليس هناك شيء يصح عن الصحابة بالأخذ من اللحية إلا عن ابن عمر ، وأبي هريرة رضي الله عنه، وأما عن أبي الدرداء وغيره فالأسانيد كلها ضعيفة، وكان هناك أثر ذكرته للشيخ قديماً -ولكن قبل أن يقول في هذه المسألة بجواز الأخذ فقط- وهو أن علي بن أبي طالب كان له لحية سابغة تصل إلى سرته، ولم أكن أعلم تخريجه آنذاك حتى وقفت في التمهيد لابن عبد البر أنه صح عن علي بن أبي طالب أنه كانت له لحية سابغة تملأ ما بين المنكبين، وكان يخضبها.
فهذا فعل علي بن أبي طالب ، وهو صحابي من الأربعة الخلفاء، ولحيته تصل إلى سرته وتملأ ما بين المنكبين، ويتعارض مع ما فعل ابن عمر ، فإما أن نقدم واحداً منها، وإما أن نسقط الاستدلال بهما معاً، ولا نقول بذلك، ولا شك في تقديم علي بن أبي طالب رضي الله عنه عند التنازع، بالإضافة إلى أن النظر إلى السنة العملية لفهم سنة النبي عليه الصلاة والسلام يكون إذا اشتهرت وأجمع عليها الصحابة أو أفتى بها أكثرهم، لكن نحن ما عندنا إلا ابن عمر والروايات مختلفة عنه، وكما قلنا: الرواية المطلقة تحمل على المقيدة، إذا كان في حج أو عمرة، أما الروايات الأخرى التي تقول: إنه كان يأخذ بإطلاق، فنحن نحملها على معنى الرواية المقيدة اتباعاً للأصول.
إذاً: عندنا قيدان: قيد زماني في الحج والعمرة، وقيد موضعي أنه يأخذ ما زاد عن القبضة؛ لكن الأمر لا يتجاوز أبداً حدود الجواز، ولا أعلم قائلاً بجواز الأخذ من اللحية من العلماء فضلاً عن الوجوب؛ لأن وجوب الأخذ من اللحية فيه تأثيم للذي يترك لحيته.
وهذا الحديث والفتوى كان من سلبياتها أن الذين يريدون حلق اللحى -المتضجرين من اللحية- صارت لحاهم أقل من حبة الأرز..! لماذا؟ بدعوى أن الأخذ من اللحية واجب، وصاروا يتهكمون على الملتحي ويقولون: يؤخذ من عمل المرء بقدر ما تطول لحيته، ويتكلمون كلاماً طويلاً بناء على فتوى الشيخ.
وأنا -وهذا مبلغ علمي- أرى أن هذه الفتوى شاذة، وأنه لم يقل بها أحد قط قبل الشيخ -أي: القول بالوجوب- هذه الحقيقة، ومن مذهب الشيخ رحمه الله تعالى أنه لا يتبنى حكماً إلا إذا كان مسبوقاً إليه، فمن الذي قال من العلماء بأن تطويل اللحية فيما يزيد عن القبضة لا يجوز؟
مداخلة: ذُكر ذلك في فتح الباري؟
الشيخ: لا، الفتح ذُكر فيه الأخذ، ولم يذكر وجوب الأخذ.
وتأثيم من لم يأخذ لا أعلم أحداً من العلماء قال به بهذه الصورة، نعم بعضهم قد يكره، لكن هل الكراهية تقتضي التحريم؟
مداخلة: هل إعفاء اللحية وعدم حلقها عادة؟
الشيخ: هذه ليست عادة.
وكونها من سنن الفطرة مما يدل على وجوبها، إذاً: سنن الفطرة دالة على الوجوب لوحدها، فإذا كانت الفطرة هذه لا تتغير من نبي إلى نبي، بل يفطر كل العباد عليها، فمتى كانت عادة إذا كانت من سنن الفطرة أصلاً كالاختتان وغيره؟!
فإذا كانت هي من سنن الفطرة، والأصل في سنن الفطرة الوجوب وليس الإباحة، وجاء النبي عليه الصلاة والسلام فحض على إحيائها بأحاديث متكاثرة؛ إذاً: الأصل فيها أنها عبادة، نسأل الله أن يغفر لنا وللشيخ.
الجواب: أكثر العلماء على استحبابه، إلا إذا كان الإنسان يحفظ أو يدرس أو نحو ذلك، فمن العلماء من رخص بالترك للمشقة، والشوكاني وغيره من العلماء قالوا بإباحة قراءة المصحف على غير وضوء، معتمدين على أن الضمير في قوله تبارك وتعالى: إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ * لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ [الواقعة:77-79] يعود على أقرب متعلق وهو الكتاب المكنون، وليس على القرآن الكريم، أي: لا يمس الكتاب المكنون إلا المطهرون، فيقول الشوكاني: ليس هناك دليل أصلاً على منع قراءة المصحف بدون وضوء، وحديث: (لا يمس القرآن إلا طاهر) قال: إن لفظ (طاهر) لفظ مشترك، وحقيقة اللفظ المشترك أنه لا يصل إلى معنى من معانيه إلا بدليل مستقل، فيطلق على المسلم، ويطلق على الماء الطاهر، ويطلق على الماء المطهر ... إلخ، ثم قال: إنَّ جعْل المقصود به هنا الطهارة من الحدث لابد له من دليل آخر حتى يعين هذا المعنى الذي أراده، وله كلام معروف.
مداخلة: فلو أن شخصاً تبنى قول الجمهور؟
الشيخ: إذا تبنيت قول الشاطبي -رحمه الله- في الموافقات: عليك بسنن الجمهور في الخلاف، إلا أن يكون لديك بحث خاص وأقمت الحجج على أن هذا هو الصواب، وأنت خالفت الجمهور فلك ذلك إن كنت أهلاً له.. هذا من حيث الإجمال.
مداخلة: إذاً: فنبقى على قول الجمهور حتى يبحث أحدنا بدقة في المسألة؟
الشيخ: كما قلت، وكما تكلمنا الآن وقلنا: عليك بسنن الجمهور.
الجواب: جماعة؛ لأنه لا يشترط أن تكون الجماعة في المسجد.
ولا يأثمون؛ لأن المقصود إقامة الجماعة، في أي مكان، وليس المسجد شرطاً لإقامة الجماعة، بمعنى: لا تقام الجماعة إلا في المسجد.. لا، المقصود إقامة الجماعة في أي مكان.
الجواب: (من سن سنة سيئة) مثلاً: في بلد من البلدان أراد رجل أن يسن سنة الجاهلية الأولى بالنسبة للسارق، فقال: الشريف إذا سرق سنتركه، والوضيع إذا سرق سنقطع يده، وأعاد هذه المسألة كرة أخرى في هذا البلد، ومات ومضى الناس على هذا الذي سنه.
والمقصود بالسن في قوله: (من سن سنة سيئة) (السنة) بالمعنى الاصطلاحي: ما ينسب إلى النبي عليه الصلاة والسلام.. لا ما ينسب إلى الناس، ولذلك قال (من سن في الإسلام).
إذاً: كل رجل يأتي فيقطع يد الوضيع ويترك الشريف عليه إثم كل رجل يفعل ذلك من بعده، وكذلك لو جاء رجل -مثلاً- فوجد الناس يحلقون لحاهم، والنساء يمشين سافرات، فجاء فأحيا فيهم سنة اللحية، وأحيا فيهم سنة النقاب، فهذا ينسب النقاب إليه وينسب اللحية إليه، وإن لم يكن جاء بذلك من عنده؛ لأنه هو الذي أحياها فنسبت إليه، كما قال عليه الصلاة والسلام: (ما من نفس تقتل إلا وكان على ابن آدم الأول كفل منها) لأنه أول من سن القتل.
الجواب: يجوز الكلام أثناء قضاء الحاجة، وعادة الإنسان أنه لا يتكلم إلا إذا كان محتاجاً، ولا يوجد شخص بكامل قواه العقلية يدخل الخلاء ولا يحلو له الكلام إلا وهو يقضي الحاجة.
مداخلة: ألا يدخل في ذلك النهي عن الكلام على الغائط؟!
الشيخ: ربما؛ لأن كلمة (على الغائط) إما أن تكون في وقت قضاء الحاجة، وإما إذا انتهى المرء من قضاء الحاجة ووقف، فهذا أحد المعنيين، لكن يحمل على ذلك بقرائن أخرى لا شك.
وهنا مسألة: التسمية للوضوء داخل الخلاء إذا سمى الله تبارك وتعالى في قلبه فقد تم المراد، يعني: ليس ضرورياً أن يجهر بها، ويرفع صوته.
الجواب: هذا صحيح؛ لأن الحديث صحيح، والذي يتبنى صحة الحديث لا يسعه إلا أن يقول بما قال الشيخ في مسألة صيام السبت، والذين يرون عدم النهي عن صيام السبت يضعفون الحديث أصلاً، لكن لو قلنا للذين لا يقولون بتحريم صيام السبت إلا في الفرض: هبوا أن الحديث صحيح من باب الجدل؛ لا يدعه إلا أن يفتي بالفتوى: أنه لا يجوز صيام السبت، لكنهم أصلاً يقولون بجواز صيام السبت؛ لأن الحديث ضعيف لديهم.
مداخلة: هل هذا على سبيل إفراد السبت؟!
الشيخ: لا يوجد لفظ: (إفراد) في الحديث، بل الحديث يقول: (لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم).
مداخلة: وهل هذا مثل إفراد الجمعة؟
الشيخ: لا، الجمعة فيها نص (نهى عن إفراد الجمعة) .
مداخلة: ألا يعارض حديث النهي عن صيام السبت حديث آخر؟!
الجواب: لا تعارض؛ لأن حديث النهي مقدم عند التعارض، إذ لو كان عندنا حديثان: حديث يمنع وحديث يبيح، ولم نستطع الجمع يقدم دليل المنع؛ لأن الأصل في العبادات المنع، ومتى كان الجمع ممكناً فذاك، ولو كان الحديث هكذا: (لا تصوموا يوم السبت) كان ممكناً أن نقول: لا تصوموا يوم السبت إلا أن يكون يوماً قبله، أو يوماً بعده، لكن لا يوجد أي وجه للجمع بين هذا الحديث وبين الأحاديث الأخرى التي تبيح صيام السبت؛ لأنه قال عليه الصلاة والسلام: (لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم) فصارت المسألة واضحة جداً؛ لأن لفظ الحديث يساوي: (لا تصوموا يوم العيد).
فصارت المسألة واضحة جداً, لأن: (لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم) مثله أيضاً: (لا تصوموا يوم العيد), والعيد لا يصام عند المسلمين.
مداخلة: هل يمكن الجمع بين الحديثين؟
الشيخ: لا تستطيع أن تجمع أصلاً, يعني: كيف تجمع بين قوله: (لا تصوموا يوم العيد) وبين استحباب صيام الإثنين أو الخميس, إذا جاء العيد يوم الإثنين أو يوم الخميس هل يشرع للإنسان أن يصوم يوم العيد؟ لا يشرع له أن يصوم.
إذاً فقوله: (إلا فيما افترض عليكم) قيد صوم السبت بالفريضة, فالترجيح إذا تعارض الحديث المانع مع الحديث المبيح الآذن فإن المنع يقدم, لأن الأصل في العبادات المنع حتى يرد الدليل بالإباحة.
مداخلة: هل يصوم الحاج يوم عرفة إذا كان يوم إثنين أو خميس؟
الشيخ: يترك صيام عرفة, لأن يوم عرفة ليس فرضاً بل هو مستحب, ولذلك لا يصوم الحاج يوم عرفة.
مداخلة: هل ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين صوم السبت والأحد؟
الشيخ: هذا صحيح, ولكن كل هذا حكمه حكم الصورة الأولى, كان أكثر صيامه عليه الصلاة والسلام السبت والأحد, ومن الممكن أن نقول: إن هذا كان في الأول, ثم قال عليه الصلاة والسلام: (لا تصوموا يوم السبت).
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر