بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد رسول الله، وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهداه، أما بعد.
السؤال: ما حكم دخان الطلح في نهار رمضان؟
الجواب: الأفضل بأن المرأة تجتنب هذا الشيء في نهار رمضان؛ لأن بعض أهل العلم يقول: استنشاق الدخان يفطر؛ لأن للدخان جرماً يصل إلى الحلق ويجد الإنسان طعمه, أوقد بخوراً فليس هناك مانع, لكن لا يتعمد أن يستنشقه وأن يجذب بنفسه, فقضية الدخان هذه قائمة على المكان المغلق, والمرأة تكون مغطاة ببطانية ونحوها, وهذا كله مظنة إفساد الصيام, فالأولى أن تجتنبه المرأة.
السؤال: ما حكم السواك بالمعجون في نهار رمضان؟
الجواب: السواك في أثناء النهار لا بأس به؛ لأن حديث عامر بن ربيعة رضي الله عنه قال: ( رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لا أحصي يستاك وهو صائم ), يعني: رآه مرات كثيرة, ولا فرق بين السواك بعود الأراك أو السواك باستعمال الفرشاة والمعجون, والمعجون ليس طعاماً ولا شراباً, ومن ذهب من أهل العلم إلى كراهة الاستياك بعد الزوال؛ لأنه يذهب الخلوف, فإن جمهور العلماء على خلاف هذا القول, قالوا: لأن الخلوف الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: ( أطيب عند الله من ريح المسك )، سببه خلو المعدة من الطعام, وهو باق سواء استاك الإنسان أو لم يستك.
السؤال: كفارة الجماع في نهار رمضان, واجب على الزوج فقط أم الزوج والزوجة؟
الجواب: إذا كانت الزوجة مطاوعةً للزوج مواطئةً له والصوم عليها واجب فالكفارة عليهما, يجب على الزوج كفارة وعلى الزوجة كفارة؛ لأن كلا الزوجين مخاطب بقول ربنا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة:183], وكلاهما مخاطب بالامتناع عن الجماع في أثناء الصيام, فكان الواجب على الزوجة أن تمتنع, وأن تذكره بتقوى الله وأن تحذره من سخط الله, فإذا لم تفعل ذلك وواطأته فإنه عليها كفارة كما أن على الزوج كفارة, أما إذا كانت مكرهةً مجبرة أو كان الصيام غير واجب عليها؛ لكونها قدمت من سفر أو لكونها حائضاً مثلاً ونحو ذلك, فالكفارة على الزوج وحده.
السؤال: إذا فاتتني صلاة العشاء فأدركت المصلين في التراويح، هل أدخل معهم بنية العشاء أو أصلي فردًا, ثم أدخل معهم في صلاة التراويح؟
الجواب: الأفضل أن تدخل معهم في صلاة التراويح؛ لأن صلاة المفترض خلف المتنفل صحيحة عند جمع من أهل العلم, وهو الراجح إن شاء الله، استدلالًا بحديث معاذ رضي الله عنه: ( أنه كان يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء ثم يذهب فيصلي بقومه في محلتهم ), أي: في مكان سكنهم في مسجدهم, فلا في مانع أن تصلي العشاء خلف من يصلي التراويح, وهذا أفضل من أن تصلي وحدك, وأفضل من أن تقيموا جماعة فتشوشوا على الجماعة الراتبة.
السؤال: هل يجوز لي قراءة وردي اليومي من كتاب تفسير القرآن وأنا حائض؛ لأني لا أريد أن أضيع هذه الأيام؟
الجواب: نعم يا أختاه! يجوز لك أن تقرئي وردك اليومي جزءاً أو جزأين أو ثلاثة من كتاب التفسير, وأنا أقول: بأن المرأة الحائض تمتنع من الصلاة وتمتنع من الصيام, لكن لا ينبغي أن تمتنع من الأعمال الصالحة الأخرى, ففي رمضان مطلوب منها تفطير الصائمين, ومطلوب منها الصدقات والجود, والإكثار من قراءة القرآن, ومن ذكر الله, وأيضاً الإكثار من الدعاء, وكذلك صلة الأرحام، وغير ذلك من القربات والطاعات, فليس معنى أن المرأة حائض, أنها تغلق أبواب الخير كلها وتمتنع منها جميعها.
السؤال: هل يجوز لأم الزوجة أن تكون أمام زوج ابنتها بغير حجاب علماً بأنها محبوسة؟
الجواب: نعم يجوز, فزوج ابنتك هو محرم لك؛ لأن الله عز وجل لما ذكر المحرمات بين أن المحرمات من المصاهرة أربع فقال: وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا [النساء:22], ثم قال: وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ [النساء:23], أي: زوجة الابن حرام على الوالد, ثم قال: وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ [النساء:23], أي: أم الزوجة حرام عليك, بمجرد ما عقدت على ابنتها فقد صارت حراماً عليك, ثم قال: وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ [النساء:23], فبنت الزوجة محرمة شريطة الدخول بأمها, فالمقصود بأن زوج بنتك هو كولدكِ, مثلما أنه يجوز للمعتدة من وفاة زوجها أن تجلس مع أولادها بغير حجاب, فكذلك لا مانع أن تجلس أمام زوج ابنتها بغير حجاب.
السؤال: ما حكم استعمال زيت الحشيش في دهن الشعر؟
الجواب: زيت الحشيش إذا كان المقصود بالحشيش هذه المادة المخدرة، فبعض العلماء قالوا: الحشيشة نجسة؛ لأنها مخدرة، وقالوا: الفرق بين المسكر والمخدر أن المسكر: هو الذي يذهب العقل دون الحواس مع نشوة وطرب, والمخدر: هو الذي يذهب العقل دون الحواس بدون نشوة وطرب, يعني: المسكر والمخدر يشتركان في إذهاب العقل, ويفترقان في النشوة والطرب التي تكون مع المسكر دون المخدر, ولذلك الإمام أبو العباس بن تيمية رحمه الله قال: هذه الحشيشة ملعونة هي وآكلها, وإذا كانت الخمرة بمنزلة البول فالحشيشة بمنزلة العذرة، يعني: جعل الحشيش نجسة كالغائظ, وعليه أقول: بأن الأفضل اجتناب هذا الشيء احترامًا لقول من يقول بنجاسة الحشيش.
السؤال: هل يجوز إخراج الفطر نقداً؟
الجواب: نعم يجوز إخراج زكاة الفطر نقداً؛ لأن الزكاة ليست عبادةً محضة, وإنما هي دائرة مع مصلحة الفقير، ومصلحة المسكين, وهذا الذي قاله جمع من أهل العلم: كالإمام أبي حنيفة النعمان ، ومن قبله الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز , وكذلك سفيان بن سعيد الثوري ، ومن الأئمة المتأخرين: الإمام أبو العباس بن تيمية قالو: بأنه إذا كان النقد أنفع للفقير فإنه يعطى نقداً, ولا شك أن في زماننا النقد أنفع؛ لأنه بالنقود يستطيع أن يبتاع ما يريد, وبالنقود يستطيع أن يشتري كهرباء, وأن يسدد فاتورة الماء, وأن يبتاع قمحاً أو تمراً أو أرزاً أو دواءً أو ثياباً، أو يدفع أجرة البيت، أو غير ذلك من ضرورات الحياة التي لا بد منها, أما لو أنا اقتصرنا على المواد العينية, أعني بذلك: التمر والشعير والأقِط والزبيب وما أشبه ذلك, فإنه قد يضطر إلى بيعها أو بيع بعضها بأقل من ثمنها الذي اشتريت به.
فلذلك الأفضل أن نعطيه القيمة نقداً، ومجمع الفقه الإسلامي عندنا حدد القيمة لهذا العام بثمان جنيهات, فهذه القيمة تخرجها عن نفسك وعمن تعول, من صام ومن لم يصم, يعني: تخرجها عنك وعن زوجتك أو زوجاتك، وعن أولادك جميعاً الذين تنفق عليهم، من صام ومن لم يصم, حتى الرضيع تخرج عنه, بل استحب أهل العلم إخراجها عن الحمل؛ لأن عثمان بن عفان عليه من الله الرضوان كان يخرج الزكاة عن الحمل وهو في بطن أمه.
السؤال: أفطر شخص في نهار رمضان لأنه احتلم، ولم يكن يعلم أن الشخص لا يفطر بمجرد الشهوة في المنام, فماذا عليه؟
الجواب: معنى سؤاله: بأنه فيما مضى كان يحتلم في نهار رمضان وهو نائم, وكان يظن أن الاحتلام مفسد للصيام فكان يقوم من نومه فيأكل ويشرب ظاناً أن صومه قد فسد، وأن القضاء قد وجب.
فأقول: هذا الإنسان كان واجباً عليه أن يسأل وأن يستفسر لئلا يقع في أمر منكر؛ لكنه لم يفعل غفر الله له, فيلزمه أمران، الأول: التوبة والاستغفار مما كان من التقصير في طلب العلم.
وثانيهما: أن يقضي هذه الإيام التي أفطرها، وليس مطلوب منه سوى القضاء؛ لأنه متأول أو لأنه معذور بجهله, والعلم عند الله تعالى.
المتصل: رجل في رمضان أذن الأذان الثاني ثم قام وشرب الماء، وأيضاً وضع في فمه سفة ثم سمع الإقامة فما حكم صيامه، وهل يقضي أم لا؟
الشيخ: نجيبك إن شاء الله.
المتصل: يا شيخ عبد الحي! صدرت فتوى من مجمع الفقه لأهل البحر الأحمر بجواز الفطر بسبب الحرارة الموجودة عندنا، وأنا أرى أن المرحلة لا تصل إلى حد أن الناس يفطرون، لكن عندنا مصيبة نزلت علينا وهي زيادة تعرفة الكهرباء، فنحن نستعين على الصيام بتشغيل المكيفات أربعة وعشرين ساعة، فنريد منكم أن تناشدوا رئيس الجمهورية أو وزير الكهرباء ليعيدوا النظر في تسعيرة فاتورة الكهرباء، وجزاكم الله خيراً؟
الشيخ: طيب أبشر يا أسامة , إن شاء الله.
المتصل: عندي أربعة أسئلة:
السؤال الأول: يا شيخ! أنا في أول يوم من رمضان نويت أني أصوم يوم بكرة من رمضان, واكتفيت بذلك، ولم أنو بقية أيام رمضان فهل تكفيني النية الأولى؟
السؤال الثاني: الأستاذ في المدرسة قال لنا: إن ليلة القدر لا تأتي لرجل قاطع رحم أو يعق والديه, فهل هذا الكلام صحيح؟
السؤال الثالث: في المدرسة حين يكون عندنا امتحانات بعض زميلاتي يفطرن في رمضان أثناء الامتحانات، فهل الفطر جائز وقت الامتحانات؟
السؤال الرابع: هل يجوز للمرأة أن تقرأ القرآن عبر أجهزة التلفزيون أو الراديو على الهواء؟
الشيخ: نجيبك إن شاء الله.
المتصل: عندي سؤالان:
السؤال الأول: والدتي مريضة بداء السكر، ثم قبل فترة كانت تعاني من مرض في الجيوب الأنفية، وراجعت الطبيب فأجرى لها فحوصات لوظائف الكلى، ثم قال لها الدكتور: أنا أنصحك أنك لا تصومين رمضان؛ لأن الأمر هذا سيؤثر مستقبلاً على وظائف الكلى, وإن كانت الآن وظائف الكلى جيدة، فهي عملت بنصيحته وأفطرت اليومين الأولين, فأنا قمت وسألت بعض أهل العلم وأخبروني أنها إذا وجدت مشقة في الصوم عليها أن تفطر، وطالما الأمر هذا لا يؤثر عليها حالياً فعليها أن تصوم, فأخبرتها أنها تصوم، لكني أطلب منك القول الفصل في هذا الأمر، هل تفطر أم تصوم؟
السؤال الثاني: فتاة منتقبة أتاها زوج يقيم في دولة أوروبية, وهو رجل على خلق ودين، لكن الإشكال أنها إذا رضيت به زوجًا وتزوجته فالنقاب محظور في تلك الدولة حسب قوانينها، فهل ترضى بهذا الزوج وتذهب إلى أوروبا وتنزع النقاب, أم ترفض، وجزاك الله خيرًا؟
الشيخ: نجيبك إن شاء الله.
المتصل: رجل أصيب بحادث وما صلى فترة المرض حيث كان معوقاً، فكيف يعمل بما فاته من صلاته هل يقضيها أم لا؟
الشيخ: بالنسبة لسؤال أخينا عاطف بأن شخصاً حصل له حادث في نهار رمضان وهو صائم، نقول: إذا كان أغمي عليه فليس عليه قضاء, يعني: لو أنه أغمي عليه يوماً أو يومين أو ثلاثة أيام مثلاً, فإنه متى ما أفاق يصلي الحاضرة, وليس عليه قضاء الأوقات التي كان خلالها في إغماء, أما إذا كان هذا الشخص لم يكن في إغماء, وإنما كان حاضر العقل, فقد كان الواجب عليه أن يصلي على الحالة التي يستطيعها, كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لـعمران بن حصين : ( صل قائماً, فإن لم تستطع فقاعداً, فإن لم تستطع فعلى جنب), فكان المفروض لصاحبك هذا يا عاطف أنه يصلي قائماً، وإذا كان غير قادر فيصلي قائماً مستنداً, وإذا لم يستطع يصلي قاعداً متربعاً, فإن لم فيصلي قاعداً مستنداً, فإن لم فيصلي على شقه الأيمن ووجه إلى القبلة, فإن لم فإنه يصلي مستلقياً على ظهره, يعني هذه مرتبة, إما أن يصلي قائماً أو قائماً مستنداً، أو يصلي قاعداً متربعاً، أو قاعداً مستنداً, أو يصلي على شقه الأيمن ووجه إلى القبلة، أو يصلي مستلقياً على ظهره ورجلاه إلى القبلة, ويرفع رأسه قليلاً, ويومئ بالركوع والسجود.
وأخوك هذا ما فعل ذلك, وإنما ترك الصلوات تلك المدة, فيلزمه الآن أولاً: أن يستغفر الله مما كان, ثانياً: أن يقضيها قدر الاستطاعة, وليس صحيحاً ما قلته يا عاطف بأن كل وقت بوقته، وإنما تقضيها في أي وقت، يعني: الآن لو استطاع أن يأتي بالظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر, ثم يأتي بظهر وعصر ومغرب وعشاء وفجر, ثم يأتي بظهر وعصر ومغرب وعشاء وفجر, يعني: يقضي صلاة الأيام الثلاثة التي فاتته الآن فلا بأس بهذا, وهذا هو المطلوب من أجل أن تبرأ ذمته إن شاء الله, وليس صحيحاً يا عاطف بأن كل صلاة تقضى بوقتها كما يعتقد أكثر الناس.
الشيخ: أخونا أسامة ختم من بور سودان ذكر فتوى المجمع الفقهي في جواز الفطر للساكنين قرب البحر الأحمر لشدة الحرارة عندهم، فأقول: يا أسامة أحسن الله إليك, وبارك فيك! وأسأل الله أن يخفف عن أهلنا وإخواننا في البحر الأحمر, وأن يهيئ لهم من أمرهم رشداً, وأن يطيب أجواءهم، ويعينهم على عبادتهم, فتوى المجمع ما كانت خبط عشواء، وإنما كانت مبنية على سؤال واستبيان واستقراء، يعني: تم الاتصال بسلطات الولاية, تم الاتصال بالإرصاد الجوية, وحصل الاتصال مع وزارة الصحة الاتحادية، وبناءً على إفادة هذه الجهات الرسمية صدرت الفتوى.
وليست الفتوى بأن الناس يفطرون, وإنما فتوى تقول: يجب على الجميع أن يبيتوا نية الصيام, ويصبحوا صائمين, فمن كان من أهل اليسار والسعة وعنده مكيفات وفي حالة طيبة، فيجب عليه على كل الأحوال أن يواصل صيامه, ومن لم يكن كذلك، أي: كان من أهل الفاقة والحاجة, وزاد عليه تعرفة الكهرباء، يعني: زادت أسعارها أضعافاً مضاعفة, ففي هذه الحالة إذا شق عليه الأمر، بحيث خشي على نفسه التلف, وقد ذكر بأن هناك حالتين وفاة، وذكر بأن ضربات الشمس قد أصابت أناساً كثيرين, ففي هذه الحالة قلنا: بأن المشقة تجلب التيسير، والضرر يزال، وأن المشقة إذا كانت خارجة عن الوسع والطاقة فـ لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286], بمعنى: أننا لم نبح للناس الفطر، وإنما قيد الأمر بحصول المشقة، وهذا موجود في كتب الفقهاء رحمهم الله، وقد نصوا عليه, وربنا قال: وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [البقرة:195], وقال: وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ[النساء:29], وقال: لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا [الطلاق:7], وقال: لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا[البقرة:233], وقال: لا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [الأنعام:152], وقال: لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا[البقرة:286], والنبي عليه الصلاة والسلام قال: (إن أحب الدين إلى الله أيسره), وربنا قال: يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ[البقرة:185].
فالمشقة المعتادة في العبادة لا بد منها, يعني: الصيام سواء كان في الخرطوم، أو في أوروبا، أو في مكة فيه مشقة, لكنها مشقة معتادة, والكلام الذي بلغنا من هذه الجهات الرسمية بأن المشقة التي أصابت الناس في ولاية البحر الأحمر مشقة ليست معتادة, وأن درجة الحرارة بلغت ستاً وأربعين درجة ومرشحة للزيادة, فدرجة الرطوبة عالية جداً، ففيه مشقة, ثم الناس كانوا يأوون إلى المساجد فانقطعت الكهرباء عن المساجد بسبب التعرفة الجديدة, وفي البيان نفسه مناشدة لمن ولاه الله الأمر بأن يرفق بالناس, وأنه ليس مناسباً أبداً أن تكون زيادة الكهرباء في هذا الشهر المبارك.
وأنا من هنا أوجه رسالة لأخينا الأستاذ أسامة عبد الله محمد الحسن وزير الكهرباء والسدود, أقول: بأني أضم صوتي للأصوات المطالبة بإعادة النظر في هذه التعريفة الجديدة, وتخفيض الأسعار على الناس مهما كلف ذلك من أمر؛ لأن الكهرباء الآن ما عادت رفاهيةً، ولا عادت من الأمور التحسينية, وإنما هي من الأمور الضرورية، لا يستغنِي أحدنا عن الكهرباء في طعامه وشرابه ومنامه, فهذا أمر يحتاج إلى إعادة نظر, وأذكر الجميع بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به, ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه ).
السؤال: أخونا متوكل من الأبيض ذكر أن صاحباً له سمع الأذان فتعمد أن يشرب، ثم وضع سفة -والعياذ بالله- ثم بعد ذلك سمع الإقامة؟
الجواب: هذا الإنسان صومه فسد, وإذا كان قد تعمد ذلك فعليه القضاء والكفارة عند الحنفية والمالكية, عليه أن يقضي مكان اليوم يوماً، ويكفر بصيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكيناً, لكن الغالب -والله أعلم- بأنه ما تعمد, لعله ظن بأنه الأذان الأول فلذلك شرب.
وأما وضعه السفة فحرام في رمضان وفي غير رمضان, فإن السفة من الخبائث، ومن الأمور المنكرة المستقبحة التي لا تليق بالمسلم.
وأقول: يا أيها الإخوان! إن رمضان فرصة لتغيير كثير من العادات القبيحة التي اعتادها الناس، مثلاً: الناس الذين يتناولون التبغ, وكذلك الذين يضعون هذه السفة, فرمضان فرصة، خاصةً أننا نمتنع عن الحلال من طلوع الشمس إلى غروب الشمس تعبداً لله عز وجل، فالأولى أن نمتنع عن الحرام بعد غروب الشمس, أسأل الله أن يتوب علينا أجمعين.
السؤال: إسراء من الدامر، ذكرت بأنها نوت الصيام في اليوم الأول من رمضان واكتفت بذلك، فهل نيتها صحيحة؟
الجواب: يكفيكِ نية الليلة الأولى، يعني: أنتِ ليلة الجمعة نويت أن تصومي رمضان فهذه كافية؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إنما الأعمال بالنيات ), وأنتِ قد نويت الشهر كله, فهذه تكفي، وتجديدها لكل ليلة من باب الاستحباب فقط وليس من باب الوجوب, ورمضان كما يقول المالكية: عبادة واحدة ذات أجزاء, كصلاة التراويح عبادة واحدة ذات أجزاء, ومثلها أيضاً الحج, فالإنسان يحرم بالحج, والحج فيه أجزاء، فبعد أن يحرم بالحج عنده طواف، وعنده سعي، وعنده وقوف، وعنده مبيت، وعنده رمي, وهذه الأجزاء المتفرقة كلها تكفيها النية الأولى.
السؤال: أستاذهم في المدرسة قال لهم: بأن ليلة القدر لا تأتي لقاطع رحم أو عاق لوالده، فهل هذا الكلام صحيح؟
الجواب: هذا كلام صحيح، يعني الأستاذ أصاب فيما قال؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تنزع الرحمة إلا من شقي, ولا تنزل الرحمة على قوم فيهم قاطع رحم ), وقطيعة الرحم موجبة لأن تقطع عن القاطع رحمة الله, فإن ( الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله, ومن قطعني قطعه الله ), ولما خلق الله الرحم استجارت بالعرش فقال الله عز وجل: ( أما ترضين أن أصل من وصلكِ، وأن أقطع من قطعكِ ), فمن وصل رحمه وصلته رحمة الله, ومن قطع رحمه قطع الله عنه رحمته, وكذلك العاق لوالديه؛ لأن الله قرن بين شكره وشكر الوالدين فقال: أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ المَصِيرُ [لقمان:14].
الشيخ: أما الطلبة الذين يفطرون في رمضان للامتحانات فليسوا مصيبين، بل مخطئون, والصيام يا أيها الأبناء! يصفي الذهن، ويشحذ العزيمة, ويرتفع بالهمة, يعني بعدما كان الإنسان همه في الفطور والغداء والعشاء والشاي والقهوة, رمضان يأتي فيقطع الإنسان عن هذه الشهوات, ويوجه همه إلى معالي الأمور, لذلك في رمضان تسمو الروح، وتنشط النفس للعبادة, ولذلك أقول لأبنائنا الطلاب: استعينوا بالله ولا تعجزوا، لا تفطروا في رمضان, وكلما الإنسان تاقت نفسه إلى َجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ[آل عمران:133], وأدمن التفكير في باب الريان كلما هان عليه ما يصيبه من جوع أو عطش.
السؤال: الأخت تسأل عن قراءة القرآن للمرأة في الأجهزة، يعني في الإذاعة والتلفاز على الهواء, فما حكم ذلك؟
الجواب: لا ينبغي؛ لأن قراءة القرآن تستلزم نوعاً من تحسين الصوت وترخيمه والإتيان بالغنة والمدود وما إلى ذلك, مما لا ينبغي للمرأة فعله أمام الأجانب, ولذلك الشريعة ما كلفت المرأة بالأذان, ولا كلفت المرأة بالإقامة أمام الرجال الأجانب, فلذلك نقول: لا ينبغي للمرأة أن تقرأ في الأجهزة، سواء كان على الهواء أو تسجيل.
السؤال: مولانا عبد المنعم من الصحافة ذكر بأن والدته -عافاها الله- مريضة بداء السكر, وبعد ذلك عانت من الجيوب الأنفية, ثم ترددت على الطبيب فقال لها: بأن الصيام قد يؤثر على وظائف الكلى في مستقبل الأيام، فهل يسقط عنها الصيام؟
الجواب: يا أخانا عبد المنعم ! إن القول قول الطبيب, إذا كان طبيباً حاذقاً وموثوقاً في دينه, فالقول قوله, ولا ينبغي لك أن تسأل غيره, والوالدة عافاها الله قد صامت من الشهور ما يسر الله لها فيما مضى من عمرها, وقد عذر الله الشيخ الكبير والمرأة العجوز والمريض بالداء المزمن؛ لأنهم جميعاً ينتقلون إلى الإطعام, ولذلك لا ينبغي التشويش على الوالدة بسؤال الناس؛ لأن القول في هذه المسألة قول الطبيب, يعني: ليس القول قول المفتي، أو قول إمام المسجد: بل القول قول الطبيب, إذا قال الطبيب بأن هذا المرض سيؤثر على هذه المريضة حالاً أو مآلاً، فلها أن تفطر وتطعم عن كل يوم مسكيناً, لكل مسكين سبعمائة وخمسون جراماً من دقيق أو تمر, يعني: كيلو إلا ربع, وعن الشهر كله اثنان وعشرون كليو ونصف, يعني: إذا كان الشهر ثلاثين يوماً، فاثنان وعشرون كيلو ونصف تكفي إن شاء الله.
السؤال: السائل ذكر أن فتاةً منقبةً خطبها رجل مقيم في بلاد أوروبا, وأن هذا الرجل أخبرها بأن تلك البلاد يحظر فيها النقاب بالقانون, ولعله يقصد فرنسا والله أعلم, فهل تقبل به أو لا؟
الجواب: هذا متوقف أولاً على هذا الرجل أهو ذو خلق ودين أم لا؟ فإذا كان ذا خلق ودين فالحمد لله. ثانياً: ما سبب إقامته في تلك البلاد, إن كان يطلب علماً نافعاً، أو كانت إقامته موقوتةً بسبب من الأسباب فأيضاً لا مانع من القبول به زوجاً, ومسألة النقاب الأمر فيها واسع، وإن شاء الله هي على الاستحباب, ولا تفوت المصلحة العظمى في الاقتران برجل ذي خلق ودين من أجل الإصرار على النقاب الذي هو أمر مختلف فيه، وأكثر العلماء على أنه مستحب ليس بواجب، والعلم عند الله تعالى.
المتصل: زوجي ذو سعة في المال، لكنه يطعم الحيوانات فيعطي القطط اللحم، وأيضاً لا يحافظ على الصلاة في أوقاتها، وأناصحه دائماً ويقول: إني غلطانة، ويغترب عن البيت سنتين ويتركنا، فأريد أن تقدم له نصيحة جزاك الله خيراً؟
الشيخ: أبشري، إن شاء الله أجيبك.
المتصل: عندي سؤالان:
السؤال الأول: ما هو الفرق بين المني والمذي؟
السؤال الثاني: هل الجماع بالليل يبطل الصيام أم لا؟
المتصل: امرأة في رمضان كانت حاملة في الشهر التاسع، وفي اليوم الثالث من رمضان ولدت فأفطرت بقية رمضان ثم رضعت ولدها ولم تقض، ثم حملت فجاء رمضان الثاني وولدت أيضاً، فكيف تعمل بقضاء رمضان الأول؟
المتصل: أسأل عن قول الله تعالى في سورة المائدة حين سأل الله عيسى عليه السلام فقال: أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ [المائدة:116]، ما هي الحكمة من سؤال الله لعيسى مع أن الله يعلم أنه لم يقل هذا الكلام؟
الشيخ: نجيبك إن شاء الله.
المتصل: أنا أصلي الصبح حاضر يومياً، ويوم الجمعة لأنه يوم إجازة أجلس في المسجد حتى تطلع الشمس حتى يكتب الله لي أجر عمرة وحجة تامة، فهل هذا الكلام صحيح؟
الشيخ: نجيبك إن شاء الله.
الشيخ: الأخت زبيدة تشكو من زوجها، وأنا أوجه رسالة عامة أقول: بأنه يجب على الزوج أن يعاشر زوجته بالمعروف، وأن يوصل إليها حقوقها, وأن يتقِي الله فيها ما استطاع، ويجب على الزوجة أن تعاشر زوجها بالمعروف وأن تؤدي إليه حقوقه، وأن تتقِي الله فيه ما استطاعت؛ لأن المعاشرة بالمعروف حق مشترك بين الزوج والزوجة, قال الله عز وجل: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالمَعْرُوفِ[النساء:19], وقال: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ[البقرة:228], وتقول الأخت: بأن زوجها لا يصلي الصلوات في مواعيدها، وهذه مصيبة طبعاً وكارثة؛ لأن الله تعالى توعد المفرطين فقال: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ [الماعون:4-5], وقال: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا [مريم:59], والنبي عليه الصلاة والسلام ذكر صلاة المنافق, فقال: ( أنه ينتظر إذا كانت الشمس بين قرني شيطان قام فنقر أربعاً لا يذكر الله فيها إلا قليلاً ), والله عز وجل قال: إِنَّ المُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلَّا قَلِيلًا [النساء:142], فلذلك أقول بأن هذا الزوج عليه أن يتقِي الله عز وجل ويؤدي حقه, فإن: ( أول ما يحاسب عليه المرء من عمله يوم القيامة الصلاة ).
وأما إطعامه القطط اللحم فهذا من العجب العجاب، خاصة في مثل هذه الأيام التي غلت فيها الأسعار، وشحت فيها الأقوات, وتنادى الناس إلى مقاطعة اللحوم كلها أبيضها وأحمرها؛ بسبب غلاء أسعارها, والكيلو اللحم وصل إلى ست وثلاثين، وثمان وثلاثين، مما لم يحدث في زمان مضى، وهذا الزوج يعطي اللحم للقطط، وكان حرياً به إن كان يبحث عن الأجر أن يطعمها بني آدم , فالآدمي أولى من غيره، وصحيح أنه ( في كل كبد رطبة أجر ), لكن لا يمكن أن يكون عنده الجيران والأرحام يشكون الجوع، وهم يشتهون اللحم؛ لأنه ربما مرت عليهم الأيام والأسابيع بل ربما الشهور ولم يذوقوا للحم طعماً, وهذا يرميه للقطط كما قيل:
تموت الأسد في الغابات جوعًا ولحم الضأن يرمى للكلاب
وذو جهل ينام على حرير وذو علم ينام على التراب
فما ينبغي لك أيها الرجل أن تطعم اللحم للقطط والناس يشكون الجوع.
وأما تقصيره في حقك بأنه يذهب فيغيب سنتين، هذا أيضاً لا يجوز, وأياً ما كان الأمر فأنا أنصحكما بإصلاح ذات البين، ومناقشة سبب الخلاف، ومحاولة الوصول إلى حل يرضي الطرفين, سواء كان بالاستمرار أو الفراق؛ لأن الله عز وجل قال: فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ [الأنفال:1], وإذا تعسر الإصلاح فلا بد من الفرقة, وقد قال سبحانه: وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللهُ وَاسِعًا حَكِيمًا[النساء:130].
السؤال: أخونا محمد من كنانة, سأل عن الفرق بين المني والمذي؟
الجواب: المني يا أخي! مشتق من الإمناء وهو الإسالة, كما قال ربنا جل جلالة: أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى [القيامة:37], أي: يسال, وسميت منى منى؛ لأنها تمنى فيها الدماء, أي: تسال فيها الدماء, والمني: مقصود به الماء الدافق, الذي يكون منه الولد، فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ * خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ [الطارق:5-6], وسماه الله كذلك ماءً مهيناً قال تعالى: أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ [المرسلات:20], وهذا الماء المهين يخرج عند اللذة الكبرى, وهذا المني يترتب عليه وجوب الغسل.
أما المذي فهو مني لم يتم طبخه, ويخرج عند التفكر أو عند الملاعبة, ويجب منه غسل المحل والوضوء. والفرق بينهما من ثلاثة وجوه:
الوجه الأول: من ناحية الكمية, فالمني يخرج دفقاً, يكون ملء الكف, والمذي: يخرج قطراً.
الوجه الثاني: من ناحية الرائحة, فللمني رائحة كرائحة صفار البيض, وليس للمذي رائحة.
الوجه الثالث: من ناحية الثخانة: فالمني ثخين، يعني: سميك غليظ, وأما المذي فإنه رقيق, وبذلك يمكنك التمييز بينهما.
الشيخ: أما الجماع في الليل في رمضان فلا مانع منه بنص القرآن، قال تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ [البقرة:187], وأما مبطلات الصيام فجماعها أمور ثلاثة ذكرت في هذه الآية وهي: الأكل والشرب والجماع, قال الله عز وجل: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ [البقرة:187], فهذه هي أصول المفطرات: الأكل والشرب والجماع, وأيضاً من المفطرات يا أخي! الحقن المغذية؛ لأنها تقوم مقام الغذاء وتفعل فعله فهذه أيضاً مفطرة, ومن المفطرات أيضاً: إيصال شيء إلى الجوف من المنفذ المعتاد سواء كان من الفم أو من الأنف, وبعضهم ألحق بالمنافذ المعتادة: الشرج, ففطروا بالحقنة الشرجية.
ومن المفطرات أيضاً عند المالكية: المذي، فمن أمذى في نهار رمضان فإنه قد أفطر, وكذلك من استمنى في نهار رمضان فإنه قد أفطر، وعند بعض أهل العلم يوجب ذلك القضاء وحده, وعند بعضهم يوجب القضاء والكفارة.
السؤال: الأخت فاطمة من أمبدة بارك الله لها في أولادها ذكرت: أنها كانت في رمضان الذي مضى حاملاً ووضعت في اليوم الثالث، وبقية الشهر كانت نفساء, والآن هي حامل والحمد لله, ونسأل الله أن يزيدها من فضله.
الجواب: إن شاء الله بعد انقضاء الحمل والإرضاع ولو بعد سنتين يلزمك القضاء.
السؤال: أخونا محمد من السعودية, سأل عن قول ربنا جل جلاله في سورة المائدة: وَإِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ[المائدة:116], يقول: لماذا يسأله ربنا وهو جل جلاله يعلم؟
الجواب: نعم يعلم جل جلاله بغير شك, ولذلك عيسى عليه السلام سيقول في الجواب: إِنْ كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ[المائدة:116], فـعيسى عليه السلام تأدب في الجواب تماماً, ما قال: لا ما قلت يا رب, وإنما قال: سُبْحَانَكَ[المائدة:116], أي: أنت يا ألله موصوف بالكمال كله, ومنزه عن النقص كله، سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ[المائدة:116], لأني ليس لي حق في أن أدعو الناس إلى عبادتي، قال تعالى: مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ [آل عمران:79], وفي القراءة الأخرى: (بما كنتم تَعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون), وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا المَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:80]، ثم قال عيسى: إِنْ كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ [المائدة:116], لو أن هذا الكلام يا ربي قد صدر مني فأنت علام الغيوب، تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ [المائدة:116].
لكن ما فائدة السؤال؟ الفائدة: إقامة الحجة على من اتخذوا المسيح إلهاً, معبوداً مع الله عز وجل, فقالوا: المَسِيحُ ابْنُ اللهِ [التوبة:30], أو قَالُوا إِنَّ اللهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ [المائدة:73], ولذلك يقول القائل:
أعباد المسيح لنا سؤال نريد جوابه ممن وعاه
إذا مات الإله بصنع قوم أماتوه فهل هذا إله
ويا عجباً لقبر ضم رباً وأعجب منه بطن قد حواه
أقام هناك تسعاً من شهور لدى الظلمات من حيض غذاه
وشق الفرج مولوداً صغيراً ضعيفاً فاتحاً للثدي فاه
ويأكل ثم يشرب ثم يأتي بلازم ذاك هل هذا إله
تعالى الله عن إفك النصارى سيسأل كلهم عما ادعاه
قال الله: مَا المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ[المائدة:75], وهذه الأسئلة تكرر يوم القيامة يا محمد ! أن الله عز وجل سيسألنا ماذا كنتم تعبدون؟ وهو يعلم جل جلاله من عبد الحجر، ومن عبد الشجر، ومن عبد البشر، ومن عبد الشمس والقمر، ومن عبد الله الواحد القهار جل جلاله, وسيسألنا أيضاً: مَاذَا أَجَبْتُمُ المُرْسَلِينَ [القصص:65], وهو يعلم جل جلاله من أجاب ومن أعرض, وسيسألنا: َمَّاذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [النمل:84], وهو جل جلاله يعلم ما كنا نعمل.
السؤال: أختنا علياء من شرق النيل بارك الله فيها، ذكرت أنها مواظبة على صلاة الصبح في كل يوم؟
الجواب: وأنا أبشرها بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( من صلى الصبح فهو في ذمة الله ), وأبشرها بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة ).
وتذكر أنها في يوم الجمعة لأنه يوم إجازة تمكث بعد صلاة الصبح تذكر الله عز وجل إلى أن تطلع الشمس, وبعد الشروق تقوم فتصلي ركعتين من أجل أن تكتب لها حجة وعمرة، فأقول: هنيئاً لك, وإن شاء الله أنتِ من أهل هذه البشارة: ( من صلى الصبح ثم جلس يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين كان له أجر حجة وعمرة تامة تامة ), والحديث حسنه بعض أهل العلم.
أسأل الله أن يتقبل مني ومنكم, وأن يعفو عني وعنكم, وأن يختم لنا جميعاً بالحسنى, إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين, اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد, وعلى جميع المرسلين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر