الحمد لله رب العالمين، حمداً كثيراً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، وكما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد عدد ما ذكره الذاكرون الأخيار، وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد ما اختلف الليل والنهار، وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى المهاجرين والأنصار.
أما بعد: إخوتي وأخواتي! سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، ومرحباً بكم في هذه الحلقة الجديدة التي أبدؤها بالترحم على أخينا الحبيب، وشيخنا الفاضل الأستاذ أبي جعفر محمد سيد حاج رحمه الله وغفر له، وأعلى منزلته في الجنة، وألحقنا به على خير.
إذا كان من كلمة في هذا المقام فإنني أقول بأن هذا الشيخ المبارك رحمه الله قد صحبه توفيق ربه جل جلاله حين اختار هذا الطريق الطيب، طريق طلب العلم الشرعي الشريف، القائم على الدليل من الكتاب والسنة، ثم إن توفيق الله عز وجل صحبه حين رزقه تلك الحافظة الجيدة، والقريحة المتوقدة، فاستظهر النصوص، وأدمن الاطلاع على الكتب، وحفظ من أقوال أهل العلم مما جعله زاداً له.
إن توفيق الله صحبه حين اختار طريق الدعوة، وبذل نفسه للمسلمين جميعاً، يذكرهم ويعلمهم، ويأمرهم وينهاهم، وهو في هذا كله متحل بدماثة الأخلاق، وكريم الطباع، فكان رحمه الله هاشاً باشاً، يلقى الناس بوجه باسم، ومحياً طيب، فكتب الله له القبول، وأجرى ألسنة الناس بالثناء عليه، فلا تجد من المسلمين شانئاً له، أو مبغضاً، ولا تجد من الطيبين من يذكره بالسوء، بل الناس جميعاً كانوا بفضله مقرين، وبعلمه منتفعين، ولحديثه مستمعين، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم، والقبول بين الناس ما يتأتى بمال يبذل، ولا بجاه يفرض، وإنما ( إذا أحب الله عبداً نادى جبريل: يا جبريل إني أحب فلاناً فأحبه، فيحبه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يحب فلاناً فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ويوضع له القبول في الأرض ) ، وهو ما نحسب أن أخانا أبا جعفر رحمه الله قد نال منه شيئاً عظيماً.
إن الشيخ وفقه الله كان يجوب البلاد طولاً وعرضاً، يدعو إلى الله عز وجل على بصيرة، ويذكر المسلمين بما يجب عليهم نحو ربهم، ونحو بعضهم وهو يستند على علم صافٍ من ينبوع الكتاب والسنة، وفهم واضح لأقوال أهل العلم ومآخذهم واستدلالاتهم، ثم هو بعد هذا كله قد رُزق تواضعاً وخفضاً للجناح، وقياماً بالحقوق، وعفة في اللسان، وترتيب للأولويات، إلى غير ذلك من أمور عظيمة.
كانت وفاته رحمه الله على حداثة سن، فهو ابن ثمان وثلاثين سنة، وهي السن التي قبض الله فيها الفقيه العظيم والصحابي الجليل أبا عبد الرحمن معاذ بن جبل الأوسي الأنصاري رضي الله عنه وأرضاه، فقد قبض وهو ابن ثمان وثلاثين سنة، وهو الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: ( أعلمكم بالحلال والحرام معاذ )، وكذلك الإمام العادل والخليفة الراشد والعبد الصالح عمر بن عبد العزيز بن مروان الأموي رحمه الله ورضي عنه، قبض وهو ابن اثنتين وأربعين سنة، ومثله الإمام أبو زكريا يحيى بن شرف النووي رحمه الله ورضي عنه، توفي في ذات السن، وهكذا كثير من الطيبين أفضوا إلى ربهم، وانتقلوا من هذه الفانية إلى الباقية في سن مبكرة، لكنهم تركوا آثاراً طيبة، وعلماً غزيراً، وعملاً صالحاً، وهكذا نحسب أن أخانا أبا جعفر رحمة الله عليه كان من هذا الصنف فما كان يهدأ له بال، ولا يقر له قرار، بل في كل يوم هو في بلد وفي إقليم، وفي ولاية، وتجده في المساجد وفي الجامعات وفي المدارس، وتجده في حلقات العلم يدرس الرجال والنساء، وفي خطبة الجمعة كان الناس يسعون إلى مسجده، ويتحلقون حوله، ويستمعون إليه، وقد رزقه الله عز وجل طرافة وخفة في كلامه، فما يمل السامع حديثه، ولا تمج الأسماع منطقه، بل رزقه الله عز وجل في ذلك كله حلاوة وطلاوة مما خلف له إقبالاً وقبولاً عند الناس، ونحسب أن الله عز وجل قد ختم له بالحسنى، إن شاء الله، هذا ظننا، فالشيخ كان في دعوة إلى الله عز وجل في سفر من الأسفار، وقدر الله عز وجل أن يحصل حادث للسيارة التي كان يركبها، وهشمت تلك السيارة، وأصيب الشيخ رحمه الله إصابة بالغة، وقدر الله عز وجل أن تكون منيته في ذلك، وقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الشهداء سوى المعترك: ( الحريق شهيد، والغريق شهيد، والمهدوم شهيد، والمطعون شهيد، والمبطون شهيد، والمرأة تموت بجمع شهيدة )، أي: التي تموت في الولادة، وقد قال بعض أهل العلم كالحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله بأن هذه الميتات الستة التي عينها رسول الله صلى الله عليه وسلم يقاس عليها كل ميتة فيها شدة، فكل ميتة عانى صاحبها شدة، وأصيب في نفسه إصابة بالغة، أو عانى آلاماً مبرحة؛ فإنه يرجى أن يكون الله عز وجل قد كتب له الشهادة.
إن حسن الخاتمة إن شاء الله ظاهر في أنه كان في سفر طاعة، وفي طريق دعوة، وعهدنا به رحمه الله عز وجل أنه بار بوالديه، وصول لإخوانه، حريص على أن يصلهم في أفراحهم، وفي أتراحهم، وفي ملماتهم، وأن يعمل على التخفيف عنهم، وقد كان حريصاً على قضاء حوائج الناس، والإجابة على أسئلتهم، هذا كله نرجو أن يكون الله عز وجل قد ادخره له في ميزان حسناته.
ثم إن الشيخ رحمه الله بعدما توفي كانت جنازته مشهداً مهيباً، جمع الله فيها الطيبين وأهل الخير، والصالحين، وطلبة العلم، وأهل القرآن، والمحبين للعلم وأهله، فكانوا ألوفاً مؤلفة، صلوا على جنازته، وشيعوه إلى المقبرة، وأجرى الله عز وجل الألسنة بالدعاء له، والترحم عليه، ولم يقدر لي أن أحضر تلك الجنازة، لكنني والحمد لله وفقت للصلاة عليه في قبره بعدما دفن؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمنا هذه السنة، لما ماتت المرأة السوداء التي كانت تقم المسجد، سأل النبي عليه الصلاة والسلام عن قبرها وقال: ( دلوني على قبرها، فصلى عليها بعدما قبرت، وقال: إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها، وإن الله عز وجل ينورها بصلاتي عليهم ).
فأقول إخوتي وأخواتي بأن الشيخ قد أفضى إلى رب كريم حليم رءوف غفور سبحانه وتعالى، وظننا بأن الشيخ رحمه الله عاش من أجل لا إله إلا الله، ومات على لا إله إلا الله، وقد وعدنا ربنا جل جلاله على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم أن حقنا عليه ( ألا يعذب بالنار من مات لا يشرك بالله شيئاً ).
واجبنا نحو الشيخ رحمه الله أن نكثر من الدعاء له؛ فإنه قد خلف علماً كثيراً طيباً مباركاً فيه، مبثوثاً في أشرطته، وبرامجه، ومحاضراته، وخطب الجمعة التي ألقاها، وهذه القناة المباركة، ومن قبلها إذاعة طيبة المباركة وكان لهما قصب السبق في تسجيل تلك الدروس، وتدوين هذا العلم الذي خلفه الشيخ، والذي نرجو أن يكون صدقة جارية له بعد موته؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرنا أن ( ابن آدم إذا مات انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له ) ، والشيخ رحمه الله قد خلف هذا العلم النافع، وخلف ذرية طيبة مباركة إن شاء الله مع والدين كريمين، أسأل الله عز وجل أن يجبر كسرهم، وأن يعظم أجرهم، وأن يعوضهم خيراً، وأن يرزقنا وإياهم صبراً جميلاً، وأن يعوض أمة الإسلام في السودان خيراً، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفق طلبة العلم إلى السير على هذا الطريق السديد من بذل العلم، ونشره، والدأب في ذلك بالليل والنهار، والحمد لله في البدء والختام، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا: إن العين تدمع، وإن القلب يحزن، وإنا لفراقك يا أبا جعفر لمحزونون، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم اغفر لعبدك أبي جعفر ، وارفع درجته في المهديين، واخلفه في الغابرين، واغفر لنا وله يا رب العالمين، اللهم أفسح له في قبره، ونور له فيه، وجازه بالحسنات إحساناً، وبالسيئات عفواً وغفرانك، واسقه من حوض رسول الله صلى الله عليه وسلم، وارزقه جواره في الجنة، واختم لنا جميعاً بخاتمة السعادة، يا أرحم الراحمين، ويا أكرم الأكرمين، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
المتصل: عندي أربعة أسئلة:
السؤال الأول: الجرائد تكون فيها آيات قرآنية فيجعل الناس فيها أغراضهم، وأحياناً يلفون فيها تمباكاً، وأحياناً تراها ملقاة في الشوارع فنريد نصيحة لهؤلاء؟
السؤال الثاني: هناك إنسان كان في الصلاة وخرج منه ريح، هل يكمل الصلاة، أو يقطع الصلاة ويتوضأ ويصلي من جديد؟
السؤال الثالث: ما حق الزوج على الزوجة؟
السؤال الرابع: إنسان يشتغل جزاراً، وملابسه يصيبها دم من البهيمة التي يذبحها، هل الدم الذي من البهيمة ينقض الوضوء ويفسد الصلاة أم لا؟
المتصل: عندي ثلاثة أسئلة:
السؤال الأول: دعاء الاستفتاح في الصلاة للمسبوق، هل يقول الدعاء أم يدخل مع الإمام؟
السؤال الثاني: ورد في سورة الطور وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ [الطور:4]، فما هو البيت المعمور؟
السؤال الثالث: نريد أن تحذر من الإشاعة لأن كثيراً من الناس يحبون أن تشيع الفاحشة.
المتصل: عندي سؤالان:
السؤال الأول: أسأل عن شخص مسلم وجيرانه مسيحيون، وحلف بالله إن تحقق له شيء أن يذبح لهم خنزيراً فما حكم هذا؟
السؤال الثاني: أخي مصر أن يتزوج بفتاة ووالداه يرفضان الزواج علماً أن البنت مطلقة؟
الشيخ: حسن محمد أحمد الشيخ من الجزيرة سأل عن الجرائد التي تلقى في الطرقات وفي المزابل وقد حوت آيات قرآنية، وأحاديث نبوية؟
فأقول: لا شك بأن هذه من المعاصي التي فشت في الناس، وهي من الذنوب الكبار؛ لأن هذه من شعائر الله التي أمرنا بتعظيمها ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج:32]، وقال تعالى: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ [الحج:30]، وسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عنده خاتم نقشه: محمد رسول الله. فكان إذا أراد الخلاء، يخلع الخاتم ويضعه إلى أن يقضي حاجته عليه الصلاة والسلام، وهذا من تعظيمه لشعائر الله. ومن تعظيمه لشعائر الله صلى الله عليه وسلم أنه منع الحائض والجنب من دخول المسجد. ومنع الجنب والحائض من مس المصحف، ومنع الجنب من قراءة القرآن. وكذلك من تعظيمه لشعائر الله أنه صلى الله عليه وسلم كان يذكر ربه بالإجلال والتعظيم، فيقول: سبحانه وتعالى، أو عز وجل، ونحو ذلك من الألفاظ المشعرة بالإجلال والتعظيم. وكذلك إذا ذكر الأنبياء من قبله فقد قال عن إبراهيم عليه السلام: ( قاتل الله المشركين، والله ما كان شيخنا يستقسم بالأزلام )، وكون الإنسان يعمد إلى إلقاء صحيفة يعلم بأن فيها أسماء الله جل جلاله، وأسماء الأنبياء، وفيها آيات وأحاديث، لا شك بأن هذه من المصائب التي ينبغي أن نتعاون جميعاً على دفعها والحد منها، وإلا فقد فشت حتى في غير الجرائد، فقد تجد مثلاً أوراقاً فيها بسم الله الرحمن الرحيم، وهي من القرآن، يرمي بها بعض الناس، وتجد الناس يدوسونها، ولا أحد ينكر ذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
الشيخ: الإنسان الذي خرجت منه ريح في أثناء الصلاة الواجب عليه أن يخرج من صلاته، وأن يجدد وضوءه ثم يستأنف صلاة جديدة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ ) ، ولما سئل أبو هريرة عن الحدث فسره بالريح، وكذلك قال صلى الله عليه وسلم: ( لا يقبل الله صلاة بغير طهور، ولا صدقة من غلول ).
الشيخ: حق الزوج على زوجته: أن تطيعه فيما يأمرها، وفيما ينهاها، إلا إذا أمرها بمعصية الله، ونهاها عن طاعة واجبة، كذلك من حقه عليها: ألا تصوم تطوعاً وهو شاهد إلا بإذنه، وألا تأذن في بيته لمن يكره، ومن حقه عليها كذلك: أن توقره، وأن تخاطبه بأحب الأسماء إليه، وإذا أتى بشيء أن تقبل ذلك، وتدعو له، وكذلك إذا طلبت شيئاً أن تحسن الطلب، وهذا داخل في المعاشرة بالمعروف التي تجب على الزوجة نحو زوجها.
وبالمقابل فللزوجة حق على زوجها تتمثل في الحقوق المادية: المهر، والنفقة في طعامها وإدامها، وكسوتها، وأثاثها، ومسكنها، وآلة تنظيفها، ونحو ذلك. ثم يجب لها أيضاً حقوقاً معنوية نحو الزوج وهي: معاشرتها بالمعروف، كما قال ربنا وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19] وهذا حق مشترك بينهما. كذلك من حق الزوجة على زوجها: أن يأمرها بالمعروف، وينهاها عن المنكر، وأن يعلمها دينها، وأن يصون عرضها، وأن يحفظ سمعتها، إلى غير ذلك من الحقوق التي قررتها الشريعة.
السؤال: جزار في ملابسه دم هل يبطل وضوءه؟
الجواب: لا يبطل وضوءه، فلا علاقة بين الدم الوارد من مؤثر خارجي وبين بطلان الوضوء، فالوضوء لا يبطل إلا بأحداث وأسباب سبق ذكرها، لكن لو استطاع أن يجعل لصلاته ثوباً غير ثوب مهنته فليفعل، فإن لم يستطع فليصل في ثوبه؛ لأن المشقة تجلب التيسير.
الشيخ: أخونا عبد القادر شلعي يسأل عن دعاء الاستفتاح للمسبوق؟
فأقول: هذا له أحوال: إذا كانت الصلاة صلاة جهرية والإمام يقرأ، فلا تذكر دعاء الاستفتاح. كذلك إذا كانت الصلاة سرية وغلب على ظنك أن الإمام قارب من الركوع فلا تشتغل بدعاء الاستفتاح، بل اشتغل بقراءة الفاتحة، أما إذا كانت الصلاة سرية والركعة في أولها وغلب على ظنك أنك ستأتي بالاستفتاح وتدرك الفاتحة، فلا حرج عليك إذا قرأته إن شاء الله.
الشيخ: قوله تعالى وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ [الطور:4] النبي صلى الله عليه وسلم دخل هذا البيت، وبين لنا أمره، وأنه في السماء السابعة، ويطوف به كل يوم سبعون ألف ملك، لا يرجعون إليه إلى يوم القيامة، فالذين يطوفون اليوم غير السبعين الذين طافوا بالأمس، غير السبعين الذين سيطوفون غداً، أما كونه يقابل الكعبة المشرفة، فالله أعلم.
الشيخ: الإشاعة لا شك أنها من الأمراض الاجتماعية الخطيرة التي لا ينبغي للمؤمنين أن يتهاونوا بها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( كفى بالمرء إثماً أن يحدث بكل ما سمع ) ، وقال: ( بئس مطية القوم زعموا ) ، والإشاعة كان لها أضرار بالغة في تاريخنا، ولك أن تتذكر لما أشيع أن نبينا صلى الله عليه وسلم قتل يوم أحد فكانت النتيجة أن بعض الصحابة رضي الله عنهم ولوا مدبرين، وبعضهم ألقوا بسلاحهم واجمين، وأيضاً شائعة الإفك لما تحدث عبد الله ابن سلول في عرض أمنا عائشة رضي الله عنها، ثم بعد ذلك لاكت الأفواه هذا الحديث، كيف كان أثر ذلك على النبي عليه الصلاة والسلام و عائشة رضي الله عنها، وأبويها أبي بكر و أم رومان ، وعلى صفوان بن المعطل رضوان الله على الجميع، فكلهم أصيبوا بهم وغم، وما كانوا يتلذذون بطعام ولا منام، حتى نزلت البراءة من السماء.
ثم بعد ذلك انظر في التاريخ كيف كانت الشائعات التي أطلقت عن عثمان عليه من الله الرضوان، أنه ولى أقاربه، وأنه قد رد الحكم بن أبي العاص إلى المدينة بعدما نفاه رسول الله عليه وسلم منها، وولى الوليد بن عقبة وهو فاسق كما قالوا، وكيف أنه قد حرق المصاحف، وحمى الحمى، وضرب عماراً حتى فتق أمعاءه، وأجلى أبا ذر إلى الربذة، إلى غير ذلك من الأمور التي بعضها صحيح، وقد فعله عثمان عليه من الله الرضوان بتأويل سائغ، وبعضها كان إفكاً مفترى، وبعضها كانت أموراً فُهمت على غير وجهها، مثلما قالوا قاتلهم الله بأن عثمان أتم الصلاة في منى، وقد قصرها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن عثمان قد رقى على المنبر إلى الدرجة التي وقف عليها النبي صلى الله عليه وسلم، وقد نزل عنها أبو بكر و عمر ، إلى غير ذلك من الأباطيل والترهات التي روجوها، وكانت النتيجة قتل عثمان عليه من الله الرضوان؛ ولذلك نقول يا أيها الإخوة والأخوات: إن الإنسان إذا سمع شائعة فلا بد أن يتعامل معها بطريقتين: طريقة داخلية وطريقة خارجية، الطريقة الداخلية أن يظن بالمسلمين ظناً حسناً لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ [النور:12] ، والطريقة الخارجية، طلب البرهان هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ [النمل:64]، وقال تعالى: لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُوْلَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ [النور:13] فأي إنسان يتكلم بكلام فإننا نقول له: أين برهانك؟ أين دليلك؟ لم تقول هذا الكلام؟ مع تغليب حسن الظن بالمتكلم فيه، أو من أطلقت في حقه الشائعة.
المتصل: كم هو نصاب الزكاة؟
المتصل: عندي ثلاثة أسئلة:
السؤال الأول: ما تفسير قوله تعالى: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ [النساء:93]؟
السؤال الثاني: ما تفسير قوله تعالى: لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ [المائدة:60]؟
السؤال الثالث: ما تفسير قوله تعالى: وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ * فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ [البقرة:65-66]؟
المتصل: عندي سؤالان:
السؤال الأول: نحن جماعة في مزرعة في السعودية، والمسجد يبعد عنا تقريباً مائة وخمسين متراً، ونحن نصلي جماعة في المزرعة، فهل الصلاة جائزة أو لا؟
السؤال الثاني: دخلت المطعم مع أحد الإخوة على أساس نتغدى، فحلف بالله أنه سيحاسب، وقلت له: حرمت ما تدفع، فقال: والله ما تدخل جيبي ثانية، فحاسبت أنا، وأسأل هل هذا الرجل عليه كفارة؟
السؤال: أخونا جعفر سأل عن مسلم جيرانه نصارى، ونذر لئن حقق الله له كذا ليذبحن خنزيراً؟
الجواب: لا شك بأن هذه معصية، وهي من السفه الذي ينبغي أن يتنزه عنه المسلم، لكن ما عليه إلا أن يستغفر الله عز وجل مما قال، وليس عليه وفاء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه )، فلا يذبح الخنزير، بل إن ذبح الخنزير من الكبائر، ولا ينبغي للمسلم أن يتورط في مثل هذا، ولذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ضرب المثل بالخنزير ضربه للأمور المنكرة، قال في الحديث: ( من لعب بالنردشير فكأنما غمس يده في دم خنزير ) ، وفي الحديث الآخر وهو موقوف على ابن مسعود : من شرب الخمر فليشقص الخنزير. ومعنى فليشقص: يذبح الخنزير، فقرن بين شرب الخمر وذبح الخنزير، ويكفيك قول ربنا جل جلاله في القرآن فَإِنَّهُ رِجْسٌ [الأنعام:145]، فقد وصف الخنزير بأنه رجس، ولو تأملتم ستجدون الدواب حتى المحرم أكلها منتفع بها، فالحمار الأهلي لا يؤكل ولكن يركب ظهره، ويحمل عليه المتاع، وكذلك الكلب لا يؤكل لحمه ولكن يستخدم في الحراسة، وينتفع به بوجه ما، فقد يستخدم في الصيد، وقل مثل ذلك في ذوات المخلب من الطير، لكن الخنزير لا توجد فيه فائدة أصلاً، فلا يحرس، ولا يصاد به، ولا ينتفع بشيء منه، بل هو رجس كله.
الشيخ: أخوك المصر على الزواج من امرأة ثيب، ولكن أبويه يرفضان، نقول له: خير لك لو أطعت أباك وأمك، وخير لك لو عملت على إرضائهما، لكن لو تزوجت فإن الزواج صحيح، ولا نقول: إنه باطل لأنه ليس من شرط صحة الزواج رضا الوالدين.
الشيخ: أخونا فتح الرحمن سأل عن نصاب الزكاة؟
فأقول: يا فتح الرحمن نصاب الزكاة في كل حين يتغير بحسب أسعار الذهب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا أن النصاب عشرون مثقالاً، فمن كان يملك عشرين ديناراً من الذهب، وهو ما يعادل بمقاييس أيامنا هذه خمسة وثمانين جراماً من الذهب من عيار واحد وعشرين؛ فإنه يجب عليه أن يخرج ربع عشره، 2.5% ، ولما سألنا عن هذا الأمر قبل فترة وجيزة أخبرنا بأن النصاب الذي تجب فيه الزكاة ما يعادل ستة آلاف جنيه سوداني، ولا يخفى عليك بأن أسعار الذهب تعلو وتهبط، لكن هذا هو النصاب الآن ستة آلاف جنيه، فإذا كنت تملك هذا النصاب أو أكثر منه فأخرج زكاته.
السؤال: أخونا سيف النصر سأل عن تفسير قول ربنا الرحمن في سورة النساء: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا [النساء:93].
الجواب: أخبر ربنا في هذه الآية بأن قتل المؤمن عمداً من كبائر الذنوب، وتترتب عليه عقوبات أربعة، وهذه العقوبات عند الله، وليست العقوبة الدنيوية التي هي القصاص، وإنما عند الله عز وجل قال: فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا [النساء:93] وهل هذا الخلود خلود أبدي، أو خلود نسبي؟ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ [النساء:93] نسأل الله العافية وَلَعَنَهُ [النساء:93] أي: طرده من رحمته وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا [النساء:93] أي: في تلك النار التي توعده الله عز وجل بها، والصحيح إن شاء الله من أقوال أهل العلم بأن للقاتل توبة، فلو أن القاتل تاب توبة صحيحة، فإن الله جل جلاله يقبل توبته، ويسقط حقه هو سبحانه وتعالى، ويدل على ذلك آية الفرقان حين قال ربنا الرحمن: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا [الفرقان:68-69] ثم قال سبحانه: إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [الفرقان:70] ، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم ثبت عنه في الحديث الصحيح خبر الرجل الذي قتل تسعة وتسعين نفساً، ثم كمل بالراهب الجاهل مائة، ثم لما تاب تاب الله عليه، وأدخله الجنة برحمته، ثم إن القياس الصحيح يدل على ذلك، إذ الشرك أعظم من القتل، فالشرك أعظم من الذنوب، والمشرك لو تاب فإن الله عز وجل يقبله، قال تعالى: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ [الأنفال:38] ، فالقاتل إثمه أخف من أثم المشرك، وهو داخل تحت قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48].
المتصل: بعض الناس بينما هو يحفظ ولده القرآن سأله عن معنى قوله: إِنَّ الإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ [العاديات:6] فأحرج الأب لكونه لا يعرف، فهل يمكن أن نأتي بكتاب تفسير ونعلمهم، نرجو أن توضح لنا كيف نتصرف مع هؤلاء الأطفال؟
المتصل: رجل طلق زوجته من أجل أن يتزوج أختها، فما الحكم؟
السؤال: أخونا سيف النصر سأل عن قول ربنا جل جلاله في سورة المائدة: قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ [المائدة:60].
الجواب: هذه الآية جاءت في سياق مخاطبة أهل الكتاب الذين ناصبوا نبينا صلى الله عليه وسلم العداء منذ أن وصل إلى المدينة، وقد بدأها ربنا جل جلاله بقوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ [المائدة:51]، ثم ثنى بقوله جل جلاله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ * وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ * قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ [المائدة:57-59]، يعني: ما سبب نقمتكم على أهل الإسلام، وعداوتكم لهم، والحال أنهم يؤمنون بما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم، وما أنزل الله على موسى وعيسى، وغيرهم من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، ثم قال الله عز وجل: قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ [المائدة:60] المثوبة: الجزاء بالخير أو بالشر، قال الله عز وجل مخبراً عن هؤلاء الأشرار الذين أعد الله لهم ذلك الجزاء: مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ [المائدة:60] وهذه الصفات في اليهود، ويتضح هذا في الآية التي بعدها.
الشيخ: سألت عن قول الله تعالى: وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ [البقرة:65]، فأقول: إن الله وضع على اليهود الإصر ومنه أنه منعهم من الصيد يوم السبت، ثم ابتلاهم بأن تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ [الأعراف:163] ففي اليوم الذي يمنع فيه الصيد تأتي الحيتان شارعة رءوسها، ويمتلئ بها البحر، ثم إذا غربت شمس السبت تختفي، فبدءوا يتحايلون على الله ويخادعونه، فعمدوا إلى أن يأتوا بالطوق ويربطونه عند الشاطئ برباط محكم، فإذا جاء يوم السبت يرمون ذلك الطوق، فيحبسون الحوت؛ لأنه مربوط إلى الشاطئ، فإذا غربت شمس السبت سحبوه، وقالوا: ما صدنا، فلما مسخوا شريعة الله عز وجل مسخهم الله قردة وخنازير. وبعض أهل التفسير قالوا: بأن هذا المسخ مسخ معنوي للطباع والصفات، ولكن الذي عليه الأكثرون وهو الذي يدل عليه ظاهر القرآن بأنه كان مسخاً حقيقياً ولا حول ولا قوة إلا بالله.
السؤال: إبراهيم محمد عبد الله من السعودية ذكر بأنهم يعملون في مزرعة، والمسجد يبعد عنهم مائة وخمسين متراً، لكنهم لا يذهبون إلى المسجد ويصلون حيث هم؟
الجواب: نقول: لا تفعلوا هذا، بل اذهبوا إلى المسجد؛ لأن صلاة المسلم في المسجد، اللهم إلا إذا كان المسجد بعيداً، فذاك شأن آخر، لكن إذا كان المسجد قريباً يمكنك الوصول إليه فلا يحل لك أن تصلي في مزرعتك وتدمن ذلك.
الشيخ: أما دخولكما المطعم وحلفكما أنت وصاحبك، حيث حلف صاحبك بالله، وأنت حلفت بالحرام، قلت: ثم دفعت، فالحمد لله أن الله سلمك، وصاحبك عليه كفارة يمين، وإلا لو كان العكس لكان مشكلة، لأن كلمة حرام قد نحملها على الظهار أو نحملها على الطلاق وهذه مشكلة أخرى، لكن الذي أنصحك به أنت وصاحبك ما نصح به الحسن رضي الله عنه حين قال: الطعام أهون من أن يحلف عليه.
الشيخ: يا نزار ! ليس عيباً أن تُسأل عن تفسير آية فتقول: لا أدري، وليس عيباً أن ترجع إلى كتب التفسير، وينبغي أن يشجع الولد الذي يسأل عن معاني القرآن، ويشجع على تدبر القرآن، ولا يقال له: أنت لا زلت صغيراً، ولا تسأل، فقط أحفظ. فليس هذا تصرف حسن، وإنما نشجعه على التعرف على المعاني، وقول ربنا: إِنَّ الإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ * وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ * وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ [العاديات:6-8]، كنود بمعنى جحود، فالإنسان يجحد نعمة الله عز وجل عليه، حيث أوجده من العدم، وأمده بالنعم، وفي الوقت نفسه هو حريص على المال وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ [العاديات:8] أي: لحب المال لشديد، وممكن يا نزار أن تأخذ كتاب (كلمات القرآن) وهو كتاب صغير، للشيخ حسنين محمد مخلوف رحمه الله، وقد كان مفتياً للديار المصرية قبل خمسين أو ستين سنة، وهذا الرجل كتب الكلمة ومعناها، وبعض المصاحف مطبوع معها معاني كلمات القرآن التي كتبها الشيخ مخلوف ، فيمكن أن تقرأها وتخبره بالمعنى، وليس في ذلك عيب ولا نقص إن شاء الله.
السؤال: عمار ذكر أن رجلاً طلق زوجته ليتزوج أختها؟
الجواب: إذا كان ذواقاً مطلاقاً فهو مذموم مقبوح، فالذي يتزوج ويطلق، ويتزوج ويطلق فقط من أجل أن يذوق هذه ويذوق تلك، لا شك أن هذا صنيع الذين لا يقدرون الله حق قدره، والمفروض أن الإنسان يتزوج بنية الديمومة والاستمرار، ثم إذا قدر الله طلاقاً فهذا شيء آخر، لكن لا يتزوج بنية أن يطلق.
وعلى كل حال لو أن الإنسان طلق امرأة فلا يحل له أن يتزوج أختها إلا إذا انقضت عدتها؛ لأن الله نهانا عن الجمع بين الأختين.
نتوقف إن شاء الله عند هذا الحد، ونلتقي إن شاء الله في حلقة جديدة، ونواصل الكلام إن شاء الله عن الأحكام الفقهية فيما يتعلق بأبواب الطهارة، أسأل الله أن ينفعني وإياكم، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد، والسلام عليكم ورحمة الله.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر