أخبرنا محمود بن غيلان حدثنا أبو داود حدثنا شعبة عن الشيباني سمعت ابن أبي أوفى يقول: (نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن نبيذ الجر الأخضر، قلت: فالأبيض؟ قال: لا أدري)].
يقول النسائي رحمه الله: الجر الأخضر، لأن الترجمة السابقة التي هي ترجمة عامة ذكر أوعية الجراء يعني: ذكر النهي عن الانتباذ بها، لكونها يشتد فيها ما لا يشتد في غيرها من الأوعية، ثم بعد ذلك أتى بتراجم فرعية تندرج تحت تلك الترجمة العامة، ومر بعض التراجم وهذه منها، الجر الأخضر، والجر: المقصود به الجرار الخضر، والجرار هي: التي اتخذت من الطين الذي أحمي في النار الذي هو الفخار، وكانوا يطلونها بطلاء أخضر، فلهذا يقال لها، الجر الأخضر أو الجرار الخضر أي: التي تطلى باللون الأخضر، وهي معروفة، وموجودة في ذلك الوقت.
والرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن الانتباذ فيها في أول الأمر، ولكنه رخص في ذلك فيما بعد بشرط أن لا يشرب الناس مسكراً، أي: أنه جاء النهي أولاً عن الانتباذ في نوع من الأوعية التي تكون غليظةً سميكةً، وقويةً ويمكن أن يحصل الإسكار في داخلها دون أن يظهر على الغلاف لسماكته، وصلابته وقوته، بخلاف الأسقية التي هي متخذة من الجلود، فإنه إذا حصل التغير في داخلها ظهر على الغلاف من الخارج أثره، فكانوا نهوا عن ذلك أولاً، أي: الانتباذ في أوعية منها الجرار الخضر، ثم بعد ذلك رخص لهم بأن ينتبذوا في كل وعاء، لكن بشرط أن لا يشربوا مسكراً، يعني: هذا الذي انتبذوه لم يصل إلى حد الإسكار، فإن وصل إلى حد الإسكار، حرم استعماله لأنه صار خمراً، ولأنه ألحق بالخمر الذي هو النبيذ المسكر.
وقد أورد النسائي حديث عبد الله بن أبي أوفى رضي الله تعالى عنه، أنه قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نبيذ الجر الأخضر)، فـعبد الله بن أبي أوفى أخبر بنهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن الجر الأخضر، أي: الذي طلي باللون الأخضر، وكان التقييد به؛ لأنه كان معلوماً معهوداً، فلما قال عبد الله بن أبي أوفى هذه المقالة التي يضيفها إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام وهي: النهي عن الجر الأخضر، قيل له: (فالجر الأبيض؟ قال: لا أدري) هنا قال: (لا أدري) وفي صحيح البخاري قال: (لا)، يعني: بدون (أدري)، معناه: لا، ما جاء نهي عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا فيكون قوله: (أدري) مخالف لما جاء في رواية البخاري التي هي قوله: (لا)، ومن المعلوم أن (لا) تختلف عن (لا أدري)، لأن (لا)، يعني: إخبار بأنه ما نهى، يعني: ما يعرف عنه نهياً، وأما قوله: (لا أدري) فإنه إخبار بعدم علمه.
وعلى كل حال الحكم الذي استقر هو: أن الانتباذ في الجرار مطلقاً على أي حالة كانت، ومن أي شيء صنعت، فإن ذلك سائغ، ولكن بشرط أن لا يشرب الناس مسكراً؛ لأن الانتباذ في الأوعية التي جاء النهي عنها مثل الجرار الخضر وغيرها مما ورد إنما كان في أول الأمر، ثم بعد ذلك نسخ بإباحة الانتباذ في أي وعاء، لكن بشرط أن لا يشرب الناس مسكراً.
هو: محمود بن غيلان المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، إلا أبا داود.
[حدثنا أبو داود].
هو: سليمان بن داود الطيالسي، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن.
[حدثنا شعبة].
هو: شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن الشيباني].
وهو: سليمان بن أبي سليمان أبو إسحاق الشيباني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[سمعت ابن أبي أوفى].
هو: عبد الله بن أبي أوفى صحابي رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أورد النسائي حديث ابن أبي أوفى رضي الله عنه، وهو مثل الذي قبله إلا أنه يختلف عنه في التنصيص على أن النهي يكون في الجر الأبيض كما أنه للجر الأخضر، وهو يخالف الرواية السابقة؛ لأن الرواية السابقة يقول: قال: (لا)؛ لأن النهي جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا، وذاك ما جاء عنه النهي، وأما هنا فيه أن النهي جاء عن هذا وهذا، والشيخ الألباني ذكر أن هذه مدرجة، يعني: كلمة (الأبيض) هذه مدرجة، وإنما المحفوظ والشيء الثابت هو (الأخضر)، وهي الحنتم التي جاء ذكرها في بعض الروايات وهي (الجرار الخضر)، كانوا يستعملونها للانتباذ.
وعلى كل حال فالانتباذ كما ذكرت في الجرار الخضر وغير الخضر وفي كل وعاء انتهى حكمه؛ لأنه كان ممنوعاً في أول الأمر ثم بعد ذلك نسخ في جواز الانتباذ في أي وعاء، لكن بشرط أن لا يشرب الناس مسكراً.
هو: محمد بن منصور الجواز المكي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا سفيان].
هو: ابن عيينة المكي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا أبو إسحاق سمعت ابن أبي أوفى].
وقد مر ذكرهما.
أورد النسائي الحديث عن الحسن البصري رحمة الله عليه (أنه سأله
والحنتم هو: الجر؛ لأن الترجمة هي السؤال عن الجر، والجواب جاء فيه الحنتم، والحنتم هو الجر، وقيل: إنها جرار خضر كانوا يستعملونها للانتباذ.
وعلى هذا فيكون الحسن ذكر الحديث وأسنده إلى من لم يكذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم [أنه نهى عن الانتباذ في أوعية منها الحنتم]، (الحنتم) هي: جرار خضر كانوا ينتبذون بها، (والمزفت) ما طلي بالزفت، (والنقير) هي: ما حفر أو اتخذ من جذوع النخل، بحيث اتخذ وسطه وبقي الجوانب غلافاً ووعاء ينتبذ به.
قوله: (والدباء) هو القرع الذي استخرج لبه، وبقي غلافه، وقشرته حتى يبست، وصارت وعاءً ينتبذ به، وقد مر هذا مراراً وتكراراً، وهذا نسخ؛ لأن ذلك جاء في حديث وفد عبد القيس، الذين جاءوا للنبي صلى الله عليه وسلم في أول الإسلام بعدما هاجر إلى المدينة، وقالوا: (إنهم لا يصلون إليه إلا بشهر حرام، وطلبوا منه أن يأمرهم بأمر يعملون به، ويبلغونه من وراءهم، فأمرهم ونهاهم، وكان مما نهاهم عنه الانتباذ في هذه الأوعية)، وبعد ذلك نسخ في حديث بريدة بن الحصيب الذي أخرجه مسلم، وسيأتي عند النسائي.
محمد بن بشار، هو الملقب بـبندار البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[حدثنا محمد].
وهو: ابن جعفر البصري الملقب غندر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا شعبة].
وقد مر ذكره.
[عن أبي رجاء].
وهو: محمد بن سيف، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود في المراسيل، والنسائي.
[عن الحسن].
هو: الحسن بن أبي الحسن البصري، وهو ثقة، فقيه، يرسل، ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عمن لم يكذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم].
يعني: ولم يسم هذا الذي روى عنه، وهو من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجاء هذا عن ابن عباس وجاء عن غيره.
أخبرنا محمود بن غيلان حدثنا أبو داود حدثنا شعبة عن إبراهيم بن ميسرة عن طاوس عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن الدباء)].
أورد النسائي الترجمة: النهي عن نبيذ الدباء، والدباء كما قلنا: هو القرع، الذي اتخذ لبه، وبقي غلافه وقشرته، حتى يبس وصار وعاءً ينتبذ به وأورد فيه حديث ابن عمر: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الدباء) أي: نبيذ الدباء أو الانتباذ في الدباء، يعني: هذا المقصود بالنهي، وإلا فإن الدباء الذي هو القرع مما أحله الله، وكان عليه الصلاة والسلام يحبه، وقد جاء عن أنس كما ثبت في الصحيح: (أنه أكل معه طعاماً فيه دباء، فكان الرسول صلى الله عليه وسلم يمد يده إلى القطع التي من الدباء في وسط الإناء، فلما رآه
مر ذكر الثلاثة الأول، وإبراهيم بن ميسرة، هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن طاوس].
هو: طاوس بن كيسان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عمر].
هو: عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وهم: ابن عمر، وابن عمرو، وابن عباس، وابن الزبير، وهم من أبناء الصحابة، صحابة أبناء صحابة، وهو أيضاً، أي: ابن عمر أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أورد النسائي حديث ابن عمر من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله.
قوله: [أخبرنا جعفر بن مسافر].
جعفر بن مسافر، صدوق يخطئ، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[حدثنا يحيى بن حسان].
يحيى بن حسان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، إلا ابن ماجه.
[حدثنا وهيب].
وهيب بن خالد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا ابن طاوس].
هو: عبد الله بن طاوس، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه عن ابن عمر].
وقد مر ذكرهما.
أخبرنا محمد بن المثنى حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا سفيان عن منصور وحماد وسليمان عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الدباء، والمزفت)].
أورد النسائي هذه الترجمة، وهي: النهي عن نبيذ الدباء والمزفت. أي: الذي انتبذ في أوعية هي الدباء التي تتخذ من الدباء، والذي طلي بالزفت، وقد أورد النسائي هذه الترجمة التي ذكر فيها الدباء والمزفت، أو جمع فيها بين الدباء والمزفت، والترجمة السابقة الدباء فقط، وسر التفريق بينهما: أن الترجمة السابقة أحاديث أو بعض الطرق جاء فيها ذكر الدباء وحده، وهذه الطرق جاء فيها ذكر الدباء والمزفت مع بعض، فأورد الترجمة التي هي مطابقة لما ورد في الحديث التي فيها الجمع بين اثنين. والمقصود أن كل واحد منهما إذا انتبذ به فذلك لا يسوغ ولا يجوز، وهذا كله كان في أول الأمر كما ذكرت، وفي آخر الأمر نسخ بحديث بريدة بن الحصيب الذي أشرت إليه مراراً.
هو: محمد بن المثنى أبو موسى العنزي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[حدثنا يحيى بن سعيد].
هو: يحيى بن سعيد القطان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا سفيان].
هو: سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، وهو ثقة، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن منصور].
هو: منصور بن المعتمر الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[وحماد].
هو: حماد بن زيد البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[وسليمان].
هو: الأعمش سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن إبراهيم].
هو: إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الأسود].
هو: الأسود بن يزيد بن قيس النخعي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عائشة].
هي: أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أورد النسائي حديث علي رضي الله عنه، وهو مثل الذي قبله: الجمع بين النهي عن الدباء والمزفت.
قوله: [أخبرنا محمد بن بشار حدثنا يحيى عن سفيان عن سليمان عن إبراهيم التيمي].
مر ذكر الأول.
وأما إبراهيم التيمي فهو أيضاً إبراهيم بن يزيد، وهو مثل ذاك إبراهيم بن يزيد النخعي وهذا إبراهيم بن يزيد التيمي، وهو ثقة، يرسل ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
فعندنا شخصان إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود النخعي أبو عمران الكوفي الفقيه، وإبراهيم بن يزيد بن شريك التيمي، فإبراهيم التيمي ثقة، عابد، يرسل ويدلس، وإبراهيم النخعي، هو ثقة، فقيه.
[عن الحارث بن سويد].
وهو: التيمي أيضاً، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن علي].
هو: علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، أمير المؤمنين ورابع الخلفاء، الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة، رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
أورد النسائي حديث عبد الرحمن بن يعمر رضي الله عنه، وهو مثل الذي قبله؛ جمع بين النهي عن الدباء والمزفت.
قوله: [أخبرنا محمد بن أبان].
محمد بن أبان، وهو ثقة، أخرج له البخاري، وأصحاب السنن.
[حدثنا شبابة بن سوار].
شبابة بن سوار، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا شعبة عن بكير بن عطاء].
شعبة مر ذكره، بكير بن عطاء، هو ثقة أخرج له أصحاب السنن.
صحابي أخرج له أصحاب السنن.
أورد النسائي حديث أنس بن مالك، وهو مثل الذي قبله.
قوله: [أخبرنا قتيبة].
هو: قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا الليث].
هو: الليث بن سعد المصري، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن شهاب].
هو: محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أنس].
هو: أنس بن مالك رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخادمه، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أورد النسائي حديث أبي هريرة، وهو مثل حديث أنس بن مالك الذي قبله.
قوله: [أخبرنا محمد بن منصور عن سفيان حدثنا الزهري أخبرني أبو سلمة].
هو: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف المدني، وهو ثقة، فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[أنه سمع أبا هريرة].
هو: أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه.
أورد النسائي حديث ابن عمر رضي الله عنهما: (أن النبي نهى عن المزفت والقرع) والقرع: هو الدباء، ذكره باسمه الآخر.
قوله: [أخبرنا عبيد الله بن سعيد].
عبيد الله بن سعيد، هو: أبو قدامة السرخسي، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، والنسائي.
يحيى هو: القطان، وعبيد الله هو: عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر العمري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرني نافع مولى ابن عمر].
وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن عمر].
وقد مر ذكره.
الشيخ: أنا لا أدري عن قضية كثرة الطرق، لأنه جاء عن ابن عمر، وأبي هريرة، وعائشة، وابن عباس، وعبد الرحمن بن يعمر، في ذكر الجر، والعلماء يقولون أن التواتر هو: أن يرويه جمع تستحيل العادة تواطؤهم وتوافقهم على الكذب، رووا ذلك عن مثلهم من الابتداء إلى الانتهاء، وتحديده بشيء قليل، يعني: بعض العلماء كان يحدد بالخمسة، وبعضهم يحدد بأكثر من ذلك، لكن المشهور هو العدد الكثير الذي يستحيل العادة تواطؤهم وتوافقهم على الكذب.
أخبرنا أحمد بن عبد الله بن الحكم بن فروة يقال له: ابن كردي بصري، حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن عبد الخالق الشيباني قال: سمعت سعيداً يحدث عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن الدباء، والحنتم، والنقير)].
أورد النسائي هذه الترجمة، وهي: النهي عن الانتباذ في الدباء، والحنتم، والنقير، وأنه ذكر هذه الثلاثة لأنه جاء أحاديث تجمع بين هذه الثلاثة، مثلما أن الترجمة السابقة أحاديث فيها الجمع بين الاثنين، وهما الدباء، والمزفت، هنا أحاديث فيها ذكر ثلاثة أو الانتباذ في ثلاثة، وهي: الحنتم ،والنقير، والدباء.
الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن الدباء والحنتم والنقير).
يعني: هو عن الدباء، والحنتم، والنقير، والحنتم: هي الجرار الخضر التي كانوا ينتبذون بها، وقد سبقت الإشارة إليها.
وهو ثقة، أخرج له مسلم، والترمذي، والنسائي.
[حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة].
مر ذكرهما.
[عن عبد الخالق الشيباني].
عبد الخالق بن سلمة الشيباني وهو ثقة، أخرج له مسلم، وأبو داود في المراسيل، والنسائي.
[سمعت سعيداً].
وهو: ابن المسيب، وهو ثقة، فقيه من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[يحدث عن ابن عمر].
وقد مر ذكره.
وهذا مثل الذي قبله، (نهى رسول الله عن الشرب) يعني: شرب ما ينتبذ في الدباء، والحنتم، والنقير؛ لأن مقصود (الشرب) يعني: شرب ما ينتبذ، وليس المقصود (بالشرب) الذي يشرب فيها يعني: إذا كانت أواني صغيرة وشرب بها الإنسان، لا مانع لو كان فيها ماء، وإنما الأحاديث هي جاءت في الانتباذ، فالشرب هو شرب ما ينتبذ، وليس الشرب أي شراب كالماء.
هو: سويد بن نصر المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه الترمذي، والنسائي.
[أخبرنا عبد الله]
هو: ابن المبارك المروزي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن المثنى بن سعيد].
المثنى بن سعيد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي المتوكل].
أبو المتوكل الناجي وهو: علي بن داود، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي سعيد الخدري].
وهو: سعد بن مالك بن سنان الخدري صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن شعبة عن محارب قال: سمعت ابن عمر رضي الله عنهما يقول: (نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الدباء والحنتم والمزفت)].
أورد النسائي ترجمةً أخرى تشتمل على ثلاثة أشياء، وهي: الدباء، والحنتم، والمزفت، ووجه ذلك: أنه جاء في بعض الأحاديث ذكر الجمع بين هذه الثلاثة، فأورد الأحاديث التي جاءت فيها كالترجمة التي قبلها.
قوله: [أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن شعبة عن محارب].
محارب هو: ابن دثار، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[سمعت ابن عمر].
ابن عمر، وقد مر ذكره.
أورد النسائي حديث أبي هريرة وهو مثل الذي قبله: الجرار هي الحنتم، ومقصودي أنها المقصودة بالحنتم.
قوله: [أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن الأوزاعي].
الأوزاعي، هو: أبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثني يحيى].
هو: يحيى بن أبي كثير اليمامي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثني أبو سلمة].
وهو ابن عبد الرحمن بن عوف، وقد مر ذكره.
[حدثني أبو هريرة].
أبو هريرة، وقد مر ذكره.
أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها، وهو مشتمل على الثلاثة (أن النبي نهى عن شراب انتبذ في: دباء أو حنتم أو مزفت لا يكون زيتاً أو خلاً)، يعني: إذا كان زيتاً أو خلاً فإنه بخلاف ذلك، ولكن الأمر كما ذكرت هو أن كل ما جاء في هذه الأحاديث من النهي عن تلك الأوعية قد نسخ بما جاء في حديث بريدة بن الحصيب: (كنت نهيتكم عن الانتباذ في أوعية ألا فانتبذوا في كل وعاء ولا تشربوا مسكراً).
عون بن صالح البارقي، وهو مقبول، أخرج حديثه النسائي.
[عن زينب بنت نصر].
زينب بنت نصر، وهي مجهولة، أخرج حديثها النسائي وحده.
[وجميلة بنت عباد].
جميلة بنت عباد، وهي أيضاً مجهولة، أخرج حديثها النسائي وحده.
[عن عائشة].
عائشة أم المؤمنين، وقد مر ذكرها.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر