إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب [9]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
  • السؤال: سؤالي عن بعض العادات في المآتم، إذا مات شخص تجمع الناس لعدة أيام وتنتهي في اليوم السابع، أو ينهوه في يومه التالي بما يسمى بالختمة، ويذبحون بعض الحيوانات، وهؤلاء المتجمعون يتبرعون كل بما يستطيع، وتدفع لصاحب المأتم، وهؤلاء الذين دفعوا هذه المبالغ يأتون في يوم أو في اليوم السابع ويأكلون مما ذبح، ويرون أنهم شاركوا الميت، والرسول صلى الله عليه وسلم قد نهانا عن ذلك؟

    الجواب: لا شك أن خير الهدي هدي النبي صلى الله عليه وسلم، وأن كل بدعة جاءت بعده في دين الله تعالى فإنها ضلالة كما قال النبي عليه الصلاة والسلام في قولته العامة الشاملة: ( كل بدعة ضلالة ) وهذه البدع التي أحدثت عند موت الميت من هذه المآتم التي يجتمع الناس لها ويحدثون ما يحدثون من الأطعمة وكذلك من القراءات كلها بدع يجب النهي عنها والتحذير منها.

    والذي ينبغي للمصاب أن يقول ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم: ( اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها ) فإنه إذا قال ذلك فإنه يأجره الله تعالى في مصيبته ويخلف له خيراً منها، وكما جرى ذلك في عدة أمور من أظهرها وأبرزها ما جرى لأم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها حين مات زوجها أبو سلمة وكانت تحبه حباً شديداً، وكانت قد سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( ما من مسلم يصاب بمصيبة فيقول: اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها إلا آجره الله في مصيبته وأخلف له خيراً منها ) فكانت عند مصيبتها بـ أبي سلمة قالت ذلك إيماناً بقول النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنها تقول في نفسها: من خير من أبي سلمة ؟ فلما اعتدت خطبها النبي صلى الله عليه وسلم فكان النبي صلى الله عليه وسلم خيراً لها من أبي سلمة فرضي الله عنها.

    هذا الذي يؤمر به الإنسان. أما عمل الختمة فإن هذا ينبني على مسألة اختلف فيها أهل العلم، وهي: إهداء القرب إلى الأموات، فإن أهل العلم اتفقوا على جواز إهداء قرب معينة واختلفوا فيما سواها، ومما اختلفوا فيه إهداء قراءة القرآن إلى الأموات: هل تصل إليهم أو لا تصل إليهم؟ ولكن ما يفعله هؤلاء من إحضار القراء بالأجرة فهذه لا تصل إليهم قطعاً، وذلك لأن هذا الرجل الذي يقرأ إنما يقرأ لينال أجراً من الدنيا، فعمله ليس خالصاً لله، والعبادة إذا لم تكن خالصة لله فإنها لا تكون مقبولة، وإذا لم تكن مقبولة فإنه لا ينتفع بها الميت.

    وعلى هذا فإذا استأجروا من يقرأ ختمةً لهذا الميت فإن الأجرة باطلة ولا تصح، وثواب العمل لا يصل إلى الميت إن قلنا: فيه ثواب، مع أننا لا نقول: إن فيه ثواباً؛ لأنه ليس عملاً خالصاً لله عز وجل، وقد قال الله تعالى: مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [هود:15-16] وعلى هذا فلا يجوز استئجار رجل ليقرأ الختمة لروح الميت؛ لأن هذه الإجارة باطلة، والثواب إن قدر لا يصل إلى الميت؛ لفقدان العقد، وإذا لم يقدر فيه ثواب وهو الذي يتنزل على الأدلة الشرعية فإنه يكون حينئذٍ خسارة مادية على أهل الميت بدون فائدة للميت.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3087495088

    عدد مرات الحفظ

    772669018