الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لنا ولشيخنا وعلمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين.
أما بعد: فبأسانيدكم إلى الإمام أبي داود رحمنا الله تعالى وإياه.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مخلد بن خالد الشعيري قال: حدثنا عمر بن يونس قال: حدثنا عكرمة يعني: ابن عمار قال: حدثني إسحاق يعني: ابن عبد الله بن أبي طلحة قال: قال أنس: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحسن الناس خلقاً، فأرسلني يوماً لحاجة، فقلت: والله لا أذهب، وفي نفسي أن أذهب لما أمرني به نبي الله صلى الله عليه وسلم، قال: فخرجت، حتى أمر على صبيان وهم يلعبون في السوق، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قابض بقفاي من ورائي، فنظرت إليه وهو يضحك فقال: يا أنيس ! اذهب حيث أمرتك قلت: نعم، أنا أذهب يا رسول الله! قال أنس: والله لقد خدمته سبع سنين، أو تسع سنين، ما علمت قال لشيء صنعت: لم فعلت كذا وكذا؟ ولا لشيء تركت: هلا فعلت كذا وكذا ).
حدثنا عبد الله بن مسلمة قال: حدثنا سليمان يعني: ابن المغيرة عن ثابت عن أنس قال: ( خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين بالمدينة وأنا غلام ليس كل أمري كما يشتهي صاحبي أن أكون عليه ما قال لي فيها أف قط، وما قال لي: لم فعلت هذا، أو ألا فعلت هذا ) ].
والصغير خاصة ينبغي ألا يوجه إليه السؤال الذي يعقبه إجابة تستلزم عقاباً؛ لأنه سيكذب؛ لأن هذا تلقين للكذب، والأدب في ذلك والسنة ألا تسأله، بل بادر بالإقرار، أنك فعلت كذا وكذا ولا ينبغي أن يكون منك هذا، فإذا وجهت إليه السؤال سيختار الإجابة التي لا يكون فيها عقوبة، وحينئذٍ يتمرس على الكذب، ولهذا النبي عليه الصلاة والسلام لا يسأل شيئاً من ذلك، ولهذا كثير من الناس يوطنون أبناءهم على الكذب بهذا السؤال، هل فعلت كذا وهو ثابت عنده أنه فعل، فلا تسألوا هذا السؤال، وإنما بادر بالإقراء وأنه لا ينبغي أن يكون منك هذا، ولا يتكرر ونحو ذلك.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا هارون بن عبد الله قال: حدثنا أبو عامر قال: حدثنا محمد بن هلال أنه سمع أباه يحدث قال: قال أبو هريرة: وهو يحدثنا: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يجلس معنا في المجلس يحدثنا، فإذا قام قمنا قياماً حتى نراه قد دخل بعض بيوت أزواجه، فحدثنا يوماً فقمنا حين قام، فنظرنا إلى أعرابي قد أدركه فجبذه بردائه فحمر رقبته، قال أبو هريرة: وكان رداءً خشناً، فالتفت، فقال له الأعرابي: احمل لي على بعيري هذين فإنك لا تحمل لي من مالك ولا من مال أبيك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا، وأستغفر الله، لا، وأستغفر الله، لا، وأستغفر الله، لا أحمل لك حتى تقيدني من جبذتك التي جبذتني، فكل ذلك يقول له الأعرابي: والله لا أقيدكها، فذكر الحديث، قال: ثم دعا رجلاً فقال له: احمل له: على بعيريه هذين: على بعير شعيراً، وعلى الآخر تمراً ثم التفت إلينا فقال: انصرفوا على بركة الله تعالى )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا النفيلي قال: حدثنا زهير قال: حدثنا قابوس بن أبي ظبيان أن أباه حدثه، قال: حدثنا عبد الله بن عباس أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الهدي الصالح، والسمت الصالح، والاقتصاد جزء من خمسة وعشرين جزءاً من النبوة )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح قال: حدثنا ابن وهب عن سعيد يعني: ابن أبي أيوب عن أبي مرحوم عن سهل بن معاذ عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من كظم غيظاً وهو قادر على أن ينفذه، دعاه الله عز وجل على رءوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيره الله من الحور العين ما شاء ). قال أبو داود: اسم أبي مرحوم: عبد الرحمن بن ميمون ].
أقل الناس كلاماً أكظمهم غيظاً، وأما الذي يخرج فضول الكلام فلا يكظم الغيظ؛ لأنه من يخرج ما دونه فسيخرج ما هو أشد منه، ولهذا من تمام الحكمة قلة الكلام.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عقبة بن مكرم قال: حدثنا عبد الرحمن يعني: ابن مهدي عن بشر يعني: ابن منصور عن محمد بن عجلان عن سويد بن وهب عن رجل من أبناء أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوه قال: ( ملأه الله أمناً وإيماناً ) لم يذكر قصة دعاه الله، زاد: ( ومن ترك لبس ثوب جمال وهو يقدر عليه -قال بشر: أحسبه قال (تواضعاً)- كساه الله حلة الكرامة، ومن زوج لله تعالى توجه الله تاج الملك ).
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن الحارث بن سويد عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما تعدون الصرعة فيكم؟ قالوا: الذي لا يصرعه الرجال قال: لا، ولكنه الذي يملك نفسه عند الغضب )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا يوسف بن موسى قال: حدثنا جرير بن عبد الحميد عن عبد الملك بن عمير عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل قال: ( استب رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم، فغضب أحدهما غضباً شديداً حتى خيل إلي أن أنفه يتمزع من شدة غضبه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجده من الغضب؟ فقال: ما هي يا رسول الله؟! قال: يقول: اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم قال: فجعل معاذ يأمره، فأبى ومحك، وجعل يزداد غضباً ).
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عدي بن ثابت عن سليمان بن صرد قال: ( استب رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم، فجعل أحدهما تحمر عيناه وتنتفخ أوداجه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لأعرف كلمة لو قالها هذا لذهب عنه الذي يجد: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فقال الرجل: هل ترى بي من جنون؟ )
حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا أبو معاوية قال: حدثنا داود بن أبي هند عن أبي حرب بن أبي الأسود عن أبي ذر: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا: إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع ).
حدثنا وهب بن بقية عن خالد عن داود عن بكر أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث أبا ذر، بهذا الحديث، قال أبو داود: وهذا أصح الحديثين.
حدثنا بكر بن خلف والحسن بن علي المعنى، قالا: حدثنا إبراهيم بن خالد قال: حدثنا أبو وائل قال أبو داود: يعني: القاص من أهل صنعاء؟ قال: هو عبد الله بن محير قال: ( دخلنا على عروة بن محمد السعدي فكلمه رجل فأغضبه، فقام فتوضأ ثم رجع وقد توضأ، فقال: حدثني أبي عن جدي عطية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الغضب من الشيطان، وإن الشيطان خلق من النار، وإنما تطفأ النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: ( ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمرين إلا اختار أيسرهما، ما لم يكن إثماً، فإن كان إثماً كان أبعد الناس منه، وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه، إلا أن تنتهك حرمة الله تعالى فينتقم لله بها ).
حدثنا مسدد قال: حدثنا يزيد بن زريع قال: حدثنا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: ( ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم خادماً ولا امرأة قط ).
حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن الطفاوي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله يعني: ابن الزبير في قوله: خُذِ الْعَفْوَ [الأعراف:199] قال: ( أمر نبي الله صلى الله عليه وسلم أن يأخذ العفو من أخلاق الناس )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا عبد الحميد يعني: الحماني قال: حدثنا الأعمش عن مسلم عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها، قالت: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا بلغه عن الرجل الشيء لم يقل: ما بال فلان يقول؟ ولكن يقول: ما بال أقوام يقولون كذا وكذا؟ ).
حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة قال: حدثنا حماد بن زيد قال: حدثنا سلم العلوي عن أنس: ( أن رجلاً دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه أثر صفرة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قلما يواجه رجلاً في وجهه بشيء يكرهه، فلما خرج قال: لو أمرتم هذا أن يغسل ذا عنه ). قال أبو داود: سلم ليس هو علوياً، كان يبصر في النجوم، وشهد عند عدي بن أرطاة على رؤية الهلال فلم يجز شهادته.
حدثنا نصر بن علي قال: أخبرني أبو أحمد قال: حدثنا سفيان عن الحجاج بن فرافصة عن رجل عن أبي سلمة عن أبي هريرة، وحدثنا محمد بن المتوكل العسقلاني قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا بشر بن رافع عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة رفعاه جميعاً قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( المؤمن غر كريم، والفاجر خب لئيم ).
حدثنا مسدد قال: حدثنا سفيان عن ابن المنكدر عن عروة عن عائشة قالت: ( استأذن رجل على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: بئس ابن العشيرة -أو بئس رجل العشيرة- ثم قال: ائذنوا له، فلما دخل ألان له القول، فقالت عائشة: يا رسول الله! ألنت له القول وقد قلت له ما قلت، قال: إن شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة من ودعه، أو تركه الناس لاتقاء فحشه ).
حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن عائشة: ( أن رجلاً استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: بئس أخو العشيرة، فلما دخل انبسط إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلمه، فلما خرج قلت: يا رسول الله! لما استأذن قلت: بئس أخو العشيرة، فلما دخل انبسطت إليه، فقال: يا عائشة ! إن الله لا يحب الفاحش المتفحش )].
وهذا من المداراة، وهي أن الإنسان إذا علم أن إنساناً سليطاً للسان فله أن يتقيه بالبشاشة واللين، بحيث يدفع عنه سلاطة لسانه، وهذا فعله النبي عليه الصلاة والسلام وهو المؤيد والمعصوم والمنصور بالله سبحانه وتعالى، فكيف بحاجة غيره ممن دونه.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عباس العنبري قال: حدثنا أسود بن عامر قال: حدثنا شريك عن الأعمش عن مجاهد عن عائشة في هذه القصة، قالت: ( فقال تعني النبي صلى الله عليه وسلم: يا عائشة! إن من شرار الناس الذين يكرمون اتقاء ألسنتهم ).
حدثنا أحمد بن منيع قال: حدثنا أبو قطن قال: أخبرنا مبارك عن ثابت عن أنس قال: ( ما رأيت رجلاً التقم أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم فينحي رأسه، حتى يكون الرجل هو الذي ينحي رأسه، وما رأيت رجلاً أخذ بيده فترك يده، حتى يكون الرجل هو الذي يدع يده )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن ابن عمر: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على رجل من الأنصار وهو يعظ أخاه في الحياء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعه فإن الحياء من الإيمان ).
حدثنا سليمان بن حرب قال: حدثنا حماد عن إسحاق بن سويد عن أبي قتادة قال: كنا مع عمران بن حصين وثم بشير بن كعب فحدث عمران بن حصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الحياء خير كله، أو قال: الحياء كله خير فقال بشير بن كعب: إنا نجد في بعض الكتب أن منه سكينة، ووقاراً، ومنه ضعفاً، فأعاد عمران الحديث وأعاد بشير الكلام قال: فغضب عمران حتى احمرت عيناه وقال: ألا أراني أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحدثني عن كتبك. قال: قلنا يا أبا نجيد! إنه إنه ).
حدثنا عبد الله بن مسلمة قال: حدثنا شعبة عن منصور عن ربعي بن حراش عن أبي مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فافعل ما شئت ) ].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا يعقوب يعني: الإسكندراني عن عمرو عن المطلب عن عائشة رحمها الله، قالت: ( سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم ).
حدثنا أبو الوليد الطيالسي وحفص بن عمر قالا: حدثنا، وحدثنا ابن كثير قال: أخبرنا شعبة عن القاسم بن أبي بزة عن عطاء الكيخاراني عن أم الدرداء عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ما من شيء أثقل في الميزان من حسن الخلق ). قال أبو الوليد: قال: سمعت عطاء الكيخاراني قال أبو داود: وهو عطاء بن يعقوب، وهو خال إبراهيم بن نافع يقال: كيخاراني، وكوخاراني.
حدثنا محمد بن عثمان الدمشقي أبو الجماهر قال: حدثنا أبو كعب أيوب بن محمد السعدي قال: حدثني سليمان بن حبيب المحاربي عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقاً، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحاً، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه ).
حدثنا أبو بكر وعثمان بن أبي شيبة قالا: حدثنا وكيع عن سفيان عن معبد بن خالد عن حارثة بن وهب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يدخل الجنة الجواظ ولا الجعظري ). قال: والجواظ: الغليظ الفظ].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد عن ثابت عن أنس قال: ( كانت العضباء لا تسبق، فجاء أعرابي على قعود له فسابقها، فسبقها الأعرابي فكأن ذلك شق على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: حق على الله عز وجل ألا يرفع شيئاً من الدنيا إلا وضعه ).
حدثنا النفيلي قال: حدثنا زهير قال: حدثنا حميد عن أنس بهذه القصة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن حقاً على الله عز وجل ألا يرتفع شيء من الدنيا إلا وضعه )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا سفيان عن منصور عن إبراهيم عن همام قال: ( جاء رجل فأثنى على عثمان في وجهه، فأخذ المقداد بن الأسود تراباً فحثا في وجهه، وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا لقيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب ).
حدثنا أحمد بن يونس قال: حدثنا أبو شهاب عن خالد الحذاء عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه، ( أن رجلاً أثنى على رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له: قطعت عنق صاحبك، ثلاث مرات، ثم قال: إذا مدح أحدكم صاحبه لا محالة فليقل: إني أحسبه، كما يريد أن يقول، ولا أزكيه على الله ) ].
إنما كان المدح يهلك الإنسان؛ لأنه يعطيه ثقة بنفسه، فإذا جاءه نقد أو تخطئة فإنه لا يتقبل ذلك؛ لأنه اعتاد عليه، ولكن يكون المدح بمقدار.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد قال: حدثنا بشر يعني: ابن المفضل قال: حدثنا أبو مسلمة سعيد بن يزيد عن أبي نضرة عن مطرف قال: قال أبي: ( انطلقت في وفد بني عامر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقلنا: أنت سيدنا، فقال: السيد الله تبارك وتعالى، قلنا: وأفضلنا فضلاً، وأعظمنا طولاً، فقال: قولوا بقولكم، أو بعض قولكم، ولا يستجرينكم الشيطان )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد عن يونس، و حميد عن الحسن عن عبد الله بن مغفل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الله رفيق: يحب الرفق، ويعطي عليه ما لا يعطي على العنف ).
حدثنا عثمان وأبو بكر ابنا أبي شيبة ومحمد بن الصباح البزاز قالوا: حدثنا شريك عن المقدام بن شريح عن أبيه، قال: ( سألت عائشة عن البداوة، فقالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبدو إلى هذه التلاع، وإنه أراد البداوة مرة فأرسل إلي ناقة محرمة من إبل الصدقة، فقال لي: يا عائشة ! ارفقي فإن الرفق لم يكن في شيء قط إلا زانه، ولا نزع من شيء قط إلا شانه ). قال ابن الصباح في حديثه: محرمة، يعني: لم تركب].
حديث عائشة عليها رضوان الله في قول النبي عليه الصلاة والسلام يبدو إلى تلاع فيه استحباب الخروج إلى البر، وهو ما يسمى في عرف الناس الكشتات وذلك لأجل التفكر والتدبر، لا للهو.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا أبو معاوية ووكيع عن الأعمش عن تميم بن سلمة عن عبد الرحمن بن هلال عن جرير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من يحرم الرفق يحرم الخير كله ).
حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح قال: حدثنا عفان قال: حدثنا عبد الواحد قال: حدثنا سليمان الأعمش عن مالك بن الحارث، قال الأعمش: وقد سمعتهم يذكرون عن مصعب بن سعد عن أبيه، قال الأعمش: ولا أعلمه إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( التؤدة في كل شيء إلا في عمل الآخرة )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا الربيع بن مسلم عن محمد بن زياد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يشكر الله من لا يشكر الناس ).
حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد عن ثابت عن أنس بن مالك: ( أن المهاجرين قالوا: يا رسول الله! ذهبت الأنصار بالأجر كله قال: لا، ما دعوتم الله لهم، وأثنيتم عليهم ).
حدثنا مسدد قال: حدثنا بشر حدثني عمارة بن غزية قال: حدثني رجل من قومي عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من أعطي عطاءً فوجد فليجز به، فإن لم يجد فليثن به، فمن أثنى به فقد شكره، ومن كتمه فقد كفره ). قال أبو داود: رواه يحيى بن أيوب عن عمارة بن غزية عن شرحبيل عن جابر، قال أبو داود: وهو شرحبيل يعني: رجلاً من قومي كأنهم كرهوه فلم يسموه.
حدثنا عبد الله بن الجراح قال: حدثنا جرير عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من أبلي بلاءً فذكره فقد شكره، وإن كتمه فقد كفره )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبد الله بن مسلمة قال: حدثنا عبد العزيز يعني: ابن محمد عن زيد يعني: ابن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إياكم والجلوس بالطرقات. قالوا: يا رسول الله! ما بد لنا من مجالسنا نتحدث فيها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أبيتم فأعطوا الطريق حقه، قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله؟! قال: غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر ).
حدثنا مسدد قال: حدثنا بشر يعني: ابن المفضل قال: حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق عن سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذه القصة قال: (وإرشاد السبيل).
حدثنا الحسن بن عيسى النيسابوري قال: أخبرنا ابن المبارك قال: أخبرنا جرير بن حازم عن إسحاق بن سويد عن ابن حجير العدوي قال: سمعت عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذه القصة قال: ( وتغيثوا الملهوف، وتهدوا الضال ).
حدثنا محمد بن عيسى بن الطباع وكثير بن عبيد قالا: حدثنا مروان بن معاوية قال ابن عيسى: قال: حدثنا حميد عن أنس قال: ( جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله! إن لي إليك حاجة، فقال لها: يا أم فلان اجلسي في أي نواحي السكك شئت حتى أجلس إليك. قال: فجلست، فجلس النبي صلى الله عليه وسلم إليها حتى قضت حاجتها ) لم يذكر ابن عيسى (حتى قضت حاجتها)، وقال كثير: عن حميد عن أنس .
حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس أن امرأة كان في عقلها شيء بمعناه]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا القعنبي قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي الموال عن عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( خير المجالس أوسعها ). قال أبو داود: هو عبد الرحمن بن عمرو بن أبي عمرة الأنصاري].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح و مخلد بن خالد قالا: حدثنا سفيان عن محمد بن المنكدر قال: حدثني من سمع أبا هريرة يقول: قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم: ( إذا كان أحدكم في الشمس -وقال مخلد: في الفيء- فقلص عنه الظل، وصار بعضه في الشمس، وبعضه في الظل فليقم ).
حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى عن إسماعيل قال: حدثني قيس عن أبيه: ( أنه جاء ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب، فقام في الشمس، فأمر به فحول إلى الظل )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى عن الأعمش قال: حدثني المسيب بن رافع عن تميم بن طرفة عن جابر بن سمرة قال: ( دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد وهم حلق، فقال: مالي أراكم عزين ).
حدثنا واصل بن عبد الأعلى عن ابن فضيل عن الأعمش بهذا قال: كأنه يحب الجماعة.
حدثنا محمد بن جعفر الوركاني وهناد أن شريكاً أخبرهم عن سماك عن جابر بن سمرة قال: ( كنا إذا أتينا النبي صلى الله عليه وسلم، جلس أحدنا حيث ينتهي )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا أبان قال: حدثنا قتادة قال: حدثني أبو مجلز عن حذيفة: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن من جلس وسط الحلقة ) ].
النهي عن الجلوس وسط الحلقة صحيح، وأما النهي عن الجلوس بين الظل والشمس فالحديث الوارد في ذلك لا يثبت.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا شعبة عن عبد ربه بن سعيد عن أبي عبد الله مولى آل أبي بردة عن سعيد بن أبي الحسن قال: ( جاءنا أبو بكرة في شهادة، فقام له رجل من مجلسه فأبى أن يجلس فيه، وقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم: نهى عن ذا، ونهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يمسح الرجل يده بثوب من لم يكسه ).
حدثنا عثمان بن أبي شيبة أن محمد بن جعفر حدثهم عن شعبة عن عقيل بن طلحة قال: سمعت أبا الخصيب عن ابن عمر قال: ( جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام له رجل من مجلسه، فذهب ليجلس فيه، فنهاه رسول الله صلى الله عليه وسلم )، قال أبو داود: أبو الخصيب اسمه: زياد بن عبد الرحمن].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا أبان عن قتادة عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة، ريحها طيب، وطعمها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة، طعمها طيب، ولا ريح لها، ومثل الفاجر الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة، ريحها طيب، وطعمها مر، ومثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة، طعمها مر، ولا ريح لها، ومثل الجليس الصالح كمثل صاحب المسك، إن لم يصبك منه شيء أصابك من ريحه، ومثل جليس السوء كمثل صاحب الكير، إن لم يصبك من سواده أصابك من دخانه ).
حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى، ح، وحدثنا ابن معاذ قال: حدثنا أبي قال: حدثنا شعبة عن قتادة عن أنس عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم الكلام الأول إلى قوله وطعمها مر، وزاد ابن معاذ قال: قال أنس: وكنا نتحدث أن مثل جليس الصالح، وساق بقية الحديث.
حدثنا عبد الله بن الصباح العطار قال: حدثنا سعيد بن عامر عن شبيل بن عزرة عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( مثل الجليس الصالح ). فذكر نحوه.
حدثنا عمرو بن عون قال: أخبرنا ابن المبارك عن حيوة بن شريح عن سالم بن غيلان عن الوليد بن قيس عن أبي سعيد، أو عن أبي الهيثم عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تصاحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقي ).
حدثنا ابن بشار قال: حدثنا أبو عامر و أبو داود قالا: حدثنا زهير بن محمد قال: حدثني موسى بن وردان عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل ).
حدثنا هارون بن زيد بن أبي الزرقاء قال: حدثنا أبي قال: حدثنا جعفر قال: عن يزيد يعني: ابن الأصم عن أبي هريرة يرفعه قال: ( الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا أبو أسامة قال: حدثنا بريد بن عبد الله عن جده أبي بردة عن أبي موسى قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث أحداً من أصحابه في بعض أمره قال: بشروا ولا تنفروا، ويسروا ولا تعسروا ).
حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى عن سفيان قال: حدثني إبراهيم بن المهاجر عن مجاهد عن قائد السائب عن السائب قال: ( أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فجعلوا يثنون علي ويذكروني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا أعلمكم -يعني به- قلت: صدقت بأبي أنت وأمي: كنت شريكي فنعم الشريك، كنت لا تداري، ولا تماري )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبد العزيز بن يحيى الحراني قال: حدثني محمد يعني: ابن سلمة عن محمد بن إسحاق عن يعقوب بن عتبة عن عمر بن عبد العزيز عن يوسف بن عبد الله بن سلام عن أبيه، قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس يتحدث يكثر أن يرفع طرفه إلى السماء ).
حدثنا محمد بن العلاء قال: أخبرنا ابن بشر عن مسعر قال: سمعت شيخاً في المسجد يقول: سمعت جابر بن عبد الله يقول: ( كان في كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ترتيل، أو ترسيل ).
حدثنا عثمان وأبو بكر ابنا أبي شيبة قالا: حدثنا وكيع عن سفيان عن أسامة عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: ( كان كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم كلاماً فصلاً يفهمه كل من سمعه ).
حدثنا أبو توبة قال: زعم الوليد عن الأوزاعي عن قرة عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( كل كلام لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أجذم ). قال أبو داود: رواه يونس و عقيل و شعيب و سعيد بن عبد العزيز عن الزهري عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد و موسى بن إسماعيل قالا: حدثنا عبد الواحد بن زياد قال: حدثنا عاصم بن كليب عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( كل خطبة ليس فيها تشهد، فهي كاليد الجذماء )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا يحيى بن إسماعيل و ابن أبي خلف أن يحيى بن اليمان أخبرهم عن سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن ميمون بن أبي شبيب: ( أن عائشة مر بها سائل فأعطته كسرة، ومر بها رجل عليه ثياب وهيئة فأقعدته فأكل، فقيل لها في ذلك فقالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنزلوا الناس منازلهم ). قال أبو داود: وحديث يحيى مختصر. وقال أبو داود: ميمون لم يدرك عائشة.
حدثنا إسحاق بن إبراهيم الصواف قال: حدثنا عبد الله بن حمران قال: أخبرنا عوف بن أبي جميلة عن زياد بن مخراق عن أبي كنانة عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن عبيد و أحمد بن عبدة المعنى، قالا: حدثنا حماد قال: حدثنا عامر الأحول عن عمرو بن شعيب قال ابن عبدة عن أبيه عن جده، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يجلس بين رجلين إلا بإذنهما ).
حدثنا سليمان بن داود المهري قال: أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني أسامة بن زيد الليثي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يحل لرجل أن يفرق بين اثنين إلا بإذنهما )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا سلمة بن شبيب قال: حدثنا عبد الله بن إبراهيم قال: حدثني إسحاق بن محمد الأنصاري عن ربيح بن عبد الرحمن عن أبيه عن جده أبي سعيد الخدري: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا جلس احتبى بيده ). قال أبو داود: و عبد الله بن إبراهيم شيخ منكر الحديث.
حدثنا حفص بن عمر وموسى بن إسماعيل قالا: حدثنا عبد الله بن حسان العنبري قال: حدثتني جدتاي، صفية و دحيبة ابنتا عليبة قال موسى: بنت حرملة: وكانتا ربيبتي قيلة بنت مخرمة وكانت جدة أبيهما أنها أخبرتهما: ( أنها رأت النبي صلى الله عليه وسلم وهو قاعد القرفصاء، فلما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم المختشع، وقال موسى: المتخشع، في الجلسة أرعدت من الفرق )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا علي بن بحر قال: حدثنا عيسى بن يونس قال: حدثنا ابن جريج عن إبراهيم بن ميسرة عن عمرو بن الشريد عن أبيه الشريد بن سويد قال: ( مر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا جالس هكذا، وقد وضعت يدي اليسرى خلف ظهري واتكأت على ألية يدي، فقال: أتقعد قعدة المغضوب عليهم؟ )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى عن عوف قال: حدثني أبو المنهال عن أبي برزة قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن النوم قبلها والحديث بعدها )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا أبو داود الحفري قال: حدثنا سفيان الثوري عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة قال: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى الفجر تربع في مجلسه حتى تطلع الشمس حسناء )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش، وحدثنا مسدد قال: حدثنا عيسى بن يونس عن الأعمش عن شقيق يعني: ابن سلمة عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا ينتجي اثنان دون الثالث، فإن ذلك يحزنه ).
حدثنا مسدد قال: حدثنا عيسى بن يونس قال: حدثنا الأعمش عن أبي صالح عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله، قال أبو صالح: فقلت لـابن عمر فأربعة، قال: لا يضرك ].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد عن سهيل بن أبي صالح قال: ( كنت عند أبي جالساً، وعنده غلام فقام ثم رجع، فحدث أبي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا قام الرجل من مجلس ثم رجع إليه فهو أحق به ).
حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي قال: حدثنا مبشر الحلبي عن تمام بن نجيح عن كعب الإيادي قال: كنت أختلف إلى أبي الدرداء، فقال أبو الدرداء: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس وجلسنا حوله فقام، فأراد الرجوع نزع نعليه، أو بعض ما يكون عليه، فيعرف ذلك أصحابه فيثبتون )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن الصباح البزاز قال: حدثنا إسماعيل بن زكريا عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله فيه، إلا قاموا عن مثل جيفة حمار، وكان لهم حسرة ).
حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا الليث عن ابن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( من قعد مقعداً لم يذكر الله فيه كانت عليه من الله ترة، ومن اضطجع مضجعاً لا يذكر الله فيه كانت عليه من الله ترة ) ].
وذكر غير واحد من العلماء أن الإنسان إذا جلس في المجلس فإنه يغني فيه تسبيحة أو تهليلة، كما ذكر ذلك ابن عبد البر رحمه الله وأن الإنسان قد يصيب شيئاً من مجالس الدنيا، لا مجال فيها لتدارس العلم، أو ذكر شيء من أمور الآخرة فيغني من ذلك تهليلة أو تسبيحة تغنيه عن التبعة إن شاء الله.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن صالح قال: حدثنا ابن وهب قال: أخبرني عمرو أن سعيد بن أبي هلال حدثه أن سعيد بن أبي سعيد المقبري حدثه عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال: كلمات لا يتكلم بهن أحد في مجلسه عند قيامه ثلاث مرات إلا كفر بهن عنه، ولا يقولهن في مجلس خير ومجلس ذكر إلا ختم له بهن عليه كما يختم بالخاتم على الصحيفة: سبحانك اللهم وبحمدك، لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
حدثنا أحمد بن صالح قال: حدثنا ابن وهب قال: قال عمرو: وحدثني بنحو ذلك عبد الرحمن بن أبي عمرو عن المقبري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
حدثنا محمد بن حاتم الجرجرائي وعثمان بن أبي شيبة المعنى، أن عبدة بن سليمان، أخبرهم عن الحجاج بن دينار عن أبي هاشم عن أبي العالية عن أبي برزة الأسلمي قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: بأخرة إذا أراد أن يقوم من المجلس: سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، فقال رجل: يا رسول الله! إنك لتقول قولاً ما كنت تقوله فيما مضى، فقال: كفارة لما يكون في المجلس )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن يحيى بن فارس قال: حدثنا الفريابي عن إسرائيل عن الوليد -قال: أبو داود: ونسبه لنا زهير بن حرب عن حسين بن محمد عن إسرائيل في هذا الحديث قال الوليد بن أبي هشام عن زيد بن زائد عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يبلغني أحد من أصحابي عن أحد شيئاً، فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر )].
وهذا فيه إشارة أنه ينبغي للإنسان ألا يرعي سمعه، ويصيغ أذنه لمن يكون له الكلام خاصة أصحاب الولايات من المسئولين أو غير ذلك، أو الرؤساء ممن ينقلون للناس أقوالاً إليهم، قال فيك فلان كذا، وقال فيك فلان كذا، فإن هذا يسيء إليه، ويسيء إليهم، خاصة من يعرفه كل أحد من الأعيان، إما علماء، أو دعاة، أو ولاة: ملوك ورؤساء وزراء أو غير ذلك، فإنه إذا جمع كل قول كدر عليه، وكدر عليهم، وربما تربص بهم وآذاهم في دنياهم وغلبه هواه.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن يحيى بن فارس قال: حدثنا نوح بن يزيد بن سيار المؤدب قال: حدثنا إبراهيم بن سعد قال: حدثنيه ابن إسحاق قال: عن عيسى بن معمر عن عبد الله بن عمرو بن الفغواء الخزاعي عن أبيه، قال: ( دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أراد أن يبعثني بمال إلى أبي سفيان يقسمه في قريش بمكة بعد، الفتح فقال: التمس صاحباً، فجاءني عمرو بن أمية الضمري، فقال: بلغني أنك تريد الخروج وتلتمس صاحباً، قال: قلت: أجل، قال: فأنا لك صاحب، قال: فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت: قد وجدت صاحباً، قال: فقال: من؟ قلت: عمرو بن أمية الضمري، قال: إذا هبطت بلاد قومه فاحذره فإنه قد قال القائل: أخوك البكري ولا تأمنه، فخرجنا حتى إذا كنت بالأبواء قال: إني أريد حاجة إلى قومي بودان، فتلبث لي، قلت: راشداً، فلما ولى ذكرت قول النبي صلى الله عليه وسلم، فشددت على بعيري حتى خرجت أوضعه حتى إذا كنت بالأصافر إذا هو يعارضني في رهط، قال: وأوضعت فسبقته، فلما رآني قد فته انصرفوا، وجاءني فقال: كانت لي إلى قومي حاجة، قال: قلت: أجل، ومضينا حتى قدمنا مكة، فدفعت المال إلى أبي سفيان ).
حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا ليث عن عقيل عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا وهب بن بقية قال: أخبرنا خالد عن حميد عن أنس قال: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا مشى كأنه يتوكأ ).
حدثنا حسين بن معاذ بن خليف قال: حدثنا عبد الأعلى قال: حدثنا سعيد الجريري عن أبي الطفيل قال: ( رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: كيف رأيته؟ قال: كان أبيض مليحاً، إذا مشى كأنما يهوي في صبوب )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا الليث، وحدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد عن أبي الزبير عن جابر قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يضع -وقال قتيبة: يرفع- الرجل إحدى رجليه على الأخرى ) زاد قتيبة: وهو مستلق على ظهره.
حدثنا النفيلي قال: حدثنا مالك، ح وحدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن عباد بن تميم عن عمه: ( أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم مستلقياً - قال القعنبي في المسجد - واضعاً إحدى رجليه على الأخرى ).
حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب و عثمان بن عفان كانا يفعلان ذلك ].
والعلة من النهي هي ظهور العورات باعتبار قلة ذات اليد، فإنهم كانوا غالباً بأزر بلا سراويل.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا ابن أبي ذئب عن عبد الرحمن بن عطاء عن عبد الملك بن جابر بن عتيك عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا حدث الرجل بالحديث ثم التفت فهي أمانة ) ].
وفي هذا إشارة إلا أن الإشارة تقوم مقام العبارة، وأن الإنسان إذا ظهر من قوله ولو لم ينص عليه، كأن يهمس في الأذن أو يلتفت، فالإشارات تقوم مقام العبارات.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن صالح قال: قرأت على عبد الله بن نافع قال: أخبرني ابن أبي ذئب عن ابن أخي جابر بن عبد الله عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( المجالس بالأمانة إلا ثلاثة مجالس: سفك دم حرام، أو فرج حرام، أو اقتطاع مال بغير حق ).
حدثنا محمد بن العلاء وإبراهيم بن موسى الرازي قالا: أخبرنا أبو أسامة عن عمر قال إبراهيم بن حمزة بن عبد الله العمري عن عبد الرحمن بن سعد قال: سمعت أبا سعيد الخدري يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن أعظم الأمانة عند الله يوم القيامة، الرجل يفضي إلى امرأته، وتفضي إليه ثم ينشر سرها )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد و أبو بكر بن أبي شيبة قالا: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن همام عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يدخل الجنة قتات )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد قال: حدثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من شر الناس ذو الوجهين، الذي يأتي هؤلاء بوجه، وهؤلاء بوجه ).
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا شريك عن الركين بن الربيع عن نعيم بن حنظلة عن عمار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من كان له وجهان في الدنيا، كان له يوم القيامة لسانان من نار )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي قال: حدثنا عبد العزيز يعني: ابن محمد عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة: ( أنه قيل يا رسول الله! ما الغيبة؟ قال: ذكرك أخاك بما يكره. قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته ).
حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى عن سفيان قال: حدثني علي بن الأقمر عن أبي حذيفة عن عائشة قالت: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم: ( حسبك من صفية كذا وكذا، قال غير مسدد : تعني قصيرة، فقال: لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته. قالت: وحكيت له إنساناً، فقال: ما أحب أني حكيت إنساناً وأن لي كذا وكذا )].
وذكر الوصف على سبيل الانتقاد والاحتقار مذموم ومحرم وهو غيبة، وأما إذا كان على سبيل التعريف إذا لم يجد سبيلاً إلا هو، كأن يقال: فلان الأشل، فلان الأعمى، فلان الأعرج ونحو ذلك إذا لم يكن ثمة تعريف باسمه يكفي فجائز.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن عوف قال: حدثنا أبو اليمان قال: حدثنا شعيب قال: حدثنا عبد الله بن أبي حسين قال: حدثنا نوفل بن مساحق عن سعيد بن زيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن من أربى الربا الاستطالة في عرض المسلم بغير حق )].
وإنما ذكر أربى الربا في استطالة العرض؛ لأن الأعراض كالأموال يستزيد فيها الإنسان فإذا وقع في أولها استرسل فيها، ولا يتوقع بالإنسان، وربما يجد الإنسان لمرض قلبه شيء من اللذة في الكلام في أعراض الناس وأوصافهم وذمهم وتقبيحهم.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا جعفر بن مسافر قال: حدثنا عمرو بن أبي سلمة قال: حدثنا زهير عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن من أكبر الكبائر استطالة المرء في عرض رجل مسلم بغير حق، ومن الكبائر السبتان بالسبة ).
حدثنا ابن المصفى قال: حدثنا بقية وأبو المغيرة قالا: حدثنا صفوان قال: حدثني راشد بن سعد و عبد الرحمن بن جبير عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس، ويقعون في أعراضهم ) قال أبو داود: حدثناه يحيى بن عثمان عن بقية ليس فيه أنس.
حدثنا عيسى بن أبي عيسى السيلحيني عن أبي المغيرة كما قال ابن المصفى.
حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا الأسود بن عامر قال: حدثنا أبو بكر بن عياش عن الأعمش عن سعيد بن عبد الله بن جريج عن أبي برزة الأسلمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يا معشر من آمن بلسانه، ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من اتبع عوراتهم يتبع الله عورته، ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته ).
حدثنا حيوة بن شريح المصري قال: حدثنا بقية عن ابن ثوبان عن أبيه عن مكحول عن وقاص بن ربيعة عن المستورد أنه حدثه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من أكل برجل مسلم أكلة فإن الله يطعمه مثلها من جهنم، ومن كسي ثوباً برجل مسلم فإن الله يكسوه مثله من جهنم، ومن قام برجل مقام سمعة ورياء، فإن الله يقوم به مقام سمعة ورياء يوم القيامة ).
حدثنا واصل بن عبد الأعلى قال: حدثنا أسباط بن محمد عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( كل المسلم على المسلم حرام ماله، وعرضه، ودمه؛ حسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء بن عبيد قال: حدثنا ابن المبارك عن يحيى بن أيوب عن عبد الله بن سليمان عن إسماعيل بن يحيى المعافري عن سهل بن معاذ بن أنس الجهني عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( من حمى مؤمناً من منافق -أراه قال-: بعث الله ملكاً يحمي لحمه يوم القيامة من نار جهنم، ومن رمى مسلماً بشيء يريد شينه به، حبسه الله على جسر جهنم حتى يخرج مما قال ).
حدثنا إسحاق بن الصباح قال: حدثنا ابن أبي مريم قال: أخبرنا الليث قال: حدثني يحيى بن سليم أنه سمع إسماعيل بن بشير يقول: سمعت جابر بن عبد الله وأبا طلحة بن سهل الأنصاري يقولان: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما من امرئ يخذل امرءاً مسلماً في موضع تنتهك فيه حرمته، وينتقص فيه من عرضه، إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته، وما من امرئ ينصر مسلماً في موضع ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته، إلا نصره الله في موطن يحب نصرته ). قال يحيى: وحدثنيه عبيد الله بن عبد الله بن عمر و عقبة بن شداد، قال أبو داود: يحيى بن سليم هذا هو ابن زيد مولى النبي صلى الله عليه وسلم و إسماعيل بن بشير مولى بني مغالة، وقد قيل: عتبة بن شداد موضع عقبة ].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا علي بن نصر قال: أخبرنا عبد الصمد بن عبد الوارث من كتابه قال: حدثني أبي قال: حدثنا الجريري عن أبي عبد الله الجشمي قال: حدثنا جندب قال: ( جاء أعرابي فأناخ راحلته، ثم عقلها، ثم دخل المسجد فصلى خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى راحلته فأطلقها ثم ركب ثم نادى اللهم ارحمني ومحمداً، ولا تشرك في رحمتنا أحداً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتقولون هو أضل أم بعيره؟ ألم تسمعوا إلى ما قال؟ قالوا: بلى )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن عبيد قال: حدثنا ابن ثور عن معمر عن قتادة قال: ( أيعجز أحدكم أن يكون مثل أبي ضيغم أو ضمضم -شك ابن عبيد- كان إذا أصبح قال: اللهم إني قد تصدقت بعرضي على عبادك ).
حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد عن ثابت عن عبد الرحمن بن عجلان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أيعجز أحدكم أن يكون مثل أبي ضمضم؟ قالوا: ومن أبو ضمضم؟ قال: رجل فيمن كان من قبلكم بمعناه قال: عرضي لمن شتمني ). قال أبو داود: رواه هاشم بن القاسم قال: عن محمد بن عبد الله العمي عن ثابت قال: حدثنا أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعناه قال أبو داود: وحديث حماد أصح ].
يعني حديث ابن عجلان المرسل عن النبي عليه الصلاة والسلام.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عيسى بن محمد الرملي و محمد بن عوف، وهذا لفظه قالا: حدثنا الفريابي عن سفيان عن ثور عن راشد بن سعد عن معاوية قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إنك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم، أو كدت أن تفسدهم -فقال أبو الدرداء-: كلمة سمعها معاوية من رسول الله نفعه الله تعالى بها ).
حدثنا سعيد بن عمرو الحضرمي قال: حدثنا إسماعيل بن عياش قال: حدثنا ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيد عن جبير بن نفير وكثير بن مرة وعمرو بن الأسود والمقدام بن معدي كرب وأبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الأمير إذا ابتغى الريبة في الناس أفسدهم ).
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن زيد بن وهب قال: أتي ابن مسعود فقيل هذا فلان تقطر لحيته خمراً، فقال عبد الله: ( إنا قد نهينا عن التجسس، ولكن إن يظهر لنا شيء نأخذ به )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا عبد الله بن المبارك عن إبراهيم بن نشيط عن كعب بن علقمة عن أبي الهيثم عن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ( من رأى عورة فسترها، كان كمن أحيا موءودة ).
حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا ابن أبي مريم قال: أخبرنا الليث قال: حدثني إبراهيم بن نشيط عن كعب بن علقمة أنه سمع أبا الهيثم يذكر أنه سمع دخيناً كاتب عقبة بن عامر قال: ( كان لنا جيران يشربون الخمر فنهيتهم فلم ينتهوا، فقلت لعقبة بن عامر: إن جيراننا هؤلاء يشربون الخمر وإني نهيتهم فلم ينتهوا، فأنا داع لهم الشرط، فقال: دعهم، ثم رجعت إلى عقبة مرة أخرى فقلت: إن جيراننا قد أبوا أن ينتهوا عن شرب الخمر وأنا داع لهم الشرط، قال: ويحك دعهم فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ) فذكر معنى حديث مسلم. قال أبو داود: قال هاشم بن القاسم عن ليث في هذا الحديث قال: (لا تفعل ولكن عظهم وتهددهم)].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا الليث عن عقيل عن الزهري عن سالم عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ( المسلم أخو المسلم لا يظلمه، ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه فإن الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبد الله بن مسلمة قال: حدثنا عبد العزيز يعني: ابن محمد عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( المستبان ما قالا فعلى البادي منهما ما لم يعتد المظلوم )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن حفص قال: حدثني أبي قال: حدثني إبراهيم بن طهمان عن الحجاج عن قتادة عن يزيد بن عبد الله عن عياض بن حمار أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يبغي أحد على أحد، ولا يفخر أحد على أحد) ].
وذلك أن الكبر هو أصل الظلم، والتواضع أصل العدل، فمتى وجد الكبر وجد الظلم، وإذا وجد التواضع وجد العدل والإنصاف، وفي حديث المستبين إشارة إلى أن من أطلق عليه كلمة سب أو شتم، فله أن يطلق مثلها إذا كان مظلوماً بها، وإن صبر فهو خير له وأعظم أجراً؛ لأنه يأخذ حقه بذلك، فليكل أجره إلى الله سبحانه وتعالى، نكتفي بهذا القدر، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر