الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا، وعلمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين .
أما بعد:
وبأسانيدكم إلى أبي داود رحمنا الله تعالى وإياه قال: [باب في صوم العيدين.
حدثنا قتيبة بن سعيد وزهير بن حرب - وهذا حديثه - قال: حدثنا سفيان عن الزهري عن أبي عبيد قال: ( شهدت العيد مع عمر فبدأ بالصلاة قبل الخطبة، ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام هذين اليومين، أما يوم الأضحى فتأكلون من لحم نسككم، وأما يوم الفطر ففطركم من صيامكم ).
حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا وهيب قال: حدثنا عمرو بن يحيى عن أبيه عن أبي سعيد الخدري قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيام يومين يوم الفطر ويوم الأضحى، وعن لبستين الصماء وأن يحتبي الرجل في الثوب الواحد، وعن الصلاة في ساعتين بعد الصبح وبعد العصر )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب صيام أيام التشريق.
حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن يزيد بن الهاد عن أبي مرة مولى أم هانئ: ( أنه دخل مع عبد الله بن عمرو على أبيه عمرو بن العاص فقرب إليهما طعاماً، فقال: كل، قال: إني صائم، فقال عمرو: كل فهذه الأيام التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بإفطارها وينهانا عن صيامها ).
قال مالك: وهي أيام التشريق.
حدثنا الحسن بن علي قال: حدثنا وهب قال: حدثنا موسى بن علي، ح وحدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا وكيع عن موسى بن علي - والإخبار في حديث وهب - قال: سمعت أبي أنه سمع عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام، وهي أيام أكل وشرب )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب النهي أن يخص يوم الجمعة بصوم.
حدثنا مسدد قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يصم أحدكم يوم الجمعة إلا أن يصوم قبله بيوم أو بعده )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب النهي أن يخص يوم السبت بصوم.
حدثنا حميد بن مسعدة قال: حدثنا سفيان بن حبيب، ح وقال: حدثنا يزيد بن قبيس - من أهل جبلة - قال: حدثنا الوليد جميعاً عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن عبد الله بن بسر السلمي عن أخته - وقال يزيد الصماء - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم، وإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنبة أو عود شجرة فليمضغه ).
قال أبو داود: وهذا حديث منسوخ.
قال أبو داود: عبد الله بن بسر حمصي، وهذا الحديث منسوخ نسخه حديث جويرية ].
وعامة الأئمة على تضعيفه، وهو منكر سنداً ومتناً، سنداً لعلله الظاهرة، وكذلك بالنسبة للمتن مخالف للأحاديث الصحيحة عن النبي عليه الصلاة والسلام ومنها الحديث الذي قبله.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الرخصة في ذلك.
قال: حدثنا محمد بن كثير قال: حدثنا همام عن قتادة، ح وحدثنا حفص بن عمر قال: حدثنا همام قال: حدثنا قتادة عن أبي أيوب -قال حفص العتكي- عن جويرية بنت الحارث: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوم الجمعة وهي صائمة، فقال: أصمت أمس؟ قالت: لا، قال: تريدين أن تصومي غداً؟ قالت: لا، قال: فأفطري ).
حدثنا عبد الملك بن شعيب قال: حدثنا ابن وهب قال: سمعت الليث يحدث عن ابن شهاب أنه كان إذا ذكر له أنه نهي عن صيام يوم السبت، يقول ابن شهاب: هذا حديث حمصي.
حدثنا محمد بن الصباح بن سفيان قال: حدثنا الوليد عن الأوزاعي قال: ما زلت له كاتماً حتى رأيته انتشر. يعني حديث عبد الله بن بسر هذا في صوم يوم السبت.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في صوم الدهر تطوعاً.
حدثنا سليمان بن حرب ومسدد قالا: حدثنا حماد بن زيد عن غيلان بن جرير عن عبد الله بن معبد الزماني عن أبي قتادة: ( أن رجلاً أتي النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! كيف تصوم؟ فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله، فلما رأى ذلك عمر قال: رضينا بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد نبياً نعوذ بالله من غضب الله ومن غضب رسوله، فلم يزل عمر يرددها حتى سكن غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! كيف بمن يصوم الدهر كله؟ قال: لا صام ولا أفطر، قال مسدد: لم يصم ولم يفطر أو ما صام ولا أفطر، شك غيلان، قال: يا رسول الله! كيف بمن يصوم يومين ويفطر يوماً؟ قال: أو يطيق ذلك أحد؟ قال: يا رسول الله! فكيف بمن يصوم يوماً ويفطر يوماً؟ قال: ذلك صوم داود، قال: يا رسول الله! فكيف بمن يصوم يوماً ويفطر يومين؟ قال: وددت أني طوقت ذلك، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاث من كل شهر ورمضان إلى رمضان، فهذا صيام الدهر كله، وصيام عرفة إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده، وصوم يوم عاشوراء إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله ).
حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا مهدي قال: حدثنا غيلان عن عبد الله بن معبد الزماني عن أبي قتادة بهذا الحديث زاد، قال: ( يا رسول الله! أرأيت صوم يوم الإثنين ويوم الخميس؟ قال: فيه ولدت وفيه أنزل علي القرآن ).
حدثنا الحسن بن علي قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن الزهري عن ابن المسيب وأبي سلمة عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: ( لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ألم أحدث أنك تقول: لأقومن الليل ولأصومن النهار؟ قال - أحسبه قال -: نعم يا رسول الله! قد قلت ذاك، قال: قم ونم وصم وأفطر وصم من كل شهر ثلاثة أيام، وذاك مثل صيام الدهر، قال: قلت: يا رسول الله! إني أطيق أفضل من ذلك، قال: فصم يوماً وأفطر يومين، قال: فقلت: إني أطيق أفضل من ذلك، قال: فصم يوماً وأفطر يوماً وهو أعدل الصيام وهو صيام داود، قلت: إني أطيق أفضل من ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا أفضل من ذلك )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في صوم أشهر الحرم.
حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد عن سعيد الجريري عن أبي السليل عن مجيبة الباهلية عن أبيها أو عمها ( أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم انطلق فأتاه بعد سنة وقد تغيرت حالته وهيئته، فقال: يا رسول الله! أما تعرفني؟ فقال: ومن أنت؟ قال: أنا الباهلي الذي جئتك عام الأول، قال: فما غيرك وقد كنت حسن الهيئة؟ قال: ما أكلت طعاماً إلا بليل منذ فارقتك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم عذبت نفسك؟ ثم قال: صم شهر الصبر ويوماً من كل شهر، قال: زدني فإن بي قوة، قال: صم يومين، قال: زدني، قال: صم ثلاثة أيام، قال: زدني، قال: صم من الحرم واترك، صم من الحرم واترك، صم من الحرم واترك، وقال بأصابعه الثلاثة فضمها ثم أرسلها )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في صوم المحرم.
حدثنا مسدد وقتيبة بن سعيد قالا: حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم، وإن أفضل الصلاة بعد المفروضة صلاة من الليل ) لم يقل قتيبة: شهر، قال: رمضان.
حدثنا إبراهيم بن موسى قال: أخبرنا عيسى قال: حدثنا عثمان - يعني: ابن حكيم - قال: ( سألت سعيد بن جبير عن صيام رجب، فقال: أخبرني ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصوم حتى نقول: لا يفطر، ويفطر حتى نقول: لا يصوم )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في صوم شعبان.
حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن معاوية بن صالح عن عبد الله بن أبي قيس سمع عائشة تقول: ( كان أحب الشهور إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصومه شعبان ثم يصله برمضان )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في صوم شوال.
حدثنا محمد بن عثمان العجلي قال: حدثنا عبيد الله -يعني: ابن موسى- عن هارون بن سلمان عن عبيد الله بن مسلم القرشي عن أبيه قال: ( سألت -أو سئل النبي صلى الله عليه وسلم- عن صيام الدهر، فقال: إن لأهلك عليك حقاً، صم رمضان والذي يليه، وكل أربعاء وخميس، فإذا أنت قد صمت الدهر )].
لا يثبت في صيام يوم الأربعاء حديث عن النبي عليه الصلاة والسلام، والأحاديث الواردة في هذا الباب معلولة.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في صوم ستة أيام من شوال.
حدثنا النفيلي قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد عن صفوان بن سليم وسعد بن سعيد عن عمر بن ثابت الأنصاري عن أبي أيوب صاحب النبي صلى الله عليه وسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من صام رمضان ثم أتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر ) ].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب كيف كان يصوم النبي صلى الله عليه وسلم.
حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أنها قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول: لا يفطر ويفطر حتى نقول: لا يصوم، وما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا رمضان وما رأيته في شهر أكثر صياماً منه في شعبان ).
حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعناه.
زاد ( كان يصومه إلا قليلاً بل كان يصومه كله )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في صوم الاثنين والخميس.
حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا أبان قال: حدثنا يحيى عن عمر بن أبي الحكم بن ثوبان عن مولى قدامة بن مظعون عن مولى أسامة بن زيد: ( أنه انطلق مع أسامة إلى وادي القرى في طلب مال له، فكان يصوم يوم الاثنين ويوم الخميس، فقال له مولاه: لم تصوم يوم الاثنين ويوم الخميس وأنت شيخ كبير؟ فقال: إن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يصوم يوم الاثنين ويوم الخميس، وسئل عن ذلك فقال: إن أعمال العباد تعرض يوم الاثنين ويوم الخميس ).
قال أبو داود: كذا قال هشام الدستوائي عن يحيى عن عمر بن أبي الحكم ].
أصح الأيام الأسبوعية التي جاء فيها الدليل صيام يوم الاثنين، وهي أصح من يوم الخميس، ثم يليه يوم الخميس، ثم يليه يوم الأربعاء، ثم يوم الثلاثاء.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في صوم العشر.
حدثنا مسدد قال: حدثنا أبو عوانة عن الحر بن الصباح عن هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر أول اثنين من الشهر والخميس ).
حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا الأعمش عن أبي صالح ومجاهد ومسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام، يعني: أيام العشر، قالوا: يا رسول الله! ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب فطره.
حدثنا مسدد قال: حدثنا أبو عوانة عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت: ( ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صائماً العشر قط )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في صوم عرفة بعرفة.
حدثنا سليمان بن حرب قال: حدثنا حوشب بن عقيل عن مهدي الهجري قال: حدثنا عكرمة قال: ( كنا عند أبي هريرة في بيته، فقال: حدثنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة ).
حدثنا القعنبي عن مالك عن أبي النضر عن عمير مولى عبد الله بن عباس عن أم الفضل بنت الحارث ( أن ناساً تماروا عندها يوم عرفة في صوم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال بعضهم: هو صائم، وقال بعضهم: ليس بصائم، فأرسلت إليه بقدح لبن وهو واقف على بعيره بعرفة فشرب )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في صوم يوم عاشوراء.
حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: ( كان يوم عاشوراء يوماً تصومه قريش في الجاهلية، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه في الجاهلية، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة صامه وأمر بصيامه، فلما فرض رمضان كان هو الفريضة وترك عاشوراء، فمن شاء صامه ومن شاء تركه ).
حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى عن عبيد الله قال: أخبرني نافع عن ابن عمر قال: ( كان عاشوراء يوماً نصومه في الجاهلية، فلما نزل رمضان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا يوم من أيام الله، فمن شاء صامه ومن شاء تركه ).
حدثنا زياد بن أيوب قال: حدثنا هشيم قال: حدثنا أبو بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: ( لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وجد إلىهود يصومون عاشوراء، فسئلوا عن ذلك فقالوا: هذا اليوم الذي أظهر الله فيه موسى على فرعون ونحن نصومه تعظيماً له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نحن أولى بـموسى منكم، وأمر بصيامه ) ].
وورد أن آدم صامه، وأن نوحاً صامه، ولا يصح، وأول ما بدأ به في صيام عاشوراء أنه كان في بني إسرائيل لما نجا الله موسى.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما روي أن عاشوراء اليوم التاسع.
حدثنا سليمان بن داود المهري قال: أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني يحيى بن أيوب أن إسماعيل بن أمية القرشي حدثه أنه سمع أبا غطفان يقول: سمعت عبد الله بن عباس رضي الله عنهما يقول: ( حين صام النبي صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمرنا بصيامه، فقالوا: يا رسول الله! إنه يوم تعظمه إليهود والنصارى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإذا كان العام المقبل صمنا يوم التاسع، فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ].
أي: يصوم التاسع مع العاشر، وإنما سمي عاشوراء لأنه اليوم العاشر، التاسع تاسوعاء، والثامن ثاموناء، والسابع سابوعاء، وهكذا، فالنبي عليه الصلاة والسلام أراد أن يخالف اليهود فيصوم التاسع مع العاشر، ولم يتمكن النبي عليه الصلاة والسلام فقد توفي صلى الله عليه وسلم.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى -يعني: ابن سعيد- عن معاوية بن غلاب ح وحدثنا مسدد قال: حدثنا إسماعيل قال: أخبرني حاجب بن عمر -جميعاً المعنى- عن الحكم بن الأعرج قال: ( أتيت ابن عباس وهو متوسد رداءه في المسجد الحرام فسألته عن صوم يوم عاشوراء، فقال: إذا رأيت هلال المحرم فاعدد فإذا كان يوم التاسع فأصبح صائماً، فقلت: كذا كان محمد صلى الله عليه وسلم يصوم، فقال: كذلك كان محمد صلى الله عليه وسلم يصوم )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في فضل صومه.
حدثنا محمد بن المنهال قال: حدثنا يزيد بن زريع قال: حدثنا سعيد عن قتادة عن عبد الرحمن بن مسلمة عن عمه: ( أن أسلم أتت النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: صمتم يومكم هذا؟ قالوا: لا، قال: فأتموا بقية يومكم واقضوه )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في صوم يوم وفطر يوم.
حدثنا أحمد بن حنبل ومحمد بن عيسى ومسدد - والإخبار في حديث أحمد - قالوا: حدثنا سفيان قال: سمعت عمراً قال: أخبرني عمرو بن أوس سمعه من عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أحب الصيام إلى الله تعالي صيام داود، وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود، كان ينام نصفه ويقوم ثلثه وينام سدسه، وكان يفطر يوما ويصوم يوما )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في صوم الثلاث من كل شهر.
حدثنا محمد بن كثير قال: أخبرنا همام عن أنس أخي محمد عن ابن ملحان القيسي عن أبيه قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نصوم البيض ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة ).
قال: وقال: ( هن كهيئة الدهر ).
حدثنا أبو كامل قال: حدثنا أبو داود قال: حدثنا شيبان عن عاصم عن زر عن عبد الله قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم -يعني: من غرة كل شهر- ثلاثة أيام )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب من قال: الإثنين والخميس.
حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد عن عاصم بن بهدلة عن سواء الخزاعي عن حفصة قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم ثلاثة أيام من الشهر: الإثنين والخميس والاثنين من الجمعة الأخرى ).
حدثنا زهير بن حرب قال: حدثنا محمد بن فضيل قال: حدثنا الحسن بن عبيد الله عن هنيدة الخزاعي عن أمه قالت: ( دخلت على أم سلمة فسألتها عن الصيام، فقالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرني أن أصوم ثلاثة أيام من كل شهر، أولها الإثنين والخميس )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب من قال لا يبالي من أي الشهر.
حدثنا مسدد قال: حدثنا عبد الوارث عن يزيد عن معاذة، قالت: قلت لـعائشة: ( أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيام؟ قالت: نعم، قلت: من أي شهر كان يصوم؟ قالت: ما كان يبالي من أي أيام الشهر كان يصوم )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب النية في الصيام.
حدثنا أحمد بن صالح قال: حدثنا عبد الله بن وهب قال: حدثنا ابن لهيعة ويحيى بن أيوب عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه عن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له ).
قال أبو داود: رواه الليث وإسحاق بن حازم أيضاً جميعاً عن عبد الله بن أبي بكر مثله، ووقفه على حفصة معمر والزبيدي وابن عيينة ويونس الأيلي] .
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الرخصة في ذلك.
حدثنا محمد بن كثير قال: حدثنا سفيان، ح وحدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا وكيع جميعاً عن طلحة بن يحيى عن عائشة بنت طلحة عن عائشة رضي الله عنها قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل علي قال: هل عندكم طعام؟ فإذا قلنا: لا. قال: إني صائم ) زاد وكيع: ( فدخل علينا يوماً آخر، فقلنا: يا رسول الله! أهدي لنا حيس فحبسناه لك، فقال: أدنيه قال طلحة: فأصبح صائماً وأفطر ).
حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا جرير بن عبد الحميد عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن الحارث عن أم هانئ قالت: ( لما كان يوم الفتح -فتح مكة- جاءت فاطمة فجلست عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم وأم هانئ عن يمينه، قال: فجاءت الوليدة بإناء فيه شراب فناولته فشرب منه، ثم ناوله أم هانئ فشربت منه، فقالت: يا رسول الله! لقد أفطرت وكنت صائمة، فقال لها: أكنت تقضين شيئاً؟ قالت: لا، قال: فلا يضرك إن كان تطوعاً ) ].
وبهذا يستدل أن من صام قضاءً أنه لا يجوز له أن يقطع، وهو كذلك لأنه يحكي الأداء، ومن العلماء من يرخص في هذا، فيقول: ما دام قضاءً فإنه ليس أداءً فلا حرج عليه أن يقطع الصيام.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب من رأى عليه القضاء.
حدثنا أحمد بن صالح، قال: حدثنا عبد الله بن وهب، قال: أخبرني حيوة بن شريح عن ابن الهادي عن زميل مولى عروة عن عروة بن الزبير عن عائشة، قالت: ( أهدي لي ولـحفصة طعام وكنا صائمتين فأفطرنا، ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلنا له: يا رسول الله! إنا أهديت لنا هدية فاشتهيناها فأفطرنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا عليكما، صوما مكانه يوما آخر )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب المرأة تصوم بغير إذن زوجها.
حدثنا الحسن بن علي، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: حدثنا معمر عن همام بن منبه: أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تصوم المرأة وبعلها شاهد إلا بإذنه غير رمضان، ولا تأذن في بيته وهو شاهد إلا بإذنه ).
حدثنا عثمان بن أبي شيبة، قال: حدثنا جرير عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد، قال: ( جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ونحن عنده، فقالت: يا رسول الله! إن زوجي صفوان بن المعطل يضربني إذا صليت ويفطرني إذا صمت، ولا يصلي صلاة الفجر حتى تطلع الشمس، قال: وصفوان عنده، قال: فسأله عما قالت؟ فقال: يا رسول الله! أما قولها: يضربني إذا صليت فإنها تقرأ بسورتين وقد نهيتها، قال: فقال: لو كانت سورة واحدة لكفت الناس، وأما قولها: يفطرني فإنها تنطلق فتصوم وأنا رجل شاب فلا أصبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذٍ: لا تصوم امرأة إلا بإذن زوجها، وأما قولها: إني لا أصلي حتى تطلع الشمس فإنا أهل بيت قد عرف لنا ذاك، لا نكاد نستيقظ حتى تطلع الشمس، قال: فإذا استيقظت فصل ).
قال أبو داود: رواه حماد - يعني: ابن سلمة - عن حميد أو ثابت عن أبي المتوكل ].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الصائم يدعى إلى وليمة.
حدثنا عبد الله بن سعيد، قال: حدثنا أبو خالد عن هشام عن ابن سيرين عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا دعي أحدكم فليجب، فإن كان مفطراً فليطعم، وإن كان صائماً فليصل ).
قال هشام: والصلاة الدعاء.
قال أبو داود: رواه حفص بن غياث أيضاً عن هشام ].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما يقول الصائم إذا دعي إلى الطعام.
حدثنا مسدد، قال: حدثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا دعي أحدكم إلى طعام وهو صائم فليقل: إني صائم ) ].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الاعتكاف.
حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا الليث عن عقيل عن الزهري عن عروة عن عائشة: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى قبضه الله، ثم اعتكف أزواجه من بعده ).
حدثنا موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا حماد، قال: أخبرنا ثابت عن أبي رافع عن أبي بن كعب: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان فلم يعتكف عاماً، فلما كان العام المقبل اعتكف عشرين ليلة ).
حدثنا عثمان بن أبي شيبة، قال: حدثنا أبو معاوية ويعلى بن عبيد عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة، قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفه، قالت: وإنه أراد مرة أن يعتكف في العشر الأواخر من رمضان، قالت: فأمر ببنائه فضرب، فلما رأيت ذلك أمرت ببنائي فضرب، قالت: وأمر غيري من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ببنائه فضرب، فلما صلى الفجر نظر إلى الأبنية، فقال: ما هذه آلبر تردن؟ قالت: فأمر ببنائه فقوض وأمر أزواجه بأبنيتهن فقوضت، ثم أخر الاعتكاف إلى العشر الأول يعني: من شوال ).
قال أبو داود: رواه ابن إسحاق والأوزاعي عن يحيى بن سعيد نحوه، ورواه مالك عن يحيى بن سعيد، قال: (اعتكف عشرين من شوال) ].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب أين يكون الاعتكاف.
حدثنا سليمان بن داود المهري، قال: أخبرنا ابن وهب عن يونس: أن نافعاً أخبره عن ابن عمر: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان).
قال نافع: وقد أراني عبد الله المكان الذي يعتكف فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد.
حدثنا هناد عن أبي بكر عن أبي حصين عن أبي صالح عن أبي هريرة، قال: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف كل رمضان عشرة أيام، فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوماً ) ].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب المعتكف يدخل البيت لحاجته.
حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة، قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اعتكف يدني إلي رأسه فأرجله، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان ).
حدثنا قتيبة بن سعيد وعبد الله بن مسلمة، قالا: حدثنا الليث عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.
قال أبو داود: وكذلك رواه يونس عن الزهري ولم يتابع أحد مالكاً على عروة عن عمرة، ورواه معمر وزياد بن سعد وغيرهما عن الزهري عن عروة عن عائشة .
حدثنا سليمان بن حرب، ومسدد، قالا: حدثنا حماد بن زيد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة، قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون معتكفاً في المسجد فيناولني رأسه من خلل الحجرة فأغسل رأسه ).
وقال مسدد: (فأرجله وأنا حائض).
حدثنا أحمد بن محمد بن شبوية المروزي حدثني عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن الزهري عن علي بن حسين عن صفية، قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم معتكفاً فأتيته أزوره ليلاً فحدثته ثم قمت فانقلبت فقام معي ليقلبني -وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد- فمر رجلان من الأنصار، فلما رأيا النبي صلى الله عليه وسلم أسرعا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: على رسلكما إنها صفية بنت حيي، قالا: سبحان الله يا رسول الله! قال: إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم، فخشيت أن يقذف في قلوبكما شيئاً، أو قال: شراً ).
حدثنا محمد بن يحيى بن فارس، قال: حدثنا أبو اليمان، قال: حدثنا شعيب عن الزهري بإسناده بهذا، قالت: ( حتى إذا كان عند باب المسجد الذي عند باب أم سلمة مر بهما رجلان) وساق معناه ].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب المعتكف يعود المريض.
حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي، ومحمد بن عيسى، قالا: حدثنا عبد السلام بن حرب، أخبرنا الليث بن أبي سليم عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة - قال النفيلي: - قالت: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يمر بالمريض وهو معتكف فيمر كما هو ولا يعرج يسأل عنه ).
وقال ابن عيسى: قالت: ( إن كان النبي صلى الله عليه وسلم يعود المريض وهو معتكف ).
حدثنا وهب بن بقية، قال: أخبرنا خالد عن عبد الرحمن -يعني: ابن إسحاق- عن الزهري عن عروة عن عائشة أنها قالت: ( السنة على المعتكف ألا يعود مريضاً، ولا يشهد جنازة، ولا يمس امرأة ولا يباشرها، ولا يخرج لحاجة إلا لما لا بد منه، ولا اعتكاف إلا بصوم، ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع ).
قال أبو داود: غير عبد الرحمن بن إسحاق لا يقول فيه قالت السنة.
قال أبو داود: جعله قول عائشة ].
ذكر السنة غير محفوظ، والصواب أنه موقوف على عائشة عليها رضوان الله.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن إبراهيم، قال: حدثنا أبو داود يعني: عبد الله بن بديل عن عمرو بن دينار عن ابن عمر: ( أن عمر رضي الله عنه جعل عليه أن يعتكف في الجاهلية ليلة أو يوماً عند الكعبة، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: اعتكف وصم )].
ذكر الصيام في اعتكاف عمر غير محفوظ، والصواب أنه لا يلزم من الاعتكاف الصيام ولا يجب في ذلك، والاعتكاف أقله ساعة فما زاد، كما جاء في حديث يعلى بن أمية كما رواه ابن أبي شيبة في كتابه المصنف، ولا حد لأقصاه ولا لأدناه إلا ساعة كما جاء في حديث يعلى بن أمية.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبد الله بن عمر بن محمد عن أبان بن صالح القرشي قال: حدثنا عمرو بن محمد عن عبد الله بن بديل بإسناده نحوه قال: ( فبينما هو معتكف إذ كبر الناس فقال: ما هذا يا عبد الله؟ قال: سبي هوازن أعتقهم النبي صلى الله عليه وسلم، قال: وتلك الجارية فأرسلها معهم )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في المستحاضة تعتكف.
حدثنا محمد بن عيسى وقتيبة قالا: حدثنا يزيد عن خالد عن عكرمة عن عائشة قالت: ( اعتكفت مع النبي صلى الله عليه وسلم امرأة من أزواجه، فكانت ترى الصفرة والحمرة فربما وضعنا الطست تحتها وهي تصلي ) ].
آخر كتاب الصيام والاعتكاف.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر