إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. مساعد الطيار
  5. عرض كتاب الإتقان
  6. عرض كتاب الإتقان (70) - النوع الثامن والستون في جدل القرآن

عرض كتاب الإتقان (70) - النوع الثامن والستون في جدل القرآنللشيخ : مساعد الطيار

  •  التفريغ النصي الكامل
  • تعامل الله تعالى مع الكفار والمشركين والمنافقين في القرآن بطرق كثيرة؛ لإقناعهم أو ردعهم، ومن هذه الطرق: طريقة الجدل بما يفهمون. ولكثرة وجود الجدال في القرآن استطاع العلماء المثبتون للجدل في القرآن أن يفردوا مصنفاً مستقلاً بعلم الجدل فيه؛ ليصبح من علوم القرآن الأخرى التي لها ارتباط ببعضها.

    1.   

    الجدل في القرآن

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين, وأصلي وأسلم على نبينا محمد, وعلى آله وعلى أصحابه أجمعين, وعلى من تبعهم إلى يوم الدين.

    وقفنا عند النوع الثامن والستين في جدل القرآن.

    أول من أفرد علم الجدل بالتأليف

    ذكر السيوطي رحمه الله تعالى, من أفرد هذا النوع بالتأليف وهو نجم الدين الطوفي وكتابه مطبوع.

    وعلم الجدل والمناظرة علم معروف, وقد كتب فيه العلماء, وأشاروا إلى ما في القرآن من البراهين العقلية الدالة على صدق القرآن، أو على قضايا القرآن الأخرى، كالبعث والتوحيد.. وغيرها.

    ثم ذكر موضوعات متنوعة فيما يتعلق بجدل القرآن لا نحتاج أن نقف عليها كلها, ولكن أشير إلى بضع القضايا سريعاً:

    مناقشة من أنكر وجود الجدل في القرآن

    ذكر عن ابن أبي الأصبع أنه قال: زعم الجاحظ أن المذهب الكلامي لا يوجد منه شيء في القرآن, ثم قال: وهو مشحون به. نقف عند هذا الملحظ وهو: أن علماء الكلام عنوا بتقرير القضايا العقلية في علم الاعتقاد, بمعنى: أننا إذا تأملنا ما قال به علماء الكلام في علم الاعتقاد, فإننا سنجد أنهم أقاموا علم الاعتقاد على باب الجدل والنظر؛ ولهذا يسمون في كتب الإسلام: أهل النظر أو أهل الكلام.

    وما ذكره الجاحظ : أن المذهب الكلامي غير موجود في القرآن إذا كان المراد به التفصيلات أو الطرائق العامة التي يذكرها علماء الكلام فهذا لا شك أنه غير موجود, ولكن إن كان يراد به طرائق الجدل التي يتفق فيها فئام الناس سواء كانوا يقررون عقائد أو غير عقائد فهذا موجود في القرآن وفي غيره من كلام الناس؛ ولهذا ننتبه إلى مسألة مهمة جداً في مثل هذه الأحكام التي تذكر وهي: أن باب الكلام والجدل والنظر لا يختص بقوم دون قوم, ولكن لكثرة بروع قوم فيه وكون هؤلاء يختصون به، ويوردون من مسائل الكلام وعلم الجدل ودقائقه ما لا يريده غيرهم, وإلا فأغلب الناس الأصل فيه أنه يمشي على أسلوب عام في النظر, وهذه لا بد أن ننتبه لها بمعنى: أن العامي والعالم عندهم فيما يتعلق بقضية الجدل والنظر شيء يتفقون عليه, ولكن قد يفوق العالم العامي بكثرة محفوظه، ومعرفته بطرائق الكلام؛ لممارسته, ثم قد يتفوق من يتخصص في علم الجدل والنظر على غيره لكثرة ممارسته لهذا الأمر.

    ولهذا فقول الجاحظ له وجه من جهة صحيح, ولكن له وجه أيضاً من جهة غير صحيح, وهو الذي لحظه ابن أبي الأصبع ورد عليه به.

    ومما يحسن أن ننتبه له أيضاً في قضية الجدل في القرآن: أن الله سبحانه وتعالى قد جادل طوائف كثيرة وذكر مناظرات كثيرة, ومن أهمها ما ذكره بقوله تعالى: إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ [آل عمران:59], فهذا قياس, ومثل هذا في القرآن، فقضية الجدل والمناظرة مبثوثة ومنثورة وهي كثيرة جداً, وقد أشار السيوطي رحمه الله تعالى إلى بعضها في قضية إثبات البعث.

    لو كان أحد منا درس علم المنطق مثلاً أو علم الجدل والنظر, وأراد أن يستخرج أمثلة لما درسه من خلال القرآن فإنه سيجد أمثلة كثيرة جداً ومنثورة، وبناءً على هذا أقول مرة أخرى: إنه يجب أن يكون عندنا نوع من الاعتداد بما عندنا من العلم, وأن كتاب الله سبحانه وتعالى وسنة النبي صلى الله عليه وسلم ففيهما الحظ الأوفر مما يتعلق بهذه الأمور, فلا نحتاج في مثل هذه الأمور إلى أن نأخذ من غيرنا مثل هذه الطرائق, ولكن نحتاج إلى أن نعرف ما عندنا, ونؤسس من خلال ما عندنا في الكتاب والسنة القضايا والبراهين العقلية.

    علاقة علم الجدل في القرآن بعلوم القرآن

    نرجع إلى مسألة أخرى وهي: جدل القرآن على أنه نوع من أنواع علوم القرآن, هل الجدل يمثل في القرآن نوعاً من العلم بمعنى: أنه يمكن أن تستخرج منه مسائل مضبوطة ضبطاً خاصاً، أو هو معلومات مبثوثة في القرآن، مثل ما قلنا في أمثال القرآن وقصص القرآن؟ فإذا تأملنا ما ذكر في جدل القرآن سنجد أنه من نوع المعلومات وليس من نوع العلم المضبوط ضبطاً خاصاً.

    وعلم الجدل لو تأملناه كما يقال عنه: علم الجدل, هذا علم قائم بذاته ومستقل, ولم يكن موجوداً في علوم المسلمين, أي: لم يكن من علوم المسلمين، لا في عهد الصحابة ولا في عهد التابعين ولا أتباع التابعين, ولا من بعد هؤلاء فلم يكن مؤسساً على أنه علم الجدل والمناظرة, وإنما صار مستقلاً ومؤسساً بعد الأزمنة الثلاثة، ثم ظهر بعد ذلك وخاصة حينما تشكلت تشكلاً كاملاً علوم الكلام، وكذلك علم أصول الفقه، وصار بعضها يأخذ من الآخر؛ فتشكل ما يسمى بعلم الجدل أو علم المناظرة.

    وبما أن هذا العلم بهذه المثابة فإنه لا يعني أننا نرفضه رفضاً تاماً, ولكن ننتبه إلى أنه لا يلزم أن يكون علماً مستقلاً يمكن أن يدرس قبل ذلك ثم يؤخذ من خلال القرآن.

    إذاً عندنا علم الجدل، أي: إذا قلنا: إنه هناك تنظيرات لو طبقناها نستطيع أن نستخرج أمثله من القرآن, لكن لا يعني هذا أننا نجعل جدل القرآن أو هذا النوع من العلم الذي ضبط بهذه الطريقة أنه من علوم القرآن, ولكن نقول: هناك شيء من المعلومات في هذا العلم واردة في القرآن.

    أنواع علوم القرآن

    وبناءً على هذا وأيضاً على ما سبق من أن هناك أنواعاً من العلوم هي من الأحوال المرتبطة بالنص, فهناك علوم منبثقة من النص, وهناك علوم مشتركة مع هذا النص؛ لأن عندنا علوماً هي أشبه بالأحوال, أي: خارج إطار النص، مثل: أسباب النزول, فهذا خارج، بمعنى: أنا لا نجد إشارة إلى أسباب النزول في القرآن, لكننا نعلم من أحوال نزول القرآن أن القرآن إما أن يكون نزل ابتداءً، وإما يكون نزل على سبب؛ فاستخرج من هذا ما يسمى بعلم أسباب النزول.

    وعلم منبثق من النص مثل علم القراءات أي: كيف يقرأ، الذي هو: علم الأداء، فهذا من خلال النص؛ ولهذا لا يمكن أن نأخذ كيف يقرأ القرآن إلا من خلال علوم القرآن بعمومها على أن علم القراءات جزء علوم القرآن.

    أما العلوم المشاركة مع النص فمثل: العام والخاص, فالعام والخاص يشترك فيه الكتاب والسنة, وبنى علماء أصول الفقه العام والخاص عندهم على أمثله وتطبيقات في الكتاب والسنة، ثم نشأ عندنا هذا النوع من العلم، الذي هو علم العام والخاص.

    فإذاً علم العام والخاص ليس خاصاً بأصول الفقه, وليس خاصاً بالحديث, وليس خاصاً بالقرآن, بل هو مشترك فيها جميعاً, فمن تكلم عن استنباط الأحكام من الحديث النبوي لا بد أن يتعرض لأمثله العام والخاص, وكذلك من أراد أن يستنبط من القرآن لا بد أن يتعرض للعام والخاص, وعلماء أصول الفقه هم الذين أسسوا قضية العام والخاص، وكتبوها تنظيراً, ثم استفاد منهم من كتب في علوم القرآن كما سبق أن ذكرت ذلك.

    أما جدل القرآن فنلاحظ أنه ليس عندنا الآن من المؤلفات فيه إلا مؤلفاً واحداً ذكره السيوطي , فالمؤلفات فيه قليلة كما نلاحظ, بل يقال: إنها شحيحة ونادرة, وهذا يشير إلى أننا لا يلزم أن نجعل الجدل نوعاً من أنواع علوم القرآن, ولكن يجب أن ننظر ونحن نريد أن نعيد تصنيف علوم القرآن كيف نستطيع أن نستفيد مما كتبه السيوطي وغيره ممن جعلوا الجدل أو غيره من علوم القرآن, كيف نستطيع أن نضيفها بطريقة ما, ونشير إلى أنها لا تدخل في هذه الأنواع الثلاثة التي سبق أن ذكرناها, أي: ليست من الأحوال ولا هي مستنبطة من النص ولا تخرج عنه, ولا هي مشتركة مع علوم أخرى؛ فنحتاج مثل هذه إلى أن نكيفها ونوصلها بطريقة أخرى.

    طريقة التعامل مع المخالف

    لعلنا نختم موضوع الجدل بقضية من القضايا المرتبطة به، وهي: أن الله سبحانه وتعالى قد ذكر لنا في القرآن، مثل قوله سبحانه وتعالى: مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ [المؤمنون:91], وأيضاً قال: لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ [الإخلاص:3], وقال: مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَدًا [الجن:3], فالله سبحانه وتعالى ذكر هذه القضايا التي زعمها بعض البشر, ولا شك أنها أكذب الكذب وأفرى الفراء؛ فإذا كانت تقال في حق الله سبحانه وتعالى, والله سبحانه وتعالى ذكرها في كتابه ورد هذه الأباطيل؛ فيجب أن ننتبه إلى مسألة مهمة وهي: أن المسلم الذي يعلم كتابه بحق، ويعلم إسلامه بحق لا يضره مثل هذه الشبهات, صحيح أنه قد يقع بعض الناس؛ لكن الأصل في المسلم أنه لا تضره مثل هذه الشبهات أو مثل هذه الأقاويل الباطلة, وقد ذكر الله سبحانه وتعالى في حق نفسه في كتابه مثل هذه الأقاويل التي زعمها عليه بعض الناس.

    ونلاحظ أن بعض المعاصرين وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يهدينا وإياهم إلى الحق إن كان معهم أو كان مع غيرهم, بعضهم مثلا ًيخالف الزركشي في اعتقاده؛ ففي أحد كتبه ذكر بعض المسائل على مذهب أهل الكلام, فوضع نقطاً, وحذف هذا الكلام.

    وأيضاً صنعه أحدهم في جامع البيان لـالأيجي الصفوي فنزع بعض الكلام ووضع عليه نقاطاً, وهذا في الحقيقة أرى أنه يخالف المنهج؛ فالله سبحانه وتعالى بين لنا المنهج الصواب، فذكر القول والرد عليه, وهذا حق من حقوق هذا المؤلف؛ فإن كنت لا ترتضي قوله فعلق عليه في الحاشية ونبه على خطئه واستدرك عليه, وهذا هو السبيل والطريق الذي يسلكه العلماء. أما طريقة حذف شيء من أقوال المؤلف فهذه طريقة أرى أنها غير سديدة وقد وقعت في بعض الكتب.

    ولهذا نقول: كل من كان عنده نوع من النظر والاجتهاد في الرد على المخالف يجب أن يزنه بالكتاب والسنة, ويجب أن نعلم أن الأصل الذي نرجع إليه جميعاً هو الكتاب والسنة وليس قول فلان؛ ولهذا نلاحظ أحياناً أنه قد يعلق في بعض القضايا على أنه منهج السلف قد يكون منهج واحد أو اثنين منهم، والله سبحانه وتعالى ذكر في كتابه ما هو أشد مما يذكره علماء الكلام في بعض القضايا.

    ولهذا يجب أن يكون عندنا نوع من العدل, بل يجب علينا أن يكون عندنا العدل كله في مثل هذه الأمور، فلا نستعجل في قضية الرد أو الاعتراض على مثل هذه القضايا حتى نتبين, على سبيل المثال: أيوب السختياني قال له أحد أهل البدع: يا أيوب ! كلمة، قال: فسد أذنيه وقال: ولا نصف كلمة, قال: أردت ألا يعلق قلبي ببدعته.

    نقول: هذا منهج صنعه أيوب , لكن هل هذا الذي صنعه أيوب هو المنهج الذي يرتضيه عامة السلف؟ هل هو المنهج الذي ارتضاه الصحابة والتابعون وأتباع التابعين؟ لا، فيجب أن يكون عندنا نوع من التأني حينما نقول: إن هذا هو منهج السلف؛ لأنه أحياناً يحمل السلف من المنهج ما لا يكون لهم جميعاً ويكون لبعضهم, وهذه مسألة ليس هذا مجالها، ولكن قد يقع مجادلات ومخاصمات في التكلم عن مسألة الجدل, ولو فتشنا في كلام السلف فسنجد أن عندهم اختلافات في طرائق كثيرة جداً, ولم يكن بينهم أي إشكال ولم يكن بينهم هذا الذي نجده من التحزبات أو من الإحن والشحناء القلبية, لا نجد مثل هذا, فقد يختلفون في بعض القضايا ولكن لا نجد مثل هذا.

    لا أطيل في هذا لكن لأهميته أكرره مرة بعد مرة؛ لأن مع الأسف نجد اليوم أن من يدعي أنه يتبع منهج السلف أحياناً يجعل من لا يوافقه في هذا المنهج مبتدعاً وضالاً وأنه لا يفهم؛ حتى يجعل نفسه وحزبه وأعتذر عن هذه الكلمة كأنهم شعب الله المختار, وأنهم هم الذين يفهمون وغيرهم لا يفهمون.

    ومضى أسلافنا رحمهم الله وبقي كبار علماؤنا اليوم على المنهج العام لم نر عندهم مثل هذه الإشكالات؛ فلماذا لم تخرج مثل هذه الإشكالات فهي تحتاج إلى أن يتأمل الإنسان وأن ينظر وألا يستعجل في هذه الأمور, وكما قلت: نحتاج في هذا إلى العدل ونحتاج إلى أن نزن كل أمورنا بالكتاب والسنة.

    سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756485791