إسلام ويب

شرح سنن النسائي - كتاب الطهارة - باب الوضوء لكل صلاةللشيخ : عبد المحسن العباد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن غالب الأحوال على النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يتوضأ لكل صلاة، ولكن قد ورد عنه أنه صلى الخمس الصلوات بوضوء واحد، وعليه يكون ذلك بياناً للجواز، ولا يجب الوضوء لكل صلاة إلا في حق المحدث.

    1.   

    الوضوء لكل صلاة

    شرح حديث أنس في الوضوء لكل صلاة

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [الوضوء لكل صلاة.

    أخبرنا محمد بن عبد الأعلى حدثنا خالد حدثنا شعبة عن عمرو بن عامر عن أنس رضي الله عنه أنه ذكر: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بإناء صغير فتوضأ، قلت: أكان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ لكل صلاة؟ قال: نعم. قال: فأنتم؟ قال: كنا نصلي الصلوات ما لم نحدث، قال: وقد كنا نصلي الصلوات بوضوء)].

    يقول النسائي رحمه الله: باب: الوضوء لكل صلاة.

    هذه الترجمة المراد منها كما هو ظاهر: أن كل صلاة يتوضأ لها، ولكن هذا فيما إذا كان الإنسان محدثاً، فهذا متعين، وإذا لم يكن محدثاً, فإنه يتوضأ استحباباً تجديداً للوضوء، وإن لم يتوضأ لكونه على وضوء، فإن ذلك يكون كافياً، وقد جاء فعل ذلك -في بعض الأحيان- عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وجاء عن الصحابة, كما دلت عليه الأحاديث التي أوردها النسائي تحت هذه الترجمة.

    وأول هذه الأحاديث التي أوردها النسائي تحت هذه الترجمة: حديث أنس بن مالك : (أنه ذكر أن النبي عليه الصلاة والسلام أتي بإناء صغير فتوضأ منه، فقيل لـأنس : أكان يتوضأ لكل صلاة؟ قال: نعم. قال: فأنتم؟ قال: كنا نصلي الصلوات ما لم نحدث)، ثم بين ذلك بقوله: (وكنا نصلي الصلوات بوضوء)، يعني: أنهم يجمعون بين الصلوات المتعددة بوضوء واحد.

    فحديث أنس هذا بين فيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ لكل صلاة، وهذا الذي قاله أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم مبني على غالب أحواله عليه الصلاة والسلام، والأحوال قليلة جداً عنه أنه كان يصلي الصلوات المتعددة بوضوء واحد.

    وقد جاء عنه كما في الحديث الذي سيأتي، أنه عام الفتح صلى الصلوات الخمس بوضوء، وكذلك أيضاً جاء عنه أنه في خيبر صلى الظهر والعصر بوضوء واحد، فيكون ما ذكره أنس مبنياً على غالب أحواله، والغالب من فعله عليه الصلاة والسلام أنه كان يتوضأ لكل صلاة.

    قال له: فأنتم؟ يعني: ماذا كنتم تصنعون؟ قال: (كنا نصلي ما لم نحدث)، يعني: نصلي الصلوات ما لم نحدث، فإذا وجد الإحداث, فإنه من الأمر الواضح أن الوضوء متعين، ولكن إذا لم يحصل إحداث، فإنهم يجمعون بين صلوات متعددة في وضوء واحد، ثم زاد ذلك وضوحاً في قوله: (وكنا نصلي الصلوات بوضوء)، وهذا يؤيد ويؤكد ما دل عليه كلامه السابق من قوله: (كنا نصلي ما لم نحدث). أي: كنا نصلي الصلوات المتعددة ما لم نحدث، فإذا حصل الإحداث فإن الأمر واضح بأنه لا بد من الوضوء.

    إذاً: فالحديث يدلنا على أن الوضوء لكل صلاة هو الأولى والأفضل، وأن الجمع بين صلوات متعددة بوضوء واحد سائغ وجائز، وأنه قد جاء عن الصحابة، وقد جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام في بعض أحواله صلى الله عليه وسلم.

    تراجم رجال إسناد حديث أنس في الوضوء لكل صلاة

    قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الأعلى].

    محمد بن عبد الأعلى هذا قد مر ذكره فيما مضى، وهو الصنعاني، وهو ثقة، خرج حديثه مسلم, وأبو داود في القدر, والترمذي, والنسائي, وابن ماجه .

    [ حدثنا خالد ].

    وخالد هو: ابن الحارث ، وهو ثقة وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    [ حدثنا شعبة ].

    وشعبة هو: ابن الحجاج ، أمير المؤمنين في الحديث كما وصفه بذلك بعض المحدثين، وهو من أئمة الجرح والتعديل، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    [ عن عمرو بن عامر ].

    وهو: عمرو بن عامر الأنصاري الكوفي، وذكره يأتي لأول مرة، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن أنس].

    وأنس بن مالك هو خادم رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو من صغار الصحابة، وهو أحد المكثرين من رواية حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام، وقد دعا له النبي صلى الله عليه وسلم بأن يكثر الله ماله وولده، وكذلك دعا له بطول العمر، وقد عاش رضي الله عنه مدة طويلة؛ حيث كان من أواخر الصحابة موتاً رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة، وهو أحد السبعة المكثرين من رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    شرح حديث: (إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا زياد بن أيوب حدثنا ابن علية حدثنا أيوب عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من الخلاء فقرب إليه طعام فقالوا: ألا نأتيك بوضوء؟ فقال: إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة)].

    أورد النسائي حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما الذي يقول: (إن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من الخلاء, فقرب إليه طعام، فقالوا له: ألا نأتيك بوضوء؟ فقال: إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة)، ووجه إيراد الحديث في (الوضوء لكل صلاة) في الجملة الأخيرة منه، حيث قال عليه الصلاة والسلام: (إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة)، فهذا يشعر بوضوئه عند كل صلاة، وأنه مأمور بالوضوء إذا قام إلى الصلاة عليه الصلاة والسلام، وهو دال على ما ترجم له المصنف.

    وابن عباس يقول: (إن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من الخلاء)، يعني: قضى حاجته وقرب له طعام، (فقيل له: ألا نأتيك بوضوء؟)، يعني: لما خرج من الخلاء، عرضوا عليه أن يأتوه بوضوء يتوضأ منه، فقال: (إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة)، فدلنا هذا على أنه لا يتعين على الإنسان إذا قضى حاجته أن يتوضأ، وأن يكون على وضوء، وإن كان الإنسان على وضوء، فهذا شيء طيب وشيء حسن، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر بأنه إنما أمر بالوضوء إذا قام إلى الصلاة، فدل هذا على أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يتوضأ لكل صلاة، وأنه لا يتعين الوضوء إذا قضى الإنسان حاجته، بل يمكن أن يكون الإنسان على غير وضوء، وإن كان ينبغي والأولى للإنسان أن يكون على وضوء من أجل ما قد يحتاج إليه من صلاة وقراءة القرآن من المصحف، أو ما إلى ذلك من الأشياء التي يشرع لها الوضوء, ولكنه لا يتعين، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة)، وهذا الحصر في قوله: (إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة)، ليس حصراً حقيقياً بمعنى: أنه لا يكون الوضوء إلا للصلاة؛ لأن هناك أموراً يتوضأ لها غير الصلاة، مثل قراءة القرآن من المصحف، فإن هذا مما يتوضأ له، ويحتاج الأمر فيه إلى الوضوء, ومثل الطواف، ولكن يستحب فيه ركعتان.

    إذاً: فالحصر إضافي أو نسبي؛ لأن الحصر الذي يخرج منه أشياء يقال له: حصر إضافي أو نسبي، وأما الحصر الذي لا يخرج منه شيء، فهذا يقال له: حصر حقيقي، بمعنى: ليس فيه أفراد تستثنى منه، ولا يخرج عن هذا الحصر شيء.

    وكلمة (الوضوء) جاءت مرتين بفتح الواو وبضمها، أما بفتح الواو التي هي الأولى فالمراد بها: الماء الذي يتوضأ به.

    وأما الثانية التي بالضم فالمراد به: الفعل، الذي هو كون الإنسان يأخذ الماء ويغسل وجهه ثم يغسل يديه، فهذا الفعل يقال له: وضوء، وأما الماء الذي أعد للوضوء، والذي يتوضأ منه يقال له: وَضوء، وهذا قد نبهت عليه فيما مضى، وذكرت أن له نظائر عديدة، بالفتح اسم للشيء الذي يستعمل، وبالضم اسم للاستعمال.

    فالوُضوء والوَضوء، والطُهور والطَهور، والسُحور والسَحور، والوُجور والوَجور، واللُدود واللَدود، وألفاظ كلها على هذا المنوال وعلى هذا القياس، بالفتح اسم للشيء الذي يستعمل، وبالضم اسم للاستعمال الذي هو الفعل.

    تراجم رجال إسناد حديث: (إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة)

    قوله: [ أخبرنا زياد بن أيوب ].

    هو: أبو هاشم البغدادي ، وهو ثقة, حافظ، ويلقب بـدلويه ، وكان أحمد يلقبه بشعبة الصغير، يعني: لحفظه وإتقانه، وكانت وفاته بعد الإمام أحمد بإحدى عشرة سنة، لأن الإمام أحمد توفي سنة مائتين وإحدى وأربعين، وهو توفي سنة مائتين واثنتين وخمسين، روى عنه الإمام أحمد , وخرج حديثه البخاري , وأبو داود , والترمذي , والنسائي .

    [ حدثنا ابن علية ].

    وابن علية هو: إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم المشهور بابن علية نسبة إلى أمه، وهو ثقة, حافظ، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة، وله ابن منحرف اسمه إبراهيم بن إسماعيل ، وهو الذي يأتي ذكره في مسائل الفقه، يعني: في مسائل الشذوذ، فإذا قيل في مسائل الفقه؛ في مسألة غريبة أو فيها شذوذ: ابن علية ، فالمراد به ابنه الذي هو من أهل البدع، والذي لما ذكره الذهبي قال عنه: جهمي هالك.

    وقد ذكر ابن رشد وغيره في بداية المجتهد عند ذكر الإجارة أن العلماء اتفقوا عليها، قال: وخالف فيها ابن علية والأصم.

    فـ ابن علية الذي خالف فيها هو إبراهيم هذا الجهمي المنحرف المبتدع؛ لأنه يقول: الإجارة لا تجوز، كيف هذا؟! هذا من الشذوذ، فهل يستطيع الإنسان أن يعمل كل شيء بنفسه؟ أيكون حداداً، ونجاراً، وكهربائياً؟ أيكون كل شيء يعمله؟ يعني: ما دام أنه لا يجوز الاستئجار فهو بين أمرين: إما أن الناس يتصدقون عليه، أو أنه يكون عارفاً بجميع الحرف؟

    وأما الأصم فإنه إذا ذكر في المسائل التي فيها شذوذ يراد به ابن كيسان الذي هو من المبتدعة، وليس الأصم المشهور الذي هو شيخ الحاكم ؛ لأن الحاكم له شيخ أكثر عنه وهو أبو العباس الأصم ، فإذا قيل: الأصم في مسائل شاذة في الفقه، فالمراد به هو ابن كيسان هذا المبتدع.

    ومن المسائل التي خالف فيها ابن كيسان: الشفعة، فإنه يقول: إن الشفعة لا تجوز، وقد قال فيه بعض العلماء: وخالف فيها الأصم ؛ لأنه كان عن فهمها أصم.

    [ حدثنا أيوب ].

    وهو: ابن أبي تميمة السختياني ، وهو ثقة, حديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    [ عن ابن أبي مليكة ].

    و ابن أبي مليكة هو: عبد الله بن عبيد الله بن عبد الله بن أبي مليكة زهير التيمي الكوفي ، فـأبو مليكة هو جد أبيه، ولكنه اشتهر بالنسبة إلى جد أبيه، فيقال له: ابن أبي مليكة ؛ لأنه هو عبد الله بن عبيد الله بن عبد الله بن أبي مليكة زهير.

    و أبو مليكة اسمه زهير.

    وهذا يشبه ابن شهاب ؛ لأن ابن شهاب منسوب إلى جد من أجداده، فهذا من جنسه؛ منسوب إلى جد من أجداده؛ وهو جد أبيه، واشتهر بالنسبة إليه.

    و ابن أبي مليكة ثقة, فقيه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    [ عن ابن عباس ].

    و ابن عباس رضي الله تعالى عنه هو ابن عم رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأحد الصحابة المكثرين من رواية الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو أحد السبعة الذين مر ذكرهم مراراً، وأنهم معروفون بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثهم زاد على ألف حديث، والذين نظمهم السيوطي في بيتين من ألفيته في المصطلح حيث قال:

    والمكثرون في رواية الأثر أبو هريرة يليه ابن عمر

    وأنس والبحر كالخدري وجابر وزوجة النبي

    والبحر هو ابن عباس ، يقال له: البحر، ويقال له: الحبر.

    شرح حديث بريدة في صلاة النبي يوم الفتح كل الصلوات بوضوء واحد

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا عبيد الله بن سعيد حدثنا يحيى عن سفيان حدثنا علقمة بن مرثد عن ابن بريدة عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ لكل صلاة، فلما كان يوم الفتح صلى الصلوات بوضوء واحد، فقال له عمر : فعلت شيئاً لم تكن تفعله! قال: عمداً فعلته يا عمر )].

    أورد النسائي حديث بريدة بن الحصيب الأسلمي رضي الله عنه أنه قال: (إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ لكل صلاة)، وهذا مطابق للترجمة؛ وهي الوضوء لكل صلاة.

    وحديث بريدة يقول: (إنه كان يتوضأ لكل صلاة)، وهذا مبني على الغالب من فعله، وإلا فقد ورد من فعله صلى الله عليه وسلم أنه جمع بين الظهر والعصر بوضوء واحد.

    فإذاً: كونه يتوضأ لكل صلاة، فهذا الغالب على فعله وعلى أحواله عليه الصلاة والسلام، ولكنه في عام الفتح صلى الصلوات بوضوء واحد، فكان هذا مخالفاً لما هو معروف عنه، فقال له عمر : رأيتك عملت شيئاً لم تكن تفعله، يعني: كأنه ظن أنه قد نسي، فقال عليه الصلاة والسلام: (عمداً فعلت)، يعني: ليبين أن ذلك جائز، وأن ذلك سائغ، وأن الإنسان يمكن أن يصلي صلوات عديدة، بل يمكن أن يصلي الصلوات الخمس بوضوء واحد، فإذا حصل هذا فهو سائغ وجائز، وقد فعله رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولكنه في بعض أحواله، فدل على الجواز، وإن كان غيره أولى منه؛ لأن هذا هو الغالب على فعله.

    تراجم رجال إسناد حديث بريدة في صلاة النبي يوم الفتح كل الصلوات بوضوء واحد

    قوله: [ أخبرنا عبيد الله بن سعيد ].

    عبيد الله بن سعيد هو: اليشكري السرخسي نزيل نيسابور، وهو ثقة, مأمون, سني، كما قال الحافظ ابن حجر: ثقة, مأمون, سني.

    وحديثه رواه البخاري, ومسلم, والنسائي.

    [ حدثنا يحيى ].

    وهو: ابن سعيد القطان ، أحد الثقات الأثبات، وأحد أئمة الجرح والتعديل، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    [ عن سفيان ].

    وسفيان هنا غير منسوب، فيحتمل أنه سفيان الثوري , أوسفيان بن عيينة ، ولكن هنا هو سفيان الثوري ؛ لأن الذي روى عن علقمة بن مرثد هو سفيان الثوري .

    إذاً: فسفيان هذا الذي هو غير منسوب هو سفيان الثوري ؛ لأن سفيان بن عيينة لم يذكر المزي في ترجمته أنه روى عن علقمة بن مرثد.

    وسفيان الثوري هو سفيان بن سعيد بن مسروق ، وهو ثقة, حافظ, حجة، بل إن بعض العلماء وصفه بأنه أمير المؤمنين في الحديث.

    [ عن علقمة بن مرثد ].

    و علقمة بن مرثد هو: الحضرمي الكوفي ، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    [ عن ابن بريدة ].

    وابنا بريدة اثنان، أحدهما: سليمان، والثاني: عبد الله، وسليمان وعبد الله ولدا توأمين، وقد رويا عن أبيهما، ولكن هنا غير منسوب ابن بريدة، يعني: لا قيل: هو عبد الله, ولا قيل: هو سليمان، ولكن جاء في بعض الطرق عند الأئمة الذين خرجوا هذا الحديث, ومنهم: مسلم سماه, سليمان بن بريدة ؛ لأن نفس الحديث هذا رواه مسلم , ورواه غيره، وسموا ابن بريدة سليمان .

    إذاً: فهنا غير مسمى عند رواية النسائي ، ولكنه في صحيح مسلم منسوب، قال: حدثنا سليمان بن بريدة عن أبيه.

    فإذاً: تعين أنه سليمان، وليس عبد الله.

    وقد ذكرت لكم فيما مضى: أن الشخص إذا كان غير مسمى، وأنه يحتمل عدة أشخاص؛ فإن من أقرب الطرق وأيسر الطرق للوصول إلى معرفته: أن ينظر في طرق الحديث إذا كان رواه جماعة.

    وسليمان بن بريدة الأسلمي ثقة، خرج حديثه مسلم, وأبو داود, والترمذي, والنسائي، وابن ماجه ولم يخرج له البخاري ، وفي نسخة التقريب الطبعة المصرية لم يذكر مسلم ممن خرج له، مع أنه ممن خرج له، بل هذا الحديث نفسه خرجه مسلم في صحيحه, من رواية سليمان بن بريدة عن أبيه.

    [عن أبيه].

    هو بريدة بن الحصيب الأسلمي رضي الله عنه، وبريدة بن الحصيب الأسلمي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، له مائة وأربعة وستون حديثاً، اتفق البخاري , ومسلم منها على حديث، وانفرد البخاري بحديثين، ومسلم بأحد عشر حديثاً.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767192390