السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وها نحن ما زلنا مع المعجزات المحمدية، وقد عرفتم أن العامة يقولون: لا نبي إلا بالمعجزات، ولا ولي إلا بالكرامات، وهو كذلك.
قال: [وخامسة عشر المعجزات: سجود البعير له صلى الله عليه وسلم وشكواه إليه] فالبعير سجد لرسول الله صلى الله عليه وسلم وشكا إليه مصائبه وأتعابه، فسبحان الله! فهذا البعير الحيوان المعروف خر ساجداً بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشكا إليه ما يعانيه من مالكيه، وإليكم الرواية الآتية:
قال: [روى النسائي وأحمد بسنديهما عن أنس بن مالك رضي الله عنه] هذا خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم [قال: ( كان أهل بيت من الأنصار )] وجد أهل بيت من الأنصار سكان المدينة من بني الأوس والخزرج [( لهم جمل )] أي: بعير ذكر [( يسنون عليه )] أي: يستخرجون الماء بواسطته [( وأنه استصعب عليهم )] أي: قوي وما طاقوه [( فمنعهم ظهره )] أي: لا يستطيعون أن يركبوا عليه [( وأن الأنصار جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: إنه كان لنا جمل نسني عليه، وإنه استصعب علينا ومنعنا ظهره، وقد عطش الزرع والنخل )] أي: ارحمنا يا رسول الله [( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: قوموا. فقاموا فدخل الحائط )] والمراد بالحائط البستان، وسمي حائطاً لأنه محاط بالجدران [( والجمل في ناحية )] أي: من نواحي البستان [( فمشى النبي صلى الله عليه وسلم نحوه )] أي: جهة البعير [( فقال الأنصار: إنه صار مثل الكلب، وإنا نخاف عليك صولته. فقال: ليس عليَّ منه بأس )] ولا أذى [( فلما نظر الجمل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل نحوه )] أي: جهته [( حتى خر ساجداً بين يديه )] وهذه آية النبوة! كيف أن الجمل وهو حيوان يسجد لإنسان؟! فتلك علامة أنه رسول الله بحق.
قال: [( فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بناصيته أذل ما كانت قط حتى أدخله في العمل )] أي: قاده الرسول للعمل [( فقال له أصحابه: يا رسول الله! هذه بهيمة لا تعقل تسجد لك، ونحن أحق أن نسجد لك! فقال: لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر، ولو صلح لبشر أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها )] ولكن لا سجود إلا لله رب العالمين.
قال: [كما روى مسلم : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل يوماً مع بعض أصحابه حائطاً )] والحائط هو البستان [( من حيطان الأنصار )] أي: بساتينهم [( فإذا جمل قد أتاه، فجرجر وذرفت عيناه )] أي: هذا الجمل [ (فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم سراته وذفراه فسكن)] أي: مسح من حيث عظام أذنيه، فهدأه وسكن [( فقال صلى الله عليه وسلم: من صاحب الجمل؟ )] هذا الذي جاء يبكي [( فجاء فتى من الأنصار قال: هو لي يا رسول الله، فقال له صلى الله عليه وسلم: أما تتقي الله في هذه البهيمة التي ملَّكها الله لك؛ إنه شكا إليَّ أنك تجيعه وتدئبه )] أي: تجوعه وتكثر عليه العمل [أي: تواصل العمل عليه بدون انقطاع] فهذا جمل صاحبه لا يطعمه كما ينبغي ثم يواصل العمل عليه دائماً فما يستريح، فلما جاء الرسول صلى الله عليه وسلم ورآه الجمل جاء إليه يجري يجرجر ويبكي والدموع تسيل، ثم نادى: يا صاحب الجمال! ما لك! إن هذه بهيمة ملكها الله لك، فإنه شكا إلي أنك تجيعه وتدئبه، أي: تواصل العمل عليه.
فهذه معجزة أن الجمل يشتكي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويبكي ويجرجر، ويعرف الرسول صلى الله عليه وسلم أن سبب ذلك أنه قد أجاعه ودأب العمل عليه بدون انقطاع.
قال: [أليست هذه آية من آيات النبوة ومعجزة من عظيم معجزاتها؟ بلى] نعم [ولذا كان الكفر بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم من أقبح الكفر وأسوئه] أليست هذه آية من آيات النبوة واضحة كالشمس معجزة من عظيم المعجزات؟ بلى [ولا يكون إلا من جهل كامل، أو حسد قاتل] أي: لا يكون الكفر بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم إلا من جهل كامل أو حسد قاتل والعياذ بالله [أو خوف فوات منافع مادية طائلة، كما كان شأن الجهال من الأمم والشعوب، وحسد اليهود، وخوف رجال الكنيسة من زوال سلطانهم الروحي، وما يترتب عليه من فقدانهم المال والرئاسة الروحية على الشعوب المسيحية].
تأملتم! أليست هذه آية من آيات النبوة في كون الجمل يخر ساجداً، ويأتي يبكي ويذرف الدموع، ويعرف الرسول ما حاله؟ فهذه معجزة من معجزاته؛ ولذا قال المؤلف: [ولذا كان الكفر بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم من أقبح الكفر وأسوئه، ولا يكون] أي: هذا الكفر [إلا من جهل كامل] أي: أن صاحبه لا بصيرة له ولا نور [أو حسد قاتل] كحسد اليهود، [أو خوف فوات منافع مادية طائلة، كما كان شأن الجهال من الأمم والشعوب، وحسد اليهود، وخوف رجال الكنيسة من زوال سلطانهم الروحي وما يترتب عليه من فقدانهم المال والرئاسة الروحية على الشعوب المسيحية].
لو قيل لك: لماذا اليهود لا يؤمنون بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم مع أنها كالشمس؟ والجمل يبكي، والشجر يأتي، فكيف لا يؤمنون؟
الجواب: منعهم إما جهل مركب فما عرفوا الطريق، أو حسد كحسد اليهود، أو الحفاظ على المنصب والرياسة كالرهبان والقسس، فهذا هو الحق.
[فقد روى أحمد رحمه الله تعالى في مسنده عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: ( عدا الذئب على شاة فأخذها، فطلبها الراعي فانتزعها منه )] أي: من الذئب [( فأقعى الذئب على ذَنَبه )] أي: جلس [ (فقال: ألا تتقي الله! تنزع مني رزقاً ساقه الله إلي)] فالذئب ينطق أفصح ما يكون [( فقال )] أي: الرجل [( يا عجبي! ذئب يكلمني كلام الإنس! فقال الذئب: ألا أخبرك بأعجب من ذلك؟ محمد بشر يخبر الناس بأنباء ما قد سبق. قال: فأقبل الراعي يسوق غنمه حتى دخل المدينة، فزواها إلى زاوية من زواياها، ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره )] أي: بالخبر [( فأمر النبي صلى الله عليه وسلم فنودي: الصلاة جامعة )] أي: أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يجمع الناس بقول: الصلاة جامعة [( ثم خرج فقال للراعي: أخبرهم )] أي: بقصتك [( فأخبرهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صدق والذي نفس محمد بيده لا تقوم الساعة حتى يكلم السباع الإنس، ويكلم الرجل عذبة سوطه، وشراك نعله، ويخبره فخذه بما أحدث أهله بعده )] أي: في البيت.
هذا واقع الآن، صلوا عليه وسلموا.
قال: [فهذه آية من آيات النبوة المحمدية، ومعجزة من معجزاته بكلا شطريها: الأول: الذي فيه كلام الذئب للراعي.
والثاني: الذي فيه إخبار بغيب لم يكن فكان اليوم، فعذبة السوط] أي: العصا [ظاهرة في تلفون الشرط] فالشرط ما عندهم في أيديهم! [وتكليم الفخذ وشراك النعل ظاهرة كذلك في آلات التسجيل الصغيرة التي يستعملها رجال المخابرات بمهارة خاصة]، تجده يجلس معك وتحت فخذه يسجل ما تقول، فقولوا: آمنا بالله ورسوله.
فقد روى أحمد بسنده عن مجاهد قال: قالت عائشة رضي الله عنها: ( كان لآل رسول الله )] أهل بيته [( وحش )] أي: حيوان مستوحش من البر [( فإذا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لعب واشتد وأقبل وأدبر، فإذا أحس برسول الله صلى الله عليه وسلم قد دخل ربض، فلم يترمرم -أي: لم يتحرك- ما دام رسول الله صلى الله عليه وسلم في البيت كراهية أن يؤذيه بحركاته )] هذا حيوان وحشي جاءوا به من الصحراء وجعلوه في البيت، فإذا كان الرسول ليس في البيت فإن هذا الحيوان يقفز ويصيح ويجري وكذا، وإذا شعر بالرسول دخل يربض فلا يتحرك أبداً، وهذه معجزة عجيبة.
قال: [فكون الحيوان الوحشي يسكن فلا يتحرك مدة ما هو صلى الله عليه وسلم في البيت، وإذا خرج لعب فأقبل وأدبر -كعادة الحيوان في ذلك- آية من آيات النبوة المحمدية ومعجزة، إذ مثل هذا لا يقع لغير النبي صلى الله عليه وسلم.
وإن قال قائل: إن الإنسان في إمكانه تربية الحيوان على سلوك معين. قلنا: هناك فرق بين التربية وبين عدمها، فالرسول صلى الله عليه وسلم ما كان ربّى هذا الحيوان] أي: حتى يتأدب معه، فهذا حيوان وحشي، وهناك فرق بين الحيوان الذي تؤدبه وبين من يتأدب بنفسه [ولا كان له به أدنى صلة، وإنما الحيوان أُلهِم احترام النبي صلى الله عليه وسلم وتوقيره، فكان إذا أحس بدخول الرسول البيت سكن وربض وترك الترمرم، وإذا خرج صلى الله عليه وسلم من البيت لعب فأقبل وأدبر حسب فطرته التي فطره الله تعالى عليها، فكان سلوكه الخاص آية من آيات النبوة المحمدية على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التحية والتسليم]. هذه معجزة.
قال: [فقد روى عبد الرزاق صاحب المصنف] روى [أن سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم] رجل اسمه سفينة مولى خادم الرسول صلى الله عليه وسلم [أخطأ الجيش] وهم في غزوة في أوروبا [بأرض الروم] هم يمشون على خيولهم وأرجلهم فضل الطريق هو وانقطع عن الجيش [أو أُسر في أرض الروم] ضبط على جهة [فانطلق هارباً] أي: أسروه فانطلق هارباً منهم [يلتمس الجيش] الإسلامي [فإذا هو بأسد] والأسد من أفظع الحيوانات [فقال له: يا أبا الحارث] يكنون الأسد بأبي الحارث، فناداه: يا أبا الحارث [-كنية الأسد- إني مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان من أمري كيت وكيت] يعني: أسرت أو ذهب الجيش عني .. إلى آخره [فأقبل الأسد يبصبصه حتى قام إلى جنبه، كلما سمع صوته أهوى إليه، ثم قام يمشي إلى جنبه فلم يزل] أي: لم يزل الأسد يمشي إلى جنبه [كذلك حتى أبلغه الجيش] أي: وصل به إلى الجيش، فالأسد يحمي هذا الرجل [ثم همهم ساعة، قال: فرأيت أنه يودع] أي: يودعه [ثم رجع عني وتركني].
فهذا سفينة خادم الرسول وليس بالرسول صلى الله عليه وسلم، ومع هذا تتجلى هذه المعجزة أن الأسد يحترم خادم رسول الله ويكرم من شأنه ويحميه بنفسه إلى أن يصل به إلى الجيش، ثم يودع أيضاً مهمهماً، فصلوا عليه وسلموا تسليماً.
قال المؤلف: [فهذه وإن كانت كرامة لــسفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنها معجزة نبوية؛ إذ الأسد ألان جانبه ورق لـسفينة وماشاه حتى وصل به إلى الجيش بعد أن قال له: يا أبا الحارث! إني فلان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان ما فعله الأسد من احترام سفينة من أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلذا عدت هذه من المعجزات المحمدية].
معاشر المستمعين! هذه المعجزات تقوي إيماننا ولا تضعفه، ويجب أن نشعر بارتفاع منسوب الإيمان، وهذه المعجزات تجعلنا نحبه أكثر مما كنا نحبه، ونطيعه أكثر مما كنا نطيعه، وهذا هو سرها.
قال: [نطق الغزالة ووفاؤها له صلى الله عليه وسلم] الغزالة تنطق وتفي للرسول بوعدها.
قال: [فقد روى أبو نعيم الأصبهاني في كتابه دلائل النبوة] روى [قصة الغزالة هذه] ما هي؟ [فقال: عن ثابت البناني عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ( مر النبي صلى الله عليه وسلم على قوم قد اصطادوا ظبية )] أي: أن جماعة من الناس اصطادوا غزالة [( فشدوها على عمود فسطاط )] أي: ربطوها مع عمود الخيمة بحبل [( فقالت )] أي: الغزالة [( يا رسول الله! إني أخذت ولي خشفان )] أي: ولدان [( فاستأذن لي أرضعهما وأعود إليهم )] الغزالة نطق باللغة العربية [( فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أين صاحب هذه؟ )] أي: الغزالة [( فقال القوم: نحن يا رسول الله. قال: خلوا عنها حتى تأتي خشفيها ترضعهما وترجع إليكم. فقالوا: من لنا بذلك؟ )] أي: كيف يمكن هذا؟ [( قال: أنا )] أي: أنا ضامن [( فأطلقوها فذهبت فأرضعت خشفيها ثم رجعت إليهم، فأوثقوها )] أي: ربطوها كالعادة [( فمر بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أين صاحب هذه؟ فقالوا: هذا يا رسول الله. فقال: تبيعونيها؟ )] أي: هذه الغزالة [( فقالوا: هي لك يا رسول الله، فقال: خلوا عنها، فأطلقوها فذهبت )] أي: إلى خشفيها.
قال: [فنطق الغزالة ووفاؤها] أمر عظيم أن غزالة تروح وتأتي بالوعد وتفي به [فنطق الغزالة ووفاؤها له صلى الله عليه وسلم آية من آيات النبوة المحمدية ومعجزة من معجزاته الموجبة للإيمان به وطاعته ومحبته].
فهذا صبي مسه جن فرقاه الرسول صلى الله عليه وسلم فخرج الجني كالشيطان الأسود والذيب الأسود، وإليكم الحادثة:
قال: [قال أحمد رحمه الله تعالى وساق سنده إلى ابن عباس رضي الله عنهما قال: (إن امرأة جاءت بولدها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله! إن به لمماً )] من الجن [( وإنه يأخذه عند طعامنا فيفسد علينا طعامنا)] فهذا الجن يأخذ الولد عند الأكل فيفسد علينا الطعام؛ لأنه يتقيأ [( قال: فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم صدره)] أي: صدر الغلام .. صدر الطفل [(ودعا له، فَثَعَّ ثَعَّة، فخرج منه مثل الجرو الأسود يسعى)] أي: تقيأ فخرج منه الجن مثل جرو الكلب الأسود وهم يشاهدون، وهذا لا يتم لغير رسول الله.
قال: [فهذه إحدى الآيات النبوية؛ إذ بمسحه صلى الله عليه وسلم بيده على صدر الصبي المصاب والدعاء له خرج الجن منه، وشفي فلم ير بأساً بعد ذلك].
[فقد روى أحمد بسنده عن عثمان بن حنيف : ( أن رجلاً ضريراً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! ادع الله أن يعافيني، فقال: إن شئت أخرتُ ذلك فهو أفضل لآخرتك )] أي: خليك مع مرضك فهو خير لك في آخرتك [( وإن شئت دعوت لك )] وهذا هو الطبيب الحكيم، فقد عرف أن بقاءه في مرضه وهو صابر ثم يموت عليه فإنه يرفع درجاته [( قال: لا، بل ادع الله لي )] أي: ليشفيني [( قال: فأمره أن يتوضأ ويصلي ركعتين )] تعلموا هذه الوسيلة يا عباد الله [( وأن يدعو بهذا الدعاء: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد! إني أتوجه بك في حاجتي هذا فتقضى، اللهم شفعه فيَّ، ففعل الرجل فبرأ )].
فتأملوا: [فشفاء هذا الضرير بعودة بصره إليه بسؤال الله تعالى له وبما علمه من صلاة ودعاء آية من آيات النبوة المحمدية، ومعجزة من معجزاته صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم].
معاشر المستمعين! هذه فائدة عظيمة، فإن أي مكروب بهم يسلك هذا الطريق ينجو بإذن الله، ويشفيه الله إن كان مريضاً، ويفرج كربه إن كان مكروباً.
لكن ماذا يفعل؟
يتوضأ ويصلي ركعتين ويدعو بهذا الدعاء: اللهم إني أسألك وأتوجه إليه بإيماني وبحبي لنبيك محمد نبي الرحمة أن تشفيني. وهنا تورط أهل الجهل والابتداع فقالوا العجائب، والطريقة الصحيحة أنك تتوضأ وتصلي ركعتين وتقول: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بإيماني بنبيك نبي الرحمة محمد وحبه أن تكشف ما بي، فيزول الكرب بإذن الله.
وقد فعلنا هذا الأمر مرة، وذلك عندما كنت بالديار المغربية في الدعوة وخفت أن يفوتني عمرة في رمضان وقالوا: لا مقعد أبداً ولا ركوب فالطائرة مملوءة، فتوضأت وصليت، ودعوت الله بهذا الدعاء كما علمه رسول الله لهذا الصحابي، فما إن خرجت من المنزل ورؤيت في الشارع حتى نادوني: تعال فالمقعد موجود، واعتمرنا ليلة رمضان.
مرة ثانية: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بإيماني وحبي لنبيك نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم أن تقضي حاجتي، أما هذا الذي علمه الرسول صلى الله عليه وسلم للصحابي فهذا أيام حياته فأمره أن يتوضأ ويصلي ركعتين وأن يدعو بهذا الدعاء: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، وتوجه به إليه لأنه قال: ادع لي والرسول معه، أما الآن فلما نقول: أتوجه إليك بنبيك، فتكون قد كذبت على الله وعلى الرسول، فأين الرسول الذي يتوجه إليه؟ أما إذا قلت: توجهت إليك بحبي إن كنت صادقاً في الحب .. بإيماني إن كنت صادقاً في إيماني، فنعم توجهت إلى الله بالإيمان بالرسول وبحبه له فيستجيب لي.
ثم قوله: (يا محمد! إني أتوجه بك في حاجتي فتقضى) نعم لأنه هو قال: أنت صل وادع وأنا أدعو لك، فاللهم شفعه فيَّ، فقبل الله شفاعة رسوله في هذا الضرير.
ومرة ثالثة أؤكد: يا معشر الأبناء والإخوان! هذه وسيلة إن أخذتموها كما سمعتم فهي وسيلة مشروعة ونافعة بإذن الله، أما بالزيادة والنقصان والتبديل والتغيير كما هو عند الناس فهذا نبرأ إلى الله منه وليس بصحيح بل هو كذب.
إذاً تتوضأ وتصلي ركعتين وتقول: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بإيماني بنبيك محمد نبي الرحمة، وبحبي له- وإن اكتفيت بالإيمان وبالحب كذلك- أن تقضي حاجتي كذا وكذا، فالرجاء في الله تعالى أن تقضى لك، وكرر إذا ما قضيت في المرة الأولى وأعد توضأ وصل ركعتين، وهكذا لازم الله وبابه حتى يفتح لك، أما أن تضيف: وأتوسل إليك بنبيك وأتوجه إليك بنبيك، فهذا ليس بصحيح؛ لأنك ما توجهت إليه به، فما هو موجود بين يديك، أما هذا الضرير فقد جاء إلى الرسول وهو حي يعلم الناس الكتاب والحكمة ويزكيهم، فقال: ادع الله لي يا رسول الله.
والآن أي مؤمن يقول: يا أخي! ادع الله لي، هل في هذا نقص وعيب؟ لا أبداً، فمن رجونا أن الله يستجيب له قلنا له: ادع لنا. وكذلك هنا هذا الصحابي أتى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله! ادع الله لي أن يكشف ما بي، فالرسول علمه الوسيلة تعليماً حقيقياً: توضأ وصل ركعتين وقل كذا وكذا، فأيما مؤمن أو مؤمنة يريد قضاء حاجة استعصت ولم تقض فعليه أن يتوضأ ويصلي ركعتين يخشع فيهما ثم قال: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بإيماني بنبيك محمد نبي الرحمة وبحبي له أن تفرج ما بي أو تقضي حاجتي.
هذا والله تعالى أسأل أن ينفعنا وإياكم بما ندرس ونسمع.
وصل اللهم على نبينا محمد وآله وسلم تسليماً كثيراً.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر