أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة..
أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة، ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم، وها نحن مع الباب الثاني في الآداب والأخلاق، وقد عرفنا حقوق الآباء والأولاد والإخوة فيما بينهم، والآن مع الزوجين، مع الزوج وزوجته، فهيا نتأمل لنعرف ما يجب على الزوج لزوجته، وما يجب على الزوجة لزوجها بوصفهما مؤمنين مسلمين.
قال المؤلف غفر الله له ولكم ورحمه وإياكم: [المسلم يعترف بالآداب المتبادلة بين الزوج وزوجته] والمسلم فقط؛ لأنه حي يسمع ويبصر ويعي ويأخذ ويعطي، أما الكافر فلا تقول له: لك حقوق وعليك أخرى لأنه لا يفهمها، وليس قادر على أدائها، فيجب أولاً أن يحيا، فإذا حيي أصبح قادراً على أن يأتي ويترك، فالمسلم بحق عبد كان أو أمة من أسلم قلبه ووجهه لله، فلا يرى إلا الله، ولا يرغب ولا يرجو إلا الله ولا يخاف ولا يهب إلا الله، حياته موقوفة على الله، هذا هو المسلم، يعرف بأن لزوجته عليه حقوقاً، والمسلمة أيضاً تعرف ذلك لزوجها [وهي حقوق كل منهما على صاحبه] حقوق كل من الزوج والزوجة على الآخر [وذلك لقوله تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ
[البقرة:228]] (ولهن) أي: للزوجات (مثل الذي عليهن) أي: من الحقوق على الأزواج، (بالمعروف) أي الذي عرّفه الشرع الإسلامي وبينه للمؤمنين والمؤمنات [فهذه الآية الكريمة قد أثبتت لكل من الزوجين حقوقاً على صاحبه، وخصت الرجل بمزيد درجة لاعتبارات خاصة] هذه الآية الكريمة وهي قول الله تعالى:
وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ
[البقرة:228] أي: على النساء الزوجات، فهذه الآية الكريمة أثبتت لكل من الزوجين حقوقاً على صاحبه، فالرجل الزوج عليه حقوق لزوجته، والزوجة عليها حقوق لزوجها، وخصت الرجل بمزيد درجة لاعتبارات معروفة:
وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ
[البقرة:228] أي: منزلة عالية [وقول الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: ( ألا إن لكم على نسائكم حقاً، ولنسائكم عليكم حقاً )] فأثبتت السنة في بيان رسمي والأمة حاضرة أن للزوج حقوقاً على زوجته، وأن للزوج حقوقاً على زوجها.
وقوله: (ألا) أي انتبهوا!
(إن لكم على نسائكم حقاً) أي: واجب يجب أن يقدمنه ويأتين به.
(ولنسائكم عليكم حقاً) يجب كذلك أن يعطينه.
[غير أن هذه الحقوق بعضها مشترك بين كل من الزوجين، وبعضها خاص لكل منهما على حدة] هذه الحقوق التي عرفنا أنها واجبة للزوج على زوجته، وللزوجة على زوجها بعضها مشترك بين كل منهما، وبعضها خاص بكل واحد منهما على حدة.
و( من تشبه بقوم فهو منهم ) وهذه الكلمة -حلفت بالله- لو اجتمع علماء النفس والفلسفة وقل ما شئت من العلوم الظاهرة على أن ينقضوها والله ما نقضوها، فمن تشبه بقوم فهو منهم، وها نحن الآن كأننا نقترب من الهاوية، فأبناؤنا وشبيبتنا على رءوسهم البرانيط في المسجد وخارجه، ولم يبك أحد أبداً ولا صرخ، نمشي إلى الهاوية، لم يلبس الشاب البرنيطة أليس يتلذذ بها؟ أليس يريد أن يكون كاليهود والنصارى على رءوسهم البرانيط؟
أسألكم بالله! والأمة ساكتة لا شُرط ولا أمر بمعروف ولا نهي عن منكر، لن يموت إلا على سوء الخاتمة، تنطمس أنوار الإيمان من قلوبهم ونحن غاضون ساكتون، يمشي الرجل مع ابنه معه والبرنيطة على رأسه ليكون كاليهودي والنصراني -أعوذ بالله-.
لن يكون كالصحابي، ولا كالمؤمن البار الصالح التقي، فمن تشبه بقوم فهو منهم، من ينقذ هؤلاء؟! فإذا أحبهم، ووالاهم، واعتقد معتقدهم، وقال بقولهم، وسلك سلوكهم، أصبح والله منهم.
هذا قولنا في البرنيطة، فأين أنتم، لم لا تتحركون؟ لم لا تتحدثون في البيوت وتبغضونها إلى النساء والأطفال، فهم يصلون في الصفوف والبرانيط على رءوسهم.
إلى أي هدف تهدف هذه البرانيط؟ والله لو تمكنت العصابة اليهودية أو الصليبية على أن تلبسكم البرانيط وطلب منها المليارات لدفعوها، وإذا بنا نلبسها مجاناً، فالتجار يستوردون هذه البرانيط ويوزعونها علينا، وكأنهم ليسوا بمسلمين.
كيف بمسجد كهذا فيه الكل مسئول! أما بلغهم؟ والله لقد بلغهم ولكنهم مصرين على هذا الباطل، وسوف يجنون ما زرعوه.
أولاً: حقوق الزوجة على الزوج؛ إذ يجب على الزوج إزاء زوجته القيام بالآداب التالية].
سر ذلك أنه ما أقمنا المدارس ولا شيدناها ولا دفعنا بأولادنا ولا بناتنا من أجل أن يعبدوا الله، بل من أجل الوظيفة.
من يرد علي هذا الكلام؟!
نعم. يوجد واحد في الألف طلب العلم ليعرف الله ويحبه ويعبده، وهذا نجا، لكن أغلبنا حتى النساء يتعلمن ليتوظفن فيختلطن بالرجال.
هل ينفع هذا العلم؟ هل هذا هو المطلوب؟! لا.
قال: [والعمل الصالح لابد له من العلم والمعرفة حتى يمكن أداؤه والقيام به على الوجه المطلوب شرعاً] فهو الذي يزكي النفس ويطهرها [ولقوله صلى الله عليه وسلم: (ألا واستوصوا بالنساء خيراً، فإنما هن عوان -أي: أسيرات- عندكم).] (استوصوا): ليوص بعضكم بعضاً بالنساء خيراً، والسبب: (إنهن عوان) أي: أسيرات في بيوتكم، فالمرأة أسيرة، والأسير لا يجب أن تهمله وتضيعه، وإنما تحسن إليه، فتعلمه وتؤدبه وتربيه وتطعمه وتسقيه [ومن الاستيصاء بها خيراً: أن تعلم ما تصلح به دينها، وأن تؤدب بما يكفل لها الاستقامة وصلاح الشأن] والرجال مُعنون بتعليم نسائهم، ولكن إذا لم يتعلموا هم فكيف يعلمون؟ فالرجل جاهل والمرأة جاهلة ولا حول ولا قوة إلا بالله!
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
الجواب: أراد أن يستخدمني واعظاً لها، وهل هي حاضرة؟
أقول لك: إذا كنت طيباً طاهراً سليماً نقياً فإن زوجتك تفرح بضرتها، وإذا كنت ذا أمن وطمأنينة وصلاح تعاملها المعاملة الحسنة فهي تحبك، ولما كانت تحبك إذا قلت لها: أريد أن أتزوج، فإنها تساعدك على الزواج، وتقول: مرحباً بأختي في بيت أخ لنا، أما إذا كانت أخلاقك معروفة فستزيد الطين بلة والهول تهويلاً فلن ترضى أبداً، فقد جربتك وعرفتك.
الجواب: أما قوله صلى الله عليه وسلم: ( إن الشيطان لا يتمثل بي ) فهو أنه لا يأتي في صورة محمد صلى الله عليه وسلم في المنام أبداً، ممنوعٌ لا يقدر على ذلك، يعني: إذا رأيتموني في المنام فقد رأيتموني حقاً، فإن الشيطان في هذا الباب لا يتمثل بي، هذا معنى الحديث.
وقوله: إذا رأيت الرسول أمرني أو نهاني: فإذا أمرك بشيء ليس في الشريعة فإنه لا يأمرك به، وإنما أمرك به لأنك تارك مضيع له، وإذا نهاك أيضاً لابد وأن يكون المنهي عنه موجوداً في الشريعة، في الكتاب والسنة، لا يشرّع تشريعاً جديداً، وإذا نهاك معناه أنك فاعل لهذا المنكر فنهاك عنه، لا أنه يشرع لك من جديد أمراً ونهياً.
الجواب: يجب أن لا يوجد، فكيف يوجد ويتزوج وأنت موجود، كيف يصح هذا وهو لا يصلي، كافر، يجب أن تعمل على هدايته قبل زواجه، خذ له من الرجال الصالحين واجتمع معه، ولين عريكته ورقق قلبه، وخوفه من عذاب الله يوماً بعد يوم، وما يمضي أسبوع وإلا وهو يصلي إن شاء الله، أما أن تهمله ثم تقول: نحضر زواجه أو لا نحضر، فلا يجوز أن تحضر زواجه، ولا يجوز له أن يتزوج حتى يسلم، ولا يُزوج أبداً وهو تارك للصلاة.
الجواب: ينظر إذا كان هناك حاجة إلى من يعينها على شئون بيتها وكان قادراً على ذلك فلا بأس، أما إذا لم يكن هناك حاجة إلى هذه الخادمة فلا يُؤتى بها، بل لا بد من حاجة ضرورية.
الجواب: الدف مشروع للنساء في الأعراس، فالنساء أذن لهن الرسول صلى الله عليه وسلم أن يدففن في العرس، إعلاناً عن العرس وإظهاراً له، أما الرجل فكيف يدفف ولأي شيء؟! فالنساء يدففن للإعلان عن الزواج، أما الرجل فلا يدفف، فهذا من خصائص النساء.
الجواب: استخدام الهاتف الجوال في الحرمين الشريفين إذا كان يحدث ضرراً -أي: يوجد أذى- فلا يجوز، وأما إذا كان لا يُوجد أذى فلا مانع، فليس فيه نجاسة ولا سوء، ولكن فقط ننظر هل يتسبب عنه ضرر للمسلمين في ا2لمسجد، أو للطائفين أو لا يتسبب، فإن كان يؤذي فهو ممنوع، وأما إن كان لا يحدث أي أذى فلا مانع، نعم.
الجواب: أصلي في الصف الثاني وقابلتني فرجة في الصف الأول، فهل أمشي لها؟ نعم تمشي لها، خطوتين ثلاث خطوات، وأنت مستقبلاً القبلة، أما إذا كان في الصف الثالث فمن أين تجوز؟ فالصف قد سد الطريق، ليس شأنك أنت، ولكن الذين يسدون الفرجة هم الصف الذي يليه.
الجواب: الأمور التي تساعدنا على ترك الغيبة:
أولاً: ذكر الله عز وجل.
ثانياً: ذكر الدار الآخرة.
ثالثاً: قول الله عز وجل: وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا
[الحجرات:12] فالغيبة محرمة من كبائر الذنوب، لا يحل لمؤمن أن يغتاب مؤمناً -أي: يتحدث عنه في غيبته- إن كان يضره ذلك الذي يقول أو يعيبه أو يشينه، فإن كان فيه خير وذكر الخير فلا بأس، أما أن يتحدث عن شخص غائب بما هو غير راض عنه ولا يحبه فهذه غيبة وهي محرمة، ويجب التوبة على الفور، ومن التوبة أن تستسمح ممن اغتبته، وأن تقول له: سامحني لوجه الله فقد اغتبتك؛ فإن عجزت عن ذلك فأكثر من الاستغفار والدعاء لك وله.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر