أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة ..
أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة؛ ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم. ذلكم الكتاب الحاوي الجامع للشريعة الإسلامية بكاملها: عقيدة وآداباً وأخلاقاً وعباداتٍ وأحكاماً، وقد انتهى بنا الدرس إلى الأحكام [المادة الثامنة: في إحياء الموات، وفضل الماء والإقطاع، والحمى] لأن الكتاب كأنه دستور إسلامي قدمناه لأمة الإسلام، وما استجابت فحسبنا ما قدمنا.
[أولاً: تعريفه: إحياء الموات هو أن يعمد المسلم إلى الأرض التي ليست ملكاً لأحد فيعمّرها بغرس شجر فيها، أو بناء، أو حفر بئر فتختص به، وتكون ملكاً له] معنى إحياء الموات هو أن يعمد المسلم إلى الأرض التي ليست ملكاً لأحد فيعمرها بغرس شجر فيها، أو ببناء مبانٍ فيها، أو بحفر بئر فيها، فتختص به وتكون ملكاً له، فأيما مؤمن أتى إلى أرض عامة ليست مملوكة لأحد فغرس فيها شجراً، أو حفر فيها بئراً، أو بنى فيها عمارة فهي له؛ أعطاه الله ذلك ولا حرج.
إذاً: حكم إحياء الموات هو الجواز؛ ولا تثبت ملكية الأرض الموات لمن أحياها إلا بشرطين:
الشرط الأول: أن يعمرها حقيقة، ليس أن يعمل فيها خيطاً أو حبالاً ثم يقول: ملكتها، فالملكية بغرس الشجر، أو بناء الدور، أو حفر الآبار ذات المياه، فلا يكفي في الإحياء أن يزرع زرعاً، أو أن يضع عليها علامات أو يحتجزها بحاجز من شوك ونحوه، ولو فعل هذا كان أحق بها من غيره فقط.
الشرط الثاني: [ ألا تكون مختصة بأحد من الناس] فإذا كانت الأرض مملوكة لشخص، وليس فيها شجر ولا بئر فلا تأتي أنت لتأخذها، بل لابد أن تكون مباحة غير مملوكة، عامة [وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: ( من أعمر أرضاً ليست لأحد فهو أحق بها )] ومعنى أعمرها: أي عمّرها بالبناء والزرع والآبار وما إلى ذلك. هذا الشرط الثاني: ألا تكون مختصة بأحد من الناس؛ والدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( من أعمر أرضاً ليست لأحد فهو أحق بها ).
إذاً: من ظهر له فيما أحياه من الأرض ماء جار كان أحق به من غيره، فيأخذ منه حاجته قبل كل أحد، وما فضل أو زاد فهو للمسلمين، والدليل: قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( الناس شركاء في ثلاثة: في الماء، والكلأ، والنار ).
إذاً: التنبيه الأول: أن حريم البئر وهي: الأرض المحمية له المحرمة على غيره -كالحرائم عندنا والمحارم- إذا كانت قديمة يعني موجودة من قبل، وإنما استجد حفرها بعدما غطتها الأودية أو كذا خمسون ذراعاً، يعني: خمسة وعشرين متراً دائرة بها، وإن أنشأ هو حفرها فحريمها من الأرض خمسة وعشرون ذراعاً، أي: على النصف مما سبق، فصاحب البئر يملك هذه المساحة حول بئره؛ إذ عمل بذلك بعض السلف، ولما روي أيضاً: ( حريم البئر مد رشائها ) ورشاؤها: حبلها. وقلنا: عمل بعض السلف هذا؛ لأن الحديث فيه ضعف، رواه ابن ماجه وفيه ضعف.
إذاً: حريم الشجرة أو النخلة قدر امتداد أغصانها أو جريدها، فمن ملك شجرة في أرض موات -أرض ميتة- له ما حولها من الأرض بقدر طول أغصانها وجريدتها؛ والدليل: [لقوله صلى الله عليه وسلم: ( حريم النخلة مد جريدها )] هذا هو قانون الإسلام: ( حريم النخلة مد جريدها ).
إذاً: حريم الدار ما يتسع حولها لطرح كناسة، وإلا أين يطرح أهل البيت كناستهم؟ أو ينيخون إبلهم، وأين يضعون أفراسهم، فلابد من ساحة حول هذا البيت بقدر إناخة بعير أو تحضير سيارة، والآن لابد أن يوقف سيارته حول بيته، فمن بنى داراً بأرض موات كان له ما حولها مما يسمى: مرفقاً لها عرفاً، والمرفق ما يرتفق به، فيربط به خيله، وينيخ به إبله وهكذا..
فالمراد بفضل الماء أن يكون لك يا مسلم ماء زائد، كماء بئر أو نهر، يزيد على قدر حاجتك في شربك وسقيك لزرعك وشجرك، فما زاد من هذا فهو فضل تعطيه للمسلمين.
[وقوله صلى الله عليه وسلم: ( لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ )] والكلأ هو العشب، عندك ماء زائد فتقول: ما نعطيكم نغرس به نباتاً وغيره.
[ثانياً: أن يكون المبذول إليه محتاجاً إليه] فلا تعطيه لمن هو غني وليس في حاجة إليه [ثالثاً: ألا يلحق صاحبه ضرر ببذله بوجه من الوجوه] فيشترط عدم الضرر في بذل فضل مائه.
إذاً: أحكام فضل الماء:
أولاً: لا يتعين الماء الزائد إلا بعد الاستغناء عنه، وعدم الحاجة إليه.
ثانياً: أن يكون المبذول إليه محتاجاً إليه؛ فإن كان غير محتاج فلا تعطيه الماء.
ثالثاً: ألا يلحق صاحبه ضرر ببذله بوجه من الوجوه؛ فإن كان يتضرر لا يبذل.
هذا حكم فضل الماء. ونكتفي بهذا القدر، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
الجواب: يعود إلى الحاكم فهو الذي يتصرف فيها، ولا حق له فيها إلا إذا اشترى أرضاً ووجد بها كيس نقود -دراهم أو ذهب مدفون- من قديم الزمان فهو أحق به، إلا إذا كان يعرف لمن كانت الأرض، أو من كان يسكن فيها فيتفاهم معه، فإذا كان له فيعطيه إياه.
الجواب: تصدق عنه أفضل؛ لأنه أدى فريضة الحج.
الجواب: نعم. إن أنت أحسنت الكفالة فعلمته وربيته وحفظت له ماله، أما أن تكفله وتضيعه فلا أجر لك بل الإثم عليك.
الجواب: لا أذكر أن هناك مانعاً لهذا، فإذا كان يحسن التقسيم يجوز. وإنما قد يملك بعد ذلك مالاً أو قد يحصل أمراً ما، فمن الخير ألا يفعل هذا، فالجواز قد يجوز؛ لأنه ماله يتصرف فيه، لكنه قد يرث مالاً آخر أو يكتسبه، فالأفضل ألا يفعل هذا، ويترك المال حتى يتوفاه الله.
الجواب: أنا الآن قبلت يد عالم -والله العظيم- التقيت به عند الباب وكنا قد تعارفنا قديماً وجلسنا، فضمني وضممته، وقبلت يده. الجواز يجوز، لكن لغير الوالدين والشيخ الكبير لا ينبغي.
أما بالنسبة إلي وإن كنت كبيراً وشيخاً فلا أسمح لواحد أن يقبلني، دائماً أتأذى من هذا، ولكن المصافحة فقط، فالذي أريده أن تصافحني وأدعو لك وتدعو لي، أما تقبيل الرأس واليد وما إلى ذلك فلا. أرجوكم ألا تعملوا هذا معي.
الجواب: لا ينبغي أن يكون الفقراء بين يديك ينتظرونك ثم تدفعها للجهاد! صدقة الفطر تجوز نقوداً فقط في بلد ليس فيه طعام ولا من يأكله، كبلد في أوروبا ليس عندهم تمر ولا رز ولا دقيق ولا يعرف هذا عندهم، ولا يوجد من يأكله، ففي هذه الحال تخرجها نقوداً ولا حرج، أما في البلد الذي فيه الفقراء والمساكين وفيه ألوان الطعام، فلابد إما تمر وإما دقيق وإما بر وإما شعير، هذه هي السنة المحمدية، وصرفها كما قلنا لفقراء الحي أو القرية أفضل من بعثها إلى مكان آخر.
الجواب: إذا كانت نافلة فلا قضاء أبداً، وإذا كان رمضان فالأفضل لك أن تقضي هذا اليوم؛ حتى يسجل لك الثلاثون يوماً.
الجواب: عليك أن تغتسل وتعتمر وتطوف طواف الإفاضة وتذبح بقرة أو بعيراً، ولا تكفي الشاة الواحدة، ولكن بدنة أو بقرة.
مداخلة: وإن عجز؟
الشيخ: لا يعجز، يستلف أو يقترض.
الجواب: إذا كان كزي العواهر والكوافر فلا يجوز، لا يجوز، لا يجوز، وإن كان كزي المؤمنات الصالحات فإنه يجوز، يجوز، يجوز، هذا هو الحكم الشرعي. إن كان هذا الزي من أزياء الربانيات الصالحات المؤمنات فائتس بهن واقتد ولك ذلك، وإن كان هذا من زي العواهر الفواجر وكوافر النساء فلا يجوز: ( من تشبه بقوم فهو منهم )؛ لأنك إذا أحببت أن تكوني كهذه المغنية فبحبك لها سوف تفعلي ما تفعل وتكوني مثلها.
الجواب: إن أردت أن تتخلص من هذا فتخلص واتركه، وإن لم تجد مجالاً لعملك وصبرت فانصح له بأن هذا لا يجوز، وحرام عليه، وأن يسأل العلماء ليفتونه، وهكذا تؤدي واجبك في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
الجواب: إذا كان بائع الذهب تعطيه عشرة جرامات فيعطيك عشرة جرامات، أو تعطيه كيلو فيعطيك كيلو فلا بأس، أما إذا قال: لا. القديم هذا ما يساوي إلا كذا.. فبعه بالريالات، واشتر الذهب الجديد بالريالات، فإذا كان هناك ذهب قديم ورغبت في غيره بعه واشتر جديداً، فإذا اشتراه منك بألف اشترِ بالألف الذهب الجديد.
الجواب: لا يجوز، لا يجوز، لا يجوز، المحرمة تكشف عن وجهها وكفيها.
وقد كانت عشرين سنة ما كشفت وجهها للرجال ولا رآها أحد، لكن كيف نعرف أنها محرمة؟ علامة إحرامها: أنها كاشفة عن وجهها وكفيها، ولكن إذا اختلطت بالرجال أسدلت على وجهها قطعة؛ حتى يمر الرجال عنها أو حتى تفارقهم، كانت عائشة تقول: أسدل على وجهي غطاء.
الجواب: الذي عليه السلف الصالح أن الشعر لا يصبغ بسواد، شعر الرجال، وفي حديث أبي قحافة رضي الله عنه لما رآه الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( غيروا هذا الشيب وجنبوه السواد )، أي: بالحمرة أو بالصفرة، أما بالسواد فمكروه.
الجواب: لا شيء عليك، ووضوءك صحيح.
الجواب: الذي لا يجوز هو حلق شعر الوجه، وحلق اللحية حرام، وما عداها فليس هناك حديث ولا سند، فإذا آذاه الشعر نزعه، وهذا شأنه.
الجواب: الصحيح هو قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( قراءة الإمام قراءة للمأموم )، فإذا لم يقرأ المأموم صحت صلاته لا الفاتحة ولا غيرها، وإن قرأ أفضل له وخير.
الجواب: عندما يسلم الإمام كبر أنت بقدر ما فاتك، وليس عليك شيء، والتكبيرات تقضيها بعد سلام الإمام كما هي.
الجواب: إذا دخلت والله تطلق -أقسم بالله- إذا دخلت وقد حلفت طلقت.
لكن هل هو يريد طلاقها عندما قال: إن دخلت فأنت طالق؟
إن كان عازماً على طلاقها فهو طلاق بالإجماع، وإذا كان لا يريد طلاقها بل يريد منعها، ولو أعطي مليوناً ما طلقها، فقد أفتى أهل العلم من الصحابة وغيرهم بأن عليه كفارة يمين والطلاق لا يثبت.
والذي أقوله: يا معشر المسلمين! حرام عليكم أن تحلفوا بالطلاق، والله لا يجوز، لا يحلف العبد إلا بالله، ( من كان حالفاً فليحلف بالله )، كيف يحلف بالطلاق وعلي الطلاق وبالطلاق؟ لا يجوز هذا أبداً، الطلاق عرفناه مفارقة المرأة، ومتى يقارب ذلك؟ إذا تأذى منها، أو تأذت منه وصبر وصبرت ولم يقوا على ذلك فيأتي باثنين ويقول: أشهدكما أني طلقت امرأتي، هذا هو الإسلام، ما هو بالطلاق وعلي الطلاق وأنت طالق.
الجواب: ابدأ بما شئت؛ الرتيبة تكفيك إن صليتها، وإن صليت تحية المسجد بالنية فزد وصلِّ ركعتي الرتيبة.
الجواب: لا يجوز لا يجوز لا يجوز، تعاملتم بالربا، وتعاطيتم الربا، حرام هذا لا يجوز.
الجواب: قولك: الشفاعة الشفاعة، باطل باطل باطل، ولك فقط: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، أما أن تطلب منه الشفاعة فهو كلام باطل، الشفاعة بيد الله.
نكتفي بهذا القدر. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر