الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحابته والتابعين، ومَن سار على نهجهم إلى يوم الدين.
أما بعد:
ففي هذه الآيات الكريمة بيَّن الله تبارك وتعالى فيها قصة الإفك أو حادثة الإفك، وهي من أعظم الحوادث التي وقعت في العصر المدني، والتي عايش النبي صلى الله عليه وآله وسلم أحزانَها، وعايشت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بلاءها وأشجانَها، وعايش أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم كَرْبها.
هذه الآيات الكريمة نزلت في حادثة الإفك، والأصل فيها ما ثبت في صحيح البخاري عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما غزا غزوة بني المصطلق -وتسمى: غزوة المريسيع، وقد سميت غزوة بني المصطلق اعتباراً لمن غزاهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهم بطن من خزاعة، وسميت بغزوة المريسيع؛ لأن الماء الذي نزل عليه هذا الحي يسمى بماء المريسيع، وقد كانت سنة ستٍِ كما قاله بعض أهل السير- لما أراد النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يخرج لهذه الغزوة، وكان من هديه صلى الله عليه وآله وسلم إذا أراد الغزوة أن يُقرِع بين نسائه، فمن خرجت لها القرعة خرجت معه عليه الصلاة والسلام، وشاء الله عز وجل أن تكون القرعةُ في هذه الغزوة لأم المؤمنين - صفوان بن المعطل صحابي جليل له فضله، فإنه لما اتُّهم بأم المؤمنين رضي الله عنه وعنها وأرضاهما، قال: (والله! ما كشفتُ كنف أنثى). أي: ما زنيت بامرأة قط، وهذا من عفته رضي الله عنه وأرضاه، واستُشهد رضي الله عنه في خلافة عمر سنة تسع عشرة في غزوة أرمينية، وقيل: إنه قُتل رضي الله عنه في خلافة معاوية سنة ثمان وخمسين من الهجرة، فالشاهد: أن هذا الصحابي الجليل رضي الله عنه، لما رآها أناخ لها البعير، وقد كان من ساقة الجيش، والساقة يتفقدون مَن وراء الجيش، لكي يعينوه إذا أصابه العجز عن المسير، أو حصل به ضرر -لا سمح الله- قالت: فاحتملني فما كلمني بكلمة حتى دخل بها المدينة، فرآهما عدو الله عليه مِن الله اللعنة عبد الله بن أبي بن سلول فقال مقالته الخبيثة، قال: والله! ما نجا منها ولا نجت منه. فاتَّهمها رضي الله عنها وأرضاها، ونسبها إلى الذي هي منه بريئة، وشاء الله عز وجل ما شاء، فخاض الناس في شأن عائشة رضي الله عنها وأرضاها، واتهموها بما اتهمها به عدو الله، وكان المسلمون على طوائف: - منهم من أنكر وكذب إبقاءً لبراءة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها. - ومنهم من حمل الحديث ونقله دون أن يصدقه ولكن كان يشهِّر به في المجالس. - ومنهم من سمعه وصدقه. فأصبح الناس ما بين مصدِّق ومكذِّب، وناقل للحديث. ومضى على ذلك شهر كامل، وشاء الله عز وجل أن عائشة رضي الله عنها لم تكن على علم بكلام الناس فيها، فبمجرد أن أدخلها صفوان إلى المدينة أصابها المرض فاشتكت، فذهبت إلى بيت أبيها فجلست فيه رضي الله عنها وأرضاها، والناس يتكلمون في عرضها، وهي غافلة لا تدري من حديث الناس شيئاً، حتى شاء الله عز وجل في يوم من الأيام أن تخرج إلى المناصع -وهو موضع شرقي المدينة- لقضاء حاجتها، وكانت معها أم مسطح بن أثاثة رضي الله عنهما، فلما رجعت من قضاء حاجتها عثرت أم مسطح في مِرْطها، فقالت: تعس مسطح ، فلما قالت هذه المقالة، عتبت عليها أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن قالت هذه المقالة في حق ابنها، وكان مسطح ممن خاض في حديث عائشة رضي الله عنها، وتهمتها، فلما ردت عائشة مقالة أم مسطح أخبرتها أم مسطح بالخبر، قالت عائشة : فذكرت لي الحديث، فسألتها: هل علم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بذلك؟ فأخبرتها أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم علم بذلك، ثم سألت: هل علم أبوها وأمها بذلك؟ فقالت: نعم، فخرَّت مغشياً عليها رضي الله عنها وأرضاها، وشاء الله عز وجل ما شاء من فتنتها بهذه المقالة، وأصابتها الحمى، وجعلَتْ تنفض من شدة ما وجدت من التهمة والزور والبهتان فيها رضي الله عنها وأرضاها، ثم شاء الله عز وجل ما شاء، فمَضَت عليها ثلاث ليال لا تنام لها عين ولا ترقأ عن الدمع رضي الله عنها وأرضاها، قالت: فلما كانت الليلة الثالثة جاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إليها، وقال: يا عائشة ! إن كنت أذنبت ذنباً فاستغفري الله وتوبي إليه، فقالت لأبيها: أجب رسول الله، فما استطاع أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه أن يتكلم، وقالت لأمها: أجيبي رسول الله، فما استطاعت أمها أن ترد الحديث على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلما غلبهما ما غلبهما من العي والحصر في جواب النبي صلى الله عليه وآله وسلم قالت: والله! لئن قلتُ لكم: إني لم أفعل لم تصدقوني، ولو قلت لكم: إني فعلتُ صدقتموني، فوالله! ما فعلت؛ ولكن الله سيبرئني، ثم قالت: ولكن أقول كما قال أبو يوسف -عجز عنها اسم يعقوب عليه السلام من شدة ما وجدت رضي الله عنها من الهم والحزن-: فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ [يوسف:18]، فاستعانت بالله عز وجل، فما قضت حديثها حتى نزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبرأها الله عز وجل من فوق سبع سماوات رضي الله عنها وأرضاها، فكانت هذه الحادثة من أشد الحوادث المدنية على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فنزلت هذه الآيات التي صبَّرها الله عز وجل بها، وهي قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرَّاً لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ [النور:11]
يقول الله تبارك وتعالى: (إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ): فكأن هذا الكلامَ لا أصل له، وإنما هو ناشئٌ من الشخص الذي تكلم به، فجاء التعبير القرآني بهذا الأسلوب الذي يدل على اختلاق هذا الكلام، وأنه لا أصل له ولا حقيقة.
وقوله: (عُصْبَةٌ مِنْكُمْ) العصبة في اللغة: مأخوذة من تعصيب الشيء، والمراد به: الإحاطة بالشيء، ومنه العصابة التي يُشَد بها الجرح، وتُشَد بها الشجاج، ومن ذلك أيضاً: العصابة التي توضع على الرأس؛ لأنها تحيط به، وعصبة الرجل هم قرابته، وقد سُموا بذلك؛ لأنهم يحيطون به عند الشدائد، فإذا احتاج إليهم أحاطوا به، ودفعوا عنه بإذن الله عز وجل، فيوصفون بكونهم عصبة من هذا الوجه.
- رأس الإفك وهو: عبد الله بن أبي بن سلول عليه لعنة الله.
- والثاني منهم: حسان بن ثابت .
- والثالث: مسطح بن أثاثة .
- والرابع: حمنة بنت جحش .
- وهناك مَن تكلم بالإفك غير هؤلاء.
ولكن هؤلاء هم الذين اشتهرت عنهم مقالة الإفك، ومنهم من قال إن حسان رضي الله عنه لم يصرح بتهمتها وإنما عرَّض؛ ولكن الذي في صحيح البخاري عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها أنه استأذن عليها حسان رضي الله عنه، فأنشدها أبياتاً في مدحها يقول فيها:
حَصان رَزان ما تُزَنُّ بريبةٍ وتصبح غرثى مِن لحوم الغوافلِ
حليلةُ خير الناس ديناً ومنصباً نبيُّ الهدى والمَكْرُماتِ الفواضلِ
عقيلةُ حيٍّ مِن لؤي بن غالبٍ كرام المساعي مجدهم غير زائلِ
إلى آخر الأبيات.
فأثنى عليها رضي الله عنه وأرضاها، فقالت له رضي الله عنها: (ولكن أنت) أي: أنت الذي قلتَ ما قلتَ.
فقولها هذا يثبت أنه قد خاض، ولذلك لما استأذن عليها كما في صحيح البخاري أيضاً، قيل لها: أتأذنين له؟ قالت رضي الله عنها: أوَليس قد أصابه عذاب عظيم؟ أرادت بذلك العمى والعياذ بالله، أي أن الله ابتلاه به عقوبة له في الدنيا، كما أشار إلى ذلك سفيان الثوري راوي الحديث.
فالمقصود أن هؤلاء الأربعة احتملوا حديث الإفك، وقد اختلف العلماء رحمهم الله: هل جلدهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم أم لم يجلدهم؟ وإن كان الذي صححه طائفة من العلماء أنه قد جلدهم، وهذا هو الذي يتفق مع الأصل الموجب لإقامة الحد على القاذف، كما سبق بيانه في المجالس الماضية.
(لا تَحْسَبُوهُ): من الحسبان وهو الظن، وحسبان الإنسان: ظنه، ولذلك يقال: لم يَدُر هذا بخَلَدي ولا بحسباني، أي ما ظننت أن هذا قد يقع، أو قد يحصل.
وقوله: (لا تَحْسَبُوهُ): أي لا تظنوه.
(شَرَّاً لَكُمْ): الشر: هو الذي غلب ضرره على نفعه، والخير: هو الذي غلب نفعه على ضرره، وليس هناك خير محض ولا شر محض إلا في الجنة والنار، فالجنة هي الخير المحض، والنار هي الشر المحض، وأما أمور الدنيا فهي ما بين غالب الشر وغالب الخير، وليس هناك محض الشر فيها ولا محض الخير، كما بينه العلماء رحمهم الله.
وقوله سبحانه وتعالى: (بَلْ هُوَ خَيْرٌ) أي: أن الله تبارك وتعالى ابتلاكم بهذا البلاء وله في ذلك من الحكم ما لا يعلمه إلا هو سبحانه وتعالى، وأنكم قد تستكبرون وقوع الإفك في حق عرض النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته؛ ولكن الله تبارك وتعالى أراد الخير بذلك كله.
ومن هنا يتبيَّن أن العبرة في الأمور بعواقبها، وأن الإنسان قد يرى شيئاً يظنه خيراً فيأتيه الشر من حيث يحسب ويظن أن يأتيه الخير، وقد يرى الشيء فيظنه شراً فيأتيه الخير من حيث يظن أن يأتيه الشر، وصدق الله عز وجل إذ يقول: فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً [النساء:19]، وكم من أمور نظر الإنسان إليها في بدايتها على أنها بلاء وشر؛ ولكن الله تبارك وتعالى جعل له حسن العاقبة والمآل فيها، ولذلك كان من الدعاء المأثور: (اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة)، أي: اجعل لنا عواقب الأمور كلها خيراً، فالعبرة في الأمور بعواقبها، والعبرة في الأحوال بخواتمها، فمن كانت خاتمته على الخير والسلامة فلا يضره ما مضى في الشيء الذي يئول إلى الخير من التعب والنصب، ولذلك أهل الجنة في الدنيا يكابدون الأشجان والأحزان والبلايا، وهي شر من ناحية الظاهر، ولكن عاقبة ذلك البلاء وذلك العناء رضوانٌ لا سخط بعده ورحمةٌ لا عذاب بعدها، فيهون على المؤمن ما يعلمه من حسن العاقبة.
فالشاهد: أن العبرة في الأمور بعواقبها، وكأن الله عز وجل ينبه المؤمن في هذه الآية أن لا يعجل في الحكم على القضاء والقدر، وأن عليه التسليم والرضا بما كتب له الله عز وجل علَّ الله أن يحسن له العاقبة.
يقول تعالى: لا تَحْسَبُوهُ شَرَّاً لَكُمْ [النور:11]: أي لا تحسبوا -يا معشر المؤمنين- أن الله يريد بكم السوء والضرر؛ ولكن الله يريد بكم الخير في الدين والدنيا والآخرة، وقد كان ذلك.
فحادثة الإفك، جعل الله عز وجل فيها درساً لعباده المؤمنين، وهو درس يُسَلِّي كلَّ امرأة فُتِنَت في عرضها، فتكلم الناس فيها واتهموها زوراً وبهتاناً، إذا ذكرت ما وقع لأم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، تسلت وتعزت، وكان لها في ذلك من السلوان خير كثير، فهذا من الخير الذي جعله الله في حادثة الإفك.
وفيها من الخير أنها مدرسة لعباد الله المؤمنين أن يتحفظوا في نقل الشائعات، وألا يعتنوا بنقل الروايات دون تثبت، خاصة إذا اشتملت تلك الروايات والشائعات على طعنٍ في عبد من عباد الله، فعلى المسلم أن يتقي الله عز وجل في إخوانه.
فهذه الحادثة هذبت ألسنة المؤمنين، وأدبت عباد الله المتقين، ودلتهم على ما ينبغي أن يكونوا عليه من سنن الدين، ومراعاة أعراض عباد الله المسلمين.
وقوله تعالى: بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ [النور:11]: المراد بهذا الخير لأهل الإيمان، وأما من كان على النفاق كـعبد الله بن أبي بن سلول فإنه شر وبلاء عليه في الدنيا والآخرة، وهكذا من تكلم من المؤمنين في عرضها، فهو شر عليه في الدنيا؛ لأنه أُقيم عليه الحد، وفي الآخرة إذا لم يتب.
(لِكُلِّ امْرِئٍ): أي: لكل واحد منهم.
(مَا اكْتَسَبَ): أي: من مقالة الزور والبهتان.
وفي هذه الآية الكريمة دلالة على عدل الله عز وجل، وأنه سيؤاخذ الإنسان بما اكتسب واجترحت يداه، وما نطق به لسانه.
وفي هذا دليل على أنه ينبغي للإنسان أن يراقب الله عز وجل، فلا يصيب إثماً؛ لأن عز وجل بين أن إصابة الإثم ستكون وبالاً على صاحبها؛ لأنه مرهون بها، وذلك هو المعبَّر عنه بقوله: لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ [النور:11] أي: سيلحقه تبعة ما اكتسب واجترح من الإثم.
قوله: (وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ) كِبَر الشيء، أي عِظَمُه، ذلك أن هذه المقالة -وهي مقالة الإفك في أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها- وأرضاها نشأت مِن عبد الله بن أبي بن سلول ، ولولا هذا الخبيث المنافق عليه لعنة الله لَمَا تحدث الناس فيها رضي الله عنها وأرضاها، فهو المتحمل لكبر هذا الإثم والعياذ بالله، ومن هنا أخذ بعض العلماء دليلاً على أن الإنسان إذا نشأت منه المقالة فطارت في الآفاق وكانت مشتملة على البهتان والإثم، فإنه يُسأل بين يدي الله عن كل لسان لاك تلك المقالة، ويتحمل آثام الناس والعياذ بالله.
ولذلك ورد في الحديث الصحيح في صحيح البخاري: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مر على رجل يعذب، فسأل عن ذلك، فأُخبر أنه الرجل الذي يكذب الكذبة فتبلغ الآفاق) -والعياذ بالله- بأن يقول خبراً غير صحيح، فيتناقله الناس، فلذلك يعظم إثمه على حسب كثرة الذين يتكلمون بذلك الكلام المكذوب.
ومن هنا يتبين أنه ينبغي للمسلم أن يحفظ لسانه عن أن يقول شيئاً لا علم له به، وأن يكون على حيطة من أن يصيب شيئاً يكون عليه كِبَره ويكون عليه إثمه والعياذ بالله.
سبب نزول هذه الآية: أن أبا أيوب الأنصاري زيد بن خالد الأنصاري رضي الله عنه وأرضاه- كان مع أم أيوب رضي الله عنها، فقالت له أم أيوب : (ألم تسمع ما قد قيل في عائشة ؟ فقال: قد سمعت، ثم قال لها: أو تظنين ذلك، قالت: لا والله! قال لها: يا أم أيوب ، لو قيل فيك ذلك أكنتِ فاعلة لذلك، قالت: معاذ الله! قال: فوالله! لـعائشة خير منك، رضي الله عنه وأرضاه).
(لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْراً) أي: هلا إذ سمعتموه ظننتم الخير بالمؤمنين والمؤمنات.
قوله (المؤمنون) عائد إلى أبي أيوب ومن كان مثله ممن رد الكذب ولم يحتمل البهتان في أم المؤمنين رضي الله عنها.
وأما قوله: (وَالْمُؤْمِنَاتُ): فالمراد بهن أم أيوب ومن كان في حكمها؛ كزينب بنت جحش، فإنها كَذَّبْت ودافعت عن عائشة رضي الله عن الجميع.
وقوله: (ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْراً) الأنفس: جمع نفس، وتطلق على عدة معانٍ، منها: الأخ، ومنه قوله تعالى: فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ [النور:61]، فهذا أحد الأقوال في تفسيرها كما سيأتي: أي على إخوانكم.
قوله تعالى: (ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْراً)، أي: ظنوا أن إخوانهم أبعد ما يكونون عن الشر وعن إصابة الفواحش والآثام إبقاءً للأصل والبراءة.
ولذلك أشار النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى أن المؤمن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، قال بعض العلماء: ومفهوم ذلك أنه يكره لأخيه ما يكره لنفسه.
ولذلك لا يرضى أن يتكلم أحد في أحد من إخوانه المسلمين، وإذا تكلم أحد في إخوانه المسلمين مَنَعَه وزَجَرَه وكَهَرَه، وهذا يدل على ما ينبغي أن يكون عليه المسلم، وقد ترك كثير من الناس إلا من رحم الله هذه السنة التي أوجبها الله وفرضها، وأصبحت الشائعات تدور بين المسلمين، وأصبح من اليسير أن تسمع تهم الناس لبعضهم بعضاً، وكذلك وصْفُهم بما هم منه برآء، فإن كانوا من العامة ألصقت النقائص بهم زوراً وبهتاناً، وإن كانوا من أهل العلم والفضل والدعاة إلى الله عز وجل نُبِزُوا بأشياء هم منها برآء.
وإذا كان الله عز وجل توعد مَن قدح في عرض المسلم بالعذاب العظيم الأليم في الدنيا والآخرة، فكيف بمن اتهم العالم في عقيدته، أو اتهمه بانحراف في فكره، أو نحو ذلك من التهم التي لا تقوم عليها دلائل صحيحة، ولا تشهد لها حجج صادقة؟!
فهذا كله مما لا ينبغي أن يتخلق به المسلم، والواجب على المسلم أن يحفظ عرض إخوانه المسلمين، فضلاً عن أن يكونوا من علماء الدين.
وإذا حصل ووقع بين عالم وآخر كلام ووقعت المراجعة والمناظرة، فينبغي لطلاب العلم أن يحفظوا للعلماء حقوقهم، وأن يحفظوا لهم كرامتهم، وألا يستبيحوا أعراضهم، فينزل كل طالب علم نفسه منزلة العالم الذي يُتكلم فيه.
فإن كان مما يُسمح الخلاف فيه؛ كمسائل الفروع ونحوها، فالمفروض عذره في ذلك والتماس العذر له، وهذا هو شأن السلف رحمهم الله، فقد كانوا يحسنون الظن بعامة المسلمين فضلاً عن العلماء.
وإن حصلت الزلة من عالم كأن يقع في خطأ مما لا يوجب خروجه من الشرع، فالواجب تهيئة الوضع له ليراجع نفسه، وذلك بمناقشته ومناظرته بأسلوب يمكنه من إعادة النظر، مع حفظ عرضه عن السب والشتم والثلب فإن الله لا يحب الجهر بالسوء، قال الله عز وجل: لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ [النساء:148]، وليس معنى ذلك -كما قررنا غير مرة- أن نترك تنبيه الناس على الأخطاء وبيان الأخطاء، وإنما المراد أن يُفرق بين نقد الذات ونقد الرأي.
فإذا أخطأ العالم في مسألة بيَّنا الصواب في المسألة والتمسنا لذلك العالم ما يوجب حسن الظن به؛ لأن هذا هو الأصل، وأما من خرج من ربقة الإسلام وخرج من الدين بالكلية في عقيدته ونحو ذلك من الأمور الموجبة لخروجه عن الشرع، فهذا لا كرامة له ولا حق له لخروجه أصلاً.
وإنما المراد بذلك أهل العلم والفضل الذين هم على استقامة وديانة وتعبد وحسن بلاء، فمثل هؤلاء ينبغي أن يُحفظ حقهم والله تبارك وتعالى قد يمتحن العباد بفتن مثل هذه، ولو نظرت في تاريخ الأمة لوجدت كثيراً من العلماء تُكلِّم فيهم وانتُقِصوا وانتُهكت أعراضهم بدون حق؛ ولكن جعل الله عز وجل ذلك الانتقاصَ كمالاً لهم، وذلك الكلامَ شهرةً لهم، وذلك التتبعَ لعثراتهم سبباً في شهرتهم ومعرفة الناس بهم، فعلى سبيل المثال: الإمام العالم العامل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، فإنه ما اشتهر إلا بسبب أعدائه، وإن كان رحمه الله على علم وفضل وقدم راسخة في العلم والعمل؛ لكن الله سخر له أعداء شهروا به حتى اشتهر رحمه الله وفاق أقرانَه وأصبح كلام الأعداء فيه سبباً في معرفته واشتهاره، ومعرفة فضله رحمة الله عليه.
وهذا كله يدل على سمو منهج الشرع في علاج الشائعة، فأحسن علاج في رد بلاء الشائعات التي تشتمل على أذية الناس في أعراضهم، هو:
- ما بيَّنه القرآن بعد تثبت واستبيان.
- والأمر الثاني: أنه ينزل نفسه منزلة المتكَلَّم فيه.
وقد أشار الله إلى هذين العلاجين بقوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ [الحجرات:6]، أي: نادمين في الدنيا على إصابة الذنب، ونادمين في الآخرة بما يلحقكم من العذاب والعقوبة والعياذ بالله، وأشار الله إلى العلاج الثاني، وهو الكف عن نقل الشائعات بحسن الظن، وتنزيل الناس منازلهم، والبقاء على البراءة الأصلية بقوله: لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ [النور:12]، فهذا يدل على أنه ينبغي للإنسان أن يكف عن الشائعة وألاَّ يعتني بنقلها.
وقوله: (إِفْكٌ): أي كذب.
وقوله: (مُبِينٌ) أي: بيِّن واضح، وعبَّر بـ(فَعِيْل) وهي صيغة من صيغ المبالغة، أي كونه كذباً واضحاً لا شك فيه ولا مرية.
قوله تبارك وتعالى: لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ [النور:13]، أي: هلا جاءوا على هذا الإفك والكلام الذي زعموه في أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، بالبينة التي تدل على صدق دعواهم.
وقوله: (بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ) فيه دليل على البينة التي يثبت بها القذف، وأنه إذا قذف الإنسان غيره، وأقام أربعة شهود، فإن ذلك يوجب سقوط حد القذف عنه، لكون تلك البينة مصدِّقةً ومحقِّقةً لما قاله من رمي المتهم بذلك.
قوله تعالى: (بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ): قد تقدم الكلام في ذلك عند بيان حد الزنا، وما يثبت به حد الزنا، وأن الشهادة في القرآن في هذا الموضع مطلقة، وأن هذه الآية وأمثالها قد خصصتها آيات أخر، وذلك في قوله تعالى: مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ [البقرة:282]، فليس المراد بأربعة شهداء مجردين عن العدالة، وإنما المراد من الشهود العدول الذين تُرضَى عدالتهم وأمانتهم واستقامتهم.
فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ [النور:13]: أي: فلو قالوا ذلك ولم يأتوا بأربعة شهداء.
فَأُوْلَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ [النور:13]:
قال: (فَأُوْلَئِكَ) لم يقل: فهم، وإنما عبَّر باسم الإشارة للبعيد، قال بعض العلماء: فيه نكتة لطيفة تدل على بعدهم وحقارتهم؛ أي: من اتهم وليس عنده أربعة شهود على تهمته، ولو كان صادقاً، فإنه يعتبر في حكم الشرع -بحسب الظاهر- من الكاذبين.
وقوله: فَأُوْلَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ [النور:13]: أي في حكم الله عز وجل وشرعه؛ لأنه لو قال قائل: (عِنْدَ اللَّهِ) أي في حقيقة الأمر لأشكلت الآية، ووجه هذا الإشكال أن الإنسان قد يقذف امرأة رآها تزني وقد يقذف رجلاً رآه يزني، ويكون صادقاً ولا بيِّنة عنده، فلو قلنا: إن قوله تعالى: (فَأُوْلَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ)، على أنها على ظاهرها لأشكلت الآية، فهو صادق عند الله؛ لأنه اتَّهم بالزنا بدليل، ولذلك قال العلماء: إنما المراد (عِنْدَ اللهِ) أي أن القاضي يحكم على الظاهر، ويقال: إنهم كذبة على الحكم على الظاهر، وأما في الباطن فبينهم وبين الله عز وجل أنهم صادقون فيما قالوا إذا كان المتهم قد فعل ما اتُّهم به مِن فِعْل الزنا والعياذ بالله، سواءً كان رجلاً أو كانت امرأة.
يقول تعالى: (فَأُوْلَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ): ولذلك يحكم القاضي بفسق الإنسان إذا اتهم غيره بالزنا بدون بينة كاملة، ويحكم برد شهادته وبفسقه، ولا يقبل شهادته أبداً حتى يتوب، كما تقدم ذلك عند الكلام على آية القذف.
(وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ) أي ولولا وجود فضل الله عز وجل عليكم، ورحمته بكم.
(لَمَسَّكُمْ): أي أصابكم.
(فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ) أي خضتم فيه، والمقصود به حديث الإفك.
(عَذَابٌ عَظِيمٌ): وهذا يدل على أن الله تبارك وتعالى يغار على عرض المؤمن، وأنه ينبغي للمؤمنين أن يكفُّوا عن نقل الشائعات والعناية بالتهم وإلا أصابتهم العقوبة من الله والعياذ بالله.
(إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ) في هذه الآية الكريمة أراد الله عز وجل بها أن يعاتب عباده المؤمنين على ما كان منهم في تهمة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها.
قال تعالى: (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ):
في قراءة: (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ).
وفي قراءة ابن مسعود : (إِذْ تَتَلَقَّوْنَه).
وفي قراءة عائشة ويحيى بن يعمر: (إِذْ تَلِقُوْنَه): مِن الوَلْق، والمراد به: الإسراع.
وفي قراءة: (إِذْ تُلْقُوْنَه): ومعناها بيِّنٌ واضحٌ.
قوله: (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ) المراد بتلقي الشيء: قبولُه دون إنكار، ولم يقف الأمر عند ذلك، أي: لم تتلقوه فقط، وإنما كان ذلك منكم على سبيل الحكاية أيضاً، فلم يقتصر الإنسان على سماعه.
(إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ) فكأنه عبَّر باللازم، أي أنه يُعتبر الإنسان متلقياً للشيء إذا قاله وحكاه بعد سماعه، فمن قيل له كلام فقال ذلك الكلام، فإنه يعتبر راضياً بذلك الكلام الذي ألقى.
(إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ).
(تقُولُون): أي تتكلمون بذلك، والمراد بذلك: الخوض في شأن عائشة رضي الله عنها، قوله: (مَا لَيْسَ لَكُمْ بِه عِلْمٌِ) أي: دون علم منكم بأنها قد أصابت ذلك الشيء، وفي هذا دليل على ذم كل إنسان خاض في أمر لا يعلمه.
وقوله: وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ [النور:15]: أي تظنون أن هذه الشائعةِ التي اشتملت على تهمة عائشة رضي الله عنها يسيرة؛ ولكنها عظيمة عند الله عز وجل.
وهذا مثل قوله عليه الصلاة والسلام في حديث ابن عباس في الصحيحين أنه مر بقبرين فقال: (إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير) أي: ما يعذبان في شيء يظنه الناس كبيراً، وكذلك قوله: (وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً): أي في ظنكم وحسبانكم أن الكلام في عرض عائشة رضي الله عنها يسير؛ ولكنه عند الله عز وجل عظيم.
وفي هذا دليل على خطر الكلام في الناس، وأن الإنسان قد يطعن في إنسان يحتقره ويظن أن الكلام فيه يسير ويكون من خيار عباد الله، فيكون الكلام فيه حرباً ومعاداةً لله عز وجل، وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (إن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما يلقي لها بالاً، يهوي بها أبعد ما بين المشرق والمغرب في النار) وفي الرواية الأخرى: (إن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما يلقي لها بالاً، يكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه)، فهذا كله يدل على خطر الآثام، وأن الإنسان قد يحتقر الذنب وهو عند الله عظيم، بل قال بعض العلماء: إن الكبيرة هي الذنب الذي يحتقره الإنسان، ومن ثم قال بعض أهل العلم وهو قول مأثور عن بعض السلف: (لا تنظر إلى المعصية؛ ولكن انظر إلى عِظم مَن عصيت)، أي: انظر إلى عظمة الله تبارك وتعالى، والمؤمن على كل حال إذا أصاب الذنب ولو كان يسيراً فإنه يعُدُّه في حق الله عز وجل كبيراً لحياة قلبه وروحه، كما ثبت بذلك الخبر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (أن المؤمن إذا أصاب الذنب أصابه الهم، كأنه قد حمل جبلاً على ظهره، فلا يزال في عناء ذلك الذنب حتى يغفره الله له، والمنافق يصيب الذنب العظيم فلا يراه إلا كالذبابة تحط على أنفه قد قُلِع عنه من يسير ما يظن في ذلك الذنب)، ولذلك قال بعض العلماء: من دلائل حياة القلب وموته: خوفُه من الذنب وتساهلُه فيه؛ فإذا كان الإنسان عند إصابته لأي ذنب يتألم ويتأوه ويتوجع كان ذلك دليلاً على صلاح قلبه وحياة فؤاده، وأما إذا كان على خلاف ذلك والعياذ بالله فإنه لا يحس بأثر ذلك الذنب، ويراه شيئاً يسيراً، نعوذ بالله عز وجل من موت القلوب.
فالمقصود: أنه لما عَظُم مقامها عند الله عز وجل كانت الإساءة في حقها أعظم، ولذلك قالوا: الإساءة إلى العالِم ليست كالإساءة إلى الجاهل، والقَدْح في العالِم ليس كالقدح في الجاهل؛ لأنك إذا قدحت في الجاهل لا يضر ذلك القدح إلا ذلك الجاهل؛ ولكن إذا قُدح في العلماء وانتُقصوا، فإن ذلك قَدْحٌ وثلمة في الدين؛ لأن الناس تستخف بذلك العالم، ولذلك لا تثق بقوله، ولو كان القدح صحيحاً، فإنه ينبغي أن يكون بأسلوب لا يوهن الدين، كل ذلك حفاظاً على الفتاوى والأحكام التي تستفاد من مثل هذا العالم، ولذلك قالوا: إن الكلام في العلماء ثلمة في الدين؛ لما يشتمل عليه من الضرر، ولما يلحقه من عزوف الناس عن قبول الخير من ذلك العالِم، فهذا هو معنى قوله: وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ [النور:15] فكلما عظمت منزلة الإنسان عند الله عز وجل صلاحاً وتقوى كان الكلام فيه والأذية له مختلفة عن أذية غيره، كما أشار النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى ذلك في الحديث القدسي عنه تعالى أنه قال: (من عادى لي ولياً فقد آذنته بحرب) وحرب من الله ليست بالهينة.
فالمقصود: أن الذنب قد يعظم على حسب الإساءة إلى الشخص، وعلى حسب قدر الإنسان المساء إليه.
نسأل الله العظيم رب العرش الكريم بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يسلمنا من أعراض عباده، وأن يرزقنا عفة اللسان، وعفة الجنان، وأن يرضى عن أقوالنا وأفعالنا، إنه ولينا وهو حسبنا.
وصلى الله وسلم على محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر