إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (885)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    نقل الأعضاء والدم لا يأخذ أحكام الرضاع

    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وسيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

    مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.

    هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج: نور على الدرب، رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز.

    الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.

    المقدم: حياكم الله.

    ====السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من المستمع علي محمد عامر علي من شبرا في جمهورية مصر العربية، أخونا بدأ رسالته بقوله: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد:

    حدد لنا الإسلام ما يترتب على الرضاعة، ومنع زواج الإخوة بالرضاعة بنص الكتاب والسنة وذلك معروف لدينا، ولكن حدث في السنوات الأخيرة عمليات نقل أعضاء مثل زرع القلب وخلافه، وكذلك عمليات نقل الدم، فما حكم ذلك في الإسلام، أولاً: إن كان الذي ينقل إليه الدم أو العضو في سن الرضاعة؟ ثانياً: إن كان الذي سينقل إليه الدم أو العضو أكبر من سن الرضاعة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته؟

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله, وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:

    فإن الله جل وعلا أوضح في كتابه الكريم، وعلى لسان رسوله الأمين محمد عليه الصلاة والسلام أحكام المحرمات في النكاح من النسب والرضاع، أما ما يتعلق بنقل الدم، ونقل الأعضاء فإنه لا يلحق بالرضاع، ولا يكون من جنس الرضاع، فإن هذه أمور توقيفية، لا يقاس فيها شيء على شيء، بل أمر الرضاع بالنص وأمر النسب بالنص.. والمصاهرة, فلا يقاس على الرضاع نقل الدم ولا نقل الأعضاء, فلو نقل من زيد إلى عمرو دم أو عضو أو من فلانة إلى فلان، أو من فلان إلى فلانة، فإنه لا يثبت به حكم الرضاع، فإذا نقل من امرأة إلى شخص دم ما تكون أماً له، ولا يكون أولادها إخوة له وهكذا، فليس له حكم الرضاع، لا نقل الدم ولا نقل الأعضاء، ولا أعلم بين أهل العلم خلافاً في هذا الأمر؛ لأن نقل الدم لا يقاس على الرضاع لا في الحولين ولا بعد الحولين.

    وهكذا نقل الأعضاء كالكلية أو غيرها لا يقاس على الرضاع؛ لأن الرضاع أمر تشريعي جاء عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وجعله كالنسب، فلا يقاس عليه غيره، بل هذه أمور توقيفية لا يقاس عليها لا نقل الدم ولا غيره، والله ولي التوفيق.

    1.   

    حكم الطلاق المعلق

    السؤال: بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, أنا من المعجبات ببرنامجكم، ونشكر المسئولين عليه لما فيه من النفع الكثير، وأرجوكم شاكرة عرض رسالتي على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز, والسؤال هو كما يلي: اختلفت أنا وزوجي, فوقع منه طلاق على أن لا يكمل بناتي تعليمهن، أي: عند سنة معينة يقوم بفصلهن عن المدرسة، وفي ذلك الوقت كانت إحدى بناتي صغيرة حديثة الولادة، والآن وصلت هذه الصغيرة المرحلة نفسها، هل يقع الطلاق عندما تكمل هذه الصغيرة تعليمها أم أنها لا تدخل في موضوع الطلاق, علماً بأن الموضوع الذي اختلفنا فيه ليس من شأن التعليم أو المدارس، أجيبونا مشكورين, وصاحبة الرسالة هي الأخت (ل.ع. ر) من القصيم_ بريدة؟

    الجواب: هذه المسألة وأشباهها ترجع إلى نية المطلق والحالف، فإذا كان المطلق أراد بذلك منعهن ولم يرد إيقاع الطلاق، وإنما أراد التشديد والتحذير والتهديد، ومنع نفسه من الإذن لهن، وليس قصده إيقاع الطلاق على أهله إذا وقع خلاف ما طلق عليه، فهذه الواقعة لها حكم اليمين، ويكون على المطلق كفارة اليمين إذا سمح لهن بالدراسة؛ لأنه لم يقصد إيقاع الطلاق وإنما قصد منعهن وشدد على نفسه بالطلاق، فهذا مثل لو قال: عليه الطلاق لا يكلم فلاناً، وعليه الطلاق لا يزور فلاناً، أو قال: عليه الطلاق في حق امرأته لا تزوري فلاناً، أو لا تذهبي إلى فلان، أو إلى فلانة، وقصده المنع والترهيب، والحث على ترك هذا الشيء، فهذا حكمه حكم اليمين، وليس له حكم الطلاق، وعليه كفارة اليمين في أصح قولي العلماء، بخلاف إذا كان قصد الطلاق فإنه يقع الطلاق، كما لو قال: عليه الطلاق إذا دخل رمضان، أو إذا خرج رمضان أو ما أشبه ذلك، فإنه يقع الطلاق؛ لأنه من الطلاق المعلق تعليقاً كاملاً، تاماً ليس فيه قصد حث أو منع.. إلى غير ذلك.

    فالحاصل أن التعليق قسمان: تعليق يقتضي إيقاع الطلاق، كالتعليق على دخول رمضان ونحو ذلك.

    وتعليق فيه تفصيل، مثل هذا الطلاق الذي علقه على الدراسة، فإن كان قصد إيقاع الطلاق، وقع الطلاق إذا درسن، وإن كان أراد منعهن فقط ولم يرد إيقاع الطلاق، وإنما أراد تخويفهن، وإلزام نفسه بمنعهن، فهذا حكمه حكم اليمين، وعليه كفارتها كفارة اليمين في أصح قولي أهل العلم.

    المقدم: جزاكم الله خيراً، إذاً هذه الصغيرة هل تدرس؟

    الشيخ: نعم تدخل.

    المقدم: تدرس؟

    الشيخ: تدخل في الحكم.

    المقدم: تدخل في اليمين.

    الشيخ: في اليمين. نعم لأن قصده بناته عموماً.

    المقدم: سواء من كان حاضراً أو كان غائباً؟

    الشيخ: أما لو قال: معينات فلانة وفلانة، فإنها لا تدخل، أما إذا قال: بناتي, دخلت الصغيرة والكبيرة.

    1.   

    حكم الاتجار في السوق السوداء

    السؤال: رسالة وصلت إلى البرنامج من أحد الإخوة المستمعين يقول: علي الرفاعي علي جلال مصري الجنسية ومقيم بسلطنة عمان, أخونا يسأل ويقول: قد سأل أخ من السودان سؤالاً وبالتحديد في يوم ثلاثين إحدى عشر سبعة وثمانين ميلادي، وكان سؤال هذا الأخ هو: هل الاتجار في السوق السوداء حلال أم حرام؟ وقد أجاب على هذا السؤال سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، وكانت إجابة سماحته بأنه لا مانع من التجارة في السوق السوداء، وأنا لي تعليق هنا على هذه الإجابة وهو: المعروف عن السوق السوداء هو احتكار البضاعة ومنعها لحين أن تنتهي من السوق، وبعد ذلك يتم بيعها للمسلمين بأسعار مرتفعة، وفي هذه الحالة يضطر المسلمون للشراء بأسعار مرتفعة؛ لاحتياجهم لهذه السلع؛ ولأنها ليست متوفرة إلا بالسوق السوداء، وهذا استغلال للمسلمين، وبمنطق -الفترة فيما يبدو- هذا شيء غير محلل في الإسلام، فكيف أحل سماحة الشيخ ابن باز التجارة في السوق السوداء, والحال ما ذكر, يرجى الإفادة وجزاكم الله خيراً؟

    الجواب: الذي جرى فيه الجواب هو أننا نعتقد أن السوق السوداء هي السوق العامة التي يبيع فيها الناس، ويشتري فيها الناس غير ما يقع في البنوك والمصارف المعروفة، فالسوق السوداء التي جرى فيها الفتوى هي ما يقع بين الناس في أسواقهم بيعهم وشرائهم، وأنه لا حرج أن يبيع في السوق العامة، ولا يتقيد بما في البنوك من الأسعار، هذا هو الذي أردنا، أما إذا كان هناك سلع تحتكر وتضر المسلمين، يضر المسلمين احتكارها، فهذا مسألة أخرى، هذه مسألة أخرى مسألة الاحتكار، والاحتكار ممنوع، النبي صلى الله عليه وسلم قال في المحتكر: (لا يحتكر إلا خاطئ)، فلا يجوز الاحتكار في الأطعمة، ولا نحوها على الصحيح مما يضر المسلمين، فالذي مثلاً يحبس السلع التي يحتاجها المسلمون من طعام أو غيره، مما يحتاجه الناس حتى يغلى، حتى يرتفع، حتى يبيع على الناس بثمن مرتفع، هذا لا يجوز, لا في السوداء ولا في غير السوداء، لا يجوز للمسلم أن يحتكر ما يضر المسلمين احتكاره حتى يبيعه بالغلاء، بل يجب أن يبيع مع الناس، ويوسع على الناس، فليس لمن عنده طعام والناس محتاجون إليه أن يحتكره حتى يرتفع سعره، وليس لمن عنده سلاح وقت الحاجة إلى الجهاد في البلد أن يحتكره حتى يرتفع سعره، لا، بل عليه أن يبيع في الحال التي يحتاجها المسلمون للجهاد الشرعي، أو لأكلهم وشربهم، أو لبسهم ونحو ذلك، وليس له أن يحتكر شيئاً يضر المسلمين احتكاره، هذه قاعدة على الصحيح، وبعض أهل العلم قيد هذا بالطعام، والصواب أنه لا يتقيد بالطعام، بل كل شيء احتكاره يضر المسلمين فإنه يمنع احتكاره، والواجب على المسلم أن لا يحتكره طعاماً أو غير طعام، هذا هو جواب السائل. نعم.

    المقدم: جزاكم الله خيراً، إذاً: وصف هذه السوق بالسوداء يبدو لي أنه لكونه يقع فيها هذا النوع من المعاملات سماحة الشيخ؟

    الشيخ: هذا يمكن اصطلاح لبعضهم، لعلها تختلف السوداء في اصطلاح الناس. نعم.

    المقدم: بارك الله فيكم. ذكرتم سماحة الشيخ أنه لا يجوز الاحتكار بأي حال من الأحوال سواء كان في الأطعمة أو في غيرها، يشمل هذا السيارات والحديد وما أشبهه؟

    الشيخ: إذا كان يضر المسلمين، إذا كان احتكاره يضر المسلمين، أما إذا كانت السلعة منشورة وكثيرة, وكونه يبقيها عنده حتى يتغير السعر لا يضر المسلمين لا بأس.

    المقدم: بطبيعة الحال هناك ضرر سماحة الشيخ كونه يشتري السلعة اليوم بعشرة آلاف, وإذا اختفت فترة سوف أشتريها بإحدى عشر ألف؟

    الشيخ: إذا كان حبسه لها لا يغير السعر، ولا يضر الناس، إذا كان حبسه لها لا يضر السعر، ولا يضر الناس، ولكن هو اشتراها يقول: لعل الله يأتي فيها نصيب بعد حين لا بأس.

    المقدم: بارك الله فيكم. إذاً: إذا أدى الأمر إلى تغير السعر وارتفاعه فحينئذٍ يكون هذا من باب الاحتكار؟

    الشيخ: هذا الاحتكار.

    المقدم: بارك الله فيكم, وهو ممنوع بطبيعة الحال؟

    الشيخ: نعم. ممنوع.

    1.   

    حكم إعطاء الموظف هدية بعد قيامه بعمل فيه مصلحة للمهدي

    السؤال: السؤال الثاني في رسالة الأخ علي الرفاعي علي جلال مصري الجنسية ومقيم بسلطنة عمان يقول فيه: في بعض مصالح الدولة كدوائر شرطة المرور مثلاً قام الموظف المختص بعمل مصلحة لي مثلاً، ولم يقم هو بتزوير أي شيء لي، وبعد قيامه بهذه المصلحة وقضائها أعطيته مبلغاً من المال كهدية، فهل هذا حلال أم حرام؟

    الجواب: لا أعلم في هذا بأساً، إذا كانت الهدية صدرت بعد قضاء حاجتك من غير تواطؤ بينك وبينه، ولا مشارطة لا نعلم فيها بأساً؛ لأن هذا من باب مقابلة الإحسان بالإحسان، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: (ومن صنع إليكم معروفاً فكافئوه ، فإن لم تجدوا ما تكافئوه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه)، فهذا صنع معروفاً فلا حرج في مكافأته بالمال أو بالدعاء، لكن ترك ذلك أحوط لئلا يتخذ عادة في مثل هذا، وكل واحد يظن أن الشخص يعطيه ويلتمس منه بعد ذلك أو يسأله بعد ذلك، فالحاصل أن ترك هذا أحوط، وإلا فهو لا بأس به إذا كان عن غير اتفاق ولا مواطأة، أما مع المواطأة أو المشارطة فهذا هو الرشوة المحرمة.

    1.   

    تعريف أهل الفتوى

    السؤال: من هم أهل الفتوى الذين يجب على عامة المسلمين الأخذ بفتواهم، ولنا أخ في الله مؤمن مسلم وسلوكه جيد في الدين، وفي الحياة العامة, ولكنه ليس متفقهاً في الدين لدرجة أن يفتي، وفي بعض المسائل يفتينا ويقول: هذا على مسئوليتي، فهل نأخذ بفتواه أم لا، وهل من حقه أن يفتي أم لا؟

    الجواب: أهل الفتوى هم الذين قد تفقهوا في كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وحصلت لهم معرفة جيدة بما أحل الله، وما حرم الله، وما أوجب الله، وشهد لهم أهل العلم والفقه والخير، عن المعرفة، وأنهم أهل لأن يفتوا، ولا ينبغي أن يستفتى كل أحد، ولو انتسب إلى الدين أو إلى العبادة، أو إلى العلم حتى يسأل عنه أهل العلم, ويتبصر السائل بواسطة العارفين به، والذين يطمئن إليهم أنهم أهل علم حتى يذكروا له أنه أهل للفتوى وأهل لأن يفتي في الحلال والحرام ونحو ذلك.

    المقصود أن هذا يحتاج إلى تثبت في الأمر، وعدم تساهل, فليس كل من انتسب إلى الدين أو إلى العبادة أو إلى العلم يصلح لذلك، بل لا بد من فقه في الدين وتبصر، ولا بد من ورع وتقوى لله، ولا بد من حذر من التساهل في الفتوى والجرأة عليها بغير علم وبغير حق، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

    1.   

    التحذير من الأفلام الخبيثة الخليعة

    السؤال: أخونا يذكر بعض تأثيرات الفيديو ويقول: إن كثيراً من أفلام الفيديو تأتي من الغرب، ويمثلها أناس هم من الكفرة، ويمثلون أيضاً ما يقع بين الرجل وزوجته، ويذكر صوراً لا يليق بنا أن نذكرها في هذا المقام, ويرجو من سماحة الشيخ التوجيه: هل يتأثر الناس فيما بينهم فيما يخص الحياة الزوجية بما يكون في تلك الأفلام أم يجتنبوه؟

    الجواب: الواجب الاجتناب، الواجب الحذر من هذه الأفلام الخبيثة التي تصور النساء العاريات، أو الرجل مع زوجته، أو الزاني مع من زنى بها، أو تذكر اللواط واللائط مع من لاط به أو ما أشبه ذلك، كل هذه أفلام منكرة، وخبيثة وخليعة، يجب أن تحارب، ويجب ألا يسمح لها، ويجب أن يعاقب من يوردها إلى البلاد الإسلامية، ويجب على ولاة الأمور في كل بلد إسلامي أن يحارب هذه الأفلام الخبيثة من طريق الشرطة، ومن طريق مراقبة الكتب، ومن طريق مراقبة الأفلام، ومن طريق الإعلام، من كل طريق، مهما أمكن, يجب على ولاة الأمور أن يحاربوها بكل وسيلة، حتى لا تدخل البلاد، فإنه يترتب عليها فساد الأمة، والجرأة على ما حرم الله سبحانه وتعالى.

    فالواجب الحذر من ذلك ومنع هذا التيار الخبيث، نسأل الله العافية.

    1.   

    حكم قول الرجل لزوجته: أنت محرمة علي. وما يترتب عليه

    السؤال: رسالة وصلت إلى البرنامج من أحد الإخوة المستمعين يقول: (م.أ.م) المنياوي, أخونا له مجموعة من الأسئلة, في سؤاله الأول يقول: أنا متزوج, وفي مرة حدث خلاف بيننا, فقلت لها: أنت محرمة علي إن لم ترجعي عن الأمور التي تفعليها، وبعد أيام تصالحنا, وكان بيننا المعاشرة الزوجية، ثم سافرت إلى اليمن حيث أعمل، والآن ما هو موقفي بالنسبة لما صدر مني، هل تكون طلقة أم يمين، وإذا كانت يمين فما هي الكفارة التي تكون علي, أسمع في الإجابة عن بعض الأسئلة والاستفسارات عن كفارتين: الأولى تقول: عتق رقبة، أو إطعام عشرة مساكين، أو صيام ثلاثة أيام، الثانية تقول: عتق رقبة، أو إطعام ستين مسكيناً، أو صيام ثلاثة أشهر، فما الفرق بين الكفارتين في الحكم الشرعي، وهل من الممكن إخراج الكفارة على هيئة نقود توزع على الفقراء بما يساوي الإطعام، جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: هذا الكلام يحتاج إلى تفصيل حسب نية المتكلم، فإذا قال: هي محرمة عليه إذا لم تدع الأمور الفلانية، هذا إذا تركتها فلا تحريم، انتهى الأمر؛ لأنها امتثلت الأمر وتركت، فليس عليه شيء، أما إذا لم تترك بأن عاندت وخالفت ولم تبالي بالكلام فهذا فيه تفصيل: إن كان أراد بهذا الكلام تحريمها أو تطليقها فهو على ما أراد، إن كان أراد التحريم فهي محرمة، وإن كان أراد الطلاق وقع الطلاق، وإن كان أراد منعها ولم يرد تحريماً ولا طلاقاً وإنما أراد منعها والتشديد عليها وتخويفها وتحذيرها فهذا له حكم اليمين، فالمسألة تختلف بحسب النية، فإذا كان نوى بهذا الكلام تخويفها وتحذيرها ولكن لم تمتثل، فإن عليه كفارة يمين، وهي عتق رقبة مؤمنة، أو إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، مخير بين الثلاث: عتق رقبة مؤمنة، أو إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، والإطعام كونه يعشيهم أو يغديهم، أو يدفع إليهم نصف صاع لكل واحد، من التمر أو من الأرز من قوت البلد، يعني: كيلو ونصف تقريباً، أو يكسوهم كسوة, كل واحد يعطيه إزار ورداء، أو قميص يستره في الصلاة، هذه هي الكفارة، فإن عجز عن هذا كله، عجز عن الإطعام وعن الكسوة وعن العتق، أجزأه أن يصوم ثلاثة أيام، عند العجز أن يصوم ثلاثة أيام, هذه كفارة اليمين.

    أما إن كان أراد تحريمها إذا لم تدع الأمور، أراد تحريمها فهذا حكمه حكم الظهار، كما لو قال: أنت علي كظهر أمي، أو ظهر أختي ونحو ذلك، فإذا حرمها بهذا التحريم, أو قال: أنت علي حرام أو محرمة إذا لم تدعي هذا الأمر, فلم تدعه قصده تحريمها فإن عليه كفارة الظهار: وهي عتق رقبة مؤمنة، فإن عجز فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً، وليس في الكفارة ثلاثة أشهر، ما فيها إلا شهران ما هي بثلاثة أشهر, الكفارة إما شهران وإما صيام ثلاثة أيام في كفارة اليمين، كما تقدم.

    والشهران في الظهار, يعني: تحريم الزوجة, وفي الوطء في رمضان، وفي قتل الخطأ وشبه العمد، أولاً: عتق رقبة مؤمنة، فإن عجز في تحريمه زوجته أو في وطئه في رمضان أو في قتله نفساً بغير حق، إن عجز عن الرقبة صام شهرين متتابعين، ستين يوماً، فإن عجز بقيت الكفارة معلقة في ذمته حتى يستطيع إذا كان قتلاً، إذا كانت المعصية قتلاً، لأن الحادث قتلاً فليس فيه إطعام، بل تبقى الكفارة معلقة وهي عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يستطع صام شهرين متتابعين، هذه كفارة القتل كما بينه الله في كتابه العظيم، فإذا عجز عن الصيام والعتق تبقى في ذمته متى قدر على العتق أعتق، ومتى استطاع الصيام صام.

    أما في الظهار، وتحريم الزوجة وفي الوطء في رمضان فهذا فيه أمر ثالث وهو الإطعام, عند العجز عن الرقبة وعند العجز عن الصيام يطعم ستين مسكيناً، ثلاثين صاعاً، في هاتين المسألتين: في مسألة الجماع في رمضان وفي مسألة تحريم الزوجة تحريماً مطلقاً لا معلقاً بفعل كذا وفعل كذا، يقصد منعها، بل تحريم مطلق كأن يقول: أنت علي محرمة، أنت علي كظهر أمي، أو أنت علي محرمة إذا دخل رمضان، هذا هو التحريم المطلق، أو المعلق تعليقاً ليس فيه حث ولا منع، بل تعليقاً تاماً, فيترتب عليه حكم, فيلزم بعتق رقبة مؤمنة إذا قدر، فإن عجز صام شهرين متتابعين، فإن عجز أطعم ستين مسكيناً، وفي الظهار قبل أن يمسها، في تحريم الزوجة يأتي بهذه الكفارة قبل أن يمسها، قبل أن يقربها، وهي مرتبة على هذا الترتيب: العتق ثم الصيام عند العجز عن العتق، ثم الإطعام عند العجز عن الصيام، والإطعام يكون لستين مسكيناً، طعاماً لا نقوداً، يطعمهم يعشيهم أو يغديهم أو يعطيهم على نصف صاع من التمر أو من الأرز أو من الحنطة حسب قوت البلد، ومقداره بالوزن نحو كيلو ونصف تقريباً من جهة الوزن.

    وأما في التحريم المعلق تعليقاً مراد منه الحث أو المنع أو التصديق أو التكذيب هذا فيه كفارة اليمين كما تقدم، فإذا قال: أنت محرمة علي إن فعلت كذا، أو أنت طالق إن فعلت كذا، إن كلمت فلاناً، إن فعلت الأمر الفلاني، إن عصيت أمي، إن خرجت من البيت قصده تحذيرها، ليس قصده طلاقها، قصده تحذيرها وتخويفها فهذا حكم اليمين.

    وهكذا لو قال: أنت علي ، أنت مطلقة إن فعلت كذا، قصده منعها، تحذيرها، وليس قصده فراقها، فهذا له حكم اليمين، في أصح قولي العلماء كما تقدم، والله ولي التوفيق.

    1.   

    توجيه الأمر النبوي بقول: (لا رد الله عليك ضالتك ) لمن نشد ضالته في المسجد

    السؤال: رسالة وصلت إلى البرنامج من المستمع مفتاح مصطفى من الجماهيرية، أخونا له مجموعة من الأسئلة, يسأل في سؤاله الأول ويقول: حين راح رجل يبحث عن شيء ضاع منه في المسجد قال له الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا رد الله عليك ضالتك)، لماذا, أرشدوني أفادكم الله؟

    الجواب: المساجد لم تبن لنشد الضوال وطلب الحاجات المفقودة، المساجد بنيت لما بنيت له من ذكر الله، وقراءة القرآن، وإقامة الصلاة، وحلقات العلم، والاعتكاف، ولم تبن للبيع والشراء، ولا لأن ينشد فيها الضوال واللقط التي تذهب من الناس، ولهذا حذر من هذا عليه الصلاة والسلام، وقال: (من سمع رجلاً ينشد ضالة في المسجد فليقل: لا ردها الله عليك)، ولما سمع من يقول: (من يدل على كذا.. على جمل له ضاع، قال: لا وجدته)، وهذا من باب التحذير ومن باب الزجر، حتى لا يتساهل الناس في إنشاد الضوال في المساجد ويتخذوها محلاً لإنشاد الضوال، أو لبيعهم وشرائهم، ولهذا في الحديث الآخر: (إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا: لا أربح الله تجارتك)، والمقصود الزجر والتحذير ، ليس المقصود العداء للشخص، أو كراهة أن يجد راحلته، لا، المقصود من هذا التحذير والزجر لئلا يعود الناس إلى هذه الأمور في المساجد، ولئلا يعتادوها، فأتى بهذه العبارة : (لا وجدته)، (لا ردها الله عليك)، للزجر والتحذير حتى يبتعد الناس عن هذا الأمر في المساجد، والله جل وعلا أباح لرسوله صلى الله عليه وسلم أن يزجر الناس عما يضرهم, وهكذا العلماء بعده خلفاء الرسل، يحذرون الناس مما يضرهم ولو بالزجر ولو بالدعاء في بعض الأحيان، للزجر والتحذير.

    1.   

    فضل الصلاة في الصف الأول على بقية الصفوف

    السؤال: يسأل أخونا سؤالاً ثانٍ ويقول: هل الصلاة في الصف الأول في المسجد لها شيء من الفضل عن باقي الصفوف، أو عن الصف الخلفي, أرشدوني أفادكم الله؟

    الجواب: نعم الصف الأول أفضل، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: (لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا)، يعني: لاقترعوا، فله فضل عظيم، وجاء في بعض الأحاديث أنه يكون له مثل أجور من خلفه من الصفوف، يكون له أجره مقدم على غيره، ويكون له مثل أجور من خلفه؛ لأنه كالقائد لهم، وكالإمام لهم، والرسول يقول صلى الله عليه وسلم: (من دل على خير فله مثل أجر فاعله)، فالصف الأول له مثل أجور من خلفه، مع أجره الذي كتبه الله له سبحانه وتعالى، هذا فضل عظيم، ولما فيه من المسابقة إلى الخيرات، والمسارعة إلى الطاعات، والقرب من الإمام حتى يشاهد حركاته لو انقطع الصوت، أو ضعف الصوت؛ فإنه يشاهد ويرى الإمام ويقرب منه.

    فالحاصل أن الصف الأول له فضل عظيم، لما في التوجه إليه من المسابقة إلى الخيرات، والمسارعة إلى الطاعات، وتحريض الناس على ذلك، وتشجيعهم على ذلك.

    1.   

    الحكمة من وعد الله للرجال بالحور العين في الجنة وعدم وعد النساء بشيء من ذلك

    السؤال: يسأل سؤال آخر أخونا ويقول: لماذا وعد الله الرجال في الجنة بالحور العين، ولم يعد النساء بشيء من ذلك، جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: الحكمة في ذلك والله أعلم أن الرجال هم القوامون على النساء، وأنهم إذا وعدوا بهذه الأشياء صار هذا أقرب إلى نشاطهم في طلب الآخرة، وحرصهم على طلب الآخرة، وعدم ركونهم إلى الدنيا الركون الذي يحول بينهم وبين المسابقة إلى الخيرات، والنساء تابعات للرجال في الأغلب، فإذا رزق الرجل الحور العين في الجنة مع ما وعد الله به النساء المؤمنات من الخير العظيم، والدرجات العالية في الجنة، فلهن من الأجر ما يجعلهن زوجات للخيرين من الرجال في الجنة، والرجل يعطى زيادة من الحور العين، وليس في الجنة أذى ولا منافسة ولا ضرة، كما يفعل الضرات في الدنيا.

    المقدم: سماحة الشيخ! في الختام أتوجه لكم بالشكر الجزيل، بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.

    الشيخ: نرجو ذلك.

    المقدم: مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    شكراً لمتابعتكم مستمعي الكرام! وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756529372